المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سيرة الصحابي : عبد الله بن حذافة السهمي ، لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي .


الماحى3
25-04-2023, 12:27 AM
الدرس 38/50 ، سيرة الصحابي : عبد الله بن حذافة السهمي ، لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي .
تفريغ : المهندس عبد العزيز كنج عثمان .
التدقيق اللغوي : الأستاذ غازي القدسي .
التنقيح النهائي : المهندس غسان السراقبي .

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

أيها الإخوة المؤمنون ... مع الدرس الثامن والثلاثين من دروس سير صحابة رسول الله رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، وصحابيُّ اليوم سيدُنا عبد الله بن حذافة السهمي .
أول ملاحظة ، وهي أن ثمَّة دعاءً يدعو به بعض خطباء دمشق ، يقول: اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القول، كما نعوذ بك من فتنة العمل .
القول له فتنة ، وفتنة القول ، أن ينطلق لسانك ، ويقصِّر عملك ، هذه فتنة ، وفتنة العمل ، أن تعجب به ، فالدعاء :اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القول ، كما نعوذ بك من فتنة العمل ، ونعوذ بك أن نتكلَّف ما لا نحسن ، كما نعوذ بك من العجب فيما نحسن .
سقتُ هذا الدعاء تمهيداً لملاحظة ، وهذه الملاحظة ، أنّ كلَّ مؤمنٍ إذا قرأ سيرة أصحاب رسول الله يصغر ، ويصغر ، حتى يرى أنه لم يقدِّم شيئاً للإسلام .
صحابيُّ اليوم ، سيدنا عبد الله بن حذافة السهمي ، كأن هؤلاء الصحابة من طينةٍ غير طينتنا ، كأنهم يحبُّون الله حباً يفوق حدَّ التصوُّر ، وقد تحملوا من المشاق ما لا يحتمله بشر ، فالإنسان أيها الإخوة ، إذا اطّلع على سير الصادقين ، وعلى سير المخلصين ، فهناك فائدتان كبيرتان .

أمّا الفائدة الأولى :
فإنه يصغر عوضَ أن يكبر ، والجاهل كبير بنظر نفسه ، أما العالم فصغير ، يقول : ماذا قدُّمت أنا ؟ بعد قليل سوف ترون أن الذي فعله هذا الصحابي يفوق حدَّ الخيال ، والتاريخ صادق .

الفائدة الثانية :
إذا قرأ الإنسان سير صحابة رسول الله ، فقراءته لها تجعله ينطلق أكثر وأكثر إلى طاعة الله ، وإلى التضحية ، وإلى البذل .

