المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دروس المساجد واثرها في التربية والتعليم


رشيد العزاوي
23-05-2010, 01:25 PM
http://www.alukah.net/Social/0/22022/

لا يَخفى على أحد ما للدروس في بيوت الله مِن أثَرٍ بالِغ على المستَمِعين، خاصةً إذا أَحْسَن الداعي أو إمام المسجد إلقاءَها، وقام بإعدادها إعدادًا جيدًا، وخرجَت مِن قلبه لا مِن لسانه فحسب، فإنه سيجد لها أثرًا طيبًا في نفسه، وعلى مَن يدعوهم، وستتعمق الصلة بينه وبينهم.

وقد حملني على كتابة ذلك البحث البسيط ما يلي:
1- إهمال كثير من الأئمة فقهَ الدعوة في إلقاء الدروس، فتراه في وادٍ، والناس في واد آخر.
2- اتخاذ بعض الأئمة وظيفةَ الدعوة - وهي في الأصل وظيفةُ الأنبياء والرسل - مِهنةً يتكَسَّب منها، لا دعوةً، فتراهم لا يحسنون دعوة الناس، أو كسْب وُدِّهم.
3- ما رأيته مِن حضور الكم مِن المصلين، وهم ما بين أمرين: إما أن لا يسمعوا درسًا أو موعظةً من إمامهم، أو يسمعوا ولكن دون أن يفقهوا منه شيئا؛ لأنه لا يخاطب عقولهم ويمس بخطابه مشاعرهم وهمومهم.

ولهذا؛ سنبحث هنا ما يلي: معنى الدرسِ، وأنواعَه، وما ينبغي على الداعي أو الإمام مِن شروط في دروسه ومواعظه؛ كي تؤتِيَ الدروسُ ثمارها، وأصنافَ مَن يدعوهم ويعظهم، وبالله التوفيق.

معنى الدرس: يعد الدرس نوعًا من أنواع القول والدعوة، ويختلف الدرس عن الخطابة والمحاضرة؛ من ناحية الموضوع والأسلوب، فهو يختلف مثلاً عن أسلوب وفن الخطابة؛ من ناحية أن الدرس يحضره عدد قليل من المصلين للاستماع إلى ما يلقيه عليهم إمام المسجد، بخلاف جمهور الخطبة فهم خليط من الناس قد لا يعرفهم الخطيب، ولا يحتاج الإمام في الدرس إلى رفع الصوت مثلاً، ومن ناحية الموضوع لا يشترط له ما يشترط للخطبة من مقدمة - براعة استهلال - وخطبتين يفصل بينهما جلسة، وخاتمةٍ ونحو ذلك؛ ولهذا الأفضل بالنسبة للدرس أن يكون مؤسَّسًا على ما يلي:
1- تفسير لآية من كتاب الله: وهو أفضل ما تُحلَّى به الدروس، وهو أن يتناول الإمام تفسير كلام الله، فما أجمل في مكان فسَّره بآية أخرى، وما أطلق في آية قيدتْه الآية الأخرى، مثاله قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر : 53] مقيدٌ بعَدَمِ الشرك بالله، وهو قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ﴾ [النساء : 48].

ومن ذلك ضرب الأمثال من كتاب الله، مثل تشبيه الشرك بالله ببيت العنكبوت، وأنه قائم على أساسٍ هشٍّ بقوله - تعالى -: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ﴾ [العنكبوت : 41].

ومثاله أيضًا الترغيب في العمل الصالح، وما يترتب عليه من رِضا الله، ودخول الجنان؛ قال - تعالى -: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ﴾ [الزمر : 73] وما يُجازِي الله عباده على العمل الصالح من انشراح الصدور، وقرة العيون وراحة النفس وسعادتها؛ قال - تعالى -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل : 97]، والترهيب من الشر وآثاره، وما أعده الله للمعاندين والعصاة من خزي وعذاب.

