المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 12 تابع / شرح : العقيدة الواسطيّة للعلاّمة صالح الفوزان حفظه الله


RachidYamouni
02-05-2013, 10:46 PM
_ المتن :


وقوله : ** ليس كمثله شيء وهو السّميع البصير ** سورة الشّورىٰ 11

وقوله : ** إنّ الله نِعِمَّا يعظكم به إنّ الله كان سميعاً بصيراً ** سورة النّسآء 58

وقوله : ** ولولا إذ دخلت جنّتك قلت ما شآء الله لا قوّة إلاّ بالله ** سورة الكهف 39

** ولو شآء الله ما اقتتلوا ولكنّ الله يفعل ما يريد ** سورة البقرة 253

وقوله : ** أُحلّت لكم بهيمة الأنعام إلاّ ما يُتلى عليكم غير مُحِلِّى الصّيدِ وأنتم حُرُم إنّ الله يحكم ما يريد ** سورة المائدة 1

وقوله : ** فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يُضلّه يجعل صدره ضَيّقاً حَرَجاً كأنّما يَصَّعَّدُ في السّماء **
سورة الأنعام 125






_ الشرح :

( ليس كمثله شيء ) أول الآية
قوله تعالى :
( فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا )

قال الإمام ابن كثير في تفسيره : أي ليس كخالق الأزواج كُلِها شيء لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له . اهـ

( وهو السميع ) الذي يسمع جميع الأصوات

( البصير ) الذي يَرَى كلَ شيء ولا يَخفَى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .

قال الإمام الشوكاني في تفسيره :

ومن فهم هذه الآية الكريمة حق فهمها وتدبرها حق تدبرها مشى بها عند اختلاف المختلفين في الصفات على جادة بيضاء واضحة

ويزداد بصيرة إذا تأمل معنى قوله :

( وهو السميع البصير ) فإن هذا الإثبات بعد ذلك النفي للمماثل

قد اشتمل على بَرَد اليقين وشفاء الصدور وانثلاج القلوب

فاقْدُر يا طالب الحق قَدْرَ هذه الحُجّة النَيّرَة والبرهان القوى ،

فإنك تُحطم بها كثيرا من البدع وتُهَشم بها رُؤوساً من الضلالة

وتُرغِم بها أنوف طوائف من المتكلمين ولاسيما إذا ضممت إليه قول الله تعالى :
( ولا يحيطون به علما ) . اهـ

وقوله ( إن الله نعما ) قبله قوله :
( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )

( نعم ) من ألفاظ المدح
و ( ما ) قيل نكرة موصوفة كأنه قيل نعم شيئا يعظكم به .
وقيل إن ما موصولة ، أي نِعمَ الشيء الذي يعظكم به .

وقوله : ( يعظكم ) أي يأمركم به من أداء الأمانات والحكم بين الناس بالعدل

وقوله : ( إن الله كان سميعا بصيرا )
أي أنه سبحانه سميع لما تقولون بصير بما تفعلون .

الشاهد من الآيتين الكريمتين : أن فيهما إثبات السمع والبصر لله

وفي الآية الأولى نَفْيُ مُماثَلَة المخلوقات

ففي ذلك الجمع فيما وصَفَ وسَمّى به نفسَه بين النفي والإثبات .

قوله ( ولولا إذ دخلت جنتك )
أي : هلاّ إذ دخلت بستانك

( قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله)
أي : إن شاء أبقاها وإن شاء أفناها
اعترافا بالعجز وأن القدرة لله سبحانه .

قال بعض السلف : من أعْجبَه شيءٌ فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله .

وقوله : ( ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ) أي : لو شاء سبحانه عدم اقتتالهم لم يقتتلوا ،

لأنه لا يجرى في مُلْكه إلاّ ما يريد لا رادّ لحكمه ولا مبدل لقضائه .

وقوله تعالى : ( أحلت لكم ) أي : أبيحت والخطاب للمؤمنين

( بهيمة الأنعام ) أي الإبل والبقر والغنم

( إلا ما يتلى عليكم ) استثناء من

( بهيمة الأنعام ) والمراد به المذكور
في قوله :
( حرّمت عليكم الميتة ) سورة المائدة 3
الآية التي بعدها بقليل .

وقوله : ( غير محلي الصيد وأنتم حرم ) استثناء آخر من بهيمة الأنعام .