بطل هذه القصة رجل من الصحابة الكرام ، يُدعى عبد الله بن حذافة السهمي ، هذا الرجل له قصة مذهلة ، والإسلام أتاح له أن يلقى سيِّد الدنيا في زمانه ، وفي كل عصر هناك دول ، منها دول صغرى ، ودول وسطى ، ودول عظمى ، ودول متخلفة ، ودول متقدمة ، وعلى كلٍّ بين الدول الكبرى تجد دولة هي أكبر دولة .
فهذا الصحابي الجليل ، أتيح له أن يلقى سيِّدَيّ الدنيا في زمانه ، لقد كان في زمان النبي عليه الصلاة والسلام دولتان عظيمتان ، وعلى رأس هاتين الدولتين رجلان عظيمان ؛ كسرى عظيم الفرس ، وقيصر عظيم الروم ، وهذا الصحابي الجليل أتيح له ، أو أرسل بمهمةٍ ليلقى كسرى وقيصر في وقتين مختلفين ، كِسرى ملك الفرس ، وقيصر ملك الروم ، وأن تكون له مع كلٍّ منهما قصة ، ما تزال ذاكرة الدهر تعيدها ، ولسانُ التاريخ يرويها .
أما قصته مع كسرى ملك الفرس فكانت في السنة السادسة للهجرة ، حين عزم النبي صلّى الله عليه وسلم أنْ يبعث طائفةً من أصحابه ، بكتبٍ إلى ملوك الأعاجم ، يدعوهم فيها إلى الإسلام ، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم - وهذا من عظمته - يقدِّر خطورة هذه المهمة ، فهؤلاء الرسل سيذهبون إلى بلادٍ نائية .
في زماننا طيران ، وكنكورد ، وطائرة أسرع من الصوت ، وأنت على ارتفاع ستين ألف قدم ، يقدَّم لكَّ الطعام الساخن ، والفواكه ، والمشروبات ، والشاي ، والقهوة ، ويمكن أن تنام ، وأن تشاهد فيلمًا، وأن تقرأ المجلات ، وكلّ حين تقدم لكَّ الوجبات الشهيّة ، في المطارات ، قاعات الاستقبال مكيفة ، فالسفر في زماننا هذا سهلٌ ميسور .
لكن تصور السفر في عهد النّبي عليه الصلاة والسلام ، تصور إنساناً يركب حصاناً ، أو يركب ناقةً ، وينطلقُ بها من المدينة إلى القسطنطينية وحده ، لا مؤنس معه ، في ليالي الصحراء ، أمّا في هذه الأيام فالإنسان أحياناً لو ذهب إلى مكتبه في قلب المدينة في الليل يشعر بالوحشة ، ولو سارَّ في طريقٍ وحده بعد الساعة الثانية عشرة لشعر بالوحشة .
فهذا الصحابي ، انطلق ليقطع الصحارى والفيافي وحيداً ، دون مؤنسٍ ، ودون معينٍ ، ليصل إلى ملك من ملُوك الأرض ، لا يفهم لغته ، ملكٌ متربعٌ على عرشٍ عظيم ، يدعو هذا الصحابي ذاك الملك لترك دينه ، والاحتمال أن يقتله احتمالٌ كبير .
أجمل شيء يا أيها الإخوة ... أن يكون الإنسانُ واقعيًّا ، وكلّ إنسان يبتعد عن الواقع لا يصدَّق ، فالنّبي عليه الصلاة والسلام يعلم تماماً خطورة هذه المهمة ، وهؤلاء الصحابة الكرام عاشوا في البادية ، ولم يتعلَّموا ، بل هم أُمِّيُّون ، سينطلق أحدُهم إلى كسرى ، الذي يمثِّل قمَّة الحضارة ، قصور، وخدم ، وحشم ، وحجَّاب ، وفرسان ، وأسلحة ، وأموال ، وأرائك ، وهم يجهلون لغات تلك البلاد ، ولا يعرفون شيئاً عن أمزجة ملوكها .
بينما الآن فهناك إعلام ، والأعمال كلُّها يتناقلها الإعلام ، فأحياناً الملوك يحسبون حسابًا لتناقل الوكالات لما يفعلُون ، أما قديمًا فلم يكن هناك إعلام ، فلو قال الملك : اقتلوه ، لقتلوه ، وانتهى الأمر ، ولنْ تسمع وقتها ضجة إعلامية ، إذ لم يكن بين الشعوب تواصل ، فالنّبي يعلَم خطورة هذه المهمة ، أنْ يرسل أصحابه الذين عاشوا في الصحراء إلى عواصم الدنيا ، إلى رجال يتربَّعون على عروشِ هذه الدول العظمى ، إنّهم سيدعُون هؤلاء الملوك إلى ترك أديانهم ، ومفارقة عزِّهم وسلطانهم ، تصوَّر مثلاً أنَّ يا فلانًا الفلاني ، في القرية الفلانية ، ومن البلد المتخلِّف الفلاني ، يقال له : اذهب إلى صاحب البيت الأبيض ، وقل له : إنَّك كافر ، وإنَّك على باطل ، فعُدْ إلى ديننا ، إنه أمرٌ صعب ، ومهمةٌ فوق الخيال .
سيدعون هؤلاء ، الملوك إلى ترك أديانهم ، ومفارقة عزِّهم وسلطانهم ، والدخول في دينِ قومٍ كانوا إلى الأمسِ القريب ، من بعض أتباعهم ، إنها رحلةٌ خطيرة ، الذاهب فيها مفقود ، والعائد منها مولود.
إنها رحلة بالتعبير المعاصر ، انتحارية ، فإما أن يعود ، وإما ألاّ يعود ، هذه هي طبيعة هذه المهمة .
الإنسان أيها الإخوة ... على قدر تضحيته ، وعلى قدر بذله ، وعلى قدر تجشُّمه للأخطار ، وعلى قدر عطائه يرقى عند الله عزَّ وجل ، إنها رحلةٌ خطيرة ، الذاهب فيها مفقود ، والعائد منها مولود ، لذلك جمع النبي صلّى الله عليه وسلَّم أصحابه ، وقام فيهم خطيباً ، وقال :" أما بعد ، فإني أريد أن أبعثُّ بعضكم إلى ملوك الأعاجم ، فلا تختلفوا عليّ ، كما اختلفت بني إسرائيل على عيسى بن مريم :

( سورة المائدة )

