مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة (أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي)
شذى الاسلام
17-05-2012, 10:51 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خلق الله أجمعين نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه ، الحمد الله القائل وإنك لعلى خلق عظيم ،وقال صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وقالت عائشة رضي الله عنها حينما سُئلت عن أخلاقه صلى الله عيه وسلم ، فقالت رضي الله عنها كان خلقه القران أما بعد :
سلسلة : أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي
يسرني أن أقدم لكم هذه السلسلة الثالثة وقد سميتها (سلسلة : أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي)وذلك مما للأخلاق من أهمية في حياة الإنسان المسلم ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمإن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة ، أحاسنكم أخلاق ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: تقوى الله وحسن الخلق
سبب التأليف
لأن بعض إخواني سألني أن ألخص لهم المهم ، جملة من الآداب والأخلاق ، التي ترتقي بالمؤمن في الدنيا بحيث يصبح من أهل المحبة في الدنيا، وأن يرتقي أيضًا في الدرجات العلى من الجنة ، فأجبته إلى سؤاله رجاء الإندراج والمنفعة وأسأل الله أن ينفع بها ومن كتبها أو سمعها أو قرأها أو حفظها أو نظر فيها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم موجبًا للفوز لديه في جنات النعيم فإنه حسبي ونعم الوكيل .
والله أستعين في كل عمل إليه قصدي وعليه المتكل
وأملي أن أصل القارئ الحبيب إلى شاطئ السعادة وبر الأمان والسلامة في الدنيا والآخرة، لعله يسمو بأخلاقه ويتمثل بخلق النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لن يجد لذة قلبه، وانشراح صدره، واطمئنان نفسه، إلا بالإقتداء بخلق النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خير ما يقتدى به.
أولا تعريف الأخلاق :-
لغة:الأخلاق جمع خلق، والخلق اسم لسجية الإنسان وطبيعته التي خلق عليها. قال ابن منظور: الخُلُقُ بضم اللام وسكونها هو الدين والطبع والسجية ، وحقيقته أن صورة الإنسان الباطنة وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها ]لسان العرب لبن منظور[ .
اصطلاحا:عرف الجرجاني الخلق بأنه: (عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية، فإن كان الصادر عنها الأفعال الحسنة كانت الهيئة خلقا حسنا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة سمّيت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقا سيئا).
تعريف علم الأخلاق وموضوعه :-
عُرِّف علم الأخلاق بعدة تعريفات منها:
هو (علم: موضوعه أحكام قيمية تتعلق بالأعمال التي توصف بالحسن أو القبح( وعرفه أحمد أمين بأنه (علم: يوضح معنى الخير والشر ويبين ما ينبغي أن تكون عليه معاملة الناس بعضهم بعضا ويشرح الغاية التي ينبغي أن يقصد إليها الناس في أعمالهم وينير السبيل لما ينبغي(
موضوع الأخلاق:
هو كل ما يتصل بعمل المسلم ونشاطه وما يتعلق بعلاقته بربه، وعلاقته مع نفسه، وعلاقته مع غيره من بني جنسه، وما يحيط به من حيوان ) .
ونقف إلى هنا وللحديث بقية
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
شذى الاسلام
17-05-2012, 10:53 AM
أركان الأخلاق :
هذه المقدمات لابد أن تتوفر في الشخص الذي يريد أن يتحلى ويرتقي بأخلاقه
ولابد من التطبيق وأن يصبر على هذه الأركان الأربعة حتى ينال بغيته.
حسن الخلق يقوم على أربعة أركان ، لا يتصور قيام ساقه إلا عليها :
1- الصبر ، 2- والعفة 3- والشجاعة 4- والعدل.
فالصبر :
تحمله على الاحتمال وكظم الغيظ ، وكف الأذى ، والحلم الأناة والرفق ، وعدم الطيش .
والعفة :
تحمله على اجتناب الرذائل والقبائح ، من قول الفعل ، وتحمله على الحياء ، وهو رأس كل خير، وتمنعه من الفحشاء ، والبخل والكذب والغيبة والنميمة.
والشجاعة :
تحمله على عزة النفس ، وإيثار معالي الأخلاق والشيم ، ليس الشجاعة من تعدى على الناس ، أو أخطئوا عليه أن يرد ذلك الخطأ بمثله أو يرده بالصاعين والله هذا ليس من الفقه في الأخلاق من شي وإنما الشجاع وهو الذي يملك نفسه عند الغضب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ليس الشديد بالسرعة إنما الشديد الذي يملك نفيه عند الغضب) ]متفق عليه[ إن فعلت هذا فأنت حينئذٍ ترتقي بأخلاقك .
العدل :
يحمله على اعتدال أخلاقه ، وتوسطه فيها بين طرفي الإفراط والتفريط ، فيحمله على خلق الجود والسخاء الذي هو توسط بين الإمساك والإسراف والتبذير ، على خلق الحياء الذي هو توسط بين الذل والقحة.
وللحديث بقية
شذى الاسلام
17-05-2012, 10:55 AM
فقه الأخلاق (حدود الأخلاق)
سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي
للأخلاق حد متى جاوزته صارت عدوانًا ، ومتى قصرت عنه كان نقصًا ومهانة .
فللغضب حد :
وهو الشجاعة المحمودة والأنفة من الرذائل والنقائص ، وهذا كماله ، فإذا جاوز حده تعدى صاحبه وجار ، وإن نقص عنه جبن ولم يأنف من الرذائل .
وللحرص حد :
وهو الكفاية في أمور الدنيا وحصول البلاغ منها ، فمتى نقص من ذلك كان مهانة وإضاعة ، ومتى زاد عليها شَرَهًا ورغبة فيما لا تحمد الرغبة فيه .
وللراحة حد :
وهو إجمام النفس والقوى المدركة والفعالة للاستعداد للطاعة واكتساب الفضائل ، فمتى زاد على ذلك صار توانيًا وكسلاً وإضاعة ، وفات به أكثر مصالح العبد ، ومتى نقص عنه صار مضرِّا بالقوى موهنًا لها .
وللشجاعة حد :
متى جاوزته صار تهورًا ، ومتى نقصت عنه صار جبًا وخورًا.
الجود له حد بين طرفين :
فمتى جاوز حده صار إسرافًا وتبذيرًا ، ومتى نقص عنه كان بخلاًا وتقتيرًا .
والغيرة لها حد :
إذا جاوزته صارت تهمة وظنًا سيئًا بالبريء ، وإذا قصرت عنها كان تغافلاً ومبادئ دياثة .
وللتواضع حد:
إذا جاوزته كان ذلاً ومهانة ، ومن قصر عنه انحرف إلى الكبر والفخر .
وهذه كلها حدود الأخلاق وبعضهم يسميها فقه الأخلاق ، وضابط هذا كله العدل ، وهو الأخذ بالوسط الموضوع بين طرفي الإفراط والتفريط ، فإنه متى خرج بعض أخلاقه عن العدل وجاوزه أو نقص عنه ذهب صحته وقوته بحسب ذلك ، أحبتي فالله لابد أن نتعلم تلك الحدود ، وأنا ضربت لكم بعض الأمثلة حتى نقيس عليها ، وحتى لا نُدخل فيها ما ليس منها ، ولا نُخرِج منها ما هو داخل فيها .
