RachidYamouni
28-05-2013, 12:45 PM
✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨
✨✨✨✨✨✨✨✨✨
✨✨✨✨✨✨✨
✨✨✨✨✨
✨✨✨
✨✨
✨
الجهاد
نقلته مع شيء من الاختصار من كتاب
الشّرح الممتع على زاد المستقنع
للعلاّمة محمّد بن صالح العثيمين
رحمه الله تعالى ( 8 / 5 - 22 )
قوله : « كتاب الجهاد » ،
الجهاد مصدر جاهد الرباعي،
وهو بذل الجهد في قمع أعداء الإسلام
بالقتال وغيره؛
لتكون كلمة الله هي العليا.
وينقسم الجهاد إلى ثلاثة أقسام :
جهاد النفس،
وجهاد المنافقين،
وجهاد الكفار المبارِزين المعاندين .
أما النوع الأول :
فهو جهاد النفس : وهو إرْغامُها على طاعة الله، ومخالفتها في الدعوة إلى معصية الله،
وهذا الجهاد يكون شاقًّا على الإنسان مشقة شديدة،
لا سيما إذا كان في بيئة فاسقة،
فإن البيئة قد تعصف به حتى ينتهك
حُرُمات الله، ويدع ما أوجب الله عليه،
أما النوع الثاني:
فهو جهاد المنافقين : ويكون بالعلم،
لا بالسلاح؛ لأن المنافقين لا يقاتَلون،
فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم استؤذن أن يُقْتَلَ المنافقون الذين علم نفاقهم
فقال : ( لا يتحدث الناس أن محمداً
يقتل أصحابَه )
_ أخرجه مسلم .
والدليل على أنهم يُجاهَدون
قول الله تعالى :
** ياأَيُّها النَّبِيُّ جاهِدِ الكُفّارَ والمنافِقِينَ **
سورة التحريم 9 .
ولما كان جهاد المنافقين بالعلم، فالواجب علينا أن نتسلح بالعلم أمام المنافقين الذين يوردون الشبهات على دين الله؛
ليصدوا عن سبيل الله،
فإذا لم يكن لدى الإنسان علم فإنه ربما تكثر عليه الشبهات والشهوات والبدع
ولا يستطيع أن يردها .
أما النوع الثالث :
فهو جهاد الكفار المبارِزين المعاندين
المحاربين،
وهذا يكون بالسلاح،
وقد يقال :
إن قوله تعالى : ** وأعِدُّوا لَهُمْ ما اسْتَطَعْتُمْ
مِنْ قُوَّةٍ ** سورة الأنفال 60
يشمل النوعين : جهاد المنافقين بالعلم،
وجهاد الكفار بالسلاح،
ولكنّ قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم :
( ألا إن القوة الرمي ) _ أخرجه مسلم
يؤيد أن المراد بذلك السلاح، والمقاتلة .
وَهُو فَرْضُ كِفايَة ويَجِبُ إذا حَضَرَهُ أوْ حَصَرَ بَلَدَهُ عَدَوٌّ أو اسْتَنْفَرَهُ الإِمَامُ
قوله : « وهو فرض كفاية »
وفرض الكفاية هو الذي إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين،
وصار في حقهم سنّة، وهذا حكمه .
وقوله : « وهو فرض كفاية » .
لا بد فيه من شرط،
وهو أن يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال،
فإن لم يكن لديهم قدرة فإن إقحام أنفسهم في القتال إلقاء بأنفسهم إلى التهلكة،
ولهذا لم يوجب الله ـ سبحانه وتعالى ـ على المسلمين القتال وهم في مكة؛
لأنهم عاجزون ضعفاء،
فلما هاجروا إلى المدينة وكوّنوا الدولة الإسلامية وصار لهم شوكة أُمروا بالقتال،
وعلى هذا فلا بد من هذا الشرط،
وإلا سقط عنهم كسائر الواجبات؛
لأن جميع الواجبات يشترط فيها القدرة،
لقوله تعالى : ** فاتَّقُوا اللهَ ما اسْتَطَعْتُمْ ** سورة التغابن 16 ،
وقوله : ** لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَها **
سورة البقرة 286 .
قوله : « ويجب إذا حضره » ،
هذا هو الموضع الأول ،
من المواضع التي يتعين فيها الجهاد .