لقد كان الصحابة يتنافسون على الأعمال البطولية ، تصور لو أُلْغِيَ التجنيدُ الإجباري ، وصار اختيارياً ، فكم عددُ مَن يذهبون طواعيةً ؟! كان أصحاب رسول الله حينما يردُّهم النّبي لعدم وجود الرواحل يبكون ، وفي هؤلاء قال سبحانه :

(سورة التوبة)
يبكون لأنه ما أتيح لهم أن يضَحُّوا بأرواحهم في سبيل الله ، فَأَرِنِي لي مِنَ المسلمين بهذا المستوى، وخذ فتحاً يشمل العالم كلَّه ، وخذ نصراً مؤزراً ، الواحد منهم بألف ، والألف من غيرهم كأُف .. سأتلّو على مسامعكم آيتين ، الأولى قوله سبحانه :

( سورة النور : آية " 55 " )
وهو شيء تحقق في عهد سيدنا عمر ، قال : أين سراقة ؟ ائتوني به ، فجاء سراقة ، أين تاج كسرى ؟ ضعوه على رأسه ، ألبسوه سوارَيْه ، قال عمر : بخٍ بخٍ ، أّعرابيٌ من بني مدلج ، على رأسه تاج كسرى !! .. أمّا الآية الثانية فهي قوله عزوجل :

( سورة مريم )

وقعوا في خطيئتين وعلتين .. هما :

قال عليه الصلاة والسلام :" أما بعد فإني أريد أن أبعثُّ بعضكم إلى ملوك الأعاجم ، فلا تختلفوا عليّ ، كما اختلفت بنو إسرائيل على عيسى بن مريم ، فقال أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم : نحن يا رسول الله نؤدِّي عنك ما تريد ، فابعثنا حيث شئت ".
والله أيها الإخوة ، لسيدنا سعد موقف ، لو لم يكن له إلاّ هذا الموقف لكفاه لدخول الجنة ، فعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاوَرَ حِينَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا الْبَحْرَ لَأَخَضْنَاهَا وَلَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَفَعَلْنَا ...*
(رواه مسلم)
هذا النصر ، إذا نصرت رسول الله ، أو نصرت نوَّابه من بعده فقد نصرتَ الحق ، فكنْ أنت دعامةً للحق ، وجندياً من جنود الحق ، ولا تقل كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام :

( سورة المائدة )
أما أصحاب رسول الله : نحن يا رسول الله ، نؤدِّي عنّك ما تريد فابعثنا حيث شئت .
انتدَب النّبيُّ عليه الصلاة و السلام ستّةً من أصحابه الكرام ، ليحملوا كتبه إلى ملوك العرب والعجم، وكان أحد هؤلاء الستة عبد الله بن حذافة السهمي ، فقد اخْتِيرَ لحمل رسالة النّبي صلّى الله عليه وسلّم إلى كِسرى ملك الفرس ، على حصان ، من المدينة إلى المدائن عاصمة الفرس .
ما المدة التي تستغرقها سفرُه ؟ أكثر من شهر ، وحده في الصحراء ، فيها وحوش ، وفيها قطَّاع طرُق ، وفيها أخطار مجهولة .
جهَّز عبد الله بن حذافة راحلته ، وودَّع صاحبته وولده ، ومضى إلى غايته ترفعه النجاد ، وتحطه الوهاد ، وحيداً ، فريداً ، ليس معه إلا الله .