والمقصود أن كتاب الله غني بالدروس والعبر والعظات، والمواعظ الحسنة، والآداب السامية، ولكن ينبغي على إمام المسجد أن يُحسن تلاوة الآيات وفق أحكام التجويد وقواعده؛ حتى يكون وَقْعُها قويًّا في النفوس، وأن تكون له معرفةٌ جيدة بتفسير الكلمات والآيات، حتى لا يقع في الخطأ ويفسر كلام الله بما لا يوافق مراده، ويمكنه الاستعانة ببعض التفاسير المعتمدة.

2- الحديث النبوي: وكذا يُقال في تفسير الحديث ودروسه ما قيل في كلام الله سبحانه، فعلى الإمام أن يحسن تلاوة الحديث وألفاظه، وأن تكُون له معرفة بتفسيره.

ومِن الأفضل أن يتناول موضوعًا معينًا، ويأتي من الأحاديث ما يَصُبُّ في بيانه وتوضيحه، ومثاله النية وأهميتها، ودورها في تصحيح العمل أو بطلانه، أو ضرب المثل.

أو يأتي بقصة من القصص النبوي المرغِّبة في العمل الصالح مثاله قصة الذين دخلوا الغار، ويبين فيه للمستمعين فضل الدعاء عند الكرب ونحو ذلك.

3- أن يتناول مسألةً فقهيةً: بشيء من الإسهاب والتفصيل مما له علاقة بأحوال الناس، مثل فرائض الوضوء، وشروط الصلاة وأركانها، ومسائل الصوم، وأركان الحج وغيرها، وبما يناسب الحال والمقال، ونحو ذلك.

شريطةَ أن لا يدخل في خلاف الفقهاء؛ لأنه بذلك يشتِّت أذهان المستمعين فيخرجوا من الدرس دون أن ينتفعوا شيئًا من إمامهم؛ ولهذا "يُستحسن أن يبيِّن الحكم الفقهي الراجح إن كان من ذوي القدرة على تمييز الأقوال الفقهية الراجحة من المرجوحة"[1] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftn1)، ولا بأس من أن يفتح باب السؤال؛ شرط أن يكون متمكِّنًا من الجواب؛ لئلاَّ يُحرج ويَحَار عن الجواب.

4- لا بأس بالتعرض لمواضيعَ تخصُّ العصر، ولكن دون تشعُّبٍ؛ لأنَّ الإحاطة والاستقصاء في الموضوع يصلح للمحاضرات، ومن مواضيع العصر التحذير مما يخالف الإسلام من المذاهب والأفكار ليحذَرها المسلم ويبتعد عنها.

ما ينبغي لإمام المسجد أن يتبعه في دروسه:
إذا أراد إمام المسجد أن يكون ناجحًا في دروسه، موفَّقًا في مواعظه فعليه:
1- أن يكون كلامه واضحًا تمام الوضوح؛ لأن الغاية من الدرس ليس هو إظهارَ قدرته على الكلام، وإنما القصدُ إفهامُ المستمع بما هو مطلوب منه.

ومِن تمام الوضوح أن لا يُسرع كلامه، بل عليه التأنِّي والتمهُّل، وقد كان مِن هَدْي الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في مواعظه أنه إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تُفهَم[2] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftn2).

2- أن يستعمل من الشواهد القرآنية أو الحديثة ما يُناسب الموضوع، وأن يأخذ منها ما يحتاجه بالقدر المطلوب؛ لئلا يحتاج إلى التكرار، ويكون مَثَلُه مَثَلَ المقاتِلِ يأخذ مِن سهامه ما يصيب به العدو، فإذا استعمل جميع السهام ربما وقف ينتظر هجوم العدو عليه.

3- أن يتهيأ فيعد الدرس إعدادًا جيدًا، ولا يعتمد على ذاكرته إلا إذا كان متمرِّسًا قويًّا، وأن يلبس أحسن ما يجد، ويجلس في مصلاه، أو يقف كي ينظر إليه الجميع، وقد ذكر عن الإمام الهُمَام مالك - رحمه الله - أنه كان يهتم جدًّا بهندامه؛ تعظيمًا لحديث الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم[3] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftn3).

