المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علاج القلب المريض بحب وإرادة السيئات


شا كر
12-06-2006, 11:12 PM
فضيلة الشيخ حامد بن عبدالله العلي حفظه الله تعالى


بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم القائل ( من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ) رواه مسلم من حديث أبي هريرة .


قرأت رسالتك ، وأعلم أنه لاشيء يحول بينك وبين التوبة ، ولو بلغت ذنوبك السماء ، ولو ملأت الأرض كلها ، فمادام الإنسان في هذه الحياة فإن باب التوبة مفتوح ، وقد تبين لي من رسالتك أنك تعيش صراعا بين نداء الإيمان في قلبك ، ونداء الشهوة التي يحركها الشيطان فيه ، والحمد لله تعالى أنه قد بقي في قلبك نور من الإيمان ، ما يلومك على فعل السيئة ، ويزين لك العمل الصالح ، ولكنه نور ضعيف ، لان ظلمة السيئات التي هي نفث من الشيطان أضعفت هذا النور ، ولهذا يضيء أحيانا ، فيتيقظ ضميرك قليلا ، ثم لا يلبث حتى ينطفئ مرة أخرى وتعود إلى فعل السيئات

وسأبين لك المرض الذي تعاني منه ، ثم أصف لك العلاج ، فاقـرأ ما أقول لك بتمعن واهتمام ، لعل الله تعالى ينفعك به .

ـ القلب أيها الأخ الكريم هو موضع الإرادة في الإنسان ، فهو أحيانا يريد الخير ، وأحيانا يريد الشر ، والجوارح ليست سوى جنود تطيعه على وفق ما فيه من الإرادة .


ـ والفرق بين الملتزمين بالطاعة وبينك ، أن الملتزمين قلوبهم تريد الخير إرادة جازمة ولهذا فجوارحهم تطيع هذه الإرادة فهم مستقيمون على طاعة الله تعالى ، وأما أنت فقلبك يعلم الخير و الشر ، ويفرق بين الحسنات والسيئات ، ولكنه لا يستطيع أن يريد الخير ، فتجده يريد الشهوات ، مع أنه يعلم أنها تضره ، فيأمر الجوارح فتطيعه ، ولكن ما هو السبب ؟


ـ السبب هو أن القلب المحصن من الشيطان ، تسهل عليه إرادة فعل الخيرات لانه قلب صحيح قوي ، والقلب الذي يمكن الشيطان أن يدخله فيتجول فيه كما يشاء ، يتوصل الشيطان بسهولة أن يجعل فيه إرداة السيئات ، بعدما يزينها له ، لانه قلب مريض مليء بالجراثيم الشيطانية .


ـ ومن الناس من لا يدخل الشيطان قلبه إلا مرورا سريعا ، لقوة التحصينات حوله ، فهذا مثل الذين يفعلون الصغائر أحيانا وسرعان ما يتوبون منهــا ، وهم الذين قال الله تعالى عنهم ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) ، ومن الناس من لا يقترب الشيطان من قلبه أبدا ، لان قلبه مثل السماء المحروسة بالشهب من الشياطين ، فقلبه كذلك محروس من الشيطان ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا القلب ( أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض ) رواه مسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه ، ومن الناس من دخل الشيطان قلبه ، فاتخذ فيه بيتا ، وجعل له فيه عشا يبيض فيه ويفرخ ، فاستحوذ عليه ، يأمر القلب بالشهوات المحرمة ، فيريدها قلبه ، فيأمر الجوارح بفعلها فتفعله ، لان الشيطان وجده قلبا خاليا عن التحصينات ، مفتح الأبواب ، ضعيفا مريضا بفعل السيئات ، ولهذا قال الله تعالى عن هذا النوع ( استحوذ عليهم الشيطان فأنساهـــم ذكر الله ) ، لان ذكر الله تعالى هو الحصن من الشيطان ، فأنساهم إياه ليستحوذ على قلوبهم فيقودها لتنقاد جوراحهم له تبعا .


ـ والقلب لا يحصن من الشيطان إلا بذكر الله تعالى ولا يقوى على إرادة الخير إلا بالعمل الصالح ، ولا يغلبه الشيطان إلا إن كان غافلا عن ذكر الله تعالى ، ضعيفا بسبب فعل السيئات والمنكرات .


ـ والان بعد أن عرفت السبب في أن قلبك لا يطاوعك على إرادة العمل الصالح ، وترك السيئات ، ولا يمكنه أن يثبت على الاستقامة ، فالعلاج يكمن في هذه الوصفة الطبية ، خذها وداوم عليها فنتائجها مضمونة بإذن الله إن ثابرت عليها بصدق:

1ـ احرص على إقامة الصلوات الخمس في جماعة لاسيما صلاة الفجر فإياك أن تفوتك أبدا ، قال الله تعالى ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) أي صلاة الفجر تشهدها الملائكة .


2ـ بعد صلاة الفجر امكث في المسجد لقراءة القرآن إلى طلوع الشمس ، ثم صل ركعتين بعد ارتفاعها قيد رمح ( وقيد الرمح : مقدار عشرة دقائق من أول الشروق ).


3ـ قل (سبحان الله وبحمده) مائة مرة كل يوم في أي وقت في المسجد أو البيت ، ماشيا ، أو قاعدا ، أو في السيارة ..الخ ، وهذا الذكر يحت الخطايا حتا .


