![]() |
خفيُّ الشرك في قلوبنا
خفيُّ الشرك في قلوبنا للحافظ ابن رجب الحنبلي إنَّ تحقق القلب بمعنى « لا إله إلا الله » وصدقه فيها، وإخلاصه بها يقتضي أنْ يرسخَ فيه تألُّهُ الله وحده، إجلالاً، وهيبةً، ومخافةً، ومحبَّةً، ورجاءً، وتعظيماً، وتوكُّلاً، ويمتلئَ بذلك، وينتفيَ عنه تألُّه ما سواه من المخلوقين، ومتى كان كذلك، لم يبقَ فيه محبَّةٌ، ولا إرادةٌ، ولا طلبٌ لغير ما يُريدُهُ الله ويحبُّه ويطلبه، وينتفي بذلك مِنَ القلب جميعُ أهواءِ النُّفوس وإراداتها، ووسواس الشيطان، فمن أحب شيئاً وأطاعه، وأحبَّ عليه وأبغض عليه، فهو إلههُ، فمن كان لا يحبُّ ولا يبغضُ إلا لله، ولا يُوالي ولا يُعادي إلا له، فالله إلههُ حقاً، ومن أحبَّ لهواه، وأبغض له، ووالى عليه، وعادى عليه، فإلهه هواه، كما قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾. قالَ الحسن: هوَ الذي لا يهوى شيئاً إلا ركبه. وقال قتادة: هوَ الذي كلما هَوِيَ شيئاً ركبه، وكلما اشتهى شيئاً أتاه، لا يَحجزُه عن ذلك ورعٌ ولا تقوى. ويُروى من حديث أبي أمامة مرفوعاً : « ما تحتَ ظلِّ السماء إلهٌ يُعبد أعظم عندَ الله من هوى متَّبع » . وكذلك مَنْ أطاعَ الشيطان في معصية الله، فقد عبده، كما قال الله - عز وجل - : ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾. فتبيَّن بهذا أنَّه لا يصحُّ تحقيقُ معنى قولِ: لا إله إلا الله، إلاَّ لمن لم يكن في قلبه إصرارٌ على محبة ما يكرهه الله، ولا على إرادة ما لا يُريده الله، ومتى كان في القلب شيءٌ مِنْ ذلك، كان ذلك نقصاً في التوحيد، وهو مِنْ نوع الشِّرك الخفيِّ. ولهذا قال مجاهدٌ في قوله تعالى: ﴿ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ﴾ قال: لا تحبُّوا غيري. وفي "صحيح الحاكم" عن عائشة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: « الشِّركُ أخفى من دبيب الذَّرِّ على الصَّفا في الليلة الظَّلماء، وأدناه أنْ تُحِبَّ على شيءٍ مِنَ الجَوْرِ، وتُبغِضَ على شيءٍ مِنَ العدل، وهل الدِّينُ إلا الحبّ والبغض؟ قال الله - عز وجل -: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ﴾ ».[ضعفه الدارقطني، وشطره الأول صحيح] وهذا نصٌّ في أنَّ محبةَ ما يكرهه الله، وبغضَ ما يُحبه متابعةٌ للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة عليه من الشرك الخفيّ. وخرَّج ابن أبي الدُّنيا من حديث أنس مرفوعاً: « لا تزالُ لا إله إلا الله تمنعُ العبادَ مِنْ سخط الله، ما لم يُؤْثِروا دُنياهم على صَفقةِ دينهم، فإذا آثرُوا صفقةَ دُنياهم على دينهم، ثم قالوا: لا إله إلا الله رُدَّتْ عليهم، وقال الله: كذبتم » [إسناده ضعيف]. فتبيَّن بهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: « من شهد أنْ لا إله إلا الله صادقاً من قلبه حرَّمه الله على النار » [إسناده صحيح]، وأنَّ من دخل النارَ من أهل هذه الكلمة، فَلِقِلَّةِ صدقه في قولها، فإنَّ هذه الكلمة إذا صدقت، طهَّرت من القلب كلَّ ما سوى الله، فمن صدق في قوله: لا إله إلا الله، لم يُحبَّ سواه، ولم يَرْجُ إلاَّ إيَّاه، ولم يخشَ أحداً إلاَّ الله، ولم يتوكَّل إلاَّ على الله، ولم تبقَ له بقيَّةٌ من آثار نفسه وهواه، ومتى بقي في القلب أثرٌ لسوى الله، فمن قلَّة الصدق في قولها. ______________ فائدة: عن ابن عباس رضي الله عنهما ، في قول الله عز وجل : ** فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون ** قال: الأنداد هو الشرك، أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن يقول: والله وحياتك يا فلان، وحياتي، ويقول: لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان. لا تجعل فيها "فلان". هذا كله به شرك. [تفسير ابن كثير ( 1 / 196 )] |
