( أم عبد الرحمن )
09-03-2006, 07:54 AM
-----------------------------------------------------------
كيف نكون من الخاشعين حتى يرضى عنا
ويتقبل منا ربُ العالمين ؟
إذا أردت ذلك فعليك بمراعاة الآتى:
أولاً : إزالة المعوقات التي تحول بينك و بين تحصيل لذة المفاجأة وهى أمور يجب مراعاتها قبل الدخول في الصلاة.
ثانياً : هناك أمور تعينك على تحصيل الخشوع.
ثالثاً : هناك أمور تُفعل أثناء الصلاة.
أولاً: الأمور التي يجب مراعاتها قبل الدخول في الصلاة
كما مر معنا أن الشيطان يحاول جاهداً أن يقطع على الإنسان خشوعه ويفسد عليه صلاته. والشيطان لكي يحقق ذلك يسلك دروباً وطرقاً متعددة ليصل عن طريقها إلى قلب المصلى ليفسد عليه صلاته وتكون بلا حضور ولا خشوع.
1. تارة عن طريق العقل.
2. تارة عن طريق البطن.
3. تارة عن طريق الجوف.
4. تارة عن طريق البصر.
5. تارة عن طريق السمع.
6. تارة عن طريق الشم.
× فهيا لنغلق على الشيطان هذه الأبواب.
1. حضور العقل:
· لاشك أن العقل من أهم وأشرف الأعضاء في الجسد فهو مناط التكليف ولذلك نجد أن الإسلام رفع القلم عمن غاب عقلهم.
فقد أخرج ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ – يحتلم – وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق".
· والصلاة عبادة تحتاج إلى تعقل ولذلك رأينا في القران أن الله عز وجل ينهى عن قرب الصلاة في حال السكر – أيام كان شرب الخمر مباحاً - فقال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَتَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى** ذلك لأن السكران غير متعقل فهو لا يدرى ماذا يقول وماذا يفعل فالعلة هي
{حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ**
· فكأن الله تعالى يقول شرط الصلاة أن يعلم المصلى ما يقول، وسبب نزول هذه الآية كما ذكر الترمذي في أبواب التفسير أن على بن أبى طالب كرم الله وجهه قال وضع لنا عبد الرحمن ابن عوف طعاماً فدعانا وسقانا من الخمر – وذلك قبل التحريم – فأخذت الخمر منه وحضرت الصلاة فقد قرأت (قل يا أيها الكافرون لا أعبدُ ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون) فأنزل الله تعالى
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ**
· وكذلك يبين لنا النبى (صلى الله عليه وسلم) أهمية اليقظة العقلية وكيف أن الشيطان يستغل الفتور العقلي ويفسد علي المصلى صلاته ويجرى على لسانه ما لم يرده.
- فقد أخرج البخاري عن عائشة (رضي الله عنها)أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال:
" إذا نعس أحدكم وهو يصلى فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدرى لعله يستغفر فيسب نفسه ".
· فالنبي صلى الله عليه و سلم يحذر من الصلاة حال الكسل والنعاس لأنه يصيب العقل بفتور ويجعله باباً مفتوحاً للشيطان وسرعان ما يدخله ويجرى على المصلى ما لا يقصده وما لا يرضاه ويغيب العقل ويجعله يسرح في الصلاة فلا بد من حضور العقل لكي تتعقل وتفهم ما تقول.
النعاس: هو مشارفة النوم حيث يسمع الناعس الكلام ولا يفهم معناه.
· ونقل ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى عن ابن عباس ( رضى الله عنهما) قال:
" ليس من صلاتك ألا ما عقلت منها ".
· أخرج الترمذي وابن ماجه من حديث أبى هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
" إن الله تعالى يقول: يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسُد فقرك، وان لا تفعل ملأت يديك شغلاً ولم أَسِد فقرك ".
أي إذا كنت في صلاة لا تنشغل عنها بغيرها وهذا هو معنى من معاني تفرغ لعبادتي ، وكذلك إذا قرأت القران لا تنشغل عنه بغيره بل استحضر القلب عند القراءة وهكذا في كل عبادة تفعلها.
3.2. تعهد البطن والجوف :
أ- تعهد البطن :
· أخرج الإمام مسلم من حديث عائشة – رضى الله عنها - قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
" لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعهُ الأخبثان ".