4ـ استغفر الله تعالى مائة مرة كل يوم ، قائلا ( أستغفر الله وأتوب إليه ) كذلك في أي وقت شئت ، وعلى أي حال تكون .


5ـ قل هذا الذكر مائة مرة ( لاإله إلا الله وحده لاشريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) مائة مرة كل يوم كذلك في أي وقت شئت ، وعلى حال تكون ، ولا يشترط في المسجد ، وهذه الأذكار كان يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم فهي حياة القلب وغذاؤه الذي لا يستغني عنه .


6ـ بين صلاتي المغرب والعشاء رابط في المسجد فلاتخرج منه واقرأ ما تيسر من القرآن بالتدبـــر .


7ـ يجب عليك الحمية التامة من النظر إلى التلفزيون ، أو المجلات ، أو الذهاب إلى أي مكان في منكرات ، فأنت في حجر صحي لكي ترجع إلى قلبك عافيته ، ولن ينفعك الدواء وهي الحسنات ، إن كنت تدخل عليه الداء في أثناء فترة العلاج ، والداء هو السيئات .


8 ـ استمر على هذا البرنامج شهرا كاملا على الأقل ، تعيش فيه مع القرآن تقرؤه بالتدبر ، وتعمل بما فيه ، وتخلو بنفسك لذكر الله تعالى الساعات الطوال ، والدليل على الشهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك قال ( اقرأ القرآن في شهر ، اقرأه في خمس وعشرين ، اقرأه في عشر ، أقرأه في سبع ) متفق عليه من حديث اين عمر .


9ـ إن كانت البيئة التي تعيش فيها لا تساعدك على تطبيق هذا البرنامج فغير بيئتك ، اترك أصحاب السوء ، وابتعد عن الأماكن التي تقضي فيها أوقات فراغك إن كانت تشجع على المعاصي ، ولو استطعت أن تسافر إلى مكـــة مثلا لتطبق هذا البرنامج فافعل .


10ـ تصدق بجزء من مالك ، توبة إلى الله تعالى ، صدقة سر لا يطلع عليها أحد إلا الله تعالى ، فقد صح في الحديث ( صدقة السر تطفئ غضب الرب ) رواه ابن حبان من حديث أنس .


11ـ حاول أن تذهب إلى العمرة ناويا تجديد إيمانك وغسل ماضيك بماء هذه الرحلة المباركة قال صلى الله عليه وسلم ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .


12ـ إن كانت لديك حقوق للناس ردها كلها ، ولا تترك منها شيئا في ذمتك توبة إلى الله .


13ـ ادع الله تعالى كل ليلة في وقت السحر قبل صلاة الفجر بهذا الدعاء ( رب إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ) وهذا الدعاء ( اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي ) وهذان علمهما الرسول صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه ، وأكثر من الاستغفار والدعاء فإن السحر ( قبل الفجر ) وقت يستجاب فيه الدعاء .


هذه هي وصفتك الطبية ، ومدة الشهر غير مقصودة بالتحديد ، فقد يظهر عليك التغير قبل ذلك ، و قد تحتاج إلى الاستمرار إلى أكثر من شهر في هذا الحجر الصحي ، والهدف منه هو طرد الشيطان من القلب، وتنظيف آثاره ، وأوساخه ، وقاذوراته التي وضعها فيه ، لأنها هي السبب في كون قلبك ضعيفا لا يستطيع إرادة الخير وفعل الصالحات ، وينقاد بسرعة إلى نداء الشهوات .


فإن عاد إلى القلب عافيته ، وصار سليما قويا بذكر الله تعالى ، محصنا من كيد الشيطان ، فخفف قليلا من هذا البرنامج على قدر ما تطيق ، فقد قال صلى الله عليه وسلم ( عليكم بما تطيقون ) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها ، إلا إن كنت تطيق أكثر من ذلك ، فزد من الخير مادام قلبك يحب العمل الصالح ، فهذه الوظائف الإيمانية هي الدرجات عند الله ، كلما أكثر العبد منها ارتفع وعلا في مدارج التقوى ، واحسن أداء ما افترض الله عيك ، وستلاحظ أن الأمور قد تغيرت بشكل عجيب ، مع مدوامتك على هذه الوصفة التي وصفت لك ، وستجد نفسك تكره الوقوع في المعاصي ، وستجد قلبك لا يريد فعلها ، وينظر إليها نظرة احتقار وازدراء ، وستحب العمل الصالح ، وتنشط له ، وتشعر بحلاوته في قلبك ، والسر في هذا التغير ، هو أنك عالجت القلب بذكر الله تعالى والعمل الصالح ، فصار صحيحا يريد الخير ويحبه ، بعد أن كان مريضا يريد الشر والسيئات ويحبها ، قال الحق سبحانه ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم ، وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون ، فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم ) والله أعلم

المصدر: موقع فضيلة الشيخ حامد العلي حفظه الله تعالى

الفجر الجديد
14-06-2006, 06:16 PM
بارك الله فيك وجزاك الله كل خير وجعله في موازين أعمالك أخي الفاضل 0شاكر

د.عبدالله
14-06-2006, 07:47 PM
بارك الله فيك وجزاك الله كل خير وجعله في موازين أعمالك أخي الحبيب 0شاكر