المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أقوى مناظرة ( مناظرةٌ بين القلب والعين ولومُ كلّ منهما صاحبَه ) !


شذى الاسلام
21-05-2012, 12:13 PM
أقوى مناظرة ( مناظرةٌ بين القلب والعين ولومُ كلّ منهما صاحبَه ) !

مناظرةٌ منْ أقوى ما قرأتُ وما سمعتُ ... سارتْ بها الركبان على مدى الأزمان ...
هي للإمام الحبر ..البحر .. ابن قيّم الجوزيّة _ رحمه الله _ وقدّس روحهُ ...
من كتابه ( روضة المحبّين ونزهة المُشتاقين )

وعنوانها : ( مناظرةٌ بين القلب والعين ولومُ كلّ منهما صاحبَه)

بسمِ اللهِ نبدأ ......

"لمّا كانَتْ العينُ رائداً والقلب باعثاً وطالباً , وهذه لها لذةُ الرؤية , وهذا له لذةُ الظّفَرِ كانا في الهوى شريكي عنان , ولمّا وَقَعَاْ فِي العَناءِ واشتركا في البَلاء أقْبَلَ كلّ منْهُما يلوم صاحبه ويعاتبُهُ ..


فقالَ القلبُ للعينِ :
أنتِ التي سقتني إلى مَواردِ الهَلَكات وأوقعتِني في الحسراتِ بمُتابعتكِ اللّحَظاتِ , ونزّهتِ طرفَكِ في تلكَ الرّياض , وطلبْتِ الشّفاءَ مِنَ الحدقِ المِراض , وخالفْتِ قولَ أَحْكَمِ الحَاكِمينَ : http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif قُلْ للْمُؤْمِنِينَ http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif , وقولَ رسولِهِ http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gif : http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif النّظَرُ إلى المَرأةِ سَهْمٌ مَسْمومٌ منْ سِهامِ إبْليسَ فَمنْ تركَهُ مِنْ خوْفِ الله _عزّ و جلّ_ أثابَهُ اللهُ إيماناً يجدُ حلاوتَهُ في قلبه http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif رواه الإمام أحمد ,حدثنا هشيم حدثنا عبدالرحمن بن إسحاق عن محارب بن دثار عن صلة عن حذيفة ...

وقال عمر بن شبة حدثنا أحمد بنُ عبدِالله بنُ يونسَ حدّثنا عِنبسة بنُ عبدِالرحمن القرشيّ حدّثنا أبو الحسن المَدنيّ حدّثنا عليّ بنُ أبي طالبٍ _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif نظر الرجل في محاسن المرأة سهم مسمومٌ منْ سهامِ إبْليسَ مسموم فمن أعرضَ عنْ ذلكَ السّهمِ أعقبَهُ اللهُ عبادةً تسرُّهُ http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif ....فمن الملوم سوى منْ رمى صاحبَه بالسهم المسموم .
أو ما علمتِ أنّه ليسَ شيءٌ أضرّ على الإنسانِ منَ العينِ واللّسانِ.
فما عَطِبَ أكثرَ منْ عَطِبْ إلاّ بِهما , وما هَلَكَ أكثرَ منْ هلَكَ إلّا بسبَبهما, فللهِ كمْ مِنْ موردٍ هَلَكَةٍ أورَدَاهُ ومصدرِ رَدىً عنْه أصدراهُ ...فمنْ أحبّ أنْ يَحيَا سعيداً أو يعيشَ حميداً ؛ فليَغُضّ منْ عنانِ طَرْفِهِ ولسانِه ,ليسلم من الضّرَرِ فإنّه كامنٌ في فضولِ الكلامِ وفُضولِ النّظَرِ . وقدْ صرّحَ الصادقُ المَصدوقُ بأنّ العَينينِ تزْنيانِ وهُما أصلُ زِنَى الفرْجِ ؛ فإنّهما له رائدانِ وإليه داعيان وقدْ سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن نظرةِ الفجأة فأمرَ السائلَ أنْ يصْرفَ بصرَهُ . فأرشدَهُ إلى ما ينفَعُهُ ويدْفعُ عنهُ ضَرَرهُ وقالَ لابنِ عمّه عليّ _ رضي الله عنه _ مُحذراً له مما يوقع في الفتنة ويورثُ الحسرةَ http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif لا تُتْبِعِ النّظرةَ النظرةhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif.
أوما سمعتِ قولَ العُقلاء ( من سرح ناظرَهُ أتعَبَ خاطِرَهُ ومنْ كَثُرَتْ لحظاتُهُ دامَتْ حَسَرَاْتُهُ وضَاعَتْ عَلَيْهَ أوقاتُهُ وفَاضَتْ عَبَرَاْتُهُ ) .
وقول الناظم :
نظرُ العُيونِ إلى العيونِ هوَ الّذي ... جَعَلَ الهلاكَ إلى الفُؤادِ سَبِيلاْ
مــاْ زالـتِ اللّحَـــظـاتُ تَـغْزُو قلْبَهُ ... حَتّى تَشَحَّــطَ فِيـــهنَّ قَتِــيـلاْ




