![]() |
14 تابع / شرح : العقيدة الواسطيّة للعلامة صالح الفوزان حفظه الله
_ المتن : وقوله : ** بسم الله الرحمن الرحيم ** ، ** ربّنا وسعت كلّ شيء رّحمة وعلما ** سورة غافر 7 ** وكان بالمؤمنين رحيما ** سورة الأحزاب 43 ** ورحمتي وسعت كلّ شيء ** سورة الأعراف 156 ** كتب ربّكم على نفسه الرّحمة ** سورة الأنعام 54 ** وهو الغفور الرّحيم ** سورة يونس 107 ** فالله خير حافظاً وهو أرحم الرّاحمين ** . سورة يوسف 64 _ الشرح : وقوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم) تقدم تفسيرها في أول الكتاب . ومناسبة ذكرها هنا أن فيها إثبات الرحمة لله تعالى صفة من صفاته كما في الآيات المذكورة بعدها . قال الإمام ابن القيم : ( الرحمٰن ) دال على الصفة القائمة به سبحانه و( الرحيم ) دال على تَعَلُقِها بالمرحوم كما قال تعالى : ( وكان بالمؤمنين رحيما ) ولم يجيء قط : رحمٰن بهم وكان الأول للوصف والثاني للفعل فالأول دال على أن الرحمة وصفه والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته . اهـ . قوله : ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً ) هذا حكاية عن الملائكة الذين يحملون العرش ومن حوله أنهم يستغفرون للذين آمنوا فيقولون : ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً) أي : وَسِعَتْ رَحمتُك وعِلمُك كل شيء فـ ( رحمة وعلما ) منصوبان على التمييز المحول عن الفاعل . وفي ذلك دليل على سعة رحمة الله وشمولها . فما من مسلم ولا كافر إلا وقد نالته رحمة الله في الدنيا . وأما الآخرة فتختص بالمؤمنين . وقوله : ( وكان بالمؤمنين رحيما ) هذا إخبار من الله سبحانه أنه رحيم بالمؤمنين يرحمهم في الدنيا والآخرة . أما في الدنيا فإنه هداهم إلى الحق الذي جَهِلَه غَيرهُم وبصرهم الطريق الذي ضل عنه غيرهم . وأما رَحمتُه بهم في الآخرة فآمَنَهُم من الفزع الأكبر ويدخلهم الجنة . وقوله : ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) أي : أوجبها على نفسه الكريمة تَفَضُلاً منه وإحساناً. وهذه الكتابة كونية قدرية لم يوجبها عليه أحد . وقوله : ( وهو الغفور الرحيم ) يخبر سبحانه عن نفسه أنه مُتصفٌ بالمغفرة والرحمة لمن تاب إليه وتوكل عليه ولو من أي ذنب كان كالشرك فإنه يتوب عليه ويغفر له ويرحمه . وقوله تعالى : ( فالله خير حافظا ) هذا مما حكاه الله تعالى عن نبيه يعقوب عليه السلام حينما طَلبَ منه بَنُوه أن يُرسل معهم أخاهم ، وتعهدوا بحفظه ، فقال لهم : إن حفظ الله سبحانه له خير من حفظكم . وهذا تفويضٌ من يعقوب إلى الله في حفظ ابنه ، ومن أسمائه تعالى الحفيظ الذي يحفظُ عباده بحفظِه العام من الهلاك والعَطَب ويحفظ عليهم أعمالهم . ويحفظ عبادَه المؤمنين بحفظه الخاص عما يفسد إيمانهم وعما يضرهم في دينهم ودنياهم . الشاهد من الآيات الكريمة : أن فيها وصف الله سبحانه وتعالى بالرحمة والمغفرة على ما يليق بجلاله كسائر صفاته . وفيها الرد على الجهمية والمعتزلة ونحوهم ممن يَنفون عن الله اتصافه بالرحمة والمغفرة . فِرَاراً من التَشْبيه بزعمهم قالوا : لأن المخلوق يوصف بالرحمة . وتَأوَلوا هذه الآيات على المجاز وهذا باطل ، لأن الله سبحانه أثبت لنفسه هذه الصفة . ورحمتُه سبحانه ليست كرحمة المخلوق حتى يلزم التشبيه كما يزعمون فإن الله تعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) والاتفاق في الاسم لا يقتضي الاتفاق في المسمى ، فللخالق صفات تليق به وتختص به وللمخلوق صفات تليق به وتختص به والله أعلم . ( يتبع ) ................... |
الساعة الآن 07:48 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com