4- مِن الأفضل أن يكون الدرس ارتجاليًّا لا من كتاب، وأن تكون مادتُه جاهزةً في ذاكرته؛ لأن وَقْعَ ذلك سيكون جيدًا في المستمعين.

5- عدم إطالة الدرس؛ لأنها تورث الملل والنفور، وقد جاء في الحديث: أن طول صلاة الرجل وقِصَر خطبته مَئِنَّةٌ مِن فقهِه..[4] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftn4) ، وهو وإن كان في موضوع الخطبة إلا أن كلام الرسول عامٌّ في غيره.

6- التلطُّف في الدرس مع الناس والرِّفق بهم، وأن لا تكون عنده روح الاستعلاء والتكبر، وأنه هو الوحيد المبرَّأ من العيوب، أما مَن يخاطبهم فهم المقصودون مِن آيات وأحاديث الوعيد، وهو من شأنه أن يعزل الإمام عن محيطه؛ فينفر الناس مِن الاستماع إلى كلامه، بل وربما هجروا المساجد بسبب أفعاله وتصرفاته.

7- أن يبادر إلى التطبيق والعمل بما يقول، فإن كان يحذرهم من عدم دفع الزكاة وهو يكتنِز المال، أو ينهاهم عن السؤال وهو يمد يده إليهم، أو ينهى عن الغِيبة وهو يجلس في مجالس اللَّغو والنميمة - فلن يجد له آذانًا مُصْغِيَةً له، بل ربما سيحتقرونه، ويكون صغيرًا في عيونهم.

8- البعد في الدرس عن مصطلحات العلماء في الأصول وغيرها؛ لأنَّ موضعها المحاضرة لا الدرس، والبعض منهم يتعمَّد استعمالها ليُريَ الناس قدرته على الكلام.

9- رفع الصوت مكانه الخطبة لا الدرس؛ ولذا مِن الخطأ أن يرفع الإمامُ صوتَه كأنه مُنذِرٌ بقدوم جيش وهو يخاطب عددًا من المصلِّين.

أصناف المستمعين:
يَحضر المساجدَ أصنافٌ من المدعوين، بعضهم مِن رُوَّاد المسجد وممن تربطهم علاقةٌ طيبةٌ بإمام المسجد، وهم أصناف؛ فمِنهم المثقف ومَن لديه معلومات عن أمور الدين والإسلام، والبعض الآخر من الأعراب ممن لا يفقه عن الإسلام إلا بعض أحكامه، والبعض الآخر من الحاضرين هم من العصاة ممن هداه الله إلى الإسلام، وشرح قلبه للإيمان.

ولهذا؛ على الإمام واجب ومسؤولية تُجَاه مَن يخاطبهم، وينبغي أن يتميز خطابه بما يلي:
1- الشفقة والرحمة والتلطف في الكلام، وأنه يمد يده ليحررهم من ظلم المعاصي والذنوب إلى نور الإيمان والهدى؛ ولهذا فلا ينبغي للإمام أن يحقِّر مِن المدعوِّ مهما كان شأنه؛ لأن الله يَقبل توبة العباد، بل عليه أن يكون رحيمًا بهم كرحمة الأب على ابنه، وأن يكون طبيبًا حاذِقًا يعرف كيف يصف الدواء للمرض دون أن يشعر به المريض.

2- أن يتميز خطابُه بين الترغيب في الخير ودواعيه، والترهيب من الشر وآثاره، وربما احتاج إلى التذكير بطيب الأصل، وما عليه المدعوُّ من صفات طيبة وأخلاق سامية، توجب عليه التمسك بالإسلام والدين أكثر من غيره، ولكنْ دُون مجاملة أو إخفاء لبعض معاني الحق والدين.

3- أن يوطِّد علاقاته مع الجميع دون استثناء، ودون اعتبارات مادية أو نحوها، ومن خلال السؤال عنهم، وربما زيارتهم وتفقد أحوالهم، وإلقاء دروس سريعة - مواعظ - خلال زيارته لهم.

