منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   عالم الجن والصرع الشيطاني وطرق العلاج (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=4)
-   -   ( && ردي على بعض التعقيبات المتعلقة ببعض الروابط && ) !!! (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=166)

أبو البراء 03-09-2004 09:36 AM

( && ردي على بعض التعقيبات المتعلقة ببعض الروابط && ) !!!
 
بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ،نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياكم الله يا إخوة الاسلام والإيمان والمنتدى المبارك هذا وأرجو منكم تكرما السماح لي بإبداء رأيي حول بعض النقاشات الحاصلة حول بعض الروابط كما أرجو أن لا يكون في كلامي ما يزعج فبطبعي فظ لا أحسن التعبير بالأساليب المنمقة ولعلي أبين عن حالي بعض الذي خفي على اخوتي في هذا الموقع وغيره .

أولا : أقول للأخ المهاجر وأخي أبي العالية ( أبو الليث ) وأخي أسامة غفر لنا ولهم أجمعين .
أقول لكم جميعا وبكل صدق ومحبة :

لست بخياركم ولا بخيار أدنى مسلم من عامة المسلمين ، ولست بشيخ أو فضيلة الشيخ إلا إذا كان المقصود بشيخ شيخه الدهر وأعوذ بالله أن أكون من المشايخ الذين شيخهم الشيطان وأطمع بتوفيق الله عز وجل أن يعينني بأن أكون شيخا شيخه العلم وأما ولهذه اللحظة ما أنا سوى فريخ.

فكما أعرف نفسي المقصرة بجنب الله وأشاهد كل يوم الذنوب والخطايا تحيط بي من كل جانب وأسأل الله من فضله أن يغفر لي ويلهمني سبل الرشاد أحببت بيان ذلك بعد ان قيل بحقي فضيلة الشيخ أو الشيخ وحتى لا تغتروا بهذا العبد الفقير إلى الله والذي لا يملك من الشهادات والامتيازات سوى شهادة أن لا إله إلا الله حقا وصدقا .

وتلك الشهادة التي لا أتنازل عنها أو أداهن على حسابها الطواغيت أو السادات والكبراء والتي أطلب من الله وبإلحاح أن يثبتني ويميتني عليها قولا وعملا .

هذا العبد الفقير كاتبكم
ربما ( أحيانا ) يصلي الخمس ولا يزيد ويصوم الشهر ولا يزيد ويزكي ولا يزيد ويحج ولا يزيد ويطمع أن يعمه قول الرسول صلى الله عليه وسلم : قد أفلحت إن صدقت .

أقول وبعد أن تعرفتم على أخيكم عن كثب سأدلو بدلوي فإن شئتم قبلتم وإن شئتم رفضتم وما أنا لديكم بعزيز .

إن مسألة التوسع بالرقية قد أخذت أبعادا كثيرة مما قد تسهم بالابتداع في الدين إن لم تقيد بضوابط الشرع من كتاب وسنة بفهم سلف الأمة .
وأهم الضوابط التي أخبرنا بها صلى الله عليه وسلم بقوله: اعرضوا عليّ رقاكم ، لا بأس بالرقى مالم يكن فيه شرك .

فقد بين عليه أفضل الصلاة والسلام أن الأصل الإباحة من خلال هذا الحديث والذي هو قاعدة عامة ينطلق من خلاله ما لم يأت نص بتحريمه و بين لنا بعض فضائل السور والآيات في القرآن وبأحاديث كثيرة لسنا بصدد نشرها الآن فهي معلومة لدى الجميع .
فكل الأمور المباحة من أذكار وآيات وأعشاب وعقاقير تساعد بنجاعة العلاج فهي من الشرع كما بين عليه أفضل الصلاة والسلام ، وكما بين في حديث آخر : عباد الله تداووا ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء عرفه من عرفه وجهله من جهله إلا السام ، أو الموت أو الهرم ... بألفاظ متعددة .
وكما بين ( من لم يشفه القرآن فلا شفاء له )
وكما بين ربنا جل في علاه في الآية الكريمة ( وننزل من القرآن ما هو وشفاء ورحمة للمؤمنين ) ومن كما قيل بالتفاسير .. من الكل وإن اختلف فيها على معنيين والأرجح من كل القرآن كما رجح أهل التفاسير .
وبناء على ما ذكرت أرى بنظري القاصر أن القرآن كل القرآن فيه الشفاء وربما فضلت آيات على أخرى كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم بفضائل بعض الأيات والسور و من خلال التجارب مع اليقين الجازم أنه يوجد آيات يتأثر بها الجن أكثر من غيرها من خلال المشاهد فيتم التركيز عليها دون غيرها عند بعض الرقاة وربما وجد أحدهم آية أو سورة تأثر بها الجن المتلبس وقال بها من خلال ما شاهده فلا أرى مانعا لذلك مع العلم اليقيني بأن كل القرآن فيه شفاء .
وانظروا رحمكم الله لابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ على المريض ( أفحسبتم انما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) وكان يبرأ المريض بإذن الله .
وأيضا كما حدث مع الإمام أحمد رحمه الله بأن أرسل حذاءه ليحذر الجني المتلبس ولم يزد على ذلك حتى خرج الجن من المريض . ولم يقرأ أي أية ...
وكما علمنا من الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجه ( أن عثمان بن العاص قد ألم به شيطان فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وضربه على صدره وتفل في فمه وقال أخرج عدو الله إني رسول الله فبرأ الصحابي بإذن الله وكأنه نشط من عقال .
فنجد أن الرسول لم يقرأ عليه بل قام بعمل وتهديد لا أكثر .
والموفق من وفقه الله وعلم إخلاصه وشدة توجهه إلى باريه .
وكما أن قول أو فعل الصحابي الواحد ليس بحجة على أرجح الأقوال فأيضا قول التابعي ليس بحجة حين يخالف نصا أو إجماعا وهذا من المعلوم في علم الأصول .
فالكل يأخذ من قوله ويرد عليه إلا النبي صلى الله عليه وسلم كما بين ذلك الإمام مالك رحمه الله تعالى .
وبناء على ذلك أقول :
يمكننا الأخذ من القرآن كل القرآن وإن ثبت نجاعة بعض الآيات مع بعض المرضى فلا أجد مانعا من المثابرة عليها والإزدياد من غيرها إن ثبت بالتجربة غيرها فقد ذكر بالحديث الذي بين ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله وهو موجود بمجمع الزوائد أن رجلا ألم به شيطان فقال الرسول كما يروي بالحديث ( إقرأ عليه الفاتحة و اتبعوا ما تتلوا _ وآية الكرسي _ وخواتيم البقرة وووو ألخ كما بالحديث .
أقول : وإن ثبت ضعف الحديث فبالامكان العمل به ليس من باب فضائل الأعمال كما يقول البعض بل لقوله تعالى( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) مع اليقين أن كل القرآن شفاء بإذن الله وكما أن الحديث الذي يروي عن رشدين بن سعد عن السمح بن الدراج والذي رواه أبي داوود والدارمي وابن خزيمة ( إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان ) وإن كان هذا الحديث لم يثبت سندا ولكنه ثبت متنا بدليل الآية ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر . ) فيعمل بمعنى الحديث بدليل الآية والله اعلم .
ثم نجد وللأسف أن البعض يتوسع بالرقية ويبني على تجاربه تشخيص حالات ربما الطبيب الحاذق أو شخص آخر يخالفه عليها بأدلة أو تجارب ثبت عنده خلافها فتصبح وكانها كتابا منزلا من قبل الراقي لا تقبل التأويل أو المعارضة فقط لأنه قد ثبت عنده الأمر مع العلم لو راجعنا حيثيات المسألة بدقة مع المريض لوجدنا احتمالات كثيرة تخالف ما قد بنى عليه الراقي تشخيصه .

ومن أغرب ما قرأت وسمعت حول حديث الجن الطيار والذي يقول فيه أن الجن الطيار يهرب حين الرقية ويعود بعد ذلك لأن خاصية الطيران عنده تذهب به بعيدا عن جسد المريض .
أقول سبحان الله كيف ننزل أحاديث لا تمت بصلة لمسألة اللبس أو المس إنما الحديث يدل عن إخبار يفيد وجود أصناف من الجن بتلك الصفات فينزل الحديث على أنه يهرب حين الرقية ويعود بعدها وكأن الأذكار والتحصينات التي علمنا إياها رسولنا الكريم مجرد لغو لسان وليست على الحقيقة لأنه من الممتنع أن يستطيع ذاك الطيار الدخول من جديد طالما تحصن المريض بكلام الله إما من قبل الراقي أو من قبل نفسه فهو كالذي أخرج اللص من داره ثم أحكم إغلاق الأبواب والنوافذ فيكف يدخل رحمكم الله ؟؟!!.

واما تفصيل آيات العين والسحر والمس ووو إلى آخره أقول طالما لم يأت دليل من كتاب وسنة بذكر تلك الآيات أنها لكذا او كذا فنتوقف عندها ولا نزيد ويكفينا قراءة القرآن والدعاء للمريض وتحصينه بالأذكار التي ثبتت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بأس إن دعا أحدنا للمريض أن يشفيه من سقمه مثلا بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى أو التصدق عن المريض أو مؤانسته بالكلمة الطيبة وتقوية معنوياته بحثه على التوكل الصحيح على الله جل في علاه .
مع الأخذ بالاعتبار أن المريض ربما يكون مصاب بالوهم أو المرض العضوي والذي تتشابه بها الأعراض كثيرا .
كما أجد من خلال تجاربي بالرقية .
يكفى للراقي أن يقرأ على المريض كلام الله ويعوذه بما ثبت من السنة ويدعو له لأن كاشف الضر هو الله وحده وليس الراقي بقوته فما على الراقي إلا التعاطي بالأسباب التي بينها شرعنا الحنيف والشافي هو الله وحده .
فعادة عندما أقرأ على المريض وأحسن التوكل على الله وانا كلي ثقة بأن الله لن يخيبني إن انتفت موانع الاستجابة من قبلي وقبل المسترقي ... فلا أزيد عن قراءة بعض آيات القرآن والدعاء للمريض مع رقية بعض الماء والاستحمام به ،
وإن حضر الجني فلا أعتقد أني ملزم شرعا بدعوته إلى الله وهو بالأصل معتدي ويكفينا قوله صلى الله عليه وسلم أخرج عدو الله ونحن لم نقم بالدعوة لبني جلدتنا أو مقصرين بذلك بل أكتفي غالبا بنهره وتهديده بالله جبار السموات والأرض والله يكفينا إياهم كيفما شاء .
وعلى هذا المبدأ أقول وأصرح بكل ثقة وصدق بأن أطول مدة مكث معي المريض أسبوعا واحدا
ماعدا فتاة عكفت سنة على رقيتها رغم عدم قناعتي بسحرها ولكنها فرضت عليّ فرضا وقد صدق حدسي فيها .
وكنت أستغرب وما أزال متابعة الراقي لبعض المرضى سنوات ولا يتم الشفاء دون الرجوع لسبب ذلك من موانع من قبل الراقي أو المسترقي فالراقي الحاذق ( ولا أقول بحذاقتي فأنا فريخ متطفل ولست براق متمرس ) عليه معرفة مواطن الخلل وأن لا يضيع الكثير من وقته بأمور غالبا ما يكون سببها الوهم أو المرض العضوي .
وسأرفق تجاربي بالرقية قريبا إن شاء الله وأحتاج لعلمكم وملاحظاتكم الثمينة والتي أفخر بها كثيرا .
هذا ما وقفت عليه حتى اللحظة وبجلسة واحد دون مراجعة في أي من المراجع بل من قلبي إلى الكيبورد . فأرجو بيان ما أخطأت به وأعتذر إن لم أعقب على كل ما قد قيل أو تم نقاشه في الروابط الأخرى .
والله اعلم .
إن أصبت فمن الله وإن اخطأت فمني ومني الشيطان والله ورسوله بريئان منه .

أخوكم / عمر

أبو البراء 03-09-2004 09:37 AM

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

لقد قرأت بتمعن كل ما ذكره أخي الكريم ( عمر السلفيون ) – حفظه الله ورعاه – حول الرد على بعض التعقيبات التي ذكرها ، ووجدت أننا نلتقي في كثير من المسائل التي طرحت إلا أنه استوقفني بعض النقاط ورأيت لزاماً عليَّ أن أعقب عليها بعلمي المتواضع ، وهي على النحو التالي :

المسألة الأولى : أما قوله – وفقه الله للخير فيما ذهب إليه - : ( ومن أغرب ما قرأت وسمعت حول حديث الجن الطيار والذي يقول فيه إن الجن الطيار يهرب حين الرقية ويعود بعد ذلك لأن خاصية الطيران عنده تذهب به بعيداً عن جسد المريض 0
ثم يقول : ( سبحان الله كيف ننزل أحاديث لا تمت بصلة لمسألة اللبس أو المس إنما الحديث يدل على إخبار يفيد وجود أصناف من الجن بتلك الصفات فينزل الحديث على أنه يهرب حين الرقية ويعود بعدها وكأن الأذكار والتحصينات التي علمنا إياها رسولنا الكريم مجرد لغو لسان وليست على الحقيقة 0000 ) 0

أقول وبالله التوفيق :

1)- إن المسألة اجتهاد بناء على التجارب الكثيرة والمتنوعة مع الجن والشياطين ، وكون أن تذكر أنواع الجن وأصنافها ، فهذا لا يمنع أن يعتبر الاقتران الشيطاني أحد هذه الأنواع ، بدليل أن بعض العقارب والحيات المتواجدة في البيوت كانت من قبيل الأصناف المذكورة ، وقد حصل من قِبلِها إيذاء لأهل البيت ، وكذلك العمار في البيوت ، وأذكر في سياق الحديث ما ذكرته في كتابي ( منهج الشرع في بيان المس والصرع ) حول موضوع العمار من باب الاستئناس على النحو التالي :

ذكر البلوي قصة عن سعيد بن المسيب التابعي الجليل هذا نصها :
( كان سعيد بن المسيب يلزم الصلاة في المسجد النبوي في المدينة ، فنظر ذات يوم في المسجد فلم ير فيه أحدا ممن يعرفه فنادى بأعلى صوته :
ألا ذهب الحماة وأسلموني00000000000000فوا أسفي على فقد الحمــاة
هم كانوا الثقات لكل أمر00000000000000وهم زين المحافل في الحيــاة
تولوا للقبـور وخلفوني00000000000000فوا أسفي على موت الثقـاة
فأجابه هاتف من ناحية المسجد يسمع صوته ولا يرى شخصه :
فدع عنك الثقات وقد تولوا00000000000000ونفسك فابكها حتى الممات
وكل جماعة لا بد يومــا00000000000000يفرق جمعهم وقع الشتـات
فقال له " سعيد بن المسيب " من أنت يرحمك الله ؟ فقال : أنا رجل من الجن كنا في هذا المسجد تسعين رجلا فأتى الموت على جماعتنا كما أتى على جماعتكم ولم يبق منا أحد غيري كما لم يبق منكم أحد غيرك ، ونحن يا أبا محمد لاحقون بهم عن قريب 0
قال ابن المسيب : وقد لقيته بعد ذلك بمكة وظهر لي وسلم علي ثم لم أره بعد ذلك ) ( عالم الجن والشياطين من القرآن الكريم وسنة خاتم المرسلين - ص 36 - نقلا عن كتاب ألف باء للبلوي ) 0

