تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ( && الحسد وحقيقته && ) !!!


أزف الرحيل
16-10-2006, 05:50 AM
الحسد وحقيقته

مقدمة:

يقول الله تعالى:﴿ وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين﴾

يقول ابن كثير: قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما "ليزلقونك" لينفذونك "بأبصارهم" أي يعينونك بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم . وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة.

ويقول سبحانه تعالى: ﴿وَدّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتّىَ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ سورة البقرة، الآية:109.، ويقول تعالى:﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلَىَ مَآ آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مّلْكاً عَظِيماً ﴾سورة النساء، الآية:54.، ويقول تعالى: ﴿وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾.

تعريف الحسد وحقيقته
قالت طائفة من الناس: إنّ الحسد هو تمني زوال النعمة عن المحسود، وإن لم يصر للحاسد مثلها. بخلاف الغبطة فإنها تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط. والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود. وهو نوعان:

أحدهما كراهة للنعمة عليه مطلقاً فهذا هو الحسد المذموم وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه فيكون ذلك مرضاً في قلبه، ويلتذ بزوال النعمة عنه وإن لم يحصل له نفع بزوالها.

والنوع الثاني: أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه فهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حسداً في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما قال: ﴿لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها، ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق﴾. ورواه البخاري من حديث أبي هريرة ولفظه﴿لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار فسمعه رجل فقال: يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي هذا فعملت فيه مثل ما يعمل هذا. ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: يا ليتني أوتيت ما أوتي هذا فعملت فيه ما يعمل هذا﴾. فهذا الحسد الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم إلا في موضعين هو الذي سماه أولئك الغبطة، وهو أن يحب مثل حال الغير ويكره أن يفضل عليه. وقد يشكل هنا تسميته حسداً ما دام همه أن ينعم الله عليه بمثل ما أنعم على صاحبه؟ فيقال: مبدأ هذا الحب هو نظره إلى إنعامه على الغير وكراهيته أن يفضل عليه. ولولا وجود ذلك الغير لم يحب ذلك، فذلك كان حسداً لإنه كراهة تتبعها محبة. واما من أحب أن ينعم الله عليه مع عدم التفاته إلى أحوال الناس فهذا ليس عنده من الحسد شيء. ولهذا يبتلى غالب الناس بهذا القسم الثاني. وحقيقة الحسد شدة الأسى على الخيرات تكون للناس الأفاضل وهو غير المنافسة.

قال صاحب اللسان: إذا تمنى أن تتحول إليه نعمته وفضيلته أو يسلبهما هو.

وقال الجوهري: تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وخصه بعضهم بأن يتمنى ذلك لنفسه والحق أنه أعم.

وقال النووي: قال العلماء: هو حقيقي: تمني زوال النعمة عن صاحبها وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصريحة، ومجازي: هو الغبطة وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها فإذا كانت من أمور الدنيا كانت مباحة وإذا كانت طاعة فهي مستحبة.

وقيل: الحسد تمني زوال النعمة عن صاحبها سواء كانت نعمة دين أو دنيا.

وقيل: أن تكره النعم على أخيك وتحب زوالها، فحد الحسد: كراهة النعمة وحب وإرادة زوالها عن المنعم عليه، والغبطة: ألاّ تحب زوالها، ولا تكره وجودها ودوامها، ولكن تشتهي لنفسك مثلها. والمنافسة: هو أن يرى بغيره نعمة في دين أو دنيا، فيغتم ألا يكون أنعم الله عليه بمثل تلك النعمة، فيحب أن يلحق به ويكون مثله، لا يغتم من أجل المنعم عليه نفاسة منه عليه، ولكن غمّاً ألا يكون مثله. وفي الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله، فإنه يكره نعمة الله على عبده وقد أحبها الله ويحب زوالها والله يكره ذلك فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته و لذلك كان إبليس عدوه حقيقة لإن ذنبه كان عن كبر وحسد. وللحسد حد وهو المنافسة في طلب الكمال والأنفة أن يتقدم عليه نظيره فمتى تعدى صار بغياً وظلماً يتمنى معه زوال النعمة عن المحسود ويحرص على إيذائه، ومن نقص عن ذلك كان دناءة وضعف همة وصغر نفس.

وقد اُبتلي يوسف بحسد إخوته له حيث قالوا ﴿لَيوسف وأخوه أحب إلى أبينا منّا ونحن عصبة إنَّ أبانا لفي ضلال مبين﴾ فحسدوه على تفضيل الأب له ولهذا قال يعقوب ليوسف ﴿لاتقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً إن الشيطان للإنسان عدو مبين﴾ ثم إنهم ظلموه بتكلمهم في قتله وإلقائه في الجبّ وبيعه رقيقاً لمن ذهب به إلى بلاد الكفر فصار مملوكاً لقوم كفار.

وقد قيل للحسن البصري: أيحسِد المؤمن ؟ فقال: ما أنساك إخوة يوسف لا أبا لك؟! ولكن غمه في صدرك فإنه لايضرك ما لم تعد به يداً ولساناً.

