RachidYamouni
19-11-2013, 01:06 PM
✨✨✨
( إن الله عز وجل أنزل : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون **
و ** أولئك هم الظالمون ** و
** أولئك هم الفاسقون ** .
قال ابن عباس : أنزلها الله في الطائفتين من اليهود ، و كانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا و اصطلحوا على أن كل قتيل قتله ( العزيزة ) من ( الذليلة ) فديته خمسون
وسقا ، و كل قتيل قتله ( الذليلة ) من ( العزيزة ) فديته مائة وسق ،
فكانوا على ذلك ، حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فذلت الطائفتان كلتاهما
لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
و يؤمئذ لم يظهر و لم يوطئهما عليه و هو في الصلح ، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا ، فأرسلت ( العزيزة ) إلى ( الذليلة )
أن ابعثوا إلينا بمائة وسق ،
فقالت ( الذليلة ) : و هل كان هذا في
حيين قط دينهما واحد ، و نسبهما واحد ،
و بلدهما واحد ،
دية بعضهم نصف دية بعض ؟ !
إنا إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا ، و فرقا منكم ، فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك ، فكادت الحرب تهيج بينهما ،
ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم بينهما ،
ثم ذكرت ( العزيزة ) فقالت : والله ما محمد
بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ،
و لقد صدقوا ، ما أعطونا هذا إلا ضيما منا و
قهرا لهم ، فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه ، إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه و
إن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه .
فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا
من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما جاء رسول
الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله بأمرهم كله و ما أرادوا ،
فأنزل الله عز وجل : ** يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا :
آمنا ** إلى قوله : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ** ،
ثم قال : فيهما والله نزلت ،
و إياهما عنى الله عز وجل ) .
_ أخرجه أحمد وغيره وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني رقم 2552
قال الشيخ الألباني رحمه الله
( فائدة هامة ) :
إذا علمت أن الآيات الثلاث : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ** ،
** فأولئك هم الظالمون ** ،
** فأولئك هم الفاسقون **
نزلت في اليهود و قولهم في حكمه صلى الله عليه وسلم : " إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه ،
و إن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه " ،
و قد أشار القرآن إلى قولهم هذا قبل هذه
الآيات فقال : ** يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه ، و إن لم تؤتوه فاحذروا ** ،
إذا عرفت هذا ، فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكام المسلمين و قضاتهم الذين
يحكمون بغير ما أنزل الله من القوانين الأرضية ،
أقول : لا يجوز تكفيرهم بذلك ،
و إخراجهم من الملة
إذا كانوا مؤمنين بالله و رسوله ،
و إن كانوا مجرمين بحكمهم
بغير ما أنزل الله ،
لا يجوز ذلك ،
لأنهم و إن كانوا كاليهود من جهة حكمهم
المذكور ، فهم مخالفون لهم من جهة أخرى ،
ألا و هي إيمانهم و تصديقهم بما أنزل
الله ، بخلاف اليهود الكفار ،
فإنهم كانوا جاحدين له كما يدل عليه قولهم
المتقدم : " ... و إن لم يعطكم حذرتموه فلم تحكموه " ، بالإضافة إلى أنهم ليسوا
مسلمين أصلا ،
و سر هذا أن الكفر قسمان :
اعتقادي و عملي .
فالاعتقادي مقره القلب .
و العملي محله الجوارح .
فمن كان عمله كفرا لمخالفته للشرع ،
و كان مطابقا لما وقر في قلبه من الكفر به ،
فهو الكفر الاعتقادي ،
و هو الكفر الذي لا يغفره الله ،
و يخلد صاحبه في النار أبدا .