أحيانًا العوام يقولون كلمات : الله معك ، إنها كلمة عظيمة ، ودلالتها بعيدة ، إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان الله يحرسك ويحفظك ، ويرعاك ، ويوفِّقك ، وينصرك ، ويؤيِّدك .. فلا بأسَ عليك .
***
وإذا العنايةُ لاحظتًك جفوّنها نم فالمخاوف كلُّهن أمان
***
إذا بلغت هذه المرتبة ، أن يكون الله معك ، وأن تشعر أنَّك في حمايته ، وفي رعايته ، وحفظه ، فأنت في مرضاته ، وأنت في خدمة عباده ، وأنت جنديٌ من جنود الحق ، فإذا بلغت هذه المرتبة ، وهو المؤنس في كلِّ وحشة فقد سمَوْتَ عاليًا .
لقد انطلق وحيداً فريداً ، ليس معه إلا الله ، حتى بلغ ديار فارس ، بين الكلمتين كم شهر ؟ كم ليلة ؟ المشي في الشمس ، والخوف في الليل ، وتوقُّع الأخطار ، وتوقُّع قطَّاع الطريق ، وتوقُّع الوحوش ، وتوقُّع المرض .
حتى بلغ ديار فارس ، فاستأذن بالدخول على ملكها ، وأخطرَ الحاشية بالرسالة التي يحملها له ، عند ذلك أمر كسرى بإيوانه فزُيِّن ، ودعَا عظماء فارس لحضور مجلسه فحضروا ، ثم أذِنَ لعبد الله بن حذافة بالدخول عليه .
هناك في قصور في العالم ، قصور في باريس ، في لندن ، في واشنطن ، أبهاء ، رخام ، زينة ، إضاءة ، لوحات ، مداخل ، ثم يدخل هذه القصور أعرابي عليه رداءه وعمامته ، إنها قضية ليست بالسهلة ، بل هي مِنَ الصعوبة بمكان.
دخل عبد الله بن حذافة على سيد فارس ، مشتملاً شملته الرقيقة ، مرتدياً عباءته الصفيقة ، عليه بساطة الأعراب ، لكنه كان عاليَ الهمَّة ، مشدود القامة ، تتأجج بين جوانحه عزَّةُ الإسلام ، وتتوقَّد في فؤاده كبرياءُ الإيمان .
المؤمن له هيبة ، ومَن هاب اللهَ هابه كلُّ شيء .
فما إن رآه كسرى مقبلاً ، حتى أومأ إلى أحدِ رجاله أن يأخذ الكتاب من يده ، فقال :
لا ، إنما أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن أدفعه إليك يداً بيد ، وأنا لا أخالف أمر رسول الله ، فقال كسرى لرجاله : اتركوه يدنو مني ، فدنا من كسرى حتى ناوله الكتاب بيده ، ثم دعا كسرى كاتباً عربياً مِن أهل الحيرة ، وأمَرَه أن يفضَّ الكتاب بين يديه ، وأن يقرأه عليه ، فإذا فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم
من محمدٍ رسول الله ، إلى كسرى عظيم فارس ..
ماذا تفهمون من قوله " عظيم فارس" ، إنّه حكم شرعي ؟ فإذا كان لأحدٍ رتبة ، معينة ، وله لقب معيَّن ، فإذا خاطبته بهذا اللقب فلست آثماً ، يا ترى هل كسرى عظيمٌ في مقياس الإيمان ؟! وهل الذي يعبد النار عظيم ؟! والذي يقهر الناس عظيم ؟ لا والله ، ليس عظيماً ، لكن هذا لقب ، ومن الحكمة أن تخاطب الناس بألقابهم ، هذا له اسم ، هذا دكتور ، هذا أستاذ ، هذا مقدَّم ، فإذا خاطبت الناس بمراتبهم، فليس في الخطاب غضاضة ، والمؤمن لبق حصيف حكيم .
فقال عليه الصلاة والسلام في الرسالة :
