منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   منبر التزكية والرقائق والأخلاق الإسلامية (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=122)
-   -   @@@ ففروا الى الله @@@ (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=4785)

( أم عبد الرحمن ) 10-05-2006 09:59 PM

@@@ ففروا الى الله @@@
 
" ففروا الى الله "حقيقة الفرار الهروب من شيءٍ إلى شيء ، من شيءٍ مخيف إلى شيءٍ آمن ، من شيءٍ مزعج إلى شيءٍ مُطَمْئِن .

والفرار أيها الإخوة نوعان ؛ فرار السعداء وفرار الأشقياء ، فرار السعداء إلى الله عزَّ وجل، وفرار الأشقياء فرارٌ منه لا إليه ، فرارٌ منه إلى الدنيا ، إلى المعاصي ، فرار السُعداء فرارٌ من الدنيا إلى الله ، أما فرار السعداء الفرار منه إليه ، ففرار أوليائه ، قال ابن عباس في قوله تعالى: ( ففروا الى الله ) ...

أي فروا منه إليه ، من عقابه إلى جنَّته ، من معصيته إلى طاعته ، فروا مما سوى الله إلى الله ، فروا من الأغيار إلى الله ، فروا من الشُركاء إلى الله ، وقال آخرون : اهربوا من عذاب الله إلى ثوابه بالإيمان والطاعة، عملية فرار من شيء مخيف إلى شيء مُسْعِد .


فالفرار منزلةٌ من منازل السالكين إلى الله عزَّ وجل .

هناك معنى آخر للفرار ، فرارٌ من الجهل إلى العلم ، عقداً وسعياً ، من الجهل إلى العلم ، أن تعتقد وأن تسعى ، ومن الكسل إلى التشمير ، جِدَّاً وعزماً ، ومن الضيق إلى السَعَةِ ، ثقةً ورجاءاً ، من الجهل إلى العلم اعتقاداً وسعياً ، من الكسل إلى التشمير جداً وعزماً ، ومن الضيق إلى السعة ثقةً ورجاءاً ، يقول عليه الصلاة والسلام :

" شمروا فإن الأمر جد "

شمروا هذه منزلة الفرار .

" تأهبوا فإن السفر قريب "

" تزودوا فإن السفر بعيد "

" أخلصوا النية فإن الناقد بصير "

" أكثروا الزاد فإن المسافة بعيدة "

" خففوا الأثقال فإن في الطريق عقبةً كؤود "

" جدد السفينة يا أبا ذر فإن البحر عميق "

" شمروا فإن الأمر جد "

عملية الفرار عملية فيها درجة عالية من الاهتمام والجدية والعزيمة .

( أم عبد الرحمن ) 10-05-2006 10:07 PM

من معاني الفرار إلى الله : أن تهرب من ضيق الصدر بالهم والغم والحزن والمخاوف التي تعتري الإنسان في هذه الدار ؛ إلى سعة الإيمان وأُفُقِ الإسلام ورحابة طاعة الرحمن .

الفرار مما يتعلق بأسباب مصالحه ، الإنسان له مصالح متشابكة ؛ في أرض لم تسجَّل ، في بيت لم يتم بيعه ، في شركة لم يتخالص فيها الشركاء ، في إرث لم يوزَّع ، هذه كلها هموم ساحقة وضاغطة وماحقة ، فالإنسان يهرب من هذه المصالح وما يتعلَّقُ بها من ماله وبدنه وأهله وعدوه ، يهرب من ضيق صدره إلى سعة فضاء الثقة بالله تبارك وتعالى ، وكأن الإنسان إذا حج بيت الله الحرام يقول : لبيك اللهم لبيك ، استجابةً لك يا رب بعد استجابة ، وكأن الله يدعوه ويقول: تعال إلي يا عبدي ، تعالَ اخرج من همومك ، ومن ضيق صدرك ، ومن ثقل مصالحك ، تعال إلي ، حُطَّ همومك عندنا .

