منتدى الرقية الشرعية

منتدى الرقية الشرعية (https://ruqya.net/forum/index.php)
-   ساحة الصحة البدنية والنفسية (https://ruqya.net/forum/forumdisplay.php?f=15)
-   -   نقاش علمي موضوعي حول كتيب ( توعية المرضى 000 ) للدكتور النفسي الصغير !!! (https://ruqya.net/forum/showthread.php?t=1429)

أبو البراء 26-04-2005 06:26 AM

نقاش علمي موضوعي حول كتيب ( توعية المرضى 000 ) للدكتور النفسي الصغير !!!
 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

وقفت منذ مدة على كتيب نافع بشكل عام للدكتور الفاضل " محمد بن عبدالله الصغيّر " استشاري وأستاذ مساعد الطب النفسي في كلية الطب بجامعة الملك سعود في الرياض ، وقد قرأت هذا الكتيب بتمعن فوجدته مفيداً في محتواه ومضمونه بخصوص كافة المعلومات التي تضمنها ولها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بقضايا الطب النفسي والاضطرابات النفسية ، أما ما تضمنه من طرح يتعلق بالرقية الشرعية فقد حصل فيه إجحاف كبير ، وانتقاص بيّن في حق من تصدر هذا الأمر ، وقد لمست من صفحاته مدى المعاناة والألم الذي يجول في صدر كاتبه ، وما كان ذلك إلا بسبب ما يُرى على الساحة اليوم من شطحات وتجاوزات يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان ، وتحتار فيها العقول والأفئدة ، فبدأ الدكتور مقدمته بتلك الكلمات المعبرة :

( فهذه الصفحات تحوي عدداً من الموضوعات المتعلقة بالتداوي بالرقية وما يرتبط بها من مسائل السحر والمس والعين ، مع نبذة مختصرة عن أهم الاضطرابات النفسية الشائعة في المجتمع ، يدفعني لإخراجها ؛ ما هو ملاحظ اليوم من تكالب الناس على كل من يدعي الرقية والمعالجة بالقرآن والأدعية الشرعية ، وانتشار المعالجين المتكسبين والمتطببين ممن قلّ علمهم وورعهم وزاد طمعهم في الدنيا وجشعهم وابتزازهم للناس باسم الدين 0
يلاحظ الأطباء والمختصون معاناة المرضى ودويهم وما يقعون فيه من حيرة وتردد في فهم حالة المريض وأسبابها وطرق علاجها خاصة إذا تم عرض المريض على بعض الرقاة المتكسبين المتطببين ممن يظن بهم الناس خيراً ويكبرونهم بسبب ما يسمعون عنهم من إنجازات ويخفى على كثير منهم حقيقة كثير من هؤلاء وأخطائهم وتخبطهم ، مما يبين الحاجة الماسة إلى توعية دينية – عقدية وشرعية – وطبية صحية ، ترشد المرضى وذويهم إلى طرق التداوي الصحيحة ، وتحذرهم من الوقوع في مخالفات دينية وأخطار طبية ) ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – ص 3 ، 4 ) 0

ومن أجل الإنصاف والعدل وكي نكون متجردين في الحكم على كافة المسائل المتعلقة بالرقية الشرعية والطب العضوي والنفسي ، ولمعرفة مدى التوافق فيما بين تلك الأمراض المتنوعة ، ولأجل أن نسير وفق منهج شرعي علمي يحقق المصلحة الشرعية للإسلام والمسلمين ، كان إضافة هذا المبحث بجزئياته وتفصيلاته 0

وقد رأيت أن أقدم بعض الوقفات والتعليقات على هذا الكتيب بحسناته وعثراته ، لأني شعرت حقيقة بأن الكاتب ونتيجة للأساليب والممارسات المعتمدة في الرقية والعلاج والتي اتسع فيها الخرق على الراقع ، مال ميلاً أفقده في بعض الأحيان الوصف والحكم الدقيق ، وهذا الكلام لا يعني مطلقاً التقليل من مكانة الدكتور الصغيّر العلمية والعملية ، إنما واجب الأخوة يحتم التناصح والتآخي ، والتقارب لا التنافر 0

وقبل أن أبدأ بسرد بعض الوقفات في هذا الكتيب ، أبدأ بعرض بعض المرتكزات الأساسية كنصائح لنفسي أولاً ولأخي الدكتور الصغيّر ثانياً ولكافة الأطباء المتخصصين في الطب العضوي والنفسي ثالثاً ، كي تكون منطلقاً في الحكم على كافة المسائل المتعلقة بالرقية الشرعية ، وهي على النحو التالي :

أولاً : الرقية الشرعية علم له قواعد وأصول ومرتكزات 0

ثانياً : لا بد أن نفرق بين علم الرقى الذي يعتمد على القواعد والأصول والمرتكزات وبين ما يمارس باسم هذا العلم من تجاوزات وشطحات لا تمت لهذا العلم بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد ، ومن هنا يقال : " بأن الجهل بالعلم لا يلغي العلم نفسه " 0

ثالثاً : الحاجة الماسة في الآونة الأخيرة إلى التوعية الدينية العقدية ، وكذلك التوعية الصحية وإرشاد المرضى إلى الكيفية الصحيحة لعلاج الأمراض العضوية والنفسية والروحية 0

رابعاً : لا بد من اجتماع الشمل والكلمة فيما بين العلماء وطلبة العلم والدعاة والمثقفين والكتّاب والمعالجين بالرقية والأطباء العضويين والنفسيين لإظهار العلاقة المطّردة فيما بين الرقية الشرعية والطب العضوي والنفسي وتقنين كافة المسائل المتعلقة بالرقية وإظهار هذا العلم بما يجب أن يكون عليه 0

خامساً : في خضم كافة المهاترات والمزايدات والممارسات غير المسؤولة التي ترتكب باسم الدين وادعاء الرقية الشرعية ، فإنني أدعو أهل الحسبة في بلاد المسلمين عامة ، وفي المملكة العربية السعودية بصفة خاصة للتدخل بقوة في هذا الأمر ، وهذا ما عهدناه من الإخوة في هذا البلد الطيب – وفقهم الله لكل خير - ، إلا أن الأمر يحتاج إلى مزيد من القوة والشدة والحزم في التعامل مع المتكسبين والجهلة الذين لا يرقبون في مسلم إلاّ ولا ذمة ، وبالتالي تقنين المعالجين بالرقية وفق القواعد والأحكام الإسلامية المتعارف عليها ، لكي نقدم الصورة المشرقة عن هذا العلم وأهدافه النبيلة السامية 0

سادساً : لا بد من ترسيخ الاعتقاد لدى الإخوة من أهل الاختصاص في الطب العضوي والنفسي أن الرقية الشرعية وما يدور في فلكها هي تعامل مع الآثار المترتبة عن التقاء عالم الإنس مع عالم الجن ، أو التعامل مع الآثار التي تترتب عن الإصابة بالأمراض الروحية كالصرع والسحر والعين 0

سابعاً : لسنا مطالبين بالدليل الشرعي في إثبات تفصيلات التعامل مع الآثار المشار إليها آنفاً علماً بأن النصوص قد دلت بشكل عام على مثل تلك الآثار ، أما التفصيلات المتعلقة بتلك الآثار فهي تخضع للتجربة والممارسة وتواتر النقل عند الثقات من المعالجين ، شريطة توفر ضوابط معينة لمثل تلك التجارب 0

ثامناً : لا بد من الإشارة إلى مسألة هامة تتعلق بقضايا التشخيص والمتابعة والعلاج في الرقية الشرعية ، فكل ذلك يحتاج إلى الدراسة العلمية الموضوعية المتأنية لكي يكون المعالج قريباً من معرفة الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله تعالى ، ولا بد للإخوة من أهل الاختصاص في الطب العضوي والنفسي من تصحيح معلوماتهم حول هذه الجزئية ، حيث أنهم يعتقدون بأن المعالجين ينظرون إلى الأسباب فقط وأنها وراء معاناة الحالة المرضية ، وهذا مجانب للصواب ، فالعلاج لا يعتمد بأي حال على دراسة المسببات فقط بقدر ما يعتمد على الدراسة العامة الشاملة للحالة المرضية ، وسوف تتضح الصورة كاملة في الوقفة الأولى من هذا البحث 0

تاسعاً : الأولى أن يجمع الإنسان في العلاج والاستشفاء بين الأسباب الشرعية والحسية، من خلال العلاج بالرقية الشرعية ، ومراجعة المستشفيات والمصحات والأطباء الأخصائيين في مجالاتهم المتنوعة 0

عاشراً : لا يجوز التعميم في الحكم على المعالجين بشكل عام ، بناء على ما يُرى على الساحة اليوم من تجاوزات وشطحات في الأساليب والممارسات ، وكل ذلك لا يقلل من قيمة الرقية الشرعية وما قدمته عبر سنين طوال خدمة للإسلام والمسلمين في علاج كثير من الأمراض العضوية والنفسية والروحية ، بل قد كانت سبباً بإذن الله تعالى في شفاء بعض الحالات المرضية المستعصية ، ولا بد أن نعلم جيداً أن هناك بعض الإخوة الأفاضل من أهل الاختصاص في الرقية الشرعية أصحاب علم شرعي ، يسيرون في منهجهم وطريقة علاجهم وفق الأصول والأحكام الشرعية المقررة ، ويحتسبون الأجر من الله سبحانه وتعالى ، ومن هنا كان لا بد من التأني في إصدار بعض المصطلحات كـ ( أكثر ) أو ( وهُم ) ونحو ذلك مما يعطي انطباع لدى الآخرين بتعميم الأمر وشموله لكل من تصدر لموضوع الرقية الشرعية 0