المؤلفات في دروس المساجد:
انتشرت - ولله الحمد والمنة - كتب دروس المساجد لعدد من العلماء، ومن فوائد هذه الكتب أنها تعلِّم الإمام الطريقة الصحية في إلقاء الدرس؛ كي ينسج على منوالها، ويتبع أسلوبها وهي تنفع المبتدئ.

ولذا؛ فعلى الإمام أن يستقِلَّ بعدها، ويؤلف دروسًا تناسب حال مَن يخاطبهم ويعلِّمهم، ومِن أنفع الكتب ما يلي:
أولاً: كتاب المسجد وبيت المسلم[5] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftn5) - الشيخ أبو بكر الجزائري - وقد كَتب له مقدمةً جديرةً بالتدبُّر والعناية، وقد قَسم الشيخ دروسه حسب التاريخ الهجري، فبدأ بالشهر المحرم الحرام، وانتهى بشهر ذي الحجة، ووضَع لكل شهر دروسًا عدةً تناسب ما يدور في الشهر من أحداث ومناسبات، وكان منهجه يدور على:
1- شرح لآية من كتاب الله، أو حديثٍ نبوي، أو مسألة فقهية تحتاج لبسط وشرح موجز.
2- بيان ما تحتويه الآية أو الحديث من فوائد وإرشادات يمكن للإمام أن يلقيها على المستمعين وينفعهم بها.
3- تترواح مدة الدرس ما بين خمس إلى ثماني دقائق، وهي مدة مناسبة جدًّا للدرس.
4- أكد الشيخ في معظم دروسه على معاني الإسلام، والعقيدة السليمة، والتحذير من الخرافات والبدع؛ يقينًا منه أن أعظم ما يحتاجه المسلمون اليوم هو صفاء العقيدة ونقاوتها؛ لينهض المسلمون وتعلُوَ كلمتهم، وتتحد جهودهم.

ثانيا: كتاب دروس المساجد[6] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftn6) من تأليف الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بدولة الإمارات العربية المتحدة، وقد اتسم الكتاب بما يلي:
1- وضوح العبارة وسهولتها، وبما يناسب العامة والخاصة من الناس.
2- التنويع في الدرس ليشمل أمور الحياة، ففيها قبَسٌ من العقائد والأخلاق، والأحكام الشرعية، والآداب السامية والمناسبات الدينية.
3- تتكون من مواضيع هادفة غير مملة طويلة، ولا مُخِلَّة قصيرة.
4- اختيار براعة استهلال لكل درس يناسب المقام، ويشير للموضوع.
5- الاقتصار على الأحاديث الصحيحة، وعَزْوُها للمصدر، مع إيضاح للكلمات المبهمة، وتعريف للمصطلحات التي تحتاج إلى تعريف، وضبط للكلمات؛ ليكون الإمام على بيِّنة ودراية مما يلقيه.
6- وضع فهرس شامل للمواضيع مرتبةً على الشهور والأسابيع والمناسبات، عدا شهر رمضان؛ فله كتاب مستقلٌّ.
هذا على أن هناك كتبًا عديدة، اكتفينا بهذين الكتابين، وبالله التوفيق.

نماذج من الدروس:
والقصد من عرض هذا النموذج والمثال: أن يتمكَّن الإمام مِن أن ينسج على منوالها، لا أن يتقيد بها.

النية ومكانتها:
الحمد لله الذي جعل الأعمال بالنيات، وضاعَف بها أجور المسلمين والمسلمات، والصلاةُ والسلام على سيدنا محمد خير البريات، وعلى آله وصحبه أُولي الفضائل والمكرمات.

أما بعد:
قال الله - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران : 29]، وقال - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق : 16]، وقال الله: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 18 - 19].

وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نَوى، فمن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يُصِيبها أو امرأةٍ يَنكحها، فهجرته إلى ما هَاجر إليه)).

عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من أَتى إلى فراشه وهو يَنوي أن يقوم يصلي مِن الليل، فغلَبَتْه عيناه حتى أصبح، كُتِب له ما نَوى، وكان نومُه صدقةً عليه مِن ربِّه - عزَّ وجلَّ))[7] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftn7).

المعنى الإجمالي:
النية معناها: القصْدُ؛ أيْ: مطلق القصد والتوجه، فإن الإنسان يوجِّه قلبه إلى ما يحب ويريد، فمِن الناس مَن يريد الله والرسول والدار الآخرة، ومنهم مَن يريد الدنيا وزينتَها؛ مِن أجل ذلك كانت للنية الصالحة مكانةٌ عظيمة في قَبول عمل الإنسان، فمَن نوى خيرًا كان خيرًا له، ومَن نوى شرًّا فهو عليه، ولا يكون العمل مقبولاً إلا بنية صالحة.

والله يُجازِي المسلم بنيته وإن لم يفعل شيئًا إذا كان حريصًا على الفعل، ومنَعَه العذر، كمن نوى قيام الليل فغلبه النوم، فإنه يُؤْجَر على نيته، ويكتب له ما نواه، والناس يُبعثون على نياتهم، فعلى المسلم أن يحرص على صلاح نيته، فإن فيها نجاتَه حين يَلقى ربَّه يوم القيامة.

الفوائد:
1- للنية مكانة عظيمة في الإسلام.
2- قد لا يفعل الإنسان عملاً، ولكن يجازَى الثواب العظيم بنيته.
3- الناس يُبعثون على نياتهم.
4- أهميةُ النية الصالحة لا تَعني ترْكَ العمل مع القدرة عليه.

وصلى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــ
[1] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftnref1) أصول الدعوة للدكتور عبدالكريم زيدان ص459، طبع ببغداد عام 1976 الطبعة الثالثة.

[2] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftnref2) لفظ الحديث (كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا، حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم، سلم عليهم ثلاثا) رواه انس بن مالك وهو في صحيح البخاري.

[3] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftnref3) قال أبو مصعب: سمعت مالكا يقول: (ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك، وكان إذا أراد أن يحدث تنظف وتطيب وسرح لحيته ولبس أحسن ثيابه، وكان يلبس حسنا).

[4] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftnref4) في الحديث (خطبنا عمار. فأوجز وأبلغ. فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان! لقد أبلغت وأوجزت. فلو كنت تنفست! فقال: إني سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: " إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مئنة من فقهه. فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة. وإن من البيان سحرا)، وهو في صحيح مسلم.

[5] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftnref5) الكتاب نشر بمكتبة لينة، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1412 - 1992.

[6] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftnref6) الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، الطبعة الأولى 1429-2008، وقد قامت الهيئة بتوزيعه على أئمة المساجد بغية أن يستفيدوا منه وينفعوا به، فجزاهم الله خير الجزاء.

[7] (http://www.alukah.net/Social/0/22022/#_ftnref7) رواه النسائي (1787) وابن ماجه (1344)، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " (601).

الطاهرة المقدامة
23-05-2010, 01:31 PM
بارك الله فيك وجزاك الله كل خير.

البلسم*
23-05-2010, 09:36 PM
بارك الله فيكم... أفكار و فوائد جمة ....وفقكم المولى لكل خير...

رشيد العزاوي
25-05-2010, 02:17 AM
جزاكم الله كل الخير ونفع بكم وجعل منتداكم مفتاحا للخير مغلاقا للشر وساقوم باذن الله بانزال بحوثي ومقالاتي - اذا سمحتم - في منتدى الرقية رجاء ان ينتفع منها وينفعني الله بها .

العنزي
25-05-2010, 08:56 AM
بارك الله بك اخي
رشيد العزاوي

واثابك ربي الفردوس الاعلى

أسامي عابرة
25-05-2010, 09:48 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم

موضوع قيم ..مهم ..

نفع الله بكم ونفعكم وزادكم من فضله وعلمه وكرمه

أحسنتم أحسن الله إليكم

في رعاية الله وحفظه