إذاً المؤمن يفر من ضيقٍ يعتريه ، من ضيق الهم ، وضيق الغم ، وضيق الحزن ؛ إلى سعة فضاء الثقة بالله تبارك وتعالى ، وصدق التوكل عليه ، وحسن الرجاء لجميل صنعه به ، وتوقع المرجو من لطفه وبره ، ومن أحسن كلام العامة : لا هم مع الله ، أي أنه على كل شيء قدير ، كل من حولك بيد الله ، الأقوياء بيده ، والضُعفاء بيده ، وأهلك بيده ، أعضاؤك بيده ، أجهزتك بيده ، خلاياك بيده ، نمو الخلايا بيده ، أعضاؤك النبيلة بيده، لا هم مع الله ، من عرف الله ليس له هم ، الأمر كله عائدٌ إليه ، وقال تعالى :

( ومن يتق الله يجعل له مخرجا . ويرزقه من حيث لايحتسب )

يارب نازلةٍ ضاق بها الفتى ذرعا وعنـد الله مـنها المخـرج

نزلت فلما استحكمت حلقاتهـا فرجت وكان يظن أنها لا تفرج


أحد العلماء في تفسير قوله تعالى :

( ومن يتق الله يجعل له مخرجا )

قال : يجعل له مخرجاً من كل ما ضاق على الناس .

وقال بعضهم : مخرجاً من كل شدة ، وهذا جامعٌ لشدائد الدنيا والآخرة ، ومضائق الدنيا والآخرة ، فإن الله جلَّ جلاله يجعل للمتقي من كل ما ضاق على الناس واشتد عليهم في الدنيا والآخرة مخرجاً .

وقال بعضهم والإمام الحسن منهم : مخرجاً مما نهاهم عنه ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه .

الآن كلما كان العبد حسن الظن بالله ، حسن الرجاء له ، صادق التوكُّل عليه ، فإن الله لا يخيب أمله فيه البَتَّة ، سبحانه لا يخيِّبُ أمل آمل، ولا يضيع عمل عامل ، وعبر عن الثقة وحسن الظن بالسعة فإنه لأشرح للصدر وأوسع له بعد الإيمان من ثقته بالله ورجائه له وحسن ظنه به ، هذا معنى :
( ففروا الى الله )

من الضيق إلى السَعَة ، من الخوف إلى الطمأنينة ، من هموم الدنيا إلى التطلع للآخرة .

الآن لو تعمقنا قليلاً ، هناك فرار من الرسوم إلى الأصول ، من مظاهر الدنيا ، من قصورها ، من بيوتها ، من نسائها ، من مركباتها ، من تجارتها ، من أموالها ، من حدائقها ، من بساتينها ، من الرسوم إلى الأصول ، ومن الحظوظ إلى التجريد ، أرباب العزائم لا يقنعون برسوم الأعمال وظواهرها ؛ بل يعتدَّون بأرواحها وحقائقها ، فلا يرضى أن يصلي صلاة جوفاء، ولا أن يصوم صياماً لا معنى له ، ولا أن يحج البيت سائحاً، ولا أن ينفق ماله رئاءاً ، الصور لا تعنيه كثيراً تعنيه الحقائق ، وهم حينما عملوا بهذه الحقائق جعلوها هي المطلوبة ، ولم يجعلوا هذه الصور من مقصدهم ولا منتهى آمالهم بل جعلوا حقائقها هي المطلوبة .

( أم عبد الرحمن ) 10-05-2006 10:14 PM

أيها الإخوة ... الفرق بين واقع المسلمين اليوم أنهم تعلقوا بالصور ، وتعلقوا بالمظاهر ، وتعلقوا بالألقاب العلمية ، وتعلقوا بالكتب، ولكن الإيمان الحقيقي أن تتعلق بالله جل جلاله ، وأن تصل إليه ، من الممكن أن تقيس إيمانك بقدرتك على الاتصال بالله عزَّ وجل ، فالذي لا يقدر أن يتصل بالله فمعنى ذلك أن عنده مشكلة ، في عقبات ، هناك عقبات كأداء تحول بينه وبين أن يتصل بالله عزَّ وجل ، هذه العقبات ينبغي أن تُزال ، فالمؤمن حكيم نفسه ، فإذا صلى ولم يشعر بشيء ، وقرأ القرآن فلم يشعر بشيء ، وذكر الله ولم يشعر بشيء ، فهنالك مشكلة كبيرة ، معنى هذا أن الطريق إلى الله غير سالك ، معناه في سوء ظن بالله ، أو في شبهة ، أو في معصية ، أو في مخالفة ، والإنسان حكيم نفسه .

