أبوعبيدة السلفي
26-10-2009, 09:12 PM
السحر
لقد أثبت الكتاب والسنة وإجماع الصحابة على أن للسحر ضرراً بإذن الله والدليل قوله تعالى : " ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم " وقال تعالى " ومن شر النفاثات في العقد " والنفاثات في العقد الساحرات اللواتي يعقدن في سحرهن وينفثن عليه فلولا أن للسحر حقيقة لما أمر الله الاستعاذة منه . وقال تعالى : " يخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى " وقوله تعالى " وسحروا أعين الناس " قال ابن القيم : ( إذا جاز على الساحر أن يسحر جميع أعين الناس مع كثرتهم ، حتى يروا الشيء بخلاف ما هو به ، مع أن هذا تغيير في إحساسهم ، فما الذي يحيل تأثيره في تغيير بعض أغراضهم وقواهم وطباعهم ؟ وما الفرق بين التغيير الواقع في الرؤية والتغيير الواقع في لصفة أخرى من صفات النفس والبدن ؟ فإذا غير إحساسه حتى صار يرى الساكن متحركاً والمتصل منفصلاً ، والميت حياً فما المحيل لأنه يغير صفات نفسه ، حتى يجعل المحبوب إليه بغيضاً ، والبغيض محبوباً وغير ذلك من التأثيرات ) ( التفسير لابن القيم ( 571 )) .
وأما من السنة فقد ثبت في كتب السنة أن لبيداً بن أعصم اليهودي سحر الرسول صلى الله عليه وسلم ، حتى أنه يخيل إليه أنه يفعل الشيء وهو لا يفعله ثم شفاه الله وعافاه ، وقد استدل القرطبي بحديث سحره صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : " وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما حل به السحر : " إن الله شفاني " والشفاء إنما يكون برفع العلة والمرض ، فدل على أن له حقاً وحقيقة ، فهو مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله على وجوده ووقوعه " تفسير القرطبي 10 / 41 .
ومن الجهل الفاضح انكار بعض المبتدعة لهذه الأحاديث المستفيضة في الصحيحين والسنن وغيرها ، بزعم أنها تنافي مقام النبوة لأنه إذا كان القرآن أخبر عن قتل الأنبياء والسنة الثابتة أخبرت بجرح الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد فما يستنكر أن يكون بعض أعدائه صلى الله عليه وسلم قد سحره في أمر يتعلق بالبدن وهو أمر النساء مع سلامة القلب والعقل واللسان وقد قال تعالى " وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب " فدل ذلك على إمكان تسلط الشيطان على بدن الأنبياء دون قلوبهم وألسنتهم وهذا لا يؤثر في إبلاغهم الوحي الذي أنزل الله عليهم . ولا شك أن إنكار الصرع والسحر والحسد إنما هو من بدعة تقديم العقل الفاسد على النقل الصحيح الصريح .
وذلك لتوهم هؤلاء أن العقل يحيل ذلك والحقيقة أنه " يجهل ذلك ولا يحيله " والشرع يأتي " بمحارات العقول " أي بما تحار فيه من أمور الغيب ومنها الغيب ومنها أمر الروح والجن والسحر وغيرها ولا يأتي الشرع " بمحالات العقول " أي بما يستحيل في العقول والخلط بين الأمرين هو الذي أوقع الكثيرين في التكذيب بما لا علم لهم به مع أن العقل السليم يقتضي التوقف فإذا جاءه خبر الصادق الذي قادمت الأدلة المعجزة على صدقه وجب على العقل التصديق والتسليم وكم من الأمور التي يدرك العقل وجودها الآن وإن كان يجهل كيفيتها ويجتهد في وضع النظريات في تفسيرها كالمغناطيسية والكهرباء والنسبة بين الزمان والمكان والكتلة والطاقة وغير ذلك –" فما لو اطلع عليه أهل الزمان الماضي لما أدركوا فيها شيئاً ولا حتى وجدوها فهل كانت قبل ذلك مستحيلة عقلاُ أم مجهولة ؟ وما نحن بصدده كذلك فهذه أمور لا يجد العلم التجريبي لها في المعامل نفياً ولا إثباتاً فالذي يقدم على الإنكار مخالف للشرع والعقل معاً . ( الأمراض النفسية للدكتور / ياسر عبد القوي . وتعليق الدكتور : ياسر برهامي 109 ) .
