منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   منبر التزكية والرقائق والأخلاق الإسلامية (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=122)
-   -   ما أُعطيتَ يفوق ما سُلب منك بكثيرٍ (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=52477)

أسامي عابرة 06-07-2012 06:34 AM

ما أُعطيتَ يفوق ما سُلب منك بكثيرٍ
 
ما أُعطيتَ يفوق ما سُلب منك بكثيرٍ


بعد 20 سنة اكتشفت السرَّ الذي سمَّم عيشي، وكدَّر عِيشتي، وهو أنني طالما نظرتُ إلى ما وُهِبَ غيري من الخيرِ، وغفَلتُ عمَّا ابْتُلِيَ به وعوفِيتُ منه..



أيها المحزونُ المهمومُ، انظر إلى مَن حولك، آلافٌ وملايين من البشر يرون فيك نِعمًا لا تراها، يُبصِرونك ملِكًا حاز كنوزَ قارون... انظر إلى ذلك الطَّريدِ الشريد، الفارِّ برقبتِه، كيف حالُه، وهو خائفٌ يترقَّب؟! كيف يعيش الهمَّ والغمَّ حتى في أبسطِ أمورِه؟! نومُه ينغِّصُه الهلَعُ، وأكلُه يغصِّصُه الفزعُ، انظر إلى السجونِ، وكم فيها من قاتلٍ لأعزِّ النَّاسِ عنده وأقربِهم إلى فؤادِه! انظر إلى تلك المستشفياتِ، وكم تضمُّ بين أجنحتِها مَن فقد حياتَه وحراكَه، موتًا دماغيًّا، وشللاً رباعيًّا، وذهابَ سمعٍ وبصَرٍ، وفِقدانَ أهلٍ؛ حتى تعلمَ كم أنت ملِكٌ!



ثم تأمَّل ما حولك من الفقراءِ الذين وصل بهم الفقرُ إلى الصِّيامِ والوصالِ أيَّامًا متتاليةً، بِساطُهم الأرضُ، ولحافُهم السَّماءُ، وإفطارُهم على النيةِ، وقُوتُهم - إن وجدوا - الخبزُ اليابس.



انظر إلى مَن فَقَد عائلتَه كلَّها، ومَن ودَّعَ أطرافَه جميعَها؛ لتعلمَ كم أنت في عافية، انظر إلى مَن مات كافرًا على الخزيِ والعارِ والعذابِ الأبديِّ، أو عاقًّا أو مدمنَ مخدِّراتٍ، كيف كانت ميتَتُه؟! انظر إلى مَن حُكِمَ عليه بالسجنِ مدى الحياةِ، ماذا يصارعُه من الهمومِ والخوفِ والأمراض النَّفسيةِ والجسديَّةِ؟!



انظر إلى مَن كان بالأمس ملِكًا مطاعًا، فأُنزِلَ من عرشِه وأصبح سجينًا مُهانًا، مشتَّتَ الأهلِ والأولادِ، يُمسي وهمومُه وأحزانُه تأكلُ معه وتُمسي.



فانظر إلى نِعَم اللهِ فيك، ولا تتفقَّدْ ما أخذه ربُّك منك؛ فقد أعطاك أكثرَ ممَّا أخذ، وعافى أكثرَ مما ابتلى، وستر أكثرَ ممَّا هتك... فانظر إلى ثلاثةِ أرباع الكوبِ الممتلئِ، ولا تنظُرْ إلى الرُّبع الفارغ.



يقول ابن رجبٍ - رحمه الله -: "إذا أردتَ أن تعرفَ نِعَمَ اللهِ عليك، فأغمِضْ عينَيْكَ"، وصدق - رحمه الله - إذا أغمضتَ عينَيْكَ عمَّا حولك، عرفتَ قدرَ النِّعمِ التي حولك، قريبةً أو بعيدة، صغيرةً أو كبيرة، وما في نِعَمِ الله عليك من صغيرٍ، فهذه حاسَّةٌ واحدةٌ إذا فقدتَها وحدها، فقدتَ نصفَ نعيمِ الدُّنيا؛ فلن تسلمَ مِن جدارٍ تصطدمُ به، وحفرةٍ تهوِي بها، وتُحرَمُ من زينةِ الحياة؛ ألوانها وأشكالها.



يقول نبيُّك - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((انظُروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظُروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدرُ ألاَّ تزدروا نعمةَ ربِّكم عليكم)).



الإنسانُ إذا أُصيب بمرضٍ يسير أو خطير، هان عنده كلُّ شيءٍ، ولَم يطلبْ إلا العافيةَ، وأنت تملِكُها، والعافيةُ في الدِّين أعظم ُمن العافيةِ في البدنِ، ومَن رُزِقَ الاثنتين، فقد حاز الحُسنيين، وما سواهما فهو نافلةٌ.



إذا رأيتَ إنسانًا أطرافُه الأربعةُ مقطوعةٌ، والناسُ يتصدَّقون عليه، علمتَ قدرَ ما وهَبَك ربُّك.