وقال تعالى في حق اليهود ﴿ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمنكم كفرا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق﴾ يودون أي يتمنون ارتدادكم حسدا، فجعل الحسد هو الموجب لذلك الودّ، من بعد ما تبين لهم الحق لإنهم لمّا رأوا أنكم قد حصل لكم من النعمة ما حصل - بل ما لم يحصل لهم مثله حسدوكم.

وكذلك في الآية الأخرى﴿أم يحسدون الناس على ما ءاتهم الله من فضله فقد ءاتينا آل إبراهيم الكتب والحكمة وآتينهم ملكاً عظيماً فمنهم من ءامن به ومنهم من صدّ عنه وكفى بجهنم سعيراً﴾

وقال تعالى﴿قل أعوذ برب الفلق من شر ماخلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد﴾ وقد ذكر طائفة من المفسرين أنها نزلت بسبب حسد اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم حتى سحروه، سحره لبيد بن الأعصم اليهودي.

وقال الله تعالى﴿ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أُوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة﴾ أي مما أُوتي إخوانهم المهاجرون. قال المفسرون: لا يجدون في صدورهم حاجة أي حسداً وغيظاً مما أُوتي المهاجرون. ثم قال بعضهم: من مال الفيء، وقيل: من الفضل والتقدم، فهم لا يجدون حاجة مما أُوتوا من المال ولا من الجاه، والحسد يقع على هذا. وكان بين الأوس والخزرج منافسة على الدين، فكان هؤلاء إذا فعلوا ما يفضلون به عند الله ورسوله أحب الآخرون أن يفعلوا نظير ذلك، فهي منافسة فيما يقربهم إلى الله كما قال تعالى ﴿وفي ذلك فليتنافس المتنافسون﴾.

والحسد يبقى إلى لحظة نزول عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان قبيل قيام الساعة، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ففي الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿والله لينزلن ابن مريم حكماً عادلا، فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية ولتتركن القلاص نوع من أشرف أنواع الإبل فلا يسعى عليها، ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد﴾.

أبو البراء
25-10-2006, 10:59 AM
http://hawaaworld.net/files/23937/marsa137.gif

http://www.maknoon.com/mon/userfiles/heartttro11.gif

بارك الله فيكم أخيتي الفاضلة ومشرفتنا القديرة ( أزف الرحيل ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

العنزي
13-03-2007, 01:00 PM
جزاك الله خيرا
وبارك فيك
وجعله في ميزان حسناتك

أبو البراء
23-04-2007, 07:30 AM
http://hawaaworld.net/files/23937/marsa137.gif

http://www.maknoon.com/mon/userfiles/heartttro11.gif

بارك الله فيكم أخي الحبيب ومشرفنا القدير ( العنزي ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

بنت المدينه
09-07-2007, 01:13 PM
يقول الله تعالى:﴿ وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين﴾

ازف الرحيل
جزاك الله خيرا
وبارك فيك
وجعله في ميزان حسناتك

أبو البراء
05-08-2007, 05:29 AM
http://hawaaworld.net/files/23937/marsa137.gif

http://www.maknoon.com/mon/userfiles/heartttro11.gif

وإياكم أخيتي الفاضلة ومشرفتنا القديرة ( بنت المدينة ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

محمد زين طه
09-12-2007, 10:13 AM
أنا وبكل صراحة لأئمن بالسحر ولا بالحسد
أرجو منكم الأدلة المادية على ذلك
وشكرن لكم
وهل سحر الرسول(ص)

أبو البراء
09-12-2007, 11:39 AM
:bism:
:icon_sa1: ،،،،،،

الأخ الفاضل ( محمد ) حفظه الله ورعاه

قبل أن أجيب على تساؤلكم ، فإنه لا يليق بنا إلا أن نحتفل بكم في منتدانا الغالي فنقول :

هلا باللي نهليبــــه......وشوفته تشرح البال
ولو رحبت مايكفي.......لك مليون ترحيبــــه

هلا وغلا بالأخ الحبيب ( محمد )

في منتداكم ( منتدى الرقية الشرعية )

احدى الصروح الرائدة المتواضعة في عالم المنتديات الصاعدة

والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة

كلنا سعداء بانضمامكم لمنتدانا الغالي

وكلنا شوق لقرائة حروف قلمكم ووميض عطائكم

هلا فيكم

ونحن بانتظار قلمكم ومشاركاتكم وحضوركم وتفاعلكم

تمنياتي لكم بالتوفيق وإقامة مفعمة بالمشاركات النافعة

http://www.ojqji.net/vb/images/welcom/81.gif


ونحن نعلم بأنكم قد زرتم الموقع لأسباب واعتبارات خاصة ، ولكن واجب الضيافة يحتم علينا ذلك 0

أما قولكم - يا رعاكم الله - :

( أنا وبكل صراحة لا أؤمن بالسحر ولا بالحسد ، أرجو منكم الأدلة المادية على ذلك )

قلت وبالله التوفيق : الأمراض الروحية عموماً أثباتها لا يتم مادياً ، فمصدر التلقي فيها هوالكتاب والسنة وفهم سلف الأمة لتلك النصوص ، ثم بعد ذلك نقف على الآثار المادية التي تحدثها تلك الأمراض 0

