المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبشر أيها المريض


شذى الاسلام
05-05-2010, 09:56 AM
الحمد لله مـقدر الأقدار، وكاشف الأسفام ودافع الأكدار.. والصلاة والسلام على نبيه المختار، وآله الكرام وصحبه الأخيار.. أما بعد:
فإلى من شاء الله ابتلاءهم بالشدائد والكروب..
وإلى من أراد تمحيصهم بالأسقام علام الغيوب..
فذاك مريض فقد صحته..
وآخر حار في معرفة سقمه وفهم علته..
وثالث خارت قواه وزالت بشاشته..
وهم - مع ذلك - ذاكرون شاكرون، وصابرون محتسبون.. تأملوا قول النبي :--mohammed--: :
** عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ** [رواه مسلم].
فوعوا الخطاب، وأعدوا له محكم الجواب..
فكم من نعمة لو أعطيها العبد كانت داءه، وكم من محروم من نعمة حرمانه شفاؤه..
( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) [البقرة:216].
أخي المريض، شفاك الله وعافاك!
ومن كل سقم وبلاء حماك..
قلب طرفك في هذه العجالة، وجل ببصرك بما فيها من عبارة ومقالة..
فهي وقفات مطعمة بنور الوحي، ومعطرة بعبير الرسالة..
أسأل الله تعالى أن يجعل في ذكرها عزاء، وفي دعائها شفاء، وفي أحكامها غناء.

الوقفة الأولى.. المتاع الزا ئل..
تلكم هي الدنيا التي اغتر بها كثير من الناس فجعلها منتهى أمله، و أكبر همه.. وصفها ربها بقوله:
(وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ) [العنكبوت:64]،
( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) [الحدبد:21].
وبين خلـيله :--mohammed--: حاله معها بقوله:
** ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها ** [رواه الترمذي].
ذلك أنه عرف منزلتها؟ وتبين له دنوها وحقارتها..
قال :--mohammed--:: ** لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافراً منها شربة ماء ** [رواه الترمذي]،
وهي مع ذلك لا يدوم لها حال، إن أضحكت قليلاً أبكت كثيراً و إن سرت يوماً أبكت أياماً ودهوراً..
لا يسلم العبد فيها من سقم يكدر صفو حياته، أو مرض يوهن قوته ويعكر مبا ته..

ومن يحمد الدنيا لعيش يسره فسوف لعمري عن قليل يلومها
ولذلك كانت وصية من عرف قدرها صلى الله عليه وسلم :
** كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ** [رواه البخاري].
وهكذا.. من عرف حقيقة الدنيا زهد فيها.. ومن زهد فيها هانت عليه أكدارها ومصائبها..

الوقفة الثانية.. البلاء عنوان المحبة..

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله :--mohammed--:: ** إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما إبتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط ** [رواه الترمذي].
فالبلاء والأسقام إذا كانت فيمن أحسن ما بينه وبين ربه ورزقه صبرا عليها كانت علامة خير ومحبه..
قال صلى الله عليه وسلم : ** إذا أراد الله بعبده خيرا عجل له العقوبة في الدنيا.. ** [رواه الترمذي].
ومن تأمل سير الأنبياء والرسل عليهم الصلاة السلام - وهم من أحب الخلق إلى الله - وجد البلاء طريقهم، والشدة والمرض ديدنهم.. ** دخل عبدالله بن مسعود رضيالله عنه على الرسول وهو يوعك، فقال: يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا، قال صلى الله عليه وسلم : أجل، إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم.. ** [متفق عليه]،
وسأله سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أي الناس أشد بلاء؟ قال صلى الله عليه وسلم : ** أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا إشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، وما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة ** [رواه الترمذي].
لقد تأمل السلف هذه العبارة، وأدركوا ما فيها من إشارة..
فعدوا البلاء نعمة، والمرض والشدة بشارة..
ولهذا لما مر وهب بمبتلى، أعمى مجذوم، مقعد عريان، به وضح، كان يقول: الحمد لله على نعمه، فقال رجل كان مع وهب: أي شيء بقي عليك من النعمة تحمد الله عليها؟، فقال له المبتلى: إرم ببصرك إلى أهل المدينة، فانظر إلى أكثر أهلها، أفلا أحمد الله أنه ليس فيها أحد يعرفه غيري.

الوقفة الثالثة.. البلاء طريق الجنة..