لذلك أذكر لك:

يقولُ أحدهم: كنتُ كأنما أعيش في زنزانةٍ انفردايَّةٍ، والنَّاسُ يزورونني، أو كأنِّي فوق رأسِ جبلٍ، والناس يمرُّون بي، وليس لي همٌّ إلا أنْ أعددَ النِّعمَ التي وهبَهم اللهُ إياها؛ أنظرُ إلى الأموالِ في أيديهم والأرصدةِ التي خلفهم، بينما أنا رجلٌ مستورُ الحالِ، أرى كثرةَ أولادِهم، فكل مرَّةٍ تحدِّثني زوجتي: هل علمتَ أنَّ فلانًا رُزِقَ بولدٍ ذكَرٍ؟! مع أنني - ولله الحمدُ - عندي ولدانِ، ولكن أنظرُ إلى أولئك كأنما زوجاتُهم يحملْن في السَّنة مرَّتين... عشتُ على هذه الحال مقارِنًا لحالي بحالِهم، وعَيشي بعَيشِهم، على ما هم فيه من بُعْدٍ عن الدِّينِ والصَّلاة والخيرِ؛ ولذلك طالت تأوُّهاتي، ونسيتُ النَّعيمَ الذي أنا فيه، حتى جاء ذات يوم فوقعتْ عيني صدفةً على ما يعانيه أحدُهم إلى درجةِ أنَّه أجهش بكاءً من الحالةِ النَّفسيةِ، وكأنَّه طفلٌ صغير؛ فعلمتُ أنَّ بيوتَهم تخبِّئُ ما يكون خلف الكواليس.



كنت طالما أنظرُ إلى ما وُهِبوا من الخيرِ، وأغفُلُ عمَّا ابتُلوا به، وعوفيتُ أنا منه؛ صاحبُ الأموال جاءته الكوارثُ من أموالِه، وتنغَّص عيشُه، وذهب ربع حياتِه في شِكاياتٍ للمحاكم ومراجعةٍ للمستشفيات، وصاحبُ الأولاد خرج به الشَّيبُ مبكِّرًا، وصوَّرت تجاعيده الأيام من تردُّدِه على دوائرِ الشُّرطةِ، والاستنجادِ بذوي الهيئاتِ ليَشفعوا في أولادِه، وتذكَّرتُ قولَ الله - تعالى -: ? أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ ? [المؤمنون: 55، 56]؛ فعرفتُ أن ما صُرِفَ عنِّي إنما هو خيرٌ لي، ونعمةٌ تضاف إلى نِعَمِ اللهِ عليَّ، فتلذَّذتُ بالحياة، وكلما أبصرتُ نعمةً أتتْ أحدًا من النَّاس مما يراه الناسُ خيرًا وأراد الشَّيطانُ أن يُذهبَ نفسي حسراتٍ، تذكرتُ ما ابتلِيَ به، أو سُلِبَ منه من الخير، وما أُعطيتُ أنا أو دُفع عنِّي من الشرِّ؛ فحمدتُ ربِّي.



ومضة:

يقول شيبان الراعي ناصحًا سفيانَ بنَ عُيينةَ: يا سفيانُ، عُدَّ منْعَ اللهِ عنك عطاءً منه لك؛ فإنَّه ما منعك بُخلاً عليك، ولكن منَعك لطفًا بك.



(في حال النقل من المادة نأمل الإشارة إلى كتاب "ولكن سعداء.." للكاتب أ. محمد بن سعد الفصَّام، )

لحظة عبور 06-07-2012 10:02 AM

بارك الله فيك أخيتي وبوركت

أسامي عابرة 06-07-2012 02:11 PM


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وفيكِ بارك الله أختي الحبيبة لحظة عبور

سرتني إشراقتكِ الغالية وحسن قولكِ

رزقكِ الله خيري الدنيا والآخرة

في حفظ الله ورعايته

شذى الاسلام 30-12-2012 07:45 AM

ومضة:

يقول شيبان الراعي ناصحًا سفيانَ بنَ عُيينةَ: يا سفيانُ، عُدَّ منْعَ اللهِ عنك عطاءً منه لك؛ فإنَّه ما منعك بُخلاً عليك، ولكن منَعك لطفًا بك.


موضوع رائع بالفعل ..وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ..
الحمد لله دائما وابدا ً

حقيقة جهد طيب ونقل موفق بارك الله فيكِ اختي الحبيبة
ام سلمى..

أسامي عابرة 31-12-2012 05:48 AM



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وفيكِ بارك الله أختي الحبيبة شذى الإسلام


سرتني إشراقتكِ الغالية وتعليقكِ الطيب المبارك


رزقكِ الله خيري الدنيا والآخرة




وجدْتُني ها هُنا 19-01-2015 02:34 AM

يقول نبيُّك - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((انظُروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظُروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدرُ ألاَّ

تزدروا نعمةَ ربِّكم عليكم)).

لو اطاعوا نبينا صلى الله عليه وسلم .. لسلمنا الشحناء والحسد والهموم ..

ثق تماما بان ما لديك قد كتبه الله لك .. وهو من نصيبك ورزقك ..

أسامي عابرة 19-01-2015 04:43 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله
فيكِ أختي الحبيبة

سرتني إشراقتكِ الغالية وتعليقكِ الطيب المبارك

رزقكِ الله خيري الدنيا والآخرة

رجائي في ربي 26-03-2015 11:08 AM

موضوع في قمة الروعة والافادة،
سلمت أناملك أستاذة أم سلمى

أسامي عابرة 26-03-2015 09:02 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الله يسلمكِ بارك الله فيكِ أختي الحبيبة رجاء

الرائع إشراقتكِ الغالية وحسن قولكِ

رزقكِ الله خيري الدنيا والآخرة

الطاهرة المقدامة 21-10-2015 07:16 AM

نفع الله بك وجزاك الله كل خير
جعله الله في موازين حسناتك يوم القيامة .


الساعة الآن 07:23 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com