شذى الاسلام
17-05-2012, 10:58 AM
س:ما الفرق بين الأدب والخلق
أحبتي فالله، هناك ما يُسمى خلقاً وهناك ما يسمى أدباً، الخلق يظهر في الإنسان من بداية معرفته بالدنيا وأعني بذلك التي تكون أخلاق جبلية وهناك أخلاق مكتسبة أي مع ترويض النفس حتى تصبح سجية في الإنسان ، وقد يكون هذا خلق سيئ أو جيد ، وأما الأدب خصلة من خصال الأخلاق الجيدة ولكن لا نحكم على من يفتقد الأدب أنه سيئ الأخلاق ، بل نحكم عليه أنه يفتقد أسلوب التعامل الرائع مع الآخرين ألا وهو الأدب ، والأدب يظهر من أسلوب تعامل الفرد مع جميع طبقات الناس ، أيها الإخوة ، الأدب ينقسم إلى قسمين، أدب مع الله عز وجل وأدب مع المخلوق ونحن إن شاء الله سنبدأ بالأدب مع الله عز وجل لأنه أولى بالاهتمام
الأدب مع الله عز وجل
الأدب مع الله هو سلوك الأنبياء والصالحين وإذا كان التأدب مع أصحاب الفضل واجباً فإن من
أوجب الواجبات التأدب مع الله سبحانه وتعالى ومن صور التأدب مع الله ما يلي :
الإخلاص
الإخلاص له سبحانه في العمل قال الله تعالى:
(فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً ولا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً )
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي يقول الله عز وجل :(أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمِل عمَلاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه ). رواه مسلم
يقول الحسن البصري رحمه الله لا يزال العبد بخير إذا قال: قال لله وإذا عَمل عمِل لله عز وجل
الشرك
الحذر من الوقوع في الشرك صغيرة وكبيره فهذا مما لا يحبه الله ولا يرضاه قال الله تعالى:
(وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) .
الشكر
شكر نعمته عليك والاعتراف بها قال الله تعالى:
( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ).
وقوله تعالى :
( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ).
التعظيم
تعظيمه وتوقيره وتعظيم شعائره قال الله تعالى :
(َمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ )
وقال تعالى: ( مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ).
وقال أيضاً: ( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ).
التقول على الله
عدم القول على الله بغير علم لقوله تعالى :
( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ )
المراقبة
استشعار مراقبة الله لك في السر والعلانية وأنه مطلع عليك وأنت في ملكه وقبضته:
( وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )
الخشية والإنابة
الخشية والخوف منه ورجاؤه قال الله تعالى:
( فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ).
وقال سبحانه وتعالى:
( فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ).
وقال :
( وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً )
الـتـوبة
التوبة والإنابة إليه وطلب المغفرة منه قال الله تعالى :
( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ).
الــدعــاء
دعاؤه والتضرع إليه والانكسار بين يديه قال الله تعالى :(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) .
وقوله عز وجل : ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّع َ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ).
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:01 AM
"الرسول محمد الأسوة والقدوة "
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
لقد أكرم الله البشرية جميعًا بالرسالة الخاتمة التي بعث الله بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - بشيرًا ونذيرًا، فقال تعالى(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ َكَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، فاستحقَّ بحق أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم منقذًا للبشرية، وأسوة للعالمين.
فلا يخلو - حقيقة - أيُّ قول أو فعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من خُلقٍ كريم، وأدب رفيع، بلغ فيه الذروة، ووصل - بلا مبالغة - إلى قمة الكمال البشري، حتى في المواقف التي يصعب فيها تصوُّر الأخلاق كعاملٍ مؤثِّرٍ؛ وذلك كأمور الحرب والسياسة، والتعامل مع الظالمين والفاسقين والمحاربين للمسلمين والمتربصين بهم، وكذلك في تواضعه، وقيادته، وإعطائه الحقوق لأصحابها، وفي حلّهِ للمشكلات، كما كان أيضًا نِعْمَ الأب والزوج والصاحب.. الأمر الذي نستطيع أن نفهم منه قوله صلى الله عليه وسلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " - صححه الألباني - وكان خير قدوة وخير مَثَل لأصحابه؛ لذلك تعمَّق حبُّه في قلوبهم؛ حتى كان يتمنَّى أحدهم أن يفدي رسول الله صلى الله عليه وسلم برُوحه ولا يصاب صلى الله عليه وسلم بشوكة تؤذيه، هكذا عاش محمد النبي صلى الله عليه وسلم في وجدانهم وضمائرهم، فكان حب صحابته له دليلاً أكيدًا على صدقه.
ما أحوجنا الآن إلى أن نُعيد حب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إلى قلوبنا، فلا شكَّ أن محبَّة الرسول صلى الله عليه سلم واجبة لا يماري في ذلك أحدٌ، ولكن أن تكون العاطفة فقط هي وحدها مظهر هذا الحبِّ والولاء، فهذا يحتاج منَّا إلى وقفة ؛ لأنه حبٌّ يعتريه النقص، وما أسهل انهياره أمام أول طوفان يقابله ولا يكفي هذا الحب ولابد من العمل بهذا الحب وأن يكون ظاهرًا في جوارحنا هذا هو الحب الحقيقي وأما الذي يزعم أنه يحب الرسول ولا يتبع هديه صلى الله عليه وسلم فإن حبه ناقص قال الله تعالى على لسان نبيه صلى اله عليه وسلم " قل إن كنتم تحبون الله فتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " وثم بعد ذلك تأتي الخطوة الثانية وهي تطبيق ما عرفناه من سنته ونهجه في حياتنا بشكل كامل، واتّباع هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة، ولا نعني بذلك فقط أداء النوافل أو بعض العبادات، ولكن التطبيق الكامل لكل نهجه في العبادة والسياسة والاقتصاد والمعاملات والقضاء، بل وفي الترفيه والراحة. وأخيرًا تأتي الخطوة الثالثة المهمة التي تدلُّ على عمق حُبِّنا له، ألا وهي انطلاقنا إلى العالمين تعريفًا به وبسُنَّته في صورة حيَّة حركيَّة؛ امتثالاً لقول رسول الله " بلغوا عني ولو آية " أخرجه البخاري في صحيحه والترمذي في جامعه وأحمد في مسنده .
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:03 AM
أهمية الأخلاق
إنَّ أهمية الأخلاق للحياة الإنسانية في نظر الإسلام ينظر إليها من اعتبارات مختلفة أهمها:
أولاً: علاقة الأخلاق ببناء الشخصية الإنسانية :
الإنسان جسد وروح، ظاهر وباطن، والأخلاق الإسلامية تمثل صورة الإنسان الباطنة، والتي محلها القلب، وهذه الصورة الباطنة هي قوام شخصية الإنسان المسلم، فالإنسان لا يقاس بطوله وعرضه، أو لونه وجماله، أو فقره وغناه، وإنما بأخلاقه وأعماله المعبرة عن هذه الأخلاق ، يقول تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13] فقره وغناه، وإنما بأخلاقه وأعماله المعبرة عن هذه الأخلاق ((التربية الأخلاقية() أبادير حكيم (ص: 118). ، ي، ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) رواه مسلم .
ثانياً: ارتباط الأخلاق بالأسس العقدية والتشريعية للدين الإسلامي :
جعل الإسلام العقيدة الأساس الأول الذي تصدر عنه الأخلاق الفاضلة، وارتباط الأخلاق بالعقيدة أمر معلوم لكل من له فكر وروية بأمور الإسلام، وهذا الارتباط يشكل ضمانة لثبات الأخلاق واستقرارها وعدم العبث بها، كما يعتبر في الوقت نفسه شجرة مثمرة طيبة لهذه العقيدة، يقول الشيخ محمود شلتوت في هذا المعنى: (إن العقيدة دون خلق شجرة لا ظل لها ولا ثمرة، وإن الخلق دون عقيدة ظل لشبح غير مستقر) .