حادي عشر : الأساس في الرقية الشرعية أن يرقيّ كل إنسان نفسه وأهل بيته ومحارمه ، فهذا أسلم وأتقى وأورع ، ولو دعت الحاجة لمراجعة المعالج صاحب العلم الشرعي الحاذق في صنعته المتمرس صاحب الخبرة والممارسة فلا بأس بذلك إن شاء الله تعالى ، أما أن يُعتقد بفلان وفلان فهذا لا يجوز مطلقاً ، وإن وصل مثل هذا الاعتقاد بفلان من الناس وأنه يملك الشفاء والعافية ونحو ذلك فهذا من الشرك والعياذ بالله ، وهنا تكمن أهمية التوعية الدينية والعقدية من قبل المعالجين للمرضى وتوجيههم الوجهة الشرعية والسلوكية الصحيحة وترسيخ الاعتقادات الصحيحة لديهم 0

يتبع / 000

أبو البراء 26-04-2005 06:27 AM

وقفات مع الكتاب :

الوقفة الأولى :

يقول الدكتور محمد بن عبدالله الصغير استشاري وأستاذ مساعد الطب النفسي بجامعة الملك سعود بالرياض ، حول موضوع السحر والمس والعين والأمراض النفسية :

( هذا الموضوع كثرت فيه الآراء ووجهات النظر المتباينة ، وتحدث فيه عدد من المختصين بالأمراض النفسية ، وعدد من المعالجين بالرقية وغيرهم من علماء وطلبة علم ومثقفين وكتّاب وكاتبات وكل أدلى بدلوه وبيّن ما يراه صواباً واستخدمته بعض وسائل الإعلام كمادة إثارة إعلامية بطرق مثيرة أخلت بالجانب العلمي ورسخت بعض المفهومات المغلوطة 0
وقد دلت النصوص الشرعية على أثر السحر والمس والعين على صحة الإنسان ، ولكن لم ترد تفاصيل موسعة في النصوص الشرعية لكيفية ومدى تأثير السحر والمس والعين ، وإنما توسع في ذلك كثير من المعالجين بالرقية وجاءوا فيه بكثير من المخالفات والمبالغات التي راج أكثرها على كثير من الناس فظنّوا ذلك من الشرع وأنه ثابت بأدلة الشرع بينما هو من آراء وتجارب هؤلاء 0 ومن أمثلة ذلك : حصر التخبّط والصرع في المس بحيث يشخصون كل من أصابه شيء من ذلك على أن به مسّاً ، وحصر القلق والكآبة في العين ، وحصر الهلوسة واختلال السمع والبصر في السحر 0

إن السحر والمس والعين أسباب غيبية لا ندرك كنهها ولا نعرف عنها – على وجه الجزم – إلا في حدود ما وردنا من نصوص الشرع ، ولا يمكن إخضاع هذه الأسباب للتجربة والحس لإثباتها أو نفيها بناء على ذلك 0

إن أحد أهم أسباب تباين وجهات النظر حول هذه الأسباب وأثرها في الصحة العقلية والنفسية أن الأمراض النفسية تصنف بحسب وصفها القائم على العلامات والأعراض التي يشكو منها المريض ، وليست تصنف بحسب الأسباب وتحديدها ، ومن ثم فإن الأطباء يشخصون الحالة على ضوء وجود أعراض معينة فيقولون : هذا فصام ، وهذا اكتئاب ، وهذا قلق لاختلاف الأعراض ، وعند نقاش الأسباب يذكر الأطباء ما توصل إليه البحث العلمي التجريبي من نتائج لمسببات الأمراض النفسية ( سواء كانت عوامل وراثية أو كيميائية حيوية أو اجتماعية أو نفسية أو غير ذلك ) 0

وفي المقابل ينظر المعالجون بالرقية لهذه الاضطرابات العقلية والنفسية من زاوية المسببات فيرقون المرضى برقى متفاوته ويسعون للوصول إلى معرفة أي هذه الأسباب وراء الحالة بغض النظر عن طبيعة الحالة وتشخيصها الطبي 0

وعلى هذا فإنه توجد حالات يجزم الرقاة بأنها مس أو سحر أو عين ، ويجزم الأطباء أنها حالات فصام أو اكتئاب أو قلق ، فينشأ خلاف وجدل تحتار فيه كثير من العقول والأفهام ، وكثيراً ما يكون ضحية ذلك المريض وأهله ، الذين لا يدرون كيف يتصرفون في مثل هذه المواقف ، وكثير منهم تقتصر على المعالجة بالرقية ويهمل العلاج الطبي ، وربما حصل العكس ويُغفل الكثيرون أهمية الجمع بين الأسباب الشرعية "الرقية" والمادية " الدواء " ) ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – باختصار - ص 54 – 57 ) 0

قلت : هذا الكلام للدكتور الصغيّر جيد بشكل عام في مضمونه ومحتواه ، إنما يحتاج إلى كثير من الدقة ، وليّ بعض الوقفات اليسيرة بخصوص ما ذكره الدكتور الفاضل تتلخص بالنقاط التالية :

1)- إن فيما ذكره الدكتور بخصوص كثرة الآراء ووجهات النظر المتباينة بين الأطباء النفسيين والمعالجين بالرقية الشرعية والعلماء وطلبة العلم والمثقفين والكتّاب لهو عين الحق ، ومن هنا كان لزاماً على الجميع التأني والتريث وكذلك الدراسة العلمية التحقيقية الموضوعية للوصول إلى الحق المنشود ، ومثل تلك الدراسة تضع النقاط على الحروف ، وتعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي ، خاصة إذا علمنا أن الهدف والغاية للجميع معرفة الحق واتباعه ، وتبقى هناك بعض الأمور المشكلة التي تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة ، من خلال عقد اللقاءات الجادة بين الأطباء النفسيين والمعالجين بالرقية، وكذلك عقد الندوات والمنتديات والمؤتمرات التي يشارك فيها الجميع بأوراق عمل تُدرس بعناية ويتوصل في نهاية الأمر إلى توصيات عامة تخدم الإسلام والمسلمين ، وتُعطي كل ذي حق حقه ، وتُحدد معالم الطريق السوي الصحيح للرقية الشرعية وتنقيتها من كافة الشوائب والرواسب التي لحقت بها من خلال استخدام الأساليب المتبعة وتنوع وتفنن الممارسات التي اتسع فيه الخرق على الراقع نتيجة جهل بعض المعالجين ، وكذلك إيضاح حقيقة الطب النفسي من وجهة نظر علمية بحتة وتحديد كافة الأخطاء التي تُرتكب باسم هذا العلم ، ومحاولة تأصيل مسألة الرقية الشرعية عند كثير من الإخوة في مجالات الطب النفسي وبيان أنها مسألة ثابتة في الكتاب والسنة والأثر ، وأن فيها شفاء ومنفعة بإذن الله تعالى لكثير من الأمراض الروحية كالصرع والسحر والعين ، والأمراض العضوية والنفسية ، والأهم من ذلك كله ايضاح أنه لا يوجد أي تعارض ما بين الرقية الشرعية والطب العضوي والنفسي فكلها أسباب شرعية وحسية للعلاج ، ويبقى أن تُفهم تلك العلوم بأصولها وقواعدها ومرتكزاتها 0

2)- ذكر الدكتور الصغيّر بعض التأثيرات التي قد تحدث نتيجة الإصابة بآفة السحر الخطيرة ، ومنها التخييل ، والتفرقة بين الزوجين ، وتلك بعض الآثار التي قد تحدث بسب السحر وتأثيراته المتنوعة ، والأمر قد يتعدى ما ذكره الدكتور الصغيّر ، فالسحر قد يُمرض وقد يقتل ، وقد يؤدي إلى اضطرابات نفسية أو جنسية ، وقد يؤدي إلى ما يؤدي إليه من أعراض وتأثيرات متنوعة 0

يقول ابن قدامة – رحمه الله – عن السحر :( هو عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه ، ليعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له ، وله حقيقة فمنه ما يقتل ، وما يُمرض ، وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ، ومنه ما يُفرق بين المرء وزوجه ، وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يُحبب بين اثنين ) ( المغني – 10 / 104 ) 0

3)- ذكر الدكتور الصغيّر أنه لم ترد هناك تفاصيل موسعة في النصوص الشرعية ، لكيفية ومدى تأثير السحر والمس والعين ، وإنما توسع في ذلك كثير من المعالجين بالرقية وجاءوا فيه بكثير من المخالفات والمبالغات التي راج أكثرها على كثير من الناس فظنوا ذلك من الشرع وأنه ثابت بأدلة الشرع بينما هو من آراء وتجارب هؤلاء 0

