تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تابع متن الإيمان لمحمد بن شامي شيبة


عبدالله الأحد
28-01-2025, 04:02 PM
متن الإيمان بالله
توحيد
(الربوبية _ الألوهية _الأسماء والصفات)

تأليف الشيخ /
محمــد بن شـامــي شـيبة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين أما بعد...
فهذا مختصر (متن) في الإيمان بالله (توحيد الربوبية _ الألوهية _ الأسماء والصفات) وهذا المتن على صغره فإنه قد جمع أغلب ما يتعلق بـ(التوحيد) ودروسه في جمل مختصره قد دلت عليها الأدلة من القرآن والسنة الصحيحة أو الحسنة فهو صالح أن يحفظه طلبة العلم ويقوم بشرحه لهم المشائخ إذا أرادوا وأسأل الله أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به من قرأه وحفظه وشرحه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بقلم الفقير إلى ربه:
محمد بن شامي بن مطاعن شيبه
في 8/6/1431هـ
جيزان ــ بيش

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
وقد خلق الله الخلق ولم يتركهم سدى فلا يأمرهم ولا ينهاهم وإنما خلق الله الإنس والجن لعبادته وحده لا شريك له وأخذ الله الميثاق على بني ادم وهم في ظهر أبيهم آدم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً وأخذ الميثاق على ذرية آدم لما أخرجهم من صلبه بذلك وأشهدهم على أنفسهم فشهدوا به وفطرهم الله على توحيده فاجتالتهم الشياطين عن دينهم ولا تقوم الحجة بهذه المواثيق إلا بالرابع وهو إرسال الرسل وإنزال الكتب فمن بلغته الدعوة قامت عليه الحجة فإن لم يستجب فهو من أهل النار ومن لم تبلغه دعوة الرسل كأهل الفترة وكان مكلفا فإنه يختبر يوم القيامة فإن أطاع دخل الجنة وإن عصى فهو من أهل النار ومن مات صغيرا فإن كان من أولاد المسلمين فهم مع ابائهم وإن كان من أولاد الكفار فالله أعلم بما كانوا عاملين وهم في أحكام الدنيا كابائهم (يلحق بأبوين) أو بخيرهم دينا ويجب على العبد أن يتعلم ما أوجب الله عليه والجهل مذموم ومن عاش في بلاد الإسلام مكلفا ومثله لا يجهل فلا يعذر في جهله بما كان معلوما من الدين بالضرورة كأصول الإيمان وكوجوب الصلاة والزكاة وصوم رمضان وأما من كان حديث عهد بالاسلام ومثله يجهل فإنه يعذر في جهله بذلك ,وأما ماليس معلوما من الدين بالضرورة فهذا يعذر فيه بالجهل كبعض المسائل التي تخفى على كثير من الناس ,وقد علم الله من يعبده ممن هو من أهل الجنة وعلم من لا يطيع الله ممن هو من أهل النار,ونشهد شهادة عامة على الكفار عموما أنهم في النار وللمؤمنين عموما أنهم يدخلون الجنة ولا نشهد لمعين من أهل القبلة بأنه شهيد أومن أهل الجنة أو النار إلا من شهد له الله أو شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن يشهد بالخير أو بالشر لمن علم منه ذلك ,ونشهد بالشهادة العامة للمبطون والمطعون وغيرهم ممن شهد له النبي عليه الصلاة السلام، وأما الكافر المعين فإن كان حياً فلا نشهد له بالنار إلا من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أو القرآن كأبي لهب،وأما من علم أنه مات كافراً ممن قامت عليه الحجة فنشهد له بالنار، ومن سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى فلم يؤمن به فهو من أهل النار، وإذا مر المسلم بقبر الكافر فليبشره بالنار, وما شرعه الله لعباده وأوجبه فإنه يسمى تكليفاً, والله جل وعلا كان ولم يكن شيء قبله فهذه العوالم السفلية والعلوية لابد لها من موجد ويستحيل أن توجد بنفسها كما قال تعالى :(أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون) ووجود الله مستقر في الفطر ولا ينكره أحد ومن أنكر ذلك فبلسانه فقط مع اعترافه في قلبه ويدخل في ربوبيته سبحانه توحيده بأفعاله ومنها الخلق والرزق وتدبير الأمور وأنه مالك الملك,وقد أرشد الله خلقه إلى التفكر في مخلوقاته ليستدلوا على معرفته بآياته الظاهرة التي فيها من الايات الدالة على عظمة خالقها وقدرته الباهرة كما قال تعالى :(وفي الأرض آيات للموقنين)وقال تعالى:(إن في خلق السماوات والأرض) وقال تعالى: (أولم يتفكروا في أنفسهم وما خلق الله من شيء)فليتفكر العبد ليخرج متذكرا مقبلا على الله ذاكرا له في قيامه وقعوده وعلى جنبه خائفا من ربه محبا له مخلصا له في عبادته,وقد قرر القران توحيد الربوبية واستدل به على عبادة الله عز وجل وحده دون سواه "توحيد العبادة"كما قال تعالى:( الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يحيكم ثم يميتكم) الآية وهي طريقة القران في الاستدلال بالمقدمات فليستدل بها الدعاة إلى الله على المشركين .
