المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عملٌ صالحٌ، ويقولها العملُ الصّالحُ!


أسامي عابرة
14-07-2012, 09:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على خاتم رسل الله


هي عَمَلٌ صالِحٌ،ويقولُهاالعملُ الصّالِحُ!


هي في حق قائلها عبادةٌ، إذ هي دعاءٌ، و(الدّعاءُ هو العِبادة) – "صحيح سنن أبي داود" (1329)-

أما عند متلقّيها فإنها كلمة طيبة، تُبسِم الثغر، وتسرّ القلب

أحلى سُكَّرًا مِن (شكرًا)!

وأنفعُ مِن (أتعبناك)!

وملجأ حصين لِمَن يريد أن يعبّر صادقًا عن: (أنا عاجز عن مكافأتك)!

هي عملٌ صالِحٌ:

لأنها سُنّة النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ القوليّة والفعليّة والتقريريّة:

القوليّة : لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ:

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا؛ فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ». رواه الترمذي وصححه الوالد رحمهما الله "صحيح الترغيب والترهيب" (969).

جاء في "فيض القدير" (6 / 172):

"(فقد أبلغ في الثناء) لاعترافه بالتقصير، ولعجزه عن جزائه؛ فوّض جزاءه إلى الله ليجزيه الجزاء الأوفى" ا.هـ

وقال العلامة العثيمين رحمه الله في "شرح رياض الصالحين":

"وذلك لأن الله تعالى إذا جزاه خيرًا؛ كان ذلك سعادة له في الدنيا والآخرة" ا.هـ

الفعلية : لأنه ثبت عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ أنه قالها:

كما في "صحيح ابن حبان" وغيره –والنقلُ مِن "صحيحة" أبي رحمه الله (3096)-:

عن أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال:

أتى أسيد بن الحضير النقيب الأشهلي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فكلمه في أهل بيت من بني ظَفَر عامتهم نساء ، فقسم لهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن شيءٍ قَسمه بين الناس ، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«تركتَنا -يا أسيد!- حتى ذهب ما في أيدينا، فإذا سمعتَ بطعام قد أتاني؛ فأتني فاذكر لي أهل ذلك البيت، أو اذكر لي ذاك».

فمكث ما شاء الله، ثم أتى رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعامٌ مِن خيبر: شعيرٌ وتمرٌ، فقسَم النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الناس، قال: ثم قسم في الأنصار فأجزل، قال: ثم قسم في أهل ذلك البيت فأجزل، فقال له أسيد شاكرًا له:

جزاكَ اللهُ -أيْ رسولَ الله!- أطيبَ الجزاء -أو: خيرًا؛ يشك عاصم- قال : فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«وأنتم معشرَ الأنصار! فجزاكم الله خيرًا- أو: أطيب الجزاء-، فإنكم - ما علمتُ- أَعِفَّةٌ صُبُرٌ، وسَتَرونَ بعدي أَثَرةً في القَسْمِ والأمر، فاصبروا حتى تَلْقَوْني على الحَوْضِ».

فائدة:

مِن السُّنَّةِ في الردّ على هذه الكلمة الطيبة: إعادةُ نشْرِ طِيْبِها، أي نردُّ فنقول: وأنت فجزاك اللهُ خيرًا.

التقريرية : من تقريره عليه الصلاة والسلام لأسيد بن حضير رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إذ قالها له، كما في الحديث السابق.



وأما كون السلف أخذوا بهذه السُّنّة؛ فالآثار كثيرة، أختار منها الآتي:

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: "حَضَرْتُ أَبِي حِينَ أُصِيبَ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ وَقَالُوا: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا " الأثر، رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (1823)

و ما أُحيلاهاحين تقولهاالأم ُّلابنِها!

حدّث الإمامُ البخاري رحمه الله في "الأدب المفرد" بإسناده عن أبي مرة، مولى أُمِّ هانئ ابنةِ أبي طالبٍ أنه ركِبَ مع أبي هُريرة إلى أرضِه بالعقيق،فإذا دَخَلَ أرْضَهُ صَاح بأعلى صوتِه :

عليكِ السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه يا أُمتاه! تقول:

وعليكَ السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، يقول:

رحمكِ اللهُ؛ ربَّيْتِني صغيرًا، فتقول:

يا بُنيّ! وأنتَ فجزاكَ اللهُ خيرًا، ورضي عنك؛ كما بَرَرْتَني كبيرًا.