ثالثاً: آثارها في سلوك الفرد والمجتمع :
تظهر أهمية الأخلاقية الإسلامية لما لها من أثر في سلوك الفرد، وفي سلوك المجتمع.
أما أثرها في سلوك الفرد فلما تزرعه في نفس صاحبها من الرحمة، والصدق، والعدل، والأمانة، والحياء، والعفة، والتعاون، والتكافل، والإخلاص، والتواضع... وغير ذلك من القيم والأخلاق السامية، فالأخلاق بالنسبة للفرد هي أساس الفلاح والنجاح، يقول تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) .
رابعًا : امتثال أمر الله سبحانه:
كثيرة هي الآيات القرآنية التي تدعو العاقل إلى امتثال أمر الله سبحانه في الأخلاق، إما إيجابا، أو نهيا، أو إرشاداً، ومنها:
قال الله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) والآيات في ذلك كثيرة جدًا.
خامسًا : أنها سبب لمحبة الله تعالى:
قال الله تعالى: (وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) وقال تعالى: (وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) وقال سبحانه: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) وأهيمة الأخلاق كثيرة وكذلك نسردها سردًا ، أنها دليل كمال الدين، وأنها أثقل شيء في الميزان، وأنها عبادة يبلغ بها العبد درجات الصائم القائم ، وأن صاحب الخلق من خيار الناس ، وأنها من خير أعمال الإنسان، وأنها سبب تأييد الله ونصره .
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:05 AM
هنالك فوائد وثمرات كثيرة تستفاد من دراسة علم الأخلاق منها:
الثمرة الأولى: الدعوة إلى الله عز وجل، والذي يظن أن الناس تدخل في الدين فقط لأنهم يقتنعون عقلياً فقط، لا شك أنه مخطئ...
وكثير من الناس يدخلون في الدين لأنهم يرون أن أهل هذا الدين على خلق، وأن الدعاة إلى الله عندهم أخلاق، والشواهد في هذا الباب كثيرة...فالاستقامة على الأخلاق لها أثر كبير، ونفعها بليغ، ولا أدل على ذلك مما جاء في السيرة النبوية من أن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم كانت محل إعجاب المشركين قبل البعثة، حتى شهدوا له بالصدق والأمانة.
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال:
((لما نزلت هذه الآية: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذباً. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)
الثمرة الثانية: تقوية إرادة الإنسان، وتمرين النفس على فعل الخير وترك الشر، حتى تصبح سجية في النفس نحو الفضيلة حتى تتحقق السعادة، ولكن كم من الناس عن سعادتهم غافلون! وقد يحرمون نفوسهم من خير كثير بسبب قلة أدبهم ، ما أجمل الأدب بالأفعال! فقد خاصم رجل الأحنف فقال الرجل: لئن قلت واحدة لتسمعن عشراً، فقال الأحنف: لكنك إن قلت عشراً، لم تسمع واحدة .
.فالواجب على العاقل أن يحرص على تقوية إرادته، ويؤدب نفسه على الأخلاق الحسنة، ويحملها على العدل، ولا يكن أول الظالمين لها.
قال تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)
فالظالم لنفسه هو المقصر في عمله تجاه ربه الذي أحسن إليه، أو نبيه، أو أحداً ممن يجب عليه بره، والمقتصد هو العامل في أغلب الأوقات، وأما السابق بالخيرات فهو العامل والمعلم لغيره والمجاهد لدينه.
فالواجب أن يكون لنفسه من أعدل الناس، فمن عدل مع نفسه، فهو العاقل السابق بالخيرات، ومن دساها فهو الظالم لنفسه.
قال الماوردي: (فأما عدله في نفسه فيكون بحملها على المصالح، وكفها عن القبائح، ثم بالوقوف في أحوالها على أعدل الأمرين من تجاوز أو تقصير. فإن التجاوز فيها جور، والتقصير فيها ظلم، ومن ظلم نفسه فهو لغيره أظلم، ومن جار عليها فهو على غيره أجور)
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:08 AM
سؤال / ماهي الغاية والهدف من إلتزام المسلم بالأخلاق؟
الجواب / الغاية الهدف والغاية من الالتزام بالأخلاق عند المسلم هو إرضاء الله سبحانه وتعالى ، وأن ينال الدرجات العلى من الجنة ، ولا ينبغي ... أن يكون هدفه مدح الناس له ؛ لأن ذلك يعد من الرياء، وكذلك لا ينبغي للعاقل أن يكون هدفه من وراء ذلك الكسب المادي فقط، والإسلام أيضاً يهدف إلى بناء مجتمع يقوم على التراحم والتعاون والإيثار وحب الخير للناس، من خلال علاقات حسنة مع الوالدين والأبناء، والأزواج، والأرحام، والجيران، وجميع المسلمين، بل وغير المسلمين، بل يتعدى ذلك إلى الحيوان والجماد، فالإسلام بحمد الله تعالى يهدف إلى حمل المسلم على التحلي بمكارم الأخلاق، والعيش في ظلها .
الغاية الهدف الثاني: معالجة الانفصال الشديد بين الأخلاق والعبادات
إن الهدف الثاني من دراستنا للأخلاق هو معالجة الانفصال الشديد بين الأخلاق والعبادات، أو بكلمة أعم وأشمل: معالجة الانفصال الشديد بين الدين والدنيا.. فتجد الانسان داخل المسجد في غاية الانضباط، أما خارج المسجد فهو انسان آخر،وتجد لسان حاله يقول:" لا يهم فالعبادات على ما يرام، والدين داخل المسجد، أما الحياة فأعمل فيها ما أريد ،ان هذا خطأ شديدوهوكلام من لا خلاق لهم وهم العلمانيين والعياذ بالله ، إن هذا الانفصال ليس من الاسلام في شيء، فالاسلام وحدة واحدة ، كلّ متكامل لا يتجزأ.. فايّاك أن تكون كالذي يغري الناس بعبادته، ثم يفاجأوا بالأخلاق بعيدة تماما عن الاسلام.
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:10 AM
سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي
تنقسم الأخلاق باعتبار علاقاتها إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: ما يتعلق بوجوه الصلة القائمة بين الإنسان وخالقه :
والفضيلة الخلقية في حدود هذا القسم تفرض على الإنسان أنواعاً كثيرة من السلوك الأخلاقي: منها الإيمان به لأنه حق، ومنها الاعتراف له بالكمال الصفات، والأفعال، ومنها تصديقه فيما يخبرنا به، لأن من حق الصادق تصديقه، ومنها التسليم التام لما يحكم علينا به، لأنه هو صاحب الحق في أن يحكم علينا بما يشاء ، فكل هذه الأنواع من السلوك أمور تدعو إليها الفضيلة الخلقية.
أما دواعي الكفر بالخالق بعد وضوح الأدلة على وجوده فهي حتماً دواع تستند إلى مجموعة من رذائل الأخلاق، منها الكبر، ومنها ابتغاء الخروج على طاعة من تجب طاعته، استجابة لأهواء الأنفس وشهواتها، ومنها نكران الجميل وجحود الحق ...
القسم الثاني: ما يتعلق بوجوه الصلة بين الإنسان وبين الناس الآخرين.
وصور السلوك الأخلاقي الحميد في حدود هذا القسم معروفة وظاهرة: منها الصدق، والأمانة، والعفة، والعدل، والإحسان، والعفو، وحسن المعاشرة، وأداء الواجب، والاعتراف لذي الحق بحقه، والاعتراف لذي المزية بمزيته والمواساة والمعونة، والجود، وهكذا إلى آخر جدول فضائل الأخلاق التي يتعدى نفعها إلى الآخرين من الناس.