وتوحيد الأسماء والصفات (أ) بإثبات ما أثبته الله لنفسه ونفي ما نفاه عن نفسه في كتابه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته كما وردت على ظاهرها مع فهم ما تدل عليه ألفاظها من المعاني بلا تأويل ولا تحريف لألفاظها ودلالتها عن مواضعها (ب) نفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم ومع نفي المماثلة عنها لصفات المخلوقين فيوصف الله بالنفي والإثبات "إثبات الاسماء والصفات مع نفي المماثلة" كما قال تعالى:(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ولا يتجاوز ما ورد في الكتاب والسنة من الإثبات والنفي (ج)ولا يوصف الله بالنفي فقط لأنه تعطيل ولا يوصف بالاثبات فقط لأنه لا يمنع المشاركة بل لابد من النفي والاثبات (د) وما سكت عنه الله ورسوله سكت عنه (هـ) ونصوص الاسماء والصفات هي من المحكم الذي يفهم معناه ويفسر فلا يفوض معناها (و)ومع فهم أصل المعنى فإنه يفوض كمال معانيها وكيفيتها إلى الله لأن كمال المعنى والكيفية من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله (ز)وأما من جاء بلفظ مجمل(لم يأت في القران أو السنة)نافيا أو مثبتا فهذا اللفظ يستفصل من قائله فإن أراد معنى حقا قبل ذلك المعنى وإن أراد معنى باطلا رد ذلك المعنى وأما اللفظ فلا ينفى عن الله ولا يثبت له بل يسكت عنه (ح)والإخبار عن الله يتوسع فيه ولا يتوسع في باب التسمية والصفة كما قال تعالى في الإخبار عنه:(قل أي شيء أكبر شهادة قل الله)فهذا إخبار عن الله أنه شيء وليس من أسمائه شيء ويقال ان الله متكلم مخبراً عنه (ط) ويحرم السؤال عن كيفية ذات الله وأسمائه وصفاته والسؤال عن الكيفية بدعة (ي) يجوز السؤال عن الله ب(أين) ويكون الجواب "في السماء"لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم في حديث معاوية بن الحكم والله جل وعلا يوصف بالنفي المجمل كما قال تعالى:(ولم يكن له كفوا أحد) (فلا تضربوا لله الأمثال) ويوصف بالنفي المفصل كما قال تعالى:(وتوكل على الحي الذي لا يموت)وهذا النفي يوصف به الله لإثبات كمال ضده وللرد على من نسب لله شيئا مما ينزه الله سبحانه وتعالى ويوصف الله بالإثبات المجمل كما قال تعالى (ولله الاسماء الحسنى) (ولله المثل الأعلى)أي الوصف الأكمل والأطيب ويوصف الله تعالى بالإثبات المفصل كما قال تعالى:(هو الأول والأخر والظاهر والباطن)وهو كثير في القران ,وأسماء الله موصوفة بأنها (حسنى)فقد بلغت في الحسن غايته ودلالة أسماء الله تعالى حق على حقيقتها مطابقة وتضمنا والتزاما ,والله جل وعلا هو الأول بأسمائه وصفاته لم يزل كذلك ولا يزال ولم تحدث له صفة أو اسم بعد أن لم يكن,وكل اسم من أسماء الله فهو يتضمن صفة من صفاته فأسماء الله أعلام و أوصاف وما جاء ليس وصفا فليس من أسماء الله ومن ذلك (الدهر)فليس من أسماء الله لأنه اسم جامد لا يتضمن معنى (صفة),ولا يشتق لله أسماء من صفاته ,ومن أسماء الله ما وردت الصفة المشتقة منه في القران أو السنة ومن ذلك (العلم)ومن أسمائه ما لم ترد الصفة المشتقة منه في النصوص الأخرى ومنها (الحي) ولكن الصفة ثابتة لله (الحياة)وأسماء الله ليست محصورة ,وأن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة وإحصائها بحفظها ومعرفتها والقيام بعبادة الله بها ودعاء الله بها والتخلق بما يشرع التخلق به منها وترك التخلق بما يحرم التخلق به منها مع الاعتبار بمعانيها وفهمها ومعرفة بعض أثارها على حسب استطاعته ومن أسماء الله مالا يطلق على الله إلا مقترنا بمقابله لأنه إذا أطلق وحده أوهم نقصا ومن ذلك (القابض ـ الباسط)وأما ما أطلق على الله مما ورد مقيدا إما ب(ذو) أو بغيرها فلا يطلق على الله إلا مقيدا كما جاء في النصوص وأما ما ورد من أفعال أطلقها الله على نفسه على سبيل الجزاء والعدل والمقابلة فلا تطلق على الله في غير ما سيقت فيه ولا تطلق على الله إلا على ما جاء في النصوص وكذا ما ورد بمتعلق أو قيد أو سياق وأما ما ورد مطلقا فإنه يطلق على الله ومن ذلك:( العلي ـ العظيم ـ السميع ـ البصير) ومن أسماء الله ما يتضمن صفة واحدة ومنها (الكريم) وقد يكون الاسمان والثلاثة ونحو ذلك متضمنين صفة واحدة ومن ذلك (القادر القدير المقتدر)وقد يكون الاسمان متضمنين صفة واحدة إلا أن أحدهما يتضمن الذاتية ومنها: (الرحمن) والثاني الفعلية (الرحيم)وقد يكون الاسم متضمنا صفات متعددة من صفات الكمال ومن ذلك (المجيد) والأصل في هذا الباب (الأسماء والصفات) التوقيف من الكتاب والسنة ولا قياس فيه ولكن لله المثل الأعلى "كل ما تصف به المخلوق من كمال لم ينفه الله عن نفسه فالله أولى به ,وكل ما نزه عنه المخلوق من نقص ولم يثبته الله لنفسه فالله أولى بالتنزه عنه"وهذا على سبيل الإجمال ولا يفصل فيه إلا ما ورد فيه التفصيل في القران أو السنة,ويدعو الله بأسمائه الحسنى "فادعوه بها "ولا يدعي الاسم والصفة وإنما يدعو العبد الله بأسمائه أو بصفاته كما قال صلى الله عليه وسلم "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث" وكذلك الاستعاذة في قوله صلى الله عليه وسلم "أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وبك منك"فيستعيذ العبد مخاطبا ربه برضاه من سخطه ويسأله مخاطبا له داعيا "برحمتك أستغيث"وما جاء الدعاء فيه باسمين أو باسم أو أكثر أو جمع فيه بين النفي والإثبات أو غير ذلك فيشرع أن يدعو العبد كذلك حسبما جاء في القران