منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   منبر التزكية والرقائق والأخلاق الإسلامية (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=122)
-   -   في إثبات الحمد كله لله عز وجل (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=33548)

أسامي عابرة 09-12-2009 07:52 AM

في إثبات الحمد كله لله عز وجل
 
في إثبات الحمد كله لله عز وجل



ويجمع هذين الأصلين العظيمين أصل ثالث هو عقد نظامهما وجامع شملهما وبتحقيقه وإثباته على وجهه يتم بناء هذين الأصلين وهو إثبات الحمد كله لله رب العالمين فإنه المحمود على ما خلقه وأمر به ونهى عنه فهو المحمود على طاعات العباد ومعاصيهم وإيمانهم وكفرهم وهو المحمود على خلق الأبرار والفجار والملائكة والشياطين وعلى خلق الرسل وأعدائهم وهو المحمود على عدله في أعدائه كما هو المحمود على فضله وإنعامه على أوليائه فكل ذرة من ذرات الكون شاهدة بحمده ولهذا سبح بحمده السموات السبع الأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده وكان في قول النبي عند الاعتدال من الركوع ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد فله سبحانه الحمد حمدا يملأ المخلوقات والفضاء الذي بين

كتاب طريق الهجرتين، الجزء 1، صفحة 192.

*** 09-12-2009 11:04 AM

.......يتبع

أسامي عابرة 09-12-2009 12:22 PM

السماوات والأرض ويملأ ما يقدر بعد ذلك مما يشاء الله أن يملأ بحمده وذاك يحتمل أمرين أحدهما أن يملأ ما يخلقه الله بعد السموات والأرض والمعنى أن الحمد ملء ما خلقته وملء ما تخلقه بعد ذلك الثاني أن يكون المعنى ملء ما شئت من شيء بعد يملؤه حمدك أي يقدر مملوءا بحمدك وإن لم يكن موجودا ولكن يقال المعنى الأول أقوى لأن قوله ما شئت من شيء بعديقتضي أنه شيء يشاؤه وما شاء كان والمشيئة متعلقة بعينه لا بمجرد ملء الحمد له فتأمله لكنه إذا شاء كونه فله الحمد ملؤه فالمشيئة راجعة إلى المملوء بالحمد فلا بد أن يكون شيئا موجودا يملؤه حمده وأيضا فإن قوله من شيء بعد يقتضي أنه شيء يشاؤه سبحانه بعد هذه المخلوقات كما يخلقه بعد ذلك من مخلوقاته من القيامة وما بعدها
ولو أريد تقدير خلقه لقيل وملء ما شئت من شيء مع ذلك لأن المقدر يكون مع المحقق وأيضا فإنه لم يقل ملء ما شئت أن يملأه الحمد بل قال ما شئت والعبد قد حمد حمدا أخبر به وإن ثناءه ووصفه بأنه يملأ ما خلقه الرب سبحانه وما يشاء بعد ذلك وأيضا فقوله وملء ما شئت من شيء بعد يقتضي إثبات مشيئة تتعلق بشيء بعد ذلك وعلى الوجه الثاني قد تتعلق المشيئة بملءالمقدر وقد لا تتعلق وأيضا فإذا قيل ما شئت من شيء بعد ذلك كان الحمد مالئا لما هو موجود يشاؤه الرب دائما ولا ريب أن له الحمد دائما في الأولى والآخرة وأما إذا قدر ما يملؤه الحمد وهو غير موجود فالمقدرات لا حد لها وما من شيء منها إلا يمكن تقدير شيء بعده وتقدير ما لا نهاية له كتقدير الأعداد ولو أريد هذا المعنى لم يحتج إلى تعليقه بالمشيئة بل قيل ملء ما لا يتناهى فأما ما يشاؤه الرب فلا يكون إلا موجودا مقدرا وإن كان لا آخر لنوع الحوادث أو بقاء ما يبقى منها فهذا كله مما يشاؤه بعد وأيضا فالحمد هو الإخبار بمحاسن المحمود على وجه الحب له ومحاسن المحمود تعالى إما


