المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز للزوج أن يتولى دفن زوجته؟ -


أسامي عابرة
14-05-2009, 12:07 AM
هل يجوز للزوج أن يتولى دفن زوجته؟

- أحكام الجنائز للعلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى



101 - ويجوز للزوج أن أن يتولى بنفسه دفن زوجته، لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "


دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه فقلت : وارأساه فقال : وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتك ودفنتك قالت : فقلت - غيرى - : كأني بك في ذلك اليوم عروسا ببعض نسائك ! قال : وأنا وارأساه ادعوا لي أباك وأخاك حتى اكتب لأبي بكر كتابا فإني أخاف أن يقول قائل أو يتمنى متن : أنا أولى ويأبى الله عز وجل والمؤمنون إلا أبا بكر " .
أخرجه أحمد (6 / 144) بإسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو في " صحيح البخاري " بنحوه (10 / 101 /، 102)، ومسلم (7 / 110) مختصرا، وله طريق أخرى عن عائشة تقدم (ص 50) (1)

102 -
لكن ذلك مشروط بما إذا كان لم يطإ تلك الليلة، وإلا لم يشرع له دفنها، وكان غيره هو الاولى بدفنها ولو أجنبيا بالشرط المذكور، لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " شهدنا ابنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر فرأيته عينيه تدمعان
ثم قال: هل منكم من رجل لم يُقَارِفِ (2) الليلة (أهله)؟ فقال أبو طلحة: (نعم) أنا يا رسول الله! قال: فانزل، قال فنزل في قبرها (فقبرها) ".
وفي رواية عنه: " أن رقية رضي الله عنها لما ماتت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يدخل القبر رجل قارف " الليلة) أهله، فلم يدخل عثمان بن عفان رضي الله عنه القبر ".
أخرج الرواية الاولى البخاري في " صحيحه " (3 / 122، 162) والطحاوي في " المشكل " (3 / 304) والحاكم (4 / 47) والبيهقي (4 / 53) وأحمد (3 / 126، 22 والسياق له، وعنده الزيادة الثانية في رواية له، وعند الطحاوي والحاكم الاولى، والبخاري الاخيرة.
وأخرج الرواية الثانية أحمد (3 / 229 - 270) والطحاوي (3 / 202) والحاكم (4 / 47) وابن حزم (5 / 145) من طريق أخرى عن أنس، والسياق لاحمد، والزيادة للحاكم وقال: " حديث صحيح على شرط مسلم ".
وهو كما قال، وأقره الذهبي، إلا أن بعض الائمة قد استنكر منه تسميته البنت " رقية " فقال البخاري في التاريخ الاوسط ":
" ما أدري ما هذا؟ فإن رقية ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم ببدر لم يشهدها ".
ورجح الحافظ في " الفتح " أن الوهم فيه من حماد بن سلمة، وأنها أم كلثوم زوج عثمان، فراجعه، وهو الذي جزم به الطحاوي في " المشكل " وقال " " وكانت وفاتها في سنة تسع من الهجرة " (2).


__________
(1) وقد ذهب إلى جواز دفن الرجل لزوجته الشافعية، بل قالوا: إنه أحق بذلك من أوليائها الذين ذكرنا وعكس ذلك ابن حزم فجعله بعدهم في الاحقية، ولعله الاقرب لما سبق من عموم الاية.
(2) أي يجامع كما في " النهاية "، واستبعد هذا التفسير الطحاوي بدون أي دليل، فلا يلتفت إليه (2) قال النووي في " المجموع " (5 / 289): " هذا الحديث من الاحاديث التي يحتج بها في كون الرجال هم الذين يتلوا عن الدفن وإن كان الميت امرأة، قال: ومعلوم أن أبا طلحة رضي الله عنه أجنبي عن بنات النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان من صالحي الحاضرين، ولم يكن هناك رجل محرم إلا النبي صلى الله عليه وسلم، فلعله كان له عذر في نزول قبرها، وكذا زوجها، ومعلوم أنها أختها فاطمة وغيرها من محارمها وغيرهن هناك، فدل على أنه لا مدخل للنساء في إدخال القبر والدفن ".
وقال الحافظ في " الفتح ": " في الحديث البعيد ايثار البعيد العهد عن الملاذ في مواراة الميت ولو كان امرأة على الاب والزوج، وقيل: إنما اثره بذلك لانها كانت صنعته، وفيه نظر، فإن ظاهر السياق أنه اختاره لذلك لكونه لم يقع منه في تلك الليلة جماع ".

قلت: والحديث ظاهر الدلالة على ما ترجمنا له، وبه قال ابن حزم رحمه الله (5 / 144 - 145)، ومن الغرائب أن عامة كتب الفقه التي كنت وقفت عليها، أو راجعتها بهذه المناسبة لم تتعرض لهذه المسألة، لا نفيا ولا إثباتا، وهذا دليل من أدلة كثيرة على أنه لا غنى للفقيه عن كتب السنة خلافا لما يظنه المتعصبة للمذاهب أن كتب الفقه تغني عن كتب الحديث بل وعن كتاب الله تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا، أنظر " سلسلة الاحاديث الصحيحة " (ج 1 ص 128 - 129 طبع المكتب الاسلامي).