ذكر الشبلي - رحمه الله - في كتابه المنظوم " أحكام الجان " : ( قال أحمد بن سليمان النجاد في أماليه : حدثنا علي بن الحسن بن سليمان أبي الشعثاء الحضرمي أحد شيوخ مسلم ، حدثنا معاوية ، سمعت الأعمش يقول : تزوج إلينا جني فقلت له : ما أحب الطعام إليكم ؟ فقال : الأرز 0 قال : فأتيناه به فجعلت أرى اللقم ترفع ولا أرى أحدا فقلت : فيكم من هذه الأهواء التي فينا ؟ قال : نعم 0 قلت : فما الرافضة فيكم ؟ قال : شرنا 0 قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي تغمده الله برحمته : هذا إسناد صحيح إلى الأعمش ) ( أحكام الجان – ص 95 ) 0

وقال : ( قال ابن أبي الدنيا : عن يزيد الرقاشي : أن صفوان بن محرز المازني كان إذا قام إلى تهجده من الليل قام معه سكان داره من الجن فصلوا بصلاته واستمعوا لقراءته 0
قال السري : فقلت ليزيد : كان إذا قام سمع لهم ضجة فاستوحش لذلك ، فنودي لا تفزع يا عبدالله فإنا نحن إخوانك نقوم بقيامك للتهجد فنصلي بصلاتك 0 قال : فكأنه أنس بعد ذلك إلى حركتهم ) ( أحكام الجان - صفحة 76 ) 0

وقال أيضا : ( قال ابن أبي الدنيا : عن سوادة بن الأسود قال : سمعت أبا خليفة العبدي قال : مات ابن لي صغير فوجدت عليه وجدا شديدا وارتفع عني النوم فوالله إني ذات ليلة لفي بيتي على سريري وليس في البيت أحد وإني لمفكر في ابني إذ ناداني مناد من ناحية البيت : السلام عليكم ورحمة الله يا خليفة 0 قلت : وعليكم السلام ورحمة الله 0 قال : فرعبت رعبا شديدا ثم قرأ آيات من آخر سورة آل عمران حتى انتهى إلى قوله تعالى : ( وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ ) ( سورة آل عمران – الآية 198 ) 0 ثم قال : يا خليفة0 قلت : لبيك 0 قال : ماذا تريد أن تخص بالحياة في ولدك دون الناس ، أفأنت أكرم على الله أم محمد صلى الله عليه وسلم قد مات ابنه إبراهيم فقال : ( تدمع العين ويحزن القلب ) ، ولا نقول ما يسخط الرب ، أم تريد أن تدفع الموت عن ولدك وقد كتب على جميع الخلق ، أم تريد أن تسخط على الله وترد في تدبيره خلقه والله لولا الموت ما وسعتهم الأرض ، ولولا الأسى ما انتفع المخلوق بعيش 0 ثم قال : ألك حاجة ؟ قلت : من أنت يرحمك الله ؟ قال : امرؤ من جيرانك الجن والله أعلم ) ( أحكام الجان – ص 111 ، 112 ) 0

قال الأصفهاني : ( قال محمد بن عبدالعزيز بن سلمان : كان أبي إذا قام من الليل ليتهجد سمعت في الدار جلبة شديدة ، واستقاء للماء الكثير ، قال : فنرى أن الجن كانوا يستيقظون للتهجد فيصلون معه ) ( حلية الأولياء – 6 / 245 ) 0

فهذا أخي الكريم لا يمنع كما أشرت لك آنفاً أن يعتبر هذا النوع ممن يقترن بالإنسان فيلابسه ، وهذا الكلام لا يعتبر جزماً في المسألة ، وقد بينت أنه اجتهاد بناء على كثير من التجارب والممارسات في هذا العلم ، وليس الحديث أو إبداء الرأي فيه يعتبر اقحاماً في المسائل الرئيسة في العقيدة والدين ، واعتقادي الجازم من خلال ممارساتي وخبراتي وتجاربي خلال السنوات الطويلة بوجود مثل هذا النوع ، والله تعالى أعلم 0

2)- أما بخصوص مسألة الوقاية والحصانة بالذكر والدعاء ، فأحيلك أخي الكريم إلى الرابط التالي الذي يبين عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة في هذه المسألة المهمة :

http://www.gesah.net/vb/vb/showthread.php?threadid=7207

3)- أما قولك – وفقك الله لكل خير - : ( وعلى هذا المبدأ أقول وأصرح بكل ثقة وصدق بأن أطول مدة مكث معي المريض أسبوعاً واحداً !!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ) 0

هذا الكلام من وجهة نظري فيه نظر ، بسبب الاعتبارات التالية :

أ- إن كان لديك اليقين التام بالله سبحانه وتعالى ، وبالرقية الشرعية وهذا مما لا نشك فيه – ولا أزكي أحداً على الله سبحانه وتعالى ، فكيف بمن تقرأ عليه أخي الحبيب ، وأنت أعلم مني بأن كثير ممن طرق باب الرقية الشرعية ، قد لا يكون في الأصل ملتزماً لا بكتاب ولا بسنة ، وإنما دفعته الظروف لطلب الرقية ، وهم كثر ، ولا أبالغ أن قلت بأن النسبة تتعدى 90 % ، فهل يعقل أن أمثال هؤلاء سوف تستمر معاناتهم مدة أسبوع فقط ، وبخاصة تعرض الكثير لحالات السحر الشديدة في العصر الذي نعيش فيه وقد عاينت هذا من خلال تجربتي في الرقية الشرعية ودروبها ومسالكها ، فالشفاء من الله سبحانه وتعالى وحده ، والمسألة بشكل عام تعتمد على عدة عوامل منها : إرادة الله سبحانه وتعالى ، وعقيدة ومنهج المعالِج والمعالَج ، والتوجه والتوكل على الله سبحانه وتعالى ، والمحافظة على الذكر والدعاء وهيَّ من أقوى الوسائل في الوقاية والتحصين والإقبال على الطاعات والبعد عن المعاصي ، وأسباب كثيرة أخرى لا داعي لذكرها الآن 0

ب- ابتلاء الله سبحانه وتعالى للعبد لا يعتبر نقمة ، بل على العكس من ذلك تماماً ، وكافة الأدلة النقلية الصريحة تؤكد على هذا المفهوم ، وبالتالي فقد يتأخر الشفاء لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى ، ولا أخفيك أخي الحبيب ، فمن واقع تجربتي الشخصية في مجال الرقية ، فبعض الحالات شفيت بإذن الله عز وجل من قراءة واحدة ، والبعض الآخر كتب الله له الشفاء من عدة قراءات ، وبعض الحالات لم يُكتب لها الشفاء لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى 0

4)- أما قولك – وفقك الله لكل خير - : ( وإن حضر الجني فلا أعتقد أني ملزماً شرعاً بدعوته بدعوته إلى الله وهو بالأصل معتدي ويكفينا قوله صلى الله عليه وسلم أخرج عدو الله ، ونحن لم نقم بالدعوة لبني جلدتنا أو مقصرين بذلك بل أكتفي غالباً بنهره وتهديده ) 0

وتحت هذا العنوان أقدم بعض المرئيات والوقفات :

أ- إن كنت أنت لست ملزماً شرعاً بدعوته وهذه وجهة نظرك ، فقد يرى كثير من المعالجين بضرورة دعوة الجن والشياطين إلى الله سبحانه وتعالى ، ومعلوم أن مسألة الحوار مع الجن والشياطين فيها خلاف بين أهل العلم ، وقد بحثت هذا الأمر بحثاً مفصلاً في كتابي ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) ولأهميته فإني أقدمه للإخوة القراء تحت عنوان ( الحوار مع الجن والشياطين ، على النحو التالي :

لا بد أولا وقبل أن أتكلم عن هذا الموضوع من طرح آراء العلماء والباحثين ومعرفة موقف الشريعة المتزن من هذا الأمر ، وأذكر في ذلك ما يلي :

آراء أهل العلم والمتخصصين في ( الحوار مع الجن والشياطين ) :

إن مسألة التحدث مع الجن والشياطين ليس لها دليل شرعي ، بمعنى أنه لم يردنا دليل واحد من الكتاب أو السنة على ذلك ، ولكن الأمر واقع وقد ورد لنا بالتواتر سواء من المتقدمين أو المتأخرين ، وعليه أنقل كلام أهل العلم في ذلك :

* قال شيخ الإسلام بن تيمية : ( فيخاطب الجن بذلك ويعرفون أن هذا فاحشة محرمة ، أو فاحشة وعدوان لتقوم الحجة عليهم بذلك ، ويعلموا أنه يحكم فيهم بحكم الله ورسوله الذي أرسله إلى الثقلين الجن والإنس ) ( مجموع الفتاوى - 19 / 40 - وأنظر إيضاح الدلالة في عموم الرسالة - ص 27 ) 0

وقال – رحمه الله - : ( ومن الناس من كلمهم وكلّموه ، ومن الناس من يأمرهم وينهاهم ويتصرف فيهم ، وهذا يكون للصالحين وغير الصالحين ، ولو ذكرت ما جرى لي ولأصحابي معهم ؛ لطال الخطاب ، وكذلك ما جرى لغيرنا ، لكن الاعتماد على الأجوبة العلمية يكون على ما يشترك الناس في علمه لا يكون بما يختص بعلمه المجيب ، إلا أن يكون الجواب لمن يصدقه فيما يخبر به ) ( مجموع الفتاوى - 4 / 232 ) 0

وقال أيضاً : ( فإن الجني إذا دخل في الإنسي وصرعه وتكلم على لسانه ؛ فإن الإنسي يتغير حتى يبقى الصوت والكلام الذي يسمع منه ، ليس هو صوته وكلامه المعروف ، وإذا ضرب بدن الإنسي ؛ فإن الجني يتألم بالضرب ويصيح ويصرخ ويخرج منه ألم الضرب ، كما قد جرب الناس من ذلك ما لا يحصى ، ونحن قد فعلنا من ذلك ما يطول وصفه ) ( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – 4 / 363 ، مجموع الفتاوى – 10 / 349 ) 0

وقال – رحمه الله - : ( كما يختلف الإنسان وحاله عند الكلام إذا حلَّ فيه الجني ، وإذا فارقه الجني ؛ فإن الجني إذا تكلم على لسان المصروع ظهر الفرق بين ذلك المصروع وبين غيره من الناس ، بل اختلف حال المصروع وحال كلامه وسمع منه من الكلام ما يعلم يقيناً أنه لا يعرفه ، وغاب عقله بحيث يظهر ذلك للحاضرين ، واختلف صوته ونغمته ) ( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – 2 / 46 ، 47 ) 0

وقال : ( فإنه يصرع الرجل ؛ فيتكلم بلسان لا يعرف معناه ، ويضرب على بدنه ضرباً عظيماً لو ضرب به جمل لأثَّر به أثراً عظيماً ، والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ، ولا بالكلام الذي يقوله ، وقد يجر المصروع وغير المصروع ، ويجر البساط الذي يجلس عليه ويحول آلات ، وينقل من مكان إلى مكان ، ويجري غير ذلك من الأمور من شاهدها ، أفادته علماً ضرورياً بأن الناطق على لسان الإنسي ، والمحرك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان ) ( مجموع الفتاوى - 24 / 277 ) 0

وقال : ( فإذا حضروا سماع المكاء والتصدية أخذهم الحال ، فيزبدون ويروغون ؛ كما يفعله المصروع ، ويتكلمون بكلام لا يفهمونه هم ولا الحاضرون ، وهو شياطينهم تتكلم على ألسنتهم عند غيبة عقولهم ، كما يتكلم الجني على لسان المصروع ) ( الفتاوى العراقية – ص 82 ) 0

وقال : ( فإنه يتغير الكلام ويعرف الحاضرون أنه ليس هو كلام الإنسي ، مع أنه يتكلم بلسان الإنسي وحركة أعضائه ، فيعلم أن الصوت حصل بحركة بدن الإنسي ، مع العلم بأنه قد تغير تغيراً خالف به المعهود من كلام الإنسي ؛ فالكلام في الصورة للمصروع ، وفي الباطن للجني ، والإنسان الذي حل فيه الجني يغيب عنه عقله ولا يشعر بما تكلم الجني على لسانه ) ( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح - 4 / 12 ) 0

ومما قاله أيضاً بخصوص كلام الجني الصارع فقد يكون : ( من جنس كلام الأعاجم الذين لا يفقه كلامهم ؛ كلسان الترك أو الفرس أو غيرهم ، ويكون الإنسان الذي لبسه الشيطان عربياً لا يحسن أن يتكلم بذلك ، بل يكون الكلام من جنس كلام من تكون تلك الشياطين من إخوانهم ، وإما بكلام لا يعقل ولا يفهم له معنى ، وهذا يعرفه أهل المكاشفة ؛ شهوداً وعياناً ) ( مجموع الفتاوى – 11/574 – 575 ، الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – 2/241 ) 0

* وقد أنكر ابن حزم مسألة كلام الجني على لسان المصروع حيث يقول : ( وأما كلام الشيطان على لسان المصروع فهذا من مخاريق العزَّامين ، ولا يجوز إلا في عقول ضعفاء العجائز ، ونحن نسمع المصروع يحرك لسانه بالكلام ، فكيف صار لسانه لسان الشيطان ؟ إن هذا لتخليط ما شئت ، وإنما يلقي الشيطان في النفس يوسوس فيها ، كما قال الله تعالى : ( الَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ) ( سورة الناس – الآية 5 ) ، فهذا هو فعل الشيطان فقط 0 وأما أن يتكلم على لسان أحد فحمق عتيق وجنون ظاهر ، فنعوذ بالله من الخذلان والتصديق بالخرافات ) ( رسائل ابن حزم الظاهري - 3 / 228 ) 0

* قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : ( وقسم آخر - يعني الصرع - بسبب الشياطين والجن يتسلط الجني على الإنسي ؛ فيصرعه ويدخل فيه ويضرب به على الأرض ويغمى عليه من شدة الصرع ولا يحس ، ويتلبس الشيطان أو الجني بنفس الإنسان ويبدأ يتكلم على لسانه ، الذي يسمع الكلام يقول أن الذي يتكلم الإنسي ولكنه الجني ، ولهذا تجد في بعض كلامه الاختلاف لا يكون ككلامه وهو مستيقظ لأنه يتغير بسبب نطق الجني 0
هذا النوع من الصرع نسأل الله أن يعيذنا وإياكم منه ومن غيره من الآفات 0 هذا النوع علاجه بالقراءة من أهل العلم والخير 0
أحيانا يخاطبهم الجني ويتكلم معهم ويبين السبب الذي جعله يصرع هذا الإنسي 0 وأحيانا لا يتكلم وقد ثبت هذا !! أعني صرع الجني للإنسي بالقرآن والسنة والواقع ) ( شرح رياض الصالحين - 1 / 177 ، 178 ) 0

* قال فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - : ( إن بعض الإخوان الصالحين ذكروا أن الجن المسلمين قد يخاطبونهم ويجيبون على أسئلة يلقونها ولا نتهم بعض أولئك الإخوان بأنهم يعملون شركا أو سحرا ، فإذا ثبت هذا فلا مانع من سؤالهم ولا يلزم تصديقهم في كل ما يقولون ، والله أعلم ) ( الفتاوى الذهبية – جزء من فتوى – ص 198 ) 0

* قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - : ( لا أعلم دليلا شرعيا يثبت وقوع كلام الجني على لسان الإنسي ) ( برهان الشرع في إثبات المس والصرع – ص 51 ) 0

* قال الشيخ أبو بكر الجزائري في مقدمته لكتاب الأستاذ وحيد عبد السلام بالي في كتابه المنظوم " وقاية الإنسان من الجن والشيطان " : ( فقد أبطل به التصورات الخاطئة لفئة شبه ضالة نفت قديما وحديثا حلول الجان في الإنسان والتحدث على لسانه ، والإفصاح عن كنهه ومراده ) ( وقاية الإنسان من الجن والشيطان – ص 5 ) 0