والسنة ,وأسماء الله مترادفة من حيث دلالتها على الذات لأنها لذات واحدة ,وهي متباينة من حيث دلالتها على الصفات فكل اسم يدل على صفة أخرى ,وأفعال الرب جل وعلا صادرة عن كماله لأنه لم يزل كاملا بذاته وصفاته وأما العبد فكماله عن أفعاله بما يليق به ,واسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى (أ)في هاتين الآيتين "وإلهكم اله واحد لا اله إلا هو الرحمن الرحيم" وفاتحة سورة ال عمران ,(ب)وفي سور ثلاث وهي البقرة وال عمران طـه(ج) وفي حديث بريدة اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد (د) وفي حديث أنس اسمه العظيم اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام وأسماء الله منها مفردة (الرحمن الرحيم الرزاق المنان المتين وغيرها)ومنها مضافة (ارحم الراحمين رب العالمين مقلب القلوب وغيرها مما جاء في كتاب الله وسنة رسوله) وصفات الله كلها صفات كمال فالله جل وعلا :(ليس كمثله في ذاته وأسمائه وصفاته وربوبيته وألوهيته كما قال تعالى:(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)ومن صفاته ما ورد أنه موصوف بالنفي والإثبات (صفة الصفة)فنثبت صفة الصفة وهي كمال كما قال تعالى:(ورحمتي وسعت كل شيء)وفي الحديث (وكلتا يدي ربي يمين مباركة) وبعض الصفات وصفت بالنفي المفصل وهو لإثبات كمال الضد وفي الحديث عن يدي الله (لا تغيضها نفقة)والمضاف إلى الله منه ما يكون إضافة ذوات منفصلة مستقلة بنفسها كـ(الناقة) (هذا خلق الله) (وطهر بيتي) (ونفخت فيه من روحي) (وروح منه) وهذه إضافة مخلوق إلى خالقه وبعض هذه الإضافة للتشريف ومن الإضافة إلى الله إضافة أعيان غير منفصلة قائمة بالذات ومنها اليدان وإضافة معانٍ قائمة بالذات كالعلم والقدرة فهذه إضافة صفة إلى موصوف (فهي صفات الله)ويحرم الإلحاد في أسماء الله وصفاته ومن الإلحاد فيها إلحاد المشركين بعدولهم بأسماء الله وتسميتهم أوثانهم بها مضاهاة لله عز وجل وإلحاد المشبهة الذين يشبهون صفات المخلوقين بصفات الله أو يشبهون صفات الله بصفات المخلوقين والإلحاد بنفي أسماء الله وصفاته أو نفي بعض الأسماء والصفات كقولهم سميع بلا سمع وإلحاد بتفويض المعاني للأسماء والصفات بأن لا يعلم منها شيء وإثبات الألفاظ فقط وإلحاد بتفسيرها بغير معانيها الحقيقية , وكل إلحاد في أسماء الله وصفاته مما هو تكذيب للقران وسنة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كفر أكبر, وأما ما كان من تأويل في بعض الصفات إلى غير معانيها الحقيقية ولا تكذيب فيه بالقران والسنة فإنه لا يكفر قائله ولكنه بدعة محرمة وتأويل باطل , وصفات الله منها ذاتية فلا تنفك عن الله ولا تتعلق بالمشيئة كـ(الحياة السمع "بإدراك المسموعات" وكالعلم والوجه واليدين والقدم)ومنها صفات فعلية تتعلق بمشيئة الله كـ(الغضب والنزول والضحك )ومنها صفات ذاتية فعلية كـ(الكلام)فهو أول النوع محدث الآحاد ومن الصفات ما تفرد به الله (صفة الخلق)(مالك الملك)ومن الصفات ما وصف الله به نفسه فقد سمى الله نفسه (العزيز)وسمى بعض خلقه(العزيز) لكن الاشتراك في القدر المشترك في الذهن لا يلزم فيه المماثلة فصفة الله على ما يليق به (العزة)وصفة المخلوق (عزته) مما يليق به لأن الإضافة والاختصاص تبين المراد ,وجميع أفعال الله هي لحكمة بالغة وكلها عدل وحق وخير محض من جهة إضافته لله عز وجل وما كان من شر في قضائه وقدره فمن جهة إضافته إلى فعل العبد ، فيجب على العبد الرضا بقضاء الله الذي هو فعل الله ولا يجب الرضا بالمقضي من المصائب ولكن يجب الصبر عليها، ولا ينسب الشر إلى الله، وفي الحديث (والشر ليس إليك) وإنما ينسب الشر إلى المخلوق وفي الحديث (أعوذ بك من شر ما صنعت )والله تعالى يحب أن يحمده خلقه فله الحمد على مقتضى حكمته في جميع خلقه وأمره ,وجميع ما يفعله ويأمر به سبحانه فهو موجب ربوبيته ومقتضى أسمائه وصفاته وله الحمد على جميع أفعاله وهو المحمود على خلقه الأبرار منهم والفجار والشياطين كما هو المحمود على فضله ورحمته وهو المحمود في الدنيا والآخرة.
ومن أسماء الله الحسنى الثابتة بالكتاب أو بالسنة : (الله ـ الحي ـ رب العالمين ـ الأول ـ الآخر ـ الظاهر الباطن ـ العظيم ـ المجيد ـ الكبير ـ السميع ـ البصير ـ العليم ـ الخبير ـ العزيز ـ الحميد ـ القدير ـ القادر ـ المقتدر ـ المتين القوي ـ الحكيم ـ الغني ـ العلي ـ الأعلى ـ المتعالي ـ العفو ـ الغفور ـ الغفار ـ الحليم ـ الرقيب ـ التواب الشهيد اللطيف القريب ـ المجيب ـ الودود ـ السيد ـ الصمد ـ الشاكرـ الشكورـ الجبار ـ القاهرـ القهار ـ الهادي ـ الحسيب ـ القدوس السلام ـ الحكم ـ الوهاب ـ البرـ الفتاح ـ الرزاق ـ الرازق ـ الرحمن ـ الرحيم ـ القيوم ـ الكريم ـ الأكرم ـ الرب الرؤوف ـ نور السماوات والأرض ـ الملك ـ مالك ـ الملك ـ المليك ـ المتكبر ـ المصور ـ الباري ـ الخالق ـ الخلاق المغيث المؤمن ـ المهيمن ـ الوكيل ـ المحيط ـ الكافي ـ الجميل ـ الواسع ـ ذو الجلال والإكرام ـ الحق ـ الحيي ـ الستير ـ الرفيق ـ القابض ـ الباسط ـ المقدم ـ المؤخر ـ المعطي ـ المبين ـ المنان ـ الطبيب ـ الولي ـ النصير ـ الشافي الطيب السبوح المحسن ـ الهادي ـ المولى ) راجع كتاب أسماء الله الحسنى لأخذ بعض الدروس .