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمدٍ رسول الله ، إلى كسرى عظيم الفرس ، سلامٌ على من اتّبع الهدى ، ولم يقل له : سلامٌ عليك ، سلامٌ على من اتبع الهدى ، أي إن اتبعتَ الهدى فسلامٌ عليك ، وإن لم تتبع الهدى ، فالسلام ليس عليك ، على من اتبع الهدى ، أسلِم تسلَم ، فإن أبيت ، فإنما عليك إثمُ الأرِيسيِّين ، أي هؤلاء الذي يتبعونك ، إن لم تسلم ، فهم في رقبتك ، وعليك إثمهم ، فما إن سمع كسرى من هذه الرسالة هذا المقدار، حتى اشتعلت نار الغضب في صدره ، فاحمر وجهه ، وانتفخت أوداجه ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ، بدأ بنفسه ، وبدأه بقوله : من محمدٍ رسول الله إلى كسرى ، فكان تفكير كسرى تفكيرًا شكليًّا ، ولم يقرأ المضمون ، ولم يهتمَّ له ، فغضِبَ للشكل .
فجلب الرسالة من يد كاتبه ، وجعل يمزِّقها دون أن يعلم ما فيها ، وهو يصيح : أيُكتبُ لي بهذا ، وهو عبدي ؟.
لأنه من أتباعه ، ولأن باذان عامله على اليمن ، تابع لكسرى ، والمناذرة وعاصمتهم الحيرة يتبعون كسرى ، فهذا الذي قال له :
من محمد رسول الله هو من عبيده ، هكذا يفهم كِسرى ، قال : أيكتب لي بهذا وهو عبدي ؟!!!
ثم أمر بعبد الله بن حذافة ، أن يُخًرَج من مجلسه ، فأُخرج .
والقصة لها تتمة ، لكن لما بلغ النبيَّ ذلك الخبرُ قال :" اللهم مزِّق ملكه "
وفي قصةٍ أخرى ، ثار عليه ابنه فقتله ، ومزِّق ملكه شرَّ ممزَّق ، ولقد أعجبني من كاتب معاصر لفتةٌ حيث قال : وأيُّ إنسانٍ يريد أن يعيد مجد ملوك فارس ، يمزِّق الله ملكه ، والذي كان في فارس ، وكان اسمه ملك الملوك ، ألم يمزِّق الله ملكه ؟ كل من يريد أن يعيد مجد فارس ، يمزِّق الله ملكه ، هذه دعوة النبي .
هكذا قال الملك الذي مزِّق مُلكُه : أُلقيت خارج بلادي كما تلقى الفأرة الميتة خارج المنزل .
خرج عبد الله بن حذافة من مجلس كسرى ، وهو لا يدري ماذا يفعل ، أيُقتَل ، أم يترك حراً طليقاً ، لكنه ما لبث أن قال : واللهِ ما أُبالي على أيَّةِ حالٍ أكون بعد أن أدّيتُ كتاب رسول الله .
الرسالة قد أوصلتها ، وحققت المهمة ، وليكن ما يكون ، إنني أحتسب هذا في سبيل الله .
وركب راحلته وانطلق ، ولما سكت عن كسرى الغضب ، أمر بأن يُدخل عليه عبد الله فلم يجدوه ، فالتمسوه ، فلم يقفوا له على أثر ، فطلبوه في الطريق إلى الجزيرة ، فوجدوه قد سبق ، فلما قدم عبد الله على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، أخبره بما كان من أمر كسرى ، وتمزيقه الكتاب ، فما زاد عليه الصلاة والسلام ، على أن قال :" مزَّق الله ملكه " .
وقد مُزِّق ملكه ، وأيُّ ملكٍ يدعو النبي على ملكه سيمزّق ، والإنسان يتجنَّب دعوة الصالحين ، طبعاً دعوة الأنبياء ، إذا دعا نبيٍ على إنسان فقد هلك ، ودعوة الصالحين أيضاً مخيفة ، فإذا دعا عليك إنسان صالح أردت أن تؤذيه ، فأَعِدَّ لهذا العُدَّة ، لأنَّك تحارب الله ورسوله .
أما كسرى ، فالقضية سهلة ، هذا عبد من عبيدنا نأتي به مخفورا ً، محضراً ، أما كسرى فقد كتب إلى باذان نائبه على اليمن : أن ابعث إلى هذا الرجل ، الذي ظهر بالحجاز ، رجلين جَلْدين من عندك ، ومُرهما أن يأتياني به .
أحضره حتى نرى ما قصَّته ، انظروا إلى منتهى الجهل ، وما درى أنه رسول الله ..!!
فبعث باذان رجلين من خيرة رجاله إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، وحمَّلهما رسالةً له ، يأمره فيها بأن ينصرف معهما إلى لقاء كِسرى ، دون إبطاء ، وطلب إلى الرجلين أن يقفا على خبر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، وأن يستقصيا أمره ، وأن يأتياه بما يقفان عليه من معلومات .