والمعنى : أُحلّت لكم بهيمة الأنعام كلها ،
إلا ما كان منها وحشيا فإنه صيد لا يحل لكم في حال الإحرام

فقوله : ( وأنتم حرم ) في محل نصب على الحال والمراد بالحرم من هو مُحْرِمٌ بحج أو عمرة أو بهما

( إن الله يحكم ما يريد ) من التحليل والتحريم لا اعتراض عليه .

الشاهد من الآيات : أن فيها إثبات المشيئة والقوة والحكم والإرادة صفات لله تعالى على ما يليق بجلاله .

( فمن يُرد الله أن يهديَه ) أي : من شاء الله سبحانه أن يوفقه ويجعل قلبَه قابلا للخير

و ( من ) : اسم شرط جازم

و( يُردْ ) مجزوم على أنه فعل الشرط

( يشرح صدره للإسلام )
مجزوم بجواب الشرط

والشّرْحُ الشَقّ وأصله التوسعة

وشَرَحْتُ الأمرَ : بَينتُه ووضَحتُه

والمعنى : يُوسِع الله صدرَه للحق الذي هو الإسلام حتى يَقبلَه بصدر مُنشَرِحٍ

( ومن يرد أن يضله ) أي : ومن شاء سبحانه أن يصرفه عن قبول الحق

( يجعل صدره ضيّقاً )
أي : لا يتسع لقول الحق

( حَرَجاً ) أي : شديد الضيق فلا يبقى فيه مَنْفَذٌ للخير وهو تأكيد لمعنى ( ضيّقا )

( كأنما يصّعّد في السماء )
أصله يتصعد ،
أي : كأنّما تَكَلّفَ مالا يُطيق مَرَةً بَعد مرة
كما يتكلف من يريد الصعود إلى السماء .

شَبّه الكافرَ في ثِقَل الإيمان عليه بمن يتكلف ما لا يطيقه كصعود السماء .

الشاهد من الآية الكريمة : أن فيها إثبات الإرادة لله سبحانه وأنها شاملة للهداية والإضلال .

أي يريد الهداية ويريد الإضلال كَوْناً وقَدراً لِحكمَةٍ بالِغةٍ .

فالإرادة الربانية نوعان :

النوع الأول : إرادة كونيةٌ قَدَريةٌ
وهذه مُرادفة للمشيئة

ومن أمثلتها قوله تعالى ** وإذآ أردنآ أن نّهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها **
سورة الإسراء 16

وقوله تعالى : ** وإذآ أراد الله بقوم سوٓءاً فلا مردّ له ** سورة الرّعد 11

وقوله : ** ومن يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقاً حرجا ** .

النوع الثاني : إرادة دينية شرعية ،
ومن أمثلتها

قوله تعالى : ** والله يريد أن يتوب عليكم **
الآية (27) النساء

وقوله : ** ما يريد الله ليجعل عليكم مّن حرج ولـٰكن يريد ليطهّركم ** الآية (6) المائدة

وقوله تعالى : ** إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ** الآية (33) الأحزاب

الفرق بين الإرادتين :

1 - الإرادة الكونية قد يحبها الله ويرضاها وقد لا يحبها ولا يرضاها .

_ والإرادة الشرعية
لابد أنه يحبها ويرضاها .

_ فالله أرادَ المعصيةَ كَوْناً
ولا يَرضاها شَرعاً .

2 - الإرادة الكونية مَقصودةٌ لغيرها ،
كخلق إبليس وسائر الشرور ،
لتحصل بسبب ذلك المجاهدة والتوبة والاستغفار وغير ذلك من المَحَابِ

_ والإرادة الشرعية مقصودة لذاتها .
فالله أراد الطاعة كونا وشرعا
وأحبها ورَضِيَها .

3 - الإرادة الكونية لابد من وقوعها

_والإرادة الشرعية لا يَلزَم وُقوعُها
فقد تقع وقد لا تقع .

تنبيه : تجتمع الإرادتان الكونية والشرعية
في حق المُخْلِص المُطِيع

وتنفرد الإرادة الكونية في حق العاصي .

تنبيه آخر : من لم يُثبِت الإرادتين
ويفرق بينهما
فقد ضل كالجَبْرية والقَدَرِية

فالجبرية أثبتوا الإرادة الكونية فقط

والقدرية أثبتوا الإرادة الشرعية فقط .

وأهل السنة أثبتوا
الإرادتين وفرقوا بينهما .




( يتبع ) ...................

الغردينيا
03-05-2013, 11:12 AM
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا طروحات مفيـــــــــــــدة

RachidYamouni
10-05-2013, 02:02 AM
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا طروحات مفيـــــــــــــدة

آمين ولك بالمثل وأشكرك على التشجيع المتواصل