أسامي عابرة 09-12-2009 12:24 PM

قائمة بذاته وإما ظاهرة في مخلوقاته فأما المعدوم المحض الذي لم يخلق ولا خلق قط فذاك ليس فيه محاسن ولا غيرها فلا محامد فيه البتة فالحمد لله الذي يملأ المخلوقات ما وجد منها ويوجد هو حمد يتضمن الثناء عليه بكماله القائم بذاته والمحاسن الظاهرة في مخلوقاته وأما مالا وجود له فلا محامد فيه ولا مذام فجعل الحمد مالئا له لا حقيقة له
وقد اختلف الناس في معنى كون حمده يملأ السموات والأرض وما بينهما فقالت طائفة على جهة التمثيل أي لو كان أجساما لملأ السموات والأرض وما بينهما قالوا فإن الحمد من قبيل المعاني والأعراض التي لا تملأ بها الأجسام ولا تملأ الأجسام إلا بالأجسام والصواب أنه لا يحتاج إلى هذا التكلف البارد فإن ملء كل شيء يكون بحسب المالىء والمملوء فإذا قيل امتلأت الإناء ماء وامتلأت الجفنة طعاما فهذا الامتلاء نوع وإذا قيل امتلأت الدار رجالا وامتلأت المدينة خيلا ورجالا فهذا نوع آخر وإذا قيل امتلأ الكتاب سطورا فهذا نوع آخر وإذا قيل امتلأت مسامع الناس حمدا أو ذما لفلان فهذا نوع آخر كما في أثر معروف أهل الجنة من امتلأت مسامعه من ثناء الناس عليه وأهل النار من امتلأت مسامعه من ذم الناس له وقال عمر بن الخطاب في عبدالله بن مسعود كنيف مليء علما ويقال فلان علمه قد ملأ الدنيا وكان يقال ملأ

كتاب طريق الهجرتين، الجزء 1، صفحة 194.

أسامي عابرة 09-12-2009 12:25 PM

ابن أبي الدنيا الدنيا علما ويقال صيت فلان قد ملأ الدنيا وضيق الآفاق وحبه قد ملأ القلوب وبغض فلان قد ملأ القلوب وامتلأ قلبه رعبا وهذا أكثر من أن تستوعب شواهده وهو حقيقة في بابه وجعل الملء والامتلاء حقيقة للأجسام خاصة تحكم باطل ودعوى لا دليل عليها البتة والأصل الحقيقة الواحدة والاشتراك المعنوي هو الغالب على اللغة والأفهام والاستعمال فالمصير إليه أولى من المجاز والاشتراك وليس هذا موضع تقرير المسألة
والمقصود أن الرب أسماؤه كلها حسنى ليس فيها اسم سوء وأوصافه كلها كمال ليس فيها صفة نقبص وأفعاله كلها حكمة ليس فيها فعل خال عن الحكمة والمصلحة وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم موصوف بصفة الكمال مذكور بنعوت الجلال منزه عن الشبيه والمثال ومنزه عما يضاد صفات كماله فمنزه عن الموت المضاد للحياة وعن السنة والنوم والسهو والغفلة المضاد للقيومية وموصوف بالعلم منزه عن أضداده كلها من النسيان والذهول وعزوب شيء عن علمه موصوف بالقدرة التامةمنزه عن ضدها من العجز واللغوب والإعياء موصوف بالعدل المنزه عن الظلم موصوف بالحكمة منزه عن العبث موصوف بالسمع والبصر منزه عن أضدادهما من الصمم والبكم موصوف بالعلو والفوقية منزه عن أضدا ذلك موصوف بالغنى التام منزه عما يضاده بوجه من الوجوه ومستحق للحمد كله فيستحيل أن يكون غير محمود كما يستحيل أن يكون غير قادر ولا خالق ولا حي وله الحمد كله واجب لذاته فلا يكون إلا محمودا كما لا يكون إلا إلها وربا وقادرا

كتاب طريق الهجرتين، الجزء 1، صفحة 195.

