أختاه أيتها الأمل :
إياك أعني .... يامن رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.
إياك أعني.... يامن نبت في حقل الإسلام وسقيت بماء الوحي
فكنت زهرة غالية أينعت حين الرؤى تشكلت والأفكار توردت .
إياك أعني .... يامن سطرت هنا في قلوبنا شيئاً من بريق حرفك ... وشذرات من وحي قلمك
غيضاً من فيض نبضك... شدواً تنداح أصداؤه المتناغمة مع روحك
شوامخا تكللت بياضاً ... وحقولاً ارتدت سنابل خضرا .
ضوءاً شفافاً ينفذ إلى منابع الدهشة ومكامن الإعجاب ..
أختاه أيتها الأمل :
المساحات اللا منظورة في نصوصك تضم حشداً من رموز
تستمد معطياتها من أعماق النفس المزهرة بالحب والأمل حيناً
والمرتدية غلالة القلق والألم حيناً آخر
وأنا لاأستطيع أن أرقى لفكرك وقلمك – ماشاء الله لا قوة إلا بالله –
ولكن أريدك أن تقرئي معي هذا الموضوع :
(( حين رأى ( توماس أديسون ) _ مخترع المصباح الكهربائي _
معمله قد احترق تماما، وتحول إلى تراب ورماد وبقايا أوراق ، وفتات متناثر
أطال النظر إلى كومة الرماد التي بين يديه
ثم لم يزد على أن قال : لا بأس .. فلنبدأ من جديد..!!
- - -
سألتُ نفسي وأنا أقرأ هذه القصة العجيبة ..
ترى ما الذي كان يهجس في قلب هذا الرجل في ذلك الموقف مما دعاه أن يتلقى الصدمة برباطة جأش رائعة ،
وصبر وإصرار على المحاولة من جديد ..
أما الله والدار والآخرة ، فلا نحسب أنهما كانا في قائمة اهتماماته ..
لأن من طلب هذين الأمرين بجد وحق ، ساقه ذلك إلى الدخول في الإسلام ولابد ..
فنحسب من ثم أن الفكرة التي كانت تشغله حتى الذروة .. وتصبّره على تحمل مشاق السهر ،
وتعب التجارب ، وتهوّن عليه ما يلقى في الطريق ..
نحسب __ والله أعلم __ أنها الرغبة في أن يكتشف جديدا ..ليسجل إنجازاً لم يسبقه إليه الأوائل ..
ليسطر اسمه في سجل الخالدين _ كما يتوهم _..ليقول الناس عنه كذا وكذا مما يملأ عينيه ..
لتعطيه الدنيا .. لتعوضه المحافل الدولية عن تعبه ونصبه وسهره بالشيء الذي تقر به عينه ..
أو على الأقل رغبة في تحقيق هواية راسخة في نفسه تصبره ليحتمل ..ونحو هذه المعاني ..
ومن هنا تعب تعبه الشديد ،على أمل في تعويض كبير أدبي ومادي ..
لهذه الأسباب مجتمعة .. وربما غيرها معها ..
رأينا الرجل يتلقى الصدمة بثبات ، ويقف أمام ذلك المشهد الدرامي في روعة ..
هذا هو معمله الذي يسهر فيه طويلا حتى لا يكاد يأكل إلا لقيمات يقمن صلبه ،
ويتحنث فيه الليالي ذوات العدد في تجارب متواصلة ، لا يكل ولا يمل منها ..
هاهو يرى هذا المعمل قد أصبح ترابا ورمادا بكل ما فيه من أوراق وتجارب .!
ولم يزد على أن هز رأسه وقال :لا بأس .. فلنبدأ من جديد ..!!
أليس في هذه القصة عبرة وأي عبرة ..
ودرس يبلغ مستقر العظم لمن كان له قلب وألقى السمع وهو شهيد .!؟
ذاك رجل يرجو الدنيا وتعويضها له ، يتعب تعبه في الحياة ، ويضرس الجمر .ويذوق مرارة السهر .. وقسوة الأيام ..
حتى ليقال بأنه كان لا ينام إلا ساعات قليلة ..!! ولا يأكل إلا ما يقيم صلبه ..
ويكره شيئين : النوم .. والحلاق .. !!!( دقائق بين يدي الحلاق يعتبرها ضائعة .. !!
