منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   ساحة المسابقات واستراحة الاعضاء (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=72)
-   -   أيها الفقهاء والوعاظ.. ابتسموا ! (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=13700)

أبو فهد 24-08-2007 09:35 PM

أيها الفقهاء والوعاظ.. ابتسموا !
 
أيها الفقهاء والوعاظ.. ابتسموا !

لا أذكر أنني شاهدت واعظاً دينياً عبر المنابر أو الفضائيات.. إلا ورأيتهم حازمين، ينبعث من قسماتهم الصرامة، وكأن في الأمر مصاباً جللاً، أو أن كارثة حلت بالأمة. وكان بإمكانهم أن يبتسموا، أو يتلطفوا في طريقة مخاطبتهم للآخرين، فالرفق واللين والتبسط مع الآخرين أقرب الطرق في الوصول إلى الهدف المنشود؛ وما كان ذلك ديدن العلماء والفقهاء والقضاة الأوائل.. الذين كانوا يملكون روحاً تنبعث منها السماحة واللين.. وفوق ذلك يملكون قلوباً رقيقة تشع بالعواطف الإنسانية، والمشاعر اللطيفة.. فهم بشر تخفق قلوبهم بحب الحياة والناس، ويجدون العذر لمن زلت به قدمه، وأغوته النفس الأمارة بالسوء. وقد وقع في يدي حين كنت أبحث عن كتاب في مكتبتي «كتيب» لطيف لشيخ الأدباء وأديب الفقهاء العلامة الفكه الشيخ/ علي الطنطاوي «غفر الله له» بعنوان «من غزل الفقهاء» ورأيت فيه مادة تؤيد ما كنت أرمي إلى الكتابة عنه.. يقول الشيخ (الطنطاوي) في مقدمته: «قال لي شيخ من المشايخ المتزمتين، وقد سقط إليه عدد من الرسالة فيه مقالة لي في الحب: مالك والحب، وأنت شيخ وأنت قاض وليس يليق بالشيوخ والقضاة أن يتكلموا في الحب، أو يعرضوا للغزل؟ فأجابه غفر الله له:

من أين عرفت أن العلماء قد ترفعوا عنه، والكتب مملوءة بالجيد من أشعارهم في الحب والغزل ووصف النساء. أما سمعت بأن النبي صلى الله عليه وسلم أصغى إلى كعب وهو يهدر في قصيدته التي يتغزل فيها بسعاد ويصفها بما لو ألقي عليك مثله لتورعت عن سماعه. وأن عمر كان يتمثل بما تكره أنت، وأن «ابن عباس» كان يصغي إلى إمام الغزليين «عمر بن أبي ربيعة»، وأن الحسن البصري كان يستشهد في مجلس وعظه بقول الشاعر: اليوم عندك دلها وحديثها/ وغداً لغيرك كفها والمعصم. وأن «سعيد بن المسيب» سمع مغنياً يغني:

تضوع مسكاً بطن نعمان أن مشت/ به زينب في نسوة خفرات

فضرب برجله وقال: هذا والله مما يلذّ سماعه. وهذا «عروة بن أذينة» الفقيه المحدث شيخ الإمام مالك يقول:
إن التي زعمت فؤادك ملها / خلقت هواك كما خلقت هوى لها.. إلخ القصيدة.

وراح يسرد القصائد التي قالها فقهاء عظام، وأئمة كالنجوم في سماء الفقه الإسلامي، نستشهد بآرائهم، ونعجب من علمهم وورعهم.. تدل على عواطفهم الجياشة، وتبسطهم في الحديث مع العامة.

وأنا هنا.. لا أطالب من فقهائنا، ووعاظنا، وطلبة العلم لدينا.. أن يتحولوا إلى شعراء وعشاق كي يرضونا، ولكنني أطالبهم بأن تكون الابتسامة واللين والرفق بالناس والعوام منهم على وجه الخصوص، وإيجاد العذر لمخطئهم، وتقويم عثرات من زلت به قدمه بالعطف واللين.. والابتسامة الرقيقة التي لها مفعول السحر في النفس البشرية.

وإن كنت أجد «بعض» العذر لقضاتنا الأفاضل ممن نجلهم ونحترمهم.. من جراء عملهم المضني «أعانهم الله»، فإنني لا أجد عذراً لذلك الخطيب أو الواعظ الذي يصعد المنبر ليلقي موعظته بوجه عابس، وجبين متجهم، وكأن في الأمر «مصيبة».. جاء لينقل نبأها إلى المتلقين، والذين كثيراً ما سمعوه يكرر بأن «الأمر جد خطير»، أو أن ذلك الأمر مما «يزلزل الجبال الراسيات»، «ويشيب لها الولدان»، مورداً أمثلة تبرز جانباً مظلماً من أحداث فردية.. مستشهداً بـ(قال لي أحد الفضلاء) أو المتصلين.. أو ممن أثق به!

لنتخذ من أعلامنا السابقين نبراساً في إظهار الفرح والبهجة والتفاؤل، وعدم القنوط من رحمة الله. ألا يكفي ما نعانيه من بطالة لأبنائنا، ومن غلاء، وهموم تتوالد كالقطط الريفية صباح مساء لتزيدوا كآبتنا، وتشاؤمنا. قولوا لنا بوجه سمح طلق المحيا.. «إن الله غفور رحيم»، و«إن مع العسر يسراً».. و«إن الله يغفر الذنوب جميعاً». كي نستعين بها على كل ما يؤرق حياتنا ويحيلها إلى هموم ومآسٍ لا تُطاق. دعونا نشعر -كما هو حق- أن مآلنا إلى رب كريم وسعت رحمته السموات والأرض. ابتسموا قليلاً، واتلوا علينا قول الله سبحانه وتعالى: «قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً».. وإلى الله ترجع الأمور!!

