عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 21-02-2008, 06:56 AM   #3
معلومات العضو
منذر ادريس
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

إن هؤلاء الدجالين والكهان والمشعوذين وغيرهم من السحرة لايفعلون ذلك من أجل ابتزاز أموال الناس فحسب بل من أجل أن يعيثوا أيضا في الأرض فساداً ويتكبروا فيها بغير الحق .
والتدليس بالحيل طريقة قديمة معروفة يضل بها شياطين الإنس عباد الله عن الحق الذي بين أيديهم .(1)
وخلاصة القول في ذلك أن جهل الناس بالمعبود جل وعلا وجهلهم يما يستحقه من صفات الكمال والجمال والإجلال وصرفهم عبادتهم لغيره جعل هؤلاء السحرة يتسلطون عليهم .
أما النوع الثاني من الجهل هو جهل الحكم بهؤلاء السحرة وجهل الحكم بالإتيان إليهم ، فأكثر الناس لايعلمون أن نصوص الشريعة جاءت بكفر السحرة بل لايدركون أيضا أن من جاء إليهم مصدقاً لما يقولونه أنه أيضا كافر مثلهم وقد بينا فيما سبق حكم الساحر وحكم من أتى إليه .
فالسحرة لم ينتشروا في هذا الزمان إلا عندما رأوا جهلاً عميقاً من الناس وبعد الناس عن دين الله عز وجل وتركهم للكتاب والسنة ـ إلا من رحم الله ـ ولجوئهم لغير الله بعدما ماتت قلوبهم وأصبحوا أشد حرصاً على الدنيا وكراهية الموت .
ومن الأمور التي أدت أيضا إلى تسلط السحرة .
غياب شرع الله وتحكيمه في غير هذه البلاد حفظها الله ورعاها .
إذا نظرت إلى أحوال أمة الإسلام وماتمر به من فتن متلاحقة وتسلط أمم الشر عليها بما فيهم من الكهان والمشعوذين وأمعنت النظر في ذلك وجدت أن أهم عامل أدى إلى انتشار السحر وتسلطه على أفراد هذه الأمة ومجتمعاتها هو غياب تطبيق الشريعة في بلاد الإسلام وتنحيها واستبدال قوانين الكفر والإلحاد مكانها .
فلما غابت أحكام الشريعة وأمن السحرة على نفوسهم وأرواحهم إذليس هناك تطبيق حد ولاقصاص بل ليس هناك ردة ولاكفر يحكم عليهم وبالتالي غاب حكمهم بين أفراد المجتمعات الإسلامية ومن هنا تسلط هؤلاء الأعداء عليهم .
__________
(1) 1 ) انظر في ذلك كتاب الجن والشياطين مع الناس لمؤلفه عبدالوهاب عثمان ( ص154 ) .

ولما كانت هناك عمالة تفد إلى بلادنا فلاشك أنه لابد من إتيان هؤلاء المشعوذين من السحرة والمنجمين بطرق خفية يلبسون بها لباس التقوى والورع فإذا ماحصل لهم الوصول إلى هذه البلاد تعاملوا بهذا السحر فيذهب إليهم ضعاف النفوس من أبناء الوطن وغيرهم من الوافدين يسألونهم النفع والضر وغيرها من الأمور مع اشتراط المداراة عليهم من قبل القادمين إليهم ، ولكن ولله الحمد ماأن يلبس هذا السحر في بلادنا إلا ويعرف لدى السلطات فيقدم إلى عدالة تشريع رب العالمين ويقام عليهم الحكم في ذلك .
عاشراً : مالواجب علينا تجاه تسلط السحرة في هذا الزمان ؟ .
هذا سؤال مهم جداً لايخرج إلا من إنسان يعظم شعائر دينه محب لها محب لأفراد أمته ومجتمعاتها وللإجابة على هذا السؤال نقول : إن الواجب علينا مع تسلط السحرة في هذا الزمان الآتي :
أولاً : الواجب على الأفراد :
1ـ يجب علينا أولاً أن نقيم التوحيد الخالص لله رب العالمين بأنواعه الثلاثة الربوبية والألوهية والأسماء والصفات وذلك لايتم إلا بدراستها وتعلمها والتعبد لله تعالى بها إذلاغاية من معرفتها إلا للتعبد ، كما ذكرنا ذلك عند ذكر أسباب تسلط السحرة ومنها قلة العلم وكثرة الجهل .
2ـ الاعتصام بالكتاب والسنة وتحكيمهما بين الأفراد والمجتمعات والأمم فإن الاعتصام بهما هو طريق النجاة كما بين ذلك النبي صلى اله عليه وسلم :" تركت فيكم ماإن اعتصمتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي " .(1)
فإنه من اعتصم بهما لايعرف الضلال لعقله طريقا .
3ـ اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والاستعانة به ليفرج كربنا وهمنا وغمنا ولايتحقق ذلك إلا عند صدق اللجوء إليه ومراقبته وتقواه التي من خلالها ترق قلوبنا وتصفوا أرواحنا وتزكوا نفوسنا .
__________
(1) 1 ) رواه أبوداود - كتاب المناسك باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه الطويل رقم ( 1905 ) .

