المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التمائم قد تكون شركا أكبر إذا اعتقد معلق التميمة أنها تحفظه بن باز رحمه الله تعالى


الماحى3
08-11-2025, 11:30 AM
التمائم من أنواع الشرك الأصغر
أولا: تعريف التمائم
التمائم لغة جمع تميمة، وهي خرزات كان الأعراب يعلقونها على أولادهم لدفع العين بزعمهم. أو قطعة من الجلد أو الورق، يكتب عليها أدعية وأوراد، يعلقها بعض الناس على مرضاهم، بغرض دفع شر متوقع، أو الشفاء من مرض حاصل وقع1.
ويتضح من تعريف التميمية أنها كانت تتخذ لغرضين:
1- دفع الشرك المتوقع؛ من مرض أو عين، قبل أن يحصل "كالذي يعلق على الصبيان، أو الفرس، أو المساكن، أو السيارات".
2- دفع الشر الذي وقع بالفعل "وهذا الذي يعلق على المريض".
ثانيا: حكم تعليق التمائم
تعليق التمائم من باب شرك الأسباب، وهذا قد يكون أكبر، وقد يكون أصغر، حسب حال صاحبه، ولذلك ينظر في حال المتعلق، وفي حال المعلق.
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى عن التمائم: قد تكون شركا أكبر إذا اعتقد معلق التميمة أنها تحفظه، أو تكشف عنه المرض، أو تدفع عنه الضرر، دون إذن الله ومشيئته2، ويقول رحمه الله في موضع آخر: والصواب أن تعليق التمائم ليس من الاستهزاء بالدين، بل من الشرك الأصغر، ومن التشبه بالجاهلية، وقد يكون شركا أكبر على حسب ما يقوم بقلب صاحب التعليق من اعتقاد النفع فيها، وأنها تنفع وتضر دون الله عز وجل، وما أشبه هذا الاعتقاد، أما إذا اعتقد أنها سبب للسلامة من العين أو الجن ونحو ذلك، فهذا من الشرك الأصغر؛ لأن الله سبحانه لم يجعلها سببا، بل نهى عنها وحذر، وبين أنها شرك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وما ذاك إلا لما يقوم بقلب صابحها من الالتفات إليها، والتعلق بها3.
فتعليق التمائم مع اعتقاد أنها سبب للسلامة من الشر الواقع أو المتوقع: شرك أصغر.
وتعليق التمائم مع اعتقاد أنها تنفع وتضر دون إذن الله ومشيئته: شرك أكبر.
__________
1 انظر: فتح الباري لابن حجر 10/ 196. ولسان العرب لابن منظور 12/ 69-70.
2 مجموع فتاوى الشيخ ابن باز 2/ 384.
3 قاله رحمه الله معلقا على حواشي الشيخ حامد الفقي على كتاب "فتح المجيد" حاشية رقم 133.
(1/141)

ثالثا: نوعا التمائم: التمائم نوعان؛ محرمة، ومختلف فيها.
النوع الأول: التمائم المحرمة
وهي التي جمعت أحد هذه الأمور "واحد يكفي كي تكون محرمة":
1- ليست من الكتاب، ولا من السنة، بل هي من طلاسم اليهود، أو المشركين، أو مستخدمي الجن، ونحوهم.
2- إذا كانت من الخرز، أو الأوتار، أو الحلق من الحديد وغيره كالأساور؛ فإن تعليقها محرم بلا ريب؛ إذ ليست من الأسباب المباحة، ولا الأدوية المعروفة1.
3- إذا كان فيها شرك؛ كالاستغاثة بأحد غير الله عز وجل.
4- إذا كان صاحبها أو حاملها يعتقد أنها تنفع بذاتها، وأنه إن رفعها بقي المرض2.
أدلة التمائم المحرمة: جاءت أدلة كثيرة بتحريم التمائم التي فيها أحد هذه الأمور السابقة، ومن هذه الأدلة:
1- قول الله عز وجل: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ** [الزمر: 38] .
2- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تعلق تميمة فقد أشرك" 3.
3- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرقى والتمائم والتولة 4 شرك" 5.
4- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تعلق شيئا وكل إليه" 6.
__________
1 انظر تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله ص152، 154، 156-162.
2 انظر: معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي 1/ 384 والتمائم في ميزان العقيدة للدكتور علي العلياني ص33.
3 أخرجه أحمد في المسند 4/ 156، والحاكم في المستدرك 4/ 219. ورواة أحمد ثقات، كما قال الهيثمي في مجمع الوائد 5/ 103، وصححه الألباني "السلسلة الصحيحة رقم 492".
4 التولة: شيء تصنع المرأة، تجلب به محبة زوجها، وهو ضرب من السحر. "الدين الخالص 2/ 238".
5 أخرجه أحمد في المسند 1/ 381. والحاكم في المستدرك 4/ 217، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأبو داود وابن ماجه في السنن، كلاهما في كتاب الطب، باب في تعليق التمائم.
وصححه الألباني "السلسلة الصحيحة رقم331".
6 أخرجه أحمد في المسند 4/ 310-311. والترمذي في الجامع الصحيح، كتاب الطب، باب ما جاء في كراهية التعليق. وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/ 208.
(1/142)

