فائدة عظيمة الشأن جليلة القدر من أدركها فهو على خير كبير
فائدة عظيمة الشأن جليلة القدر من أدركها فهو على خير كبير قال العلامة ابن القيم في مدارج السالكين 100/1-101 :وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: تَأَمَّلْتُ أَنْفَعَ الدُّعَاءِ فَإِذَا هُوَ سُؤَالُ الْعَوْنِ عَلَى مَرْضَاتِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي الْفَاتِحَةِ فِي {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ** [الفاتحة: 5] . وَمُقَابِلُ هَؤُلَاءِ الْقِسْمُ الثَّانِي، وَهُمُ الْمُعْرِضُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِ، فَلَا عِبَادَةَ وَلَا اسْتِعَانَةَ، بَلْ إِنْ سَأَلَهُ أَحَدُهُمْ وَاسْتَعَانَ بِهِ فَعَلَى حُظُوظِهِ وَشَهَوَاتِهِ، لَا عَلَى مَرْضَاةِ رَبِّهِ وَحُقُوقِهِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَسْأَلُهُ أَوْلِيَاؤُهُ وَأَعْدَاؤُهُ وَيَمُدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، وَأَبْغَضُ خَلْقِهِ عَدُّوُهُ إِبْلِيسُ وَمَعَ هَذَا فَقَدَ سَأَلَهُ حَاجَةً فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، وَمَتَّعَهُ بِهَا، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ تَكُنْ عَوْنًا لَهُ عَلَى مَرْضَاتِهِ، كَانَتْ زِيَادَةً لَهُ فِي شِقْوَتِهِ، وَبُعْدِهِ عَنِ اللَّهِ وَطَرْدِهِ عَنْهُ، وَهَكَذَا كُلُّ مَنِ اسْتَعَانَ بِهِ عَلَى أَمْرٍ وَسَأَلَهُ إِيَّاهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَوْنًا عَلَى طَاعَتِهِ كَانَ مُبْعِدًا لَهُ عَنْ مَرْضَاتِهِ، قَاطِعًا لَهُ عَنْهُ وَلَا بُدَّ. وَلْيَتَأَمَّلِ الْعَاقِلُ هَذَا فِي نَفْسِهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَلْيَعْلَمْ أَنَّ إِجَابَةَ اللَّهِ لِسَائِلِيهِ لَيْسَتْ لِكَرَامَةِ السَّائِلِ عَلَيْهِ، بَلْ يَسْأَلُهُ عَبْدُهُ الْحَاجَةَ فَيَقْضِيهَا لَهُ، وَفِيهَا هَلَاكُهُ وَشِقْوَتُهُ، وَيَكُونُ قَضَاؤُهُ لَهُ مِنْ هَوَانِهِ عَلَيْهِ، وَسُقُوطِهِ مِنْ عَيْنِهِ، وَيَكُونُ مَنْعُهُ مِنْهَا لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ وَمَحَبَّتِهِ لَهُ، فَيَمْنَعُهُ حِمَايَةً وَصِيَانَةً وَحِفْظًا لَا بُخْلًا، وَهَذَا إِنَّمَا يَفْعَلُهُ بِعَبْدِهِ الَّذِي يُرِيدُ كَرَامَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ، وَيُعَامِلُهُ بِلُطْفِهِ، فَيَظُنُّ بِجَهْلِهِ أَنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّهُ وَلَا يُكْرِمُهُ، وَيَرَاهُ يَقْضِي حَوَائِجَ غَيْرِهِ، فَيُسِيءُ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ، وَهَذَا حَشْوُ قَلْبِهِ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ، وَالْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، وَعَلَامَةُ هَذَا حَمْلُهُ عَلَى الْأَقْدَارِ وَعِتَابُهُ الْبَاطِنُ لَهَا، كَمَا قِيلَ: وَعَاجِزُ الرَّأْيِ مِضْيَاعٌ لِفُرْصَتِهِ ... حَتَّى إِذَا فَاتَ أَمْرٌ عَاتَبَ الْقَدَرَا فَوَاللَّهِ لَوْ كَشَفَ عَنْ حَاصِلِهِ وَسِرِّهِ لَرَأَى هُنَاكَ مُعَاتَبَةَ الْقَدَرِ وَاتِّهَامَهُ، وَأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ مَا حِيلَتِي، وَالْأَمْرُ لَيْسَ إِلَيَّ؟ وَالْعَاقِلُ خَصْمُ نَفْسِهِ، وَالْجَاهِلُ خَصْمُ أَقْدَارِ رَبِّهِ. فَاحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ أَنْ تَسْأَلَهُ شَيْئًا مُعَيَّنًا خِيرَتُهُ وَعَاقِبَتُهُ مُغَيَّبَةٌ عَنْكَ، وَإِذَا لَمْ تَجِدْ مِنْ سُؤَالِهِ بُدًّا، فَعَلِّقْهُ عَلَى شَرْطِ عِلْمِهِ تَعَالَى فِيهِ الْخِيَرَةَ، وَقَدِّمْ بَيْنَ يَدَيْ سُؤَالِكَ الِاسْتِخَارَةَ، وَلَا تَكُنِ اسْتِخَارَةٌ بِاللِّسَانِ بِلَا مَعْرِفَةٍ، بَلِ اسْتِخَارَةُ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِمَصَالِحِهِ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهَا، وَلَا اهْتِدَاءَ لَهُ إِلَى تَفَاصِيلِهَا، وَلَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ ضُرًّا وَلَا نَفْعًا، بَلْ إِنْ وُكِّلَّ إِلَى نَفْسِهِ هَلَكَ كُلَّ الْهَلَاكِ، وَانْفَرَطَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ. وَإِذَا أَعْطَاكَ مَا أَعْطَاكَ بِلَا سُؤَالٍ تَسْأَلُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَوْنًا لَكَ عَلَى طَاعَتِهِ وَبَلَاغًا إِلَى مَرْضَاتِهِ، وَلَا يَجْعَلَهُ قَاطِعًا لَكَ عَنْهُ، وَلَا مُبْعِدًا عَنْ مَرْضَاتِهِ، وَلَا تَظُنُّ أَنَّ عَطَاءَهُ كُلَّ مَا أَعْطَى لِكَرَامَةِ عَبْدِهِ عَلَيْهِ، وَلَا مَنْعَهُ كُلَّ مَا يَمْنَعُهُ لِهَوَانِ عَبْدِهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ عَطَاءَهُ وَمَنْعَهُ ابْتِلَاءٌ وَامْتِحَانٌ، يَمْتَحِنُ بِهِمَا عِبَادَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ - وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ - كَلَّا** [الفجر: 15 - 17] أَيْ لَيْسَ كُلُّ مَنْ أَعْطَيْتُهُ وَنَعَّمْتُهُ وَخَوَّلْتُهُ فَقَدْ أَكْرَمْتُهُ، وَمَا ذَاكَ لِكَرَامَتِهِ عَلَيَّ، وَلَكِنَّهُ ابْتِلَاءٌ مِنِّي، وَامْتِحَانٌ لَهُ أَيَشْكُرُنِي فَأُعْطِيَهُ فَوْقَ ذَلِكَ، أَمْ يَكْفُرُنِي فَأَسْلُبَهُ إِيَّاهُ، وَأُخَوِّلَ فِيهِ غَيْرَهُ؟ وَلَيْسَ كُلُّ مَنِ ابْتَلَيْتُهُ فَضَيَّقْتُ عَلَيْهِ رِزْقَهُ، وَجَعَلْتُهُ بِقَدَرٍ لَا يُفَضَّلُ عَنْهُ، فَذَلِكَ مِنْ هَوَانِهِ عَلَيَّ، وَلَكِنَّهُ ابْتِلَاءٌ وَامْتِحَانٌ مِنِّي لَهُ أَيَصْبِرُ فَأُعْطِيَهُ أَضْعَافَ أَضْعَافِ مَا فَاتَهُ مِنْ سَعَةِ الرِّزْقِ، أَمْ يَتَسَخَّطُ فَيَكُونَ حَظُّهُ السُّخْطَ؟ . فَرَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّ سَعَةَ الرِّزْقِ إِكْرَامٌ، وَأَنَّ الْفَقْرَ إِهَانَةٌ، فَقَالَ: لَمْ أَبْتَلِ عَبْدِي بِالْغِنَى لِكَرَامَتِهِ عَلَيَّ، وَلَمْ أَبْتَلِهِ بِالْفَقْرِ لِهَوَانِهِ عَلَيَّ، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْإِكْرَامَ وَالْإِهَانَةَ لَا يَدُورَانِ عَلَى الْمَالِ وَسَعَةِ الرِّزْقِ وَتَقْدِيرِهِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُوَسِّعُ عَلَى الْكَافِرِ لَا لِكَرَامَتِهِ، وَيُقَتِّرُ عَلَى الْمُؤْمِنِ لَا لِإِهَانَتِهِ، إِنَّمَا يُكْرِمُ مَنْ يُكْرِمُهُ بِمَعْرِفَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَطَاعَتِهِ، وَيُهِينُ مَنْ يُهِينُهُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ وَمَعْصِيَتِهِ، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى هَذَا وَعَلَى هَذَا، وَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ. ا.هـ. |
جزاك الله خير
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وإياكم .. بارك الله فيكم تشرفت بمروركم الكريم و حسن قولكم |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله فيكم ورفع الله قدركم وأثابكم شكر الله لكم مروركم الكريم و حسن قولكم |
فائدة عظيمة الشأن جليلة القدر من أدركها فهو على خير كبير قال العلامة ابن القيم في مدارج السالكين 100/1-101 :وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: تَأَمَّلْتُ أَنْفَعَ الدُّعَاءِ فَإِذَا هُوَ سُؤَالُ الْعَوْنِ عَلَى مَرْضَاتِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي الْفَاتِحَةِ فِي {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ** [الفاتحة: 5] . وَمُقَابِلُ هَؤُلَاءِ الْقِسْمُ الثَّانِي، وَهُمُ الْمُعْرِضُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِ، فَلَا عِبَادَةَ وَلَا اسْتِعَانَةَ، بَلْ إِنْ سَأَلَهُ أَحَدُهُمْ وَاسْتَعَانَ بِهِ فَعَلَى حُظُوظِهِ وَشَهَوَاتِهِ، لَا عَلَى مَرْضَاةِ رَبِّهِ وَحُقُوقِهِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَسْأَلُهُ أَوْلِيَاؤُهُ وَأَعْدَاؤُهُ وَيَمُدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، وَأَبْغَضُ خَلْقِهِ عَدُّوُهُ إِبْلِيسُ وَمَعَ هَذَا فَقَدَ سَأَلَهُ حَاجَةً فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، وَمَتَّعَهُ بِهَا، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ تَكُنْ عَوْنًا لَهُ عَلَى مَرْضَاتِهِ، كَانَتْ زِيَادَةً لَهُ فِي شِقْوَتِهِ، وَبُعْدِهِ عَنِ اللَّهِ وَطَرْدِهِ عَنْهُ، وَهَكَذَا كُلُّ مَنِ اسْتَعَانَ بِهِ عَلَى أَمْرٍ وَسَأَلَهُ إِيَّاهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَوْنًا عَلَى طَاعَتِهِ كَانَ مُبْعِدًا لَهُ عَنْ مَرْضَاتِهِ، قَاطِعًا لَهُ عَنْهُ وَلَا