ـ أما واجبنا نحو هؤلاء السحرة : أن نفضح أمرهم ونكشف حيلهم ونحقر من شأنهم ونجتنبهم اجتناباً تاماً من قبل المجتمع كله صغيره وكبيره ونسد عليهم كل باب شر يفتحونه على الناس ليرتد كيدهم إلى نحورهم وشرهم إلى نفوسهم وألا نذهب إليهم ولانستشيرهم في أي شيء صغير أو كبير متذكرين حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " (1).
هذا من جانب عوام الناس .
ثانياً : أما من جانب العلماء والفقهاء وأهل الحسبة :
فالواجب عليهم أن يحذروا الناس من الذهاب إليهم ويبينوا لهم أن الذهاب إليهم قد يؤول بصاحبه إلى الكفر كما قال صلى الله عليه وسلم :" من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ". ( 1 )
فطريق الكهان والسحرة هو طريق الشيطان المؤدي إلى جهنم وهذا لايكفي في التحذير بل عليهم أن يوضحوا للناس أن أعظم الطرق لجلب النفع ودفع الضر تكون في الاعتصام بالله وبكتابه وسنة رسوله فمن ابتلي منهم بسحر فيبينوا له أن العلاج يكمن في القرآن الكريم والأدعية المأثورة الواردة في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الله تعالى في ذلك : {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {82** ( الإسراء ) .
وقال أيضا : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {57** ( يونس ) .
فقد ذكر الله سبحانه وتعالى في الآيات السابقة أن القرآن شفاء ولم يذكر أنه دواء ، لأن الدواء ربما يشفي أو لايشفي أما القرآن فالشفاء به حتمي إذا ماقرىء بإخلاص ويقين وحسن
ظن بالله تعالى واعتقاد تام أن الله هو الشافي .
__________
(1) 1 ) سبق تخريجه .

فالخلاصة هنا أنه يجب على العلماء والفقهاء وأهل العلم وطلبته وأهل الحسبة جميعاً أن يتكاتفوا لمحاربة هؤلاء السحرة والتنبيه على خطرهم والتحذير من شرهم .
ثالثاً : أما واجب ولاة الأمور في هذا الجانب فهو واجب مهم جداً يتمثل في الأخذ على أيدي هؤلاء السحرة الأشرار ويطبق فيهم حد الله عز وجل الذي وضحناه سابقاً وهو القتل ويحاربونهم في كل مكان ليستأصلوا شأفتهم ويضيقوا عليهم الخناق في جميع أنشطتهم الضارة ويراقبوهم في جميع أعمالهم لكي تسلم الأفراد والمجتمعات من شرورهم .
رابعاً : ثم هناك واجب آخر في حق أصحاب المؤسسات والشركات والأعمال التي تقوم بإحضار العمالة من خارج البلاد فهؤلاء أيضاً عليهم واجب التحري فيمن يقومون بإحضاره إلى بلادنا فيجب عليهم أن لايحضروا إلى ديارنا إلا من عرف ديانته بدين الإسلام واستقامته عليها واستعمال الدقة في ذلك ، فإنه للأسف الشديد كان لهذه العمالة القادمة من الخارج دور كبير في نشر هذه السموم رغبة في تحبيب الكفلاء لهم أوحرصاً على إيقاع الضرر بالآخرين لأي سبب من الأسباب ، وكم كانت هذه العمالة سبباً في تشتيت أسر وتفريقها وحلول أمراض صعب اكتشافها في كثير من الأحيان فالعاقل الحصيف يتحرى إذا اضطر لهذه العمالة بألا يحضر إلا الموثوقين منهم في دينهم وأمانتهم واستقامتهم على هذا الدين رجالاً كانوا أو نساءاً ليسلم دينه وصحته وماله .
الحادي عشر : جهود المملكة العربية السعودية في محاربتها للسحر والسحرة :
ممالاشك فيه أن بلاد الحرمين الشريفين تتميز على جميع بلاد العالم بتطبيق شرع الله عزوجل في مناحي الحياة .
ومن ذلك الموقف الصارم المنطلق من الكتاب والسنة حول السحر والسحرة ، مسترشدة بقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إقامة حد في الأرض خير لأهلها من أن يمطروا أربعين ليلة " .(1)
__________
(1) 1 ) الترغيب والترهيب ( 3/246 ) قال المنذري هكذا رواه النسائي مرفوعاً وموقوفاً .