إن الأمراض والأسقام من جملة ما يبتلي الله به عباده، امتحانا لصبرهم، وتمحيصا لإيمانهم.. بل هي - لمن وفق لحسن التأمل والتدبر - نعمة عظيمة توجب الشكر..
قال تعالى: ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ، أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) [البقرة:155].
الله أكبر.. أي فضل بعد صلوات الرب ورحمته وهداه؟
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
** يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقارض ** [رواه الترمذي].
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ** ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فمـا سواه إلا حط الله به من سيئاته كما تحط الشجرة ورقها ** [رواه مسلم].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ** ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة ** [رواه الترمذي].
** وأتت امرأة إلى النبي ، صلى الله عليه وسلمفقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله تعالى لي، فقال صلى الله عليه وسلم :إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، فقالت: أصبر ** [متفق عليه]، ** ودخل صلى الله عليه وسلم على أم السائب، فقال: ما لك يا أم السائب تزفزفين؟، قالت: الحمى لا بارك الله فيها، فقال: لا تسبي الحمى، فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد ** [رواه مسلم].
قال ابن أبي الدنيا: كانوا يرجون في حمى ليلة كفارة ما مضى من الذنوب.
أخي الحبيب.. لعل لك عند الله تعالى منزلة لا تبلغها بعملك، فما يزال الله تعالى يبتليك بحكمته بما تكره ويصبرك على ما ابتلاك به، حتى تبلع تلك المنزلة.. فلم الحزن إذا؟!

الوقفة الرابعة.. الأجر الجاري..

من لطف الله تعالى ورحمته أنه لا يغلق بابا من أبواب الخير إلا فتح لصاحبه أبوابا.. فعلاوة على ما يكتب للمرضى من الأجر جزاء ما أصابهم من شدة ومرض وصبرهم عليه؛ لا يحرمهم ثواب ما إعتادوا فعله من الطاعات إذا قصروا عنها بسبب المرض.
فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ** إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما ** [رواه البخاري].
فأي كرم بعد هذا الكرم، وأي فضل أوسع من فضل مسدي النعم..؟
راحة العبد من العمل، وكتابة أجر ما كان يعمل..

الوقفة الخامسة.. لا بد للعسر من يسر..

هذه سنة الله تعالى في خلقه.. ما جعل عسرا إلا جعل بعده يسرا.. والأمراض مهما طالت وعظمت لا بد لأيامهـا أن تنتهي، ولا بد لساعاتها - باذن الله - أن تنجلي.

ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا و عند الله منها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظنها لا تفرج
قال وهب بن منبه: لا يكون الرجل فقيها كامل الفقه حتى يعد البلاء نعمة ويعد الرخاء مصيبة، وذلك أن صاحب البلا ينتظرالرخاء وصاحب الرخاء ينتظر البلاء..
قال تعالى: ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ) [الشرح:6،5].

الوقفة السادسة.. غنيمة المرض..

لو تأمل المريض فوائد مرضه وحسناته ما تمنى زواله..
فبالرغم مما فيه من تكفير للسيئات، ورفع للدرجات، وكتابة أجر ما كان يعمل من الصالحات، فيه أيضا فرصة عظيمة لمن وفق لاستغلال الأوقات..
فالمريض يحصل له في حال مرضه من أوقات الافراغ ما لا يحصل له فيما سواه.
فاحرص - رعاك الله - على استغلال أوقاتك في ما يقربك من الله، من قراءة للقرآن وحفظه. وطلب للعلم واستزادة من النوافل، وأمر بالمعروف ونهي عى المنكر، ودعوة الى الله... واعلم - شفاك الله وعافاك - أن المسلم مأمور باتباع أوامر الله تعالى في سرائه وضرائه، وفي حال صحته وبلائه..

الوقفة السابعة.. النعم المغبونة..

