المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 10 تابع / شرح : العقيدة الواسطيّة للعلاّمة صالح الفوزان حفظه الله


RachidYamouni
28-04-2013, 06:05 AM
_ المتن :


وقوله سبحانه : ** هو الأوّل والآخِر والظّاهر والباطن وهو بكلّ شيء عليم ** .
سورة الحديد 3

وقوله سبحانه : ** وتوكّل على الحيّ الّذي لا يموت ** . سورة الفرقان 58

وقوله : ** وهو الحكيم الخبير ** .
سورة سبإ 1






_ الشرح :


قوله : ( هو الأول والآخر ) الآية .
هذه الآية الكريمة قد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم
أنه صلى الله وسلم قال :

( اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء ) .

فقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأسماء الأربعة بهذا التفسير المختصر الواضح ،

وفي هذه الأسماء المباركة إحاطَتُه سبحانه
من كل وجه ،

ففي اسمه ( الأول ) و ( الآخر )
إحاطته الزمانية .

وفي اسمه ( الظاهر ) و ( الباطن )
إحاطته المكانية .

قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
فهذه الأسماء الأربعة متقابلة :

اسمان لأزَلِيَتِه وأبَدِيَتِه سبحانه ،

واسمان لعلوه وقُربِه .

فأوليته سبحانه سابقةٌ على
أولية كل ما سواه

وآخِريَتُه سبحانه ثابِتةٌ بعد آخِريَةِ
كل ما سواه

فأوليته سَبْقُه لكل شيء

وآخريته بَقاؤه بعد كل شيء

وظاهِريَتُه فَوْقِيَتُه وعُلُوه على كل شيء

ومعنى الظهور يقتضي العلو

وظاهر الشيء ما علا منه

وبُطونُه سبحانه إحاطته بكل شيء
بحيث يكون أقرب إليه من نفسه وهذا قرب الإحاطة العامة . اهـ

وقوله تعالى : ( وهو بكل شيء عليم )
أي : قد أحاط عِلمُه بكل شيء من الأمور الماضية والحاضرة والمستقبلة

ومن العالم العلوي والسفلي ومن الظواهر والبواطن

لا يَعْزُب عن عِلمه مِثقالُ ذرة في الأرض ولا في السماء .

والشاهد من الآية الكريمة : إثبات هذه الأسماء الكريمة لله المقتضية لإحاطته بكل شيء :
زمانا ومكانا واطلاعا وتقديرا وتدبيرا

تعالى وتقدس ( علوا كبيرا )


( وتوكّل على الحيّ الذي لا يموت ) أبدا
أي : فَوّض أمورك إليه

فالتوكّل لغة : التفويض ،
يقال وَكَلْتُ أمري إلى فلان أي : فوضته

ومعناه شرعا : اعْتِماد القلب على الله في جلب ما ينفع ودفع ما يضر

والتوكل على الله نوعٌ من أنواع العبادة

وهو واجبٌ ولا يُنافي الأخذ بالأسباب
بل يَتفِق معه تماما

وخصّ صفة الحياة إشارة إلى أن الحي هو الذي يُوثَق به في تحصيل المصالح .

ولا حياة على الدوام إلا لله سبحانه

وأما الأحياء المنقطعة حياتهم فإنهم إذا ماتوا ضاع من يتوكل عليهم .

والشاهد من الآية الكريمة : أن فيها إثبات الحياة الكاملة لله سبحانه ونفي الموت عنه

ففيها الجمع بين النفي والإثبات
في صفات الله تعالى .

وقوله : ( وهو الحكيم ) له معنيان

أحدهما : أنه الحاكم بين خلقه بأمره الكوني وأمره الشرعي في الدنيا والآخرة .

والثاني : أنه المُحْكِمُ المتْقُن للأشياء
مأخوذٌ من الحكمة وهي وضع الأشياء في مواضعها .

فهو سبحانه الحاكم بين عباده

الذي له الحكمة في خلقه وأمره

لم يخلق شيئا عبثا ولم يَشْرَع إلا ما هو عين المصلحة

( الخبير ) من الخِبْرة وهي الإحاطة بِبَواطِن الأشياء وظواهرها .

يقال : خَبَرْتُ الشيءَ
إذا عرفته على حقيقته .

فهو سبحانه الخبير : أي الذي أحاط ببواطن الأشياء وخفاياها كما أحاط بظواهرها .

والشاهد من الآية أن فيها إثبات اسمين
من اسمائه سبحانه :

( الحكيم ) ، ( الخبير )

وهما يتضمنان صفتين من صفاته
وهما الحكمة والخبرة .


( يتبع ) ...................