فخرج الرجلان يُغِذَّان السير ، حتى بلغا الطائف ، فوجدا رجالاً من تجَّار قريش ، فسألاهم عن محمَّدٍ عليه الصلاة والسلام ، فقالوا : هو في يثرب ، ثم مضى التجَّار إلى مكة ، فرحين مستبشرين ، وجعلوا يهنِّئون قريشاً ، أنْ قَرّوا عيناً ، فإنّ كسرى تصدَّى لمحمَّد ، وكفاكم شرَّه .
الكفار دائماً يتفاءلون بأحلامٍ مضحكة ، فمنهم مَن يحلم بأن الله عزَّ وجلَّ أنه سينهي هذا الدين ، ويبيد أهله ، فالآن يقول لك : لن تقوم للإسلام قائمةٌ بعد اليوم ، وما علِم أنّ الإسلام شامخٌ كالطود ، ولن تقوم في المستقبل قائمةٌ لأعدائه ، وهذه هي الحقيقة .
قَرّوا عيناً فإن كسرى تصدَّى لمحمّدٍ ، وكفاكم شرَّه ، أما الرجلان ، فَيَمَّمَا وجهيهما شطر المدينة ، حتى إذا بلغاها لقيا النبي عليه الصلاة والسلام ، ودفعا إليه رسالة باذان ، وقالا له :
إن ملك الملوك كسرى كتب إلى ملكنا باذان ، أن يبعث إليك من يأتيه بك ، وقد أتيناك لتنطلق معنا إليه ، " شرِّف معنا " فإن أجبتنا ، كلَّمنا كسرى بما ينفعك ، ويكفُّ أذاه عنك ، وإن أبيت ، فهو مَن قد علمت سطوته وبطشه وقدرته على إهلاكك ، وإهلاك قومك ، " إذا قلت : لا ، فإن كسرى قادرٌ على أن يهلكك ، ويهلك قومك ..........
........ لم يغضب النبي ، بل تبسَّم عليه الصلاة والسلام ، وقال لهما :
ارجعا إلى رحالكما اليوم ، وائتيا غداً .
فلما غدوا على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في اليوم التالي ، قالا له : هل أعددتَ نفسك للمُضِيِّ معنا إلى لقاء كسرى ؟ فقال لهما النبي عليه الصلاة والسلام : لن تلقيا كسرى بعد اليوم ، فلقد قتله الله ، حيث سلَّط عليه ابنه شيرويه في ليلة كذا من شهر كذا وقتَله .
إنه خبرُ الوحي ، نقله ببرودة ، لن تلقياه بعد اليوم ، لقد قتله الله ، لأنه مزَّق الكتاب .
فحدَّقا في وجه النبي ، وبدت الدهشة على وجهيهما ، وقالا :
أتدري ما تقول !! أنكتب بذلك لباذان ؟
قال : نعم ، وقولا له : إن ديني سيبلغ ما وصل إليه ملك كسرى ، وإنَّك إن أسلمتَ ، أعطيتكَ ما تحت يديك ، وملَّكتكَ على قومك.
كان عليه الصلاة والسلام سياسيًّا محنَّكًا من أعظم السياسيّين ، بلِّغا الملك وقولا له : إنّ مُلكي سيصل إلى ملك كسرى ، وأنت إن أسلمتَ أقررناك على ملكك ، اختلف الأمر اختلافًا كلِّيًّا ، أين كلمتهم: " انطلِقْ معنا " ؟
خرج الرجلان من عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، وقدما على باذان ، وأخبراه الخبر ، فقال لهما :
لئن كان ما قال محمّدٌ حقاً فهو نبيّ .
لم يكن وقتها أقمار صناعية ، أو محطات بث مباشر ، أو محطات وكالات أنباء عالمية ، الخبر ينتقل خلال دقائق في العالم ، لم يكن لها وجود ، الخبر حتى ينتقل يحتاج لأشهر .
فلم يلبث أن قدم على باذان كتابٌ من شيرويه ، وفيه يقول " ابنه":
أما بعد فقد قتلت كسرى ، ولم أقتله إلا انتقاماً لقومنا ، فقد استحلَّ قتلَ أشرافهم ، وسبيَ نسائهم ، وانتهابَ أموالهم ، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممّن عندك.
فما إن قرأ باذان كتاب شيرويه ، حتى طرحه جانباً ، وأعلن دخوله في الإسلام ، وأسلم من كان معه من الفرس في بلاد اليمن .