فيجب الجهاد ويكون فرض عين
إذا حضر الإنسان القتال،
لقول الله تعالى : ** يَاأيُّها الّذينَ آمَنُوا إذا
لَقِيتُمُ الّذينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأدْبارَ
* ومَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلاّ مُتَحَرِّفًا لِقِتالٍ
أوْ مُتَحَيِّزًا إلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ
ومَأْواهُ جَهَنَّمُ وبِئْسَ المصِيرُ **
سورة الأنفال 15 - 16
وقد أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم :
أن التولي يوم الزحف من الموبقات
حيث قال : ( اجتنبوا السبع الموبقات )
- وذكر منها - ( التولي يوم الزحف )
_ أخرجه البخاري ومسلم ،
إلا أن الله تعالى استثنى حالين :
الأولى : أن يكون متحرفاً لقتال بمعنى أن ينصرف؛ ليعمل من أجل القتال، كأن يستطرد لعدوه فإذا لحقه كرّ عليه فقتله .
الثانية : أن يكون منحازاً إلى فئة،
بحيث يذكر له أن فئة من المسلمين من الجانب الآخر تكاد تنهزم،
فيذهب من أجل أن يتحيز إليها تقوية لها،
وهذه الحال يشترط فيها ألاَّ يَخَاف على الفئة التي هو فيها،
فإن خاف على الفئة التي هو فيها فإنه لا يجوز أن يذهب إلى الفئة الأخرى،
فيكون في هذه الحال فرض عين عليه لا يجوز له الانصراف عنه .
قوله : « أو حصر بلده عدو » ،
هذا هو الموضع الثاني،
إذا حَصرَ بلدَه العدوُّ
فيجب عليه القتال دفاعاً عن البلد،
وهذا يُشبِه من حضَر الصَفّ في القتال؛
لأن العدو إذا حصر البلد فإنه سيمنع الخروج من هذا البلد، والدخول إليه،
وما يأتي لهم من الأرزاق، وغير ذلك مما هو معروف،
ففي هذه الحال يجب أن يقاتل أهل البلد دفاعاً عن بلدهم .
قوله : « أو استنفره الإمام »
هذا هو الموضع الثالث .
إذا « استنفره » أي : قال : انفروا .
وقوله : « الإمام » هو ولي الأمر الأعلى
في الدولة،
ولا يشترط أن يكون إماماً عامّاً للمسلمين؛ لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة،
والنبي صلّى الله عليه وسلّم قال :
( اسمعوا وأطيعوا ولو تأمَّر عليكم
عبد حبشي ) _ أخرجه البخاري ،
فإذا تأمر إنسان على جهةٍ ما،
صار بمنزلة الإمام العام،
وصار قوله نافذاً،
وأمره مطاعاً،
وبهذا نعرف ضلال ناشئة نشأت تقول :
إنه لا إمام للمسلمين اليوم،
فلا بيعة لأحد ! !
ـ نسأل الله العافية ـ
ولا أدري أيريد هؤلاء أن تكون الأمور فوضى ليس للناس قائد يقودهم ؟!
أم يريدون أن يقال :
كل إنسان أميرُ نَفسِه ؟!
فإذا استنفره الإمام وجب عليه الخروج؛
لقول الله تعالى : ** ياأَيُّها الّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ
إذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا في سَبيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إلى
الأرْضِ أرَضِيتُمْ بالحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الآخِرَةِ فَما
مَتاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا في الآخِرَةِ إلاّ قَلِيلٌ *
إلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذابًا أليمًا ويَسْتَبْدِلْ
قَوْمًا غَيْرَكُمْ ** سورة التوبة 38 - 39
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم :
وإذا استنفرتم فانفروا )
_ أخرجه البخاري ومسلم
وهذه أدلة سمعية،
والدليل العقلي : هو أن الناس لو تمردوا في هذا الحال على الإمام
لَحَصَلَ الخَلَلُ الكَبير على الإسلام،
إذ أنّ العدو سوف يُقدم إذا لم يجد
من يقاومه ويدافعه .
الموضع الرابع : إذا احْتِيجَ إليه صارَ فرض عين عليه .
مثاله : عندنا دبابات وطائرات
لا يعرف قيادتها إلا هذا الرجل،
فحينئذ يجب عليه أن يُقاتل؛
لأن الناس محتاجون إليه،
وربما نقول : إن هذه المسألة الرابعة
تؤخذ من قولنا : إنه فرض كفاية؛
لأنه إذا لم يَقُمْ به أحدٌ واحتيج إلى هذا الرجل ففرض الكفاية يكون فرض عين عليه،
والحاصل أن الجهاد يجب وجوب عين في أربع مسائل :
الأولى : إذا حضر القتال .
والثانية : إذا حصر بلدَه العدوُ .