وهذا الكلام جيد بشكل عام إلا أنه يحتاج إلى بعض الدقة ، حيث أنه لم ترد تفاصيل موسعة في النصوص الشرعية لكيفية ومدى تأثير السحر والمس والعين كما أشار إلى ذلك الدكتور الفاضل ، ومع ذلك فقد بيّنت النصوص النقلية الصريحة بعض الأعراض والآثار للأمراض الروحية ، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :

* عن عثمان بن العاص - رضي الله عنه - قال : ( لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف ، جعل يعرض لي شيء في صلاتي ، حتى ما أدري ما أصلي 000 ) ( صحيح ابن ماجة 2858 ) 0

* عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن – قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا – 000 ) ( جزء من حديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الطب ( 50 ) – برقم ( 5766 ) – أنظر صحيح البخاري بشرح الكرماني – 40 ، 41 / 21 ) 0

* عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال : رخص النبي صلى الله عليه وسلم لآل حزم في رقية الحية ، وقال لأسماء بنت عميس : ( مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة ) قالت : لا ، ولكن العين تسرع إليهم ، قال : " ارقيهم " قالت : فعرضت عليه فقال : " ارقيهم " ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب السلام ( 60 ) - برقم 2198 ) 0

* عن أم سلمة - رضي الله عنها - زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى سفعة في وجه جارية في بيت أم سلمة فقال : ( استرقوا لها فإن بها النظرة ) ( متفق عليه ) 0

* عن عبدالله بن عامر قال : انطلق عامر بن ربيعة وسهل بن حنيف يريدان الغسل ، قال : فانطلقا يلتمسان الخَمَر ، قال : فوضع عامر جبة كانت عليه من صوف ، فنظرت إليه – أي إلى سهل – فأصبته بعيني فنزل الماء يغتسل ، قال : فسمعت له في الماء قرقعة فأتيته فناديته ثلاثاً فلم يجبني فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، قال : فجاء يمشي فخاض الماء حتى كأنّي أنظر إلى بياض ساقيه ، قال : فضرب صدره بيده ثم قال :( اللّهمّ أذهب عنه حرّها وبردها ووصبها " الوصب : التعب " ) قال : فقام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأى أحدكم من أخيه أو من نفسه أو ماله ما يعجبه ، فليبركه ، فإن العين حق ) ( صحيح الجامع 556 ) 0

وأنقل في سياق هذا الموضوع كلام مبدع لفضيلة العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله – عندما سئل عن تشخيص المرض من قبل الراقي ، يقول فيه :

( معلوم أن الراقي الذي تتكرر عليه الأحوال ويراجعه المصابون بالمس والسحر والعين ويعالج كل مرض بما يناسبه أنه مع كثرة الممارسة يعرف أنواع الأمراض النفسية أو أكثرها وذلك بالعلامات التي تتجلى مع التجارب فيعرف المباشرة بتغير عينيه أو صفرة أو حمرة في جسده أو نحو ذلك ، ولا تحصل هذه المعرفة لكل القراء وقد يدعي المعرفة ولا يوافق ذلك ما يقوله ، لأنه يبني على الظن الغالب لا على اليقين ، والله أعلم ) ( الفتاوى الذهبية – ص 20 ، 21 ) 0

ومن خلال تتبع النصوص آنفة الذكر وكذلك ما نقله العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين ، يُرى بأن لتلك الأمراض – أعني الأمراض الروحية – آثار تدل عليها ، ولا بد من اليقين بأن نصوص القرآن والسنة لم تُشر في كثير من المواضع إلى التفصيلات الدقيقة بقدر الإشارة إلى العموم ، ومن هنا لا يمكن أن يأتي تفصيل الأعراض والآثار على ما هيَّ عليه في الواقع العملي ، إنما تجد الشارع يحدد قواعد عامة تتعلق بالرقية الشرعية بحيث تعتبر منطلقاً للحكم على المسائل بشكل عام ، ومثال ذلك : ما ثبت في صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال : كنا نرقي في الجاهلية فقلنا : يا رسول الله : كيف ترى في ذلك فقال : " اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " ( صحيح الجامع 1048 ) ، هذا من جهة الرقية ، أما من جهة التوسع في تحديد الأعراض والآثار ، فإن كان هذا التوسع مبنيّ على الدراسة العلمية الموضوعية الجادة وبناء على ما نُقل تواتراً عن الإخوة المعالجين أصحاب العلم الشرعي المتمرسين الحاذقين مع إقرار علماء الأمة لتلك الممارسات ، فلا يرى بأس بمثل هذا التوسع المنضبط إن شاء الله تعالى ، مع علمي اليقين بأن الذي يقصده الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – تلك المخالفات والمبالغات التي اتسع فيها الخرق على الراقع والتي انتشرت بين العامة والخاصة انتشار النار في الهشيم فضلت وأضلت ، فنسأل الله سبحانه وتعالى السلامة والعفو والعافية في الدنيا والآخرة 0

4)- ذكر الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – بعض الأمثلة من آراء وتجارب بعض المعالجين ، بحيث تم حصر التخبط والصرع في المس ، ويشخصون كل من أصابه شيء من ذلك على أن به مسّاً ، وحصر القلق والكآبة في العين ، وحصر الهلوسة واختلال السمع والبصر في السحر ، وحقيقة الأمر فإن مثل هذه التصرفات غير المسؤولة تصدر من بعض المعالجين – وفقهم الله لكل خير - ممن لا يملكون الخبرة والممارسة في الحكم على المسائل العامة المتعلقة بالرقية بشكل عام ، ومن هنا فإنني أنادي الإخوة المتخصصين في الرقية الشرعية بمزيد من البحث والدراسة العلمية الجادة وإعطاء هذا العلم –علم الرقى– حقه بالكامل ، لكي نقدم صورة نقية صافية عن الرقية الشرعية وما يدور في فلكها ، واستئصال كافة الشوائب والرواسب التي علقت بهذا العلم ، لكي لا تصبح الرقية الشرعية مطية لكل نطيحة ومتردية وأكيلة سبع ، ومثار قذف وتشكيك وتشهير من قبل المغرضين والعقلانيين أصحاب الفكر المنحرف الملوث 0

5)- أما قول الدكتور الصغيّر بأن السحر والمس والعين أسباب غيبية لا ندرك كنهها ولا نعرف عنها – على وجه الجزم – إلا في حدود ما وردنا من نصوص الشرع ، ولا يمكن إخضاع هذه الأسباب للتجربة والحس لإثباتها أو نفيها بناء على ذلك 0

فهذا القول هو عين الحق إن كان الأمر يتعلق بالناحية الغيبية التي لا يمكن أن نقر منها إلا ما جاءت تؤكده النصوص النقلية الصريحة ، أما إن كان الأمر يتعلق بالآثار التي تُحدثها تلك الأمراض فلا ينطبق الحكم على الوصف المشار إليه ، وبإمكان القارئ الكريم مراجعة ذلك في كتابي ( الأصول الندية في علاقة الطب بمعالجي الصرع والسحر والعين بالرقية ) ( المبحث الثامن : تساؤلات الطب العضوي والنفسي حول الرقية الشرعية ) ( البند السابع - الرقية الشرعية تعامل مع الآثار الحسية للأمراض الروحية ) 0

6)- ذكر الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – بأن أحد أسباب تباين وجهات النظر بين الأطباء النفسيين والمعالجين بالرقية أن الأطباء يصنفون الأمراض النفسية بناء على العلامات والأعراض ، أما بالنسبة للمعالجين بالرقية فإنها تكون من زاوية المسببات ، فيرقون المرضى برقى متفاوته ويسعون للوصول إلى معرفة أي هذه الأسباب وراء الحالة بغض النظر عن طبيعة الحالة وتشخيصها الطبي 0

أما بالنسبة لتصنيف الأمراض النفسية والحكم عليها من قبل الإخوة من أهل الاختصاص في الطب النفسي ، فهذا الأمر يعود لمعرفتهم ولطبيعة دراستهم العلمية وكون أن يقال بأن التصنيف يتم بناء على العلامات والأعراض فهذا الكلام لا لبس فيه البتة ، إلا أنني أرى وحسب اطلاعي المتواضع في مجال الطب النفسي بأن التصنيف لا يتم بمعزل عن دراسة الأسباب والمسببات ، وكون أن تشخص الحالة بعد الدراسة العلمية بناء على العلامات والأعراض فأهل الطب هم أعلم بذلك ، وأهل مكة أدرى بشعابها ، والاخوة المخلصون من أهل الاختصاص في الطب النفسي هم أهل لمثل هذا العمل الجليل، وهؤلاء ممن يوثق في علمهم ودينهم ، ونحسبهم على خير وصلاح والله حسيبهم 0