أما صور السلوك الأخلاقي الذميم في حدود هذا القسم فهي أيضاً معروفة وظاهرة: منها الكذب، والخيانة، والظلم، والعدوان، والشح، وسوء المعاشرة، وعدم أداء الواجب، ونكران الجميل، وعدم الاعتراف لذي الحق بحقه، وهكذا إلى آخر جدول رذائل الأخلاق التي يتعدى ضررها إلى الآخرين من الناس.
القسم الثالث: ما يتعلق بوجوه الصلة بين الإنسان ونفسه.
وصور السلوك الأخلاقي الحميد في حدود هذا القسم كثيرة: منها الصبر على المصائب، ومنها الأناة في الأمور، ومنها النظام والإتقان في العمل، ومنها عدم استعجال الأمور قبل أوانها، وكل ذلك يدخل في حسن إدارة الإنسان لنفسه، وحكمته في تصريف الأمور المتعلقة بذاته.
وصور السلوك الأخلاقي الذميم في حدود هذا القسم تأتي على نقيض صور السلوك الأخلاقي الحميد.
القسم الرابع: ما يتعلق بوجوه الصلة بين الإنسان والأحياء غير العاقلة.
ويكفي أن تتصور من السلوك الأخلاقي الحميد في حدود هذا القسم، الرحمة بها، والرفق في معاملتها، وتأدية حقوقها الواجبة. أما الظلم والقسوة وحرمانها من حقوقها؛ فهي من قبائح الأخلاق، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر: ((عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض))
ولابد من ملاحظة أن كثيراً من الأخلاق لها عدد من الارتباطات والتعلقات، ولذلك فقد تدخل في عدد من هذه الأقسام في وقت واحد، إذ قد تكون لفائدة الإنسان نفسه، وتكون في نفس الوقت لفائدة الآخرين، وتكون مع ذلك محققة مرضاة الله تعالى)
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:10 AM
سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي
من خصائص الأخلاق
خامسًا: العبرة بالظاهر والباطن من الأعمال معاً:
أخلاقنا الإسلامية لا تكتفي بالظاهر من الأعمال، ولا تحكم عليه بالخير والشر بمقتضى الظاهر فقط، بل يمتد الحكم ليشمل النوايا والمقاصد، وهي أمور باطنية، فالعبرة إذاً بالنية، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم(إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)رواه البخاري ،والنية هي مدار التكليف، وعلى ذلك ننظر إلى نية الإنسان حتى نحكم على عمله الظاهر بالإيجاب أو بالسلب.
سادسًاً: الرقابة الدينية:
الرقابة: تعني مراقبة المسلم لجانب مولاه سبحانه في جميع أمور الحياة ،أما الرقابة في الإسلام فهي رقابة ذاتية في المقام الأول، وهي رقابة نابعة من التربية الإسلامية الصحيحة، ومن إيقاظ الضمير، فإذا كان المسلم يعلم أن الله معه، وأنه مطلع على حركاته وسكناته، فإنه يكون رقيباً على نفسه ولا يحتاج إلى رقابة الغير عليه، يقول تعالى(وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ)ويقول سبحانه(يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى)ويقول عز وجل(إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)فإذا قرأ المسلم هذه الآيات وعرف معناها فإنه حينئذ يتيقن أنه إذا تمكن من الإفلات من رقابة السلطة، فإنه لن يتمكن من الإفلات من رقابة الله، وهذا في حد ذاته أكبر ضمان لعدم الانحراف والانسياق إلى الأخلاق المذمومة.
سابعًاً: تراعى التدرج:
التدرج في إلقاء الأوامر، بتقديم الأهم على المهم، واجتناب الأفحش، والسهولة واليسر... وهو أهم ما يميز أخلاقنا الإسلامية، فهي لا تطلب من الناس العمل بما لا يطاق، ولا بالمستحيل.
ثامنًا: الجزاء على الخير والشر:
الجزاء من جنس العمل – كما يقال – وأخلاق الإسلام تعطي الجزاء لكل من يعمل خيراً، أو يقترف شراً. هذا الجزاء قد يكون في الدنيا، وقد يكون في الآخرة.
فالأخيار من الناس: جزاؤهم عظيم في الدنيا والآخرة، أما جزاؤهم في الآخرة: فتشير إليه آيات كثيرة منها: قوله تعالى(وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)وفي هذا الباب أيات كثيرة ونكتفي بهذا القدر وصلى الله على محمد
وترقبوا النقطة التالية
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:12 AM
سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد ان يرتقي:
فضل مكارم الأخلاق
1- مكارم الأخلاق من أعمال الجنة:
فهي من الأعمال المقربة للجنة الموصلة إليها المورثة الفردوس الأعلى.
قال صلى الله عليه وسلم (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً ... وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه) رواه أبو داوود والبيهقي وحسنه الألباني .
عن أبي هريرة رضي الله عنه:((سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: تقوى الله وحسن الخلق وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج( رواه الترمذي وحسنه الألباني .
2 - مكارم الأخلاق سبب في محبة الله جل جلاله لعبده:
قال صلى الله عليه وسلم( أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا)رواه الحاكم والطبراني وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح
مكارم الأخلاق من أسباب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم:
قال صلى الله عليه وسلم(إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)رواه الترمذي وحسن إسناده الألباني.
3- مكارم الأخلاق أثقل شيء في الميزان يوم القيامة:
قال صلى الله عليه وسلم) ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق( رواه الترمذي وصححه الألباني
مكارم الأخلاق تضاعف الأجر والثواب:
قال صلى الله عليه وسلم(إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار) رواه أبو داوود وصححه الألباني وقال صلى الله عليه وسلم(إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله عز وجل لكرم ضريبته وحسن خلقه( حديث ضعيف بسبب ابن لهيعة لأن فيه ضعف والمعنى صحيح وتشهد له الأحاديث الأخرى الصحيحة .
4- مكارم الأخلاق من خير أعمال العباد:
قال صلى الله عليه وسلم(يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما قال: بلى يا رسول الله، قال: عليك بحسن الخلق وطول الصمت فو الذي نفس محمد بيده ما عمل الخلائق بمثلهما) وجود إسناده غير واحد من اهل العلم منهم من صحح ومنهم جود أي حسن
5- مكارم الأخلاق تزيد في الأعمار:
6- مكارم الأخلاق تعمر الديار: قال صلى الله عليه وسلم(حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار) صحح إسناده الألباني .
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:14 AM
سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد ات يرتقي
خصائص الأخلاق الإسلامية
لأخلاقنا الإسلامية خصائص مميزة تنفرد بها، وتجعلها ذات شخصية مستقلة، وطبيعة خاصة.
فهي أخلاق تستمد مصدرها من كتاب الله تعالى، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وما دامت أخلاقنا الإسلامية تقوم على القرآن والسنة، فهي بذلك تتسم بالشمول، والصلاحية للتطبيق في كل زمان ومكان، كما أنها تتسم بأنها قائمة على الإقناع العقلي والوجداني (العاطفي) معاً، كما أنها تقوم على المسؤولية، فللمسؤولية في أخلاق المسلم جانبان: شخصي وجماعي معاً، كما أنها تحكم على الأعمال ظاهراً وباطناً، فالرقابة الذاتية لها أثرها الفعال في أخلاق المسلم، وهي في النهاية تجعل الجزاء العادل لكل من الأخيار والأشرار في الدنيا والآخرة.