أسباب السحر :
الحق الذي ينبغي أن نبينه أن هذا الساحر لا يؤثر في الآخرين بهمته المجردة دون معونة من غيره والذي يعينه على الفساد والإفساد الشيطان ، وكل ذلك بإذن الله كما قال تعالى " وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " وهذا إذنه الكوني القدري ، والذي نعلمه من حال السحرة أن نفوسهم تتحد مع نفوس الشياطين ، فيحدث عند ذلك الفساد والإفساد . فنفوس بعض البشر والتي تجتمع لديها دوافع الشر و الحقد والبغض والحسد وتذهب إلى ما هو على شاكلتها من شياطين الإنس والجن ( الساحر ) فيقوم بدوره حيث يستعين بالشياطين لما يقرأ الطلاسم والعزائم الشركية ويستغيث بهم ، فيساعده لما وافق هذا هواه ومقصوده .
أنواع السحر :
1- السحر الحقيقي : وهو ماله حقيقة في الخارج وقال ابن قدامه ( وللسحر حقيقة فمنه ما يقتل ، ومنه ما يمرض ، ومنه ما يأخذ الرجل عن زوجه ، وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يجذب بين اثنين وهو قول الشافعي ) ( المغني صـ8 / 150 ) .
2- السحر التخيلي : ومنه قوله تعالى " يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى " ومنه ما يفعله المسيح الدجال الذي معه نار وجنة فناره جنه وجنته نار ففي البخاري ومسلم عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الدجال " إن معه ماءاً وناراً فناره ماء بارد وماؤه نار " وقد يكون من التخييل ما يفعله السحرة من التفريق بين المرء وزوجه ، فإن شيكان الساحر يأتي إلى المرأة الجميلة ، ويتشكل بأقنعة صور قبيحة ، ويصبح هو قناعاً على وجه المرأة الجميلة ، فينكرها الشخص المقصود ، ويقول عنها إنها دميمة . ويأتي إلى المرأة الدميمة فيتشكل بصورة قناع جميل ، ويتلبس وجهها فيحبها الشخص ويتزوجها . يقول الطبري " تفريق بين المرء وزوجه تخييله بسحره إلى كل واحد منهما شخص الآخر على خلاف ما هو به في حقيقة من حسن وجمال ما حتى يقبحه عنده ، فينصرف بوجهه ويعرض عنه ، حتى يحدث الرجل لزوجته فراقاً ، فيكون الساحر مفرقاً بينهما بإحداثه السبب الذي كان منه فرقة بينهما ( تفسير القرطبي 1 / 463 ) .
3- السحر المجازي : ومدار هذا النوع على خفة اليد والحيل العلمية والاكتشافات التي يسبق بها الساحر عصره ومنه أيضاً كما قال الرازي السحر بالنميمة والبغض وإفساد العلاقة بين العباد وذلك عام شائع في كثير من الناس ( عالم السحر والشعوذة 131 ) .
المدى الذي يبلغه الساحر بسحره :
ذهب جمهور العلماء إلى أن للسحر تأثيراً على المزاج ، ويؤثر في المرض والإيذاء ، ولكنه لا يتعدى إلى تغيير حقيقة الأشياء .
سر تأثيره :
تواتر النقل في إثبات العلاقة بين السحرة والشياطين ، فالسحرة يتقربون إلى الشياطين بما يحبونه من العقائد الفاسدة ، والأعمال الضالة ، وأكل المحرمات والخبائث ، فتعينهم الشياطين على مقاصدهم ، ولذا فإن الحذاق من علمائنا عرفوا السحر بأنه عمل تقرب فيه إلى الشيطان وبمعونة منه ، كل ذلك الأمر كينونة للسحر .
قاعدة لابد من إرسائها حتى لا يحدث الاختلاط ( تشخيص السحر ) .