أما بالنسبة لما ذكره الدكتور الفاضل - وفقه الله لكل خير – من تصنيف المعالجين بالرقية فإنها تكون من زاوية المسببات ، فيرقون المرضى برقى متفاوته ويسعون للوصول إلى معرفة أي هذه الأسباب مؤدية لتلك الاضطرابات العقلية ، فهذا الكلام مجانب للصواب من الناحية العلمية ، وإن كان مقصود الدكتور الواقع العملي لبعض المعالجين اليوم فهذا حق وصدق ، ولكنني أود أن أصحح نظرة الأخ الفاضل الدكتور الصغيّر حول موضوع الرقية الشرعية وما يدور في فلكها بشكل عام ، حيث أنها علم قائم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يُشخص من خلاله للمرضى بناء على معرفة جزئية معينة كمعرفة الأسباب والمسببات ، فهذه نقطة من مجموعة نقاط لا بد أن يُلِم بها المعالج للحكم على الحالة المرضية بشكل عام ، فلا نستطيع القول بأن كل من سقط وأُغمي عليه في الحمام على سبيل المثال يُعاني من صرع الأرواح الخبيثة ، وليس كل من رأى قطاً أسوداً فجاءه خوف شديد واضطراب لمثل هذا الموقف يعاني من لبس وهكذا ، فالمسألة برمتها تعتمد على الدراسة الموضوعية المتأنية للوصول إلى الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله تعالى ، وبالامكان مراجعة ذلك والتأكد من هذا المنهج من خلال كتابي ( الأصول الندية في علاقة الطب بمعالجي الصرع والسحر والعين بالرقية ) ( المبحث الثامن : تساؤلات الطب العضوي والنفسي حول الرقية الشرعية )( البند السابع - الرقية الشرعية تعامل مع الآثار الحسية للأمراض الروحية ) 0

أما مسألة معرفة الأسباب من قبل بعض المعالجين للحالة المرضية بغض النظر عن طبيعة الحالة وتشخيصها الطبي ، فلا زلنا نتكلم عن فئة من المعالجين ، قل علمها وساء خلقها ، واتخذت هذا العلم مطية لتحقيق مآرب شخصية ، وهؤلاء لا أعنيهم مطلقاً ، وكلي ثقة بأن الدكتور الصغيّر سوف يغير من نظرته العامة وبعض آراءه حول منهجية العلاج المتبعة عند بعض من تصدر للرقية الشرعية إذا اطّلع على هذه السلسلة بكافة تفصيلاتها وجزئياتها ، سائلاً المولى عز وجل أن يَهديّ الجميع لما يحب ويرضى 0

7)- أما قول الدكتور الصغيّر بأنه توجد حالات يجزم الرقاة بأنها مس أو سحر أو عين ، ويجزم الأطباء أنها حالات فصام أو اكتئاب أو قلق فينشأ خلاف وجدل تحتار فيه كثير من العقول والأفهام ، وكثيراً ما يكون ضحية ذلك المريض وأهله ، وكثير منهم تقتصر على المعالجة بالرقية ويهمل العلاج الطبي ، وربما حصل العكس ويُغفل الكثيرون أهمية الجمع بين الأسباب الشرعية " الرقية " والمادية المحسوسة " الدواء " 0

فمسألة الجزم في مسائل التشخيص بالنسبة للأمراض الروحية مجانب للصواب ، حيث أن هذه القضايا تبقى أقرب إلى نطاق العالم الغيبي ، فلا يجوز مطلقاً للمعالج أن يجزم في تحديد الداء ، ويكتفي بالرقية بنية شفاء المريض بإذن الله تعالى ، خاصة أن هناك بعض الحالات التي قد يحتار فيها المعالجون بالرقية الشرعية ويقفون أمامها مكتوفي الأيدي لا يستطيعون أن يحركوا أمامها ساكناً ، وكون أن تكون هنالك وجهات نظر متباينة بين الأطباء والمعالجين فهذا لا يقدح بأي حال في عمل كل واحد منهم ، والطريق الأسلم في مثل هذه الحالة أن يعالج المريض بالرقية الشرعية ، وكذلك بالطب النفسي ، ومراجعة الأخصائيين في هذا المجال ، دون الخوض والهمز واللمز أو إثارة الشبهات والقذف والذم والتشهير من قبل كلا الطرفين ، وهذا سوف يساعد على التقارب والتآخي ، ويولد الاحترام المتبادل بين الطرفين ، ويصب غالباً في مصلحة المريض وأهله ، ومن هنا نكون قد جمعنا في طريقة العلاج بين الأسباب الشرعية والأسباب الحسية كما أشار إلى ذلك الدكتور الصغيّر – حفظه الله – 0

يتبع / 000

أبو البراء 26-04-2005 06:28 AM

الوقفة الثانية :

يقول الدكتور الصغيّر - وفقه الله لكل خير - : ( عدم مراجعة الأطباء النفسيين خوفاً من وصمة العار والعيب والاتهام بالجنون ، وابتعاداً عن الأدوية النفسية التي كثيراً ما يظن أنها مخدرات 0
وقد تستمر المعاناة النفسية زمناً طويلاً وتزداد يوماً بعد يوم ، فيتوغل المرض النفسي في نفس المريض وشخصيته وعقله ويمتد أثره على أهله ومن حوله وعمله وقد يخدع المريض نفسه بتكرار الذهاب للمعالجين بالرقية والتنقل بينهم لعلهم يكتشفون فيه سحراً أو عيناً أو مساً – وهم لا يتوانون في ذلك – مع علمه وقناعته الداخلية بخلوه من ذلك ولكن هرباً من مواجهة المحيط الاجتماعي ولوم الضمير ، وتجنباً للطب النفسي ) ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – ص 59 ، 60 ) 0

قلت : ليّ بعض الوقفات مع كلام الدكتور الفاضل أوجزها بالآتي :

1)- على المسلم أن لا يتوانى في اتخاذ الأسباب الشرعية في العلاج والاستشفاء وذلك باللجوء إلى الرقية الشرعية ، وكذلك اتخاذ الأسباب الحسية من خلال مراجعة المستشفيات والأطباء الأخصائيين سواء كان ذلك في مجال الطب العضوي أو النفسي 0

2)- أما ما ذكره الدكتور الصغيّر بخصوص الخوف والرهبة من مراجعة الأطباء النفسيين فهذا هو الواقع العملي المشاهد عند كثير من المرضى ، خاصة أن بعض التجارب للحالات المرضية أظهرت لهم ما ذكره الدكتور الفاضل عن طبيعة الأدوية النفسية وتأثيراتها السلبية ، وهذا لا يعني مطلقاً أنني أؤيد هذا الاتجاه على إطلاقه ، خاصة أن الطب النفسي علم قائم له أخصائيوه ورجاله ، لا سيما إن كان الطبيب المتخصص في الطب النفسي مشهود له بالناحية الدينية والعملية ، وهوّ في مثل هذه الحالة سوف يكون في غاية الحرص على صحة وسلامة المريض ، ومن هنا فإنني أطالب إخوتي من أهل الاختصاص في الطب النفسي من تقوى الله سبحانه وتعالى في التعامل مع مرضاهم ، وزيادة البحث والدراسة العلمية الموضوعية قبل تشخيص الحالات المرضية وصرف الدواء اللازم ، وكذلك فإني أنصح المرضى بتحري الأطباء النفسيين المشهود لهم بالدين والورع والزهد ، وكذلك بالناحية العملية من حيث الخبرة والممارسة والحذاقة في هذه المهنة الجليلة 0

3)- إلا أنني أخالف الدكتور الرأي في مسألة هروب المرضى من نعتهم بالأمراض النفسية للبحث في أسباب ومسببات تتعلق بالأمراض الروحية من صرع وسحر وعين ، والسبب في ذلك أن الرهبة والخوف من الأمراض الروحية أشد وأعتى عند كثير من الناس من الأمراض النفسية ، وهذا هو الواقع المشاهد والمحسوس ، فالخوف والرهبة تكون في أوجها إذا عُلم أن فلان ممسوس أو أنه مسحور أو أنه معيون وهكذا ، فالقضية أخطر مما يتصور الدكتور الفاضل ، وأنا أتكلم من واقع عايشته مراراً وتِكراراً ، وهناك بعض الناس ممن لا يتصور مطلقاً مثل هذه الأمور ، بل أن الحديث معه في بعض تلك القضايا الروحية يورثه أمراض نفسية لا عد ولا حصر لها 0

4)- أما ما ذكره الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – من تكرار المرضى في الذهاب للمعالجين بالرقية والتنقل بينهم لعلهم يكتشفون فيه سحراً أو عيناً أو مساً – وهم لا يتوانون في ذلك – ، فهذا الكلام يحتاج إلى الدقة ، ولا يمكن التعميم بأي حال من الأحوال ، فهناك إخوة أفاضل يمارسون الرقية الشرعية من واقع علمي وعملي ويسيرون وفق منهج شرعي واضح ابتداء من الدراسة الموضوعية العلمية وانتهاءً في كيفية التعامل مع المرضى ، وكان الأولى أن يقال : " وبعضهم لا يتوانى في ذلك " 0

يتبع / 000

أبو البراء 26-04-2005 06:29 AM

الوقفة الثالثة :

يقول الدكتور الصغيّر - وفقه الله لكل خير - : ( تعميم السحر والمس والعين على كل علة نفسية وعقلية وإغفال دور العوامل الأخرى أياً كانت اجتماعية أو تربوية أو نفسية أو وراثية 0
وقد يكون ذلك مع وعي المريض وإدراكه ، ولكن لصعوبة الاعتراف بالمرض النفسي وما يترتب على ذلك من تبعات يُلقي الشخص بمصيبته على غيره ، ويسقطها على السحر أو أو المس أو العين لسهولة تقبّل المجتمع لهذه الأعذار لما لها من رصيد ديني واجتماعي شائع 0
وما أكثر أولئك الذين يزعمون أنهم رُبطوا عن زوجاتهم بسحر ، أو أصابتهم عين أقعدتهم وأعاقتهم ، وعند التمحيص والتدقيق في أحوالهم وأوضاعهم النفسية والاجتماعية تجتمع قرائن كثيرة وقوية تدل على علل نفسية وهرب من الواقع ومواجهة النفس 0
وقد شاهدت – وشاهد زملاء المهنة – الكثير من ذلك ) ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – ص 60 ، 61 ) 0