وقال آخر :
تمتعتما يا مقلتيَّ بنَظرةٍ ... وأوردتُما قَلبِي أمرَ المَواردِ
أَعَيْنَيَّ كُفّا عنْ فؤادِي فإنّه ... منْ الظّلمِ سَعىُ اثنين في قتْلِ واحدِ




( فَصْـــلٌ )



قالتْ العينُ : ظَلمْتَنِي أولاً وآخراً وبُؤتَ بإثْمِي باطناً وظاهراً وما أنا إلا رسولُكَ الدّاعِي إليكَ ورائِدُكَ الدّال عليكَ
وإذا بعثْتَ برائدٍ نحوَ الّذي ... تهوى وتعتبه ظلمتَ الرّائدا




"فأنتَ الملِكُ المُطاع ونحنُ الجُنودُ والأتْباعُ , أركبتني في حاجتِك خيْلَ البَريدِ ثمّ أقبلْتَ عليّ بالتّهْديدِ والوَعيدِ , فلو أمرتَنِي أنْ أُغْلِقَ عليَّ بابِي وأرخِي عليّ حِجابِي ؛ لسمعتُ وأطعْتُ ولما رعيْتُ في الحمى ورَتَعْتُ , أرسلتني لصيد قد نُصِبَتْ لك حبائِلُهُ , وأشراكُه واستدارت حولَكَ فخَاخُه وشباكُه , فغدوتَ أسيراً بعدَ أنْ كنْتَ أميراً وأصبحتَ مملوكاً بعد أنْ كنت مليكاً .
هذا وقد حكم لي عليك سيّدُ الأنامِ وأعدل الحكّام _ عليه الصّلاةُ والسّلام _حيثُ يقولُ: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif إنّ في الجسد مضغةً إذا صَلَحتْ صَلحَ لها سائرُ الجسدِ وإذا فسدتْ فسدَ لها سائر الجسدَ ألا وهي القلبُ http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif .
وقال أبو هريرة _رضي الله عنه_ : ( القلبُ ملكٌ , والأعضاءُ جنودُه فإنْ طابَ الملكُ ؛ طابَتْ جنُودُه وإذا خَبُثَ الملكُ خبثتْ جنوده ).
ولو أنْعمتَ النّظرَ لعلمتَ أنّ فسادَ رعيتِكَ بفسادِك , وصلاحُها ورشدُها برشادِكَ ولكنّك هلَكْتَ وأهلَكْتَ رعيّتَكَ , وحملت على العين الضّعيفةِ خطيئَتَكَ وأَصْلُ بليّتِكَ أنّه خَلا مِنْكَ حبّ اللهِ وحبّ ذكره وكلامه وأسمائه وصفاته وأقبلْتَ على غَيْرِهِ وأعرضْتَ عنْه وتعوضّتَ بحبّ منْ سواهُ والرّغبة فيه منه
هذا وقد سمعت ما قصّ عليكَ منْ إنكارِهِ سُبحانَهُ على بني إسرائيلَ استبدالَهُمْ طعاماً بطعامٍ أدْنى منه ؛ فذمّهُمْ على ذَلك ونَعاهُ عليْهِم , وقال :http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif أَتَسْتَبْدِلُوْنَ اْلّذِي هُوَ أَدْنَى بِالّذِي هُوَ خَيْرٌ http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif




فكيْفَ بمنْ استبدَلَ بمحبّةِ خَالِقِهِ وَفاطرِه ووليِه ومالِك , أمرَهُ الّذي لا صَلاحَ لهُ ولا فَلاحَ ولا نعيمَ ولا سُرورَ ولا فرْحةَ ولا نجاةَ إلا بأنْ يوحدَهُ في الحبِّ , ويكون أحبّ إليه ممّا سواه ...
فانُظرْ باللهِ بمنْ استبدلتَ وبمحبّةِ منْ تعوضتَ .... رضيتَ لنفسِكَ بالحبْسِ في الحُشِ وقلوبُ محبّيهِ تجولُ حولَ العرْشِ , فلو أقبلْتَ عليهِ وأعرضْتَ عمّنْ سواهُ لرأيتَ العجائبَ ولأمنْتَ منَ المَتالِفِ والمَعاطِب , أوما علمْت أنّه خُصّ بالفوز والنّعيمِ منْ أتاهُ بقلبٍ سَلٍيمٍ ؛ أيْ: سليمٍ ممّا سواهُ ليسَ فيه غيرَ حبّه واتّباع رضاهُ ...
قالتْ : وبينَ ذَنبِي وذنْبك عندَ الناس كما بينَ عَمايَ وعَماكَ في القياسِ, وقدْ قالَ من بيده أزمّة الأمورِ فإنّها لا تَعْمَى الأَبْصَاْرُ وَلكِنْ تَعْمَى القلوبُ التّي فِي الصُّدُور.





( فَصْـــــلٌ)



فلمّا سَمعَتْ الكبِدُ تحاورَهُما الكلامَ ,وتَناولَهما الخِصامَ قالتْ : أنتما على هلاكي تساعَدْتُمَاْ وَعلى قَتْلِي تعاونْتُما ولقدْ أنْصَفَ مَنْ حَكى مُنَاظَرتَكما وعلى لساني مُتظلماً منكما :



يقولُ طرْفِي لِقَلبي هِجْتَ تلي سقماً ... والعينُ تزعم أنّ القلبَ أنْكاها
والجســـمُ يشـــهدُ أنّ العينَ كــــاذبةٌ ... وهي التي هيّجتْ للقلبِ بَلواها
لولا العيـــــــــونُ وما يَجْنِينَ منْ سَقَمٍ ... ما كنْت مطرحاً من بعضِ قتلاها
فقالت الكبـــــــــــــــدُ المظلومةُ اتّـئِــدا ... قـــطّـعْـتُـمَـاْنِي وَمَاْ راقبْتُما اللهَ




وقال آخرُ :



يقول قلبي لطرفي أنْ بكى جزعاً ... تبْكِي وأنتَ الّذي حمّلتَنِي الوَجَعا
فقــال طــرفي لـــــــهُ فيما يعاتبه ... بل أنـْـتَ حمّلتَنِي الآمــالَ والطَمعا
حتــــــى إذا ما خلا كلٌّ بصاحِبِهِ ... كلاهما بطويلِ السَقــــم قـدْ قـــنعا
نادتْهُما كَبِــــدي لا تبعدا فلقدْ ... قطعــــتماني بمـــــا لاقيـــتـــما قطعا





ثمّ قالتْ : أنا أتوّلى الحُكمَ بينَكُما . أنتُما في البليّة شريكا عنَان كمَا أنّكُمَا في اللّذةِ والمسرّةِ فَرَسا رِهان فالعينُ تلتذّ والقلبُ يَتَمنّى ويَشْتَهِي