فرأيناه يصبر ويصابر ويرابط ،ويواجه الأحداث بنفس عالية .. وهمة راقية ..
لا يسمح لليأس أن يتسلل إلى قلبه ..ويرفض مشاعر الإحباط ..
لأنه يأمل أن يحقق فكرة في رأسه ، ليصل إلى أمل يرجوه ..
السؤال المر :
فما بال الذين يرجون الله والدار الآخرة ..لا يستفيدون من هذا الدرس الكبير ؟
ألا تستحق الجنة أن نتعب لها تعبها ..ونسعى لها سعيها ، ونبذل لها ما في وسعنا ، وما في طاقتنا ؟؟
أليس من الأولى أن نجعل رضى ربنا الرحمن الرحيم نصب أعيننا ، وأن نتعبده سبحانه بأوقاتنا ، وأموالنا ، وجهودنا ،
ونحن على تمام الثقة واليقين أنه سيعوضنا خيرا مما بذلناه له سبحانه ..وخيرا مما تركناه في سبيل تحصيل مرضاته ؟؟
ألسنا أولى من ذلك الإنسان أن نقابل شدائد الحياة ، وأحداثها بوجه باسم ، وأسارير متهللة ،
وقلب واثق مشدود إلى الله ، وروح منشرحة ، ونحن نقول في منتهى البساطة :
قدر الله وما شاء فعل … لا بأس .. فلنبدأ من جديد !!
حين نختلف من بعضنا .. حين يسيء إلي أخي ، أو أسيء أنا إليه ..
حين أفشل في الاستقامة ، مع أنني أرغب فيها ..
حين أتعثر في إنجاز موضوع ما ، ولم أستطع إتمامه على الوجه المطلوب ..
حين .. وحين … وحين ..
أيعسر على أحدنا أن يقول في منتهى الثقة :
قدر الله ، وما شاء فعل .. ثم يقول: لن يكون أديسون أفضل مني ..
لا بأس .. فلنبدأ من جديد !!! ))
أختاه : عندما سئل أديسون عن فشله في محاولاته الـ900 في اختراع المصباح الكهربائي ..
فقال .. لم أفشل . بل اكتشفت 900 طريقة لا تؤدي إلى تشغيل المصباح الكهربائي ..
أختاه : لسنا أول من أصابه الألم والبلاء والحزن واليأس ، ولن نكون الآخر فهذه سنة الله في أرضه إلى أن يرث الأرض ومن عليها...
فبما أنه كذلك لماذا لانتعلم من تجاربنا ونعرف الثغرات التي تسلل منها الشيطان ...
ليوقعنا في شراكه ... ومتى تم لنا ذلك سنقوم من كبوتنا أقوى مما سبق ... بفضل من الله ...
يعني في كل حالة ألم ... في كل حالة يأس في كل انتكاسة ... علينا أن نعرف كيف وصلنا إلى هذه الحالة ؟!؟!؟!؟
ماهي الخطوات التي خدعنا فيها ، وكانت تجرنا إلى هذا المستنقع ... ولم نحسب لها حسابا ؟!؟!؟!؟!
وكيف نخرج من هذه الحالة ؟!؟!؟!؟
حتى نتعلم من فشلنا وإحباطنا ويأسنا ، فتكون لدينا حصيلة من التجارب ننتفع بها مستقبلا ، ونفع غيرنا ...بحول الله ...
أما الاستسلام فليس ن طبع المؤمن ... كن نهرا جاريا ، أو كن ماء آسنا ... بيدنا الخيار أخيتي لابيد غيرنا...
سمعت قصة واحدة من الأخوات أصابها سحر شديد نسيت على أثره ماحفظته من القرآن الكريم ، وكانت قد حفظته كاملا...
كانت كلما رأت العافية ... عادت إلى الحفظ من جديد وهكذا دواليك ... تحفظ ثم تنسى ثم تعاود الحفظ ويعاودها النسيان ...
اعتقد أنها قد تعلمت كثيرا من التجارب التي مرت بها ... ولابد أن حالها أحسن الآن من ذي قبل ...
مع أني لاأعرفها ... ولكن لأني أعرف ربي وربها الذي يدافع عن المؤمنين ، والذي هو مع الصابرين ...ووعد من جاهد في سبيله ليهدينه سبله ... لأني أعرف ذلك أعرف أنها في حال أحسن بحول الله مهما ترائى لنا ماترائى .