أما الأدلة الشرعية فإليكم الروابط التالية والتي تؤكد على أحقيقة هذه الأمراض وأثرها وتأثيراتها :

( && أدلة السحر وتحريمه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم && ) (http://ruqya.net/sehr3.html)

( && أدلة العين والحسد من كتاب الله والسنة النبوية المطهرة && ) (http://ruqya.net/aen2.html)

أما سحر الرسول صلى الله عليه وسلم فثابت في الصحيحين وإليكم تفصيل ذلك :

( && هل سحر الرسول صلى الله عليه وسلم && ) (http://www.ruqya.net/forum/showthread.php?t=618)

بارك الله فيكم أخي الحبيب ( محمد ) وحياكم الله وبياكم مرة ثانية في منتداكم ( منتدى الرقية الشرعية ) وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

محمد زين طه
09-12-2007, 01:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أخوتي الأفاضل أشكر لكم هذه الأدلة القرئانية . ولاكن السؤال هل السحر فقط للمسلمين ولاسيما الفقراء منهم
والمذا ليسحر الأغنياء والمسؤلين , أمأن العين تحسد الإنسان إذا متلك سيارة . فالمذا لا تحسد ماهو أعظم كالبوارج وحاملات الطائرات أو نحسد الطائرات نفسها أليس هذا أعظم من أن نحسد هذا الإنسان الضعيف
هنا يظهر أن كل هذا الوهم والأوهام من الحسد والسحر ماهي إلى أمراض نفسية
هذا التشخيص ليسا من عندي أنا فقط بل ثمانية من أصل عشرة والاثنين من العشرة ليسا عندهم إي دليل مادي ولا معنوي فقط ها كذا كانت قناعتهم...؟
ختاما أرجو منكم الإيضاح المنطقي وأكن لكم من الشاكرين أخوكم محمد زين طه

محمد زين طه
09-12-2007, 01:37 PM
جزاك الله خيرا
وبارك فيك
وجعله في ميزان حسناتك وجمعناً في الفردوس الأعلى مع النبيين والصالحين
أميييييييييين أمييييييييييين أمييييييييييييييين يارب العالمين
أخوكم في الله محمد زين طه

أبو البراء
10-12-2007, 01:19 PM
:bism:
:icon_sa1: ،،،،،،

بارك الله فيكم أخي الحبيب ( محمد ) ، أما قولكم - يا رعاكم الله - :

( ولكن السؤال : هل السحر فقط للمسلمين ولاسيما الفقراء منهم ، ولماذا لا يسحر الأغنياء والمسؤلين )

قلت وبالله التوفيق : السحر هو السحر لا يفرق بين الفقير والغني والمسلم والكافر ، ولا يقع تأثيره إلا بقدر الله الكوني لا الشرعي ، وهومعروف عند الغرب كما هو معروف عند المسلمين ، ولكن طبيعة علمنة هؤلاء الأقوام ونظرتهم المادية المحتى لكافة مناحي الحياة جعلت هذا الأمر يخفى عليهم 0

وحتى تتبلور لكم الصورة أقدم لكم تطور السحر منذ القدم :

( && نبذة عن السحر وتطوره منذ القدم && )

* السحر في قديم الزمان :

يقول صاحب كتاب " قصة الحضارة " : ( وقد كانت الغابات – في رأي الأقدمين – في أول أمرها عامرة بالجن والشياطين والسحرة والمردة والأقزام وعرائس الجن ، والفلاح الساذج في إيرلنده ( إيرلنده : جزيرة أوروبية في بحر الشمال تقع غرب بريطانيا – معجم اللغة والأعلام ) لا يزال يؤمن بوجود الجنيات ويستحيل أن يعترف بشاعر أو كاتب على أنه من رجال النهضة الأدبية هناك إلا إذا أدخل الجنيات في أدبه وشعره ) ( قصة الحضارة – 1 / 101 ) 0