تركي العسيري

المصدر صحيفة عكاظ الخميس 10 شعبان 1428هـ الموافق 23 اغسطس 2007م العدد 14971

أبو فهد 24-08-2007 09:52 PM

وما لي أدور وأسوق لك الأخبار، وعندنا شعراء كان شعرهم أرق من النسيم إذا أسرى، وأصفى من شعاع القمر، وأعذب من ماء الوصال، وهم كانوا أئمة الدين وأعلام الهدى.ـ
هذا عروة بن أذينة الفقيه المحدث شيخ الإمام مالك يقول:ـ
إن التي زعمـت فـؤادك ملها * * * خلقت هواك كما خلقت هوى لها
فبك الذي زعمـت بها وكلاكما * * * يبدي لصاحبه الصبـابـة كلها
ويبيت بين جوانحي حـبٌّ لهـا * * * لو كان تحـت فراشهـا لأقلها
ولعمرها لو كان حبـك فوقها * * * يوماً وقد ضحيـت إذن لأظلهـا
وإذا وجدت لها وساوس سلـوة * * * شفع الفؤاد إلى الضمير فسلها
بيضاء باكرها النعيـم فصاغها * * * بلبـاقـة فـأدقهـا وأجلهـا
منعـت تحيتها فقلـت لصاحبي * * * ما كان أكثـرها لنـا وأقلها!
فدنا فقـال ، لعلهـا معـذورة * * * من أجل رقبتها، فقلت : لعلها
هذه الأبيات التي بلغ من إعجاب الناس بها أن أبا السائب المخزومي لما سمعها حلف أنه لا يأكل بها طعاما إلى الليل!.ـ
وهو القائل، وهذا من أروع الشعر وأحلاه، وهذا شعر شاعر لم ينطق بالشعر تقليدا، وإنما قال عن شعور، ونطق عن حب، فما يخفى كلام المحبين:ـ
قالت ( وأبثثتها وجدي فبحت به ): * * * قد كنت عندي تحب الستر، فاستتر
ألست تبصر من حولي؟ فقلت لها: * * * غطى هواك وما ألقى على بصري
هذا الشاعر الفقيه الذي أوقد الحب في قلبه نارا لا يطفئها إلا الوصال:ـ
إذا وجدت أوار الحب في كبدي * * * عمدت نحو سقاء الماء أبترد
هبني بردت ببرد الماء ظاهره * * * فمن لحر على الأحشاء يتّقد!؟
وهذا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أحد فقهاء المدينة السبعة الذين انتهى إليهم العلم، وكان عمر بن عبد العزيز يقول في خلافته: لمجلس من عبيد الله لو كان حيا، أحب إلي من الدنيا وما فيها. وإني لأشتري ليلة من ليالي عبيد الله بألف دينار من بيت المال، فقالوا: يا أمير المؤمنين، تقول هذا مع شدة تحريك وشدة تحفظك؟ قال: أين يذهب بكم؟ والله إني لأعود برأيه ونصيحته ومشورته على بيت المال بألوف وألوف. وكان الزهري يقول: سمعت من العلم شيئا كثيرا، فظننت أني اكتفيت حتى لقيت عبيد الله فإذا كأني ليس في يدي شيء!.ـ
وهو مع ذلك الشاعر الغزل الذي يقول:ـ
شققت القلب ثم ذررت فيـه * * * هواك فليم فالتمام الفطور
تغلغل حب عشمة في فؤادي * * * فباديه مع الخافي يسيـر
تغلغل حيث لم يبلغ شـراب * * * ولا حزن ولم يبلغ سرور
أفسمعت بأعمق من هذا الحب وأعلق منه بالقلب؟ ولم يكن يخفي ما في قلبه، بل كان إذا لقيه ابن المسيب فسأله: أأنت الفقيه الشاعر؟ يقول: "لا بد للمصدور من أن ينفث" فلا ينكر عليه ابن المسيب. وهو القائل:ـ
كتمت الهوى حتى أضر بك الكتم * * * ولامـك أقـوام ولومهـم ظلـم
ونمّ عليـك الكاشحون و قبلهـم * * * عليك الهـوى قد نم لو نفع النم
وزادك إغـراء بها طـول بخلها * * * عليك وأبلى لحم أعظمك الهـم
فأصبحت كالنهدي إذ مات حسرة * * * على إثر هند أو كمن سقي السم
ألا من لنفس لا تمـوت فينقضي * * * شقاها ولا تحيا حياة لها طعـم
تجنبـت إتيـان الحبيـب تأثمـا * * * ألا إن هجران الحبيب هو الإثـم
فـذق هجـرها إن كنت تزعم أنه * * * رشاد ألا يا ربما كذب الزعـم
ألا إن هذا هو الشعر!.ـ

بقلم: علي الطنطاوي

http://www.alnoor.info/Ali/topicbody...3&SectionID=12


الساعة الآن 02:09 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com