وقال – حفظه الله - : ( تكلم الجان على لسان الشخص الذي يحل فيه ، ويتلبس به ، وإخباره بأمور لم يكن الإنسان المصاب به يعرفها ، حتى إن بعضهم ليتكلم بلغات لم يكن المصاب يعرف منها حرفاً واحداً ) ( عقيدة المؤمن – ص 210 ) 0

* قال الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع : ( وأما القول بتكذيب ما يقوله المجنون على لسان الجان ممن تلبس به بأنه فلان ، وأنه من أرض كذا إلى آخره ، فهذا شيء لا نستطيع تكذيبه ولا تصديقه لانتفاء النصوص الشرعية – فيما أعلم – على ذلك نفيا وإثباتا 0 والله أعلم ) ( مجلة الأسرة - صفحة 38 - العدد 69 ذو القعدة 1419 هـ ) 0

* قال الشيخ علي بن حسن عبدالحميد : ( فإن ثبت شيء من ذلك - ولسنا منكريه - فيكون دون توسع ، واستفصال ، ومحاورات ) ( برهان الشرع في إثبات المس والصرع – ص 51 ) 0

* قال الشيخ مشهور بن حسن سلمان : ( علماً بأن الكذب في الجن كثير جداً ، بل هو الغالب ؛ فلا ينبغي الاستطراد معهم في الكلام ولا تصديق ما يقولونه كأنه قطعي لا يقبل الشك ؛ فإن هذا باب عظيم من مداخل الشيطان وجنوده على بني الإنسان ، والله المستعان ، ومما ينبغي التنبه له هنا أمران :
الأول : لم يثبت دليل صريح صحيح على كلام الجني على لسان الإنسي 0
والآخر : لم يثبت دليل صريح صحيح فيه مخاطبة الإنسي للجني ( أو المصروع ) إلا أمره بالخروج ، وذلك في الأحاديث المتقدمة 0
فكلام شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في إقامة الحجة على الجني وظلمه للإنسي ، لا يوجد له مستند نقلي ؛ إلا أن يقال بأن الشريعة عامة للثقلين ، مع مزج ذلك بالتجاريب وما شابه ، وينبغي أن يحرر مدى مشروعية الاعتماد على التجربة في مثل هذا الباب ، والله الموفق للصواب ) ( فتح المنان في جمع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عن الجان – ص 481 – 482 ) 0

* قال الأستاذ زهير حموي : ( الاتصال بالجن أمر ممكن عقلا وشرعا ، وثابت بالكتاب والسنة والإجماع ، لكنه اتصال ليس خاضعا للمقاييس والاعتبارات العادية عند البشر ، لأنه اتصال من نوع آخر ، فقد تأتي الشياطين في صورة إنسان ، وقد تتلبس جسم إنسان ، وتتكلم بصوته وذلك في حالة الصرع ) ( الإنسان بين السحر والعين والجان - 185 ) 0

* قال صاحبا كتاب " طارد الجن " : ( وقد تكلم الجن على لسان المصابين بالمس ، وإلا من المتكلم معك بأخبار وأقوال ، المصروع نفسه يجهلها أو أشخاص يتكلمون اللهجة العامة ثم فجأة بعد الصرع يتكلم اللغة الفصحى بكل طلاقة ) ( طارد الجان – ص 51 ) 0

* وقالا أيضاً : ( يقرأ الرقية على الممسوس ، فإذا حضر الجني ، فعلى المعالج أن يعرف منه سبب دخوله بدن الإنس ، فبمعرفة سبب دخول الجني بدن الإنس يمكن مخاطبته وإخراجه 0
ويخاطب الجني فإن كان دخوله بدن الإنسي بسبب ظلم من الإنس له فعلى المعالج أن يعلمه بأن هذا الإنس لا يعلم بمكان وجوده ، ومن لا يعلم لا يتعمد ولا يستحق العقوبة ، وأن هذا المكان هو ملك للإنس ، وليس للجن حق في سكناه ولا الدخول فيه بغير إذنه 0
وإن كان دخوله بدون سبب يعرّف الجني عاقبة الظلم ، وأنه ظلمات يوم القيامة ، وعليه أن يتقي الله عز وجل ويرجع عن هذا الظلم 0
وأما إن كان دخوله بسبب العشق : فيعرف أن هذا العمل من الفواحش التي حرمها الله عز وجل على الجن كما حرمها على الإنس ) ( طارد الجان – ص 79 ) 0

قال صاحبا كتاب " كيفية إخراج الجان من بدن الإنسان " : ( ففي هذه الحالة يتم التعامل والتخاطب مع الجني ويؤمر بالخروج ولا يكثر المعالج في التخاطب معه فيما لا يفيد لكي لا يأنس الجن له ويموه عليه ، فيزجر ) ( كبفية إخراج الجان من جسم الإنسان – ص 66 ) 0

* قال الأستاذ سعيد عبد العظيم : ( ومع حصول ما ذكره ابن تيمية في عالم الواقع إلا أن الاستفصال والمحاورات التي تدور بين المعالجين والجن قد صارت مريبة ، والحكايات المنقولة في الكتب وعلى الألسنة كثيرة !! ومن أمثلة ذلك أن فلاناً مصروع بكذا وكذا جني !! وأن الجن من قبيلة كذا وهو مسلم ويحضر درس فلان !! وأن القس فلان في كنيسة كذا هو الذي سلطه على المصروع !!! 0000
إلى غير ذلك من الحكايات الكثيرة التي لا تكاد تنتهي والتي تدعو إلى العجب ، وتدل على توسع غير مسبوق ، فلو كان خيراً لسبقونا إليه ، وقد مر بنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : " بسم الله ، أنا عبد الله ، اخسأ عدو الله " 0
فأين ذلك من استنطاق الجن في المصروع والمحاورات الكثيرة التي صرنا نسمع بها ؛ بل وصل الحال بالبعض إلى القول بأنه سيستخدم الجني في إيذاء فلان الفلاني !!! 000
فهل ثبت لدى أحد من هؤلاء أن الصحابة ومن تابعهم بإحسان صنعوا ذلك ؟! ) ( الرقية النافعة للأمراض الشائعة – ص 40 ) 0

* قال الدكتور حسني مؤذن - المدرس في جامعة أم القرى - مكة : ( استنطاق الجن في المصروع لا أصل له ) ( جريدة المسلمون – العدد رقم 550 ) 0

* وأعرج على كلام للأستاذ علي بن محمد ياسين يدعو فيه إغلاق باب المحاورات بالكلية حيث يقول : ( لا بد من إغلاق هذا الباب لأسباب هي :
أولاً : أنه لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم محاوراته للجن الماس – وضرب أمثلة على ذلك منها حديث يعلى بن مرة وحديث عثمان بن العاص – 0
ثانياً : أنه بذلك يُفتح باب للجن بالتضليل والتلبيس والتشكيك في دين الناس وعقائدهم ، بجعل فرصة لهم بالحديث معهم وأخذ التوجيه منهم ، بل استخدامهم في العلاج عند بعض المعالجين ، وما خرجت تلك الوصفات القريبة من الكهانة إلا من هذا الباب 0
ثالثاً : في بعض الحالات لا يكون الجني تمكن تماماً من بدن الممسوس ، فبمحاورة المعالج له ومحاولة استنطاقه من البعض يجعله يتمكن التمكن التام من الجسد ، وبعضهم يسأله بالله العظيم أن ينطق على لسانه ولا يؤذيه ، وهذا واضح البطلان 0
رابعاً : المعالج بمحاورته للجني يضطر للتوقف عن قراءة الرقية التي هي المؤثرة في الجن 0
خامساً : من الملاحظ أن لذلك الحوار مع الجان الماس أثره السلبي على المريض وعلى من حوله من ضعاف الإيمان 0
سادساً : إن المعالج بمحاورته تلك ، قد تنكشف نقاط ضعفه وتظهر عيوبه للجن من قلة علم وضعف شخصية وغيرها 0

ويختم الأستاذ الفاضل كلامه قائلا : ( وختاماً فليسعنا ما وسع نبينا صلى الله عليه وسلم ، ولنهتدي بهديه ونسر على خطاه ، فهذه سنته بين أيدينا ، بينت لنا الطرق الشرعية في التعامل مع الجن المعتدي ، وكيف نقرأ وماذا نقرأ 0
وأما أن نعدل عن ذلك النور إلى تلك الأساليب المظلمة وتلك الطرق الملتوية ، مدبرين عن هدي سيد المرسلين ، فإن ذلك خطأ فاحش وجرم عظيم ، أن نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ، ولا حول ولا قوة إلا بالله 000 ) ( مهلاً أيها الرقاة – باختصار - 62 ، 65 ) 0

قلت : كلام الأستاذ الفاضل علي ياسين يحتاج لوقفات تأمل ، حيث أن كافة النقاط المذكورة والداعية في نظره لإغلاق باب الحوارات بالكلية لا تؤخذ على إطلاقها من جهة ، ومن جهة أخرى يمكن تقنينها ، وضبطها بالضوابط الشرعية لكي تحقق المصلحة الشرعية المطلوبة ، ومن هنا أحببت أن أوضح الأمور التالية :

1)- أشار المؤلف في النقطة الأولى بأن ذلك الفعل لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك فقد ثبت عن غيره من بعده من أعلام الأمة المشاهير كالإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والأعمش والعلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز ونحوهم من العلماء الأفاضل ولكن لا بد أن يكون الضابط في هذا كله ما تقتضيه الضرورة وما تتطلبه المصلحة الشرعية العامة للمسلمين كما سوف يتضح بعد استيفاء بحث هذه المسألة 0

2)- وأما قول المؤلف - وفقه الله للخير فيما ذهب إليه - من أن ذلك يُفتح باب للجن بالتضليل والتلبيس والتشكيك في دين الناس وعقائدهم ، فإن كان المعنيُّ بذلك المعالِج فقد اتفقنا جميعاً أننا نكتب ونخاطب المعالجين أصحاب العقيدة السلفية النقية ذوي العلم الشرعي المتمرسين الحاذقين في دروب الرقية الشرعية ومسالكها ، وأما دون هؤلاء فإننا لا نعنيهم مطلقاً ، وإن كان قصد المؤلف المعالَج أو من يحضر هذه الجلسات فقد بينت بما لا يدع مجالاً للشك حرص المعالِج على توخي المصلحة الشرعية وأن يكون هذا الأمر في نطاق ضيق ومحدود بناء على ما تمليه المصلحة الشرعية العامة دون الخوض في هذه الحوارات بحضور العامة والخاصة 0

3)- أما قول المؤلف بأن بعض الحالات التي لا يكون الجني فيها متمكناً من بدن الممسوس وبمحاورة المعالج له يستطيع الجني الصارع التمكن من الجسد ، فهذا الكلام فيه نظر وهو مجانب للصواب ، لأن دخول الجني الصارع واستقراره بالجسد وتمكنه من المصروع لا يعتمد مطلقاً على استنطاق المعالج له أو لا ، بل على العكس من ذلك تماماً ، فالجني الصارع يسعى دائماً إلى إخفاء حقيقة تلبسه بالجسد لقيامه بالعمل المطلوب أو المناط به أي كان سبب دخوله ، ولذلك ترى بعض الحالات التي قد تأخذ فترة من الزمن ليتكلم الجني ويعترف بالحقيقة التي من أجلها دخل واستقر في بدن المصروع ، وهنا تكمن أهمية فراسة المعالج في تحديد صدق أو كذب الجني الصارع ، وأما أخذ العهد والموثق على الجن فقد أفردت له في هذا الكتاب كلاماً مطولاً فليراجع 0

4)- وقول المؤلف بمحاورة المعالِج للجني واضطراره للتوقف عن قراءة الرقية الشرعية ، فقد أوضحت في منهج العلاج المتبع في هذا الكتاب أن الأولى والأفضل قراءة الرقية الشرعية دون توقف ، وبإمكان المعالج أن يؤجل الحوار الذي تقتضيه المصلحة الشرعية لحين الانتهاء من الرقية والدعاء وبذلك تتحقق المصلحة العامة للمعالِج والمعالَج 0

5)- أما قول المؤلف بأن الحوار مع الجان الماس له أثر سلبي على المريض وعلى من حوله من ضعاف الإيمان ، فإني لا أنكر أحياناً أن يكون هناك أثر سلبي على نفسية المريض ولكن هذا هو واقع الحال ، ولا أعتقد أن مثل هذا التأثير من خلال الحوار الذي تقتضيه المصلحة الشرعية أشد وأعظم من حالة المريض بشكل عام ، وبالعموم فالأمر برمته متروك للمعالِج الحاذق المتمرس الذي يستطيع أن يقيس الأمور كافة بقاعدة المصالح والمفاسد وعلى ضوء ذلك يقرر ما يراه مناسباً لتحقيق المصلحة الشرعية المطلوبة ، أما بخصوص من هم حول المريض من أهل وأصدقاء وأحباب فقد أشرت من خلال منهج البحث في هذا الكتاب أنه لا يجوز البتة إجراء الحوار الذي تقتضيه المصلحة الشرعية أمام أحد إلا بناء على ما يعتمده أو يقرره المعالِج ويرى فيه مصلحة عامة أو خاصة للمريض 0

6)- وقول الكاتب بأن حوار المعالِج مع الجني الصارع قد يؤدي إلى كشف نقاط ضعفه وظهور عيوبه من قلة علم وضعف شخصية ونحوه ، فهذا الكلام فيه نظر وهو مجانب للصواب ، فالمعالِج الذي يتسم بهذه الصفات التي ذكرها المؤلف ليس بحاجة لأن يحاور حتى تكتشف هذه العيوب ، ولا بد أن نعلم يقيناً أن الجن لهم قدرة فائقة في معرفة من أمامهم ودراسة شخصيته وتحليلها ومعرفة نقاط القوة والضعف فيها ، خاصة أنه بإمكانهم جمع معلومات كثيرة ووفيرة عن المعالِج وحياته والحكم عليه ، وأمر هام قد يكون خفي على المؤلف - وفقه الله للخير فيما ذهب إليه - أن تأثير الرقية بذاتها على هذه المخلوقات لها دلالة واضحة على قوة وشخصية المعالج ومدى تمسكه بدينه ،كيف لا وقد قال علماء الأمة الأجلاء ( والسلاح بضاربه ) وقالوا أيضاً : ( وكل إناء بما فيه ينضح ) 0

قلت : وهذا الكلام لا يعني مطلقاً التقليل من أهمية الكتاب المنظوم الذي ألفه الأستاذ ( علي بن حسين ياسين )- وفقه الله للخير فيما ذهب إليه - ، إنما شعرت أن الكاتب ليس من أصحاب هذه الصنعة ، ولا ممن له فيها كبير جولة ، وقوي صولة ، والذي خَبِرته من خلال تجربتي في هذه الساحة أن الذي يريد أن يكتب في هذه المواضيع لا بد أن تكون كتابته ممهورة بالمعاناة والتجربة ، وكلماته ممزوجة بأحاسيس صدق المعايشة والتعامل مع واقع ما يكتب عنه ، أعود وأقول إن الكتاب جيد في مضمونه ومحتواه فيه جملة من الأحكام والقواعد والأصول العامة التي تضبط هذا العلم ، إلا أنه افتقر إلى الجانب العملي والممارسة الفعلية التي من خلالها تتبلور كافة الأمور المتعلقة بهذا العلم وقواعده وضوابطه وأصوله ، سائلاً المولى عز وجل أن يحفظ الكاتب وأن يجعل عمله خالصاً لوجهه ، وأن يوفقه لما يحب ويرضى 0