و أما إذا كان مخالفا لما وقر في
قلبه ، فهو مؤمن بحكم ربه ،
و لكنه يخالفه بعمله ،
فكفره كفر عملي فقط ،
و ليس كفرا اعتقاديا ،
فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه ،
و إن شاء غفر له ،
و على هذا النوع من الكفر تحمل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئا
من المعاصي من المسلمين ،
و لا بأس من ذكر بعضها :
1 - اثنتان في الناس هما بهم
كفر ، الطعن في الأنساب و النياحة على الميت . _ رواه مسلم .
2 - الجدال في القرآن كفر .
_ صحيح الجامع .
3 - سباب المسلم فسوق ، و قتاله كفر .
_ رواه مسلم .
4 - كفر بالله تبرؤ من نسب و إن دق .
_ الروض النضير .
5 - التحدث بنعمة الله شكر ، و تركها كفر
_ السلسلة الصحيحة .
6 - لا ترجعوا بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض . متفق عليه .
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي لا مجال الآن لاستقصائها .
فمن قام من المسلمين بشيء من هذه المعاصي ، فكفره كفر عملي ، أي إنه يعمل عمل الكفار ، إلا
أن يستحلها ، و لا يرى كونها معصية فهو حينئذ كافر حلال الدم ، لأنه شارك
الكفار في عقيدتهم أيضا ، و الحكم بغير ما أنزل الله ، لا يخرج عن هذه القاعدة أبدا ،
و قد جاء عن السلف ما يدعمها ،
و هو قولهم في تفسير الآية :
" كُفرٌ دون كُفْرٍ " ،
صح ذلك عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، ثم تلقاه عنه بعض التابعين و غيرهم ، و لابد من ذكر ما تيسر لي عنهم لعل في ذلك إنارة للسبيل أمام من ضل اليوم في هذه المسألة الخطيرة ،
و نحا نحو الخوارج الذين يكفرون
المسلمين بارتكابهم المعاصي ، و إن كانوا يصلون و يصومون !
1 - روى ابن جرير
الطبري ( 10 / 355 / 12053 ) بإسناد صحيح عن ابن عباس : ** و من لم يحكم بما
أنزل الله فأولئك هم الكافرون **
قال : هي به كفر ، و ليس كفرا بالله و ملائكته
و كتبه و رسله .
2 - و في رواية عنه في هذه الآية :
إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه ، إنه ليس كفرا ينقل عن الملة ، كفر دون كفر .
أخرجه الحاكم ( 2 / 313 )
و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي ، و حقهما أن يقولا : على شرط
الشيخين . فإن إسناده كذلك .
ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في " تفسيره "
( 6 / 163 ) عن الحاكم أنه قال :
" صحيح على شرط الشيخين " ،
فالظاهر أن في نسخة "المستدرك " المطبوعة سَقْطاً ، و عزاه ابن كثير لابن أبي حاتم أيضا ببعض اختصار .
3 - و في أخرى عنه من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : من جحد ما أنزل
الله فقد كفر ، و من أقر به و لم يحكم فهو ظالم فاسق . أخرجه ابن جرير ( 12063 ) .
قلت : و ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس ، لكنه جيد في الشواهد .
4 - ثم روى ( 12047 - 12051 ) عن عطاء بن أبي رباح قوله : ( و ذكر الآيات الثلاث ) :
كفر دون كفر ، و فسق دون فسق ، و ظلم دون ظلم . و إسناده صحيح .
5 - ثم روى ( 12052 ) عن سعيد المكي عن طاووس ( و ذكر الآية ) قال :
ليس بكفر ينقل عن الملة .
و إسناده صحيح ، و سعيد هذا هو ابن زياد الشيباني المكي ، وثقه ابن معين و
العجلي و ابن حبان و غيرهم ، و روى عنه جمع . 6 - و روى ( 12025 و 12026 ) من
طريقين عن عمران بن حدير قال : أتى أبا مجلز ناس من بني عمرو بن سدوس
( و في الطريق الأخرى : نَفرٌ من الإباضية ) فقالوا : أرأيت قول الله : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ** أحق هو ؟
قال : نعم .
قالوا : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ** أحق هو ؟ قال : نعم .