والثالثة : إذا استنفره الإمام .
والرابعة : إذا احتيج إليه .
وما عدا ذلك فهو فرض كفاية .
_ مسألة : هل يكون الجهاد بالمال
أو بالنفس أو بهما ؟ .
الجواب : أنه تارة يجب بالمال في حال من لا يقدر على الجهاد ببدنه،
وتارة يجب بالبدن في حال من لا مال له،
وتارة يجب بالمال والبدن
في حال القادر ماليّاً وبدنيّاً،
وكما في القرآن الكريم فإن الله
ـ عزّ وجلّ ـ
يذكر الجهاد بالمال والجهاد بالنفس،
ويقدم الجهاد بالمال في أكثر الآيات؛
لأن الجهاد بالمال أهون على النفوس من الجهاد بالنفس،
وربما يحتاج الجند إلى المال أكثر مما يحتاجون إلى الرجال .
قوله : « ولا يجوز الغزو إلا بإذنه إلا أن يفجأهم عدو يخافون كَلَبَه »
أي : لا يجوز غزو الجيش إلا بإذن الإمام مهما كان الأمر؛
لأن المخاطب بالغزو والجهاد
هم ولاة الأمور، وليس أفراد الناس،
فأفراد الناس تَبَعٌ لأهل الحل والعقد،
فلا يجوز لأحد أن يغزو دون إذن الإمام
إلاّ على سبيل الدفاع،
وإذا فاجأهم عدو يخافون كلَبه فحينئذ لهم أن يدافعوا عن أنفسهم لِتَعَيـُن القتال إذاً .
وإنما لم يجز ذلك؛
لأن الأمر منوط بالإمام،
فالغزو بلا إذنه افْتِياتٌ وتعدٍّ على حدوده،
ولأنه لو جاز للناس أن يغزوا بدون إذن الإمام لأصبحت المسألة فوضى،
كل من شاء ركب فرسه وغزا،
ولأنه لو مكن الناس من ذلك لحصلت مفاسد عظيمة،
فقد تتجهز طائفة من الناس على أنهم يريدون العدو،
وهم يريدون الخروج على الإمام،
أو يريدون البغي على طائفة من الناس،
فلهذه الأمور الثلاثة ولغيرها ـ أيضاً ـ
لا يجوز الغزو إلا بإذن الإمام . اهـ
✨✨✨✨✨✨✨✨✨
✨✨✨✨✨✨✨
✨✨✨✨✨
✨✨✨
✨✨
✨
الجهاد
نقلته مع شيء من الاختصار من كتاب
الشّرح الممتع على زاد المستقنع
للعلاّمة محمّد بن صالح العثيمين
رحمه الله تعالى ( 8 / 5 - 22 )
قوله : « كتاب الجهاد » ،
الجهاد مصدر جاهد الرباعي،
وهو بذل الجهد في قمع أعداء الإسلام
بالقتال وغيره؛
لتكون كلمة الله هي العليا.
وينقسم الجهاد إلى ثلاثة أقسام :
جهاد النفس،
وجهاد المنافقين،
وجهاد الكفار المبارِزين المعاندين .
أما النوع الأول :
فهو جهاد النفس : وهو إرْغامُها على طاعة الله، ومخالفتها في الدعوة إلى معصية الله،
وهذا الجهاد يكون شاقًّا على الإنسان مشقة شديدة،
لا سيما إذا كان في بيئة فاسقة،
فإن البيئة قد تعصف به حتى ينتهك
حُرُمات الله، ويدع ما أوجب الله عليه،
أما النوع الثاني:
فهو جهاد المنافقين : ويكون بالعلم،
لا بالسلاح؛ لأن المنافقين لا يقاتَلون،
فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم استؤذن أن يُقْتَلَ المنافقون الذين علم نفاقهم
فقال : ( لا يتحدث الناس أن محمداً
يقتل أصحابَه )
_ أخرجه مسلم .
والدليل على أنهم يُجاهَدون
قول الله تعالى :
** ياأَيُّها النَّبِيُّ جاهِدِ الكُفّارَ والمنافِقِينَ **
سورة التحريم 9 .
ولما كان جهاد المنافقين بالعلم، فالواجب علينا أن نتسلح بالعلم أمام المنافقين الذين يوردون الشبهات على دين الله؛
ليصدوا عن سبيل الله،
فإذا لم يكن لدى الإنسان علم فإنه ربما تكثر عليه الشبهات والشهوات والبدع
ولا يستطيع أن يردها .