أولاً: الأخلاق الإسلامية ربانية المصدر:
الأخلاق الإسلامية تعتمد على كتاب الله وسنة الني صلى الله عليه وسلم، فهي ربانية الهدف والغاية.
ثانياً: الشمول والتكامل:
من خصائص الأخلاق الإسلامية: إنها شاملة، ومتكاملة، وهي خاصية منبثقة من الخاصية الأولى، وهي الربانية، فالإنسان لأنه محدود الكينونة في الزمان والمكان، والعلم والتجربة، كما أنه محكوم بضعفه وميله وشهوته ورغبته، وقصوره وجهله، لذلك كان من المستحيل أن تكون الأخلاق الوضعية للبشر شاملة وعالمية، فأما حين يتولى الله سبحانه وتعالى ذلك كله، فإن التصور العقائدي، وكذلك المنهج الحياتي للإنسان يجيئان بكل ما يعتور الصبغة البشرية من القصور والنقص، وهكذا كان الشمول خاصية من خصائص الأخلاقالإسلامية .
ثالثاً: الصلاحية العامة لكل زمان ومكان:
أخلاقنا الإسلامية ربانية المصدر، وتمتاز بالشمول، ولما كانت كذلك فهي صالح لجميع الناس في كل العصور، وفي جميع الأماكن، نظراً لما تتميز به من اسهولة واليسر، وعدم المشقة، ورفع الحرج عن الناس، وعدم تكليفهم بما لا يطاق.
قال تعالى:( يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)قال عز وجل(ُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا).
رابعًاً: المسؤولية:
الأخلاق الإسلامية تجعل الإنسان مسؤولاً عما يصدر منه في كل جوانب الحياة، سواء كانت هذه المسؤولية مسؤولية شخصية، أم مسؤولية جماعية، ولا تجعله اتكالياً لا يأبه بما يدور حوله من أشياء، وهذه خاصية من خصائص أخلاقنا انفردت بها الشريعة الغراء.
ونعني بالمسؤولية الشخصية: إن الإنسان مسؤول عما يصدر منه عن نفسه إن كان خيراً فخيراً، وإن كان شراً فشراً، وفي هذا الصدد يقول الله تعالى)مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ).
ويقول سبحانه: (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) ويقول عز وجل)(وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)
ويقول تعالى:(وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ).
ويقول تعالى: (السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً).
فهذه الآيات وغيرها تبين لنا مدى المسؤولية التي تقع على عاتق الإنسان عما يصدره منه عنه نفسه. ويقول صلى الله عليه وسلم(وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوى بها في جهنم) رواه البخاري .
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:15 AM
سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي:
هدي السلف الصالح في الأخلاق
فإذا اختلف المرء إلى هؤلاء، وأكثر من لقائهم وزيارتهم؛ تخلق بأخلاقهم، وقبس من سمتهم ونورهم ، ولذلك ينبغي للعاقل أن يحرص و يكثر الجلوس مع أهل الأخلاق الفاضلة و الحسنة حتى يكتسب من هديهم وسمتهم و أخلاقهم ، ولا يكثر الجلوس مع السفهاء الذين لا يقدرون الشخص حق قدره وأنت أيها العاقل إذا أكثرت الجلوس مع أهل الأخلاق الفاضلة سوف تكتسب منهم بعض الصفات الحسنة وإذا حالست السفهاء سوف تكتسب بعض صفاتهم الذميمة والله هذا شيئ مجرب وهذا حصل لي شخصيًا وقد سكنت مع أحد الإخوة أصلحه الله أربع سنوات وبعد ما ذهب قال لي أحد أصدقائي أفعالك مثل فلان وكانت حركاته فيها نوع من الهزل الخفة فحينها أنتبهت لنفسيي كثيرًا وتداركتها ولله الحمد ، وصدق من قال : (فكل قرينٍ بالمقارنِ يقتدي) والآن نترككم مع بعض هدي السلف ، يروى أن الأحنف بن قيس قال: (كنا نختلف إلى قيس بن عاصم نتعلم منه الحلم كما نتعلم الفقه وكان أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يرحلون إليه، فينظرون إلى سمته، وهديه، ودله، قال: فيتشبهون به ، قال الإمام مالك: قال ابن سيرين: (كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم ، قال القاضي أبو يعلى رحمه الله: روى أبو الحسين بن المنادي بسنده إلى الحسين بن إسماعيل قال: سمعت أبي يقول: كنا نجتمع في مجلس الإمام أحمد زهاء على خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون، والباقي يتعلمون منه حسن الأدب، وحسن السمت ، قال إبراهيم بن حبيب بن الشهيد لابنه: (يا بني، إيت الفقهاء والعلماء ، وتعلم منهم، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم، فإن ذاك أحب إلي لك من كثير من الحديث ، وقال الأعمش: كانوا يأتون همام بن الحارث يتعلمون من هديه وسمته ، ودخل عمر بن عبد العزيز المسجد ليلة في الظلمة فمر برجل نائم فعثر به ، فرفع رأسه وقال: أمجنونٌ أنت ؟ فقال عمر: لا فهم به الحرس فقال عمر: مه إنما سألني أمجنون ؟ فقلت: لا ، سألني فأجبته وروي عن القعنبي قال: كان ابن عون لا يغضب. فإذا أغضبه رجل قال: بارك الله فيك .
هذا ماستطعت جمعه وتسر إراده وإن شاء الله في المجلس القادم ندأ مع أول خلق وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:19 AM
سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي :
الخلق الأول ( الجدية )
أحتي في الله الجدية وما أدراكم الجدية قبل أن نبدأ ما مناسبة ذكر هذا الموضوع في سلسلة الأخلاق ؟ المناسبة أحتي في الله هي أن الشخص في أخلاقه أو في أي شيئ كان ، لابد أن يكون صاحب جديةفي أموره وخاصة في تعامله مع الناس فإن الشخص إذا كان جادًا في حياته سوف يحافظ على هيبته وشخصيته .
س/ ما ذا نعني بالجدية ولماذا الحديث عن الجدية ؟
الجواب / الجدية هي الإجتهاد في الأمر ، والاهتمام به ، والمبالغة في تحقيقة حتى نصل إلى الهدف.
شرح التعريف ، وقولنا ( الإجتهاد في الأمر ) أي يتضمن بذل الطاقة والوسع ، وقولنا ( والإهتمام به ) أي الحرص عليه ومراقة العمل وتصويبه إن كان فيه أي ملاحظات ، قولنا ( والمبالغة في تحقيقة ) أي تتضمن نفي التردد عن العمل والقعود في وسط الطريق أو التواني عنه والتكاسل فيه . وقولنا (تحى نصل إلى الهدف) أي بالمداومة على العمل حتى يتحقق المقصود منه وهو الهدف والغاية .
س/ لماذا الحديث عن الجدية ؟
الجواب / هناك أسباب جعلتنا نتحدث عن الجدية منها ، لأن العمر قصير واللبث يسير فيحتاج المرء إلى الجد والإجتهاد ليدرك المراد ، ويبادر ليسعد يوم الحصاد ، ولهذا أمرنا رسول الله صلى الله عيه وسلم بالمبادرة إلى الأعمال الصالحة فقال صلى الله عليه وسلم (بادروا بالأعمال فتنًا كقطع اليل المظلم) رواه مسلم ، ومعنى الحديث الحث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذرها والاشتغال عنها با يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة ، والمتراكمة كتراكم ظلام الليل المظلم لا المقمر ، ولأن بعض أهل الخير والصلاح أكثروا الهزل والضحك عن الحد المطلوب ، وآثروا القعود ، وأطالوا النوم ، وتوسعوا في المباحات ، حتى أشغلتعهم عن الواجبات فضلاً عن المندوبات ، ونحن في زمنِ قل في القدوات ، وقد كثر فيه الأعداء ، وزاد فساد أهل الأهواء فإلى الله المشتكى ، ولذلك لا بد أن نتحدث الجدية .