لو أننا وضعنا احتمال السحر في الأمراض والإيذاء لنسفنا التداوي بالطب من أساسه إذ كل مرض عضوي صعب تشخيصه أو علاجه لعزوناه إلى السحر وهذا يؤدي إلى كارثة لو حدث ولضاعت قاعدة التداوي التي أوصى بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " تداووا عباد الله " . فلابد من مراعاة هذا الأمور في مراعاة تشخيص السحر :
1- خلو المريض من الأمراض العضوية والنفسية :
إذن فلابد من عرض المريض على الأطباء . فالأصل أن تبتلى النفس ويبتلى الجسد وليس الأصل أن يمس أو يسحر فلابد من إفراغ الوسع في الناحية ( الطبية العضوية والنفسية ) قبل العزو إلى السحر والحسد فنحن في عالم الشهادة لسنا في عالم الغيب ونحن بشر من لحم ودم ونفس وجسد لنا أطيافاً أو أشباحاً .
2- سحر التفريق وهو أهم وأكثر أنواع السحر شيوعاً ولذا اختاره القرآن وفصله " فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه " وأعراضه دائماً كالآتي :
- تغير الأحوال بين الزوجين فجأة وبدون مبررات منطقية .
- تبغيض الزوجة إلى زوجها والعكس فربما يراها قبيحة وهو ربما تراه قبيحاً – وهذا من سحر التخييل .
- تعظيم أسباب الخلاف ومحاولة استثارة كل منهما على أتقه الأسباب للإيقاع بينهما وتكريه أحدهما في الآخر . ويقول ابن كثير : سبب التفريق بين الزوجين بالسحر ما يخيل إلى الرجل أو المرأة من الآخر من سوء منظر أو خلق ... أو نحو ذلك من الأسباب المقتضية للفرقة ( تفسير ابن كثير 1 / 143 ) .
3- لا بأس بالاستعانة بالرقى الشرعية في الأمراض المستعصية أو في غيرها من باب الأخذ بالأسباب والدعاء ليس من باب أن المريض مسحور .
4- لنجعل تركيزنا على العلاج وليس التشخيص :
بمعنى أنه في العالم الغيبي الأسباب غيبية ولا يقطع بها على الإطلاق وعدم معرفتنا بالسبب لا يمنع من الرقية ولكن نحذر من التسرع بإلصاق التشخيص الغيبي لما وراءه من تبعات وخيمة منها التوقف عن العلاج الطبي ومنها إعطاء جرعة وهم للمريض ربما تمرضه نفسياً ومنها وقوعه في الشرك والكهانة بالذهاب إلى السحرة والكهان فينحسر دينه ومنها الخسارة المالية بالابتزاز على أيدي الدجالين والمشعوذين .
العلاج :
1- الرقية : قال الخطابي ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد رقى ورقي ، وأمر بها وأجازها فإذا كانت بالقرآن و[سماء الله فهي مباحة أو مأمور بها ، وإنما جاءت الكراهة والمنع فيما كان فيما بغير لسان العرب ، فإنه ربما كان كفراً أو شركاً ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : كل اسم مجهول فليس لأحد أن يرقي به فضلاً عن أن يدعو به ، ولو عرف معناه ، لأنه يكره الدعاء بغير العربية ، وإنما يرخص لمن لا يحسن العربية .
قال السيوطي : قد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط :
1- أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته .
2- باللسان العربي وما يعرف معناه .
3- وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل تقدير الله تعالى .