أسامي عابرة 09-12-2009 12:26 PM

فإذا قيل الحمد كله لله فهذا له معنيان أحدهما أنه محمود على كل شيء وبكل ما يحمد به المحمود التام وإن كان بعض خلقه يحمد أيضا كما بحمد رسله وأنبياؤه وأتباعهم فلذلك من حمده تبارك وتعالى بل هو المحمود بالقصد الأول وبالذات وما نالوه من الحمد فإنما نالوه بحمده فهو المحمود أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وهذا كما أنه بكل شيء عليم وقد علم غيره من علمه مالم يكن يعلمه بدون تعليمه وفي الدعاء المأثور اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الأمر كله أسألك من الخير كله وأعوذ بك من الشر كله وهو سبحانه له الملك وقد آتى من الملك بعض خلقه وله الحمد وقد آتى غيره من الحمد ما شاء وكما أن ملك الخلوق داخل في ملكه فحمده أيضا داخل في حمده فما من محمود يحمد على شيء مما دق أو جل إلا والله المحمود عليه بالذات والأولوية أيضا وإذا قال اللهم لك الحمد فالمراد به أنت المستحق لكل حمد ليس المراد به الحمد الخارجي فقط المعنى الثاني أن يقال لك الحمد كله أي الحمد التام الكامل فهذا مختص بالله ليس لغيره فيه شركة والتحقيق أن له الحمد بالمعنيين جميعا فله عموم الحمد وكماله وهذا من خصائصه سبحانه فهو المحمود على كل حال وعلى كل شيء أكمل حمد وأعظمه كما أن له الملك التام العام فلا يملك كل شيء إلا هو وليس الملك التام الكامل إلا له وأتباع الرسل يثبتون له كمال الملك وكمال الحمد فإنهم يقولون إنه خالق كل شيء وربه ومليكه لا يخرج عن خلقه وقدرته ومشيئته شيء البتة فله الملك كله والقدرية المجوسية يخرجون من ملكه أفعال العباد ويخرجون سائر حركات الملائكة والجن والإنس عن ملكه وأتباع الرسل يجعلون ذلك كله داخلا في ملكه وقدرته ويثبتون كمال الحمد أيضا وأنه المحمود على جميع ذلك وعلى كمال الحمد أيضا وأنه المحمود على

كتاب طريق الهجرتين، الجزء 1، صفحة 196.


أسامي عابرة 09-12-2009 12:27 PM

جميع ذلك وعلى كل ما خلقه ويخلقه لما له فيه من الحكم والغايات المحمودة المقصودة بالفعل وأما نفاة الحكمة والأسباب من مثبتي القدر فهم في الحقيقة لا يثبتون له حمدا كما لا يثبتون له الحكمة فإن الحمد من لوازم الحكمة والحكمة إنما تكون في حق من يفعل شيئا لشيء فيريد بما يفعله الحكمة الناشئة من فعله فأما من لا يفعل شيئا لشيء البتة فلا يتصور في حقه الحكمة وهؤلاء يقولون ليس في افعاله وأحكامه لام التعليل وما اقترن بالمفعولات من قوى وطبائع ومصالح فإنما اقترنت بها اقترانا عاديا لا أن هذا كان لأجل هذا ولا نشأ السبب لأجل المسبب بل لا سبب عندهم ولا مسبب البتة إن هو إلا محض المشيئة وصرف الإراة التي ترجح مثلا على مثل بل لا مرجح أصلا وليس عندهم في الأجسام طبائع وقوى تكون أسبابا لحركاتها ولا في العين قوة امتازت بها على الرجل يبصر بها ولا في القلب قوة يعقل بها امتاز بها عن الظهر بل خص سبحانه أحد الجسمين بالرؤية والعقل والذوق تخصيصا لمثل على مثل بلا سبب أصلا ولا حكمة فهؤلاء لم يثبتوا له كمال الحمد كما لم يثبت له أولئك كمال الملك وكلا القولين منكر عند السلف وجمهور الأمة ولهذا كان منكرو الأسباب والقوى والطبائع يقولون العقل نوع من العلوم الضرورية كما قاله القاضيان أبو بكر بن الطيب وأبو يعلى بن الفراء وأتباعهما وقد نص أحمد على أنه غريزة وكذلك الحارث المحاسبي وغيرهما فأولئك لا يثبتون غريزة ولا قوة ولا طبيعة ولا سببا وأبطلوا مسميات هذه الأسماء جملة وقالوا إن ما في الشريعة من المصالح والحكم لم يشرع الرب سبحانه ما شرع من الأحكام لأجلها بل اتفق اقترانها بها أمرا اتفاقيا كما قالوا نظير ذلك في المخلوقات سواء والعلل عندهم أمارات محضة لمجرد الاقتران الاتفاقي وهم فريقان أحدهما لا يعرجون على المناسبات ولا يثبتون العلل بها البتة وإنما يعتمدون على تأثير العلة بنص أو إجماع فإن فقدوا فزعوا إلى الأقيسة الشبيهة

كتاب طريق الهجرتين، الجزء 1، صفحة 197.