واعقب على كلام الدكتور الصغير – وفقه الله لكل خير – بالنقاط التالية :

1)- أما أن يعمم السحر والمس والعين على كافة العلل النفسية والعقلية فهذا عين الخطأ ، ولا زلنا في الحديث عن بعض من تصدر للرقية الشرعية دون علم أو دراية أو تفقه في هذا الأمر بكافة جوانبه ، وهذه الفئة سوف تُسيء للنظرة الخاصة والعامة للرقية الشرعية ، فالواجب يُحتم على المعالجين الوقوف على الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله تعالى من خلال الدراسة العلمية الجادة للحالة المرضية دون التخبط والتخرص والهرطقة ، وعند غلبة الظن بأن الحالة لا تعاني من أية أمراض روحية ، تُحال عندئذ لأهل الاختصاص في الطب النفسي 0

2)- ولا يجوز للمعالج كذلك إغفال دور العوامل الأخرى سواء كانت اجتماعية أو تربوية أو نفسية أو وراثية ، وبعض الأمور المذكورة آنفاً يستطيع المعالج أن يُلم بها من خلال جلسة ما قبل العلاج مع الحالة المرضية ، وقد أشرت إلى مثل ذلك في هذه السلسلة ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) تحت عنوان ( طريقة العلاج التفصيلية – الأمور التي تهم المعالج قبل البدء بالعلاج ) ، وبعد التحقق والتقصي الموضوعي يستطيع المعالج أن يعطيّ حكماً قريباً للواقع بالنسبة للحالة المرضية ، أو أن يتوصل إلى أن الحالة تعاني من اضطرابات نفسية فيحيلها إلى أهل الاختصاص في الطب النفسي 0

3)- وأما قول الدكتور الصغيّر - وفقه الله لكل خير – من صعوبة الاعتراف بالمرض النفسي وما يترتب على ذلك من تبعات يُلقي الشخص بمصيبته على غيره ، ويسقطها على السحر أو المس أو العين لسهولة تقبل المجتمع لذلك ، فقد أوضحت أن هذا الكلام مجانب للصواب بشكل عام وإن كان ذلك هو الواقع العملي لبعض الحالات المرضية ، وقد ذكرت ذلك سابقاً في ( الوقفة الثانية - النقطة الثالثة ) والله تعالى أعلم 0

4)- وأما قول الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – من أن أكثر أولئك الذين يزعمون أنهم رُبطوا عن زوجاتهم بسحر ، أو أصابتهم عين أقعدتهم وأعاقتهم ، وعند التمحيص والتدقيق في أحوالهم وأوضاعهم النفسية والاجتماعية تجتمع قرائن كثيرة وقوية تدل على علل نفسية وهرب من الواقع ومواجهة النفس ، وهذا الكلام بشكل عام يحتاج إلى الدقة ، فنحن لا ننكر مطلقاً الأسباب العضوية وكذلك النفسية التي تؤدي إلى الاضطرابات الجنسية وبالتالي تؤدي إلى الضعف والعجز ونحو ذلك من مشاكل جنسية ، وكذلك الأمر فإنه لا يجوز أن نغفل الأمراض الروحية وتأثيراتها المتنوعة في هذا الجانب ، والحقيقة التي لا بد أن تضبط الأمر هو الدراسة العلمية الموضوعية الجادة من كافة الأطراف سواء كانوا أطباء عضويين أو نفسيين أو معالجين بالرقية الشرعية للوصول إلى الحق المنشود ، ومعرفة الأسباب الحقيقية وراء الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله تعالى ، وكان الأولى أن يقول الدكتور : " من أن بعض أولئك الذين يزعمون أنهم رُبطوا عن زوجاتهم بسحر 000 " 0

يتبع / 000

أبو البراء 26-04-2005 06:30 AM

الوقفة الرابعة :

يقول الدكتور الصغيّر - وفقه الله لكل خير - : ( محاولة تقسيم الأمراض النفسية والعقلية إلى قسمين محدودين : قسم يكون بسبب سحر أو مس أو عين فيعالج بالرقية فقط ، وقسم ليس له ارتباط بالسحر والمس والعين ويعالج بالعلاجات النفسية فقط 0 لقد لمستُ هذه المحاولة من عدد من المعالجين بالرقية والمهتمين بها ، وهؤلاء يغيب عن أذهانهم أن تصنيف الأمراض النفسية مبني على الأعراض وليس على الأسباب ، وأن الرقية ليست محصورة في المس والسحر والعين وأن العلاجات النفسية تفيد في علاج الأعراض ولو كانت الحالة ناتجة عن عين ونحوها ) ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – ص 61 ) 0

1)- لقد تكلمت حول هذه المسألة في الوقفة الأولى البند السابع ، من هذا المبحث ، وبينت أن الأصول والقواعد والمرتكزات لهذا العلم – أعني علم الرقى – لا تقبل بأي حال من الأحوال أن يُشخص من خلاله للمرضى بناء على معرفة جزئية معينة كمعرفة الأسباب والمسببات ، فهذه نقطة من مجموعة نقاط لا بد أن يلم بها المعالج للحكم على الحالة المرضية بشكل عام 0

2)- أما قول الدكتور : " وأن العلاجات النفسية تفيد في علاج الأعراض ولو كانت الحالة ناتجة عن عين ونحوها " فإن كان المقصود إدخال النواحي الدينية من ضمن العلاج النفسي فهذا نتيجته أكيدة وفعالة باعتراف الأطباء النفسيين أنفسهم ، وقد ذكرت بعضاً من نقولاتهم في هذا الكتاب ( المبحث الثامن – تساؤلات في الرقية الشرعية من قبل بعض الأطباء العضويين والنفسيين ) تحت عنوان ( التساؤل الثاني : هل الرقية الشرعية نافعة بإذن الله تعالى لشفاء الأمراض النفسية ) أما إن كان المقصود أن العلاج النفسي البحت كعلم قائم يفيد في علاج الأعراض ولو كانت الحالة ناتجة عن عين ونحو ذلك ، فقد بينت في المبحث السابق تفصيل في هذه النقطة تحت عنوان ( التساؤل الثاني عشر : هل تنفع الأدوية العضوية والنفسية في علاج الأمراض الروحية ) ، وذكرت أن الذي أعرفة من خلال الخبرة المتواضعة في هذا المجال أن الأمراض الروحية كالصرع والسحر والعين هيّ أقرب في حقيقتها إلى النواحي الغيبية ، وهذا الأمر خارج عن نطاق الطب بشقيه العضوي والنفسي ، ولكن لو أثبت لنا الطب النفسي تلك الخاصية من خلال البحث العلمي الموضوعي ودراسة شريحة أو عينة من المجتمع لبعض من يعاني من الاصابة بداء العين واستخدام بعض الأدوية النفسية وشفاء نسبة لا بأس بها نتيجة لذلك لأخذنا بذلك ولم نرده مطلقاً ، مع أني أركز على مسألة هامة وهيّ أن الأمراض الروحية خارجة عن نطاق الطب العضوي والنفسي ولا سبيل مطلقاً لكافة الأجهزة والمكتشفات والمخترعات من الوقوف على حقيقة تلك الأمراض وتأثيراتها والله تعالى أعلم 0

يتبع / 000

أبو البراء 26-04-2005 06:30 AM

الوقفة الخامسة :

يقول الدكتور الصغيّر : ( قصر التداوي من العلل النفسية على الرقى فقط وإهمال التداوي بالعلاجات المباحة من أدوية وغيرها ، وهذا أكثر ما يكون من المعالجين بالرقية وبعض المرضى المتدينين ، وهو مخالف لمقاصد الشريعة التي أباحت التداوي بالمباح سواء للعلل الجسدية أو النفسية ، ويشهد لهذا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : " التلبينة تجم فؤاد المريض ، وتذهب ببعض الحزن " ( متفق عليه ) رواه البخاري 0 والتلبينة : نوع من الطعام ) ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – ص 61 ، 62 ) 0

1)- الأولى أن يلجأ المسلم للتداوي من العلل والأمراض النفسية باتخاذ كافة الأسباب الشرعية والحسية ، أما ترك العلاج النفسي عند من يوثق في علمهم ودينهم فهذا خطأ بيّن قد يؤدي في بعض الأحيان إلى مضاعفات لا تحمد عقباها 0

2)- أما ما ذكره الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير - : " قصر التداوي من العلل النفسية على الرقى فقط وإهمال التداوي بالعلاجات المباحة من أدوية وغيرها ، وهذا أكثر ما يكون من المعالجين بالرقية وبعض المرضى المتدينين " 0