ومن خلال تتبع النصوص النقلية الصريحة وأقوال العلماء الأجلاء ، فإنه لم يثبت بالدليل الشرعي مثل ذلك الأمر وهذا هو الأصل في المسألة كما أشار العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله – إلا أنه تواتر الأمر بذلك قديما وحديثا ونقل ذلك عن شيخ الإسلام وابن القيم وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين وفضيلة الشيخ أبو بكر الجزائري وغيرهم ، وقد ثبت لدي هذا الأمر بالأدلة القطعية من المشاهدة والمعاينة التي لا يمكن معها إنكار هذه المسألة أو ردها ، فأصبح الأمر ثابتا عقلا ونقلا ، إلا أنه لا يجوز التعدي على القاعدة الأساسية التي تضبط هذا الأمر وهي قاعدة ( أن الضرورة تقدر بقدرها ) فلا يجوز التوسع في المحاورات التي قد تفضي إلى مفاسد شرعية لا يعلم مداها وضررها إلا الله 0

وأورد كلاما يؤيد ذلك لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - نقلته مجلة المجتمع الكويتية حيث تقول : نشرت بعض الصحف المحلية وغيرها ، في شعبان من عام 1407 هـ أحاديث مختصرة ومطولة عما حصل من إعلان بعض الجن ، الذي تلبس ببعض المسلمات في ( الرياض ) إسلامه عندي ، بعد أن أعلن ذلك – كذلك – عند الأخ عبدالله مشرف العمري المقيم في الرياض ، بعد أن قرأ المذكور على المصابة ، وخاطب الجني ، وذكره بالله ، ووعظه ، وأخبره أن الظلم حرام وكبيرة عظيمة ، ودعاه إلى الإسلام ، بعد أن أخبره الجني أنه كافر ، كما دعاه للخروج من المرأة 0 فاقتنع الجني بالدعوة ، وأعلن إسلامه عند عبدالله المذكور 0
ثم رغب عبدالله المذكور وأولياء المرأة أن يحضروا عندي مع المرأة ، حتى أسمع إعلان إسلام الجني 0
فحضروا عندي فسألته عن أسباب دخوله ؟ فأخبرني بالأسباب 0 ونطق بلسان المرأة ، لكنه كلام رجل ، وليس كلام امرأة 0 وهي في الكرسي الذي بجواري ، وأخوها وأختها وعبدالله بن مشرف المذكور وبعض المشايخ يشهدون ذلك ، ويسمعون كلام الجني 0
وقد أعلن إسلامه صريحا ، وأخبر أنه هندي بوذي الديانة 0 فنصحته وأوصيته بتقوى الله ، وأن يخرج من المرأة ، ويبتعد عن ظلمها ، فأجابني إلى ذلك 0 وقال : إنه مقتنع بالإسلام 0 وأوصيته أن يدعو قومه للإسلام بعد ما هداه الله له ، فوعد خيرا وغادر المرأة 0وكان آخر كلمة قالها : السلام عليكم 0
ثم تكلمت المرأة بلسانها المعتاد ، وشعرت بسلامتها وراحتها من تعبه 0 ثم عادت إليَّ بعد شهر أو أكثر مع أخويها وخالها وأختها ، وأخبرتني أنها في خير وعافية ، وأنه لم يعد إليها والحمد لله 0 وسألتها عما كانت تشعر به حين وجوده بها ؟ فأجابت : بأنها كانت تشعر بأفكار رديئة مخالفة للشرع ، وتشعر بميول إلى الدين البوذي ، والاطلاع على الكتب المؤلفة فيه 0 ثم بعدما سلمها الله منه ، زالت عنها هذه الأفكار ، ورجعت إلى حالها الأولى البعيدة من هذه الأفكار المنحرفة ) ( مجلة المجتمع – العدد 830 – بتاريخ 18 آب من السنة 1987 م ) 0

وقد أنكر البعض هذه الواقعة ، ورد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – على ذلك بقوله :

( وقد بلغني عن فضيلة الشيخ ( 000000 ) - لم أرى ضرورة لذكر اسمه لارتباط هذا الموضوع بفكره وليس بشخصه - أنه أنكر مثل حدوث هذا الأمر وذكر أنه تدجيل وكذب ، وأنه يمكن أن يكون كلاماً مسجلاً مع المرأة ، ولم تكن نطقت بذلك 0 وقد طلبت الشريط الذي سجل فيه كلامه هذا ، وعلمت منه ما ذكر 0
وقد عجبت كثيراً من تجويزه أن يكون ذلك مسجلاً ، مع إني سألت الجني عدة أسئلة وأجاب عنها 0 فكيف يظن عاقل أن المسجل يسأل ويجيب ، إن هذا من أقبح الغلط ، ومن تجويز الباطل 0 وزعم أيضاً في كلمته أن إسلام الجني على يد الإنسي يخالف قول الله تعالى في قصة سليمان : ( وَهَبْ لِى مُلْكًا لا يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى ) ( سورة ص – الآية 35 ) ، ولا شك أن هذا غلط منه أيضاً ، هداه الله 0 فليس في إسلام الجني على يد الإنسي ما يخالف دعوة سليمان ، فقد أسلم جمع غفير من الجن على يد النبي صلى الله عليه وسلم 0
وقد أوضح الله ذلك في سورة "الأحقاف" وسورة " الجن " وقد ساق - رحمه الله - أحاديث كثيرة حول هذا المفهوم - إلى أن قال :
وقد دل كتاب الله عز وجل وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة ، على جواز دخول الجني بالإنسي وصرعه إياه 0 فكيف يجوز لمن ينتسب إلى العلم أن ينكر ذلك بغير علم ولا هدى ؟ بل تقليداً لبعض أهل البدع المخالفين لأهل السنة والجماعة 0 فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله 0
ثم ساق - رحمه الله - أقوال أهل العلم في إثبات صرع الجن للإنس إلى أن قال :
ومما ذكرناه من الأدلة الشرعية وإجماع أهل العلم من أهل السنة والجماعة على جواز دخول الجني بالإنسي يتبين للقراء بطلان قول من أنكر ذلك ) ( مجلة المجتمع – العدد 830 – بتاريخ 18 آب من السنة 1987 م ) 0

قلت : وكلام سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – يؤكد ويؤصل مفهوم دعوة الجن والشياطين إلى الله سبحانه وتعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ، ومثل ذلك الحوار جائز بل قد يصبح واجبا شرعيا إذا اقتضته المصلحة الشرعية ، مع تركيز المعالِج في تلك الحوارات على هذا الجانب دون الخوض في الأمور التي لا فائدة منها البتة ، أو تلك التي يترتب عليها مفاسد شرعية لا يعلم مداها وضررها إلا الله سبحانه وتعالى ، والقصد من الكلام السابق أن تنضبط كافة تلك الحوارات بالضوابط الشرعية وتكون وفق القاعدة الفقهية الأصولية ( الضرورة تقدر بقدرها ) والله تعالى أعلم 0

قال صاحبا كتاب " مكائد الشيطان " : ( قد دل ما ذكرناه من الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كلام أهل العلم على أن مخاطبة الجني ووعظه وتذكيره ودعوته للإسلام وإجابته إلى ذلك ليس مخالفاً لما دل عليه قوله تعالى عن سليمان عليه السلام : ( وَهَبْ لِى مُلْكًا لا يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى ) ( سورة ص – الآية 35 ) 0
وهكذا أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وضربه إذا امتنع من الخروج كل ذلك لا يخالف الآية المذكورة ، بل ذلك واجب من باب دفع الصائل ونصر المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما يفعل ذلك مع الإنسي ) ( مكائد الشيطان – ص 110 ) 0

يتبع

أبو البراء 03-09-2004 09:38 AM

المفاسد المترتبة عن الحوارات غير المنضبطة مع الجن والشياطين :

* قال الأستاذ مدحت عاطف صاحب كتاب " الدليل والبرهان على بطلان أعراض المس ومحاورة الجان " :

( ولا يخفى على كل ذي لب وضمير يقظ أن تلك المحاورات أورثت مساوئ ومفاسد توجب غلق بابها ، حتى وإن كانت شرعية ، وذلك درءا للمفاسد وسدا لذرائع الشر الذي ترتب على انتشار محاورات الجن في الكتب وشرائط الكاسيت 0
وإليكم معاشر الكتاب والمعالِجين المساوئ التي أدت إليها محاوراتكم مع الجن :

* المفسدة الأولى : التمثيل : ولا غرابة في ذلك ، إذ أن مشاكل الحياة المعقدة والتي عجز الكثير عن حلها والتصدي لها ، ولم يجدوا لها منفذا ولا مخرجا إلا الفرار والهروب من واقعها الأليم ، فيلوذون بما سمعوا أو قرأوا عن المحاورات ، فحفظوا عن الجن والمعالِج الأسئلة والأجوبة 0
فلا يجدون ملجأ ، ولا يرون منجى لخروجهم من واقع حياتهم العصيب إلا كذبهم واعتدائهم على عالم الجن ، وتمثيلهم بأن الذي حول مسار حياتهم وبدد أحلامهم هو الجن 0
وسرعان ما يذهبون إلى أحد المعالِجين ، فيقرأ عليهم ، فيلعب صاحب المشكلة دور الجني ، متجنيا على الجن ، والمعالِج يسأل والممثل يجيب ، وهلم جرا من تهريج وعبث وضياع للوقت والحق 0

* المفسدة الثانية : الهلع والخوف والقلق : قد تنعقد جلسة جدلية في بيت من بيوت المسلمين لملك أسرة فيها الصغير والكبير 00 رقيق القلب ضعيف الفهم 00 فيتناول المعالِج أطراف الجدل مع الجن ، ويسهب المعالِج في أسئلته ، ويكثر الجن من الكذب والاختلاق 0
وعلى سبيل المثال لا الحصر ، فالحصر يدمي :
يسأل المعالِج : من أي نوع تكون ؟
فيجيب الجني : أنا ملك الجن الأحمر!!
وتنتهي الحلقة التهريجية بانصراف المعالِج دون علاج ، ويبقى الجني قابعا في بدن المعالِج 0
فبالله 00 كيف تنام أسرة ؟ بل كيف ينام فيها الصغير الذي شاهد وعاين المجادلة المأساوية ، وعلم أن ( ملك الجن الأحمر ما زال رابضا في بدن أخيه أو أخته أو أمه أو أبيه ؟!
أيها المهولون :
ملك الجن الأحمر !!
أي راحة ؟! أي سكينة ؟! أي هدوء ؟! أي نوم يجرؤ على مداعبة الجفون أو العيون ؟!
أظن أن النوم نفسه سيخشى على نفسه من دخول هذا البيت خوفا من ملك الجن الأحمر ، فما بالنا بأهل البيت ؟! فلله المشتكى !!

قلت – والكلام لي - : تلك إرهاصات لا يجوز أن نتكلم بها دون علم شرعي ، ودون أن ندرك أن أنواع الجن معروفة لدينا وهي ثلاثة أنواع كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : الطيار ، والعمار ، والحيات والعقارب ، وما دون ذلك قول بغير علم ولا يستند إلى الدليل النقلي ، وهذه الأمور تبقى غيبية بالنسبة لنا معاشر الإنس ، ولا نقر من تلك الأحوال إلا ما أخبر به الشارع ، وتبقى تلك الأحوال بالنسبة لعالم الجن والشياطين ضمن ناموسها الكوني وهذا مما اختصها الله به ، ولا يجوز مطلقا التحدث أو البحث والتقصي عن تلك الأمور ، ولا بد للمسلم من الاشتغال بما ينفعه في الدنيا والآخرة والابتعاد عن الأمور التي لا فائدة منها البتة ، بل قد يترتب عليها مفاسد عظيمة لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى 0

* المفسدة الثالثة : التهويل : وذلك من انتشار تلك المحاورات والتي صور هؤلاء الكتاب والمعالِجون الجن للناس على أنه مس وسحر ، وكأن الجن ما خلقوا إلا من أجل وظيفة واحدة وعمل واحد لا ثاني له ، ألا وهو السحر والمس ، والإضرار بالناس 0

* المفسدة الرابعة : الفتنة والوقيعة بين الناس : وتلك المفسدة العظيمة التي قد يصل فيها الأمر إلى القتل وقطيعة الرحم نتاج الشحناء والبغضاء والخصام ، وذلك عندما يسأل المعالِج الهمام الجني قائلا : من صنع هذا السحر بالإنسية الممسوسة ؟ فتكون الإجابة على جناح السرعة - وكأنها الفرصة التي أتاحها المعالِج بجهله للجني – فلان بن فلان ، وبسرعة البرق يبحث الجميع عن فلان المسكين ، وكأن الحكم قد نزل من السماء ، وقد يكون فلان هذا أخا للمريضة ، أو أختها ، أو عمها ، أو عمتها ، أو خالها أو خالتها ، أو جارها ، فيقع المحظور من خلافات ومشاحنات ومقاطعات للأرحام 0
انظروا كيف مزقوا وشائج الرحمة 00 انظروا كيف دمروا أواصر الألفة 00 كيف ضربوا الأمان 00 كيف ضربوا السكينة والوئام !
فإلى أي مدى اشعلت محاوراتكم المؤودة الميتة جذور الفتنة ونار الفرقة بين الناس 00 فتنا كقطع الليل المظلم ؟! جرّتنا إليها محاوراتكم !! والله المستعان 0

* المفسدة الخامسة : اضمحلال الصورة التخصصية في علم الجن : فأصبح كل من هب ودب وقرأ كتابا عن الجن أو حفظ محاورة مع الجن ، يظن في نفسه القدرة على علاج المس ، وسرعان ما يعلن عن نفسه وقدرته !
ومما يزيد الطين بلة قيام هذا المعالِج بتأليف كتاب عن المحاورات التي دارت بينه وبين الجن 00 الأمر الذي أدى إلى انتشار هذا المرض انتشارا عجيبا مذهلا ومريبا 0

* المفسدة السادسة : العجب الذي قد يلحق بالمعالِج : فقد يصاب المعالِج بداء العجب من جراء مكر الجن ، وعلى سبيل المثال أحد المعالِجين يقول تحت عنوان : (جني يريد أن يدخل في الشيخ ! ) :
فبعد محاورة بين الشيخ والجني ، قال الشيخ للجني :
أتخرج ؟
قال ( أي الجني ) : نعم أخرج ولكن بشرط 0
قال : ما الشرط ؟
قال : أخرج منها وأدخل فيك أنت !!
قال الشيخ : لا بأس أخرج منها وادخل فيّ أن استطعت 0
فانتظر قليلا ، ثم بكى 0
فقال الشيخ : ما يبكيك ؟
قال : أنت قلت أذكار الصباح اليوم ، لا أستطيع أن أدخل فيك 0
ولا يخفى علينا ما ينطوي عليه خبث ومكر الجني ، وذلك في استدراج المعالِج والزج به في غياهب آفات القلوب ومحبطات الأعمال ، من رياء ونفاق وكبر ، والعياذ بالله ) ( الدليل والبرهان على بطلان أعراض المس ومحاورة الجان - ص 44 - 48 ) 0

قلت : هذا كلام عام موجز نافع يؤصل هذه المسألة ، ويضع لها القواعد والأسس ، ويضبطها من ناحية شرعية ، إلا أن الكاتب – حفظه الله – اتخذ موقفا متشددا من هذه القضية برمتها ، حيث أنكر كافة الحوارات دون استثناء خاصة تلك المنضبطة بالناحية الشرعية والتي يتحقق من ورائها المصلحة الشرعية للمسلمين ، وقد يعذر الكاتب بسبب ما نراه ونسمعه على الساحة اليوم من انتشار الهرطقات والخزعبلات والحوارات المزعومة التي أدت إلى مفاسد عظيمة لا يعلم مداها وضررها إلا الله ، ولإيضاح الحق وتبيانه واتخاذ موقف وسط من كل ذلك فإني أنقل بعض ما ذكره الأستاذ مدحت – وفقه الله للخير فيما ذهب إليه - ومن
ثم أعطي بعض الملاحظات المتعلقة بذلك 0

