المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 9 تابع / شرح : العقيدة الواسطيّة للعلاّمة صالح الفوزان حفظه الله


RachidYamouni
23-04-2013, 09:34 PM



_ الشرح :


( وما وصف به نفسه في أعظم آية من كتابه )

أي : ودخل في الجملة السابقة ما وَصَف الله به نفسَه الكريمَة

( في أعظم آية ) والآية في اللغة العلامة

والمراد بها هنا طائِفةٌ من كلمات القرآن متميزة عن غيرها بفاصلة

وتسمى هذه الآية التي أوردها هنا آية الكرسي لذكر الكرسي فيها .

والدليل على أنها أعظم آية في القرآن ما ثبت في الحديث الصحيح
الذي رواه مسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله وسلم سأله :

( أي آية في كتاب الله أعظم ؟ قال الله ورسوله أعلم فرددها مرارا ثم قال أبيّ : آية الكرسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم لِيَهْنِكَ العِلمُ أبا المنذر )

وسبب كونها أعظم آية لما اشتملت عليه من إثبات أسماء الله وصفاته وتنزيهه عما
لا يليق به .

فقوله تعالى ( الله لا اله إلا هو )

أي : لا مَعْبودَ بِحَقٍ إلا هو

وما سواه فعِبادَته من أبْطَل الباطِل

( الحي ) أي : الدائم الباقي الذي له كمال الحياة والذي لا سبيل للفناء عليه

( القيوم ) أي : القائم بنفسه المقيم لغيره ، فهو غَنِيٌ عن خَلْقِه وخَلقُه مُحْتاجون إليه .

وقد ورد أن ( الحي القيوم ) هو الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب وإذا سئل به أعطى ،

لدلالة ( الحي ) على الصفات الذاتية،

ودلالة ( القيوم ) على الصفات الفعلية

فالصفات كلها ترجع إلى هذين الاسمين الكريمين العظيمين

ولكمال قَيُومِيَتِه ( لا تأخذه سِنَة ولا نوم )

السِنَة : النُعاس ، وهو نَومٌ خَفيف ويكون في العين فقط .

والنوم أقوى من السِنَة وهو أخو الموت ويكون في القلب

( له ما في السموات وما في الأرض )

مُلْكاً وخَلْقاً وعَبيدًا فهو يَملِك العالَمَ العُلوي والسفلي .

( من ذا الذي ) أي : لا أحد
( يشفع عنده )

الشَفاعةُ مُشتقة من الشفع وهو ضد الوتر

فكأن الشافع ضم سؤاله إلى سؤال غيره فَصَيَّره شَفعاً بعد أن كان وترا .

والشفاعة : سؤال الخير للغير بمعنى أن يسأل المؤمن ربَه أن يغفر ذنوب وجرائم بعض المؤمنين .

لكنها مُلكٌ لله سبحانه فلا تكون ( إلا باذنه )

أي : بأمره وذلك لكبريائه وعَظَمَتِه سبحانه وتعالى ، لا يستطيع أحد أن يتقدم إليه بالشفاعة عنده لأحد إلا بعد أن يأذن .

( يعلم ما بين أيدهم وما خلفهم )

أي : عِلمُه واطّلاعُه مُحيطٌ بالأمور الماضية والمستقبلة فلا يخفي عليه منها شيء

( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء )

أي : العباد لا يعلمون شيئا من علم الله إلا ما عَلّمَهُم الله إيّاه على ألسِنَة رُسُله وبِطرُقٍ وأسباب متنوعة

( وسع كرسيه السموات والأرض )

كرسيه سبحانه قيل إنه العرش

وقيل إنه غيره

فقد ورد أنه موضع القدمين .

وهو كرسيٌ بَلَغَ من عَظمَتِه وسَعَتِه أنه وَسِع السموات والأرض

( ولا يؤوده حفظهما ) أي : لا يُكْرِثُه ولا يَشُق عليه ولا يُثْقِله حفظ العالم العلوي والسفلي لكمال قدرته وقوته

( وهو العلي ) أي : له العُلُو المُطْلَق عُلُو الذات بكونه فوق جميع المخلوقات

( على العرش استوى ) وعُلُو القَدْر فله كل صفات الكمال ونعوت الجلال،

وعُلو القَهْر فهو القادر على كل شيء المتصرف في كل شيء لا يمتنع عليه شيء

( العظيم ) الذي له جميع صفات العظمة وله التعظيم الكامل في قلوب أنبيائه وملائكته وعباده المؤمنين .

فَحَقِيق بآية تحتوى على هذه المعاني أن تكون أعظم آية في القرآن وأن تحفظ قارِئَها من الشرور والشياطين .

والشاهد منها : أن الله جَمَع فيها فيما وصف وسمّى به نفسَه بين النفي والإثبات ،

فقد تَضَمنَت إثبات صفات الكمال ونفي النقص عن الله .

ففي قوله : ( الله لا إلـٰه إلا هو )
نفي الإلهية عما سواه وإثباتها له .

وفي قوله ( الحي القيوم ) إثبات الحياة والقيومية له .

وفي قوله ( لا تأخذه سِنَة ولا نوم ) نفي السنة والنوم عنه .

وفي قوله : ( له ما في السموات وما في الأرض ) إثبات ملكيته الكاملة للعالمين العلوي والسفلي .

وفي قوله ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) نفي الشفاعة عنده بغير إذنه لكمال عظمته وغناه عن خلقه

وفي قوله :( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) إثبات كمال علمه لكل شيء ماضِياً
أو مُستقبلا .

وفي قوله : ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) بيان حاجة الخلق إليه واثبات غناه عنهم .

وفي قوله : ( وسع كرسيه السموات و
الأرض ) إثبات كرسيه وإثبات كمال عظمته وجلالته وصغر المخلوقات بالنسبة إليه .

وفي قوله : ( ولا يؤوده حفظهما ) نفي العجز والتعب عن سبحانه .

وفي قوله : ( وهو العلي العظيم ) إثبات العلو والعظمة له سبحانه .

وقول المصنف رحمه الله : ( ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح )

يشير إلى ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه وفيه : ( إذا أَوَيْتَ إلى فِراشك فاقرأ آية الكرسي :
( الله لا اله إلا هو الحي القيوم ) ،
حتى تختم الآية
فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح ) الحديث .

والشيطان : يُطْلَقُ على كل مُتَمَرِدٍ عاتٍ
من الجن والإنس
ـ من ( شَطَنَ ) إذا بعد ـ
سُمّيَ بذلك لبُعدِه من رحمة الله ،
أو من شاطَ يَشيطُ إذا اشْتَدّ .




( يتبع ) ...................