أما النوع الثالث :
فهو جهاد الكفار المبارِزين المعاندين
المحاربين،
وهذا يكون بالسلاح،
وقد يقال :
إن قوله تعالى : ** وأعِدُّوا لَهُمْ ما اسْتَطَعْتُمْ
مِنْ قُوَّةٍ ** سورة الأنفال 60
يشمل النوعين : جهاد المنافقين بالعلم،
وجهاد الكفار بالسلاح،
ولكنّ قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم :
( ألا إن القوة الرمي ) _ أخرجه مسلم
يؤيد أن المراد بذلك السلاح، والمقاتلة .
وَهُو فَرْضُ كِفايَة ويَجِبُ إذا حَضَرَهُ أوْ حَصَرَ بَلَدَهُ عَدَوٌّ أو اسْتَنْفَرَهُ الإِمَامُ
قوله : « وهو فرض كفاية »
وفرض الكفاية هو الذي إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين،
وصار في حقهم سنّة، وهذا حكمه .
وقوله : « وهو فرض كفاية » .
لا بد فيه من شرط،
وهو أن يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال،
فإن لم يكن لديهم قدرة فإن إقحام أنفسهم في القتال إلقاء بأنفسهم إلى التهلكة،
ولهذا لم يوجب الله ـ سبحانه وتعالى ـ على المسلمين القتال وهم في مكة؛
لأنهم عاجزون ضعفاء،
فلما هاجروا إلى المدينة وكوّنوا الدولة الإسلامية وصار لهم شوكة أُمروا بالقتال،
وعلى هذا فلا بد من هذا الشرط،
وإلا سقط عنهم كسائر الواجبات؛
لأن جميع الواجبات يشترط فيها القدرة،
لقوله تعالى : ** فاتَّقُوا اللهَ ما اسْتَطَعْتُمْ ** سورة التغابن 16 ،
وقوله : ** لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَها **
سورة البقرة 286 .
قوله : « ويجب إذا حضره » ،
هذا هو الموضع الأول ،
من المواضع التي يتعين فيها الجهاد .
فيجب الجهاد ويكون فرض عين
إذا حضر الإنسان القتال،
لقول الله تعالى : ** يَاأيُّها الّذينَ آمَنُوا إذا
لَقِيتُمُ الّذينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأدْبارَ
* ومَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلاّ مُتَحَرِّفًا لِقِتالٍ
أوْ مُتَحَيِّزًا إلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ
ومَأْواهُ جَهَنَّمُ وبِئْسَ المصِيرُ **
سورة الأنفال 15 - 16
وقد أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم :
أن التولي يوم الزحف من الموبقات
حيث قال : ( اجتنبوا السبع الموبقات )
- وذكر منها - ( التولي يوم الزحف )
_ أخرجه البخاري ومسلم ،
إلا أن الله تعالى استثنى حالين :
الأولى : أن يكون متحرفاً لقتال بمعنى أن ينصرف؛ ليعمل من أجل القتال، كأن يستطرد لعدوه فإذا لحقه كرّ عليه فقتله .
الثانية : أن يكون منحازاً إلى فئة،
بحيث يذكر له أن فئة من المسلمين من الجانب الآخر تكاد تنهزم،
فيذهب من أجل أن يتحيز إليها تقوية لها،
وهذه الحال يشترط فيها ألاَّ يَخَاف على الفئة التي هو فيها،
فإن خاف على الفئة التي هو فيها فإنه لا يجوز أن يذهب إلى الفئة الأخرى،
فيكون في هذه الحال فرض عين عليه لا يجوز له الانصراف عنه .
قوله : « أو حصر بلده عدو » ،
هذا هو الموضع الثاني،
إذا حَصرَ بلدَه العدوُّ
فيجب عليه القتال دفاعاً عن البلد،
وهذا يُشبِه من حضَر الصَفّ في القتال؛
لأن العدو إذا حصر البلد فإنه سيمنع الخروج من هذا البلد، والدخول إليه،
وما يأتي لهم من الأرزاق، وغير ذلك مما هو معروف،
ففي هذه الحال يجب أن يقاتل أهل البلد دفاعاً عن بلدهم .
قوله : « أو استنفره الإمام »
هذا هو الموضع الثالث .
إذا « استنفره » أي : قال : انفروا .