*** 09-12-2009 12:27 PM

يتبع

أسامي عابرة 09-12-2009 12:28 PM

والفريق الثاني أصلحوا المذهب بعض الإصلاح وقربوه بعض الشيء وأزالوا تلك النفرة عنه فأثبتوا الأحكام بالعلل والعلل بالمناسبات والمصالح ولم يمكنهم الكلام في الفقه إلا بذلك ولكن جعلوا اقتران أحكام تلك العلل والمناسبات بها اقترانا عاديا غير مقصود في نفسه والعلل والمناسبات أمارات ذلك الاقتران وهؤلاء يستدلون على إثبات علم الرب بما في مخلوقاته من الأحكام والإتقان والمصالح وهذا تناقض بين منهم فإن ذلك إنما يدل إذا كان الفاعل يقصد أن يفعل الفعل على وجه مخصوص لأجل الحكمة المطلوبة منه وأما من لم يفعل لأجل ذلك الإحكام والإتقان وإنما اتفق اقترانه بمفعولاته عادة فإن ذلك الفعل لا يدل على العلم ففي أفعال الحيوانات من الإحكام والإتقان والحكم ما هو معروف لمن تأمله ولكن لما لم تكن تلك الحكم والمصالح مقصودة لها لم تدل على علمها والمقصود أن هؤلاء إذا قالوا إنه تعالى لا يفعل لحكمة امتنع عندهم أن يكون الإحكام دليلا على العلم وأيضا فعلى قولهم يمتنع أن يحمد على فعله لأمر ما حصل للعباد من نفع فهو سبحانه لم يقصد بما خلقه نفعهم ولا خلقه لنفعهم ومصالحهم بل إنما أراد مجرد وجوده لا لأجل كذا ولا لنفع أحد ولا لضره فكيف يتصور في حق من يكون فعله ذلك حمد فلا يحمد على فعل عدل ولا على ترك ظلم لأن الظلم عندهم هو الممتنع الذي لا يدخل في المقدور وذلك لا يمدح أحد على تركه وكل ما أمكن وجوده فهو عندهم عدل فالظلم مستحيل عندهم إذ هو عبارة عن الممتنع المستحيل لذاته الذي لا يدخل تحت المقدور ولا يتصور فيه ترك اختياري فلا يتيعلق به حمد وإخباره تعالى عن نفسه بقيامه بالقسط حقيقته عندهم مجرد كونه فاعلا لا أن هناك شيا هو قسط في نفسه يمكن وجود ضده وكذلك قوله وما ربك بظلام للعبيد نفي عندهم لما

كتاب طريق الهجرتين، الجزء 1، صفحة 198.

أسامي عابرة 09-12-2009 12:29 PM

هو مستحيل في نفسه لا حقيقة له كجعل الجسم في مكانين في آن واحد وجعله موجودا معدوما في آن واحد فهذا ونحوه عندهم هو الظلم الذي تنزه عنه وكذلك قوله يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا فالذي حرمه على نفسه هو المستحيل الممتنع لذاته كالجمع بين النقيضين وليس هناك ممكن يكون ظلما في نفسه وقد حرمه على نفسه ومعلوم أنه لا يمح الممدوح بترك ما لو أراده لم يقدر عليه وأيضا فإنه قال وجعلته محرما بينكم فالذي حرمه على نفسه هو الذي جعله محرما بين عباده وهو الظلم المقدور الذي يستحق تاركه الحمد والثناء والذي أوجب لهم هذا مناقضة القدرية المجوسية ورد أصولهم وهدم قواعدهم ولكن ردوا باطلا بباطل وقابلوا بدعة ببدعة وسلطوا عليهم خصومهم بما التزموه من الباطل فصارت الغلبة بينهم وبين خصومهم سجالا مرة يغلبون ومرة يغلبون لم يستقر لهم النصرة وإنما النصرة الثابتة لأهل السنة المحضة الذين لم يتحيزوا إلى فئة غير رسول الله ولم يلتزموا غير ما جاء به ولم يؤصلوا أصلا ببدعة يسلطون عليهم به خصومهم بل أصلهم ما دل عليه كتاب الله وكلام رسوله وشهدت به الفطر والعقول

كتاب طريق الهجرتين، الجزء 1، صفحة 199.




الساعة الآن 10:25 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com