لا يقدر نعم الله تعالى إلا من فقدها..
وكأني بك وقد أنهك المرض جسدك، وأذهب السقم فرحك، أدركت قوله صلى الله عليه وسلم : ** نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ ** [رواه البخارى].
فالصحة من أجل النعم التي أنعم الله بها علينا، لا يقدرها إلا المرضى..
وهكذا.. فكم من النعم قد غفلنا عنها، وكم من النعم قد قصرنا بواجب شكرها..
وأجل تلك النعم وأعظمها.. نعمة الايمان والهداية..
فكم من الناس قد غبنها، فلم يقوموا بواجب شكرها، وتكاسلوا عن الاستقامة عليها..
وحين تلوح لك بوادر الشفاء، وتسعد ببدء زوال البلاء، اقدر لهذه النعم قدرها، واعرف فضل وكرم منعمها، وتدبر حالك عند فقدها أو نقصها، فأعلن بذلك توبة نصوحا من تقصيرك في شكر كل نعمة، وتفريطك في استعمالها فيما يرضي ذا الفضل والمنة..
اجعل توبتك الآن.. نعم، الآن.. عل هذه التوبة أن تكون سببا في رفع ما أنت فيه من كربة، ودفع ما تعانيه من شدة.. قال علي رضي الله عنه: "ما نزل بلاء إلا بذنب ولارفع إلا بتوبة"..
وإن لم يكتب لك من مرضك شفاء، فنعم يختم العمر به توبه صادقة..

الوقفة الثامنة.. لكل داء دواء..

من رحمة الله تعالى أن المرض مهما بلغ من الشدة والعناء، وشاء الله للعبد الشفاء، يسر له دواء ناجحاً، وعلاجا نافعاً..
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ** ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ** [متفق عليه]، لكن الشفاء - بعد توفيق الله - لا بد له من أمور:
منها.. حسن التوكل على الله والالتجاء إليه وحسن الظن به.. فهذا خليل الرحمن عليه السلام يصدع في يقين الواثق:
( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) [الشعراء:80].
فلا شافي إلا الله، ولا رافع للبلوى إلا هو سبحانه..
والراقي والرقية والطبيب والدواء أسباب قد يسر الله تعالى بها الشفاء..
فاجعل توكلك على الله وتعلقك به لتظفر بالصحة والعافية في الدنيا، والسلامة والفوز في الآخرة..


فإذا ابتليت فثق بالله وارض به إن الذي يكشف البلوى هو الله وهوسبحانه حكيم عليم لايفعل شيثا عبثا، ورحيم تنوعت رحماته، لا يقفي قضاء إلا كان خيرا للعبد، قال صلى الله عليه وسلم : ** عجبت للمؤمن!! إن الله عز وجل لم يقض له قضاء إلا كان خيرا له ** [رواه أحمد]. ومنها.. التدواي بالرقى الشرعية من الكتاب والسنة..

قال تعالى: ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) [الإسراء:82].
فاحرص - شفاك الله - على رقية نفسك بالقرآن وما ورد في السنة النبوية، فهي من أنفع الأسباب لزوال العلة، وكشف الكربة.. وذلك كقراءة سورة الفاتحة، والبقرة، والإخلاص، والمعوذتين.. وغيرها، والقرآن كله شفاء ورحمة..
ومما ورد من الأدعية والأذكار ما جاء عن عائشة رضي الله عنها: ** أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعه هكذا - ووضع سفيان بن عيينة - أحد الرواة - سبابته بالأرض ثم رفعها - وقال: "بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى به سقيمنا، بإذن ربنا"** [متفق عليه]،
وعنها رضي الله عنها:
** أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: "اللهم رب الناس أذهب الباس، واشف، أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما" ** [متفق عليه].
وعن عثمان بن العاص رضي الله عنه:
** أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده، فقال صلى الله عليه وسلم : "ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثاً وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر"** [رواه مسلم].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
** من عاد مريضا لم يحضره أجله فقال عنده سبع مرات: أسال الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض ** [رواه ابو داود والترمذي].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،
** أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال: نعما، قال: "بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك" ** [رواه مسلم].
وعن ابن عباس رضي الله عنه،
** أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم" ** [متفق عليه].
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله :--mohammed--::
** دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت "لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين" فانه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له ** [رواه الترمذي].
لكن هده الأدعية والرقى تريد قلبا خاشعا، وذلا صادق، ويقينا خالصا، لا ترديدا على سبيل التجربة والاختبار..
ومنها... الدعاء..
علاوة على ذكر من الأدعية والرقى فإن دعاء الله تعالى والألتجاء إليه من أعظم ما ينفع.. بل قد يكون هدف الكربة ومقصدها، قال تعالى: ( فأخذناهم بالباساء والضراء لعلهم يتضرعون ) [الأنعام:42].
أما خطر ببالك أنه سبحانه ابتلاك بهذا المرض ليسمع صوتك وأنت تدعوه، ويرى تضرعك وأنت ترجوه..
فارفع يديك وأسل دمع عينيك، وأظهر فقرك وعجزك، واعترف بذلك وضعفك، تفز برضى ربك وتفريج كربك..
ومنها.. ا لاستعانة بالصلاة..
قال تعالى: ( وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ ) [البقرة:45].
** وكان رسول الله إذا حزبه أمر صلى ** [رواه أحمد].
ومنها.. الإكثار من الصدقة..
فعن أبي أمامة رضي الله عنه،
** أن النبي :--mohammed--: قال: "داووا مرضاكم بالصدقة" ** [صحيع الجامع]
ومنها.. التداوي بما ورد أنه شفاء..
كالعسل والحبة السوداء وماء زمزم والحجامة...
ومنها.. التداوي بما أحله الله من الأدوية المباحة..

