![]() |
الانتقادات على المنظومة السفَّارينيَّة
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
المنظومة السفَّارينيَّة لشمس الدين السفَّاريني (ت1188هـ) وقد سماها “الدرة المُضيَّة في عقد أهل الفِرقة المرضيَّة” قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: «الأَمر كما ذكر [أي في العنوان] في كثير من الوجوه. أَما في بعض الوجوه فلا، فانه دخلها من عقائد الأَشعرية ما دخلها، دخلت عليه كما دخلت على غيره» [فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم (1/ 201)] وسأسوق عددا مما استشكله عليها أهل العلم ملاحظات حول أسماء الله وصفاته 1 اسم الله “القديم” و “الباقي” قال النَّاظم: (الحمد لله القديم الباقي … مقدِّر الآجال والأرزاق) نبه الشيخ العثيمين على ذلك، بأن هذين اللفظين ليسا من أسماء الله الحسنى الثابتة في النصوص. وبيّن أن لفظ “القديم” في لغة العرب قد يُطلق على المخلوق المتقدم على غيره، ولا يدل بالضرورة على الأزلية المطلقة. كما بيّن أن اسم “الباقي” لا يصح إطلاقه على الله كاسم من أسمائه، وإنما الوارد في النصوص هو صفة البقاء، كما في قوله تعالى {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ** (الرحمن: 27)، وخير من ذلك أن يقال عن الله “الأول” و “الآخر”، كما في قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ** (الحديد: 3). القول بأن “صفاته كذاته قديمة” في البيت (34): “صفاته كذاته قديمة … أسماؤه ثابتة عظيمة” انتقد الشيخ العثيمين هذا التعميم واعتبره إجمالًا غيرَ دقيق يخالف التفصيل الذي عليه أهل السنة والجماعة في صفات الله تعالى. وقد فصّل الشيخ المسألة على النحو التالي: الصفات الذاتية: هي الصفات التي لم يزل ولا يزال الله متصفاً بها، كالحياة والعلم والقدرة، ولا تفارق نفسه سبحانه. وهذه الصفات قديمة وأزلية. الصفات الفعلية: هي الصفات المتعلقة بمشيئته سبحانه، إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها، كالاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا. 3 وصف القرآن بأنه “قديم” في البيت (41) قال: (كلامه سبحانه قديم … أعيا الورى بالنص يا عليم) اعترض الشيخ العثيمين على وصف القرآن بأنه “قديم” حيث أنَّ هذا الإطلاق من آثار علم الكلام، وهي كلمة محدثة غير صحيحة. واقترح الشيخ أنه لو قال الناظم “عظيم” أو “كريم” بدلاً من “قديم”، لكان ذلك أولى وأصوب لموافقته لوصف الله للقرآن في كتابه. 4 نفي “الجسم” و”الجوهر” و”العرض” عن الله في البيت (43): (وليس ربنا بجوهر ولا … عرض ولا جسم تعالى ذو العلا) بين الشيخ العثيمين أن الناظم أخطأ في الخوض في ألفاظ لم يرد بها إثبات ولا نفي في الكتاب والسنة. وقد أوضح أن هذه المصطلحات (الجسم، الجوهر، العرض) هي من أصول الفلسفة وعلم الكلام، وهو منهج يرفضه أهل الأثر الذين يلتزمون بألفاظ الوحي. وبيَّن الشيخ منهج أهل السنة في التعامل مع الألفاظ المُحدَثَة في خطوتين: التوقف في اللفظ: فلا نثبته ولا ننفيه. الاستفصال عن المعنى: فيُسأل من أطلق هذا اللفظ عن مراده: فإن أراد به معنى حقاً؛ نقبل المعنى الصحيح ونرفض اللفظ المبتدع. وإن أراد به معنى باطلاً؛ فإننا نرفض المعنى واللفظ معاً. في باب أفعال الله والقدر 1 جواز تعذيب الطائعين بلا ذنب في البيت (65): “وجاز للمولى يعذب الورى … من غير ما ذنب ولا جُرم جرى” وصف الشيخ العثيمين هذا القول بأنه «باطل» ومخالف لصريح القرآن والسنة. فأما المخالفة لصريح القرآن: فلقوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ** (هود: 117)، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً** (يونس: 44). وأما المخالفة لصريح السنة: ففي الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا». وقد علل الناظم قوله هذا بتعليلين: الأول: قال: “فكل ما منه تعالى يجمُل”: رد الشيخ بأن تعذيب المطيع ليس بجميل أبداً، بل هو ظلم وقبح يتنزه الله عنه. الثاني: قال “لأنه عن فعله لا يسأل” بيَّن الشيخ أن عدم سؤال الله تعالى، ذلك عن حِكمةِ الله في جعل هذاية هذا، ورزق ذاك، وهذا حق. لكن مقتضى كمال عدله وحكمته أن يترتب عليه أثره وهو الثواب، وتعذيبه حينئذٍ ظلم قد حرمه الله على نفسه. 2 نفي وجوب “فعل الأصلح” في البيت (68): (فلم يجب عليه فعل الأصلح … ولا الصلاح ويح من لم يفلح) الشيخ موافق على نفي “الوجوب” وهذا معتقد أهل السنة جميعًا، خلافا للمعتزلة، إلا أنه انتقد النفي المطلق الذي يوافق مذهب الأشاعرة الذين ينكرون الحكمة والتعليل في أفعال الله، فسيجوز عندهم أن يفعل الله الأسوأ. لكن الصواب أن الله تعالى يفعل الأصلح لأن ذلك من كمال حكمته. وأن ما يكون فيه سوء من وجه ففيه مصلحة من وجه، فالمرض فيه سوء من جهة الألم، ومصلحة من جهة تكفير السيئات. مسائل الإيمان والكفر والمنهج 00 مسألة: هل الإيمان مخلوق أم غير مخلوق؟ في البيت (98) قال (ولا تقل إيماننا مخلوق … ولا قديم هكذا مطلوق) قال الشيخ: «ولكن القول الراجح في هذه المسألة أن إيماننا كله مخلوق». والصواب هنا مع الناظم. وقد ذكرت ذلك للتنبيه. 1 مسألة المفاضلة بين البشر والملائكة قال في البيت (169)،وعندنا تفضيل أعيان البشر … على ملاك ربنا كما اشتهر (170) ومن قال سوى هذا افترى … وقد تعدى في المقال واجترا انتقد الشيخ إدراج مسألة المفاضلة بين البشر والملائكة . فقال: «ليت المؤلف رحمه الله لم يعقده»واعتبرها مسألة من فضول الكلام التي لم يبحث فيها الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يجعلها السلف من أصول الدين التي يجب على المسلم اعتقادها. فالأولى والأجدر بطالب العلم هو السكوت عنها والانشغال بما هو أهم من مسائل الدين. 2 إلزام العامة بتقليد أحد الأئمة الأربعة في البيت (207) قال : (من لازم لكل أرباب العمل … تقليد حبر منهم فاسمع تخل) يقصد أئمة المذاهب الأربعة وصفقال الشيخ العثيمين هذا: «قول ضعيف جداً». ولخّص حجته في أن الذي يلزم اتباعه على كل حال وبلا قيد أو شرط هو الرسول صلى الله عليه وسلم وحده، أما غيره من الأئمة والعلماء فيؤخذ من قولهم ويُرد، ولا يجوز إلزام الأمة بأكملها باتباع واحد منهم بعينه. قلت: لكن يحسن بالعامي والمقلد أن تكون له مرجعيَّة موحَّدة. منقول من موقع محمد بن شمس الدين |
| الساعة الآن 11:07 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com