( سورة الطارق )

( سورة الأعراف )

( سورة إبراهيم )
هذه قصة لقاء سيدنا عبد الله بن حذافة لكسرى ملك الفرس ، فما قصة لقائه لقيصر عظيم الروم ؟
هذه أصعب ..
لقد كان لقاؤه لقيصر عظيم الروم ، في خلافة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ، وكانت له معه قصَّة، من روائع القصص .
ففي السنة التاسعة عشرة للهجرة ، بعث عمر بن الخطاب جيشاً لحرب الروم ، فيهم عبد الله بن حذافة السهمي ، وكان قيصر عظيم الروم قد تناهت إليه أخبار جند المسلمين ، وما يتحلَّون به من صدق الإيمان، ورسوخ العقيدة ، واسترخاص النفس في سبيل الله ورسوله ، فأمَرَ رجاله إن ظفروا بأسيرٍ من أسرى المسلمين أن يبقوا عليه ، وأن يأتوه به حياً ، وشاء الله أن يقع عبد الله بن حذافة السهمي أسيراً في أيدي الروم ، فحملوه إلى مليكهم وقالوا :
إنَّ هذا من أصحاب محمد السابقين إلى دينه ، قد وقع أسيراً في أيدينا ، فأتيناك به .
نظر ملك الروم إلى عبد الله بن حذافة طويلاً ، ثم بادره قائلاً :إني أعرض عليك أمراً ، قال : وما هو ؟ قال : أعرض عليك أن تتنصَّر ، فإنْ فعلتَ خلَّيت سبيلك ، وأكرمت مثواك ، فقال الأسير في أنفةٍ وحزم : هيهات .. إن الموت لأحبُّ إليَّ ألف مرة ممّا تدعوني إليه .
قال قيصر : إني لأراك رجلاً شهماً ، فإن أجبتني إلى ما أعرضه عليك ، أشركتك في أمري ، وقاسمتك سلطاني .
فخلاصة قضية قيصر أنّ سمعةَ أصحاب رسول الله ملأت الآفاق ، أشخاص أشدَّاء ، أقوياء ، متعففون ، إيمانهم قوي ، الدنيا عندهم صغيرة، فلهم سمعة كبيرة ، وهو أراد أن يرى من هم هؤلاء ؟ فأخذَ يعرض عليه كلَّ إغراءٍ .
فتبسَّم الأسير المكبَّل بقيوده ، وقال : واللهِ لو أعطيتني جميع ما تملك ، وجميع ما ملكته العرب على أن أرجع عن دين محمدٍ طرفة عينٍ ما فعلت .
هذا هو الإيمان ، الآن من أجل أن يظل رئيس دائرة يبيع دينه ، ويترك الصلاة كلها ، لا أريد أن يعرفوا عني شيئًا ، إذا وضعوه رئيس دائرة مثلاً ، لأتفه المكاسب يتخلَّى عن دينه ، قال له : واللهِ لو أعطيتني جميع ما تملك ، وجميعَ ما ملكته العرب على أن أرجع عن دين محمدٍ طرفة عينٍ ما فعلت .
قال : إذًا أقتلك .
قال : أنت وما تريد .
هذا كلام ، إلقاؤه على الأسماع كلام ، أمّا عندما يهدَّد إنسانٌ بالقتل ، فلا يعرف هذا إلا من ذاقه .
ثم أمر به فصُلِب ، وقال لقنَّاصته بالرومية : ارموه قريباً من يديه ، وهو يعرض عليه التنصُّر فأبى .
قال : ارموه قريباً من رجليه ، وهو يعرض عليه التنصُّر فأبى .
عند ذلك أمرهم أن يكفّوا عنه ، وطلب إليهم أن ينزلوه عن خشبة الصلب ، ثم دعا بقدرٍ عظيمة ، فصُبَّ فيها الزيت ، ورُفعت عن النار حتى غلت ، ثم دعا بأسيرين من أسارى المسلمين ، فأمر بأحدهما أن يُلقى فيها فأُلقي ، فإذا لحمه يتفتت ، زيت مغلي ، أُلقي فيه رجل ، وإن عظامه لتبدو عارية بعد إلقاه ، ثم التفت إلى عبد الله ، ودعاه إلى النصرانية ، فكان أشدَّ إباءً من قبل .
أراه بعينه قِدْرًا عظيمة ، فيها زيتٌ مغلي ، وألقى أمامه أحد الأسرى المسلمين ، حتى بدت عظامه عارية ، فإذا طبخ أحدكم أكلة من اللحم على " طنجرة البخار " ونسيها قليلاً على النار ، تجد اللحم أصبح منفصلاً عن العظم كلاً على حدة ، هذا الذي حدث .
فلما يئس منه ، أمر به أن يُلقى في القدر التي أُلقي فيها صاحباه ، فلما ذُهِب به دمعت عيناه ، فقال رجال قيصر لملكهم : يا سيِّدي إنه قد بكى ، فظَنَّ أنه قد جزع ، فقال : ردّوه إلي .
فلما مثُل بين يديه ، عرض عليه النصرانية فأباها ، قال : ويحك فما الذي أبكاك إذًا ؟! ألم تكن خائفاً ؟ قال : واللهِ ما أبكاني إلا أني قلت في نفسي : تُلْقى الآن في هذه القدر ، فتذهب نفسك ، وقد كنت أشتهي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من شعرٍ أنفُسٌ ، فتُلقى كلُّها في هذه القدر في سبيل الله .
يا ليت لي مليون نفس تلقى كلُّها في هذه القدر في سبيل الله .
فقال الطاغية : هل لك أن تقبِّل رأسي وأُخلِّي عنك ؟ فقال له عبد الله :
وهل تُخلّي عن جميع أُسارى المسلمين ؟ مساومة ، أنا أقبِّل رأسك بشرط ، أنْ تخلّيَ عن جميع أُسارى المسلمين .
فقال الطاغية : وعن جميع أسارى المسلمين أيضاً .
قال عبد الله : فقلت في نفسي : عدوٌ من أعداء الله ، أُقبِّل رأسه ، فيُخلّي عني وعن أُسارى المسلمين جميعاً ، لا ضيرَ في ذلك .
انظر إلى محبته لإخوانه ، من أجل إخواني الأسرى أقبِّل رأسه ، ويخلِّي عني وعنهم .
ثم دنا منه ، وقبَّل رأسه ، فأمر ملك الروم ، أن يجمعوا له أسارى المسلمين ، وأن يدفعوهم إليه ، فدُفِعوا له ، وانطلق بهم إلى المدينة .
قدم عبد الله بن حذافة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأخبره خبره ، فسُرَّ به الفاروق أعظم السرور ، ولما نظر إلى الأسرى قال : حقٌ على كل مسلمٍ أن يقبِّل رأس عبد الله بن حذافة ، وأنا أبدأ بذلك ، ثم قام وقبَّل رأسه .
عندما يضحِّي الإنسان من أجل إخوانه ، ويهمه أمرهم ، وتهمه حياتهم ، وتهمه سعادتهم ، وتهمه حريَّتهم ، فهذا إنسان مسلم حقاً ، فلما قال له : أتقبِّل رأسي وأخلِّيَ عنك ؟ فقال له : وعن جميع الأسرى ؟ قال : نعم ، أقبِّل رأسه وأخلِّي سبيل إخواني .
سيدنا عمر قام من مجلسه وقبَّل رأسه ، إكراماً له ، وتعظيماً لهذا الموقف المشرِّف .. فهؤلاء هم الصحابة .
لقي زعيم الفرس كسرى ، وزعيم الروم قيصر ، وهو أعرابيٌ ، نشأ في الصحراء ، وانتقل إلى هذه البلاد .
ويجب أن تعلموا أيها الإخوة ، أن الله سبحانه وتعالى ، لا يُضيع أجر من أحسن عملا ، اسمعوا هذه الكلمة وصدِّقوها :
واللهِ الذي لا إله إلا هو لزوال الكون أهْوَنُ على الله مِن أنْ يضيَّع عمل مؤمن ، بل عملك كلُّه محفوظ ، وتضحيتك ، وغض بصرك ، وإنفاق مالك ، وقيام الليل ، وصلاة الفجر ، ودعوتك إلى الله ، ونصحك لإخوانك ، وأمرك بالمعروف ، ونهيك عن المنكر ، وتحمُّلكَ المشاق ، وسهرك في سبيل الله ،
لُّه محفوظ :