فيا أيها العبد :
أ) أدع الله بأسمائه الحسنى واحرص على الدعاء الذي جاء في القران والسنة . ب)تخلق بالصفات التي يشرع التخلق بها من هذه الاسماء كالكرم والرحمة والتوبة ونحو ذلك
ج) تجنب الصفات التي يحرم التخلق بها وذلك كالكبر واحذر من التصوير ونحو ذلك.
د) احرص على إحصاء تسعة وتسعين من هذه الأسماء "من أحصاها دخل الجنة "
هـ) كلما كنت بالله أعرف كنت منه أخوف فـأدرس أسماء الله الحسنى واعرف ربك واعبده خوفا منه وحبا له ورغبة فيما عنده وذلا له وتقربا إليه بالنوافل بعد الفرائض لتحصل على قوله تعالى في الحديث القدسي :(كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه) ومن صفات الله ما يكون متعديا ومنها صفة الرزق والرحمة والعلم والتصوير ومن صفات الله ما يكون لازما ومنها صفة الحياة ,ومن صفات الله ما يعقل المخاطب أصل معناها ولا يحتاج في الغالب إلى شرح وهذا في كل الصفات إلا ما جاء في صفة التردد فإن النبي صلى الله عليه وسلم بينها في الحديث القدسي عن الله في قوله "وما ترددت في شيء أنا فاعله"الحديث فالتردد على مايليق بالله تعالى وهو في الحديث أن يكون الشيء مرادا من وجه مكروها من وجه اخر . ومن صفات الله تعالى الصفات التي تشتق من الاسماء ودلت عليها النصوص بأدلة أخرى ومنها صفة الرزق ومن الصفات ما هو مشتق من الاسماء ولم تأت أدلة أخرى تدل عليه ومنها صفة الحياة ,ومن الصفات مالم يأت مشتقا من الاسماء ولكن جاءت النصوص تدل عليه ومنها صفة الفرح والغضب والسخط والكلام ومن الصفات ما جاءت بلفظ الفعل فقط ومنها صفة المشيئة والارادة ومنها ماجاءت بغير صيغة الفعل فقط منها صفة القدم والاصابع والوجه ومنها ما جاء بصيغة الفعل والمصدر ومنها صفة الرضا والسخط . والصفات منها ماهو مشتق من الاسماء ودلت عليه النصوص ومنها العلو ذاتا وقدرا وقهرا وهناك صفات ثابتة لله دلت عليها النصوص ولم تكن مشتقة من الاسماء ومنها الارادة وهي قدرية وشرعية ,فالقدرية الكونية لا يتخلف مرادها وهي لكل ما يقع مما يحبه الله أو لا يحبه ,وأما الشرعية فهي متعلقة بما يحبه الله ويرضاه وقد يقع المراد وقد لا يقع ومن وفقه الله من عباده فإنه يعينه على العمل الصالح فيخلق له الارادة والفعل ومن لا يوفقه الله فإنه لا يعينه على العمل الصالح فلا يخلق له الارادة والفعل للصالحات ومن الصفات العجب واليدان والاصابع والاسف والفرح والغضب والرجل والقدم والعينان والكره والتردد والملل والوجه والمعية (العامة بالعلم والاطلاع والاحاطة والخاصة بالتوفيق والهداية والنصر) والمكر بالماكرين والساق والاستواء على العرش والكلام والقران( كلام الله ) والنداء والنزول والمشيئة والضحك والسخط والرضا والنفس والصورة والحقو والمحبة والبغض وأنه أشد فرحا بتوبة عبده )الحديث ومن صفات الله أنه لا أحد أحب إليه المدح منه ولا أحد أحب إليه العذر منه وأنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأنه لا يستحيي من الحق وأنه لا ينام ولا ينبغي له أن ينام وأنه لا يمل حتى تملوا وأنه يجير ولا يجار عليه وأنه لا كاشف للضر إلا هو ولا راد لفضله ولا يظلم مثقال ذرة وهو يطعم ولا يطعم ولا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله وأنه يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته وأنه لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وأنه ليس بأعور ولا تأخذه سنة ولا نوم ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأنه الحي الذي لا يموت وأنه لا يظلم أحدا ولا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فليتخلق العبد بما شرع التخلق به من صفات الله وليكثر مما شرع الاكثار منه ,وليدع ما حرم التخلق به منها ,ومما ينقسم إلى كوني وشرعي الامر والقضاء والحكم فالكوني لا يتخلف مما يحبه الله أو لا يحبه والشرعي متعلق بما يحبه الله فقد يقع وقد لا يقع والله لا يرى بالعين في الدنيا ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم ربه بعينه ليلة المعراج وإنما راى نورا ولكن رأه بقلبه وموسى لم ير ربه بعينه وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المنام وكل المؤمنين يرون ربهم في كل جمعة يوم القيامة بلا تضام ولا .....كما يرون القمر ويراه في عرصات القيامة من يعبد الله من بر وفاجر وأما الكفار فهم محجوبون عن رؤية الله تعالى ولكن رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة بدون إدراك "لا تدركه الابصار" وقد كلم الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وكلم موسى وكلم عبدالله بن حرام كفاحا بدون حجاب لما قتل شهيدا ويخلوا الله بالمؤمن يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان .

عبدالله الأحد
28-01-2025, 04:10 PM
الإيمان بالله - تعالى - هو الأصل الأول من أصول الإيمان، بل هو الأصل الأصيل الذي من أجله خلق الله السماوات والأرض، وخلق الجنة والنار، ونصب الميزان وضرب الصراط، وخلق لذلك كل الناس كما قال سبحانه: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).


والعلم بالله - سبحانه - والإقرار بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته أساسيات من أساسيات الإيمان بالله، وعلى المسلم أن يتعرف على هذه الأمور وكل ما يتعلق بالله - - عز و جل - حتى يصح له إيمانه ويسلم له اعتقاده، وهذه لمحة سريعة عن هذا الأصل من أصول الإيمان:


الإيمان لغة: هو التصديق.

واصطلاحاً: قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان. وهو الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق الرزاق المحيي المميت، وأنه المستحق لأن يفرد بجميع أنواع العبادة والذل والخضوع، وأنه المتصف بصفات الكمال المنزه عن كل عيب ونقص.



والإيمان بالله - سبحانه - يتضمن توحيده في ثلاث:

1- الإيمان بربوبيته.

2- الإيمان بألوهيته.

3- الإيمان بأسمائه وصفاته.



توحيد الربوبية

ومعناه الإجمالي: الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه ومدبره، لا رب غيره، ولا مالك سواه.



وبيانه: أن الرب في اللغة هو المالك المدبر، وربوبية الله على خلقه تعنى تفرده سبحانه في خلقهم وملكهم وتدبير شؤونهم.. فتوحيد الله في الربوبية هو الإقرار بأنه - سبحانه - هو الخالق والمالك لهم، ومحييهم ومميتهم ونافعهم وضارهم، ومجيب دعائهم عند الاضطرار، والقادر عليهم ومعطيهم ومانعهم، وله الخلق وله الأمر كله كما قال - سبحانه وتعالى - عن نفسه: ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )( الأعراف الآية : 54 ) .