فمن يومين زارني أخ ، وقال لي : لصوص اقتحموا بناء لي وأخذوا حاجات بمئة ألف ، أعجبني منه هذا الورع ، قال لي : والله لم آسف على ما ضاع مني ، ولكنني قلقٌ على مكانتي عند الله ، لعل هذا عقابٌ أستحقه بذنبٍ لا أعلمه ، فقلقه لا من ضياع هذا المبلغ ؛ ولكن خوف أن تكون مكانته عند الله مهزوزة ، قلت له : والله إني أكبرتك ، أكبرت فيك هذا الورع ، وذاك الحرص .

فالمؤمن الصادق يقلقه ألا يكون الله راضياً عنه ، ولو رضي عنه كل الناس ، الأصل أن يرضى الله عنك ، الأصل أن يحبك الله ، الأصل أن يقبلك الله ، الأصل أن يقبل عملك ، فهؤلاء الذين ـ أنا اقول مما يعمل في الحقل الديني ، رواد المساجد ، المؤمنون ، طلاب العلم ـ هؤلاء ينبغي ألا تعنيهم المظاهر ، يجب أن تعنيهم الحقائق ، ينبغي ألا تعنيهم الرسوم ، ينبغي أن تعنيهم الحقائق .


فِر ، حركة سريعة ، حركة فيها عزيمة ، حركة فيها جِد ، حركة فيها اهتمام ، حركة فيها بطوله ، فروا إلى الله ، فهل من الممكن أن تحاسب نفسك قبل عشرين سنة عن شيء أكلته ولم تدفع ثمنه في مطعم ؟ ممكن ، من الفرار ، هل من الممكن أن تحاسب نفسك حساب عسير عن كلمة قلتها لا ترضي الله ، عن درهمٍ أنفقته في ما لا يرضي الله ؟ فهذا الذي فر إلى الله له اهتمامه الشديد ، وعزيمته الصادقة ، وإقباله على الله ، ولا تعنيه الرسوم .

" رب أشعث أغبر ذي طمرين تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبره " .

( كنز العمال : عن " أبي هريرة " )

" رب درهمٍ سبق ألف درهم درهمٌ أنفق في إخلاص خيرٌ من مئة ألف درهم أنفقت في رياء "

والعبرة أن تبتغي الرفعة عند الله ، الرفعة عند الناس سهلة ، كن غنياً يعظمك الناس ، كن قوياً يخافك الناس ، كن وسيماً ينظر الناس إليك بكل عيونهم ، أعطهم سؤلَهُم يحبك الناس ، العبرة أن تبتغي الرفعة عند الله، هذا معنى الفرار إلى الله ..

الفرار فيه سرعة ، لا إنسان يفر ببطء ، هارب من عدو وماشٍ خطوة خطوة ، ليس هذا هو الفرار ، الفرار فيه سرعة ، والفرار من شيء مخيف إلى شيء مسعد ، من مكان مقلق إلى مكان آمن ، الفرار من ضيق إلى سَعَة ، من خوف إلى طمأنينة ، من قهر إلى سيطرة ، الفرار الذهاب من هَم إلى سعادة ، هذا هو الفرار ، فروا إلى الله ، فروا منه إليه، فروا من معصيته إلى طاعته ، فروا من شركائه إليه ، من الأغيار إليه ، الفرار إلى الله منزلة من منازل السالكين في منازل إياك نعبد وإياك نستعين .

والحمد لله رب العالمين

المصدر : مدارج السالكين

أبو فهد 05-07-2006 12:47 PM


... بسم الله الرحمن الرحيم ...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم أخيتي الكريمة مشرفتنا القديرة ( الجنة الخضراء ) وجزاكم خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

... معالج متمرس ...

لقاء 13-05-2009 08:57 AM

( ومن يتق الله يجعل له مخرجا . ويرزقه من حيث لايحتسب )


جزاك الله خيراً اختي الغالية أم عبد الرحمن


موضوع قيم ..ومميز ...


لا حرمك الله الأجر والمثوبة ...

*** 13-05-2009 09:53 AM

بارك الله فيك وعليك أختنا الفاضلة أم عبد الرحمان


الساعة الآن 08:26 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com