وقد حثنا الإسلام ورغبنا في الجدية قال الله تعالى (يايحيى خذ الكتاب بقوة) قال الشيخ السعدي رحمه الله بقوة أي بجد واجتهاد ، ولذلك بالاجتهاد في حفظ ألفاظه وفهم معانيه ، والعمل بأوامره ونواهيه , وقال صلى الله عليه وسلم (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍ خَيْرٌ ، فَاحْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ : لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا ، وَلَكِنْ قُلْ : قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ) أخرجه مسلم فقد شرح الإمام النووي هذا الحديث في شرح صحيح مسلم فقال: المراد بالقوة هنا عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداماً على العدو في الجهاد، وأسرع خروجاً إليه وذهاباً في طلبه، وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى في كل ذلك، واحتمال المشاق في ذات الله تعالى، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات، وأنشط طلبا لها ومحافظة عليها، ونحو ذلك.
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم وفي كل خير، فمعناه في كل من القوي والضعيف خير لاشتراكهما في الإيمان مع ما يأتي به الضعيف من العبادات وكل وكليهما فيهم خيرًا ولكن القوى أخير . انتهى .
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:19 AM
سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي
تابع (الجدية)
هناك سؤال دائمًا يخطر على بالنا وهو كيف أكون جادًا ؟!
إن صفة الجدية من أهم الصفات التي ينبغي أن نجاهد أنفسنا لنتخلق بها ؛ لندرك أهدافنا ، ونصل إلى غاياتنا ، ونعمر أعمارنا بالصالحات ، ونثقل موازيننا بالحسنات ؛ ولهذا لا بد من الإشارة إلى بعض أسباب الجدية وعوامل تنميتها في القلوب .
1-الإقلاع عن الذنوب والمبادرة إلى التوبة :
الذنوب حُجُبٌ تحجبُ صاحبها عن الهدى وتثبطة عن أعمال الخير والتقى ، وتقعده عن العُلى ،قال بن عباس – رضي الله عنه – إن للحسنة ضياء في الوجه، ونوراً في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق. وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق، إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ).
2- ذكر الله :
للذكر أثر عجيب في تقوية العبد وتنشيطه وزيادة جِدّه ومبادرته لطاعة الله ، والذكر سبب لزوال عقد الكسل الشيطانية , عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم- إذا هو نام- ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل فارقد. فإن استيقظ فذكر الله انحلّت عقدة. فإن توضأ انحلت عقدة. فإن صلى انحلت عقده كلها ، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» ،رواه البخاري .
3- مصاحبة الجادين :
عن المرء لا تسأل وسأل عن قرينه *** فكل قرينٍ بالمقارن يقتدي
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْمَرْءَ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ، وحسنه الألباني .
4- محاسبة النفس :
لابد من محاسبة النفس على تقصيرها ، ومعاتبتها على تفريطها ، وحثها على ما فيه نجاتها وقد قال الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) و ( قَالَ عُمَرُ: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا! وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا؛ فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خافية) .قال الفضيل الرقاشي: «لا يلهينك الناس عن نفسك، فإن الأمر يخلص إليك دونهم، ولا تقطع النهار بكذا وكذا، فإنك محفوظ عليك ما عملت، واعلم أني لم أر شيئا أشد طلبا ولا أسرع إدراكا من حسنة حديثة لذنب قديم»
5- الدعاء :
لما كانت الجدية والاجتهاد في العمل الصالح فضلا من الله يؤتيه من يشاء ، كان على المسلم أن يرفع يديه متضرعًا ، ويضع جبهته متذللاً لمن بيده الفضل كله الخير كله فيسأله من فضله وقد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة: «التمس غلاما من غلمانكم يخدمني» فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه، فكنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما نزل، فكنت أسمعه يكثر أن يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال) رواه البخاري .
وهذه بعض القواعد يسير عليها الجادون :
ومنها اتقي الله حيثما كنت ،عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» حسنه الألباني و لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) و أعطِ كل ذي حقٍ حقه ، «إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» فَأَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَا ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: «صَدَقَ سَلْمَانُ» والحديث صحيح ، وهناك نية وهدف لكل عمل ،عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» والحديث في البخاري ، و تقديم الأهم في الأهم بما يسمي ترتيب الأولويات عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته " والحديث في البخاري ، فالفرائض مقدمة على النوافل ، والواجبات مقدمة على المستحبات فضلا على المباحات والفرض العيني مقدم على الفرض الكفائي ، والواجب المضيق مقدم على الواجب الموسع ، ومن الجدية أن نقدم الأهم في الأهم وهكذا .
وهذه بعض الأسباب التي تعين على الجدية وهي لا تنحصر على هذه الخمسة وإنما هذا الذي تيسر لي والحمد الله ونلتقي في المجلس القادم إن شاء الله مع أسباب هدم الجدية ونذكر بعض المسائل في مفهوم الجدية ونختم بها هذا الخلق إن شاء الله تعالى
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:20 AM
سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي
قد تكلمنا فيما مضى عن الجدية وعن الأسباب التي تجعلك جادًا وفي هذا المجلس سأتكلم عن أسباب ضعف الجدية:
إن التخلي عن أسباب اكتساب الجدية والاتصاف بأضدادها يمثل معول هدم الجدية في الشخصية المسلمة ؛ ولهذا فإننا سنشير إشارة سريعة إلى بعض الأسباب التي توهن بناء الجدية في النفوس وتصدعها :-
1-التسويف :
وهو أكبر معول هدم الجدية ي النفوس ؛ ولهذا قيل لرجل من عبد القيس أوصنا قال (احذروا سوف) وفي التسويف وتأخر واجب اليوم إلى الغد آفات كثيرة منها أنك ى تظمن أن تعيش إلى الغد ، وإن عشت إلى الغد لا تظمن من الأمراض التي تقعدك عن العمل أو من أي المعوقات ، وكذلك أن تأخير الطاعات والتسويف في فعل الخيات يجعل النفس تعتاد تركها والعادة إذا رسخت أصبحت طبيعة ويصعب الإقلاع عنها .
2- كثرة الهزل والضحك واللهو:
كلها إذا كثرت تضيع الوقت وتقسي القلب وتزري بالمرأ ، فينبغي أن تكون بقدر ، وفيما أباح الله عز وجل وقال تعالى ممتدحًا عباده المؤمنين {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ**{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ** وهو الكلام الذي لا خير فيه ولا فائدة، {مُعْرِضُونَ** رغبة عنه، وتنزيها لأنفسهم، وترفعا عنه، وإذا مروا باللغو مروا كراما، وإذا كانوا معرضين عن اللغو، فإعراضهم عن المحرم من باب أولى وأحرى، وإذا ملك العبد لسانه وخزنه -إلا في الخير- كان مالكا لأمره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين وصاه بوصايا قال: " ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ " قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه وقال: " كف عليك هذا " فالمؤمنون من صفاتهم الحميدة، كف ألسنتهم عن اللغو والمحرمات تفسير السعدي رحمه الله ، وقال صلى الله عليه وسلم «لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب»صححه الألباني رحمه الله.