فكم قبض على سحرة ومشعوذين ولقوا جزاءهم الصارم علانية أمام الملأ ليكونوا عظة وعبرة للمؤمنين .
ولكن المهم في كبح جماح هؤلاء السحرة ورد كيدهم إلى نحورهم هو دور المواطن والمقيم بالإبلاغ عنهم وتتبعهم ومساعدة أجهزة الحسبة والأمن الذين يلاحقونهم ويتتبعون خطواتهم .
لكن الكثيرين من المواطنين لايتعاونون في ذلك بل منهم من يذهب إلى هؤلاء السحرة والمشعوذين ويعطيهم الأموال الطائلة ويتضرر منهم بالغ الضرر ومع ذلك لايقوم بإبلاغ المسؤولين عنهم وإذا نوقش في ذلك قال : أخاف من ضررهم وأخشى أن يصنعوا لي شيئاً وهكذا ونسي هذا المسكين أن الله قادر على كل شىء وأن الجن والإنس لو اجتمعوا على إيقاع الضرر عليه لم بقدروا والله على ذلك ولواجتمعوا على دفع الضر عنه وقد قدره الله عليه لم يقدروا على دفعه فالنفع والضرر بيد الله سبحانه وتعالى وأيضاً من نعم الله على هذه البلاد تضافر الجهود على ملاحقة هؤلاء المشعوذين من قبل الأجهزة العامة المتمثلة في أجهزة الأمن وكذا وزارة الشؤون الإسلامية وغيرها من المؤسسات العاملة في الأخذ برقي هذا المجتمع والعمل على حماية أفراده من شرور هؤلاء السحرة .
فهذه وزارة الشؤون الإسلامية من خلال العاملين فيها من علماء وخطياء وأئمة يتصدون لهذا المنكر العظيم والجريمة الإنسانية بكل ما يملكونه .
فالخطباء يحذرون الناس في خطب الجمعة ويوضحون ضرر السحرة وخطورة الذهاب إليهم وكذلك وزارة التربية والتعليم لها دورها الفعال في هذا الموضوع يتمثل في مناهجها الكثيرة التي تبين للطلاب خطورة السحرة وحرمة الذهاب إليهم وتوضح الطريق الشرعي لمن أصيب بشىء من الأمراض الحسية والمعنوية وترشدهم إلى كيفية العلاج الصحيح من هذه الأمراض .
وهذه أيضاً الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبر مراكزها المنتشرة في كل بلد تتابع هؤلاء السحرة وتلقي القبض عليهم وتحيلهم إلى الجهات المختصة ليلقوا جزاءهم الرادع المستمد من القرآن والسنة .
ولاشك أنه لايخفى على الجميع ماتقوم به إدارة البحوث العلمية وعلى رأسها سماحة المفتي العام وهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء فلها دورها في هذا الأمر حيث كانت ولاتزال جهودها المتواصلة لمتابعة السحر والسحرة وقمع شرهم ودفع باطلهم عن طريق الفتاوى التي تصدرها الهيئة والرسائل النافعة والكتابة للمسؤولين وجهات الاختصاص .
نسأل الله بمنه وكرمه أن يبارك في جهود الجميع وأن ينفع بها إنه سميع قريب مجيب .
الثاني عشر : في بيان التحصينات الشرعية من السحر :
شرع الله لعباده المؤمنين أموراً يتحصنون بها من هؤلاء السحرة والمشعوذين سنذكر طرفاً من ذلك :
1ـ تحقيق التوحيد الخالص لله تعالى : وذلك بأقسامه الثلاثة ، توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات .
فتوحيد الربوبية المراد به :
العلم والإقرار بأن الله رب كل شىء ومليكه والمدبر لأمور الخلق جميعهم .(1)
فهذا الكون بسمائه وأرضه وأفلاكه ودوابه ، وشجره ، ومدره ، وبره وبحره ، وملائكته وجنه وإنسه خاضع لله مطيع لأمره الكوني كما قال تعالى : {أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ {83** . ( آل عمران )
__________
(1) 1 ) حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ( ص11 ) .