فهذا الكلام فيه إجحاف في حق كثير من الرقاة والمعالجين وهو مجانب للصواب ، ولا زلنا في الحديث عن أصحاب المنهج الشرعي الصحيح ، أما أولئك الجهلة ممن نصبوا أنفسهم للحديث في مسائل الرقية الشرعية ودروبها ومسالكها فلا أعنيهم مطلقاً ، والواجب يحتم الإنصاف في المسألة بشكل عام ، كما أنه قول غير منصف في المرضى المتدينين كما وصفهم الدكتور الفاضل ، وهذه الفئة هم أصحاب العلم الشرعي المتبصرين بحقائق الأمور وهم أعلم الناس بمقاصد الشرعية وبالقواعد الفقهية وبما يجوز وما لا يجوز فأنّى يقال عنهم ذلك،نسأل الله العفو والعافية والسلامة في الدنيا والآخرة0

يتبع / 000

أبو البراء 26-04-2005 06:31 AM

الوقفة السادسة :

يقول الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير - : ( توهّم التعارض بين العلاجات الدوائية " إبر وحبوب ونقط " والرقية ، وأن الرقية لا تؤدي دورها إلا بعد ترك الأدوية النفسية 0
وهذا أكثر ما يقع من المعالجين إما عن جهل ، أو عن مكر وخبث لجذب المرضى واستغلالهم ) ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – ص 62 ) 0

1)- لا يوجد تعارض مطلقاً بين الرقية الشرعية والعلاج الشرعي وبين الطب العضوي والنفسي والعلاج العضوي والنفسي ، ومن قال بغير ذلك فقد وهم ، ونحن مطالبون بالجمع بين اتخاذ الأسباب الشرعية والأسباب الحسية وفي كل خير بإذن الله تعالى ، ونصيحة أوجهها في هذا المقام لبعض المعالجين –وفقهم الله لكل خير–ممن يُلزمون مرضاهم بترك العلاج العضوي أو النفسي أن يتقوا الله في أنفسهم ، حيث أنه ليست هناك أية علاقة مطلقاً في تأثير الرقية بعد أو قبل استخدام الأدوية العضوية أو النفسية ، والأولى القراءة على المريض إذا كان واعياً مدركاً لما حوله إن كان ذلك ممكناً ، وهذا يحتم على المعالجين بالرقية أن يتيقنوا أن المريض أمانة في أعناقهم ، وهم مسؤولون عنه أمام الله عز وجل 0

2)- المسألة الثانية التي لا بد أن تأخذ حيزاً مهماً في حياة المعالج أنه لا ينبغي له بأي حال من الأحوال التدخل في مسائل الطب بشقيه العضوي أو النفسي إلا في حالة حصوله على إجازة في مزاولة مهنة الطب ، أما أن يتدخل في المسائل الطبية دون وعي وإدراك للعواقب الوخيمة التي قد تحدث نتيجة لمثل ذلك التصرف ، فهذا خطأ عظيم ، ويجب أن ينحصر اهتمام المعالج بالحالة المرضية ودراستها دراسة علمية موضوعية متأنية للوصول إلى الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله تعالى ، وإن تبين له أن الحالة تعاني من مرض عضوي أو نفسي فلا بد له من إحالتها إلى من يوثق في علمه ودينة من أهل الاختصاص في مجال الطب العضوي أو النفسي 0

3)- ولا يرى مانع مطلقاً إن كانت هناك مرئيات معينة لدى المعالج بخصوص الحالات التي تعاني من اضطرابات نفسية وتستخدم تلك الحالات بعض العلاجات النفسية من إعطاء توجيهاته ورأيه للحالة المرضية بالعودة إلى الطبيب واستشارته في إمكانية تقليل الجرعة أو تغيير الدواء ونحو ذلك ، أما التدخل المباشر من قبل المعالج لإيقاف الدواء العضوي أو النفسي أو صرف الأدوية للعلاج فهذا لا يجوز مطلقاً وقد يترتب على مثل ذلك الإجراء مضاعفات خطيرة ، ولا يستغرب طرح ذلك فقد وصل الأمر بالبعض إلى استخدام تلك الأساليب مع المرضى ، بل أن البعض فقد حياته نتيجة لمثل تلك التصرفات غير المسؤولة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله 0

4)- وكذلك فإن المعالج مطالب باستشارة الطبيب العضوي في بعض الاستخدامات المتاحة والمباحة من حيث الآثار التي قد تتركها على المريض في العلاج ، وعلى سبيل المثال فالحالات المرضية التي تعاني من أمراض روحية تعطى بعض العلاجات كزيت الزيتون واستخدامه قبل النوم ، وقد يؤدي ذلك إلى ظهور بعض الأعراض الجانبية كحساسية في الجلد ونحو ذلك من أمور أخرى ، وفي مثل هذه الحالة فالمعالج مطالب بتحويل المريض لاستشارة الطبيب الأخصائي في الأمراض الجلدية لتوجيه الحالة الوجهة الطبية الصحيحة ، وقس على ذلك كثير من المواقف التي تتطلب من المعالج أو المريض العودة للطبيب واستشارته في المسائل الطبية 0

5)- وقد يضطر المعالج أحياناً أثناء تأديته لعمله من الاتصال بالطبيب الأخصائي أو زيارته لمعرفة بعض الأمور التي تهمه في العلاج وتساعده في أداء عمله على الوجه المطلوب ، وهذا بطبيعة الحال يساعد على الإلمام بمستلزمات السلامة ومعرفة طرق الوقاية العامة ، واتخاذ مثل تلك الإجراءات تحول دون ترك أي أثر سلبي على سلامة الحالة المرضية العضوية أو النفسية 0

قصة واقعية :

ذات يوم اتصل بي أحد الإخوة الأحبة في ساعة متأخرة من الليل ، يشكو من حالة امرأة قريبة له ، حيث بين لي بأنها تتصرف بقوة غريبة وعجيبة ، وقد ذكر لي بأن الأطباء قد استخدموا معها مادة الفاليوم وأعطيت إبرة ( 15 ملغم ) لتهدئتها ، ومع ذلك بقيت على حالتها السابقة ، وقد أكد الأطباء بأن كمية ( 5 ملغم ) تكفي لمثل ذلك الأمر ، ومن فوري اتصلت بطبيب استشاري لسؤاله عن إمكانية حصول ذلك وإعطاء بعض المرضى مثل هذه الجرعة القوية دون أن يكون لها أيّ تأثير يذكر ، فأشار لي بإمكانية حصول ذلك بالفعل ، وفعلاً عندما توجهت لأعاين تلك المريضة لم يتبين لي أنها تعاني من أية أعراض روحية ، وتم إحالتها إلى الطب النفسي ، وبقيت تحت الإشراف الطبي إلى أن كتب الله لها الشفاء ، والله تعالى أعلم 0

6)- أما قول الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير - " وهذا أكثر ما يقع من المعالجين إما عن جهل ، أو عن مكر وخبث لجذب المرضى واستغلالهم " ، فلا زلت أعتب على الدكتور الفاضل لتعميم الأمر واستخدام أسلوب يميل إلى الحدة ، مع أن المفترض حسن الظن وتغليب أخوة الإسلام على كل اعتبار ، وحمل ما يصدر عن المعالجين أصحاب العلم الشرعي أو ينسب إليهم على المحمل الحسن قدر الإمكان ، وإذا صدر ما لا يمكن حمله فيعتذر عنهم وليعلم أن هذا ليس دعوة إلى القول بسلامتهم من الأخطاء فكلهم خطاءون والكريم النبيل من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه ، وتحاشي الإقدام على تخطئتهم إلا بعد النظر العميق والأناة الطويلة ، والبعد عن مسائل الشغب والفتنة ، والالتزام بأدب الإسلام في انتقاء أطايب الكلام وتجنب الكلمات الجارحة والعبارات اللاذعة ذات اللمز والغمز والتعريض بالسفه والجهل 0

والذي يتبين من خلال ما ينقله الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير - وكأنما هذا هو ديدن أكثر المعالجين ، وهذا خطأ بيّن ، فلا زالت الدنيا بخير ، ولا زالت هذه الأمة بخير ، وسيبقى رجال ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم إلى قيام الساعة 0

يتبع / 000

أبو البراء 26-04-2005 06:32 AM

الوقفة السابعة :

يقول الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير - : ( قصر الاستفادة من الرقية الشرعية على أناس معينين دون غيرهم والسعي إليهم ولو كانوا في بلدة بعيدة وقليلي علم وورع وتصور أن الرقية من هؤلاء لها شأن مختلف لامتلاكهم مميزات خاصة 0
وأكثر ما يكون هذا من العامة " وبالأخص النساء " فتجدهم يقولون : " ذهبنا للشيخ الفلاني وأحضرنا الشيخ الفلاني ليرقي المريض " ، وإذا سألت عن هذا الشيخ فإذا هو من المرتزقة المتاجرين بالرقية – باعه الماء والزيت بأضعاف أثمانها – وعلى أحسن ظن يكون هذا الشيخ شاباً صغيراً في أحد المساجد وبدأ يمتهن الرقية ويتعلم ممارستها في هؤلاء ، وقد يفتي ويتعالم ويترفع على الناس 0
ويهمل هؤلاء الاستشفاء بالقرآن وأدعية النبي صلى الله عليه وسلم والأوراد والأذكار فلا يمارسونها ولا يفعلونها بأنفسهم وإنما يذهبون يطلبونها لدى هؤلاء الذين تصورهم البعض وسائط بين الله وبين العباد ، لا يكون الشفاء إلاّ بدعائهم ورقيتهم ) ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – ص 62 ، 63 ) 0