3- إضاعة الأوقات وتبديد العمر بما لا ينفع :
فالأوقات رأس مال الأنسان في هذه الدنيا ، وسوف يسأل عن رأس ماله فيما أنفقه فليعدّ لسؤال جوابًا عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يَزُولَ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَا أَنْفَقَهُ» وشيئين في إضاعة الأوقات وهما الشباب والعمر لعظم الوقت والله سبحانه أقسم بالوقت في أكثر من موضع والله لا يقسم إلا بعظيم .
4- مصاحبة البطالين:
عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة " متفق عليه ، قال الراغب: نبه بهذا الحديث على أن حق الإنسان أن يتحرى بغاية جهده مصاحبة الأخيار ومجالستهم فهي قد تجعل الشرير خيرا كما أن صحبة الأشرار قد تجعل الخير شريرا .
5- الإكثار من المباحات :
وقد حذر السلف من الإستغراق في المباحات والإكثار من الكماليات ، التي تشغل المرء عن دينه وتليه عن آخرته وتميل به إلى متاع الدنيا وزهرتها وتخلد به إلى الأرض ومتاعها ، ولهذا كان السلف يتركون كثير من المباحات خشية أن يقعوا أو يجرهم الاسترسال في هذه المباحات إلى انتهاك المحرمات؛ لأن النفس راغبة إذا رغبتها، إذا رغبتها راغبة، لكن إذا ترد إلى قليل تقنعُ ، فالإنسان إذا عمل بهذا في خاصة نفسه -لا بأس به، والورع هذا ليس له حد ، ولكن لا يأتي الإنسان فيفرضه على أخيه ، ولا يفتي به، فهناك فرق بين أن يتبنى الإنسان الشيء في نفسه وبين أن يفتي الناس به .
6- اتباع الهوى :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَيُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَواهُ تَبَعَاً لِمَا جِئْتُ بِهِ"
وأن اتباع الهوى والإعراض عن الهدى بعد استنارة الطريق ظلم فاحش وخسران بين أيا كان الفاعل ،من ضعف أمام هواه تخلف عن قافلة الجاددين ، ولهذا عد السلف مخالفة الهوى من موجبات قوة المرء ومروءته وقدرته على الجهاد ،قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ: مُخَالَفَةُ الْهَوَى تُورِثُ الْعَبْدَ قُوَّةً فِي بَدَنِهِ وَقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ. وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الْغَالِبُ لِهَوَاهُ أَشَدُّ مِنْ الَّذِي يَفْتَحُ الْمَدِينَةَ وَحْدَهُ .
وفي المجلس القادم سيكون الحديث عن مسائل في الجدية ونختم به هذا لخلق إن شاء الله
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:21 AM
سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :
الخلق الثاني (الصبر)
قبل أن أبدأ في الموضوع ، ما مناسبة ذكر خلق الصبر بعد خلق الجدية ؟
الجواب / لأن الجدية خلق والإلتزام بخلق الجدية فيه نوع مشقة لأنه قد يكون أكثر من عشرين سنة في عدم الجدية ويأتي ويريد أن يصح صاحب جدية في يوم وليلة هذا يُستحال إلا من وفقه الله ، ولذلك يحتاج إلى الصبر والمجاهدة حتى تصبح صفة الجدية سجية وطبيعة فيه ولذلك ناسب أن أذكر خلق الصبر بعد خلق الجدية .
تعريف الصبر لغلة واصطلاحًا :
لغة : هو الحبس النفس (وقال في اللسان: الصَّبْرُ نقيض الجَزَع صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْراً فهو صابِرٌ وصَبَّار وصَبِيرٌ وصَبُور والأُنثى صَبُور أَيضاً بغير هاء وجمعه صُبُرٌ. وأَصل الصَّبْر الحَبْس وكل من حَبَس شيئاً فقد صَبَرَه)
وفي الاصطلاح :عرفه ابن القيم بقوله: (هو خلق فاضل من أخلاق النفس يمتنع به من فعل ما لا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها).
وقيل هو: (ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله لا إلى الله).
وقيل الصبر: (حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع، أو عما يقتضيان حبسها عنه)وقال عبد الرحمن الميداني (الصبر قوة خلقية من قوى الإرادة تمكن الإنسان من ضبط نفسه لتحمل المتاعب والمشاقات الآلام ، وضبطها عن الإندفاع بعوامل الضجر والجزع ، والسأم والملل ، والعجلة الرعونة ، والفضب والطيش والخوف والطمع والأهواء والشهات والغرائز) وهذا أحسن تعريف رأيته وأجمع
سؤال / لماذا سمي الصَبرُ صبراً ؟
حكى أبو بكر بن الأنباري عن بعض العلماء أنه قال: (إنما سمي الصبرُ صبرًا لأن تمرّره في القلب وإزعاجه للنفس كتمرّر الصِبْر في الفم) (كتاب ذم الهوي لابن الجوزي) .
فضل الصبر والحث عليه
فضل الصبر والحث عليه من القرآن الكريم:
الصبر من أكثر الأخلاق التي اعتنى بها القرآن الكريم، وهو من أكثر ما تكرر ذكره في القرآن.
قال الإمام أحمد رحمه الله: (ذكر الله سبحانه الصبر في القرآن في تسعين موضعاً).
وقد سيق الصبر في القرآن في عدة أنواع ذكرها ابن القيم في كتابه (عدة الصابرين) ونحن نذكر بعضها:
أحدها: الأمر به كقوله: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بالله) وقال: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ)الثاني: النهي عما يضاده كقوله تعالى: (وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) وقوله: (وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ) الثالث: تعليق الفلاح به كقوله: (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فعلق الفلاح بمجموع هذه الأمور. الرابع: الإخبار عن مضاعفة أجر الصابرين على غيره كقوله: (أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا)وقوله: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) الخامس: تعليق الإمامة في الدين، به وباليقين قال الله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) .
فضل الصبر والحث عليه من السنة النبوية:
من فضائل الصبر أن من يتصبر يصبره الله، فعن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه-: ((أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال: ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر)) رو اه البخاري ، أي يطلب توفيق الصبر من الله ، أي يأمر نفسه بالصبر ويتكلف في التحمل عن مشاقه ، (يصبِّره الله): بالتشديد أي: يسهل عليه الصبر(وما أعطي أحد من عطاء) أي معطى أو شيئا. (أوسع): أي أشرح للصدر. (من الصبر): وذلك لأن مقام الصبر أعلى المقامات لأنه جامع لمكارم الصفات والحالات) .
- وعن ابن عبّاس- رضي الله عنهما-: ((أنّه قال لعطاء: ألا أريك امرأة من أهل الجنّة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السّوداء أتت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: إنّي أصرع وإنّي أتكشّف، فادع الله لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنّة. وإن شئت دعوت الله أن يعافيك. قالت: أصبر. قالت: فإنّي أتكشّف فادع الله أن لا أتكشّف، فدعا لها))
- وبين صلى الله عليه وسلم أن من صبر على فقد عينيه عوضه الله الجنة فعن أنس- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((إنّ الله- عزّ وجلّ- قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه، فصبر عوّضته منهما الجنّة يريد عينيه).
قال ابن بطال: (في هذا الحديث حجة في أن الصبر على البلاء ثوابه الجنة، ونعمة البصر على العبد وإن كانت من أجل نعم الله تعالى فعوض الله عليها الجنة أفضل من نعمتها في الدنيا لنفاد مدة الالتذاذ بالبصر في الدنيا وبقاء مدة الالتذاذ به في الجنة) .