فالنبي صلى الله عليه و سلم نهى عن الصلاة في حضور الطعام وذلك حتى لا تشغلهُ بطنهُ عن الصلاة ويستغل الشيطان ذلك فيذكرهُ بالطعام والجوع ويظل به هكذا حتى يفسد عليه الصلاة.
· ولكن يراعى قول الجمهور:
- أن تقديمه الطعام على الصلاة منوط بشرط وهو سعة الوقت فلو أن الوقت ضيق وخشى إذا أكل أن يخرج الوقت فإنه يقدم الصلاة على الطعام وذلك لأن إذا تعارضت مفسدتان أخذنا أخفهما وكون المصلى يصلى وهو جائع أخف من أن يخرج وقت الصلاة.
· ويؤكد هذا في وقت الخوف، والعقل مشغول بالعدو لم يبح لنا الإسلام إخراج الصلاة عن وقتها وإنما شرع لنا صلاة الخوف.
ب- تعهد الجوف:
·وكذلك نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الصلاة مع مدافعة الحدث - كما مر معنا في الحديث السابق لأن هذا يجعله في عدم استقرار وعدم تركيز واتزان فلابد أن يفرغ ما في جوفه بداية ثم يأتي إلى الصلاة مطمئناً.
1- أخرج ابن ماجه في سننه وهو في صحيح الجامع :
" نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يصلى الرجل وهو حاقن ".
(الحاقب: من حبس برازه – الحازق: من حبس ريحاً – الحاقن: من حبس بوله).
2- وأخرج أبو داود عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن الأرقم:
" أنه خرج حاجاً أو معتمراً ومعه الناس وهو يؤمهم فلما كان ذات يوم أقام الصلاة – صلاة الصبح – ثم قال ليتقدم أحدكم – وذهب إلى الخلاء - (ثم قال) فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول:
" إذا أراد أحدكم أن يذهب إلى الخلاء وقامت الصلاة فليبدأ بالخلاء ".
3- وصدق أبو الدرداء حيث قال "كما في فتح الباري(2/128) من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ (أي فارغ من شواغل الدنيا وما يمنعه من الخشوع في الصلاة).
4. تعهد البصر:
فللبصر تأثير بالغ وكبير على العقل والقلب فما أن يقع البصر على شيء حتى تنتقل الصور إلى العقل والقلب متحولة إلى أفكار تسيطر على عقل المصلى وتشغله في الصلاة، وقد سُأل النبي صلى الله عليه و سلم كما جاء في صحيح البخاري عن الألتفات في الصلاة فقال:
" هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ".
ولذلك كان توجيه النبي لأنس كما في سنن البيهقى :
" يا أنس اجعل بصرك حيث تسجد ".
· وفي هذه إشارة واضحة إلى أن الخشوع يتأكد بعدم تشتيت البصر ولذلك راعى النبي صلى الله عليه و سلم كل ما يشغلك ويشتت النظر من ملبس أو المكان المعد الصلاة.
· أما بالنسبة للملبس:
- فقد اخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها:
" أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى في خميصه بها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة فلما انصرف قال: أذهب بخميصتي(1) هذه إلى أبى جهم
وائتوني بأنبجاتية(2) أبى جهم فإنها ألهتني آنفا في صلاتي ".
فإذا كان الثوب شغله في الصلاة ونزعه خشية على خشوعه فنحن من باب أولى.
__________________________
(1) الخميصة : كساء مربع له علمان. وهو غإلى الثمن يأتى من الشام وسمى خميصة لخفته وصفرة إلى طول.
(2) أنبجاتية : كساء غليظ لا علم له معروف عند العرب.
· أما بالنسبة لموضوع الصلاة:
1- فقد أخرج البخاري عن أنس رضى الله عنه قال:
" كان قرام(3) لعائشة سترت به جانب بيتها فقال النبى صلى الله عليه و سلم أميطي(4) عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض(5) في صلاتي ".
__________________________________________________ _______
(3) القرام: ستر رقيق من صوف ذو ألوان وقيل فيه رقم ونقش.
(4) أميطى: أزيلى
(5) تعرض: تلوح
2- وأخرج الإمام مسلم عن القاسم عن عائشة (رضي الله عنها) أنها كان لها ثوب فيه تصاوير ممدود إلى سهوه ، فكان النبي صلى الله عليه و سلم يصلى إليه فقال:
" أخريه عنى فإن تصاويره تعرض لي في صلاتى " فأخرته فجعلته وسائد.