ومن خلال العرض السابق فإنني أدون بعض الملاحظات وهي على النحو التالي :

1)- الأصل في الرقية الشرعية قراءة الإنسان على نفسه وأهل بيته ومحارمه ، وهذا أسلم وأتقى وأورع 0

2)- لا يجوز الاعتقاد مطلقاً بقصر الاستفادة من الرقية الشرعية على أناس معينين ، بل لا بد من الاعتقاد الجازم بأن الشافي والمعافي هو الله سبحانه وتعالى ، ولا بد أن يُعتقد اعتقاداً جازماً بأن المعالج يسعى في علاج مرضاه لاتخاذ الأسباب الشرعية والحسية ، وهو لا يملك لا لنفسه ولا لأهله ولا لأحد من الخلق ضراً ولا نفعاً ، والأمر بيد الله سبحانه وتعالى فإن شاء كتب الشفاء للمريض وجعل المعالج سبباً في ذلك ، وإن شاء أخر الشفاء لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى 0

3)- لا يجوز أن تقاس النظرة العامة للمعالجين بقدر ما يرتادهم من أشخاص للرقية والعلاج ، بل لا بد من الدراسة الموضوعية الشاملة المتأنية للشخص ذاته وطريقته ومنهجه المتكامل في الرقية والعلاج ، ويكون ذلك من خلال سؤال العلماء وطلبة العلم ، والثقاة من المعالجين المؤهلين لمثل هذا العمل الجليل ، وإن تأكد المريض بأن المعالج يقوم بعمله وفق القواعد والأحكام والأصول المقررة لهذا العلم فهذا هو المطلوب ، وأما إن تأكد غير ذلك ، فلا بد من منع هذا وأمثاله من ممارسة الرقية الشرعية ، كي تحافظ الرقية على كينونتها وتنقى من كافة الشوائب والرواسب التي علقت بها خلال العقد الحالي 0

4)- أما إن كانت النظرة العامة للمعالجين بما يتملكونه من مزايا خاصة كتوفر العلم الشرعي والعقيدة النقية الصافية والورع والتقى والزهد عما في أيدي الناس ، وأعني هنا توفر كافة الشروط والقواعد التي لا بد من توفرها في المعالج بالرقية الشرعية فنعما بذلك ، أما إن كانت النظرة الخاصة من قبل الناس في المعالجين بشكل عام في غير الأمور آنفة الذكر خاصة ما يتعلق بالاعتقاد ، عند ذلك يخشى على أمثال هؤلاء من الوقوع في الشرك والعياذ بالله 0

5)- أما ما ذكره الدكتور الصغيّر : " من تصور بعض المعالجين على أنهم وسائط بين الله وبين العباد ، ولا يكون الشفاء إلاّ بدعائهم ورقيتهم " ، فحمل مثل هذا التصور يعتبر إخلال في معايير العقيدة الصحيحة عند هؤلاء الناس ، ومثل ذلك لا يقدح بالرقية الشرعية ، فالجهل بالعلم لا يلغي العلم نفسه ، وهنا تكون مسؤولية الجميع مسؤولية عظيمة ابتداء بولاة الأمر– وفقهم الله لكل خير– ومروراً بالعلماء وطلبة العلم والدعاة والأطباء وانتهاء بالمعالجين بالرقية الشرعية ، فعليهم تثقيف العامة والخاصة بالتوعية الدينية العقدية ، وكذلك التوعية الإرشادية الصحية لتقديم علم الرقى بأصوله وقواعده ومرتكزاته وبما هو أهل له 0

يتبع / 000

أبو البراء 26-04-2005 06:33 AM

الوقفة الثامنة :

يقول الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير - : " اعتبار المعالجة بالجلسات الكهربائية صعقاً كهربائياً خطيراً يتلف الدماغ ويؤلم المريض ويؤدي إلى نتائج خطيرة 0
وهذا المفهوم الخاطىء ناتج عن الجهل بطبيعة هذا النوع من العلاج وقصر فهمه على اسمه حيث يتبادر إلى الذهن عند سماع كلمة الكهرباء تيار الكهرباء "خط 220 فولت مثلاً وأثره الخطير" 0
والواقع أن هذا النوع من العلاج من أيسر العلاجات النفسية وأقلها ضرراً وآثاراً وأكثرها تأثيراً نافعاً خاصة في حالات الاكتئاب الشديد وبعض حالات الفصام ويشهد لذلك واقع مئات الحالات التي تحسنت بهذا العلاج في شتى أنحاء العالم " ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – ص 65 ، 66 ) 0

1)- القول بأن المعالجة بالجلسات الكهربائية صعقاً كهربائياً خطيراً يتلف الدماغ ويؤلم المريض ويؤدي إلى نتائج خطيرة فهذا عين الخطأ ، ولا يجوز بأي حال أن يُنَصِبَ الإنسان نفسه للحكم على بعض الإجراءات العلاجية المتبعة من قبل الإخوة من أهل الإختصاص في الطب النفسي ، لا سيما أننا نعلم علماً أكيداً حرص الأطباء النفسيين الإسلاميين في الغالب على سلامة الحالة المرضية ، ولا يمكن بأي حال أن يُعتمد أي طريق في العلاج النفسي إلا بعد الدراسات والأبحاث العلمية التي تؤكد هذه الخاصية 0

2)- وقد أشار الدكتور الصغير إلى النتائج الفعالة والأكيدة مع كثير من الحالات المرضية التي تعاني من الاكتئاب الشديد وبعض حالات الفصام ، وأهل هذا التخصص أدرى من غيرهم بخصوص تلك النتائج 0

3)- وقد أشرت في موضع آخر من هذه السلسلة إلى إمكانية استخدام هذا الأسلوب مع مرضى صرع الأرواح الخبيثة ، خاصة أن استخدام الكهرباء مع الجن والشياطين يؤثر تأثيراً قوياً وفعالاً كما هو الحال مع بعض أنواع المرض النفسي ، وقد تعرضت صراحة إلى مسألة هامة تتعلق بالتلاقي بين المعالجين بالرقية الشرعية وبين الأطباء النفسيين في هذا الجانب ، وبالإمكان استخدام هذا الأسلوب من قبل المعالجين بالرقية الشرعية تحت إشراف الطبيب النفسي ، وبذلك تتحقق مصلحة شرعية عظيمة للجميع ، ونغلق الباب كلياً على بعض المعالجين الذين يستخدمون بعض الأساليب المخطرة على صحة وسلامة المرضى ومنها استخدام الصعق الكهربائي بتيار متردد قوته ( 110 أو 220 ) فولت ، بل قد وصل الأمر بالبعض إلى استخدام تيار متردد قوته ( 380 ) فولت ، فنسأل الله العفو والعافية والسلامة في الدنيا والآخرة 0

يتبع / 000

أبو البراء 26-04-2005 06:34 AM

الوقفة التاسعة :

يقول الدكتور الصغيّر - وفقه الله لكل خير- :" كثيراً ما يجزم الناس - المرضى وأقاربهم أو الرقاة أو غيرهم - بأن أعراض الفُصام بسبب سحر أو مسّ " وذلك لغرابة تصرفات المريض وكثرة تخيلاته الباطلة " وهذا الجزم فيه نظر ، فإن كانت بعض الحالات التي شخصها الأطباء على أنها فصام بانت بأنها حالات سحر أو مس ، فلا يعني هذا التعميم ، بجعل كلّ من ظهرت لديه هذه الأعراض مسحورا أو ممسوسا ، وهذا ًً الأمر مشاهد في العيادات النفسية بكثرة حيث يمكث المريض بضع سنوات يتنقل بين الرقاة ولا يتحسن ثم يراجع الأطباء فيستفيد كثيراً من الأدوية المضادة للذهان 0 فليس كل فصام سببه السحر أو المس ، ولا يعني هذا أن يترك المريض التداوي بالرقية المشروعة حتى لمرض الفصام " ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – ص 71 ، 72 ) 0

1)- إن مسألة التأكيد والجزم في تحديد الإصابة بالأمراض الروحية بشكل عام غير صحيح ، بسبب أن تلك الأمراض أقرب في طبيعتها وحقيقتها إلى النواحي الغيبية ، ومسألة التشخيص المتعلقة بهذه الأمراض تكون بعد دراسة الحالة المرضية دراسة مستوفية من كافة جوانبها ، إلا أنه لا تتوفر للمعالج بعض الأمور الملموسة للحكم على الحالة حكماً جازماً كما هو الحال في الطب العضوي لتحديد المعاناة الرئيسية ، ومن هنا تكون المسألة برمتها أقرب إلى الظن ، وكلما كانت الدراسة واقعية ومستوفية للشروط والبحث الشرعي العلمي كلما كان المعالج قريب من تحديد المعاناة والألم 0