ويقول أيضاً : ( ونحن لا ننكر أن تكون الغابات والأماكن الخربة والصحارى والقبور وأماكن القذارة كالمعاطن والمزابل والحمامات وغيرها من هذا القبيل هي أماكن يأوي إليها الجن بكافة أنواعه غالباً ، إلا أن الإنسان البدائي تصور عالماً من الأرواح يجهل طبيعتها وغاياتها ولهذا سعى إلى الخرافة وعمل على استرضاء تلك الأرواح واجتلابها في جانبه لمعونته ، ومن ثم كان السحر هو جوهر الديانة البدائية بمثابة الروح من شعائر العبادة ، ولهذا تصور الناس آنذاك أن خضما حقيقياً مليئاً بقوة السحر وأطلقوا عليه اسم " مانا " وكان الساحر في رأيهم إنما يقطر قطرات ضئيلة من هذا المورد الذي لا ينتهي ، والذي يستمد منه قدرته على السحر ، وكان هناك ما يسمى بالسحر التمثيلي ( السحر التمثيلي : هو أن يقوم الإنسان بأداء أشباه الأفعال التي يريد أن تحصل له بقوة نفسه ) الذي كان هو أول الطرائق التي كسب بها الإنسان معونة الأرواح ، وكان هذا النوع معروفاً في " سومطرة " ( سومطرة : كبرى جزر أندونيسيا شهيرة بخصب تربتها ) وفي " أرخبيل بابار" ( أرخبيل بابار : هي مجموعة جزر بحر إيجة ) والحال كذلك كان في قبيلة " دياك " في " بورينو " ( بورينو : ثالث جزيرة في العالم وكبرى جزر أندونيسيا ) فقد كان الساحر إذا أراد أن يخفف آلام امرأة تضع يقوم هو بنفسه بحركات الوضع على سبيل التمثيل لعله بذلك يوحي بقوة سحره إلى الجنين أن يظهر ، بل كان أحياناً يقوم الساحر بدحرجة حجر على بطنه ثم يسقطه على الأرض آملا أن يقلده الجنين المستعصي فتسهل ولادته 0 وهذا كله نوع من الإيحاء 0
وفي العصور الوسطى كانوا يسحرون الشخص بأن يغرزوا الدبابيس في تمثال من الشمع يمثل صورته ( قلت : كما حدث تماماً للنبي فقد ذكر ابن حجر في الفتح من الزيادات على رواية عمرة عن عائشة أن الرسول وجد في طلعة الذكر المستخدمة في سحرة الذي فعله لبيد بن الأعصم تمثالاً من الشمع ، وهو تمثال له وفيه إبر مغروزة ووتر فيه إحدى عشرة عقدة فنزل جبريل بالمعوذتين فكلما قرأ الرسول آية انحلت عقدة وكلما نزع إبرة وجد لها ألماً ثم يجد بعدها راحة حتى قام كأنما نشط من عقال – فتح الباري – 10 / 230 – انتهى كلامي ) 000 ) ( قصة الحضارة – 1 / 111 ) 0

وقال : ( وكان هنود بيرو ( بيرو : جمهورية في أمريكا الجنوبية تقع بين كل من كولومبيا ، والبرازيل ، وبوليفيا ، والأرجنتين ) يحرقون الناس ممثلين في دماهم ( دماهم : جمع دمية ومعناها : الصور المزينة فيها حمرة كالدم ومنها الصنم 0 راجع دمى في المعاجم ) ويطلقون على هذا اسم " إحراق الروح " وليس سواد الناس في العصر الحاضر بأرقى من هذا السحر البدائي في أراجيفهم وخرافاتهم فنسمع عن أشياء مثل هذا وإن اختلفت في الطريقة والأسلوب 0
وصحيح أن السحر بدأ بالخرافة إلا أنه انتهى بالعلوم ، فهناك الألوف من أغرب العقائد جاءت نتيجة للفكرة ال******ة القديمة ثم نشأت عنها طقوس عجيبة بعد ذلك ، ولقد بدأ الاعتقاد في السحر في أوائل التاريخ الانساني إلا أنه لم يزل عن الإنسان زوالاً تاماً ، وكانت عبادة الأصنام وغيرها مما يكون له قوة سحرية كالتمائم أرسخ في القدم من السحر نفسه وأثبت منه في أعماق النفوس ثم ظهرت بعد ذلك الأحجبة وما زالت مثلاً من الأمثلة التي تعاصرنا حتى الآن كالأصنام وما إليها من ذوات القوة السحرية – على حد ما يزعمون – والعجيب أن نصف سكان أوربا تقريباً يلبسون المدليات والتمائم ليستمدوا بوساطتها وقاية ومعونة من وراء الطبيعة ) ( قصة الحضارة – 1 / 115 ) 0

وقال أيضاً : ( والواقع أن تاريخ المدنية ليعلمنا في كل خطوة من خطوات سيره كم تبلغ قشرة الحضارة من الرقة والوهن ، ثم كيف تقوم المدنية على شفا جرف هار فوق قمة بركان لا يخمد سعيره من الوحشية البدائية والخرافة الواسعة والجهل المكبوت ، وما المدنية المعاصرة إلا غطاء وضع وضعاً على قمة العصور الوسطى ولا تزال آثار العصور باقية في بعض الناس إلى اليوم ، فقد بالغ فريزر في مبالغة غير مستغربة منه فقال : إن أمجاد العلم تمتد بجذورها إلى سخافات السحر ، لأنه كلما أخفق الساحر في سحره استفاد من إخفاقه هذا استكشافاً لقانون من قوانين الطبيعة ( قلت : لا يجوز اطلاق هذا المصطلح في الواقع ، حيث أن كافة مقادير الحياة بيد الله سبحانه وتعالى وهو المتصرف في هذا الكون بأرضه وسماءه وأفلاكه وكل ما فيه ، وكافة القوانين هي من صنع الله سبحانه وتحت تقديره ومشيئته ) يستعين بفعله على مساعدة القوى غير الطبيعية في إحداث ما يريد إحداثه من ظواهر ثم أخذت الوسائل الطبيعية تسود وترجح كفتها شيئاً فشيئاً ، ولو أن الساحر كان دائماً يخفي هذه الوسائل الطبيعية ليحتفظ بمكانته عند الناس ما استطاع إلى إخفائها من سبيل بأن يعزو الظاهرة التي أحدثها إلى السحر الذي استمده من القوى الخارقة للطبيعة ، وهذا شبيه جداً بأهل هذا العصر حين يعزون الشفاء الطبيعي لوصفات وعقاقير سحرية 0
ثم لا يخفى أنه كان للكهنة دور كبير في إضرار الناس في إبقائهم على الخرافة باحتكارهم لضروب معينة من المعرفة ، وقد كان أدب الكهنة آنذاك ترانيم دينية وطلاسم سحرية يتغنون بها عادة 0 وتنتقل بالرواية من ذاكرة إلى أخرى ، وكانت الكلمة التي معناها الشعر عند الرومان تدل على الشعر وعلى السحر في آن واحد ، وكذلك الكلمة التي معناها النشيد عند اليونان معناها في الأصل طلسم سحري ، وقد تطورت أنغام الشعر وأوزانه تطوراً ظاهراً على أيدي السحرة في ذلك الوقت ليزيدوا – بزعمهم – من التأثير السحري ) ( قصة الحضارة – باختصار – 1 / 116 ، 117 ، 132 ) 0