يقول الأستاذ مدحت عاطف : ( لقد قرأت العديد من الكتب القديمة والحديثة التي تناولت الحديث عن الجن والشياطين بشيء من الإسهاب الممل ، فرأيت اختلافا واختلاطا ، ولاحظت التناقض وعدم الدقة في توصيل الحقيقة إلى القارئ ، وتلبيس المفاهيم ، وتغيير الموازيين ، فأبيت الوقوف على ما قالوا وما ذكروا دونما تمحيص وبحث واستقراء 0
ولما كنت بصدد بحثي وتنقيبي في أمهات الكتب ؛ لأقف على الحقائق المجهولة ، تمكنت بفضل الله من الوصول إلى أدلة وبراهين قلبت الموازين رأسا على عقب ، وأظهرت مدى التخبط الذي وقع فيه من كتبوا عن الجن ، وأعراض مس الجن ، ومحاورته 0
ومن باب التعاون على البر والتقوى ، وأولوية المصالح العامة ، وإحقاقا للحق ، ولأمانة البحث العلمي ، أوضح الأمر برمته ، وأميط اللثام عن حقيقته ، حتى لا أهوي ونفسي في دائرة التضليل والتلبيس بوعي أو بغير وعي ، خصوصا أن تلكم الأعراض الوهمية والمحاورات الجدلية كانت سببا في تشتيت الصحيح قبل السقيم ، وإقلاق السليم قبل المريض ، فأردت الحق مبرأ من الباطل ، وابتغيت الصواب في معزل عن الخطأ ، وجادتي في ذلك كله البناء بعيدا عن الهدم ) ( الدليل والبرهان على بطلان أعراض المس ومحاورة الجان - ص 7 ، 8 ) 0

ثم تكلم الأستاذ مدحت عاطف – وفقه الله للخير – فيما ذهب إليه عن بطلان أعراض المس في المنام واليقظة ومما قاله :

( أفلا تدركون أن من الناس من إذا علم أنه ممسوس طال حزنه ، وخارت قوته ، وذبلت معنوياته ، وتعسر شفاؤه ؟
أو ليس من باب تطييب نفس المريض أن تريحوه ولا تزعجوه ، أن تطمئنوه ولا تقلقوه 0 خصوصا وأن تطييبكم له ليس فيه خرق أو اعتداء على حرمات الله 0 هذا مع افتراض صحة أعراضكم الجنية ، فما بالكم بخروجها عن مسار الحكمة والصواب ؟
وكم تمنيت ووددت من سويداء قلبي أن أريح عقلي وفكري من مشاق البحث والتنقيب لو أنكم التزمتم الجدية في اجتهاداتكم دون شطط 0

ثم استعرض – حفظه الله – قول بعض المعالِجين عن أعراض المس في المنام ثم كتب يقول : ( وكتب أحد الإخوة عن أعراض المس بالحرف الواحد من كتاب أحد المعالِجين 0 وجميع من كتب بعد ذلك من المعالِجين أو المنتفعين عن أعراض المس قد نقلوا من مصدر واحد 0
أيها الكتاب : أو ليس من الأدب أن نقتدي بصاحب الخلق العظيم ؟!
فلنستمع سويا ونتعلم من النبع الأصيل ، والمنهل العذب الفرات السلسبيل ، ولنطأطأ الرؤوس ، ونصغي لسيد المرسلين وهو يطمس معالم أعراض المس بدلائل بينه 0
ثم استعرض الكاتب – حفظه الله - بعض الأدلة الصحيحة المتعلقة بالرؤيا وأنها من تلعب الشيطان ، ثم قدم بعض النصائح القيمة الخاصة بذلك 0

ومما قاله بخصوص أعراض المس في اليقظة : ( وحذا حذوهما في ذات الأعراض وذكرها شبرا بشبر وذراعا بذراع ، مع اختلاف بسيط في الألفاظ ، كل من كتب عن الجن 0
أيها المسلمون 00 أيتها المسلمات 00
أنصتوا جيدا !!
خطر 00 ما أعظمه !! ما أهوله !!
أن ينشر على أسماع المسلمين في أنحاء العالم مثل هذا الكلام بلا روية !!
إن الأمر كان يحتاج من كتابنا ، بل ويلزمهم ، الدقة والتأني في استيفاء الحديث عن أعراض مس الجن حقه ، أمانة للعلم وصيانة للحق 0

ثم قال : ( من دواعي الأسى والحزن الشديدين تلك المحاورات الجدلية العقيمة التي تضاف إلى بدعهم ، والتي حشوا بها كتبهم ، ولا أدري ، بل أتساءل في دهشة وحيرة : من أين لهم شرعية المحاورات التي نسجوها مع الجن ؟!!
الأمر الذي دفعني دفعا للوقوف عند هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومواقفه مع الجن ، ليكون خير شاهد على شطط ما استحدثوه 0
ثم ساق - حفظه الله – موقف الرسول صلى الله عليه وسلم مع الجن وكذلك موقف بعض أهل العلم 0
وينهي الكاتب – وفقه الله للخير – فيما ذهب إليه بحثه بقوله :
هكذا 00 أمواج غامضة 00 رياح لا نعرف مسارها إن ظل عالم الجن والشياطين كتابا مجهولا لا نغوص بين سطوره لنكشف مستورة ، ونمسك مدلوله 0
فلقد أدى الجهل به الى مفاسد جمة وخطيرة فضلا عن التذبذب الفكري والتخبط العقلي عند تناول هذا العالم كتابة أو محاضرة بتهويل فارغ ، علاوة على انتشار الدجل والشعوذة والكهانة ، الأمر الذي أدى إلى إشعال فتيل الغموض واللبس والتعتيم ، فلا خير يمكن إبصاره ، ولا شر بالمقدور إنكاره ، وأخبث الخبيث تلك الدعاوى المغرضة التي يعج بها الواقع عجا ، والتي لا هم لها ولا شغل إلا التحدث عن السحر تارة ، وقدرات السحرة الخارقة للعادة – على حد هرطقتهم – تارة أخرى 0
ولا يخفى علينا ما تنطوي عليه جحافل تلك الدعاوى الشرسة الزاحفة من الغرب زحفا بأفعاوية ماكرة حاقدة خبيثة لتدمير عقائد المسلمين 0
فهم أصحاب الأنفاس الطويلة التي لا ينتبه إليها كثير من الناس ، وهم بسحرهم يريدون إيهام المسلمين أن بمقدورهم القيام بأفعال هي عند المسلمين معجزات لأنبيائهم ، بالنسبة لهم أعمال عادية لا إعجاز فيها 00 كادعاء أحدهم أن باستطاعته دخول النار والخروج منها دون أن يحترق 0
والصمت الرهيب في النهاية هو ملاذهم 00 الصمت القاتل والمكتظ بالألغاز وعلامات الاستفهام التي تضرم نار الشك في عقيدتهم 0
ومن هنا يبرز لنا ويتضح كيف أن التخصص في علم الجن من الأهمية بمكان للذب عن العقيدة الإسلامية 0
لذلك كله 00 أهيب بكل من تصدى لهذا العالم الخفي كتابة أو محاضرة ، ناقلا أو معلما ، أن يتقي الله في الناس عامة ، والمسلمين خاصة ، بتحري الدقة ، واستيفاء البحث والاستقصاء ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، وإلا فليدع المجال لأهله ، وليترك الأمر لأناسه ) ( الدليل والبرهان على بطلان أعراض المس ومحاورة الجان – باختصار - ص 7 ، 76 ) 0

وأدون تحت هذا العنوان بعض الملاحظات التي ارتأيت فيها الفائدة والمصلحة الشرعية لعامة المسلمين وخاصتهم ومنها :

1)- المحاورات الجدلية العقيمة : لقد أثبت آنفا أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال تجاوز الحدود الشرعية في هذا الجانب بالذات ويكتفى بالمحاورة الهادفة التي يتحقق من ورائها المصلحة الشرعية في الرقية والعلاج ، وبالقدر اليسير الذي نحتاجه كضرورة للعلاج والاستشفاء ، وما دون ذلك لا يخاض فيه ولا يسأل عنه ، خاصة المسائل والقضايا الغيبية المتعلقة بعالم الجن والشياطين ، فكل ذلك يدخل ضمن نطاق ناموسهم وعالمهم الخاص بهم ، ولا يجوز بأي حال من الأحوال إقحام النفس في تلك القضايا ويكتفى بما قررته النصوص القرآنية والحديثية عن هذا العالم وأحواله وخفاياه 0

2)- بطلان أعراض المس في اليقظة والمنام : تعرض الأستاذ ( مدحت عاطف ) إلى بعض النقاط المتعلقة بهذا الجانب وأحب هنا أن أدون وأوضح رأيي في تلك النقاط من باب الأمانة العلمية وإحقاقا للحق وإظهارا له :

أ - ذكر الكاتب – وفقه الله للخير – فيما ذهب إليه ، أن من الناس من إذا علم أنه ممسوس طال حزنه ، وخارت قوته ، وذبلت معنوياته ، وتعسر شفاؤه ؟
وهنا لا بد أن ندرك جيدا أن الأمراض التي تصيب النفس البشرية هي أمراض كسائر الأمراض مع اختلاف في الأسباب والمسببات ، فأما الأمراض العضوية فأسبابها تعود لاضطرابات متعلقة بالتركيب السيكولوجي لجسم الإنسان ، وأما الأمراض النفسية فعادة ما تأتى نتيجة البعد عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك الفراغ أو نتيجة لخلل في العلاقات الاجتماعية الخاصة بالحالة المرضية ، وبما أن الحديث يتعلق بالجانب الروحي المتمثل بالأمراض الروحية من صرع وسحر وحسد وعين ، فهذا الجانب يحتاج للطبيب الحاذق المتمرس الذي يستطيع الوقوف على الداء لأجل اختيار الدواء النافع بإذن الله تعالى ، وهذا لن يتأتى إلا لصاحب العلم الشرعي الذي يقدر المصالح والمفاسد ، ويدرس الحالة المرضية دراسة مستوفية لتوجيهها الوجهة الصحيحة للاستشفاء والعلاج ، وقد أكدت على كافة تلك الحقائق من خلال ثنايا هذا البحث المتواضع ، وكما أن الطبيب العضوي قد يواجه بعض المرضى ممكن يعانون من أمراض مستعصية يصعب علاجها وشفاؤها بناء على المعطيات العلمية المتوفرة لديه وكل ذلك واقع تحت قدرة الله ومشيئته ، فيوجهون الحالة بناء على معرفتهم بشخصية صاحبها ودراستها دراسة مستوفيه ، وقد تكون المصلحة الشرعية أحيانا إعلام المريض بحالته ومرضه ليتزود من الدنيا للآخرة ، وقد تكون المصلحة أحيانا أخرى أن يترك المريض على حاله دون الكشف له عن معاناته ومرضه لأسباب كثيرة وهذا ما يقرره الطبيب المعالِج 0
وهكذا الحال بالنسبة للمعالِج ، فقد يرى أحيانا أن المصلحة الشرعية تتحقق من البوح للمريض عن أسباب المعاناة والألم لعودته المضطرده إلى الله سبحانه وتعالى والبعد عن المعاصي والتقرب إلى الله بالطاعات ، مع أني قد أوضحت من خلال بحثي العلمي أن الأولى للمعالِج أن يركز على زرع العقيدة في نفسية المرضى وتعلقهم بالله سبحانه وتعالى ، دون التركيز على مسائل التشخيص ونحوه 0

ب – ذكر الكاتب : ( أو ليس من باب تطييب نفس المريض أن تريحوه ولا تزعجوه ، أن تطمئنوه ولا تقلقوه ) 0

قلت : قد أصاب الأستاذ ( مدحت عاطف ) بذلك عين الحق ، وهذا ما أكدته خلال هذه السلسلة العلمية ( القواعد المثلى لعلاج الصرع والسحر والعين بالرقى ) تحت عنوان ( زرع الثقة في نفسية المريض ) 0

ج – ذكر الكاتب كلاما مطولا حول موضوع أعراض المس والتقاء كافة المعالِجين في تحديد كثير من الأمور والنقاط المدونة والمتعلقة به ، ويتجه الكاتب إلى إنكار ذلك المنهج حيث يقول :

( أيها المسلمون 00 أيتها المسلمات 00
في هذه الحياة التي نعيشها بحلوها ومرها ، بنصبها ووصبها ، بعسرها ويسرها 000 من لا ينسى 00 لا يحزن 00 لا يغضب 00 لا يحدث نفسه 00 لا يشعر بضيق 00 من منا لا تحتويه لحظات ذهول وشرود 0
هذه العوارض التي تعتري كل واحد منا في اليوم الواحد أكثر من مرة 00 فأي عقل ، بل أي صواب في القول بمس من تعرض لواحدة منها ؟!! ) ( الدليل والبرهان على بطلان أعراض المس ومحاورة الجان - ص 36 ) 0

قلت : قد بينت آنفا أن أمراض النفس البشرية أمراض كسائر الأمراض ، وهذه الأمراض لها أسباب ومسببات وأعراض ، وقد يلاحظ بعض تلك الأمور على الحالة المرضية سواء كان ذلك في اليقظة أو النوم ، وقد أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك كما ثبت من حديث جابر بن عبدالله – رضي الله عنه – حيث قال : ( رخص النبي صلى الله عليه وسلم لآل حزم في رقية الحية ، وقال لأسماء بنت عميس : ( مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة ) قالت : لا ، ولكن العين تسرع اليهم ، قال : ( ارقيهم ) قالت : فعرضت عليه فقال ( ارقيهم ) ) ( صحيح الترمذي - 1682 ) ، والقصد من الكلام السابق أن التقاء المعالِجين بخصوص تحديد هذه الأعراض لا يقدح في ذلك ، بسبب أن كافة الأعراض المدونة هي حقيقة أثبتتها الخبرة والتجربة والممارسة إلا أنه لا بد من التقيد بالأمور التي تضبط الأمر وتؤصله وتجعل منه منهجية في التعامل مع الحالات المرضية ومن تلك النقاط :

1)- لا يعني مطلقا أن توفر الأعراض المذكورة أو بعضها في الحالة المرضية أنها تعاني من الإصابة بالأمراض الروحية كالصرع والسحر والعين والحسد ، وقد تعزى بعض تلك الأعراض لأمراض عضوية بحتة كما تم إيضاح ذلك في موضوع ( الأعراض حال اليقظة والنوم ) في هذا
الكتاب 0

2)- لا يجوز مطلقا الحكم على الحالة المرضية من خلال الأعراض آنفة الذكر بمعزل عن دراسة الحالة المرضية دراسة مستوفية دقيقة للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء المعاناة والألم ، وقد ذكرت ذلك مفصلا في هذا الكتاب تحت عنوان ( طريقة العلاج التفصيلية ) 0

3)- التأكد أن كافة الأعراض المذكورة خارجة عن نطاق تلعب الشيطان بالإنسان لإيهامه بالصرع والسحر والعين والحسد ، لصده عن الطاعة والعبادة والذكر 0

د – ذكر الكاتب - حفظه الله – بعض الأدلة النقلية الصحيحة عن الرؤيا وتلعب الشيطان بالإنسان 0