2)- ذكر الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – " أن جزم المرضى وأقاربهم أو الرقاة وغيرهم بالنسبة لأعراض الفصام عادة ما تكون بسبب سحر أو مس ، بسبب غراية وتصرفات المريض وكثرة تخيلاته الباطلة " ، وقد بينت في النقطة السابقة خطأ مثل هذا الجزم والاعتقاد ، إنما أحببت أن أشير إلى مسألة هامة ذكرت من خلال سياق كلام الدكتور الفاضل تتعلق بالاهتمام بكل ما يقوله المريض دون تسفيه لرأيه أو الاستهزاء أو السخرية بما يقول ، وتعتبر تلك المعلومات جزئية من الجزئيات التي يستطيع المعالج أن يبني عليها معاناة الحالة المرضية ، فقد تكون المعاناة بسبب الأمراض الروحية ، وقد تكون غير ذلك وتتبع النواحي النفسية ، ومن هنا يكون واجب المعالج تحويل الحالة إلى أهل الاختصاص في الطب النفسي ، وقد أوضحت هذه المسألة لكي لا يفهم كلام الدكتور على غير محمله ، وهو يعلم أكثر من غيره أن من أساسيات العلاج هو جمع المعلومات المتكاملة عن الحالة المرضية إضافة إلى ما يتبع ذلك من تحاليل وأمور أخرى متعلقة بالنواحي الطبية 0

3)- أما ما ذكره الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – ونصه : " وهذا الأمر مشاهد في العيادات النفسية بكثرة حيث يمكث المريض بضع سنوات يتنقل بين الرقاة ولا يتحسن ثم يراجع الأطباء فيستفيد كثيراً من الأدوية المضادة للذهان " ، فكثير من التجارب العملية أثبتت ليّ عكس ما يقوله الدكتور الفاضل ، حيث أن كثير ممن راجع العيادات النفسية لسنوات طوال ولم يتحسن ثم راجع بعض المعالجين بالرقية الشرعية فكتب الله له الشفاء 0

وأنقل ما يؤكد ذلك الكلام بما نقلته جريدة الاقتصادية في عددها الصادر رقم ( 2804 ) ، يوم الخميس 22 ربيع أول 1422هـ ، الموافق 14 يونيه سنة 2001 م ، نقلاً عن أحد المواطنين السعوديين من المدينة النبوية تقول فيه : ( كثرت في الآونة الأخيرة هذه الأمراض – يعني الأمراض النفسية - ، وعندما يصاب المريض بهذه الحالة يذهب إلى الصحة النفسية 0 وأول ما يسأله الطبيب المعالج : هل تكره أحداً ؟ هل تتوقع أن أحداً فعل بك شيء ؟ هل تكره عملك ؟ كيف حالك في النوم ؟ إلى غير ذلك من تلك الأسئلة ، وفي الختام يكتب لك وصفة حبوب منومة ومهدئة أو إبر حسب الحالة التي يراها فتأخذها وتنام ولا تفكر في عمل ولا أولاد ولا زوجة ولا مجتمع ولا شيء 0
هذه العقاقير تنزع منك الهمة ، حتى الصلوات المفروضة لا تستطيع أن تؤديها ، بل إنك ربما لا تستطيع التفكير 0
وقد عرضت لي حالة قبل عشرين عاماً ، كنت أعاني الكسل والنوم والخمول وعدم الجلوس مع الناس وعدم التحدث والكلام ، وقد ذقت الأمرين من هذه الحالة 0
وكنت طوال هذه المدة أواصل استخدام الإبر والحبوب المهدئة ، وسألت الطبيب إلى متى يستمر الحال ؟ قال مدى الحياة 0 وبعد سنتين لا بأس في محاولة ترك تلك الإبر ، ولكني لا أنصحك بذلك 0
وسمعت بمن يقرأ ويرقي بالرقية الشرعية ، ويعالج الناس بذلك ، فقلت لا يضرني أن أعرض نفسي عليه ، وفعلاً ذهبت إليه ، وقرأ عليّ شياً من القرآن ووصف لي ماء وسدر اغتسل به ، ففعلت ذلك ووالله كأنني كنت نائماً واستيقظت من سبات عميق ، وأصبحت حالتي على خير ما يرام ، فأصبحت أذهب لأصلي مع الجماعة في المسجد، وأجالس الصالحين وأتكلم معهم ، وعدت إلى عملي الأصلي وهو التدريس بحب وشوق وشغف ) ( الاقتصادية – بتصرف واختصار - ) 0

وقول ذلك ونقل مثل الكلام السابق لا يعني بأي حال أنني انتقص من قدر الدكتور الفاضل ، بل على العكس من ذلك تماماً حيث أنني أسعى إلى الحق المنشود والذي يتمثل أصلاً بالبحث عن المعاناة الحقيقية من كافة أطراف الموضوع سواء المريض والمعالج والطبيب النفسي ، ولو كان هناك تقوى لله عند كافة الأطراف لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن ، فالواجب يحتم على المريض أولاً أن يتحرى المعالج صاحب العلم الشرعي الذي تتحقق فيه كافة المواصفات والمؤهلات التي تؤهلة لرقية الناس وحمل أمانة هذا العلم ، وكذلك على المعالج أن يسير وفق منهج الكتاب والسنة وأن يتبع طريقاً واضحاً بيناً يعتمد على الأصول والقواعد والأسس الرئيسة لهذا العلم دون التخبط والتشتت والضياع ، وواجب الطبيب النفسي كذلك احترام العلم الذي يعالج به الناس ، فلا يصرف الدواء إلا بعد أن يتأكد من المعاناة الحقيقية ، وبالقدر الذي يحتاجه المريض ، ولو تبين له أن المريض لا يعاني أصلاً من مرض نفسي فالواجب الشرعي يحتم عليه أن يحول الحالة المرضية إلى المعالج الذي يوثق في علمه ودينه ، وعليه أن يحث المرضى على العلاج والاستشفاء بالرقية الشرعية ، ولا بد أن تكون النظرة الأساسية للطبيب النفسي أن يكتب الله الشفاء للحالة المرضية ، واعتقادي الجازم لو أن كافة الأطراف التزمت بذلك المنهج لما حصل مثل ذلك الذي أشار إليه الدكتور آنفاً أو ذكرته في الجهة المعاكسة ، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي الجميع لما يحب ويرضى 0

4)- أما ما ذكره الدكتور الفاضل من تنقل الحالة المرضية بين الرقاة وعدم الاستفادة الجدية من ذلك ، فهذا الأمر يعتمد على عوامل عدة ، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :

أ – الرقية تعتمد بالدرجة الأولى على التوجه الخالص لله سبحانه وتعالى وطلب الشفاء منه وحده ، وهنا تكمن أهمية النية بالنسبة للمريض ، وهل فعلاً يتخذ الأسباب التي تكتب له الشفاء بإذن الله تعالى ، فيذهب للمعالج بالرقية الشرعية وهو يعتقد جازماً أنه سبب من أسباب الشفاء التي يسرها الله سبحانه وتعالى دون أن يَعتَقِدَ به ، أو أنه ينفع بذاته ، فإذا اختل هذا الميزان العقدي فإن الرقية لن تنفعه بأي حال من الأحوال 0

ب - قد يتنقل المريض من معالج لمعالج دون تحري الجانب العلمي والعملي لهؤلاء المعالجين ، ومن هنا إذا اختلت الأسس والقواعد الرئيسة في العلاج عند أولئك ، فكيف نطلب أن يكونوا أسباباً للشفاء وهم في حقيقة الأمر يحتاجون إلى الدواء والشفاء ، والسلاح بضاربه ، وكل إناء بما فيه ينضح 0

ج – وأحياناً قد تتوفر كافة العناصر المساعدة على الاستشفاء والعلاج ، كصحة عقيدة المريض وتوجهه إلى الله سبحانه وتعالى ، وكذلك صحة العقيدة والمنهج بالنسبة للمعالِج ، وهنا قد يكون الأمر ابتلاء من رب العالمين حيث يكون الأمر تمحيصاً لمدى صبر العبد واحتسابه وركونه ورجوعه إليه ، وكل ذلك يكون لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى ، وقد يكون في ذلك رفع درجته ومنزلته يوم الموقف العظيم 0

5)- أما ما ذكره الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – ونصه : " ولا يعني هذا أن يترك المريض التداوي بالرقية المشروعة حتى لمرض الفصام " 0

ولا نريد أن يفهم من كلام الدكتور الفاضل عكس المعنى الحقيقي المراد إيصاله ، فمن استقراء النص في الفقرة السابقة والذي أشار فيه الدكتور إلى الآتي :" وهذا الأمر مشاهد في العيادات النفسية بكثرة حيث يمكث المريض بضع سنوات يتنقل بين الرقاة ولا يتحسن ثم يراجع الأطباء فيستفيد كثيراً من الأدوية المضادة للذهان " ، يشعر القارئ وكأنه يقف أمام تعارض فيما بين النصين ، ولكن لا بد أن يفهم المقصود على مراد صاحبه ، فمقصود الدكتور ما ذكرته في نقطة سابقة من عدم توفر العوامل المؤدية إلى النتائج الإيجابية الفعالة سواء كان ذلك بالنسبة للمريض أو المعالج أو الطبيب النفسي ، وقد أشرت إلى ذلك في الفقرات ( أ ، ب ، ج ) آنفة الذكر ، والله تعالى أعلم 0

يتبع / 000


الساعة الآن 07:02 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com