خفيُّ الشرك في قلوبنا للحافظ ابن رجب الحنبلي إنَّ تحقق القلب بمعنى « لا إله إلا الله » وصدقه فيها، وإخلاصه بها يقتضي أنْ يرسخَ فيه تألُّهُ الله وحده، إجلالاً، وهيبةً، ومخافةً، ومحبَّةً، ورجاءً، وتعظيماً، وتوكُّلاً، ويمتلئَ بذلك، وينتفيَ عنه تألُّه ما سواه من المخلوقين، ومتى كان كذلك، لم يبقَ فيه محبَّةٌ، ولا إرادةٌ، ولا طلبٌ لغير ما يُريدُهُ الله ويحبُّه ويطلبه، وينتفي بذلك مِنَ القلب جميعُ أهواءِ النُّفوس وإراداتها، ووسواس الشيطان، فمن أحب شيئاً وأطاعه، وأحبَّ عليه وأبغض عليه، فهو إلههُ، فمن كان لا يحبُّ ولا يبغضُ إلا لله، ولا يُوالي ولا يُعادي إلا له، فالله إلههُ حقاً، ومن أحبَّ لهواه، وأبغض له، ووالى عليه، وعادى عليه، فإلهه هواه، كما قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾. قالَ الحسن: هوَ الذي لا يهوى شيئاً إلا ركبه. وقال قتادة: هوَ الذي كلما هَوِيَ شيئاً ركبه، وكلما اشتهى شيئاً أتاه، لا يَحجزُه عن ذلك ورعٌ ولا تقوى. ويُروى من حديث أبي أمامة مرفوعاً : « ما تحتَ ظلِّ السماء إلهٌ يُعبد أعظم عندَ الله من هوى متَّبع » . وكذلك مَنْ أطاعَ الشيطان في معصية الله، فقد عبده، كما قال الله - عز وجل - : ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾. فتبيَّن بهذا أنَّه لا يصحُّ تحقيقُ معنى قولِ: لا إله إلا الله، إلاَّ لمن لم يكن في قلبه إصرارٌ على محبة ما يكرهه الله، ولا على إرادة ما لا يُريده الله، ومتى كان في القلب شيءٌ مِنْ ذلك، كان ذلك نقصاً في التوحيد، وهو مِنْ نوع الشِّرك الخفيِّ. ولهذا قال مجاهدٌ في قوله تعالى: ﴿ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ﴾ قال: لا تحبُّوا غيري. وفي "صحيح الحاكم" عن عائشة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: « الشِّركُ أخفى من دبيب الذَّرِّ على الصَّفا في الليلة الظَّلماء، وأدناه أنْ تُحِبَّ على شيءٍ مِنَ الجَوْرِ، وتُبغِضَ على شيءٍ مِنَ العدل، وهل الدِّينُ إلا الحبّ والبغض؟ قال الله - عز وجل -: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ﴾ ».[ضعفه الدارقطني، وشطره الأول صحيح] وهذا نصٌّ في أنَّ محبةَ ما يكرهه الله، وبغضَ ما يُحبه متابعةٌ للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة عليه من الشرك الخفيّ. وخرَّج ابن أبي الدُّنيا من حديث أنس مرفوعاً: « لا تزالُ لا إله إلا الله تمنعُ العبادَ مِنْ سخط الله، ما لم يُؤْثِروا دُنياهم على صَفقةِ دينهم، فإذا آثرُوا صفقةَ دُنياهم على دينهم، ثم قالوا: لا إله إلا الله رُدَّتْ عليهم، وقال الله: كذبتم » [إسناده ضعيف]. فتبيَّن بهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: « من شهد أنْ لا إله إلا الله صادقاً من قلبه حرَّمه الله على النار » [إسناده صحيح]، وأنَّ من دخل النارَ من أهل هذه الكلمة، فَلِقِلَّةِ صدقه في قولها، فإنَّ هذه الكلمة إذا صدقت، طهَّرت من القلب كلَّ ما سوى الله، فمن صدق في قوله: لا إله إلا الله، لم يُحبَّ سواه، ولم يَرْجُ إلاَّ إيَّاه، ولم يخشَ أحداً إلاَّ الله، ولم يتوكَّل