ويدل على ذلك أيضا ما أخرجه أبو داود وهو في صحيح الجامع :
" أن النبي صلى الله عليه و سلم لما دخل الكعبة ليصلى فيها رأى قرني كبش فلما صلى قال لعثمان الحجبي: إني نسيت أن آمرك أن تخمر القرنين فإنه ليس ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلى" .
· وهنا ينبغي أن ننتبه إلى زخرفة المساجد والتي أصبحت سمه من سمات هذا العصر وزخرفة المساجد ليست من هدى سيد المرسلين بل فيها متابعة لأحفاد القردة والخنازير.
- فقد أخرج البخاري عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال:
" لتُزخْرِفُنَها كما زخرفت اليهود والنصارى".
·بل عد النبي صلى الله عليه و سلم زخرفه المساجد علامة من علامات الساعة:
- فقد أخرج أبو داود عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم :
" لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد "
فلابد من الرجوع إلى خير القرون وانظر إلى قول عمر عندما أمر ببناء المسجد قال: اُكِنَّ الناس من المطر وإياك أن تُحّمر أو تُصفر فتفتن الناس.
5. تعهد حاسة السمع
· فلاشك أن السمع طريقه موصل ومباشر للعقل فكل ما يشوش على سمع المصلى فهو يشوش على عقله وبالتالي يؤثر في خشوعه.
- فقد أخرج أبو داود عن أبى سعيد الخدري قال:
" اعتكف رسول الله صلى الله عليه و سلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة ".
فإن رفع الصوت يجذب سمع المصلى ويخرجه عما يقول في صلاته.
· ولذلك نهى النبي صلى الله عليه و سلم أن تصلى خلف من يتحدث أو خلف من هو نائم.
-فقد أخرج أبو داود وهو في صحيح الجامع أن النبيصلى الله عليه وسلم قال :
" لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث. لأن المتحدث يلهى بحديثه، والنائم قد يبدو منه ما يلهى ".
· قال الخطابي:
- أما الصلاة إلى المتحدثين فقد كرهها الشافعي وأحمد بن حنبل وذلك من أجل أن كلامهم يُشغل المصلى عن صلاته.
-أما أدله النهى عن الصلاة خلف النائم فقد ضعفها عدد من أهل العلم ومنهم (أبو داود في سننه، وابن حجر في فتح الباري ..). وقال البخاري باب الصلاة خلف النائم وساق حديث عائشة:
"كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلى وأنا راقدة معترضة على فراشه"
وكره مالك وطاووس ومجاهد الصلاة إلى النائم خشيه أن يبدو منه ما يلهى المصلى عن صلاته.
فإذا أُمن ذلك فلا تكره الصلاة خلف النائم.
6. تعهد حاسة الشم:
وكذلك حاسة الشم من الحواس التي لها تأثير بالغ على عقل وقلب الإنسان، فالرائحة الطيبة تسكن النفس وتهدى الأعصاب، والرائحة الكريهة تهيج الأعصاب ويتمنى الإنسان أن لو بَعُدت عنه أو بَعُد عنها، ولذلك حرص النبى صلى الله عليه و سلم على ألا يعكر صفو المصلى وذلك بشم رائحة كريهة مثل
"البصل أو الثوم أو الكراث".
-فقد أخرج البخاري مسلم عن أنس رضى الله عنه
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
"من أكل من هذه الشجرة – يعنى الثوم- فلا يقربنا ولا يصلى معنا".
- وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا ولا يؤذينا بريح الثوم".
وذلك مراعاة لحال المصلين حتى لا يتأذوا من هذه الرائحة وينقطع عليهم الخشوع، ومراعاة كذلك لحال الملائكة فقد خرج أخرج الإمام مسلم من حديث جابر قال:
"نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أكل البصل والكرات فغلتنا الحاجة فأكلنا منها فقال: من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس".
· ويلحق بالثوم والبصل الدخان، والجورب ذو الرائحة الكريهة، وملابس أصحاب المهن والأعمال الشاقة التي تنبعث منها رائحة العرق النافذة
أو تكون متسخة مثل الملابس المشحمة.