أختاه : بدأت حديثي بهذا النداء :
يامن رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.
ولي في هذا النداء مغزى ...فقد قلت أن الظلم قد تطاول علينا ، وأخذ يجذب آخر قطرات التحمل في داخلنا ...
أريدك كلما شعرت بظلم أن تتذكري هذه الحادثة : عن أبي سعيد الخدري قال: لما أعطي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ما أعطي من العطايا في قريش وفي قبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء،
وَجَدَ هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القَالَةُ، حتى قال قائلهم: لقي واللّه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قومه،
فدخل عليه سعد بن عبادة فقال: يا رسول اللّه، إن هذا الحي من الأنصار قد وَجَدُوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظاماً في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء.
قال: (فأين أنت من ذلك يا سعد؟) قال: يا رسول اللّه، ما أنا إلا من قومي. قال: (فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة).
فلما اجتمعوا له أتاه سعد فقال: لقد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فحمد اللّه، وأثني عليه،
ثم قال: (يا معشر الأنصار، ماقَالَهٌ بلغتني عنكم، وَجِدَةٌ وجدتموها على في أنفسكم؟
ألم آتكم ضلالاً فهداكم اللّه؟ وعالة فأغناكم اللّه؟ وأعداء فألف اللّه بين قلوبكم؟)
قالـوا: بلـى، اللّه ورسولـه أمَنُّ وأفْضَلُ.
ثم قال: (ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟)
قالوا: بماذا نجيبك يا رسول اللّه؟ للّه ورسوله المن والفضل.
قال: (أما واللّه لو شئتم لقلتم، فصَدَقْتُمْ ولصُدِّقْتُمْ:
أتيتنا مُكَذَّبًا فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسَيْنَاك).
(أوَجَدْتُمْ يا معشر الأنصار في أنفسكم في لَعَاعَةٍ من الدنيا تَألفَّتُ بها قوماً ليُسْلِمُوا، ووَكَلْتُكم إلى إسلامكم؟
ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟
فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار،
ولو سلك الناس شِعْبًا، وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللّهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار).
فبكي القوم حتى أخْضَلُوا لِحَاهُم وقالوا: رضينا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم قَسْمًا وحظاً ...)
أختاه : ألا ترضين أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، ولاأقول ترجعين برسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى رحالك ، ولكن تحشرين تحت لوائه ، وتشربين من حوضه ... وتفوزين بشفاعته وجواره في الجنة...
أنا لااتكلم عن الدنيا ... فهي زائلة ...... إنما اتكلم عن الآخرة ...إذا رددي معي : رضيت بالله ربا وبرسول الله قسما وحظا.
هذه كلماتي إلى كل مظلوم
وإلى كل مكلوم
وإلى كل مبتلى
وإلى كل مكروب
وإلى كل محزون
وإلى كل محروم
ابشروا فسينتقم الله من كل ساحر
ومن كل عائن
ومن كل ظالم
فقط ارضوا بالله ربا
وبرسول الله قسما وحظا
وألحوا بالدعاء ، وأبذلوا الأسباب
وسيدافع الله عنكم
تصبروا و تشددوا
فإنما هي ليالٍ تعد
و إنما أنتم ركب وقوف
يوشك أن يدعى أحدكم فيجيب
فيذهب به و لا يلتفت
فانقلبوا بصالح الأعمال
وأيها الظلمة .. رويدا .. فإن موعدكم الصبح أليس الصبح بقريب؟
أختاه : لاأدري إن استطعت أن أوصل إليك فكرتي ، ولكن أتمنى ذلك ... فكما قلت لك لاأرقى إلى فكرك وقلمك ...
اللذين نحن بأمس الحاجة لهما .... واشعر بتشويش عندما اكتب كلاما كثيرا مع تزاحم الأفكار ...
لذلك لاتحرمينا من قلمك ... بارك الله فيك ...
وأخيرا وليس بآخر :
عند مناجاة ربك إذا أصابك هم ...
لاتقولي : يارب عندي هم كبير
بل قولي : ياهم عندي رب كبير ...
ودمت بخير في أبهى الحلل لمحبيك ..