الوقفة التاسعة.. احذر مزالق الشيطان..

فهو لا يفتأ يتربص بالمسلم في حال قوته وضعفه..
فاحذر - رعاك الله - من مزالقه.. ومنها:
- إساءة الظن بالله أو التسخط والجزع.. قال :--mohammed--::
** إن الله عز وجل يقول: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيرا فله، وإن ظن شرا فله ** [رواه أحمد وبن حبان]، يعني ما كان في ظنه فإني فاعله به.
- إشاعة المرض، أو استطالة زمنه.. فاحرص على كتم آلامك وأحزانك، واحذر من إشاعة مرضك، والتحدث به على سبيل الشكوى والاعتراض.. لا على سبيل الاعلام والإخبار..
قال معروف الكرخي:
إن الله ليبتلي عبده المؤمن بالأسقام والأوجاع، فيشكو الى أصحابه فيقول الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي ما ابتليتك بهذه الأوجاع والأسقام الا لأغسلك من الذنوب فلا تشكني..
- إضاعة الأوقات فيما لا ينفع، أو فيما يسخط الله من إستماع أو نظر أو فعل محرم..
- التهاون في ستر العورات..
- التداوي بالمحرمات.. قال :--mohammed--::
** إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بحرام ** [رواه أبو داود].
ومن أشد هذه المحرمات.. إتيان السحرة والكهنة، قال :--mohammed--:: ** من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بهـا أنزل على محمد ** [رراه أحمد والحاكم].
وهو طريق الخزي والمحق في الدنيا، والخسارة والذلة في الآخرة.. ولئن يصبر العبد على مرارة المرض وشدته خير له من أن يسلك طريقأ يفضي به إلى النار..

الوقفة العاشرة.. من أحكام المرضى..


الطهارة..

- يجب على المريض أن يتطهر بالماء بأن يتوضأ من الحدث الأصغر، ويغتسل من الحدث الأكبر، فإن لم يستطع ذلك لعجزه أو لخوفه من زيادة المرض أو تأخر برئه تيمم، وذلك بأن يضرب بيده على تراب طاهر له غبار ضربة واحدة، ثم يمسح وجهه بباطن أصابعه، وكفيه براحتيه.
والعاجز عن استعمال الماء حكمه حكم من لم يجد الماء لقوله تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) [التغابن:16].
- إن كان مرضه يسيرلا يخاف من استعمال الماء معه تلفا، ولا مرضا مخوفا، ولا إبطاء برىء، ولا زيادة ألم، ولا شيئا فاحشا، كصداع وألم ضرس، ونحوهما، أو كان بإمكانه استعمال الماء الدافيء ولا ضرر عليه فلا يجوز له التيمم.
- إن كان لا يقدر على الحركة ولا يجد من يناوله الماء جاز له التيمم. فإن كان لا يستطيع التيمم يممه غيره.
- إذا كان المريض في محل لم يجد ماء ولا ترابا ولا من يحضر له الموجود منهما، فإنه يصلي على حسب حاله.
- إن تلوث بدنه أو ملابسه او فراشه بالنجاسة ولم يستطع إزالتها أو التطهر منها، جاز له الصلاة على حالته التي هو عليها ولا إعادة عليه.
- لا يجوز له تأخير الصلاة عن وقتها بأي حال من الاحوال بسبب عجزه عن الطاهرة أو إزالة النجاسة أو عدم توفر الماء أو التراب.
- من به جروح أو حروق أو كسر او مرض يضره استعمال الماء فأجنب جار له التيمم، وإن أمكنه غسل الصحيح من جسده وجب عليه ذلك، وتيمم للباقي.
- المريض المصاب بسلس البول أو استمرار خروج الدم او الريح، ولم يبرأ بمعالجته، عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، ويغسل ما يصيب بدنه وثوبه، أو يجعل للصلاة ثوبا طاهرا إن تيسر، ويحتاط لنفسه احتياطا يمنع انتشار البول أو الدم في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته. وما خرج في الوقت من البول فلا يضره بعد وضوءه إذا دخل الوقت.
وله أن يفعل في الوقت ما تيسر من صلاة وقراءة في مصحف حتى يخرج الوقت فإذا خرج الوقت وجب عليه أن يعيد الوضوء، أو تيمم إن كان لا يستطيع الوضوء.
- إن كان عليه جبيرة يحتاج إلى بقـائها مسح عليها في الوضوء والغسل، وغسل بقية العضو، وإن كان المسح على الجبيرة أو غسل ما يليها من العضو يضره كفاه التيمم عن محلها وعن المحل الذي يضره غسله.
- يبطل التيمم بكل ما يبطل الوضوء وبالقدرة على استعمال الماء أو وجوده إن كان معدوما.. والله أعلم.