قالوا : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ** أحق هو ؟ قال : نعم .
قال : فقالوا : يا أبا مجلز فيحكم هؤلاء بما أنزل الله ؟ قال : هو دينهم الذي يدينون به ، و به يقولون و إليه يدعون - [ يعني الأمراء ] -
فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم أصابوا ذنبا . فقالوا : لا والله ، و لكنك تَفْرَق ( أي : تجزع وتخلف ) .
قال : أنتم أولى بهذا مني ! لا أرى ، و إنكم أنتم ترون هذا و لا تَحَرَّجون ، و لكنها
أنزلت في اليهود و النصارى و أهل الشرك .
أو نحوا من هذا ، و إسناده صحيح .
و قد اختلف العلماء في تفسير الكفر في الآية الأولى على خمسة أقوال ساقها ابن
جرير ( 10 / 346 - 357 ) بأسانيده إلى قائليها ، ثم ختم ذلك بقوله ( 10 / 358 ) :
" و أولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال : نزلت هذه الآيات في كفار أهل الكتاب ، لأن ما قبلها و ما بعدها من الآيات ففيهم نزلت ، و هم المعنيون بها ، و هذه الآيات سياق الخبر عنهم ، فكونها خبرا عنهم أولى .
فإن قال قائل : فإن الله تعالى ذكره قد عم بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله ،
فكيف جعلته خاصا ؟ قيل : إن الله تعالى عم بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله
الذي حكم به في كتابه جاحدين ، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم - على سبيل ما
تركوه - كافرون .
و كذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به هو بالله كافر ،
كما قال ابن عباس ، لأنه بجحوده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه ، نظير جحوده نبوة نبيه بعد علمه أنه نبي " .
و جملة القول أن الآية نزلت في اليهود الجاحدين لما أنزل الله ، فمن شاركهم في الجحد ، فهو كافر كفرا اعتقاديا ، و من لم يشاركهم في الجحد فكفره عملي لأنه عمل عملهم ، فهو بذلك
مجرم آثم ، و لكن لا يخرج بذلك عن الملة كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه .
و قد شرح هذه و زاده بيانا الإمام الحافظ أبو عبيد القاسم ابن سلام في " كتاب الإيمان "
" باب الخروج من الإيمان بالمعاصي "
( ص 84 - 87 - بتحقيقي ) ،
فليراجعه من شاء المزيد من التحقيق .
و بعد كتابة ما سبق ، رأيت شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله يقول في تفسير آية الحكم المتقدمة في " مجموع الفتاوي "
( 3 / 268 ) : " أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله " . ثم ذكر ( 7 / 254 )
أن الإمام أحمد سئل عن الكفر المذكور فيها ؟ فقال : كفر لا ينقل عن الإيمان ،
مثل الإيمان بعضه دون بعض ، فكذلك الكفر ، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه .
و قال ( 7 / 312 ) :
" و إذا كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان و نفاق ، فكذلك في قولهم أنه يكون فيه إيمان و كفر ، و ليس هو الكفر الذي ينقل عن
الملة ، كما قال ابن عباس و أصحابه في قوله تعالى : ** و من لم يحكم بما أنزل
الله فأولئك هم الكافرون ** ،
قالوا : كفرا لا ينقل عن الملة .
و قد اتبعهم على ذلك
أحمد و غيره من أئمة السنة " . اهـ
_ سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني
رحمه الله تعالى ( م 6 ق 1 ص 109 / 116 )
-----------------------------------------------------------
تفصيل مسألة الحكم بغير ما أنزل من
أقوال السلف الصالح من السابقين
الأولين ومن تبعهم بإحسان ومن أقوال المعاصرين ...
http://www.alrbanyon.com/vb/showthread.php?t=10502
من المعني بلفظ " ولي الأمر "
في النصوص الشرعية .
