منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   منبر الفقه الإسلامي (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=67)
-   -   الزكاة (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=20367)

وفاء للحياة 01-06-2008 10:25 AM

الزكاة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :لدى مبلغ للزكاة ومعتادة أن أعطيه مجموعة من العائلات فهل يجوز أن أشترى لهم به ماكينات خياطة أو أنشى لهن به مشروع صغير حتى يستفدن من المشروع ولا يبقين محتاجات لأحد بعد ذلك.
أم من الضرورى أن أعطيهن الزكاةكمبلغ وليس من حقى أن أنشىء لهن مشروع به .
الرجاء الرد بأسرع وقت ممكن

أبو تيميه 03-06-2008 07:03 AM

الحمد لله رب العالمين
السلام عليكم ورحمة الله بركاته
أما بعد:

الزكاة لها مصرفها الشرعي الذي حدده رب العالمين فقال تعالى: " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَعَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِيسَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌحَكِيمٌ " التوبة:60.

فدل ذلك على أن " العادة " لا تحكم المصرف الشرعي، وإنما المعتبر هو ما حدده الشارع، وعليه فإن الذمة لا تبرأ إلا إذا صرفت الزكاة في المصارف المذكورة في الآية أو أحدها، فإن كان هؤلاء الناس من هذه المصارف جاز لكِ دفع الزكاة إليهم، وإنلم يكن كذلك لم تبرأ الذمة بدفع الزكاة إليهم، فإنه لا يجوز دفع زكاة المال إلا لمستحقها من أهل الزكاة، والفتوى تغلب الظن على أنهم من الفقراء والمساكين، فهل يجوز أن تدفع لهم الزكاة في صورة أشياء عينية، أقول: هذه المسألة تدخل في باب دفع القيمة وهو مختلف فيه، على ثلاثة أقوال هي كالتالي:

القول الأول: المنع مطلقا: فمذهب جمهورالعلماء من الشافعية والمالكية والحنابلة على عدم إجزاء القيمة، وأن الأصل هو إخراج الزكاة على الصفة التي حددها الشارع ولا يعدل عن ذلك إلى قيمته سواء أكان هذه في الزروع والثمار أم كان في بهيمة الأنعام إلا في عروض التجارة فإن زكاتها تخرج نقودا، ومن أدلتهم ما يلي:

أولاً: الزكاة قربة " عبادة " ولا يصح أداء العبادة إلا على الوجه المأمور به شرعا. فلا يجوز السجود على الخد وترك السجود على الجبهة والأنف.

نوقش: بأن الزكاة ليست من قبيل العبادات المحضة كالزكاة، ولهذا تجب على الصبي والمجنون ولا تجب عليهما الصلاة، فإطلاق القول بقياسها على الصلاة ضعيف.

ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: "خذ الحب من الحبوالشاة من الغنم والبعير من الإبل والبقر من البقر". رواه أبو داود برقم 1364 إلا أنه ضعيف، ضعفه ابن حجر في التلخيص 2/170 والألباني في السلسة 8/45ـ 3544.

نوقش: ضعف الحديث يضعف العمل به فلا وجه لمن قال أنه نص يجب الوقوف عنده، ولايجوز تجاوزه إلى أخذ القيمة ، لأنه في هذه الحال سيأخذ من الحب شيئاً غير الحب، ومنالغنم شيئاً غير الشاة.
أضف إلى ذلك الحديث أصل في أن الأصل في المأخوذ من الزكاةأن يكون من جنس العين المزكاة ولا يلزم من ذلك عدم إخراجها بالقيمة إذا كان لعذر، فإن معاذا رضي الله عنه نفسه هو الذي كان يأخذ اللبيس والخميس من الثياب مكانالحب برضى الدافع لما رأى ذلك أحظ للفقير وأخف على رب المال.

القول الثاني: الجواز مطلقا: " فأبو حنيفة وأصحابه والحسن البصري وسفيان الثوري، وخامس الراشدين عمر بن عبد العزيز ـ رضى الله عنه ـ أجازوا إخراج القيمة في الزكاة، ومنها زكاة الفطر، وهو قول الأشهب وابن القاسم عند المالكية. قال النووي: وهو الظاهر من مذهب البخاري في صحيحه ـ قال ابن رشيد: وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم لكن قاده إلى ذلك الدليل " نقلا عن فتاوى معاصرة للقرضاوي 2/ 241، 242. ومن أدلة من قال أن دفع القيمة يجوز وتبرأ به الذمة ما يلي:

أولاً: قال الله تعالى: " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا " التوبة: 103 فقول تعالى : " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ " دليل على أن المأخوذ مال، والقيمة تعتبر مال فبين المال والقيمة شبه، فالقيمة أشبهت المنصوص عليه وهو المال.

