المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : &&( مدرسة النبوة ... الخشوع في الصلاة )&&


د.عبدالله
24-06-2006, 05:26 PM
عن جابر بن سمرة قال: “خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذنابُ خَيْل شُمس اسكنوا في الصلاة” ثم قال: ما لي أراكم عزين ألا تصفّون كما تصف الملائكة عند ربها فقلنا: يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمون الصفوف الأوَلْ ويتراصُّون في الصف”. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم (رواه الإمام مسلم في صحيحه).

في هذا الحديث أمرٌ بالسكون في الصلاة والخشوع فيها وفيه النهي عن التفرق والأمر بالاجتماع وفيه الأمر بإتمام الصفوف الأوَل والتراصِّ في الصفوف حتى تشبه صفوف الملائكة في الصلاة وفيه النهي عن رفع أيدي المصلين مشيرين الى السلام من الجانبين وتتجلى بلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الصورة على النحو التالي:

المشبه: الأيدي التي تُرفع ويُشار بها عند السلام في الصلاة.

والمشبَّه به: أذناب الخيل الشُّمس وهي التي لا تستقر بل تضطرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها وجاء في لسان العرب في مادة “شمس” والشمس والشموس من الدواب أي الذي إذا تحرك لم يستقر وشَمُسَت الدابة والفرس (تَشْمُس) شَمْساً وشُموساً وهي شُموس إذا شردت وجمحت ومنعت ظهرها.

تشبيه واقعي



وفي الحديث: “وما لي أراكم رافعي أيديكم في الصلاة وكأنها أذنابُ خَيْلٍ شُمس” وهي جمع شموس أي النافر من الدواب الذي لا يستقر فوجه الشبه هو الاضطراب والتحرك، وعدم الاستقرار وعدم الخشوع فتشبيه أيديهم في حركتها يميناً وشمالاً بأذناب الخيل الشُّمس تشبيه واقعي وجيء بكأن لتدل على قوة المشابه فهو تشبيه دقيق لطيف تظهر دقته ولطفه في اختياره صلى الله عليه وسلم للمشبه به بعناية ووصفه في مكانه المناسب وإلقائه على الصحابة في التوقيت المناسب ليتأكد المراد من الحديث وهو النهي عن رفع الأيدي والإشارة بها عند السلام والاهتمام بالخشوع والسكون في الصلاة ونلاحظ هنا أن المشبه به منتزع من البيئة الشاخصة في بصرهم وبصيرتهم وأن عناصر الشبه تختلف باختلاف الغرض المسوق له التشبيه:

وفي قوله: ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربها؟ فقلنا: يا رسول الله، فكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمّون الصفوف الأوَل ويتراصون في الصف. فالمشبّه: صفوف المصلين، والمشبه به: صفوف الملائكة، ووجه الشبه: التراص في الصفوف وتسويتها وإتمام الصفوف، والملاحظ هنا أن المشبه به غير معلوم للصحابة وذلك أمر مقصود إليه ليثير اهتمامهم ويوقظ إدراكهم فإذا ما جاء البيان رسخ في العقول لأن ما جاء بعد بحثٍ وطلبٍ كان أعلق بالنفس.

أسلوب تشويقي



وبلاغة التشبيه تظهر في حسن اختيار المصطفى صلى الله عليه وسلم للمشبه به وهم الملائكة، وهم مخلوقون من نور “لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون” وهو أسلوب تشويق سيدفع الى أن يعمل السامعون بكل السبل لتكون صفوفهم كصفوف الملائكة لذلك سأل الصحابة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تصطفّ الملائكة عند ربها؟ وفي عبارة (عند ربها) من الدلالة على حسن الأدب والخشوع ما فيها وأجاب صلى الله عليه وسلم: “يُتمون الصفوف الأوَلْ ويتراصون في الصف) وهذا فضل من الله تفضّل به على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أولها وآخرها يؤكد هذا قول الحبيب المصطفى في الحديث الذي رواه حذيفة عن رسول الله أنه قال: “فُضلنا على الناس بثلاث: جُعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض مسجداً وجعلت تربتها طهوراً وجعلت أمتي خير أمة أخرجت للناس”، وصدق الله إذ يقول: “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” وفي صور الهدي الشريف “ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس” والشمس جمع شموس وهو من الدواب ما لا يكاد يستقر شغباً وبطراً كما تعني الشموس الرجل صاحب الأخلاق السيئة وكان هؤلاء يرفعون أيديهم عند التسليم في الصلاة فنهاهم عليه الصلاة والسلام عن هذا وليس المقصود النهي عن رفع الأيدي في التكبير كما فهم البعض (سامحهم الله) والدليل على قولنا شرح الحديث عند الإمام النووي وقد التُقطت صورة الذّنَب من الفرس ليكون وسيلة تقبيح للعمل المنهي عنه وهذه الصورة من مشاهدات الإنسان ومن نطاق تجربته الحسية اليومية، وفي هذا الحديث يؤدب الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة في موضع السلام عند الخروج من الصلاة، إذ كانوا يشيرون بأيديهم عن أيمانهم وعن شمائلهم فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن رفع الأيدي والإيماء وأمرهم بأن يقتصروا على السلام على إخوانهم من اليمين للشمال وتتجلى بلاغة التصوير في استعماله صلى الله عليه وسلم عبارة دقيقة يظهر فيها جمال الصورة عندما قال: “الخيل الشُمس” فالتشبيه هنا موفق كل التوفيق لأن الخيل الشُمس عادة تحرك أذنابها ولا تكاد تستقر وفي تشبيه أيدي هؤلاء المشيرين بأذناب الخيل الشُمس تنفير من هذه العادة وهذه صورة جزئية مستوحاة من حياة الناس وطبيعتهم سواء كانت تلك الطبيعة متحركة أم جامدة وإذا ما أعدنا النظر فيها وجدناها جاءت في صورة التشبيه المجمل وذلك لارتباط تلك الصورة بالحس لأن أغلب التشبيهات جاءت مستقاة من مشاهد مألوفة عرفها الإنسان العربي عن كثب وأدرك صفتها المميزة وفضلاً عن ذلك فإن للمحسوسات دوراً بيانياً يستعمله النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الكشف والتوضيح والإقناع، صلى الله على معلم البشرية الفصاحة والبيان.

ابن حزم
26-06-2006, 01:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أخونا الحبيب ومشرفنا القدير$$ عبد الله بن كرم $$ بارك الله فيكم وعليكم وزادكم من

فضله وكرمه ومنه علما" وخلقا" ورزقا"

أخوكم المحب في الله

ابن حزم الظاهري

أبو فهد
27-06-2006, 04:05 PM
... بسم الله الرحمن الرحيم ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في الجميع وجزاكم خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
... معالج متمرس...