الصلاة..

- أجمع أهل العلم على أن من لا يستطيع القيام له أن يصلي جالسا، فإن عجز عن الصلاة جالسا صلى على جنبه مستقبلا القبلة بوجهه، والمستحب أن يكون على جنبه الأيمن، فإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقيا.
- من قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام، بل يصلي قائما فيومىء بالركوع، ئم يجلس ويومىء بالسجود.
- إن كان بعينه مرض، فقال ثقات من الأطباء: إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك وإلا فلا، فله أن يصلي مستلقيا.
- من عجز عن الركوع والسجود أومأ بهما، ويجعل السجود أخفض من الركوع، وإن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ بالسجود.
- إن لم يمكنه أن يحني ظهره حنى رقبته، وإن كان ظهره متقوسا فصار كأنه راكع، فمتى أراد الركوع زاد في إنحنائه قليلا، ويقرب وجهه إلى الأرض في السجود أكثر من الركع ما أمكنه ذلك.
- من لم يقدر على الإيماء برأسه كفاه النية والقول.
- متى قدر المريض قي أثناء الصلاة على ما كان عاجزا عنه، من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود أو إيماء، انتقل إليه وبنى على ما مضى من صلانه.
- إذا نام عن صلاة أو نسيها وجب عليه أن يصليها متى اسيقـظ أو ذكر.
- لا يجوز ترك الصلاة بأي حال من الأحوال، بل يحرص عليها أيام مرضه أكثرمن أيام صحته، فلا يجور له نرك الصلاة المفروضة حتى يفوت وقتها ولو كان مريضا ما دام عقله ثابتا، بل عليه أن يؤديها في وقتها حسب استطاعته، فإذا تركها عامدا وهو عاقل مكلف يقوى على أدائها أو إيماء بها فهوآثم. وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى كفره بذلك.. وهو الصحيح.
- إن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، جمع تقديم أو جمع تأخير، حسبما تيسر له.. والله أعلم.

الصيام..

- للمريض مع الصوم ثلاث حالات.
1- أن لا يشق عليه الصوم ولا يضره فيجب عليه الصوم.
2- ان يشق عليه الصوم فيكره له أن يصوم.
3- أن يضره الصوم فيحرم عليه أن يصوم.
- إذا كان لا يمكنه القضاء لكون مرضه مما لا يرجى برؤه أطعم عن كل يوم مسكينا. أما إن كان يمكنه القضاء فيصوم بعدد الأيام التي أفطرها بسبب المرض.
- يفسد صومه إذا صام بكل ما في معنى الأكل والشرب كحقن الإبر المغذية، وحقن الدم..، أما الإبر التي لا تغذي فلا تفطر سواء استعملها في العضلات أم الوريد، وسواء وجد طعمها في حلقه أم لم يجده.
- يفسد صومه- على الراجح- بالحجامة ونحوها، فأما خروج الدم بنفسه كالرعاف أو خروجه بقلع سن ونحوه فلا يفطر.
- القيء إن قصده أفطر، وإن قاء من غير قصده لم يفطر.
- يجوز للصائم قلع ضرسه أو مداواة جرحه، والتقطير في عينه أو أذنيه، أو أن يبخ في فمه ما يخفف عنه ضيق التنفس، ولا يفطر بذلك.. والله أعلم.

أخي المريض..