وقال : ( ولا شك أن التنجيم سابق على علم الفلك ، وقد دام وجوده على الرغم من ظهور علم الفلك أما طرق العلاج في هذه الفترة البدائية فكانت باصطناع الرقية السحرية التي من شأنها – على حد دعواهم – أن تسترضي الروح الشريرة التي حلت في البدن العليل لعلها تتركه ، وكان للخزاف دور في تصوير الأشخاص في تماثيل يستفاد منها في تمائم السحر ) ( قصة الحضارة – باختصار – 1 / 136 ، 137 ، 148 ) 0

* نبذة تاريخية عن السحر وتطوره حتى عصرنا الحاضر : ( أنظر بتصرف – أحكام القرآن للجصاص – 1 / 43 ، 44 ، فتح الباري – 10 / 222 ، 223 ) 0

يرجع تاريخ السحر إلى ما قبل زمن نوح عليه السلام لأن قصة هاروت وماروت ( هاروت وماروت قيل أنهما بدل من الشياطين ، وقال الحسن : هما علجان كانا ببابل ملكين ، وقيل أنهما ملكان نزل عليهما السحر فتنة وامتحاناً يعلمان السحر تعليم إنذار من السحر لا تعليم دعاء إليه – الجامع لأحكام القرآن للقرطبي – 2 / 50 ، 52 ، 54 ) كانت قبل زمنه عليه السلام على ما ذكره ابن اسحق وغيره ، وكان السحر موجوداً في زمن نوح عليه السلام إذ أخبر الله عن قوم نوح أنهم زعموا أنه ساحر 0

وفي عهد إبراهيم الخليل كان سحر أهل بابل وكانوا قوماً صابئين يعبدون الكواكب السبعة ويسمونها آلهة ، ويعتقدون أن حوادث العالم كلها من أفعالها ، وعملوا أوثاناً على أسمائها ، وجعلوا لكل واحد منها هيكلاً فيه صنمه ، ويتقربون إليها بضروب من الأفعال على حسب اعتقاداتهم من موافقه ذلك للكوكب الذي يطلبون منه بزعمهم إليه بما يوافق المشتري من الدخن والرقى والعقد والنفث عليها ، ومن طلب شيئاً من الشر والحرب والموت والبوار لغيره تقرب بزعمهم إلى زحل بما يوافقه من ذلك ، ومن أراد البرق والحرق والطاعون تقرب بزعمهم إلى المريخ بما يوافقه من ذبح بعض الحيوانات وجميع تلك الرقى بالنبطية ( النبطية : لغة قديمة أول من استعملها آدم عليه السلام حينما استيقظ فوجد حواء بجواره فقال " أثا " بالنبطية امرأة – بتصرف – جامع البيان في تفسير القرآن للطبري – 4 / 150 ) تشتمل على تعظيم تلك الكواكب لتحقيق ما أرادوا من خير أو شر أو محبة وبغض فتعطيهم ما شاؤا من ذلك ، فيزعمون أنهم عند ذلك يفعلون ما يريدون في غيرهم من غير مماسة ولا ملامسة سوى ما قدموه من القربات للكوكب الذي طلبوا ذلك منه ، وكان من العامة من يزعم أنه يقلب الإنسان حماراً أو كلباً ، ثم إذا شاء أعاده ويركب المكنسة والخابية ( الخابية : وعاء الماء الذي يحفظ فيه والجمع الخوابي – المعجم الوسيط – 1 / 212 ) ويطير في الهواء فيمضي من العراق إلى الهند وإلى ما شاء من البلدان ثم يرجع من ليلته 0