فإذا حقق العبد هذا التوحيد عرف أن كل شىء بأمر الله فلايقع أمر ولايحل خير ولايرفع شر إلا بأمره سبحانه وتعالى وهذا يجعل العبد يدعوه في كل نائبة قال الله تعالى : {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {107** . ( يونس )
وتوحيد الألوهية المراد به : إخلاص العبادة لله وحده لاشريك له ويتعلق بأعمال العبد وأقواله الظاهرة والباطنة .(1)
وهذا النوع من التوحيد هو أول دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم كما قال تعالى : ** وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ {36** . ( النحل )
فلايكون العبد موحداً حتى يشهدألا إله إلاالله وحده ويقر أنه وحده الإله المستحق للعبادة .
وهذا النوع من التوحيد يقتضي بأنه على العبد أن يجعل دعاءه ونذره وذبحه ورجاءه وخوفه وتوكله وغيرها من العبادات إلى الله وحده لاشريك له .
فصرف أي شىء من ذلك أو غيره فيما يتعلق بأفعال العباد على وجه التقرب لغير الله يكون شركا كمن يذبح للجن وينذر لهم وكمن يجعل اعتماده على الساحر والكاهن .
النوع الثالث : توحيد الأسماء والصفات والمراد به أن يوصف الرب تبارك وتعالى بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من صفات الكمال ونعوت الجلال من غير تكييف ولاتمثيل ومن غير تحريف ولاتعطيل . قال الله تعالى:** لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ {11**.(الشورى)
__________
(1) 1 ) حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ( ص11 ) .

وحقيقة التعبد لله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته أن يعرف العبد أن لله سبحانه وتعالى أسماء وصفات تليق بجلاله وعظمته فإذا عرف ذلك فإن الواجب عليه أن يؤمن بما تدل عليه هذه الأسماء والصفات على الوجه الصحيح من غير تحريف ولاتعطيل ومن غير تمثيل ولاتشبيه فمتى عرف العبد ذلك فإن ذلك يعرفه بربه فيخضع له ويخشع ويخافه ويرجوه ويتضرع إليه في دفع الكربات والشرور ويدعوه ويتوسل إليه بأسمائه وصفاته كما قال سبحانه وتعالى : {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا {180** . ( الأعراف )
فمتى حقق العبد أنواع التوحيد الثلاثة بإخلاص وتعبد لله سبحانه وتعالى كان ذلك له أثر كبير في دفع الشرور وجلب الخير بإذن الله .
2ـ الإخلاص : فتحقيق الإخلاص هو سبيل الخلاص من الشيطان باعترافه هو حيث يقول الله تعالى على لسانه : {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ {39** إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ {40** . ( الحجر )
والمخلص هو الذي يبتغي بعمله وجه الله فقط ولاينتظر محمدة الناس له على مايفعل بل هو يخفي جميع أعماله مااستطاع إلى ذلك سبيلاً .
3ـ التزام الجماعة : فالتزام الجماعة يرضي الرحمن ويطرد الشيطان فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الإثنين أبعد " (1).
فإن أردت أن تسافر سفراً طويلاً فاصطحب معك غيرك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب " .(2)
ومن التحصينات الشرعية من السحر :
__________
(1) 1 ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب من هذا الوجه ( 4/465ح2165 ) .
(2) 2 ) رواه أبوداود والترمذي بسند حسن ، أبوداود (3/36 ) الترمذي ( 3/110 ) .