إلاَّ على الله، ولم تبقَ له بقيَّةٌ من آثار نفسه وهواه، ومتى بقي في القلب أثرٌ لسوى الله، فمن قلَّة الصدق في قولها. ______________ فائدة: عن ابن عباس رضي الله عنهما ، في قول الله عز وجل : ** فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون ** قال: الأنداد هو الشرك، أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن يقول: والله وحياتك يا فلان، وحياتي، ويقول: لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان. لا تجعل فيها "فلان". هذا كله به شرك. [تفسير ابن كثير ( 1 / 196 )] |
جزاك الله خيرا أختي سلمى و بارك الله فيك
ولكن هذه الجملة تحتاج إلى إعادة نظر اقتباس:
أعتذر منك أختي سلمى على كثرة مداخلاتي و أسأل الله أن يبارك فيك |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وإياكِ ... بارك الله فيكِ أختي الحبيبة حكيمة بالعكس ولا يهمك حبيبتي هذا المهم وهذا الأفضل والمطلوب هكذا تحصل الفائدة .. ولكن أرجوا أن توضحي السبب في إعادة النظر .. سررت جداً بمتابعتكِ ومشاركاتكِ الطيبة ، أحسن الله إليكِ |
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
جزاك الله خيرا أختي أم سلمى لا تحبوا غيري (يقصد لا تحبوا غير الله ) هكذا على الإطلاق لا تصح إذا فالأخ لا يستطيع أن يحب أخاه و الأم لا تحب أولادها و .... ؟ و لكن المحبة الحقيقية لله عز وجل تكون مقدمة على سواها أي لا يقدم المسلم محبة أي شخص على محبة الله دائما تكون محبة الله هي الأولى و الأعلى والأقوى و و و أرجو أن تكوني قد فهمتي قصدي أختي أم سلمى أحبك في الله |
وإياكِ ... بارك الله فيكِ أختي الحبيبة حكيمة أحبكِ الله الذي أحببتني فيه ، وأنا أحبكِ في الله .. نعم فهمت قصدكِ حبيبتي أولاً / حبيبتي هذا التفسير لم يختلف عليه أحد من الأئمة والعلماء ومجاهد من التابعين والمفسرين وهو ممن يؤخذ منهم العلم ثانياً / محبة الله وحده لا يجب أن تقارن بالمحبة الأخرى " ليس كمثله شيء "و لا تنافي المحبة الأخرى .. بل محبة الله عز وجل وحده سبب للمحبة الأخرى وهذه الأبيات توضح المعنى أكثر إن المحب لمن يحب مطيـع تعصي الإله وأنت تظهر حبه ... هذا محال في القياس بديـع لو كان حبك صادقا لأطعتـه ... إن المحب لمن يحب مطيـع في كل يوم يبتديك بنعمــة ... منه وأنت لشكر ذلك مضيع من أحب الله عز وجل سيحب ما أمر به الله عز وجل أتمنى أن يصلك المعنى تحياتي لكِ |
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
جزاك الله خيرا أختي أم سلمى على الموضوع القيم |
نعم أختي أم سلمى ... وصلني المعنى
اقتباس:
و تعليقي لاينقص من قدرهم أبدا ... بل هم أعلام على رؤوسنا اقتباس:
و إن كنت تقصدين محبة الله لعباده فمعناها معلوم و كيفيتها مجهولة بالنسبة لنا والله أعلم إن كنت أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و من الشيطان و أسأل الله أن يجزيك خير الجزاء |
اقتباس:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وإياكِ ... بارك الله فيكِ أختي الحبيبة رجائي سرني مروركِ الكريم وحسن قولكِ رزقكِ الله خيري الدنيا والآخرة |
اقتباس:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وإياكِ ... بارك الله فيكِ أختي الحبيبة حكيمة قصدت أن محبة العباد لله عز وجل لا تكون كأي محبة أحسن الله إليكِ ووفقكِ لكل خير |
الساعة الآن 02:15 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com