وقال ابن باز في رسالة حكم السحر والكهانة وما يتعلق بها : ومن علاج السحر بعد وقوعه أنه يأتي إلى إناء فيه ماء ويقرأ فيها آية الكرسي ، والكافرون ، والإخلاص ، والفلق ، والناس ، آيات السحر وهي : من الأعراف ( 117 ، 118 ، 119 ) ومن يونس ( 79 ، 80 ، 81 ، 82 ) ومن طه ( 65 ، 66 ، 67 ، 68 ، 69 ) وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه ثلاث مرات ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء إن شاء الله . حكم السحر والكهانة لابن باز ( 19 / 20 / 21 )
لقد أثبت الكتاب والسنة وإجماع الصحابة على أن للسحر ضرراً بإذن الله والدليل قوله تعالى : " ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم " وقال تعالى " ومن شر النفاثات في العقد " والنفاثات في العقد الساحرات اللواتي يعقدن في سحرهن وينفثن عليه فلولا أن للسحر حقيقة لما أمر الله الاستعاذة منه . وقال تعالى : " يخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى " وقوله تعالى " وسحروا أعين الناس " قال ابن القيم : ( إذا جاز على الساحر أن يسحر جميع أعين الناس مع كثرتهم ، حتى يروا الشيء بخلاف ما هو به ، مع أن هذا تغيير في إحساسهم ، فما الذي يحيل تأثيره في تغيير بعض أغراضهم وقواهم وطباعهم ؟ وما الفرق بين التغيير الواقع في الرؤية والتغيير الواقع في لصفة أخرى من صفات النفس والبدن ؟ فإذا غير إحساسه حتى صار يرى الساكن متحركاً والمتصل منفصلاً ، والميت حياً فما المحيل لأنه يغير صفات نفسه ، حتى يجعل المحبوب إليه بغيضاً ، والبغيض محبوباً وغير ذلك من التأثيرات ) ( التفسير لابن القيم ( 571 )) .
وأما من السنة فقد ثبت في كتب السنة أن لبيداً بن أعصم اليهودي سحر الرسول صلى الله عليه وسلم ، حتى أنه يخيل إليه أنه يفعل الشيء وهو لا يفعله ثم شفاه الله وعافاه ، وقد استدل القرطبي بحديث سحره صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : " وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما حل به السحر : " إن الله شفاني " والشفاء إنما يكون برفع العلة والمرض ، فدل على أن له حقاً وحقيقة ، فهو مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله على وجوده ووقوعه " تفسير القرطبي 10 / 41 .
ومن الجهل الفاضح انكار بعض المبتدعة لهذه الأحاديث المستفيضة في الصحيحين والسنن وغيرها ، بزعم أنها تنافي مقام النبوة لأنه إذا كان القرآن أخبر عن قتل الأنبياء والسنة الثابتة أخبرت بجرح الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد فما يستنكر أن يكون بعض أعدائه صلى الله عليه وسلم قد سحره في أمر يتعلق بالبدن وهو أمر النساء مع سلامة القلب والعقل واللسان وقد قال تعالى " وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب " فدل ذلك على إمكان تسلط الشيطان على بدن الأنبياء دون قلوبهم وألسنتهم وهذا لا يؤثر في إبلاغهم الوحي الذي أنزل الله عليهم . ولا شك أن إنكار الصرع والسحر والحسد إنما هو من بدعة تقديم العقل الفاسد على النقل الصحيح الصريح .
وذلك لتوهم هؤلاء أن العقل يحيل ذلك والحقيقة أنه " يجهل ذلك ولا يحيله " والشرع يأتي " بمحارات العقول " أي بما تحار فيه من أمور الغيب ومنها الغيب ومنها أمر الروح والجن والسحر وغيرها ولا يأتي الشرع " بمحالات العقول " أي بما يستحيل في العقول والخلط بين الأمرين هو الذي أوقع الكثيرين في التكذيب بما لا علم لهم به مع أن العقل السليم يقتضي التوقف فإذا جاءه خبر الصادق الذي قادمت الأدلة المعجزة على صدقه وجب على العقل التصديق والتسليم وكم من الأمور التي يدرك العقل وجودها الآن وإن كان يجهل كيفيتها ويجتهد في وضع النظريات في تفسيرها كالمغناطيسية والكهرباء والنسبة بين الزمان والمكان والكتلة والطاقة وغير ذلك –" فما لو اطلع عليه أهل الزمان الماضي لما أدركوا فيها شيئاً ولا حتى وجدوها فهل كانت قبل ذلك مستحيلة عقلاُ أم مجهولة ؟ وما نحن بصدده كذلك فهذه أمور لا يجد العلم التجريبي لها في المعامل نفياً ولا إثباتاً فالذي يقدم على الإنكار مخالف للشرع والعقل معاً . ( الأمراض النفسية للدكتور / ياسر عبد القوي . وتعليق الدكتور : ياسر برهامي 109 ) .