من كتاب كيف نصلى ونخشع
منقول
كيف نكون من الخاشعين حتى يرضى عنا
ويتقبل منا ربُ العالمين ؟
إذا أردت ذلك فعليك بمراعاة الآتى:
أولاً : إزالة المعوقات التي تحول بينك و بين تحصيل لذة المفاجأة وهى أمور يجب مراعاتها قبل الدخول في الصلاة.
ثانياً : هناك أمور تعينك على تحصيل الخشوع.
ثالثاً : هناك أمور تُفعل أثناء الصلاة.
أولاً: الأمور التي يجب مراعاتها قبل الدخول في الصلاة
كما مر معنا أن الشيطان يحاول جاهداً أن يقطع على الإنسان خشوعه ويفسد عليه صلاته. والشيطان لكي يحقق ذلك يسلك دروباً وطرقاً متعددة ليصل عن طريقها إلى قلب المصلى ليفسد عليه صلاته وتكون بلا حضور ولا خشوع.
1. تارة عن طريق العقل.
2. تارة عن طريق البطن.
3. تارة عن طريق الجوف.
4. تارة عن طريق البصر.
5. تارة عن طريق السمع.
6. تارة عن طريق الشم.
× فهيا لنغلق على الشيطان هذه الأبواب.
1. حضور العقل:
· لاشك أن العقل من أهم وأشرف الأعضاء في الجسد فهو مناط التكليف ولذلك نجد أن الإسلام رفع القلم عمن غاب عقلهم.
فقد أخرج ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ – يحتلم – وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق".
· والصلاة عبادة تحتاج إلى تعقل ولذلك رأينا في القران أن الله عز وجل ينهى عن قرب الصلاة في حال السكر – أيام كان شرب الخمر مباحاً - فقال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَتَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى** ذلك لأن السكران غير متعقل فهو لا يدرى ماذا يقول وماذا يفعل فالعلة هي
{حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ**
· فكأن الله تعالى يقول شرط الصلاة أن يعلم المصلى ما يقول، وسبب نزول هذه الآية كما ذكر الترمذي في أبواب التفسير أن على بن أبى طالب كرم الله وجهه قال وضع لنا عبد الرحمن ابن عوف طعاماً فدعانا وسقانا من الخمر – وذلك قبل التحريم – فأخذت الخمر منه وحضرت الصلاة فقد قرأت (قل يا أيها الكافرون لا أعبدُ ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون) فأنزل الله تعالى
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ**
· وكذلك يبين لنا النبى (صلى الله عليه وسلم) أهمية اليقظة العقلية وكيف أن الشيطان يستغل الفتور العقلي ويفسد علي المصلى صلاته ويجرى على لسانه ما لم يرده.
- فقد أخرج البخاري عن عائشة (رضي الله عنها)أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال:
" إذا نعس أحدكم وهو يصلى فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدرى لعله يستغفر فيسب نفسه ".
· فالنبي صلى الله عليه و سلم يحذر من الصلاة حال الكسل والنعاس لأنه يصيب العقل بفتور ويجعله باباً مفتوحاً للشيطان وسرعان ما يدخله ويجرى على المصلى ما لا يقصده وما لا يرضاه ويغيب العقل ويجعله يسرح في الصلاة فلا بد من حضور العقل لكي تتعقل وتفهم ما تقول.
النعاس: هو مشارفة النوم حيث يسمع الناعس الكلام ولا يفهم معناه.
· ونقل ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى عن ابن عباس ( رضى الله عنهما) قال:
" ليس من صلاتك ألا ما عقلت منها ".
· أخرج الترمذي وابن ماجه من حديث أبى هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
" إن الله تعالى يقول: يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسُد فقرك، وان لا تفعل ملأت يديك شغلاً ولم أَسِد فقرك ".
أي إذا كنت في صلاة لا تنشغل عنها بغيرها وهذا هو معنى من معاني تفرغ لعبادتي ، وكذلك إذا قرأت القران لا تنشغل عنه بغيره بل استحضر القلب عند القراءة وهكذا في كل عبادة تفعلها.
3.2. تعهد البطن والجوف :
أ- تعهد البطن :
· أخرج الإمام مسلم من حديث عائشة – رضى الله عنها - قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
" لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعهُ الأخبثان ".
