منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   المنبر الإسلامي العام (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=87)
-   -   كلّ بعمل على شاكلته (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=73846)

اخت المحبه 09-03-2019 10:37 AM

كلّ بعمل على شاكلته
 




قال تعالى :
(قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ
بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا ) الإسراء/ ٨٤.
🕌

كل عمل يجترحه الإنسان فهو على شاكلته..
وليس بغائب عن إدراكه..
فهو يعرف مايصدر منه ويعيه ..
ويدرك مدى سلامة عمله أو نقصه
أو صلاح عمله أو فساده..
وهو بسلوكه وطريقة تعامله..
و بناء على مايصدر عنه
من عمل اختاره خيراًكان أم شراً .
ومن خلال طريقته وتفكيره..
يحقق ذاته الإنسانية..
ويكوّن نظرته للناس ، وقيمته في نظرهم .
🕌

ولكن ماذا تعني( شاكلته )؟
هنالك عدة تفاسير جاءت لتوضح معنى الكلمة
والمقصود بها ...
فابن عباس قال : على ناحيته .
وقال مجاهد : على حدته وطبيعته .
وقال قتادة : على ماينوي .
وقال ابن زيد : على دينه .
🕌

وعن الفراء والزجاج من أهل اللغة أن
(الشاكلة) بمعنى:
الطريقة والمذهب ..!
واختار هذا المعنى الزمخشري والرازي؛
لقوله تعالى في ختام الآية:
{فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا**
أي: أصح طريقاً، وأوضح منهاجاً.
فـ (الشاكلة) بحسب هذا القول:
الطريقة والسيرة التي اعتادها صاحبها، ونشأ عليها.
وأصلها شاكلة الطريق،
وهي الشعبة التي تتشعب منه وجمعها شواكل .
🕌

والسؤال المطروح :
هل يستطيع الإنسان الحكم على نوايا وأعمال الناس
حكماً صحيحاً
أم أن ( شاكلته ) هي التي توجه أفكاره..
واعتقاده وحكمه فيهم ؟
الكثير منا يقيّم الناس من خلال طبيعته ..
ومكوناته الأ خلاقية ..
فهذا يرى جانب الخير فيهم لأن طبيعة الخير فيه هي الغالبة
وذلك يراهم من منظور الريبة..
لأن قلبه مطبوع على سوء الظن..!
🕌

والآية الكريمة تبيِّن لنا كيفية نظرتنا إلى أعمال الناس
وتفاعلنا وتعاملنا وحدودنا تجاهها.
فالحق سبحانه ينبِّهنا إلى طبيعة في خلق الإنسان ..
وأن عمله يوافق شاكلته ..
وأنه واعٍ إلى طبيعة يأتيه وقادر على تقييم ومعرفة
مدى صلاح وخيرية أعماله ..
او مدى فسادهاوشرها...
وما دام يعرف طبيعة مايقترفه من عمل
إن كان صالحاً أو فاسداً ، خيراً أو شراً ..
إذًا فهو مدرك ،حر الإرادة ، قادر على الاختيار ..
بين الاقتراب من سبل الرشاد والاستقامة ..
أو الابتعاد عنها واتباع ماتراوده نفسه..
وتمليه عليه شاكلته .
🕌

إذن يجب أن تكون نظرتنا للناس ..
بعيدة عن سوء الظن ..
وبدلاً من اتباع طريقة الشكوك والتوجس والريبة
والمقارعة المباشرةوالانتقاد..
بما قد تمليه طبيعة البعض
علينا أن نبني أحكامنا على حسن الظن..
والصلاح والخير..
فنحن لانعلم بالسرائر...
ولذايجب أن نبتعد عن التأويل..
و نتبع منهج اليقين .
وبتلك الروح السمحة والتعامل الطيب ..
يوجه الإنسان طبيعته لتستقيم في التعامل مع الناس
أما إذا لم يدرب نفسه على تقويم اعوجاجها
وأصر على اتباع هواها مختاراً وسلك سبيل المعصية
فقد خسر خسراناً مبيناً..
ظلم نفسه باتباع انحرافها بدل تقويمها
وظلم الناس بسوء ظنه وسوء تعامله معهم .
🕌

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه :
قرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر فيه آية
أرجى وأحسن من قوله تبارك وتعالى:
{قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً** الإسراء/ 84.
فإنه لا يشاكل بالعبد إلا العصيان ..
ولا يشاكل بالرب إلا الغفران.
🕌

إذن كل إنسان يعمل على مايشاكل أصله واخلاقه التي ألفها
وفي ذلك مدح للمؤمن وذم للكافر
وهذا ماقاله ابن كثير .

🕌
وقد جوز الرازي أن يكون المراد بـ (الشاكلة):
أن كل أحد يفعل على وَفْق ما شاكل جوهر نفسه،
ومقتضى روحه ؛
فإن كانت نفسه مشرقة حرة ظاهرة علوية،
صدرت عنه أفعال فاضلة كريمة،
وإن كانت نفسه كدرة نذلة خبيثة ظلمانية سفلية،
صدرت عنه أفعال خسيسة فاسدة.
مصداقاً لقوله تعالى:
{والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه
والذي خبث لا يخرج إلا نكدا** الأعراف / ٥٨
وما جوزه الرازي قريب مما جاء من تفاسير .
🕌

إن الله سيجزي كل عامل بعمله ..
فإنه لايخفى عليه شيء..
فليعمل كلّ على شاكلته فسيلقى جزاءه العادل ..
والله تعالى أعلم بمن يصلح للهداية فيهديه ..
ومن لايثمر فيه الإصلاح فيتركه لنفسه تورده المهالك ..
🕌

قال الشوكاني في :
{فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا**
لأنه الخالق لكم، العالم بما جُبلتم عليه من الطبائع،
وما تباينتم فيه من الطرائق،
فهو الذي يميز بين المؤمن الذي لا يُعْرِضُ عند النعمة،
ولا ييأس عند المحنة،
وبين الكافر الذي شأنه البطر للنعم،
والقنوط عند النقم.

🕌
وأخيراً..
فالقيمة المستخلصة من الآية :ترغيب وحث المؤمنين على الاستمرار..
في سلوك طريق الهدي القويم، والثبات عليه ..
وعدم النكوص باتباع الطرق التي تشتت المؤمن
فتضله عن سبيل الله..
وتحذير الضالين من سوء العاقبة..
إن استمروا على ماهم عليه من الغي والضلالة..
والإعراض عن الهدى.
منقول للفائدة

رشيد التلمساني 09-03-2019 02:31 PM

بارك الله فيك و نفع بك


الساعة الآن 08:29 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com