http://t.co/qWDbfSdjig” http://t.co/aNfXEaFp5r
🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴
🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴
( إن الله عز وجل أنزل : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون **
و ** أولئك هم الظالمون ** و
** أولئك هم الفاسقون ** .
قال ابن عباس : أنزلها الله في الطائفتين من اليهود ، و كانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا و اصطلحوا على أن كل قتيل قتله ( العزيزة ) من ( الذليلة ) فديته خمسون
وسقا ، و كل قتيل قتله ( الذليلة ) من ( العزيزة ) فديته مائة وسق ،
فكانوا على ذلك ، حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فذلت الطائفتان كلتاهما
لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
و يؤمئذ لم يظهر و لم يوطئهما عليه و هو في الصلح ، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا ، فأرسلت ( العزيزة ) إلى ( الذليلة )
أن ابعثوا إلينا بمائة وسق ،
فقالت ( الذليلة ) : و هل كان هذا في
حيين قط دينهما واحد ، و نسبهما واحد ،
و بلدهما واحد ،
دية بعضهم نصف دية بعض ؟ !
إنا إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا ، و فرقا منكم ، فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك ، فكادت الحرب تهيج بينهما ،
ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم بينهما ،
ثم ذكرت ( العزيزة ) فقالت : والله ما محمد
بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ،
و لقد صدقوا ، ما أعطونا هذا إلا ضيما منا و
قهرا لهم ، فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه ، إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه و
إن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه .
فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا
من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما جاء رسول
الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله بأمرهم كله و ما أرادوا ،
فأنزل الله عز وجل : ** يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا :
آمنا ** إلى قوله : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ** ،
ثم قال : فيهما والله نزلت ،
و إياهما عنى الله عز وجل ) .
_ أخرجه أحمد وغيره وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني رقم 2552
قال الشيخ الألباني رحمه الله
( فائدة هامة ) :
إذا علمت أن الآيات الثلاث : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ** ،
** فأولئك هم الظالمون ** ،
** فأولئك هم الفاسقون **
نزلت في اليهود و قولهم في حكمه صلى الله عليه وسلم : " إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه ،
و إن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه " ،
و قد أشار القرآن إلى قولهم هذا قبل هذه
الآيات فقال : ** يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه ، و إن لم تؤتوه فاحذروا ** ،
إذا عرفت هذا ، فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكام المسلمين و قضاتهم الذين
يحكمون بغير ما أنزل الله من القوانين الأرضية ،
أقول : لا يجوز تكفيرهم بذلك ،
و إخراجهم من الملة
إذا كانوا مؤمنين بالله و رسوله ،
و إن كانوا مجرمين بحكمهم
بغير ما أنزل الله ،
لا يجوز ذلك ،
لأنهم و إن كانوا كاليهود من جهة حكمهم
المذكور ، فهم مخالفون لهم من جهة أخرى ،
ألا و هي إيمانهم و تصديقهم بما أنزل
الله ، بخلاف اليهود الكفار ،
فإنهم كانوا جاحدين له كما يدل عليه قولهم
المتقدم : " ... و إن لم يعطكم حذرتموه فلم تحكموه " ، بالإضافة إلى أنهم ليسوا
مسلمين أصلا ،
و سر هذا أن الكفر قسمان :
اعتقادي و عملي .
فالاعتقادي مقره القلب .
و العملي محله الجوارح .
فمن كان عمله كفرا لمخالفته للشرع ،
و كان مطابقا لما وقر في قلبه من الكفر به ،
فهو الكفر الاعتقادي ،
و هو الكفر الذي لا يغفره الله ،
و يخلد صاحبه في النار أبدا .
و أما إذا كان مخالفا لما وقر في
قلبه ، فهو مؤمن بحكم ربه ،
و لكنه يخالفه بعمله ،
فكفره كفر عملي فقط ،
و ليس كفرا اعتقاديا ،
فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه ،
و إن شاء غفر له ،
و على هذا النوع من الكفر تحمل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئا
من المعاصي من المسلمين ،
و لا بأس من ذكر بعضها :
1 - اثنتان في الناس هما بهم
كفر ، الطعن في الأنساب و النياحة على الميت . _ رواه مسلم .