فالنبي صلى الله عليه و سلم نهى عن الصلاة في حضور الطعام وذلك حتى لا تشغلهُ بطنهُ عن الصلاة ويستغل الشيطان ذلك فيذكرهُ بالطعام والجوع ويظل به هكذا حتى يفسد عليه الصلاة.
· ولكن يراعى قول الجمهور:
- أن تقديمه الطعام على الصلاة منوط بشرط وهو سعة الوقت فلو أن الوقت ضيق وخشى إذا أكل أن يخرج الوقت فإنه يقدم الصلاة على الطعام وذلك لأن إذا تعارضت مفسدتان أخذنا أخفهما وكون المصلى يصلى وهو جائع أخف من أن يخرج وقت الصلاة.
· ويؤكد هذا في وقت الخوف، والعقل مشغول بالعدو لم يبح لنا الإسلام إخراج الصلاة عن وقتها وإنما شرع لنا صلاة الخوف.
ب- تعهد الجوف:
·وكذلك نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الصلاة مع مدافعة الحدث - كما مر معنا في الحديث السابق لأن هذا يجعله في عدم استقرار وعدم تركيز واتزان فلابد أن يفرغ ما في جوفه بداية ثم يأتي إلى الصلاة مطمئناً.
1- أخرج ابن ماجه في سننه وهو في صحيح الجامع :
" نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يصلى الرجل وهو حاقن ".
(الحاقب: من حبس برازه – الحازق: من حبس ريحاً – الحاقن: من حبس بوله).
2- وأخرج أبو داود عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن الأرقم:
" أنه خرج حاجاً أو معتمراً ومعه الناس وهو يؤمهم فلما كان ذات يوم أقام الصلاة – صلاة الصبح – ثم قال ليتقدم أحدكم – وذهب إلى الخلاء - (ثم قال) فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول:
" إذا أراد أحدكم أن يذهب إلى الخلاء وقامت الصلاة فليبدأ بالخلاء ".
3- وصدق أبو الدرداء حيث قال "كما في فتح الباري(2/128) من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ (أي فارغ من شواغل الدنيا وما يمنعه من الخشوع في الصلاة).
4. تعهد البصر:
فللبصر تأثير بالغ وكبير على العقل والقلب فما أن يقع البصر على شيء حتى تنتقل الصور إلى العقل والقلب متحولة إلى أفكار تسيطر على عقل المصلى وتشغله في الصلاة، وقد سُأل النبي صلى الله عليه و سلم كما جاء في صحيح البخاري عن الألتفات في الصلاة فقال:
" هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ".
ولذلك كان توجيه النبي لأنس كما في سنن البيهقى :
" يا أنس اجعل بصرك حيث تسجد ".
· وفي هذه إشارة واضحة إلى أن الخشوع يتأكد بعدم تشتيت البصر ولذلك راعى النبي صلى الله عليه و سلم كل ما يشغلك ويشتت النظر من ملبس أو المكان المعد الصلاة.
· أما بالنسبة للملبس:
- فقد اخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها:
" أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى في خميصه بها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة فلما انصرف قال: أذهب بخميصتي(1) هذه إلى أبى جهم
وائتوني بأنبجاتية(2) أبى جهم فإنها ألهتني آنفا في صلاتي ".
فإذا كان الثوب شغله في الصلاة ونزعه خشية على خشوعه فنحن من باب أولى.
__________________________
(1) الخميصة : كساء مربع له علمان. وهو غإلى الثمن يأتى من الشام وسمى خميصة لخفته وصفرة إلى طول.
(2) أنبجاتية : كساء غليظ لا علم له معروف عند العرب.
· أما بالنسبة لموضوع الصلاة:
1- فقد أخرج البخاري عن أنس رضى الله عنه قال:
" كان قرام(3) لعائشة سترت به جانب بيتها فقال النبى صلى الله عليه و سلم أميطي(4) عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض(5) في صلاتي ".
__________________________________________________ _______
(3) القرام: ستر رقيق من صوف ذو ألوان وقيل فيه رقم ونقش.
(4) أميطى: أزيلى
(5) تعرض: تلوح
2- وأخرج الإمام مسلم عن القاسم عن عائشة (رضي الله عنها) أنها كان لها ثوب فيه تصاوير ممدود إلى سهوه ، فكان النبي صلى الله عليه و سلم يصلى إليه فقال:
" أخريه عنى فإن تصاويره تعرض لي في صلاتى " فأخرته فجعلته وسائد.