شفى الله سقمك، وعظم أجرك، وكفر ذنبك، ورزقك العافية في دينك وبدنك..
م/ن

( أم عبد الرحمن )
05-05-2010, 10:21 AM
بارك الله فيك ونفع بك

البلسم*
05-05-2010, 10:35 AM
بارك الله فيكِ أخيتي الحال المرتحل (http://www.ruqya.net/forum/member.php?u=57123) .....

شذى الاسلام
05-05-2010, 12:13 PM
بارك الله فيكن اخواتي الفاضلات

ام عبد الرحمن

البلسم

نفعنا الله والجميع به ...دمتم في رضا الرحمن

نادية*
05-05-2010, 07:09 PM
السلام عليكم عندي مشكل في حاجة الى دعائكم ونصائحكم جزاكم الله خيرا

( أم عبد الرحمن )
06-05-2010, 02:17 AM
السلام عليكم عندي مشكل في حاجة الى دعائكم ونصائحكم جزاكم الله خيرا
نسأل الله العظيم أن يفرج كربكم ويشرح صدوركم وأن يعطيكم سؤلكم
وفقك الله وحفظك ورعاك

أسامي عابرة
06-05-2010, 04:39 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكِ أخيتي الفاضلة الحال المرتحل

شكر الله لكِ هذا النقل الطيب الموفق نفع الله به ونفعكِ وزادكِ من فضله وعلمه وكرمه

في رعاية الله وحفظه

أسامي عابرة
06-05-2010, 04:41 AM
السلام عليكم عندي مشكل في حاجة الى دعائكم ونصائحكم جزاكم الله خيرا

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكِ أخيتي الفاضلة نادية

أسأل الله أن يفرج كربتكِ ويذهب عنكِ ما أهمكِ

وأن يتم عليكِ نعمه ظاهرة وباطنة

أستعيني بالدعاء وألتمسي أوقات الإجابة ..والصدقة وحسن التوكل على الله ولا تجزعي فإن الله تعالى الله يجعل لكِ بعد عسر يسر..

في رعاية الله وحفظه

شذى الاسلام
06-05-2010, 06:00 AM
السلام عليكم عندي مشكل في حاجة الى دعائكم ونصائحكم جزاكم الله خيرا



اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يشرح صدرك وييسر امرك ويزيل همك ويذهب عنك ما اغمك... ويجعل لك من كل ضيق مخرجا ومن كل هما فرجا ..انه ولي ذلك والقادر عليه

اخيتي الفاضلة ناديا

رددي 7مرات

حسبي الله لااله الاهو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم

وليلهج لسانك دائما بــ

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

اختي الكريمة لازمي ع قراءة هذا الدعاء واقرأيه بقلبك وجوارحك

دعاء الهم والحزن

(( اللهم اني عبدك ، ابن عبدك، ابن امتك ، ناصيتي بيدك ، ماضٍ فيّ حكمك ،
عدل فيّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو انزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني وذهاب همي ))

فهي ادعية لتفريج الهم
كلنا يصاب بأبتلاءات وهموم.. وأفضل طريقه لمواجهتها هى الإكثار من الإستغفار

شذى الاسلام
06-05-2010, 06:16 AM
بارك الله في جميع الاخوات الفاضلات

ام عبد الرحمن

ام سلمى

البلسم

وجزاكن الله كل خير

سلوى الثقفي
06-05-2010, 06:55 AM
بارك الله فيك

نادية*
06-05-2010, 09:23 AM
جزاكن الله كل خير
انا في حالة نفسية صعبة،حتى وانا اقرأ ردودكن بكيت ،
يارب فرج همي وفرج على جميع المهمومين

نادية*
06-05-2010, 09:48 AM
كلمة منكم امل كبير
لاني اعيش في ضعف وعزلة لا يعلمها الا الله،
ابكي كثيرا لذلك لا اود رؤية احد.

جزاكن الله كل خير
،حتى وانا اقرأ ردودكن بكيت ،
يارب فرج همي وفرج على جميع المهمومين

شذى الاسلام
09-05-2010, 07:57 AM
اتمنى ان تقرأي هذه الكلمات بقلبك فأنها كفيلة بالتخفيف عنك بإذنه تعالى

حال الإنسان عند حلول المصيبة


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فإن العبد في هذه الدنيا معرض لصنوف من البلاء، والاختبار، وما ذلك إلا ليعلم الله ـ تعالى ـ من العبد صبره ورضاه؛ وحسن قبوله لحكم الله وأمره، قال الله تعالى:** الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً **.

والإنسان عندما يصاب بمصيبة، فإن له أحوالاً في تقبل تلك المصيبة..