أسباب السحر :
الحق الذي ينبغي أن نبينه أن هذا الساحر لا يؤثر في الآخرين بهمته المجردة دون معونة من غيره والذي يعينه على الفساد والإفساد الشيطان ، وكل ذلك بإذن الله كما قال تعالى " وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " وهذا إذنه الكوني القدري ، والذي نعلمه من حال السحرة أن نفوسهم تتحد مع نفوس الشياطين ، فيحدث عند ذلك الفساد والإفساد . فنفوس بعض البشر والتي تجتمع لديها دوافع الشر و الحقد والبغض والحسد وتذهب إلى ما هو على شاكلتها من شياطين الإنس والجن ( الساحر ) فيقوم بدوره حيث يستعين بالشياطين لما يقرأ الطلاسم والعزائم الشركية ويستغيث بهم ، فيساعده لما وافق هذا هواه ومقصوده .
أنواع السحر :
1- السحر الحقيقي : وهو ماله حقيقة في الخارج وقال ابن قدامه ( وللسحر حقيقة فمنه ما يقتل ، ومنه ما يمرض ، ومنه ما يأخذ الرجل عن زوجه ، وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يجذب بين اثنين وهو قول الشافعي ) ( المغني صـ8 / 150 ) .
2- السحر التخيلي : ومنه قوله تعالى " يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى " ومنه ما يفعله المسيح الدجال الذي معه نار وجنة فناره جنه وجنته نار ففي البخاري ومسلم عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الدجال " إن معه ماءاً وناراً فناره ماء بارد وماؤه نار " وقد يكون من التخييل ما يفعله السحرة من التفريق بين المرء وزوجه ، فإن شيكان الساحر يأتي إلى المرأة الجميلة ، ويتشكل بأقنعة صور قبيحة ، ويصبح هو قناعاً على وجه المرأة الجميلة ، فينكرها الشخص المقصود ، ويقول عنها إنها دميمة . ويأتي إلى المرأة الدميمة فيتشكل بصورة قناع جميل ، ويتلبس وجهها فيحبها الشخص ويتزوجها . يقول الطبري " تفريق بين المرء وزوجه تخييله بسحره إلى كل واحد منهما شخص الآخر على خلاف ما هو به في حقيقة من حسن وجمال ما حتى يقبحه عنده ، فينصرف بوجهه ويعرض عنه ، حتى يحدث الرجل لزوجته فراقاً ، فيكون الساحر مفرقاً بينهما بإحداثه السبب الذي كان منه فرقة بينهما ( تفسير القرطبي 1 / 463 ) .
3- السحر المجازي : ومدار هذا النوع على خفة اليد والحيل العلمية والاكتشافات التي يسبق بها الساحر عصره ومنه أيضاً كما قال الرازي السحر بالنميمة والبغض وإفساد العلاقة بين العباد وذلك عام شائع في كثير من الناس ( عالم السحر والشعوذة 131 ) .
المدى الذي يبلغه الساحر بسحره :
ذهب جمهور العلماء إلى أن للسحر تأثيراً على المزاج ، ويؤثر في المرض والإيذاء ، ولكنه لا يتعدى إلى تغيير حقيقة الأشياء .
سر تأثيره :
تواتر النقل في إثبات العلاقة بين السحرة والشياطين ، فالسحرة يتقربون إلى الشياطين بما يحبونه من العقائد الفاسدة ، والأعمال الضالة ، وأكل المحرمات والخبائث ، فتعينهم الشياطين على مقاصدهم ، ولذا فإن الحذاق من علمائنا عرفوا السحر بأنه عمل تقرب فيه إلى الشيطان وبمعونة منه ، كل ذلك الأمر كينونة للسحر .
قاعدة لابد من إرسائها حتى لا يحدث الاختلاط ( تشخيص السحر ) .