2 - الجدال في القرآن كفر .
_ صحيح الجامع .
3 - سباب المسلم فسوق ، و قتاله كفر .
_ رواه مسلم .
4 - كفر بالله تبرؤ من نسب و إن دق .
_ الروض النضير .
5 - التحدث بنعمة الله شكر ، و تركها كفر
_ السلسلة الصحيحة .
6 - لا ترجعوا بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض . متفق عليه .
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي لا مجال الآن لاستقصائها .
فمن قام من المسلمين بشيء من هذه المعاصي ، فكفره كفر عملي ، أي إنه يعمل عمل الكفار ، إلا
أن يستحلها ، و لا يرى كونها معصية فهو حينئذ كافر حلال الدم ، لأنه شارك
الكفار في عقيدتهم أيضا ، و الحكم بغير ما أنزل الله ، لا يخرج عن هذه القاعدة أبدا ،
و قد جاء عن السلف ما يدعمها ،
و هو قولهم في تفسير الآية :
" كُفرٌ دون كُفْرٍ " ،
صح ذلك عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، ثم تلقاه عنه بعض التابعين و غيرهم ، و لابد من ذكر ما تيسر لي عنهم لعل في ذلك إنارة للسبيل أمام من ضل اليوم في هذه المسألة الخطيرة ،
و نحا نحو الخوارج الذين يكفرون
المسلمين بارتكابهم المعاصي ، و إن كانوا يصلون و يصومون !
1 - روى ابن جرير
الطبري ( 10 / 355 / 12053 ) بإسناد صحيح عن ابن عباس : ** و من لم يحكم بما
أنزل الله فأولئك هم الكافرون **
قال : هي به كفر ، و ليس كفرا بالله و ملائكته
و كتبه و رسله .
2 - و في رواية عنه في هذه الآية :
إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه ، إنه ليس كفرا ينقل عن الملة ، كفر دون كفر .
أخرجه الحاكم ( 2 / 313 )
و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي ، و حقهما أن يقولا : على شرط
الشيخين . فإن إسناده كذلك .
ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في " تفسيره "
( 6 / 163 ) عن الحاكم أنه قال :
" صحيح على شرط الشيخين " ،
فالظاهر أن في نسخة "المستدرك " المطبوعة سَقْطاً ، و عزاه ابن كثير لابن أبي حاتم أيضا ببعض اختصار .
3 - و في أخرى عنه من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : من جحد ما أنزل
الله فقد كفر ، و من أقر به و لم يحكم فهو ظالم فاسق . أخرجه ابن جرير ( 12063 ) .
قلت : و ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس ، لكنه جيد في الشواهد .
4 - ثم روى ( 12047 - 12051 ) عن عطاء بن أبي رباح قوله : ( و ذكر الآيات الثلاث ) :
كفر دون كفر ، و فسق دون فسق ، و ظلم دون ظلم . و إسناده صحيح .
5 - ثم روى ( 12052 ) عن سعيد المكي عن طاووس ( و ذكر الآية ) قال :
ليس بكفر ينقل عن الملة .
و إسناده صحيح ، و سعيد هذا هو ابن زياد الشيباني المكي ، وثقه ابن معين و
العجلي و ابن حبان و غيرهم ، و روى عنه جمع . 6 - و روى ( 12025 و 12026 ) من
طريقين عن عمران بن حدير قال : أتى أبا مجلز ناس من بني عمرو بن سدوس
( و في الطريق الأخرى : نَفرٌ من الإباضية ) فقالوا : أرأيت قول الله : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ** أحق هو ؟
قال : نعم .
قالوا : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ** أحق هو ؟ قال : نعم .