ومما يدخل في هذا التوحيد الإيمان بقدر الله – سبحانه -: أي الإيمان بأن كل محدث صادر عن علم الله - عز وجل - وإرادته وقدرته، وأنه علم ذلك في الأزل وقدره وكتبه فهو يقع على مراده سبحانه ولا يخرج عنه أحد من خلقه.



وبعبارة أخرى فان هذا التوحيد معناه الإقرار بأن الله - عز وجل - هو الفاعل المطلق في الكون: بالخلق، والتدبير، والتفسير، والتيسير، والزيادة، والنقص، والإحياء، والإماتة، وغير ذلك من الأفعال، لا يشاركه أحد في فعله – سبحانه -.

وقد أفصح القرآن الكريم عن هذا النوع من التوحيد جد الإفصاح ولا تكاد سورة من سوره تخلو من ذكره أو الإشارة إليه، فهو كالأساس بالنسبة لأنواع التوحيد الأخرى؛ لأن الخالق المالك المدبر، هو الجدير وحده بأن يوحد بالعبادة والخشوع والخضوع، وهو المستحق وحده للحمد والشكر، والذكر، والدعاء، والرجاء، والخوف، وغير ذلك .. والعبادة كلها لا تكون ولا تصح إلا لمن له الخلق والأمر كله.

ومن جهة أخرى فإن الخالق المالك المدبر هو جدير وحده بصفات الجلال والجمال والكمال؛ لأن هذه الصفات لا تكون إلا لرب العالمين، إذ يستحيل ثبوت الربوبية والملك لمن ليس بحي، ولا سميع، ولا بصير ، ولا قادر ، ولا متكلم ، ولا فعَّال لما يريد، ولا حكيم في أقواله وأفعاله.



ولهذا فإنا نجد أن القرآن الكريم قد ذكر هذا النوع من التوحيد في مقام الحمد لله، وعبادته والانقياد له، والاستسلام، وفي مقام بيان صفاته الجليلة وأسمائه الحسنى.



- ففي مقام الحمد يتلو المسلم في كل ركعة يصـــليها: ( الحمـد لله رب العالمين ) ( الفاتحة : 2 )، وقوله - سبحانه وتعالى -: ( فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالميـن ) ( الجاثية : 36 ).



- وفي مقام الاستسلام والانقياد له - عز وجل -: ( قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين ) ( الأنعام الآية : 71 ).

- وفي مقام التوجه لله - عز وجل - وإخلاص القصد إليه قال - سبحانه وتعالى -: ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) ( الأنعام : 162 ).



- وفي مقام تولي الله - عز وجل - دون غيره قال – سبحانه -: ( قل أغير الله اتخذ ولياً فاطر السموات والأرض وهو يُطْعِمُ ولا يُطْعَم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين ) (الأنعام : 14 ).



- وفي مقام الدعاء قال الله - عز وجل -: ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ، ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ) ( الأعراف : 54 - 55 ).



- وفي مقام عبادة الله - تعالى - قال – سبحانه –: ( وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون )(يس : 22) وقال أيضاً: (يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتهم تعلمون ) ( البقرة : 21 ، 22 ) .



وتوحيد الربوبية وحده لا يكفى في دخول الإسلام وتوضيح ذلك:

مثل قوله - تعالى – آمراً نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأن يسأل قومه لما أبوا النطق بلا إله إلا الله قل من المالك، الخالق، الرازق، فيجيبون بأنه الله، فهم معترفون بوجود الله وإيجاده للخلق والرزق ويقرون بقدرته على التصرف، لكنهم لما أمروا بأن يصرفوا أفعالهم له أبوا وامتنعوا وقالوا: ( أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب ) (ص: 5)، فلما أنكروا العبودية لم يدخلوا في الإسلام بإضافة أفعال الله له، لأن أفعال الله لا مدخل لهم فيها، وإنما المطلوب والغرض أن يؤدوا ما خلقهم الله من أجله، لأن الله جعل لهم في أفعالهم مشيئة واختياراً بعد مشيئة الله – تعالى -؛ فأما خلق الكائنات فلا مجال لإنكاره وحتى خَلَقَهُم مُسيرين لا مخيرين، قال – تعالى -: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبـدون) ( الذاريات : 56 ) ، فأسند الفعل الأول له وطلب الفعل الثاني منهم وهو عبادته كما أمر الله بها في عدت آيات. فعبادة الله امتثال لأمره وترك العبادة معصية لخالقهم فمن هذه العجالة يتضح معنى ( لا إله إلا الله ) بأنه لا معبود بحق إلا الله وهذا أوضح تفسير لها. فتقييد العبادة ( بحق ) ليبطل ما يصدر من العبادات الباطلة لسائر ما يتأله من دون الله.



ومن الأدلة على أن توحيد الربوببية لا يدخل في الإسلام:

قِتالُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفار قريش لاعتراضهم بقدرة الله وإيجاده للخلق قال - تعالى -: ( قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون ) (المؤمنون: 89 ).



وقال - سبحانه وتعالى -: ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ).



فما هذا التذكير الذي وبخوا بالانصراف عنه إلا إفراد الله بالعبادة، فلو كان الإقرار بقدرة الله هو الإسلام لكانوا متقين متذكرين وما استحقوا التوبيخ لعدم التقوى والتذكر ولما وصفوا بالإفك في قوله – تعالى -: ( ولئن سألتهم من خلق المسوات والأرض ليقولن الله فأنى يؤفكون ). (من كتاب الأسئلة والأجوبة في العقيدة ).