ولهذا قال فيكما القائلُ:



ولمّا سلوتُ الحُبّ بَشّر ناظِري ... لقلبي فقالَ القلبُ لي ولكَ الهنا
تخَلصتُ منْ إحياء ليلِكَ ساهراً ... وخلصتَنِي منْ لوعةِ الهَجْرِ والضَّنا
كلانا مــهـــنا بالبـــقاء فإنْ تعُدْ ... فلا أنـــــت يـــُبــقيــك الغرامُ ولا أنا




وإنْ لمْ تُدرككما عنايةُ مقلِّب القُلوبِ والأبْصارِ وإلّا فَما لَك مِنٍ قرةٍ ولا للقلبِ من قَرارٍ



قالَ الشّاعرُ :
فوالله ما أدْرِي أنَـــفْسِـــي ألــــــــومُها ... على الحبِّ أمْ عَينِي المشومة أمْ قلبي
فإنْ لمتُ قلبِي قال لي العينُ أبصَرَتْ ... وإنْ لمتُ عَيْنِي قالتْ الذنبُ للقلبِ
فعيني وقلبي قد تقاسمتُما دَمِي ... فيا ربّ كُنْ عوناً على العينِ والقلبِ





قالت: "هذه ولمّا سقيتِ القلبَ ماءَ المحبّةِ بكُؤوسِكِ أوقدْتِ عليهِ نارَ الشّوْقِ فارتفعَ إليكِ البُخارُ فتَقاطَرَ منْكِ فشَرِقْتِ بشربِه أولاً وشرقْت بحرَ نارِهِ ثانياً ."



قال :
خُذِي بِيَدي ثمّ اكشِفِي الثّوبَ فانْظُري ... ضَنى جسدي لكنّني أتستّرُ
وليسَ الّذِي يَجْرِي منْ العينِ مـــــاؤُها ... ولكنّــــهـــا روحٌ تذوبُ فَتَــقْطٌرٌ




قالت: "والحاكمُ بينَكُما الّذي يحْكُمُ بينَ الرّوحِ والجَسَدِ إذا اخْتَصَماْ بينَ يَدَيْهِ فإنّ في الأثَرِ المَشْهورِ :http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif لا تزالُ الخُصومةُ يوم القيامةِ بينَ الخلائِقِ حتّى تَخْتَصِمَ الروحُ والجسدُ .
فيقولُ الجسدُ للروحِ : أنْت الّذي حركتني وأمرتني وصرفتني وإلّا فأنا لمْ أكنْ أتحرّكُ ولا أفعلُ بدونك .
فتقولُ الروحُ له :وأنتَ الّذي أكلتَ وشربْتَ وباشرْتَ وتنعّمتَ ,فأنتَ الّذي تستحقُّ العقوبةَ.
فيرسلُ اللهُ سُبْحانَهٌ إليهِما ملَكاً يحكمُ بينهما فيقولُ : مثلُكما مثلُ مُقْعَدٍ بَصيرٍ ,وأعْمى يمشي ؛دَخَلا بستاناً .
فقال المُقعدُ للأعمى: أنا أرى ما فيه منَ الثّمارِ ولكنْ لا أستَطيع القيامَ .
وقالَ الأعمى: أنا أستطيعُ القيامَ ولكنْ لا أبْصرُ شيئاً .
فقال له المقعد: تعالَ فاحْملنِي فأنتَ تَمشِي وأَنا أتَناولُ .
فعلى من تكون العقوبة؟
فيقولا عليهما !.
قالَ: فكذلِكَ أنتُمَاْ. "اهــ .




وبالله التوفيق.

__________________
كــــلّما أدّبني الدّهر .... أراني نقصاً بعقلي
...
وإذا ما ازددتُ علماً .... زادني علماً بجهْلي

الغردينيا
22-05-2012, 05:50 AM
بارك الله فيك أختي الفاضلة على الطرح القيم

شذى الاسلام
22-05-2012, 11:37 AM
وفيك بارك الله اختي الغردينيا