بُدَّ. وَلْيَتَأَمَّلِ الْعَاقِلُ هَذَا فِي نَفْسِهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَلْيَعْلَمْ أَنَّ إِجَابَةَ اللَّهِ لِسَائِلِيهِ لَيْسَتْ لِكَرَامَةِ السَّائِلِ عَلَيْهِ، بَلْ يَسْأَلُهُ عَبْدُهُ الْحَاجَةَ فَيَقْضِيهَا لَهُ، وَفِيهَا هَلَاكُهُ وَشِقْوَتُهُ، وَيَكُونُ قَضَاؤُهُ لَهُ مِنْ هَوَانِهِ عَلَيْهِ، وَسُقُوطِهِ مِنْ عَيْنِهِ، وَيَكُونُ مَنْعُهُ مِنْهَا لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ وَمَحَبَّتِهِ لَهُ، فَيَمْنَعُهُ حِمَايَةً وَصِيَانَةً وَحِفْظًا لَا بُخْلًا، وَهَذَا إِنَّمَا يَفْعَلُهُ بِعَبْدِهِ الَّذِي يُرِيدُ كَرَامَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ، وَيُعَامِلُهُ بِلُطْفِهِ، فَيَظُنُّ بِجَهْلِهِ أَنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّهُ وَلَا يُكْرِمُهُ، وَيَرَاهُ يَقْضِي حَوَائِجَ غَيْرِهِ، فَيُسِيءُ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ، وَهَذَا حَشْوُ قَلْبِهِ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ، وَالْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، وَعَلَامَةُ هَذَا حَمْلُهُ عَلَى الْأَقْدَارِ وَعِتَابُهُ الْبَاطِنُ لَهَا، كَمَا قِيلَ: وَعَاجِزُ الرَّأْيِ مِضْيَاعٌ لِفُرْصَتِهِ ... حَتَّى إِذَا فَاتَ أَمْرٌ عَاتَبَ الْقَدَرَا فَوَاللَّهِ لَوْ كَشَفَ عَنْ حَاصِلِهِ وَسِرِّهِ لَرَأَى هُنَاكَ مُعَاتَبَةَ الْقَدَرِ وَاتِّهَامَهُ، وَأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ مَا حِيلَتِي، وَالْأَمْرُ لَيْسَ إِلَيَّ؟ وَالْعَاقِلُ خَصْمُ نَفْسِهِ، وَالْجَاهِلُ خَصْمُ أَقْدَارِ رَبِّهِ. فَاحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ أَنْ تَسْأَلَهُ شَيْئًا مُعَيَّنًا خِيرَتُهُ وَعَاقِبَتُهُ مُغَيَّبَةٌ عَنْكَ، وَإِذَا لَمْ تَجِدْ مِنْ سُؤَالِهِ بُدًّا، فَعَلِّقْهُ عَلَى شَرْطِ عِلْمِهِ تَعَالَى فِيهِ الْخِيَرَةَ، وَقَدِّمْ بَيْنَ يَدَيْ سُؤَالِكَ الِاسْتِخَارَةَ، وَلَا تَكُنِ اسْتِخَارَةٌ بِاللِّسَانِ بِلَا مَعْرِفَةٍ، بَلِ اسْتِخَارَةُ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِمَصَالِحِهِ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهَا، وَلَا اهْتِدَاءَ لَهُ إِلَى تَفَاصِيلِهَا، وَلَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ ضُرًّا وَلَا نَفْعًا، بَلْ إِنْ وُكِّلَّ إِلَى نَفْسِهِ هَلَكَ كُلَّ الْهَلَاكِ، وَانْفَرَطَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ. وَإِذَا أَعْطَاكَ مَا أَعْطَاكَ بِلَا سُؤَالٍ تَسْأَلُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَوْنًا لَكَ عَلَى طَاعَتِهِ وَبَلَاغًا إِلَى مَرْضَاتِهِ، وَلَا يَجْعَلَهُ قَاطِعًا لَكَ عَنْهُ، وَلَا مُبْعِدًا عَنْ مَرْضَاتِهِ، وَلَا