ويدل على ذلك أيضا ما أخرجه أبو داود وهو في صحيح الجامع :
" أن النبي صلى الله عليه و سلم لما دخل الكعبة ليصلى فيها رأى قرني كبش فلما صلى قال لعثمان الحجبي: إني نسيت أن آمرك أن تخمر القرنين فإنه ليس ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلى" .
· وهنا ينبغي أن ننتبه إلى زخرفة المساجد والتي أصبحت سمه من سمات هذا العصر وزخرفة المساجد ليست من هدى سيد المرسلين بل فيها متابعة لأحفاد القردة والخنازير.
- فقد أخرج البخاري عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال:
" لتُزخْرِفُنَها كما زخرفت اليهود والنصارى".
·بل عد النبي صلى الله عليه و سلم زخرفه المساجد علامة من علامات الساعة:
- فقد أخرج أبو داود عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم :
" لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد "
فلابد من الرجوع إلى خير القرون وانظر إلى قول عمر عندما أمر ببناء المسجد قال: اُكِنَّ الناس من المطر وإياك أن تُحّمر أو تُصفر فتفتن الناس.
5. تعهد حاسة السمع
· فلاشك أن السمع طريقه موصل ومباشر للعقل فكل ما يشوش على سمع المصلى فهو يشوش على عقله وبالتالي يؤثر في خشوعه.
- فقد أخرج أبو داود عن أبى سعيد الخدري قال:
" اعتكف رسول الله صلى الله عليه و سلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة ".
فإن رفع الصوت يجذب سمع المصلى ويخرجه عما يقول في صلاته.
· ولذلك نهى النبي صلى الله عليه و سلم أن تصلى خلف من يتحدث أو خلف من هو نائم.
-فقد أخرج أبو داود وهو في صحيح الجامع أن النبيصلى الله عليه وسلم قال :
" لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث. لأن المتحدث يلهى بحديثه، والنائم قد يبدو منه ما يلهى ".
· قال الخطابي:
- أما الصلاة إلى المتحدثين فقد كرهها الشافعي وأحمد بن حنبل وذلك من أجل أن كلامهم يُشغل المصلى عن صلاته.
-أما أدله النهى عن الصلاة خلف النائم فقد ضعفها عدد من أهل العلم ومنهم (أبو داود في سننه، وابن حجر في فتح الباري ..). وقال البخاري باب الصلاة خلف النائم وساق حديث عائشة:
"كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلى وأنا راقدة معترضة على فراشه"
وكره مالك وطاووس ومجاهد الصلاة إلى النائم خشيه أن يبدو منه ما يلهى المصلى عن صلاته.
فإذا أُمن ذلك فلا تكره الصلاة خلف النائم.
6. تعهد حاسة الشم:
وكذلك حاسة الشم من الحواس التي لها تأثير بالغ على عقل وقلب الإنسان، فالرائحة الطيبة تسكن النفس وتهدى الأعصاب، والرائحة الكريهة تهيج الأعصاب ويتمنى الإنسان أن لو بَعُدت عنه أو بَعُد عنها، ولذلك حرص النبى صلى الله عليه و سلم على ألا يعكر صفو المصلى وذلك بشم رائحة كريهة مثل
"البصل أو الثوم أو الكراث".
-فقد أخرج البخاري مسلم عن أنس رضى الله عنه
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
"من أكل من هذه الشجرة – يعنى الثوم- فلا يقربنا ولا يصلى معنا".
- وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا ولا يؤذينا بريح الثوم".
وذلك مراعاة لحال المصلين حتى لا يتأذوا من هذه الرائحة وينقطع عليهم الخشوع، ومراعاة كذلك لحال الملائكة فقد خرج أخرج الإمام مسلم من حديث جابر قال:
"نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أكل البصل والكرات فغلتنا الحاجة فأكلنا منها فقال: من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس".
· ويلحق بالثوم والبصل الدخان، والجورب ذو الرائحة الكريهة، وملابس أصحاب المهن والأعمال الشاقة التي تنبعث منها رائحة العرق النافذة
أو تكون متسخة مثل الملابس المشحمة.
من كتاب كيف نصلى ونخشع
منقول