توحيد الألوهية:

ومعناه بعبارة إجمالية: الاعتقاد الجازم بأن الله - سبحانه - هو الإله الحق ولا إله غيره وإفراده - سبحانه - بالعبادة.


وبيانه:

أن الإله هو المألوه، أي المعبود، والعبادة في اللغة: هي الانقياد والتذلل والخضوع، وقد عرفها بعض العلماء: بأنها كمال الحب مع كمال الخضوع.



فتوحيد الألوهية مبنى على إخلاص العبادة لله وحده في باطنها وظاهرها بحيث لا يكون شيء منها لغيره سبحانه، فالمؤمن بالله يعبد الله وحده ولا يعبد غيره فيخلص لله المحبة، والخوف، والرجاء، والدعاء، والتوكل، والطاعة، والتذلل، والخضوع، وجميع أنواع العبادة وأشكالها.

وهذا النوع يتضمن في حقيقته جميع أنواع التوحيد الأخرى. فيتضمن توحيد الله في ربوبيته وأسمائه وصفاته وليس العكس؛ فإن توحيد العبد لله في ربوبيته لا يعني أنه يوحده في ألوهيته فقد يقر بالربوبية ولا يعبد الله - عز وجل -، وكذلك توحيد الله في أسمائه وصفاته لا يتضمن أنواع التوحيد الأخرى، ولكن العبد الذي يوحد الله في ألوهيته على الخلق فيقر بأنه سبحانه هو وحده، المستحق للعبادة وأن غيره لا يستحقها ولا يستحق شيئاً منها يقر في الواقع بأن الله رب العالمين، وبأن له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة لأن إخلاص العبادة لا يكون لغير الرب ولا يكون لمن فيه نقص. إذ كيف يعبد من لم يخلق ولم يدبر أمر الخلق، وكيف يعبد من كان ناقصاً.



ومن هنا كانت شهادة أن ( لا اله إلا الله ) متضمنة لجميع أنواع التوحيد: فمعناها المباشر؛ توحيد الله في ألوهيته الذي يتضمن توحيد الله في ربوبيته وأسمائه وصفاته.

من أجل ذلك كان هذا التوحيد أول الدِّين وأخره، وباطنه وظاهره ومن أجله خلقت الخليقة، كما قال تعالى: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )

( الذاريات : 56 ) .


يقول الإمام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: وهذا التوحيد هو الفارق بين الموحدين والمشركين، وعليه يقع الجزاء والثواب في الأولى والآخرة، فمن لم يأت به كان من المشركين.



ومن أجل هذا التوحيد أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب فما من رسول أرسله الله إلى العباد إلا وكان هذا التوحيد أساسَ دعوته وجوهرها، قال الله - عز وجل -: ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) ( النحل : 36 ) وقال – سبحانه -: ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) ( المؤمنون : 22 ) .



وأخبر الله - سبحانه - عن رسله: نوح، وهود، وصالح، وشعيب، أنهم كانوا جميعاً يقولون لأقوامهم هذه الكلمة ( اعبدوا الله مالكم من إله غيره ) ( الأنبياء : 25 ، وهود : 61 ، والأعراف : 65 ).



ويستلزم توحيد الألوهية أن نتوجه إليه - سبحانه - وحده بجميع أنواع العبادة وأشكالها، ونخلص قلوبنا فيها من آية وجهة أخرى، وهذه عبارة تدخل فيها أمور كثيرة نذكر منها:



1- وجوب إخلاص المحبة لله - عز وجل - فلا يتخذ العبد نداً لله في الحب يحبه كما يحب الله، أو يقدمه في المحبة على حب الله - عز وجل - فمن فعل ذلك كان من المشركين قال الله – تعالى -: ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبـــاً لله ) ( البقرة : 165 ) . فمن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه: أن يتخذ العبد من دون الله نداً يحبه كما يحب الله - عز وجل -.



2- وجوب إفراد الله - تعالى - في الدعاء، والتوكل، والرجاء فيما لا يقدر عليه إلا هو - سبحانه - قال الله - عز وجل -: ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين ) (يونس : 106 ) ، وقال الله - تعالى -: ( وعلى الله فتوكلوا إن كنـتم مؤمنين ) (المائدة : 24 ) ، وقال - سبحانه وتعالى -: ( إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم ) ( البقرة : 218 ) .



3- وجوب إفراد الله - عز و جل - بالخوف منه، فمن اعتقد أن بعض المخلوقات تضر بمشيئتها وقدرتها فخاف منها فقد أشرك بالله لقوله - تعالى -: ( فإياي فارهبون ) ( النحل : 51 ) .



وهذا قيد بين الخوف في العبادة والخوف الفطري فالأول لا يصح إلا لله - عز و جل - والثاني كالخوف من الحيوان المفترس وغيره من المخلوقات لا حرج فيه.



وتوحيد الألوهية أي من قال ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) - صلى الله عليه وسلم - فأفرد الله بالعبادة على ما شرعه رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو متضمن لتوحيد الربوبية، بمعنى أن العبادة لا تصدر من عاقل لمعدوم فإذن من عبد الله فإنه لم يعبده إلا إقراراً بوجوده وقدرته.



