المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التبـــرج "الشَّيخ عبد المالك رمضاني الجزائري


أحمد سالم ,
16-05-2011, 08:30 AM
التبـــرج

التبرج في معناه اللغوي هو التزين والتوسع كما قال الفَيروزأبادي في ((بصائر ذوي التمييز))، واستدل بقوله تعالى”غير متبرجات بزينة“، ومعلوم أن هذه الآيةجاءت في المرأة العجوز، فإذا كانت العجوز منهية عن التبرج بالزينة فكيف يكون حال المرأة الشابة؟! ففي هذا أبلغ زاجر لها عن إبراز محاسنها، وقد نقل البخاري في صحيحه عن مَعمر أنه قال:((التبرج أن تخرج محاسنها))، إذا فالأصل في المرأة أن تخفي زينتها عن أعين الناس، كما قال تعالى: »وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ” [النور:31]، ولذلك قال الشيخ ابن باز رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه)):((والزينة المنهي عن إبدائها اسم جامع لكل مايحبه الرجل من المرأة ويدعوه للنظر إليها سواء في ذلك الزينة الأصلية أو المكتسبة التي هي كل شيء تحدثه في بدنها تجملا وتزينا)).
ومما ورد في ترهيب النساء من التبرج الآتي:
ا1_التبرج سنة الجاهلية: قال الله تعالى: » وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى” [الأحزاب:33]، فكيف ترضى المسلمة أن تنسب إلى الجاهلية وقد اختارها الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي قال فيها ربنا عز وجل: »كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ” [آل عمران: 110]؟!
ا2_جعل النبي صلى الله عليه وسلم ترك التبرج شرطا في بيعة النساء: فعن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما قال:((جاءت أميمة بنت رُقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام، فقال: أبايعك على أن لاتشركي بالله شيئا ولاتسرقي ولاتزني ولاتقتلي ولدك ولاتأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولاتنوحي ولاتبرجي تبرج الجاهلية الأولى)) رواه أحمد وهو حسن.
ا 3_التبرج مقرون بالشرك والزنى والسرقة وغيرها من الكباشر، كما في الحديث السابق عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ا 4_التبرج كبيرة من كبائر الذنوب، بدليل ثلاثة أمور:
الأول:ورود الوعيد الشديد في حق المتبرجة، فعن فضالة بن عُبيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:((ثلاثة لاتسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا، وأمة أو عبد أَبَقَ فمات، وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده فلاتسأل عنهم)) رواه أحمد وهو صحيح، وقد شرح الساعاتي التبرج الوارد في الحديث فقال في (الفتح الرباني):((أظهرت زينتها ومحاسنها للأجانب).
الثاني: إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن المتبرجات من أهل النار وأنهن يؤخَّرن عن دخول الجنة، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنة البخت المائلة لايدخلن الجنة ولايجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)).
الثالث: التبرج موجب للعن والعياذ بالله، وهذا الوصف لايقال إلا لمن كانت مرتكبة كبيرة، فعن عبد اله بن عمرو رضي الله عنهما يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلك يقول:((سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرِّحال (1)، ينزلون على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهم كأسنمة البخت العجاف(2)،إلعنوهن، فإنهن ملعونات، لو كانت وراءكم أمّة من الأمم لخدمن نساؤكم نساءهم كما يخدمنكم نساء الأمم قبلكم)) رواه أحمد وهو صحيح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)والمقصود وسائل النقل الحديثة كالسيارات كما نص عليه غير واحد من أهل العلم.
(2) والأسنمة: جمع سنَم ، وهو أعلى كل شيء، والبخت:جميلة طويلة الأعناق، والعجاف:جمع عجفاء، وهي الهزيلة.
قال ابن تيمية رحمه الله كما في (مجموع الفتاوى):((الكبائر هي مافيها حد في الدنيا أو في الآخرة كالزنا والسرقة والقذف التي فيها حدود في الدنيا، وكالذنوب التي فيها حدود في الآخرة وهو الوعيد الخاص مثل الذنب الذي فيه غضب الله ولعنته أو جهنم ومنع الجنة))، وقد اجتمع في التبرج اللعن ومنع الجنة كما في هذين الحديثين، ولذلك عدّ القاضي عياض رحمه الله التبرج من الكبائر في كتابه ((المُعْلم شرح صحيح مسلم))، والله المستعان.
(3) وللشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله نصيحة غالية في هذا أحببت أن أضمنها هذه الموعظة، قال في ((الضياء الامع من الخطب الجوامع)):((هذه صفات نساء أهل النار كاسيات عاريات أي عليهن كسوة لاتفيد ولاتستر، إما لقصرها أو خفتها أو ضيقها، مائلات مميلات:مائلات عن الحق وعن الصراط المستقيم، مميلات لغيرهن، وذلك بسبب مايفعلنه من الملابس والهيئات الفاتنة التي ضلت بها نفسها، وأضلت غيرها، أيها المسلمون! أيها المؤمنون بالله ورسوله! أيها المصدقون بماأخبر به محمد صلى الله عليه وسلم! أيها القابلون لنصيحته!لقد أخبركم الناصح الأمين بصفة لباس أهل النار من النساء لأجل أن تحذروا من هذا اللباس وتمنعوا منه نساءكم، فهل تجدون أحدا من المخلوقين أنصح لكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! هل تجدون هديا أكمل من هديه؟! هل تجدون طريقا لإصلاح المجتمع ومحاربة مايهدم دينه وشرفه أتم من طريقه وأحسن؟! كلا والله! لاتجدون ذلك ابدا، وإن كل مؤمن بالله ورسولهليعلم أنه لاأحد أتم ولاأكمل هديا ولاأحسن طريقا من محمد صلى الله عليه وسلم، لكن الغفلة والتقليد الأعمى أوجبا أن نقع فيما وقعنا فيه،أيها الناس! إن هذه الألبسة القصيرة التي تلبسها بناتكم فتقرونهن عليها وربما ألبستموهن إياها أنتم ليست_والله!_ خيرا، بل هي شر لهن، تذهب الحياء عنهن، وتجلب إليهن الفتنة، وتوجب هجر اللباس الشرعي الساتر لباس الحشمة والحياء والسلف الصالح، إننا نشاهد بنات في الثامنة من العمر أو أكثر عليهن شلحة أو كرته تبلغ نصف الفخذ فقط وعليها سراويل لاأفخاذ له، إنك لترى القريب القريب من السوأة خصوصا إذا كانت الشَّلحة مقمَّطة من فوق، فإنها ترفع أطرافها من أسفل فيبين من العورة، ياإخواني! ماالفائدة من هذا اللباس للمجتمع؟ هل فيه تهذيب لأخلاقه أم تتميم لإيمانه وإصلاح لعمله أو تقدم ورقي لشأنه أو صحة لبدن لابسه؟!كلا! ولكن فيه المفاسد وزوال الحياء واعتياد هذا اللباس عند الكبر كما هو مشاهد، فإن هذا اللباس لم يقتصر شره على الصغار جدا من البنات، بل سرى إلى شابات في سن الزواج كما تراه أحيانا إذا كشفت الريح عباءتها ، أيها المسلمون!إن الواجب الديني والخلقي يحتم علينا القضاء على هذه الألبسة والتناهي عنها، وأن نحفظ نساءنا عن التبرج، وأن نكون قوامين عليهن كما جعلنا الله كذلك نقوم عليهن ونلزمهن بما يجب ونمنعهن مما يحرم)).

منقول من رسالة "العجب العجاب في أشكال الحجاب”