تَظُنُّ أَنَّ عَطَاءَهُ كُلَّ مَا أَعْطَى لِكَرَامَةِ عَبْدِهِ عَلَيْهِ، وَلَا مَنْعَهُ كُلَّ مَا يَمْنَعُهُ لِهَوَانِ عَبْدِهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ عَطَاءَهُ وَمَنْعَهُ ابْتِلَاءٌ وَامْتِحَانٌ، يَمْتَحِنُ بِهِمَا عِبَادَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ - وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ - كَلَّا** [الفجر: 15 - 17] أَيْ لَيْسَ كُلُّ مَنْ أَعْطَيْتُهُ وَنَعَّمْتُهُ وَخَوَّلْتُهُ فَقَدْ أَكْرَمْتُهُ، وَمَا ذَاكَ لِكَرَامَتِهِ عَلَيَّ، وَلَكِنَّهُ ابْتِلَاءٌ مِنِّي، وَامْتِحَانٌ لَهُ أَيَشْكُرُنِي فَأُعْطِيَهُ فَوْقَ ذَلِكَ، أَمْ يَكْفُرُنِي فَأَسْلُبَهُ إِيَّاهُ، وَأُخَوِّلَ فِيهِ غَيْرَهُ؟ وَلَيْسَ كُلُّ مَنِ ابْتَلَيْتُهُ فَضَيَّقْتُ عَلَيْهِ رِزْقَهُ، وَجَعَلْتُهُ بِقَدَرٍ لَا يُفَضَّلُ عَنْهُ، فَذَلِكَ مِنْ هَوَانِهِ عَلَيَّ، وَلَكِنَّهُ ابْتِلَاءٌ وَامْتِحَانٌ مِنِّي لَهُ أَيَصْبِرُ فَأُعْطِيَهُ أَضْعَافَ أَضْعَافِ مَا فَاتَهُ مِنْ سَعَةِ الرِّزْقِ، أَمْ يَتَسَخَّطُ فَيَكُونَ حَظُّهُ السُّخْطَ؟ . فَرَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّ سَعَةَ الرِّزْقِ إِكْرَامٌ، وَأَنَّ الْفَقْرَ إِهَانَةٌ، فَقَالَ: لَمْ أَبْتَلِ عَبْدِي بِالْغِنَى لِكَرَامَتِهِ عَلَيَّ، وَلَمْ أَبْتَلِهِ بِالْفَقْرِ لِهَوَانِهِ عَلَيَّ، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْإِكْرَامَ وَالْإِهَانَةَ لَا يَدُورَانِ عَلَى الْمَالِ وَسَعَةِ الرِّزْقِ وَتَقْدِيرِهِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُوَسِّعُ عَلَى الْكَافِرِ لَا لِكَرَامَتِهِ، وَيُقَتِّرُ عَلَى الْمُؤْمِنِ لَا لِإِهَانَتِهِ، إِنَّمَا يُكْرِمُ مَنْ يُكْرِمُهُ بِمَعْرِفَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَطَاعَتِهِ، وَيُهِينُ مَنْ يُهِينُهُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ وَمَعْصِيَتِهِ، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى هَذَا وَعَلَى هَذَا، وَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ. ا.هـ. |
السلام عليكم ورحمة الله عليكم
بوركتي ام سلمى الغالية على الطرح القيم واثابك الله خيري الدنيا والاخرة |
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وفيكِ بارك الله أختي الحبيبة سيدة الرافدين شكر الله لكِ مروركِ الكريم وحسن قولكِ رزقكِ الله خيري الدنيا والآخرة |
جزاك الله خيرا أختي أم سلمى على الموضوع القيم،
بارك الله فيك وسدد خطاك |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وإياكِ .. بارك الله فيك أختي الحبيبة رجاء شكر الله لكِ مروركِ الكريم وحسن قولكِ رزقكِ الله خيري الدنيا والآخرة |
الساعة الآن 03:20 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com