وعن صهيب- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((عجبا لأمر المؤمن إنّ أمره كلّه خير، وليس ذلك لأحد إلّا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له)) .
قال ابن عثيمين: (قوله: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، أي: إن الرسول عليه الصلاة والسلام أظهر العجب على وجه الاستحسان لأمر المؤمن أي لشأنه فإن شأنه كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.
ثم فصل الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الأمر الخير فقال: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. هذه حال المؤمن وكل إنسان فإنه في قضاء الله وقدره بين أمرين: إما سراء وإما ضراء والناس في هذه الإصابة ينقسمون إلى قسمين مؤمن وغير مؤمن، فالمؤمن على كل حال ما قدر الله له فهو خير له إن أصابته الضراء صبر على أقدار الله وانتظر الفرج من الله واحتسب الأجر على الله فكان خيراً له فنال بهذا أجر الصابرين.
وإن أصابته سراء من نعمة دينية كالعلم والعمل الصالح ونعمة دنيوية كالمال والبنين والأهل شكر الله وذلك بالقيام بطاعة الله عز وجل.
فيشكر الله فيكون خيراً له، ويكون عليه نعمتان نعمة الدين ونعمة الدنيا، نعمة الدنيا بالسراء ونعمة الدين بالشكر هذه حال المؤمن.
وأما الكافر فهو على شر والعياذ بالله إن أصابته الضراء لم يصبر بل يضجر ودعا بالويل والثبور وسب الدهر وسب الزمن ... وفيه الحث على الصبر على الضراء وأن ذلك من خصال المؤمنين فإذا رأيت نفسك عند إصابة الضراء صابراً محتسباً تنتظر الفرج من الله سبحانه وتعالى وتحتسب الأجر على الله فذلك عنوان الإيمان، وإن رأيت بالعكس فلم نفسك وعدل مسيرك وتب إلى الله)
وأتمنى أن تضيفوا هذا الموضوع إلى السلسلة
شذى الاسلام
17-05-2012, 11:27 AM
سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي
(3)
الصبر
كيف نعين أنفسنا على الصبر:
الصبر شديد على النفس ، يحتاج إلى مجاهدة لأهوائها ورغباتها ؛ ولكن حلاوة نتائجه وعظيم ثابه وحسن عاقته ، تجعل البيب العاقل يبذل في تحصيله وتقويته وتعزيزه في نفسه كل وسيلة مشروعة تعين عليه ومن ذلك :
1- أن يتدبر المرء القرآن الكريم وينظر إلى آياته نظرة تأمل:
قال تعالى(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْء مّنَ والخَوفْ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مّنَ الأمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَر وَبَشّرِ الصَّـابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَـابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ) .
2 - أن يستعين بالله في مصابه:
من أصيب بمصيبة أن حظّه من المصيبة ما يحدث له من رضا فمن رضي فله الرضا، ومن تسخط فله السخط .
3- أن يعلم أن ما أصابه مقدر من الله:
قال تعالى: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَـابٍ مّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لّكَيْلا تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَا ءاتَـاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).
4 - أن يتذكر أعظم المصائب التي حلت بالأمة الإسلامية؛ وهي موت الرسول صلى الله عليه وسلم:
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب) حسن إسناده ابن حجر رحمه الله .
5 - أن يتجنب الجزع وأنه لا ينفعه بل يزيد من مصابه :
قال ابن القيم رحمه الله: (إن الجزع يشمت عدوه ويسوء صديقه ويغضب ربه ويسر شيطانه ويحبط أجره ويضعف نفسه وإذا صبر واحتسب أنضى شيطانه ورده خاسئا وأرضى ربه وسر صديقه وساء عدوه وحمل عن إخوانه وعزاهم هو قبل أن يعزوه فهذا هو الثبات والكمال الأعظم لا لطم الخدود وشق الجيوب والدعاء بالويل والثبور والسخط على المقدور) .
6- أن يتسلى المصاب بمن هم أشد منه مصيبة :
ليذكر نفسه بأن الله ابتلاه لبصيبة ولكن هناك من هو مصيبته أعظم وأن يذكر نفسه بأن الله اختار له أهون المصائب لم يختر له أعظم منها .
موانع التحلي بالصبر :
على المسلم الذي يريد أن يتحلى بالصبر أن يحذر من الموانع والعوائق التي تعترض طريقه حتى لا تكون سدا منيعاً أمامه، ومن هذه الموانع :
1 - الاستعجال:
فالنفس مولعة بحب العاجل؛ والإنسان عجول بطبعه حتى جعل القرآن العجل كأنه المادة التي خلق الإنسان منها: (خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ) فإذا أبطأ على الإنسان ما يريده نفد صبره، وضاق صدره، ناسياً أن لله في خلقه سنناً لا تتبدل: وأن لكل شيء أجلاً مسمى، وأن الله لا يعجل بعجلة أحد من الناس، ولكل ثمرة أوان تنضج فيه، فيحسن عندئذ قطافها، والاستعجال لا ينضجها قبل وقتها، فهو لا يملك ذلك، وهي لا تملكه، ولا الشجرة التي تحملها، إنها خاضعة للقوانين الكونية التي تحكمها، وتجري عليها بحساب ومقدار .
2 – الغضب :
فقد يستفز الغضب صاحب الدعوة، إذا ما رأى إعراض المدعوين عنه، ونفورهم من دعوته، فيدفعه الغضب إلى ما يليق به من اليأس منهم، أو النأي عنهم. مع أن الواجب على الداعية أن يصبر على من يدعوهم، ويعاود عرض دعوته عليهم مرة بعد مرة. وعسى أن يتفتح له قلب واحد يوماً، تشرق عليه أنوار الهداية، فيكون خيراً له مما طلعت عليه الشمس وغربت.
وفي هذا يقول الله لرسوله: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاتَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ).
3 - شدة الحزن والضيق مما يمكرون.
فليس أشد على نفس المرء المخلص لدعوته من الإعراض عنه، والاستعصاء عليه. فضلاً عن المكر به، والإيذاء له، والافتراء عليه، والافتنان في إعناته. وفي هذا يقول الله لرسوله: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَتَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ )ثم يؤنسه بأنه في معيته سبحانه ورعايته فيقول: إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ )
4 - اليأس:
فهو من أعظم عوائق الصبر، فإن اليأس لا صبر له، لأن الذي يدفع الزارع إلى معاناة مشقة الزرع وسقيه وتعهده، هو أمله في الحصاد، فإذ غلب اليأس على قلبه، وأطفأ شعاع أمله، لم يبق له صبر على استمرار العمل في أرضه وزرعه. وهكذا كل عامل في ميدان عمله .
كلام نفيس في شروط الصبر
عن أبي ميمون، قال: (إن للصبر شروطا، قلت: - الراوي- ما هي يا أبا ميمون؟ قال: إن من شروط الصبر أن تعرف كيف تصبر؟ ولمن تصبر؟ وما تريد بصبرك؟ وتحتسب في ذلك وتحسن النية فيه، لعلك أن يخلص لك صبرك، وإلا فإنما أنت بمنزلة البهيمة نزل بها البلاء فاضطربت لذلك، ثم هدأ فهدأت، فلا هي عقلت ما نزل بها فاحتسبت وصبرت ولا هي صبرت، ولا هي عرفت النعمة حين هدأ ما بها فحمدت الله على ذلك وشكرت) .
ونأسف على إطالة الموضوع
لحظة عبور
18-05-2012, 08:43 AM
بارك الله فيك أخيتي على الموضوع
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2025