قالوا : ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ** أحق هو ؟ قال : نعم .
قال : فقالوا : يا أبا مجلز فيحكم هؤلاء بما أنزل الله ؟ قال : هو دينهم الذي يدينون به ، و به يقولون و إليه يدعون - [ يعني الأمراء ] -
فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم أصابوا ذنبا . فقالوا : لا والله ، و لكنك تَفْرَق ( أي : تجزع وتخلف ) .
قال : أنتم أولى بهذا مني ! لا أرى ، و إنكم أنتم ترون هذا و لا تَحَرَّجون ، و لكنها
أنزلت في اليهود و النصارى و أهل الشرك .
أو نحوا من هذا ، و إسناده صحيح .
و قد اختلف العلماء في تفسير الكفر في الآية الأولى على خمسة أقوال ساقها ابن
جرير ( 10 / 346 - 357 ) بأسانيده إلى قائليها ، ثم ختم ذلك بقوله ( 10 / 358 ) :
" و أولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال : نزلت هذه الآيات في كفار أهل الكتاب ، لأن ما قبلها و ما بعدها من الآيات ففيهم نزلت ، و هم المعنيون بها ، و هذه الآيات سياق الخبر عنهم ، فكونها خبرا عنهم أولى .
فإن قال قائل : فإن الله تعالى ذكره قد عم بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله ،
فكيف جعلته خاصا ؟ قيل : إن الله تعالى عم بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله
الذي حكم به في كتابه جاحدين ، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم - على سبيل ما
تركوه - كافرون .
و كذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به هو بالله كافر ،
كما قال ابن عباس ، لأنه بجحوده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه ، نظير جحوده نبوة نبيه بعد علمه أنه نبي " .
و جملة القول أن الآية نزلت في اليهود الجاحدين لما أنزل الله ، فمن شاركهم في الجحد ، فهو كافر كفرا اعتقاديا ، و من لم يشاركهم في الجحد فكفره عملي لأنه عمل عملهم ، فهو بذلك
مجرم آثم ، و لكن لا يخرج بذلك عن الملة كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه .
و قد شرح هذه و زاده بيانا الإمام الحافظ أبو عبيد القاسم ابن سلام في " كتاب الإيمان "
" باب الخروج من الإيمان بالمعاصي "
( ص 84 - 87 - بتحقيقي ) ،
فليراجعه من شاء المزيد من التحقيق .
و بعد كتابة ما سبق ، رأيت شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله يقول في تفسير آية الحكم المتقدمة في " مجموع الفتاوي "
( 3 / 268 ) : " أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله " . ثم ذكر ( 7 / 254 )
أن الإمام أحمد سئل عن الكفر المذكور فيها ؟ فقال : كفر لا ينقل عن الإيمان ،
مثل الإيمان بعضه دون بعض ، فكذلك الكفر ، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه .
و قال ( 7 / 312 ) :
" و إذا كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان و نفاق ، فكذلك في قولهم أنه يكون فيه إيمان و كفر ، و ليس هو الكفر الذي ينقل عن
الملة ، كما قال ابن عباس و أصحابه في قوله تعالى : ** و من لم يحكم بما أنزل
الله فأولئك هم الكافرون ** ،
قالوا : كفرا لا ينقل عن الملة .
و قد اتبعهم على ذلك
أحمد و غيره من أئمة السنة " . اهـ
_ سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني
رحمه الله تعالى ( م 6 ق 1 ص 109 / 116 )
-----------------------------------------------------------
تفصيل مسألة الحكم بغير ما أنزل من
أقوال السلف الصالح من السابقين
الأولين ومن تبعهم بإحسان ومن أقوال المعاصرين ...
http://www.alrbanyon.com/vb/showthread.php?t=10502
من المعني بلفظ " ولي الأمر "
في النصوص الشرعية .
http://t.co/qWDbfSdjig” http://t.co/aNfXEaFp5r
🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴
🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