4ـ المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة لاسيما صلاة الفجر : قال الله تعالى : {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ {238** . ( البقرة )
فالتهاون عن الصلاة في جماعة يسهل غواية الشيطان لابن آدم لأنه بذلك يكون قد اتبع طريق الشيطان وترك طريق الرحمن فالشيطان يزين للإنسان ترك الطاعات ويجعله يتساهل فيها ولايحافظ عليها ومن أعظمها وأشرفها الصلوات الخمس فمتى استطاع هذا العدو اللدود أن يجعل العبد تاركاً لها أو متساهلاً فيها فلايؤديها في أوقاتها مع جماعة المسلمين فقد نال الحظ الأوفر منه . فالمحافظة على الصلوات الخمس حماية عظيمة للإنسان من أن يهم به الشيطان .
قال صلى الله عليه وسلم :" مَا مِنْ ثَلاَثَةٍ فِى قَرْيَةٍ وَلاَ بَدْوٍ لاَ تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إِلاَّ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَة ".(1)
5ـ الاعتصام بالكتاب والسنة :
فإن من أعظم سبل الحماية من الشيطان الالتزام بالكتاب والسنة علماً وعملاً .وذلك لأن الكتاب والسنة جاءا بالصراط المستقيم ، والشيطان يعمل جاهداً ليل نهار لكي يخرج العبد عن هذا الصراط المستقيم . فقد روى أحمد والنسائي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات مرة مع أصحابه وخط خطاً بيده ثم قال : " هذا سبيل الله مستقيما " وخط عن يمينه وشماله ثم قال : هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه ثم قرأ : {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {153** . ( الأنعام ) (2)
__________
(1) 1 ) رواه أبوداود بسند حسن ( 1/150 ) .
(2) 1 ) رواه أحمد والحاكم والنسائي وقال الحاكم صحيح الإسناد ( 2/318 ) .

فمتى التزم العبد بكتاب الله وسنة رسوله علماً وعملاً فإن
الشيطان لايستطيع أن يغويه أو يضره في شىء .
قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ في تلبيس إبليس بعد أن ساق الإسناد إلى الأعمش قال يعني الأعمش : " حدثنا رجل كان يكلم الجن قال : ليس علينا أشد ممن يتبع السنة ، وأماأصحاب الأهواء
فإنا نلعب بهم لعبا ".(1)
6ـ تقوى الله تعالى :
فلتقوى الله تعالى ومراقبته في كل كبيرة وصغيرة واستشعار معية الرب سبحانه وتعالى أثر كبير في تفريج الكربات ودفع الشرور ورفعها عن العبد ، فالعبد كلما اتقى الله تعالى وراقبه في السر والعلن رفع الله عنه البلاء والشرور بإذنه سبحانه وتعالى .
قال الله تعالى : ** وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً {2** . ( الطلاق )
وقال أيضاً : ** وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ {18** . ( فصلت )
7ـ التوبة النصوح والتخلص من الإثم :
يقول الله تعالى : ** وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {30** . ( الشورى )
فإن كثيراً من الشرور التي تقع إنما تكون بسبب الذنوب والمعاصي وبسبب ظلم العبد .
فمتى تاب العبد إلى الله وأناب إليه وتخلص من الإثم فإن ذلك إن شاء الله سيكون سبباً في استبدال همه فرجا وبلائه عافية .
قال الله تعالى : {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {31** . ( النور )
8ـ بذل الصدقات وصنع المعروف والقيام بحاجات الناس :
إن من أعظم الوسائل والسبل التي يتقى بها الشر من سحر وغيره بذل الصدقات للفقراء والمحتاجين ، فإن في بذلها دفعاً لكثير من الشرور أو تخفيفها ، ولكن على المسلم أن يخلص البذل لله فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك :" إن صدقة السر لتطفيء غضب الرب وتدفع ميتة السوء " .(2)
__________
(1) 1 ) تلبيس إبليس ( ص39 ) .
(2) 1 ) مجمع الزوائد ( 3/115 ) .

يتبع

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة