حقوق وواجبات


الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمـد للـه نحمـده ونستعينـه ونستغفـره، ونعـوذ باللـه مـن شـرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يقول الحق تبارك وتعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه) ." آل عمران: من الآية:110".
قال عمر رضي الله عنه:
من سره أن يكون من هذه الأمة فليؤدِّ شرط الله فيها.

وقال عز وجل: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ)." التوبة: من الآية:71".

أيها المسلمون:
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد الإيمان الصحيح بالله ورسوله شرطٌ أساسيٌّ في تكوين الجماعة المسلمة التي تسعى لإقامة دين الله، ولن تكون جماعتنا أهلاً لإقامة دين الله عز وجل في أرضه إلا عندما توفي بهذا الشرط الثقيل، وتلتزمه وتستقيم عليه مهما كلّفها من مشقة وتضحيات، ولن نكون خيراً عند الله من غيرنا إلا إذا صار هذا الشرط وصفاً ثابتاً ولازماً لنا، وإن التهاون في تحقيق هذا الشرط لَيُنْذِر بسوء العاقبة أو الخذلان، إن لم يكن الاستبدال والعياذ بالله، قال تعالى:
( إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً).
وإنا لفي زمان فُرقةٍ واختلاف، فما أكثر الجماعات التي تزعم إقامة الدين، وتنادي بأنها على الحق المبين، وإن لكل منها بذلاً وعطاءً وجهوداً وتضحياتٍ لإقامة المنهج الذي تتزعمه وتسير عليه، ولكنها جهود ضائعة، وأعمال خاسرة، إلا لمن حقق الشرط، ووفّى بالعهد، وأخلص عمله كله لله، وسيوفق الله عز وجل ويختار لدينه خير هذه الجماعات وأحسنها ومن هم أهل لـ لا إله إلا الله وأحق بها، وهي من أُقِيمت وأُسست على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان الصحيح والانتصار لله ورسوله.
فإذا كنا صادقين في إقامة دين الله فلابد أن نحقق الشرط، ولا نكتفي بمجرد كوننا مسلمين، فإن الإيمان الذي لا يبعث على العمل إيمان مدخول وناقص بلا شك.
إخوة الإسلام، يأهل لا إله إلا الله
إن القعود عن نصرة الله ورسوله، واختيار الدعة والراحة، والركون إلى الدنيا والاطمئنان إليها، والبخل بالنفس والمال، والاهتمام بالملذات والشهوات، والتنعم والتوسع في المباحات، وعدم الاهتمام بالدين، وترك الاهتمام بأمر المسلمين، والركون للظالمين، ومجالسة أهل الغفلة والإعراض عن الدين، وعدم المواجهة والجبن والخوف، والتعذر بضغط الأقارب وثقل الواقع، ومصاحبة أعداء الله، والتودد إليهم، وانشراح الصدر لهم، والتوسع في مخالطة الكافرين على حساب الدين، وغير ذلك مما ابتُليَ به أكثر المسلمين؛ كل هذا، وغيره كثير، هو الذي أقعد بهذه الجماعة عن النهوض لحمل تكاليف العقيدة، ورفع راية الدين، وإعلاء كلمة الله.

وإن الذين يجتهدون في إصلاح أنفسهم، ويسعون بصدق في إقامة دين الله، أول واجب عليهم أن يبذلوا كل جهدهم في أمر إخوانهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر؛ لابد أن يوقظوا النائم، ويذكّروا الغافل، ويردّوا التائه، ويأخذوا على يد السفيه، وأن يهتموا بالنشء الجديد، لابد لهم من الوعظ والتذكير، والتعليم والتنبيه، والتخويف والتحذير، وأن يكونوا مثلاً أعلى، وقدوة سامية، تتطلع إليها أعناق الحيارى والتائهين.