وكانت السحرة من خلال عبادتهم للكواكب وكل ما دعا إلى تعظيمها تموه بحيل على العامة زاعمة لهم أن سحرهم لا ينفذ ولا ينتقع به أحد ، ولا يبلغ ما يريد إلا من اعتقد صحة قولهم وتصديقهم فيما يقولون ، ولم تكن ملوكهم تعترض عليهم في ذلك ، بل كانت السحرة عندهم بالمحل الأجل لما كان لهم في نفوس العامة من التعظيم والإجلال ، ولأن الملوك في ذلك الوقت كانت تعتقد ما تدعيه السحرة 0

ولما كانت علوم أهل بابل ( بابل : قطر من الأرض ، قيل : العراق وما والاه ، وقال قوم : هو جبل نهاوند – الجامع لأحكام القرآن للقرطبي – 2 / 53 ) تقوم على الحيل والنيرنجيات ( النيرنج والنيرج : أخذ كالسحر وليس به إنما هو تشبيه وتلبيس – هامش الجامع لأحكام القرآن للقرطبي – 2 / 42 ) وأحكام النجوم ، فقد بعث الله إليهم إبراهيم الخليل مبطلاً لمعتقداتهم الباطلة ودعاهم إلى الله تعالى وحاجهم بالحجج التي بهرتهم 0

وكان أهل بابل ببلاد العراق والشام ومصر والروم على هذه المعتقدات إلى أيام بيوراسب الذي تسميه العرب الضحاك وكان ساحراً 0

وقد استطاع افريدون وكان من أهل دنباوند أن يقضي على بيوراسب ويزيل ملكه ويأسره في جبل دنباوند العالي 0

ولا يزال جهال الناس يزعمون أن بيوراسب حي في جبل دنباوند وأن السحرة يأتونه هناك فيأخذون عنه السحر ، وأنه سيخرج فيغلب على الأرض ، وأنه هو الدجال الذي أخبر به النبي وحذرنا منه ، ولعلهم أخذوا ذلك عن المجوس 0

ثم صارت مملكة إقليم بابل للفرس فانتقل بعض ملوكهم إليها في بعض الأزمان فاستوطنوها ، ولم يكونوا عبدة أوثان ، بل كانوا موحدين مقرين بالله وحده ، إلا أنهم مع ذلك يعظمون العناصر الأربعة : الماء والنار والأرض والهواء لما فيها من منافع الخلق وأن بها قوام الحياة ، وإنما حدثت المجوسية فيهم بعد ذلك في زمن كشتاسب حين دعاه زرادشت فاستجاب له على شروط وأمور 0

وكانت الفرس تتعبد بقتل السحرة وإبادتها ، ولم يزل فيهم ومن دينهم قبل حدوث المجوسية فيهم وبعده إلى أن زال عنهم الملك 0

وفي زمن فرعون كان الناس ، يتبارون بالعلم والسحر والحيل ، ولذلك بعث الله إليهم موسى عليه السلام بآياته ( الآيات التسع : هي العصا واليد البيضاء والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمسة وفلق البحر – تهذيب الأسماء واللغات للنووي – ص 120 ) التسع التي علمت السحرة أنها ليس من السحر في شيء ، وأنها لا يقدر عليها غير الله تعالى 0

( وفي عهد سليمان كان السحر متفشياً فجمع سليمان كتب السحر والكهانة ودفنها تحت كرسيه ، فلم يستطع أحد من الشياطين أن يدنو من الكرسي فلما مات سليمان ، وذهب العلماء الذين يعرفون الأمر ، جاء الشيطان في صورة إنسان فقال لليهود ، هل أدلكم على كنز لا نظير له ؟ قالوا نعم ، قال : فاحفروا تحت الكرسي فحفروا – وهو متنح عنهم – فوجدوا تلك الكتب ، فقال لهم : إن سليمان كان يضبط الإنس والجن بهذا ، ففشا فيهم أن سليمان كان ساحراً 0
فلما نزل القرآن بذكر سليمان في الأنبياء ، أنكرت اليهود ذلك ، وقالوا إنما كان ساحراً ، فنزل قوله تعالى : ( وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) " سورة البقرة – الآية 102 " ) ( أخرجه الطبري وغيره عن السدي ، ومن طريق سعيد بن جبير بسند صحيح نحوه ، ومن طريق عمران بن الحارث عن ابن عباس موصولاً بمعناه – فتح الباري – 10 / 223 ) 0

وقيل إن الشياطين هي التي كتبت السحر ودفنتها تحت كرسي سليمان ، فلما مات سليمان استخرجتها وقالوا هذا العلم الذي كان سليمان يكتمه عند الناس ، وقيل غير ذلك 0