قلت : والحق في هذه المسألة أن الكاتب قد جانب الصواب ولم يصب الحق ، ولا أنكر مطلقا أي من الأحاديث التي أوردها واستشهد بها ، فكافة الأحاديث والأدلة هي نقلية صحيحة كما أفاد بذلك علماء الحديث الأجلاء ، إلا أن إدراج هذه الأحاديث وفي هذا الموضع بالذات مخالف للصواب ، فدلالة الأحاديث تتكلم عن مسألة هامة تتعلق بالرؤيا وتلعب الشيطان وهذا مخالف للمسألة الرئيسة التي نحن بصددها ، فتلعب الشيطان أمر ، والصرع والسحر والعين أمر آخر ، والذي أكده أهل العلم أن الصرع والسحر والعين له طبيعة وتأثير ، وقد يقتل ويمرض ويفرق بين الزوج وزوجه ولكل ذلك أعراض وأحوال تكلم عنها أهل العلم والمعالِجين بتفصيل وإسهاب ، وبإمكان القارئ الكريم مراجعة ذلك في كتابي ( منهج الشرع في بيان المس والصرع ) تحت عنوان ( أنواع الصرع – المس والإيذاء الخارجي المؤدي للمرض ) وكذلك ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) تحت عنوان ( أنواع السحر من حيث التأثير – سحر الآلام والأسقام ) ، وكذلك ( المنهل المعين في إثبات حقيقة الحسد والعين ) تحت عنوان ( أنواع العين من حيث التأثير – العين المؤثرة بالألم والمرض ) 0

هـ – ذكر كلاما مطولا حول موقف الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك بعض أهل العلم عن محاورة الجن 0

قلت : لقد ذكرت آنفا أن هذه المسألة – أعني كلام الجني على لسان المصروع لم يثبت بها نص شرعي ، وقد أكدت أنه قد ورد فعـل ذلك عن بعض علماء الأمة كشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، ولكن لا بد أن يضبط الأمر بما تقتضيه المصلحة الشرعية ووفق القاعدة الفقهية ( الضرورة تقدر بقدرها ) ، والتي يجب أن يراعي المعالِج فيها الأمور التالية :

1)- عدم الخوض في الأمور التي لا فائدة من ورائها والتركيز على رفع الظلم والمعاناة عن الحالة المرضية، دون التوسع في المحاورات والتفصيلات 0

2)- التركيز على الجانب الدعوي بالنسبة للجن وترسيخ العقيدة الصحيحة في نفوسهم 0

قلت : وبعد هذه العجالة في بحث مسألة الحوار مع الجن والشياطين يتضح جليا جواز الخوض في بعض الأمور المتعلقة بالعلاج والتي تهم المعالِج وترفع الظلم عن المريض ، شريطة أن يكون المعالِج على قدر من العلم الشرعي بحيث يوازي بين المصالح والمفاسد ولا يؤدي مثل ذلك الحوار إلى أية مفاسد أو أضرار شرعية ، كما تم إيضاح ذلك في منهج البحث الذي بين أيديكم 0

* قول الدكتور حسني مؤذن : وأذكر في سياق هذا الموضوع كلاما للدكتور حسني مؤذن الأستاذ بجامعة أم القرى يتعلق بالحوارات وبعض المواضيع الأخرى على صفحات جريدة " المسلمون " :

( يشير الدكتور مؤذن إلى عدة نقاط لما نتج عن العلاج بمعتقد أن الجني يتحدث على لسان المريض المصروع بعد استنطاقه بالقرآن والضرب والخنق فيقول :

* إمعان المريض في إعطاء لسانه حريته في التفوه بكلمات الكفر أثناء النوبة – مثل سب الله جل وعلا ، وسب الدين ، وشتم الصالحين ، والحديث عن أمور تخدش الحياء ، وذلك بسبب الشعور بعدم وجود أية قيود على حديثه ، حيث يوحي إليه المعالِجون أن الذي يتكلم هو الشيطان وليس المريض وبالتالي فالمريض ليس مطالبا بكبح دفع الشيطان له 0

* الذبح لغير الله ، حيث يعمد بعض الجهلة ، نتيجة لقول مريضهم المتخبط " إني أنا الجني فلان ، ولن أخرج حتى تذبحوا لي كذا وكذا ، وبالرغم من تأكيد المعالِج لهم بعدم التنفيذ ، لأن الذبح لغير الله محرم ، إلا أن أهله وبسبب ضعفهم أمام هذه المشكلة ، ونظرا لكثرة ترددهم على المعالِج دونما فائدة ، يجدون أنفسهم منصاعين لأمر الذبح 0

* انتشار بعض المعتقدات عن هؤلاء المعالِجين بأن لهم كرامات وقوى خاصة تؤثر في الجن حتى أنني رأيت بعضا من أهل العلم والفضل وحفظة كتاب الله ، يسترقون من هم دونهم في العلم والفضل والذين يلحن بعضهم حتى في قراءة آية الكرسي 0

* ما يرد في القصص من عقوق للوالدين ، وقطيعة للرحم ، ورمي الصالحين بالكفر أو الفسق ، باتهامهم بعمل السحر تصديقا لقول الجني المزعوم 0 وقد يبرر البعض أن الجن فيهم كذب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " صدقك وهو كذوب " ولكن من يضمن لنا أن أهل المريض اقتنعوا أن جني مريضهم كاذب 0

* استغلال الذين في قلوبهم مرض من العلمانيين والمرجفين للأضرار الناتجة عن هذا المعتقد للنيل من علماء المسلمين ووصفهم بالرجعية ، ولعلكم اطلعتم على همز ولمز البعض في الصحف والمجلات 0

* علاج الرجال للنساء الأجنبيات في غياب المحارم ، وفي وجود مجموعة أخرى من النساء ، وما يرافق ذلك من مخالفات شرعية تشمل العراك معهن ، واعتلاء صدورهن والجلوس عليها ، وهذا مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم المتضمن الرفق بأجسام النساء ، حيث وصفهن بالقوارير ، هذا بالإضافة إلى سقوط الأخريات منهن وقد تكشفن وتسلل الرعب والخوف إلى البعض الآخر منهن ، نتيجة الاعتقاد السائد بأن الجن يتنقلون بين الحاضرات ، واتهام الخائفات المحتفظات بتماسكهن بأن ذلك من علامات المس 0

* ما يتعرض له المرضى من أذى نتيجة للضرب المبرح والخنق ، الذي فيه منع للدم من أن يصل إلى المخ ، والهواء من أن يصل إلى الرئة ، دون التمييز الصحي بين أحوال المرضى ، إذ أن محور العملية العلاجية يكمن في جعل المريض يتكلم بشخصية الجني ، حتى ولو كلفهم ذلك حياة المريض بدعوى أن الضرب لا يقع إلا على الجني ولعلكم تسمعون وتقرأون في الصحف من فترة لأخرى عن وفاة أطفال أبرياء أو كبار بسبب ضرب المعالِجين بغرض استنطاق الجن 0

* التسرع في عملية التشخيص للمريض دون التمحيص وبحث الأسباب فمثلا أنت معك جني كافر لأنك عندما تسمع القرآن تخاف ، أو أنت معك سحر لأنك تشعر بآلام في الجهاز الهضمي وتعاني من الأرق ، أو لأنك تبكي عند سماع القرآن ، وكل هذه الأمور لها أثرها السيئ على الحالة النفسية للمريض خصوصا إذا لم يحصل الشفاء 0

* الاستغلال المادي للمرضى وآلامهم ، مع تفشي ظاهرة التردد والتنقل المستمر بين المعالِجين ، لأن الجن يعودون للظهور مرة أخرى وبأسماء وهويات جديدة ، ومن يجلس في أماكن العلاج يلاحظ ذلك ، والبعض منهم يعرض بعض السلع للبيع ، مثل العسل الأصلي وزيت الحبة السوداء وبأسعار خيالية 0

* انتشار بعض الكتب والأشرطة التي تتضمن حوارات مزعومة مع الجن أثارت ضحك واستهجان أصحاب البصيرة لما اشتملت عليه من منافاة للعقل والمنطق ) ( جريدة المسلمون - العدد 641 - الجمعة 10 محرم 1418 ) 0

* وتنقل عنه جريدة المسلمون أيضا : ( ناشد الدكتور مؤذن العلماء وطلبة العلم الاستمرار فيما عودونا عليه من تحري الحق والصواب واتباع الدليل ، وعدم التأكيد على الاجتهادات التي تفتقر إلى الدليل 0 وطالب العلماء بأن يقولوا كلمة الفصل ، ويضعوا حدا للأضرار وللمهازل التي تحدث من المعالِجين في أماكن العلاج والذين تتزايد أعدادهم يوما بعد يوم 0
ودعاهم إلى التطوع والوقوف بأنفسهم ليروا ما يحدث في هذه الأماكن ، وأكد أن هذا لا يتأتى بالمحاضرات التوعوية للمعالِجين بالقول بأنه لا يجوز الذبح لغير الله وأنه ينبغي أن يكون الضرب والخنق خفيفا وأن الجن فيهم كذب ولا ينبغي تصديقهم 0 نعم في الجن كذب ولكنهم يصدقون أحيانا كما ورد في حديث الشيطان مع أبي هريرة حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( صدقك وهو كذوب ) فأي شيء من كلامهم نأخذه على محمل الصدق هل هو ما وافق هذه الاجتهادات والباقي هو محض كذب 0 وقال إن الخلاف في هذه المسألة ليس كبقية الخلافات إنه خلاف نشأ عنه ضرر ومفسدة وفتنة وأن باب سد الذرائع يقتضي وجوب قفل هذا الباب وهذا لا يتأتى إلا بالرجوع إلى ما جاء به الكتاب والسنة فالقول بأن هذه حوادث وقصص فردية قول غير صحيح وخاطب العلماء ما أحوج الناس أن يسمعوا منكم أن الفتوى بأن الشيطان يتكلم على لسان الممسوس أو المسحور هي فتوى ليس لها أصل لا في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولا في سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده وأن من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ، ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد 0 فأنتم خير من يعلم بأن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وأن شر الأمور محدثاتها إلى آخر ما جاء به الحديث ) ( جريدة المسلمون - العدد 642 - الجمعة 17 محرم 1418 ) 0

قلت : كلام الدكتور بشكل عام يؤصل بعض القضايا الهامة المتعلقة بالرقية والعلاج ، ولكنه يحتاج لبعض الوقفات لضبط بعض العبارات بالضوابط الشرعية والسلوكية ، وهي على النحو التالي :

1)- يفهم القارئ من خلال كلام الدكتور حول موضوع استنطاق الجني على لسان المصروع بأنه اعتقاد مبني على الاجتهاد ويفتقر إلى الدليل ، ومع تقديري للدكتور الفاضل وحرصه الشديد على المصلحة العامة للمسلمين ، ومحاولته ضبط بعض الأمور والمسائل المتعلقة بالرقية ، إلا أنني أخالفه الرأي حول اعتقاده هذا ، فنحن نعلم يقينا أن مسألة كلام الجني على لسان المصروع ليس لها أصل في الكتاب والسنة كما تم الإشارة آنفا ، ولكنها تواترت بالنقل عن السلف والخلف ، وبذلك لا نستطيع إنكارها فهي حقيقة واقعة أقرها كثير من أهل العلم قديما وحديثا ، يقول الشبلي : ( قال عبدالله بن أحمد بن حنبل : قلت لأبي : إن قوما يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنس 00 فقال : يا بني يكذبون هوذا يتكلم على لسانه ) ( مختصر آكام المرجان في أحكام الجان – ص 37 ) ، ومن هنا لا نستطيع إنكار هذه الحقيقة الواقعة ونبدأ بالهمز واللمز في أقوال التابعين وسلف الأمة بحجة الدليل والبرهان وكأننا بذلك أحرص من شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – والإمام أحمد ابن حنبل – رحمه الله – على هذا الدين وهذه العقيدة ، ليس ذلك فحسب بل وصل بنا الحد إلى القول بخصوص تلك المسألة : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ، وكون أن نحرص على ضبط القواعد والأصول المتعلقة بالرقية الشرعية بشكل عام والحوارات أو استنطاق الجني على لسان المصروع بشكل خاص ، فهذا واجب شرعي مطلوب ، أما أن نبدأ برد بعض الأمور بسبب حجج واهية فهذا يحتاج لوقفة وإعادة نظر ، ولسنا بأحرص من أئمة وعلماء الأمة على الدليل الموافق للكتاب والسنة ، وما اجتهدوا في مسألة قط إلا بناء على هذين الأصلين العظيمين 0

2)- أما قول الدكتور حسني مؤذن عن إمعان المريض في إعطاء لسانه حرية التفوه بكلمات الكفر أثناء نوبة الصرع فغير صحيح ، فإن كنا نقر شرعا وعقلا بدخول الجني في بدن الإنسي ، فإننا نقر كذلك بكلامه على لسان المصروع وبالتالي لا يجوز أن نظهر بأن المريض هو الذي يطلق العنان لنفسه للتفوه بتلك الكلمات ، أما القول بأن بعض المرضى يتوهم ذلك الأمر فهذا صحيح في بعض الحالات ولكن الكلام لا يؤخذ على إطلاقه ، وهنا لا بد للمعالِج المتمرس الحاذق التأكد من ذلك وتوجيه الحالة المرضية الوجهة الصحيحة التي يراها بعد الدراسة العلمية الموضوعية المستفيضة ، فإما أن تنصح بالذهاب للطبيب النفسي المسلم أو للطبيب الأخصائي المتمرس الحاذق في مهنته ، وإما أن تنصح بمراجعة المعالِج الحاذق المتمرس ليقف على الداء ويصف الدواء النافع بإذن الله تعالى 0

3)- قول الدكتور حسني مؤذن بأن الذبح لغير الله محرم ليس صحيحا بل الصحيح أن الذبح لغير الله سواء كان تعظيما أو تقربا أو لأي سبب آخر هو كفر بالله عز وجل ، وعدم توبة صاحبه من فعله هذا يعني إحباط العمل والخلود في النار 0

4)- وأما المعتقد بكلام الجني على لسان المصروع والتفوه بكلمات تؤدي لمفاسد عظيمة بسبب استنطاق المعالِج لذلك الجني فقد يكون الأمر دون وجود المعالِج أصلا ، وقد يقع ذلك مع أهل المريض ومحارمه ، ولا بد في هذه الحالة من زرع التوعية لدى الناس وتأصيل هذه المسألة وضبطها بضوابطها الشرعية والسلوكية بحيث يربي الناس على الاعتقادات والتصرفات الصحيحة التي تجعلهم في منأى من تصديق وأخذ كل ما يقوله الجن كحقائق ومسلمات ، هذا إن كانت النوبة الصرعية أصلا ناتجة عن صرع الجن للإنس 0

5)- وأما انتشار بعض المعتقدات أو الأفعال عن هؤلاء المعالِجين ، وقسم منها يتعلق بكلام الجني على لسان المصروع والقسم الآخر يتعلق بسلوكيات المعالِجين ، فقد لخصها الدكتور حسني بالآتي :

أ - أن لهم كرامات وقوى خاصة مؤثرة 0
ب- العقوق وقطيعة الرحم نتيجة للتصرفات غير المسؤولة من بعض المعالِجين 0
ج- استغلال الذين في قلوبهم مرض من العلمانيين والمرجفين للأضرار الناتجة عن معتقد كلام الجني على لسان المصروع 0
د- علاج الرجال للنساء الأجنبيات في غياب المحارم والمخالفات الشرعية الحاصلة نتيجة لذلك 0
هـ- ما يتعرض له المرضى من أذى نتيجة للضرب المبرح والخنق 0
و- التسرع في عملية التشخيص للمريض 0
ز- الاستغلال المادي للمرضى وآلامهم 0
ح- انتشار بعض الكتب والأشرطة التي تتضمن حوارات مزعومة مع الجن 0