( سورة محمد )

أبداً ، فإذا آمنت هذا الإيمان تجد نفسك منطلقاً إلى خدمة الخلق ، وإلى بذل الغالي والرخيص ، والنفس والنفيس ، فترى أن الأعمال الصالحة مغنمٌ كبيرٌ ، وترى أن إنفاق المال مغنم كبير ، فالذي يرى أن إنفاق المال مغرمٌ فهو لا يعرف الله ، والذي يرى أن الراحة مغنم ، وبذل الجهد مغرم ، فلا يعرف الله، إلى أن ترى أن عملك الصالح في سبيل الله ، وهو الذي يرقى بك ، وعندئذٍ يمكن أن تكون من المؤمنين .
أيها الإخوة الأكارم ... عودٌ على بدء ، الإنسان إذا قرأ سير الصالحين ، إذا قرأ سير أصحاب رسول الله رضوان الله عليهم أجمعين ، إذا قرأ عن ورعهم ، قرأ عن جهادهم ، قرأ عن تضحياتهم ، قرأ عن حبهم ، عن شوقهم إلى الله عزَّ وجل ، عن التزامهم ، فربنا واحد ، فليس لنا عذر إن لم نبذل ، والله موجود ، وثوابُه يفيض والله عزَّ وجل هو هو ، والأعمال الصالحة متاحة لكل إنسان ، في أي زمانٍ ، وفي أي مكان .
إذا جئت في أيِّ عصر ، فمِنَ الممكن أن تطلب العلم ، وأنْ تنفق مالك ، وأنْ تعلِّم ، وأنْ تلتزم التزامًا قويًّا ، فيجب أن نعلم علم اليقين ، أن أبواب الجنة مفتحةٌ في كل عصر ، وفرص البطولة متاحةٌ لكل مؤمن ، والله سبحانه وتعالى هو هو ، في أي زمانٍ وفي أي مكان ، لكن أعظم شيء أن يعملَ الإنسان عملاً خالصًا لله وحده .

والحمد لله رب العالمين
الكتاب: سيرة خمسين صحابي
المؤلف: الدكتور محمد راتب النابسلي
المصدر: الشاملة الذهبية