يقول إبراهيم الجمل : ( وقبل ظهور المسيح بخمسة آلاف عام ، زاول الساحر ( زوروستر ) السحر في بلاد الفرس ، ويعتبر هذا الساحر واضع طرق السحر وأسسه التي سار عليها الكنعانيون والمصريون والهنود وغيرهم 0
وكان لكل فئة معتقد خاص يعتقده في القوة السحرية فمنهم من يعتقدها في القطط والكلاب ومنهم من يعتقدها في الطيور الصغيرة 0
ومن أعظم الملوك الذين حكموا مصر الملك ( نيكتاييبس ) وكان ساحراً ضليعاً وامتد المصريون القوة لنجاح سحرهم تدعى ( He KAW ) وقد وجدت منقوشة على التعاويذ ( التعاويذ : ما يعلق لدفع الحسد والرقية يرقى بها الإنسان من فزع وجنون وهي مأخوذة عاذ به عوذاً وعياذاً : التجأ إليه واعتصم به ، وأعاذه بالله حصنه به – المعجم الوجيز – ص 440 ) والطلاسم ( الطلاسم : جمع طلسم وهو خطوط وأعداد يزعم كاتبها أنه يربط بها ******ات الكواكب العلوية بالطبائع السفلية لجلب محبوب أو دفع أذى – المعجم الوجيز – ص 393 ) والجعارين ( الجعارين : جمع جعران ، وهي عند قدماء المصريين ، تمثال لحشرة سوداء من نوع الخنافس عرفها المصريون فقدسوها ثم جعلوا منها تميمة وحلية – المعجم الوجيز – ص 107 ) وغيرها من آثارهم ، ووجد بورقة البردى رقم 122 المحفوظة بالمتحف البريطاني بعض التلاوات والرموز السحرية التي كان يستعين بها السحرة المصريون في أعمالهم وطقوسهم ( الطقوس عند غير المسلمين نظم الخدمة الدينية أو شعائرها واحتفالاتها – المعجم الوجيز – ص 392 ) 0