إما بالعجز والجزع

وإما بالصبر وحبس النفس عن الجزع

وإما بالرضا

وإما بالشكر.

قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ:
( والمصائب التي تحل بالعبد، وليس له حيلة في دفعها، كموت من يعزُّ عليه، وسرقة ماله، ومرضه، ونحو ذلك، فإن للعبد فيها أربع مقامات:

المقام الاول : مقام العجز، وهو مقام الجزع والشكوى والسخط، وهذا ما لا يفعله إلا أقل الناس عقلاً وديناً ومروءة.

المقام الثاني: مقام الصبر إما لله، وإما للمروءة الإنسانية.
المقام الثالث: مقام الرضى وهو أعلى من مقام الصبر، وفي وجوبه نزاع، والصبر متفق على وجوبه.
المقام الرابع: مقام الشكر، وهو أعلى من مقام الرضى؛ فإنه يشهدُ البليةَ نعمة، فيشكر المُبْتَلي عليها).

وقد علق على هذه المقامات الأربع الشيخ محمد بن عثيمين
ـ رحمه الله تعالى ـ فقال: للإنسان عند حلول المصيبة له أربع حالات:
الحال الأول: أن يتسخط.
الحال الثاني: أن يصبر.
الحال الثالث: أن يرضى.
الحال الرابع : أن يشكر.

هذه أربع حالات للإنسان عندما يصاب بالمصيبة:

أما الحال الأول: أن يتسخط إما بقلبه أو بلسانه أو بجوارحه.
ـ فتسخط القلب أن يكون في قلبه شيء على ربه عز وجل من السُّخط والشره على الله ـ تعالى ـ والعياذ بالله وما أشبهه، ويشعر وكأن الله قد ظلمه بهذه المصيبة.

ـ وأما باللسان فأن يدعو بالويل والثبور، يا ويلاه! يا ثبوراه! وأن يسب الدهر فيؤذي الله عز وجل وما أشبهه.
ـ وأما التسخط بالجوارح مثل: أن يلطم خده، أو يصفع رأسه، أو ينتف شعره، أو يشق ثوبه، وما أشبهه ذلك.

هذا حال السخط حال الهلعين الذين حرموا من الثواب، ولم ينجوا من المصيبة بل الذين اكتسبوا الإثم؛ فصار عندهم مصيبتان: مصيبة في الدين بالسخط، ومصيبة في الدنيا لما أتاهم ممَّا يؤلمهم.
أما الحال الثانية: فالصبر على المصيبة بأن يحبس نفسه؛ هو يكره المصيبة ولا يحبها، ولا يحب إن وقعت، لكن يصبّر نفسه؛ لا يتحدث باللسان بما يسخط الله، ولا يفعل بجوارحه ما يغضب الله تعالى، ولا يكون في قلبه على الله شيءٌ أبداً؛ صابر لكنه كاره لها.
والحال الثالثة: الرِّضى بأن يكون الإنسان منشرحاً صدره بهذه المصيبة ويرضى بها رضاءً تاماً، وكأنه لم يصب بها.
والحال الرابعة: الشُكر فيشكر الله ـ تعالى ـ عليها، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يكره قال:"الحمد لله على كل حال" .
فيشكر الله من أجل أن يُرتب له من الثواب على هذه المصيبة أكثر مما أصابه.

مسألة: ما ينبغي لمن بلغته المصيبة أن يفعل.

ينبغي لمن بلغته مصيبة، أيَّاً كانت هذه المصيبة أمور:
أ- الصبر؛ فيسن الصبر على المصيبة، ويجب منه ما يمنعه عن المحرم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ :( والصبر واجب باتفاق العلماء).
قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ:( والصبر واجب بإجماع الأمة، وهو نصف الإيمان، فإن الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر).

والصبر هو: حبس النفس عن الجزع والتسخط، وحبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن التشويش.

قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{155** الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156** أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ** .

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال:"اتقي الله واصبري" قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه! فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال:"إنما الصبر عند الصدمة الأولى".

قال الحافظ ابن حجرـ رحمه الله تعالى ـ عند قوله صلى الله عليه وسلم :"إنّما الصبر عند الصّدمَة الأولى" المعنى إذا وقع الثبات أول شيء يهجم على القلب من مقتضيات الجزع فذلك هو الصبر الكامل الذي يترتَب عليه الأَجر؛ قال الخطابي: المعنى أن الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأَة المصيبة, بخلاف ما بعد ذلك فإنه مع الأيام يسلو؛ وحكى الخطابي عن غيره أن المرء لا يُؤجر على المصيبة لأنّها ليست من صنعه, وإنَما يؤجر على حسن تثبته وجميل صبره؛ وقال ابن بطّال: أراد أن لا يجتمع عليها مصيبة الهلاك وفقد الأَجر).