ثانياً: قال معاذ رضي الله عنه لأهل اليمن: " إيتوني بخميس أو لبيس آخذهمكان الصدقة فإنه أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة " رواه البيهقي والبخاريتعليقاً. انظر السنن الكبرى للبيهقي 4/113.

قالوا: فأهل اليمن مشهورين بصناعة الثياب، فدفعها أيسر عليهم، وفي المقابل كان أهل المدينة في حاجة إليها، ولقد كانت أموال الزكاة تفضل عن أهل اليمن فيبعث بها معاذ رضي الله عنه إلى المدينة.

ثالثاً: المقصود من الزكاة هو إغناء الفقير وسد حاجته، فإذا كان يحصل بإخراج العين الواجبة المنصوص عليها فإنه يحصل كذلك بإخراج القيمة ولا فرق، فالكل يؤدي إلى إغناء الفقير وسد حاجته.

القول الثالث: الجواز مقيداً: وهو قول وسط اختاره شيخ الإسلامابن تيميةوتبعه فيهالشوكاني وغيرهم من أهل العلم، فالنظر يكون للعذر من مصلحة أو حاجة تعود على الفقير، فإن كان إخراج القيمة لغير مصلحة أو حاجة فإنه لا يجوز، وإن كان إخراجها من باب المصلحة الراجحة أو الحاجة الماسة والتي تعود على الفقير فإنه يجوز. فإن السر المقصود في حكمها هو سد خلة الفقير، فلماذا لا تدفع القيمة إذا كان دفعها هو أحظ للفقير.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "وأما إذا أعطاه القيمة ففيهنزاع: هل يجوز مطلقاً؟ أو لا يجوز مطلقاً؟ أو يجوز في بعض الصور للحاجة، أو المصلحةالراجحة؟ على ثلاثة أقوال ـ في مذهب أحمد وغيره ـ وهذا القول أعدل الأقوال" ا.هـ مجموع الفتاوى 25/79 فقوله : " وهذا القول أعدل الأقوال " يعني القول الأخير.


وقال أيضاً : "وأما إخراج القيمة في الزكاةوالكفارة ونحو ذلك، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنيفةيجوز، وأحمد ـ رحمه الله ـ قد منع القيمة في مواضع، وجوزها في مواضع، فمن أصحابه منأقر النص، ومنهم من جعلها على روايتين. والأظهر في هذا: أن إخراج القيمة لغير حاجةولا مصلحة راجحة ممنوع منه.... إلى قوله : "وأما إخراج القيمة للحاجة، أوالمصلحة، أو العدل فلا بأس به" ا.هـ مجموع الفتاوى 25/82

وقال الشوكاني : " فالحق أن الزكاة واجبة من العين ولا يعدل عنها إلى القيمةإلا لعذر " ا.هـ نيل الأوطار 5 / 154

فالظاهر ـ عندي ـ أن هذا التفصيل هو أقرب إلى الصواب، فالأصل أن تخرج الزكاة من جنسها إلا في عروض التجارة فإن زكاتها تخرج نقودا، ولا يعدل عن هذا الأصل إلا لعذر، وعليه فإن كان إخراج القيمة( أي ما يُقوم بمال كالملابس والآلات الحرفية ونحوها ) لغير حاجة ولا مصلحة راجحة فإنه ذلك ممنوع شرعا وإلا فلا بأس به.

الخلاصة:

للزكاة أهل ومن أهلها الفقراء والمساكين، والذمة لا تبرأ إلا إذا صرفت لأهلها، وأما هل يجوز دفع القيمة بدل عن العين ( الأصل ) فيه خلاف مشهور والصحيح جواز ذلك للحاجة أو المصلحة الراجحة التي تعود على الفقير، ومن صور تكييف مسألة السائلة هو التالي:

منها: أن يعطوا من الزكاة نقداً ( الغالب أن الكلام على زكاة المال ) ولمستحقيها كامل الملك في شراء حاجتهم، ومنها الآلات الحرفية أو استثمار المال في مشروع نافع وهذا هو الأصل.
ومنها: أن يعطوا القيمة بدلاً عن الأصل كشراء الآلات الحرفية لهم بدلاً من دفع الزكاة نقداً لهم، فهذا هو المختلف فيه والصحيح جوازه لعذر الحاجة أو المصلحة التي تعود على الفقير.
ومنها أيضا: أن يقوم المالك بإنشاء المشروع النافع على أن تكون ملكيته بالكلية لصالح المستحقين وهذا في الحقيقة هو من باب دفع القيمة ولكنها على صورة مشروع.

نسأل الله تعالى أن يتوب علينا لنتوب ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والله الهادي.

أخوكم أبو تيمية


الساعة الآن 07:09 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com