النوع الثاني: التمائم المختلف فيها وهي التي جمعت الشروط التالية 1
1- أن تكون بشيء من القرآن الكريم، أو بالأدعية الصحيحة.
2- أن تكون بلغة عربية مفهومة، أو بلغة أخرى يفهم معناها.
3- أن تكون خالية من الطلاسم، والشركيات.
4- أن يكون صاحبها على عقيدة صافية؛ بأنه لا يجلب النفع ولا يدفع الضر إلا الله.
حكم هذا النوع من التمائم:
هذا النوع من التمائم قد اختلف العلماء في حكمه، فرأى بعضهم جوازه، وبعضهم تحريمه. يقول الإمام أحمد: "التعليق كله يكره، والرقى ما كان من القرآن، فلا بأس به"2.
أدلة من قال بتحريم هذا النوع 3:
1- عموم النهي الوارد في التمائم، دون تخصيص نوع منها؛ فقد جاء المنع من تعليق التمائم دون تفصيل. ولو كان تعليق التمائم مشروعا، لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بين الرقية وأذن فيها بقوله: "لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك"4.
2- إن القول بجواز تعليق التمائم المختلف فيها قد يعطل سنة الرقية المتفق عليها.
3- إن القول بتعليق التمائم متردد بين الجواز والتحريم. وما كان كذلك فالأولى اجتنابه درءا للمفاسد، واتقاء للشبهات.
4- تعليق التمائم وسيلة مفضية إلى الشرك؛ فقد يعتقد معلقها أنه لولا التمائم لحصل له كذا وكذا فيحصل فيها تعلق القلب، فيفضي إلى اعتقاد أنها مؤثرة بذاتها. وهذا شرك. وسد الذرائع واجب، ودفع المفاسد مقدم على جلب المصالح5.
__________
1 انظر أحكام الرقى والتمائم للدكتور فهد السحيمي ص243، 253.
2 مسائل الإمام أحمد برواية الكوسج 2/ 169.
3 انظر التمائم في ميزان العقيدة للدكتور علي العلياني ص46-50.
4 تقدم تخريج هذا الحديث ص138، ح"1".
5 انظر معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي 1/ 382.
(1/143)

5- يؤدي تعليقها إلى حمل القرآن ممن لا يفقه معناه، ولا يعرف منزلته، فلا يوقره، وقد يعرض آيات القرآن للامتهان؛ سيما إذا دخل إلى دورات المياه، أو الأماكن القذرة.
وقد تبقى عليه وهو جنب، كما أنها قد تعلق على الأطفال مع تلبسهم بالنجاسة.
6- إن غالب من يتعاطاها صناعة واستعمالا لا يعرفون بصحة الإيمان، ولا بصلاح العمل.
7- إن عمل التمائم قد صار نوعا من أنواع الاتجار بكتاب الله ودينه القويم؛ ففي القول بجوازها فتح الباب أما الدجالين والمشعوذين لعمل التمائم الشركية، والاتجار بها بحجة أنها من القرآن الكريم.
والقول بالمنع من تعليق التمائم هو الراجح والله أعلم، لما تقدم1. وعلى هذا القول عدد كبير من الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين.
قال إبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي "ت96هـ": كانوا يكرهون التمائم كلها، من القرآن وغير القرآن2. ومراده من قوله "كانوا": أي أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهم من سادات التابعين3.