وقوله : « الإمام » هو ولي الأمر الأعلى
في الدولة،
ولا يشترط أن يكون إماماً عامّاً للمسلمين؛ لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة،
والنبي صلّى الله عليه وسلّم قال :
( اسمعوا وأطيعوا ولو تأمَّر عليكم
عبد حبشي ) _ أخرجه البخاري ،
فإذا تأمر إنسان على جهةٍ ما،
صار بمنزلة الإمام العام،
وصار قوله نافذاً،
وأمره مطاعاً،
وبهذا نعرف ضلال ناشئة نشأت تقول :
إنه لا إمام للمسلمين اليوم،
فلا بيعة لأحد ! !
ـ نسأل الله العافية ـ
ولا أدري أيريد هؤلاء أن تكون الأمور فوضى ليس للناس قائد يقودهم ؟!
أم يريدون أن يقال :
كل إنسان أميرُ نَفسِه ؟!
فإذا استنفره الإمام وجب عليه الخروج؛
لقول الله تعالى : ** ياأَيُّها الّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ
إذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا في سَبيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إلى
الأرْضِ أرَضِيتُمْ بالحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الآخِرَةِ فَما
مَتاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا في الآخِرَةِ إلاّ قَلِيلٌ *
إلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذابًا أليمًا ويَسْتَبْدِلْ
قَوْمًا غَيْرَكُمْ ** سورة التوبة 38 - 39
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم :
وإذا استنفرتم فانفروا )
_ أخرجه البخاري ومسلم
وهذه أدلة سمعية،
والدليل العقلي : هو أن الناس لو تمردوا في هذا الحال على الإمام
لَحَصَلَ الخَلَلُ الكَبير على الإسلام،
إذ أنّ العدو سوف يُقدم إذا لم يجد
من يقاومه ويدافعه .
الموضع الرابع : إذا احْتِيجَ إليه صارَ فرض عين عليه .
مثاله : عندنا دبابات وطائرات
لا يعرف قيادتها إلا هذا الرجل،
فحينئذ يجب عليه أن يُقاتل؛
لأن الناس محتاجون إليه،
وربما نقول : إن هذه المسألة الرابعة
تؤخذ من قولنا : إنه فرض كفاية؛
لأنه إذا لم يَقُمْ به أحدٌ واحتيج إلى هذا الرجل ففرض الكفاية يكون فرض عين عليه،
والحاصل أن الجهاد يجب وجوب عين في أربع مسائل :
الأولى : إذا حضر القتال .
والثانية : إذا حصر بلدَه العدوُ .
والثالثة : إذا استنفره الإمام .
والرابعة : إذا احتيج إليه .
وما عدا ذلك فهو فرض كفاية .
_ مسألة : هل يكون الجهاد بالمال
أو بالنفس أو بهما ؟ .
الجواب : أنه تارة يجب بالمال في حال من لا يقدر على الجهاد ببدنه،
وتارة يجب بالبدن في حال من لا مال له،
وتارة يجب بالمال والبدن
في حال القادر ماليّاً وبدنيّاً،
وكما في القرآن الكريم فإن الله
ـ عزّ وجلّ ـ
يذكر الجهاد بالمال والجهاد بالنفس،
ويقدم الجهاد بالمال في أكثر الآيات؛
لأن الجهاد بالمال أهون على النفوس من الجهاد بالنفس،
وربما يحتاج الجند إلى المال أكثر مما يحتاجون إلى الرجال .
قوله : « ولا يجوز الغزو إلا بإذنه إلا أن يفجأهم عدو يخافون كَلَبَه »
أي : لا يجوز غزو الجيش إلا بإذن الإمام مهما كان الأمر؛
لأن المخاطب بالغزو والجهاد
هم ولاة الأمور، وليس أفراد الناس،
فأفراد الناس تَبَعٌ لأهل الحل والعقد،
فلا يجوز لأحد أن يغزو دون إذن الإمام
إلاّ على سبيل الدفاع،
وإذا فاجأهم عدو يخافون كلَبه فحينئذ لهم أن يدافعوا عن أنفسهم لِتَعَيـُن القتال إذاً .
وإنما لم يجز ذلك؛
لأن الأمر منوط بالإمام،
فالغزو بلا إذنه افْتِياتٌ وتعدٍّ على حدوده،
ولأنه لو جاز للناس أن يغزوا بدون إذن الإمام لأصبحت المسألة فوضى،
كل من شاء ركب فرسه وغزا،
ولأنه لو مكن الناس من ذلك لحصلت مفاسد عظيمة،
فقد تتجهز طائفة من الناس على أنهم يريدون العدو،
وهم يريدون الخروج على الإمام،
أو يريدون البغي على طائفة من الناس،
فلهذه الأمور الثلاثة ولغيرها ـ أيضاً ـ
لا يجوز الغزو إلا بإذن الإمام . اهـ