قال الإمام الموفق ابن قدامة ـ رحمه الله تعالى ـ:(وينبغي للمصاب أن يستعين بالله تعالى، ويتعزى بعزائه، ويمتثل أمره في الاستعانة بالصبر والصلاة، ويَتَنَجَّز ما وعد الله الصابرين، قال الله عز وجل:
** وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{155** الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156** أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ**، ويسترجع.

ب- الرضا بالقضاء والقدر والتسليم التام لله عز وجل، وهذه الصفة هي من أعظم صفات المؤمن المتوكل على الله، المصدق بموعود الله، الراضي بحكم الله، وبما قضاه الله ـ تعالى ـ وقدره، بل الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان، الواردة في حديث أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه الطويل وفيه" قال: فأخبرني عن الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره"(13).

ج- قول ( إنا لله وإنا إليه راجعون)
وذلك لما جاء في قوله تعالى:** الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ** .

وله أن يزيد "اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها"، لما جاء من حديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبدٍ تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها, إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيراً منها " قالت: فلما توفي أبو سلمة رضي الله عنه قلت: ومن خيرٌ من أبي سلمة؟ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم عزم الله علي فقلتها، فما الخلف؟! قالت: فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن خير من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

د- أن تعلم أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان؛ لذا فهي مليئة بالمصائب، والأكدار، والأحزان، كما قال ربنا الرحمن:** وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ** ، وقال عز وجل: ** لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ**.

هـ- تذكر أن العبد وأهله وماله لله عز وجل فله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، قال لبيد:

وما المال والأهلون إلا ودائع ولابد يوماً أن ترد الودائع

و- الاستعانة على المصيبة بالصلاة، قال الله تعالى: ** وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ** ؛وقد "كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى"،ومعنى حزبه: أي نزل به أمرٌ مهم، أو أصابه غم.
وهذا حال المؤمن الصادق، الذي لا يخطر على قلبه في وقت المحن والشدائد، إلا تذكر الله عز وجل، لأنه الذي بيده مفاتيح الفرج.
ولما أخبر ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بوفاة أحد إخوانه استرجع وصلى ركعتين أطال فيهما الجلـوس، ثم قام وهـو يقول:** وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ** .

ز- تذكر ثواب المصائب، والصبر عليها، وإليك شيئاً منه:
1- دخول الجنة: قال الله تعالى: ** جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ{23** سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ**.

وقال صلى الله عليه وسلم :
( يقول الله عز وجل: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة).
وصفيه هو حبيبه المصافي كالولد، والأخ، وكل من يحبه الإنسان،والمراد بقوله عز وجل (ثم احتسبه): أي صبر على فقده راجياً الأجر من الله تعالى على ذلك
.

2- الصابرون يوفون أجورهم بغير حساب. قال تعالى:** إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ** ،

قال الأوزاعي:(ليس يوزن لهم ولا يكال، إنما يغرف لهم غرفاً.

3- معية الله للصابرين، وهي المعية الخاصة المقتضية للمعونة والنصرة والتوفيق، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ** .

4- محبة الله للصابرين، قال تعالى: ** وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ** .

5- تكفير السيئات لمن صبر على ما يصيبه في حال الدنيا، كبر المصاب أم صغر؛ قال صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
" ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب، ولا همٍ، ولا حزن، ولا أذىً، ولا غم, حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه" ، والنصب التعب، والوصب: المرض، وقيل هو المرض اللازم.
قال الإمام القرافي ـ رحمه الله تعالى ـ:( المصائب كفارات جزماً سواءً اقترن بها الرضا أم لا، لكن إن اقتران بها الرضا عظم التكفير وإلا قل) .
وقال صلى الله عليه وسلم :"ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله, حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة) .

6- حصول الصلوات، والرحمة، والهداية من الله ـ تعالى ـ للعبد الصابر؛ قال الله عز وجل: {أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ** .

7- رفع منزلة المصاب؛ قال صلى الله عليه وسلم :" إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده، ثم صبّره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى" .


http://www.twa9el.com/vb/showthread.php?t=52049