وقد بذلت جميع الدول في الممالك الغربية قصارى جهدها ومجهودها للخلاص من السحرة ففرضت عليهم أقسى وأشد العقوبات التي أخفها الشنق ونالتهم بالتعذيب والتنكيل والتشهير ومصادرة الأموال وإنزال العقوبات بهم وبذريتهم 0
وكانت فرنسا وألمانيا وإيطاليا تحكم على السحرة بالإعدام حرقاً 0
وفي اسكتلندا كانوا يعاقبونهم بإلقائهم في إناء حديدي كبير مملوء بالقار ، وكانت إنجلترا أو بعض دول أوربا تعدمهم شنقاً أمام الجمهور 0
وكان عقاب الساحر أو الساحرة في أمريكا الإعدام شنقاً في أقرب شجرة بالطريق 0
وقد استعملت بعض الممالك طريقة ( الخازوق ) في إعدام السحرة ، كما عاقبتهم دول كثيرة بطريقة ( التشبيح ) ، فقد كانوا يأتون بالساحر ويمدونه على مائدة كبيرة غليظة مقسمة إلى أربعة أقسام مفصولة عن بعضها ويفردون ذراعيه إلى أعلى بحيث يقيدون الذراع الأيمن في ركن المائدة الأعلى الأيمن والذراع الأيسر في ركنها الأيسر ، والقدم اليمنى في الركن الأسفل الأيمن ومثلها القدم اليسرى ، ومركب بوسط هذه المائدة عجلة مصنوعة ومتصلة بالمائدة بطريقة مخصوصة حتى إذا ما دارت العجلة انفصلت أربعة أجزاء المائدة عن بعضها وتحرك كل جزء منها في اتجاه مضاد للآخر ، فيتحرك الذراع الأيمن إلى الشمال الغربي والذراع الأيسر إلى الشمال الشرقي والقدم الأيمن إلى الجنوب الغربي والأيسر إلى الجنوب الشرقي ، وبهذا تتفكك أوصال عضلات ومفاصل الساحر ، وتسبب له من الآلام الفظيعة المبرحة ما لا تقوى عليه الأبالسة وتتسبب في نهاية أجله بعد بضع دقائق ثم تؤخذ جثته وتحرق ويبعثر رمادها في الشوارع 0
ولكن أبشع وأقسى طريقة اتبعت لعقاب الساحر هي التي طبقتها محاكم التفتيش بإسبانيا ، فقد أعدت هذه المحاكم غرفاً مخصوصة مزودة بكافة آلات التعذيب التي لا تخطر على بال البشر ، وأطلقوا عليها ( غرف التعذيب أو الاعتراف ) فعند القبض على الساحر واعترافه مبدئياً بمزاولته السحر يدخل غرفة التعذيب حيث تجري عليه العقوبات التالية :
يعلقونه من ساقيه بعد ربط يديه إلى جانبيه في عجلة كبيرة بحيث تكون رأسه إلى أسفل ثم تدور العجلة عدة دورات عنيفة حتى إذا ما دارت وجعلته في الوضع الصحيح ( أي انقلب وضعه وصارت رأسه فوق ورجلاه تحت ) يبدأون في تقليع أظافر يديه واحداً بعد الآخر ، ثم تدور العجلة وتضعه في وضع أفقي ويختارون من جسده الجهات المختلفة باللحم والشحم كالكتفين أو الفخذين ، أو الساقين ويشقون فيها طرقاً طويلة أو قصيرة حسبما يتراءى لهم ثم يصبون فيها الزيت أو القار المغلي ثم يضعونه في الوضع المقلوب الأول ويفقئون عينيه بمسامير كبيرة محماة وينهون هذا العذاب أخيراً بحرقه 0
ونظراً لهذا العذاب الأليم كانت المحاكم في إسبانيا لا تقرر مجازاة الساحر إلا بعد اعترافه الصريح بمزاولة السحر بناء على اتفاق أو عقد أبرمه مع الشيطان وعلى الساحر أن يقرر هذا كتابة ويبين في إقراره متى وأين عقد اتفاقه ، وما هي نصوص الاتفاق ومدته وعلى أي صورة كان يظهر له الشيطان وما هي المواد التي يستعملها في سحره ومن يحضرها له ولمن كان يسحر ولصالح من ولضرر من ؟ وغير ذلك من الأسئلة التي لا تجعل هناك محلاً للشك في نوايا الساحر أو عقابه زوراً 0
وانتقل السحر من أوربا إلى آسيا ووصل إلى جزيرة حاميكا والأمريكتين وقد ذكر المستر ( ي ويليامز ) عن سحر أهالي جاميكا وفنونهم الشيء الكثير في كتابيه الصادرين سنة 1932 ، 1935 م 0
وما زال في الأمريكتين من يعملون بالسحر لوقتنا هذا 0
ورغم العقوبات وأنواع التعذيب التي فرضتها الحكومات الأجنبية على السحرة والساحرات إلا أن كل هذا لم يكن كافياً لشل حركتهم أو شوكتهم أو تخويفهم أو استئصال بذور الشر من نفوسهم ، وكانوا يعتقدون أنهم ببيعهم روحهم للشيطان لم يبق هناك روح لإزهاقها بمعرفة الحكومة بواسطة الشنق أو الحرق وغيرها من طرق الإعدام ، وبجانب هؤلاء كان هناك من السحرة المثقفين كأرباب الأعمال أو المال أو الأساتذة فكانوا خوفاً من الجزاء الصارم يسترون سحرهم بحجج باطلة واهية إذ كانوا يدعون أن سحرهم موجه للأعمال الخيرية والإفادة مثل شفاء المرضى أو الإصلاح بين العائلات أو الأزواج أو الكشف عن أسرار الكنوز والعلوم المخبأة التي تنفع المدنية ويستفيد منها الناس ولذا كانوا يطلقون على عملهم هذا السحر الأبيض تفرقه له عن السحر الأسود المقصود به الضرر ولكن كل هذه الإدعاءات وكل هذه الحيل لم تأخذ بها الحكومات ولم يقرها القانون وقضوا على كل حالاته لأنه لا يخرج عن كونه السحر الأساسي الذي يعتمد في نجاحه للاستناد إلى قوى غير طبيعية ، وأن الساحر بعمله يهب نفسه القوة للتغلب على النواميس الطبيعية ونظمها ويدعيّ سلطته على عقول وقلوب ونفوس البشر ويمكنه أن يمسها بالضرر كلما شاء كما أنه يسحر الإنسان وجسده والحيوان والنبات والجماد لخدمته في أغراضه المشينة ، وكلها أمور تتنافى مع القدرة الإلهية 0
وفي القرن الثامن عشر عندما ألغيت عقوبة الإعدام على السحرة واستبدلت بعقوبة الحبس البسيط أو الغرامة ، وجد الناس الفرصة الطيبة لمزاولة السحر وتعلمه والعمل به جهراً ، وتكونت الأندية والجمعيات السحرية التي ضمت عدداً كبيراً من الرجال والنساء من مختلف الطبقات وأدى تخفيف العقوبة إلى رواج الدجل والشعوذة ، وكان من يخشى اللوم أو العتاب يدعي إنه يعمل في علم الكيمياء الذي اشتهر أمره في هذا الوقت ، وكان بعض السحرة في القرن المذكور يقطن بين القبور والأمكنة الموحشة ويتجسدون في أجساد الموتى ويسطون ليلاً على الآدميين فيمتصون دماءهم واشتهروا في هذا الوقت باسم ( مصاصي الدماء ) ، وزاد عددهم في فرنسا وروسيا والمجر وبولندا ، وراجت بهذه المناسبة الوصفات السحرية التي تحصن الشخص ضد شاربي الدماء 0
وفي أوربا وفي القرن التاسع عشر والعشرين انتشر السحر انتشاراً واسعاً وتعقب البوليس السحرة وما زال يتعقبهم ويفاجئهم ) ( السحر دراسة في ظلال القصص القرآني والسيرة النبوية – 35 وما بعده ) 0

هذه نبذة عن السحر وتطوره إلى عصرنا الحالي ، وهو ممقوت عند جميع الأديان ، مكروه من البشر ، لما فيه من الضرر البالغ ، ولما يشترطه من توجه لنجاح عمله إلى غير الله 0

وحتى أؤوكد لكم هذا المفهوم أحيلكم للرابط التفصيلي التالي :

( && هل الأمراض الروحية موجودة عند الكفار والمشركين && ) (http://www.ruqya.net/forum/showthread.php?t=588)

زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

أزف الرحيل
08-04-2008, 02:46 AM
بارككم المولى جل في علاه على مداخلاتكم الطيبة المباركة

أبو البراء
15-01-2010, 03:17 AM
للرفع / 000