وكل ما ذكره الدكتور – وفقه الله للخير فيما ذهب إليه - بخصوص النقاط آنفة الذكر هو أقرب إلى الصواب ، مع أني قد وضعت القواعد والأصول التي تضبط كل تلك المسائل بالضوابط الشرعية والمسلكية التي لا تتعارض بأي حال مع سلامة المريض الجسمية والنفسية ، وبإمكان القارئ الكريم أن يتعرف على تلك القواعد والأصول من خلال مراجعة جزئيات الموضوع في كتابي ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) ، تحت عنوان ( علاج صرع الأرواح الخبيثة ) 0

وبعد هذا العرض الشامل والمفصل لأقوال أهل العلم والباحثين يتضح جواز الحوار مع الجن والشياطين بما تمليه المصلحة الشرعية دون تفصيل وبحث لا فائدة من وراءه 0

يتبع

أبو البراء 03-09-2004 09:39 AM

ومن هنا تبدأ مرحلة الحوار ما بين المعالِج وبين الجني الصارع ، ولا بد للمعالِج من توخي الأمور التالية :

1- تركيز الحوار على ما تقتضيه المصلحة الشرعية فقط وضمن نطاق شرعي ضيق ومحدود وللضرورة التي تقدر بقدرها ، دون الخوض في أية أمور ليس لها علاقة بالعلاج أو تؤدي لمفاسد شرعية أو اجتماعية لا يحمد عقباها 0

2- التركيز على إيضاح العقيدة الصحيحة بقوة ورباطة جأش وثقة لا يشوبها الشك أو التردد 0

3- الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ، مستخدما بعض القواعد الرئيسة في الدعوة ، ومنها :

أ )- الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة : يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ) ( سورة النحل الآية 125 )0

ب)- الدعوة بالرفق واللين : يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه :  وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) ( سورة آل عمران – الآية 159 ) 0
ويجب على المعالِج الاهتمام بجانب الدعوة بسبب أن الجن مكلفون بإجماع أهل النظر 0

قال الشبلي : ( قال أبو عمر بن عبدالبر : الجن عند الجماعة مكلفون مخاطبون لقوله تعالى : ( فَبِأَيِّ ءالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) ( سورة الرحمن – الآية 57 ) 0

وقال أيضا : ( قال القاضي عبد الجبار : لا نعلم خلافا بين أهل النظر في أن الجن مكلفون ، والدليل على أنهم مكلفون ما في القرآن من ذم الشياطين ولعنهم والتحرز من غوائلهم وشرهم وذكر ما أعد الله لهم من العذاب ، وهذه الخصال لا يفعلها الله تعالى إلا لمن خالف الأمر والنهي وارتكب الكبائر وهتك المحارم مع تمكنه من أن لا يفعل ذلك وقدرته على فعل خلافه ، ويدل على ذلك أيضا بأنه كان من دين النبي صلى الله عليه وسلم لعن الشياطين والبيان عن حالهم وأنهم يدعون إلى الشر والمعاصي ويوسوسون بذلك ، وهذا كله يدل على أنهم مكلفون ، وقوله تعالى : ( قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءانًا عَجَبًا * يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَأمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ) ( سورة الجن – الآية 1 ، 2 ) ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على تكليفهم وأنهم مأمورون منهيون ) ( أحكام الجان – ص 53 ) 0

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - تحت عنوان " دعوة الإسلام شاملة للإنس والجن " : ( والمقصود هنا : أن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم شاملة للثقلين الإنس والجن على اختلاف أجناسهم ، فلا يظن أنه خص العرب بحكم من الأحكام أصلا ، بل إنما علق الأحكام باسم مسلم وكافر ، ومؤمن ومنافق ، وبر وفاجر ، ومحسن وظالم00وغير ذلك من الأسماء المذكورة في القرآن والحديث ) ( البان المبين في أخبار الجن والشياطين – 37 ، 38 ) 0

وقال أيضا : ( فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به ورسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه ، ويأمر الإنس بذلك ، فهذا من أفضل أولياء الله تعالى ، وهو في ذلك من خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم ونوابه ) ( مجموع الفتاوى - 11 / 307 ) 0

وقال - رحمه الله - : ( وإذا كان الجن أحياء عقلاء ، مأمورين منهيين ، لهم ثواب وعقاب ، وقد أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فالواجب على المسلم أن يستعمل فيهم ما يستعمله في الإنس كما الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله كما شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكما دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم ويعاملهم إذا اعتدوا بما يعامل به المعتدون ، فيدفع صولهم بما يدفع صول الإنس ) ( البيان المبين في أخبار الجن والشياطين – ص 65 ) 0

قلت : لا بد من فهم كلام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – فهما دقيقا ، ولا يجوز مطلقا أن نعتبر هذا الكلام حول موضوع ( الاستعانة ) مسوغا وقنطرة يعبر عليها كل جاهل ومدعي للرقية ، هذا وقد أفردت كلاما مطولا حول هذا الموضوع في هذه السلسلة ( القول المُعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) تحت عنوان ( الاستعانة بالجن ) ، وكذلك كانت هناك وقفات تأمل مع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله– بخصوص هذه المسألة فلتراجع 0

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن إمكانية أن يهتدي جن على يدي إنس إذا سمع موعظة أو ذكرى ؟

فأجاب – حفظه الله - : ( نعم ، فقد سمعوا القرآن : ( 000 فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءانًا عَجَبًا 000 ) ( سورة الجن – الآية 1 ، 2 ) ، وقال : ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا ) الآية ، ولا شك أن منهم الصالحون ومنهم دون ذلك ، ومنهم المسلمون ومنهم القاسطون ، فقد يهتدي بعضهم بالدعوة إلى الدين وكذا يستقيم بالموعظة والتذكير خاصة أو عامة ، والله أعلم ) ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) 0

قال الشيخ عبدالله السدحان : ( فحينما يشرع الراقي بالرقية عليه أن ينوي برقيته هداية هذا الجان المتلبس بالمريض ، وسوف يجد في الغالب سرعة استجابة ، وهذا التجاوب مرده إلى ما ركبه الله فيهم من قوة العاطفة والتأثر ، فالواجب استغلال هذه المزية ) ( قواعد الرقية الشرعية – ص 15 ) 0

قلت : فالواجب يحتم على المعالِج أن يدعو تلك الأرواح إلى الإسلام وأن يستخدم في دعوته معها القواعد الرئيسة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يجبرها على الإسلام إن أبت ذلك ، وقد يرى بعض المعالِجين أن دعوة الجن والشياطين إلى الإسلام لا بد أن يمضي دون إكراه مستشهدا بقول الحق جل وعلا : ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 256 ) ، يعقب سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - على ذلك قائلا :

( الآية المذكورة منسوخة أو مختصة بأهل الكتاب والمجوس إذا بذلوا الجزية ، فالواجب أن يبين للجني الكافر ، وأنه يجب عليه الدخول في الإسلام ويحرم عليه البقاء على الكفر لقوله تعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الأخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ ) ( سورة آل عمران – الآية 85 ) 0 ويبين له تحريم الظلم وأن بقاءه في هذا الإنسان من الظلم ) ( فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين – ص 136 ) 0

قصة واقعية : حضرت فتاة في مقتبل العمر تجاوزت عقدها الثاني ، وكانت تعاني منذ فترة من صرع الأرواح الخبيثة ، تقول والدتها : عندما كان يتلبسها ذلك الشيطان كنا نصاب بحالة من الرعب والخوف والهلع لاختلاف ملامحها الكلية ، وتحول تلك الملامح إلى صورة مرعبة ، وتم رقية الفتاة فنطق على لسانها الجني الصارع وكان مسيحيا واسمه ( يحيى ) وبدأ الحوار معه ، ودعي للإسلام فأبى في بادئ الأمر ، ومع إيضاح الإسلام وسماحته وتعاليمه القيمة النبيلة ، شعرت بليونة في الحوار والنقاش معه وتقبله الأمر ، ولكنه مع ذلك كان يخشى إيذاء الساحر له وبطشه به ، واستمر الحوار ، وقد حرصت من خلاله على إيضاح بعض الأسس العقائدية التي لا بد أن تترسخ في نفسية الإنسان لكي يعيش في تبعية وانقياد لخالقه سبحانه وتعالى لا لشيء سواه ، لأنه المتصرف في هذا الكون وبيده الموت والحياة وله مقاليد الأمر كله 0 وبعد ذلك العرض اقتنع كلية بالأمر ، ومن الله سبحانه وتعالى عليه بالإسلام ، فنطق الشهادتين ، واخترت له اسما هو أحب الأسماء إلى الله سبحانه وتعالى ( عبدالله ) ، وطلبت منه أن يتعلم الطهارة والصلاة ونحوها من الأمور الأساسية التي يحتاجها في حياته ، وبعد أسبوع عادت الفتاة مع أمها فسألت عن حالها خلال تلك الفترة ، فحمدت الأم الله سبحانه وأثنت عليه لما منّ به على ابنتها بالشفاء ، وأخبرتني أن ابنتها قد تخلصت من كافة الأعراض السابقة وأنها تعيش حياتها الطبيعية بفضل الله سبحانه ومنه وكرمه ! ومن الأمور الغريبة التي حدثتني بها الفتاة أنها عندما ذهبت للبيت ، أخذت كتابا يتحدث عن الطهارة والصلاة وبدأت في تصفحه وقراءته ، تقول كنت في بعض الأحيان أقلب الصفحة وكانت تعود تلقائيا وكنت أفعل ذلك مرات ومرات وكان يحصل معي كما حصل في المرة السابقة ، والظاهر والله تعالى أعلم بأن ذلك الجني كان يقرأ معها يريد استيعاب وفهم فحوى تلك الصفحة قبل الانتقال لغيرها ، وتم رقية الفتاة وحضر ( عبدالله ) فسلم ، وعاهد على الخروج وعدم العودة لتلك الفتاة وطلب السماح والدعاء ، ووجهته للذهاب إلى مكة وطلب العلم الشرعي هناك ، وعاهد على ذلك وخرج بفضل الله سبحانه وتعالى ومنه وكرمه 0
ومرت الأيام والشهور ، وإذا بتلك الفتاة تحضر مع أمها ، فسألتها 00 فحمدت الله سبحانه وأثنت عليه لما منّ على ابنتها بالصحة والعافية ، وأخبرتني الأم بأن الفتاة تريد أن تكلمني في أمر ما ، وفي تلك اللحظة شعرت بأن تكوين الفتاة الجسمي بدأ في التغير وكأني أقف أمام رجل عجوز قد بلغ من الكبر عتيا ، وإذا برجل يسلم بتحية الإسلام ويقول : أنا ( إبراهيم ) ، وكان يمسح على لحيته وأخذ بالبكاء ، قال : جئت أخبركم باستشهاد ( عبدالله ) أحسبه كذلك ولا أزكيه على الله سبحانه ، وأرجو أن تسامحوه وأن تدعو له ، وقد أمنني في إيصال تلك الرسالة لكم لكي تحللوه قبل ذهابه للجهاد في سبيل الله ، فقد جاءنا في مكة وحسن إسلامه ، وذهب في تحقيق هذا الهدف وهذه الغاية ، فجاهد في سبيل الله وقتل على ذلك ، ونحسبه من الشهداء والله حسيبه ، فجلست لحظة صمت أفكر في ذلك ، فسلم ( إبراهيم ) وودعني وذهب ، وعاشت الفتاة حياتها الطبيعية بفضل الله تعالى ، والله تعالى أعلم بذلك 0

4)- عدم الانصياع لأية أوامر أو إرشادات تمليها تلك الأرواح الخبيثة ، وقد تكون تلك الأوامر على النحو التالي :-

أ )- أوامر كفرية شركية ، مقابل مفارقة الأرواح الخبيثة لجسد المريض ومنها :
1- الذبح لغير الله سبحانه ، كالذبح للجن ، أو الذبح للساحر ونحوه 0
2- تعليق بعض التمائم الكفرية 0
3- السفر لأضرحة بعض الأولياء والصالحين بزعمهم 0

يقول الأخ أبو أسامة محي الدين : ( بعض الناس يحاولون استرضاء الجن واستمالتهم وذلك بتنفيذ كل ما يطلبون ، زعما أنهم سيخرجون من المريض ، كأن يذبحوا للجني أو يسجدوا له ، أو يطوفوا بشجرة معينة ، أو يعلقوا تميمة معينة ، أو لبسا معينا ، وهذا كله من الحرام والشرك والكفر المنهي عن التداوي بمثله ، وهو خطأ كبير يقـع فيه أهل المريض المصروع وبعض المعالِجين ، لأن الله لم يجعل الشفاء في شيء حرمه ، ولا يجوز التداوي بالمحرمات حسب اتفاق معظم العلماء ) ( عالم الجن والشياطين من القرآن الكريم وسنة خاتم المرسلين - ص 170 ) 0

قلت : إن المؤمن الحق يعتقد اعتقادا راسخا بأن طريق الخلاص والنجاة لعلاج الأمراض الروحية يكمن في العودة الصادقة للمنهل الحقيقي العذب والمتمثل في الكتاب والسنة والتمسك بهما والعض عليهما بالنواجد ، أما استرضاء الجن والشياطين بذبح أو تعليق تمائم كفرية أو زيارة أضرحة الأولياء والصالحين بزعمهم ونحو ذلك من أمور مناقضة للعقيدة ، كل ذلك يعتبر من نواقض الإيمان التي تدخل صاحبها بالكفر والشرك والخروج من هذا الدين بالكلية 0
إن العودة الصادقة ، والتبعية الحقة ، والمحبة الراسخة تؤكد على المؤمن اتباع الحق والتمشي بطريقة أهل السنة والجماعة ( منهج السلف الصالح ) وهذا ما يؤدي بالتأكيد إلى الفلاح والنجاح في الدارين الدنيا والآخرة 0

ب)- أوامر من المعاصي والمخالفات الشرعية لمفارقة الأرواح الخبيثة لجسد المريض ، ومنها :

1- اقتراف بعض المنهيات التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فعلها ، كقتل الضفدع أو الهدهد أو قطع شجر السدر ونحوه 0
2- الطلب من المريضة التبرج والتزين والتعطر ، والخروج سافرة أمام الرجال والنساء 0
3- الطلب من المريضة التراقص والتمايل على أنغام مزامير الشيطان 0

ج )- أمور مباحة مقابل مفارقة الأرواح الخبيثة لجسد المريض ، ومنها :

1- طلب مال ونحوه 0
2- طلب بعض الأمور العينية كعباءة أو حذاء ونحوه 0

فواجب المعالِج التنبه لهذه الأمور وعدم الانصياع لأية أوامر سواء خالفت أو لم تخالف الشريعة دون السماح لتلك الأرواح الخبيثة في الحديث أو الخوض في هذا الموضوع ، ولا بد للمعالِج أن يضع نصب عينية أن الجني الصارع هو ظالم مستبد قد تسبب في إيذاء وصرع المريض ، ولا بد أن يخرج دون قيد أو شرط 0

5)- عدم الاستهزاء بالجن والسخرية منهم ، ولا بد للمعالِج أن يجعل نصب عينيه دعوتهم ، وإيضاح الحق لهم بالوسائل والأساليب الشرعية المتاحة ، دون اللجوء إلى أسلوب السخرية الذي قد يؤدي إلى نتائج عكسية على المريض وقد تصل آثاره إلى المعالِج نفسه ، وكذلك لا بد للمعالِج من تحذير المرضى والعامة من الاستهزاء والسخرية بالجن وذكرهم في مجالسهم بما لا ينفع ونحوه ، لما في ذلك من إثم عظيم ومخالفة لشرع الله سبحانه وتعالى ومنهجه ، ولما قد يؤدي من إيذاء الجن للإنس نتيجة الخوض في هذا الأمر والاسترسال فيه 0