قال الوالد رحمه الله : حسن الإسناد "صحيح الأدب المفرد" (11).

فائدة:

أتعجبون مِن أُمّ أوتيتْ مزيد َرأْمٍ؛فترى بِرَّ ابنهاتفضُّلاً عليها؛فكان حقُّه بالغَ الثناءبـ:جزاكاللهُ خيرًا؟!

ألافل يحفظِ الله ُأُمِّي
ألافجزى اللهُ أُمِّي خيرًا.



و يقولهاالعملُ الصالح:

وهذا يكون في القبر.. صندوق العمل!

للحديث الطويل الذي رواه البَراءُ بن عازِب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ففي إحدى رواياته –وقد أوردها الوالد رحمه الله في "أحكام الجنائز" (158 و159)، والنقلُ الآتي مِن "مسند الإمام أحمد" (4/ 296) – أنه بعد أن يُفتَن العبدُ المؤمن ويُثَبَّت في الجواب:

«يَأْتِيهِ آتٍ حَسَنُ الْوَجْهِ طَيِّبُ الرِّيحِ حَسَنُ الثِّيَابِ، فَيَقُولُ:

أَبْشِرْ بِكَرَامَةٍ مِنَ اللهِ وَنَعِيمٍ مُقِيمٍ؛ فَيَقُولُ:

وَأَنْتَ؛ فَبَشَّرَكَ اللهُ بِخَيْرٍ، مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ:

"أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، كُنْتَ –وَاللهِ!- سَرِيعًا فِي طَاعَةِ اللهِ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ؛ فَجَزَاكَ اللهُ خَيْرًا.

ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ الْجَنَّةِ وَبَابٌ مِنَ النَّارِ فَيُقَالُ:

هَذَا كَانَ مَنْزِلَكَ لَوْ عَصَيْتَ اللهَ، أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ هَذَا، فَإِذَا رَأَى مَا فِي الْجَنَّةِ؛ قَالَ:

رَبِّ! عَجِّلْ قِيَامَ السَّاعَةِ كَيْمَا أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي، فَيُقَالُ لَهُ:

اسْكُنْ...».
فطوبى لعبدٍ يوفَّق في دُنياه لهذه الكلمةِ الطيبة قولاً وتلقّيًا، وفي أُخراه تبشيرًا له بها مِن عملٍ لولا فضلُ اللهِ ورحمتُه؛ ما عَمِله!

سبحان الكريم المنان! يمنّ بالتوفيق للعمل الصالح، ثم يمنّ بجعل العمل الصالح يُثني على العبد! سبحانه وبحمده، لا نحصي ثناء عليه.



- سُكَينة بنت محمد ناصر الدين الألبانية

الغردينيا
18-07-2012, 08:35 PM
بارك الله فيك عزيزتي أم سلمى طرح قيم

أميرة السعادة
18-07-2012, 10:09 PM
بارك الله فيكِ أختي أم سلمى،، طرحك متميز ومتجدد بارك الله فيكِ أينما كنتِ

أسامي عابرة
19-07-2012, 12:50 AM
بارك الله فيك عزيزتي أم سلمى طرح قيم

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وفيكِ بارك الله أختي الحبيبة الغردينيا

سرتني إطلالتكِ العطرة وإشراقتكِ الغالية وحسن قولكِ

رزقكِ الله خيري الدنيا والآخرة

في حفظ الله ورعايته

أسامي عابرة
19-07-2012, 01:01 AM
بارك الله فيكِ أختي أم سلمى،، طرحك متميز ومتجدد بارك الله فيكِ أينما كنتِ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وفيكِ بارك الله أختي الحبيبة أميرة السعادة

سرتني إطلالتكِ العطرة وإشراقتكِ الغالية وحسن قولكِ

رزقكِ الله خيري الدنيا والآخرة

في حفظ الله ورعايته