وهكذا توحيد الأسماء والصفات فإن لله أسماء حسنى وصفات عليا؛ فنصفه بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تكييف ولا تمثيل كما قال الله - تعالى -: ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ( الشورى : 11 ) وكما قال العلماء: إن شهادة ( أن لا إله إلا الله ) متضمنة لتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات .(أنظر كتاب : الاسئلة والأجوبة في العقيدة).



توحيد الأسماء والصفات:

المقصود بتوحيد الأسماء والصفات: هو الاعتقاد الجازم لكمال الله المطلق ونعوت جلاله، وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، من أسمائه الحسنى وصفاته العليا، وما تدل عليه ألفاظها من المعاني من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، قال الله - سبحانه -: ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ( الشورى : 11 ) . فيدعى ويتوسل إليه بها قال - تعالى - : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) ( الأعراف : 180 ) . وقال : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) ( الإسراء : 110 ) .



ومعنى توحيد الأسماء والصفات: أن الله - سبحانه وتعالى - متصف بصفات الكمال ومنزه عن جميع صفات النقص، وأنه متفرد عن جميع الكائنات، وذلك بإثبات ما أثبته لنفسه أو ما أثبته له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأسماء والصفات الواردة في الكتاب والسنة وإمرارها كما جاءت.



والواضح من هذا الذي ذكرنا أن توحيد الأسماء والصفات يقوم على ثلاثة أسس:

1- تنزيه الله - جل وعلا - عن مشابهة الخلق وعن أي نقص.

2- الإيمان بالأسماء والصفات الثابتة في الكتاب والسنة دون تجاوزها بالنقص منها أو الزيادة عليها أو تحريفها أو تعطيلها.

3- قطع الطمع عن إدراك كيفية هذه الصفات.



فأما الأساس الأول: فهو تنزيه الله - عز و جل - عن أن يشبه شيء من صفاته شيئاً من صفات الخلق، وهذا الأصل يدل عليه قوله - تعالى -: ( ليس كمثله شيء ) ( الشورى : 11 ) وقوله: ( ولم يكن له كفؤاً أحد ) ( الإخلاص : 4 ).



- يقول الإمام القرطبي - رحمه الله تعالى - عند تفسير قوله - تعالى -: ( ليس كمثله شيء ): والذي يعتقد في هذا الباب بأن الله جل اسمه، في عظمته، وكبريائه، وملكوته، وحسنى أسمائه، وعَلِّى صفاته، لا يشبه شيئاً من مخلوقاته ولا يشبه به، وما أطلقه الشرع على الخالق والمخلوق، فلا تشابه بينهما في المعنى الحقيقي، إذ صفات القديم - جل وعز - بخلاف صفات المخلوق.



وقال الواسطي ـ عليه رحمة الله - ليس كذاته ذات، ولا كاسمه اسم، ولا كفعله فعل، ولا كصفته صفة، إلا من جهة موافقة اللفظ.



وجلت الذات القديمة أن يكون لها صفة حديثة، وكما استحال أن يكون للذات المحدثة صفة قديمة؛ وهذا كله مذهب أهل الحق والسنة والجماعة. ( القرطبي جـ 16/9 ) .

- ويقول سيد قطب عليه - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية التي ذكرنا: والفطرة تؤمن بهذا بداهة، فخالق الأشياء لا تماثله هذه الأشياء التي هي من خلقه. ( الظلال جـ 7/272 ) .



وأما الأساس الثاني: فيقتضى وجوب الاقتصار فيما يثبت لله - تعالى - من الأسماء والصفات على ما ورد منها في القرآن الكريم أو في السنة الثابتة، فهي تتلقى عن طريق السمع، لا بالآراء، فلا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا يسمى إلا بما سمي به نفسه أو سماه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله - عز و جل - أعلم بنفسه وصفاته وأسمائه ، قال - تعالى -: ( قل أأنتم أعلم أم الله ) ( البقرة : 140).

قال نعيم بن حماد شيخ البخاري - رحمهما الله -: من شبه الله بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله تشبيه ولا تمثيل. ( الروضة الندية : 22 ).



وأما الأساس الثالث: فيقتضى من العبد المكلف أن يؤمن بتلك الصفات والأسماء المنصوص عليها في الكتاب والسنة من غير سؤال عن كيفيتها، ولا بحث عن كنهها وذلك لأن معرفة كيفية الصفة متوقفة على معرفة كيفية الذات، لأن الصفات تختلف باختلاف موصوفاتها، وذات الله - عز و جل - لا يسأل عن كنهها وكيفيتها، فكذلك صفاته - سبحانه وتعالى - لا يصح السؤال عن كيفيتها.



ولذلك أثر عن كثير من السلف أنهم قالوا عندما سئلوا عن كيفية استواء الله - عز وجل -: (الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ) فاتفق السلف على أن الكيف غير معلوم لنا ، وأن السؤال عنه بدعة. ( انظر كتاب الإيمان : 11 ) .

منقول من موقع معرفة الله

رشيد التلمساني
30-01-2025, 10:23 PM
جزاك الله خيرا ونفع بك