قصة واقعية :-

حصلت هذه القصة منذ فترة طويلة من الزمن ، حيث جاءني شاب في مقتبل العمر ، كان يشكو من صداع شديد مزمن عانى منه لسنوات طوال ، وبعد رقية الشاب نطقت على لسانه جنية وقالت: اسمي ( فاطمة ) وقد جئت لهذا الشاب لسببين رئيسين الأول أنه كان دائما يستهزئ بنا في مجالسه العامة والخاصة ، وأما السبب الثاني فإنه لا يصلي ، وبعد أن تم إيضاح الأمر لها وتذكيرها بالله سبحانه وتعالى ، ووعِدت بعدم استخدام أسلوب الاستهزاء والسخرية بالجن وبغيرهم لأن ذلك مخالف للأحكام الشرعية وفيه إثم عظيم كما أخبر الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ) ( سورة الحجرات – جزء من الآية 11 ) ، وأما السبب الثاني فتم إيضاح أن الهداية والتوفيق والسداد من الله سبحانه وتعالى ، وعلينا أن نبين الحق للناس وأن نعظهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، ولن نستطيع أن نصحح الخطأ بخطأ مثله ، وعاهدت بعد اقتناع كامل ، ثم خرجت بفضل الله سبحانه وتعالى ومنه وكرمه ، وعاد الشاب بصحته لا يشكو شيئا ، والله تعالى أعلم 0

وكل ما ذكرته لك يؤكد أن بعض أهل العلم دعوا الجن والشياطين ، ولا يضير في ذلك شيء ، وكون أن تأخذ بالرأي الآخر فلا يلزم هذا الأمر أن نلزم الآخرين بمثل هذا المنهج ، وخاصة أن الأمر فيه خلاف بين أهل العلم 0
أما بخصوص التقصير مع بني جلدتنا في الدعوة ، فاعلم يا رعاك الله أن المعالج أقرب من غيره بكثير من هذا العالم ، وهذه فرصة سانحة له لدعوتهم إلى الله سبحانه وتعالى ، وكما تعلم فقد ثبت من حديث سعد : ( لأن يهدي بك الله أحداً أحب إليك من حمر النعم ) ( حديث صحيح ) 0

أرجو العذر عن الإطالة ، ولكني شعرت بأهمية هذا البحث والنقاش الذي تضمنه ، وأقول أخيراً أن الخلاف لا يفسد للود قضية ، طالما أن وجهات النظر لا تتعلق بالأصول ، بل لا نقول الفروع ، إنما هيّ جزئيات بسيطة ، قد يحالفنا فيها الصواب وقد نخالفه ، وأقول : ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما اختلفوا فيه من الحق ، فاهدنا لما اختلف فيه بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) 0

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني

أبو البراء 03-09-2004 09:39 AM

شيخنا ( أبو البراء ) حفظه الله تعالى .
ليت المسألة هي خلاف بالجزئيات وليس بالفرع مع اتفاقنا على الأصل ولله الحمد والمنة .
المسألة شيخنا الفاضل تكمن بأصل عظيم ألا وهو ( ذكر الله ) الحصن الحصين من الشيطان الرجيم .
وكما بينا لنا رسولنا الكريم ، بهديه العظيم ، بوحي من القوي الأمين ،
أن من قال الذكر الفلاني كان له حرز من الشيطان ،
ومن قال الذكر هذا ... يقال له كفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان .
ومن قال هذا الذكر ... فلن يزال معه حافظ ولا يقربه شيطان .
ومن قال الذكر الفلاني هذا ( لا يضره شيئ ) ألخ
والأمثلة كثيرة جدا لا تكاد تحصر حول عقيدة المسلم بأن الله قد كفاه شياطين الجن إن أحسن الذكر من قلب ولسان وحسن توكل ويقين .
فلو سلمنا بأن قائل الذكر أو الحصن سيعاوده الشيطان أو الجني الطائر بالمطلق !!! لقلنا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد علمنا أذكارا لا تمت للتحصن بصلة بدليل عدم نجاعتها فكيف لا وقد تحصن المسلم وأوصد الأبواب والنوافذ وأحسن التوكل على الفرد الصمد ؟!

نعم.... ربما يعاود الجني من لا يحسن التوكل ومن يفرط بحصنه كالذي أغلق جميع الأبواب وترك النوافذ مشرّعة .
ولكن ليس الأمر على الإطلاق فرب قائم لا يأخذ من قيامه سوى التعب وهذا إستثناء مقيد بأشخاص معينين صلوا فردت الصلاة إلى وجهوههم وربما صلوا إلى القبور ومثله الصائم الذي لا يأخذ من صيامه سوى الجوع والعطش لفحشه وكلام الزور أو صيامه لغير الله .
أما الحكم العام فهو على الإطلاق يشمل جميع الموحدين المتوكلين على العزيز الحكيم ويستثنى منه أيضا بعض الناس لحكمة يعلمها الله جل في علاه من رفع درجات أو وجود موانع لا يعلمها سوى علام الغيوب .
فأقول : المسألة ليست اجتهادية كما تفضلت ( فلا اجتهاد بورود النص ) لورود نصوص قطعية الدلالة مع قطعية ثبوتها .ولو لم تكن متصلة بأحكام شرعية لقلنا بانها خلاف بالجزئيات أما الإقرار بذلك على اطلاقه نكون قد نسفنا أكثر من عُشر أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم والتي تتحدث عن الذكر وفضائله .
ثم أجد استشهادك أخي بأنه من المشاهد رؤية الحيات والعقارب المتلبسة تلدغ فلانا وعلانا فهذا ليس بمكانه الصحيح فرب إنسان قد لدغ من عقرب عادي غير متلبس فكيف نقول أنه هو ؟
ورب إنسان لدغ من إفعى غير متلبسة فكيف نقول أنه هو ؟
وأغلب ما يحدث لأولائك الناس أنهم لم يتحصنوا بذكر الله من شدة الغفلة أو يزل قدر الله فيهم فيُلدغ من العقرب المتلبس وغير المتلبس وهذا مشاهد ومعلوم .
فكما تعلم شيخنا أن المعقبات (من الملائكة )التي تحفظ الإنسان بإذن الله تكون ملازمة له بشدة طالما كان ذاكرا لله من قبله ولسانه وكلما كان الإنسان قريب من ربه كانت ملاصقة له وتذب عنه مكر الشياطين وإذا أراد الله أن ينزّل قدره بذاك الشخص ( لحكمة يعلمها هو ) تبتعد الملائكة فيأتي أمر الله فيه .


----------------------
واما مسألة :طول المدة من قصرها للمريض .
فلعلك تعلم شيخنا وقد أفدت وأجدت في تصنيفك للعباد (%90 )فهذا معلوم من خلال المشاهد لكن ...
الراقي الداع إلى الله سبحانه يعلم المريض العقيدة الصحيحة ويلزمه بأوامر الله ويرغبه بالأجر العظيم وينهاها عما نهى عنه الشرع ويخوفه من عذاب الله الأليم .
ومن أبى الانصياع والمتابعة فما على الرسول إلا البلاغ ( المبين ) وما أنا عليه بوكيل ولست متحمسا لمتابعته لوجود من هو أولى منه ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
فكم ألتزم خلق كثير بفضل الله ومنه وكرمه من خلال الرقية التي كنت أمارسها سابقا فكنت أشعر بالسعادة لقوله صلى الله عليه وسلم ( من سرته حسنته ) وليس بالغرور كما قد يفهمها البعض .
وكان إلتزام المرضى وعائلاتهم بعد المشاهدة الحسية من قبلهم إحدى الحوافز لي بالمتابعة والمثابرة بالرقية وبذل المال والوقت في سبيل ذلك وكيف لا وأنت ترى بأم عينيك أن الله قد جعلك سببا لهداية ذاك الكم من الضياع مع احتساب الأجر من العزيز الغفور.


ولنأتي الان لطول المدة وقصرها بالتفصيل شيخنا :
إعلم رحمني الله وإياك والله على ما أقول شيهد أن أكثر الحالات التي عالجتها كان الشفاء من الله مئة بالمئة من أول جلسة أو ثانيها وإن عاود المريض الأمر فقطعا قد فرط بالأذكار و أكاد أجزم بذلك مسبقا ويقر المريض بعد سؤاله .
فأمثال أولائك لا أتابع معهم كثيرا لعدم تضييع الوقت وصرفه لمن هم أولى به .
وكما علينا أن لا ننسى بأن أكثر الحالات سببها الوهم والمرض بالاضافة للمس أو السحر والذي هو قليل برأي مقابل الوهم والمرض العضوي .
فعند التشخيص الدقيق لحالة المريض بعد عرضه على الرقية وعدم ظهور عوارض تدل على المس أو السحر أحاول معالجته بالإيحاء والتقوية من عزيمته بتذكيره بالله مع أخذ العلم بسيرته وأسباب الحالة التي أدت به إلى ما هو عليه .
ومثله المريض العضوي بالتنسيق مع بعض الأطباء من طب عام وطب أعصاب بعد أن تعلمت منهم الكثير من الأمراض التي قد تتشابه كثيرا بين المس والمرض .


--------------------------

وأما حول مسألة قولي ( وإن حضر الجني فلا أعتقد أني ملزماً شرعاً بدعوته بدعوته إلى الله وهو بالأصل معتدي ويكفينا قوله صلى الله عليه وسلم أخرج عدو الله ، ونحن لم نقم بالدعوة لبني جلدتنا أو مقصرين بذلك بل أكتفي غالباً بنهره وتهديده ) 0

أقول واوضح : ليس في كلامي ما يمنع من دعوة الجن إلى الإسلام وتذكيره بالله لكن أن لا يكون السمة الغالبة هي الترجي والتذكير دون الحسم والحزم مع المعتدي الصائل خصوصا إن وُجدت عنجرية ونفور من قبله ولكل مقام مقال حسب الموضع الذي يكون فيه الراق .
فسمة الراقي ( والله أعلم ) الحزم والقوة وعدم الانصياع لترهات الجن ومتابعته بكل ما يقوله حتى لا يفسد الجلسة فتتحول لجدل بيزنطي .
فالجزم الجزم والحزم الحزم مع أولائك ويكفينا معهم أخرج عدو الله والنهر والوعيد والتهديد.
وأعيد واكرر:
إذا طال أمد الحالة مع المريض يجب مراجعة الأسباب المؤدية إلى ذلك ولنراجع أنفسنا هل تشخيصنا للحالة صحيحا أم المسألة وهما أو مرضا وقد خفي ذلك على الأطباء أو السبب من الراقي نفسه أو المسترقي لعدم التزامه.
وكيف لا وقد كرم الله بني آدم على سائر المخلوقات والجن أشد فرقا منا لهم إن انتفت الموانع فرب إنسان أقل منزلة من الجن بحسب تقربه وبعده عن الله .

أرجو ان يتسع صدرك لمحبك في الله وأن تنظر في أقوالي وتخاطبني على قدر عقلي فكما بينت آنفا لست شيخا بل أقل من فريخ .

واما بقية التعقيب وبعد قراءة مضنية ....
ليس لدي تعليق مفصل حوله واكتفي برأي ..فقد جانبت الصواب أحيانا وأصبت أحيانا أخرى مثل كاتب ( مهلا أيها الرقاة ) وكأني بدأت أميل لكتابه لما فيه من درر مهمة معلومة لدي من خلال المشاهدة المتكررة مع التحفظ على بعض آرائه فقد أبى الله أن تكون العصمة إلا لكتابه .

فجزاكم الله خيرا على درركم الثمينة ونفع الله بكم أمة الإسلام .
أخوكم / عمر

أبو البراء 03-09-2004 09:40 AM

الأخ المكرم ( عمر السلفيون ) حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وربركاته ،،،

لا أريد أن أطيل في التعقيب ، فقد أوضحت كل ما في جعبتي ، ولكني عندما قلت ( اجتهاد ) لم أقصد مطلقاً مسألة الذكر والدعاء ، ( فلا اجتهاد مع نص ) كما أشرت - حفظك الله - إنما قصدت الاجتهاد في مسألة ( الجن من النوع الطيار ) ، وما ذكرته أنت أخي الحبيب بخصوص الذكر والدعاء لا يتعارض مع ما ذكرته أنا ، وقد أحلتك عليه في الرابط المشار إليه أعلاه فاقرأه بتمعن ، وإن كنت أخالفك الرأي في مسألة الابتلاء ومدته ، فأنا علىيقين تام بأن الشفاء من الله سبحانه وتعالى وحده ، وقد يطول ويقصر لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى ، وإن ثبت لك أن الحالة لا تحتاج معك سوى يوم أو يومين ، فقد ثبت لي أن بعض الحالات ماتت وهي تعاني ما تعاني من تلك الأمراض الروحية ، والأسباب قد تكون كثيرة ، وقد فصلت في تلك الأسباب في ردي السابق ، أما قولك بأن أغلب الحالات هيَّ وهم فهذا الكلام فيه نظر ، وأخشى ما يخشى أن ننساق وراء ما ينشره الأطباء العضويين والنفسيين وإيهام العامة بذلك ، أما بخصوص الحيات والعقارب فلم تفهم قصدي ، فأعد قراءة المكتوب - بارك الله فيك - ، واعتقد أننا بحثنا هذا الموضوع بحثاً مستفيضاً ، وقد آن الأوان لطي تلك الصفحة ، وأرجو للقراء الأعزاء الفائدة من خلال النقاش آنف الذكر ، سائلاً المولى عز وجل أن ينفعنا بالعلم الصالح والعمل النافع ، إنه سميع مجيب الدعاء ، وتقبل تحيات :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

أبو البراء 03-09-2004 09:41 AM

توضيح لما سبق :
إن القول بعدم مكوث المريض أكثر من أسبوع واحد في العلاج لما ثبت بأن الحالة المعينة قد تكون أبعادها المرض ولا يلزم القول بشفاء المريض بتلك الجلسة بل بمعرفة الأسباب الكامنة وراء مرضه وهذا الغالب فيكون الراقي قد أصاب الحالة بجلسة أو أكثر .
أما من ثبت أن به مسا فهو على الغالب يشفى بإذن الله ولا تطول مدته إن انتفت موانع الاستجابة من كيلا الطرفين ( الراقي والمسترقي ) ومثل هذه الحالة تطول مدتها حتى تنتفي الموانع فيتأتى القبول بإذن الله .
والقسم الثالث لا يتم شفاءه لحكمة يعلمها الله تعالى وبكل الحالات لسنا المعنيين الأصليين بالشفاء فما الراقي إلا أحد الأسباب قد سخره الله لذلك والشافي هو الله وحده .
الخلاصة : من كانت مقترن به ( جن ) يبرأ بسهولة بإذن الله ومن كان مرضه ( وهم ) تطول مدته وتقصر حسب مدة اقناع المريض ، ومن كان مرضه عضوي فمن خلال التشخيص الصحيح من قبل الراقي تنتهي مهمته ويحال للطبيب المختص .
ولنقفل هذا الموضوع فقد استوفى حقه بالأخذ والرد .
وعذرا على المداخلة الأخيرة هذه .
أخوكم / عمر

مسك الختام 11-04-2006 05:47 AM

شيخي الفاضل ... جزاك الله خير الجزاء ...
وأجزل لك الأجر والمثوبة والعطاء ...

أبو البراء 12-04-2006 08:11 AM

((( &&& بسم الله الرحمن الرحيم &&& )))

وإياكم أخيتي الفاضلة ومشرفاتنا القديرة ( القابضة على الجمر ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

ابن حزم 12-04-2006 02:49 PM

أود أن أشكر أخونا وشيخنا عمر السلفيون علي اثارة هذا الموضوع الهام وله أقول بارك الله فيك وعليك

وبالطبع الشكر موصول لأخي وشيخي الحبيب أبو البراء


الساعة الآن 10:31 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com