لو أننا وضعنا احتمال السحر في الأمراض والإيذاء لنسفنا التداوي بالطب من أساسه إذ كل مرض عضوي صعب تشخيصه أو علاجه لعزوناه إلى السحر وهذا يؤدي إلى كارثة لو حدث ولضاعت قاعدة التداوي التي أوصى بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " تداووا عباد الله " . فلابد من مراعاة هذا الأمور في مراعاة تشخيص السحر :
1- خلو المريض من الأمراض العضوية والنفسية :
إذن فلابد من عرض المريض على الأطباء . فالأصل أن تبتلى النفس ويبتلى الجسد وليس الأصل أن يمس أو يسحر فلابد من إفراغ الوسع في الناحية ( الطبية العضوية والنفسية ) قبل العزو إلى السحر والحسد فنحن في عالم الشهادة لسنا في عالم الغيب ونحن بشر من لحم ودم ونفس وجسد لنا أطيافاً أو أشباحاً .
2- سحر التفريق وهو أهم وأكثر أنواع السحر شيوعاً ولذا اختاره القرآن وفصله " فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه " وأعراضه دائماً كالآتي :
- تغير الأحوال بين الزوجين فجأة وبدون مبررات منطقية .
- تبغيض الزوجة إلى زوجها والعكس فربما يراها قبيحة وهو ربما تراه قبيحاً – وهذا من سحر التخييل .
- تعظيم أسباب الخلاف ومحاولة استثارة كل منهما على أتقه الأسباب للإيقاع بينهما وتكريه أحدهما في الآخر . ويقول ابن كثير : سبب التفريق بين الزوجين بالسحر ما يخيل إلى الرجل أو المرأة من الآخر من سوء منظر أو خلق ... أو نحو ذلك من الأسباب المقتضية للفرقة ( تفسير ابن كثير 1 / 143 ) .
3- لا بأس بالاستعانة بالرقى الشرعية في الأمراض المستعصية أو في غيرها من باب الأخذ بالأسباب والدعاء ليس من باب أن المريض مسحور .
4- لنجعل تركيزنا على العلاج وليس التشخيص :
بمعنى أنه في العالم الغيبي الأسباب غيبية ولا يقطع بها على الإطلاق وعدم معرفتنا بالسبب لا يمنع من الرقية ولكن نحذر من التسرع بإلصاق التشخيص الغيبي لما وراءه من تبعات وخيمة منها التوقف عن العلاج الطبي ومنها إعطاء جرعة وهم للمريض ربما تمرضه نفسياً ومنها وقوعه في الشرك والكهانة بالذهاب إلى السحرة والكهان فينحسر دينه ومنها الخسارة المالية بالابتزاز على أيدي الدجالين والمشعوذين .
العلاج :
1- الرقية : قال الخطابي ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد رقى ورقي ، وأمر بها وأجازها فإذا كانت بالقرآن و[سماء الله فهي مباحة أو مأمور بها ، وإنما جاءت الكراهة والمنع فيما كان فيما بغير لسان العرب ، فإنه ربما كان كفراً أو شركاً ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : كل اسم مجهول فليس لأحد أن يرقي به فضلاً عن أن يدعو به ، ولو عرف معناه ، لأنه يكره الدعاء بغير العربية ، وإنما يرخص لمن لا يحسن العربية .
قال السيوطي : قد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط :
1- أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته .
2- باللسان العربي وما يعرف معناه .
3- وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل تقدير الله تعالى .
وقال ابن باز في رسالة حكم السحر والكهانة وما يتعلق بها : ومن علاج السحر بعد وقوعه أنه يأتي إلى إناء فيه ماء ويقرأ فيها آية الكرسي ، والكافرون ، والإخلاص ، والفلق ، والناس ، آيات السحر وهي : من الأعراف ( 117 ، 118 ، 119 ) ومن يونس ( 79 ، 80 ، 81 ، 82 ) ومن طه ( 65 ، 66 ، 67 ، 68 ، 69 ) وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه ثلاث مرات ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء إن شاء الله . حكم السحر والكهانة لابن باز ( 19 / 20 / 21 )