المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عدم التفريق بين الأنبياء والتفاضل بينهم في القرآن الكريم.. كيف نجمع بينهما؟


بنت خير الأديان
10-05-2009, 06:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

قال الله جل وعلا في كتابه الحكيم :

** قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) ** [ البقرة 136]

** آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ** [ البقرة 285]

** قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) ** [ آل عمران 84]

** تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ** [ البقرة 253]

** وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55) ** [ الإسراء 55]


فذكر آيات بعدم التفريق بين الأنبياء وآيات تفضل بعضهم على بعض
فهل لهما المعنى نفسه أم أن لكل آية معنى تتحدث عنه ؟


عدم التفريق بين الأنبياء هو عدم تفريق في الإيمان بهم فنؤمن بهم جميعا ونصدق بهم جميعا ولا نكذب أحدا منهم فكلهم رسل من عند الله جل وعلا

والتفريق بين الرسل يكون بالإيمان ببعض والكفر ببعض ومن كفر بنبي فقد كفر بسائر الأنبياء ولا يكون إيمانه ببعضهم إلا على سبيل العصبية أو الهوى

وقد قال ابن كثير في تفسيره :

** قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) **

أرشد الله تعالى عباده المؤمنين إلى الإيمان بما أنزل إليهم بواسطة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم مفصلا وبما أنزل على الأنبياء المتقدمين مجملا ونص على أعيان من الرسل، وأجمل ذكر بقية الأنبياء، وأن لا يفرقوا بين أحد منهم، بل يؤمنوا بهم كلّهم، ولا يكونوا كمن قال الله فيهم: ** وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ** [ النساء : 150 ، 151] .



** قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ عَلَيْنَا ** يعني: القرآن ** وَمَا أُنزلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ** أي: من الصحف والوحي: ** وَالأسْبَاطِ ** وهم بطون بني إسرائيل المتشعبة من أولاد إسرائيل -هو يعقوب-الاثنى عشر. ** وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى ** يعني: بذلك التوراة والإنجيل ** وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ ** وهذا يَعُم جميعَ الأنبياء جملة ** لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ** يعني: بل نؤمن بجميعهم ** وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ** فالمؤمنون من هذه الأمة يؤمنون بكل نبي أرسل، وبكل كتاب أنزل، لا يكفرون بشيء من ذلك بل هم مُصَدِّقون بما أنزل من عند الله، وبكل نبي بعثه الله.



** كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ** فالمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد، فرد صمد، لا إله غيره، ولا رب سواه. ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء، لا يفرقون بين أحد منهم، فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، بل الجميع عندهم صادقون بارون راشدون مَهْديون هادون إلى سُبُل الخير، وإن كان بعضهم ينسخ شريعة بعض بإذن الله، حتى نُسخ الجميع بشرع محمدّ صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي تقوم الساعة على شريعته، ولا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين.


وأما التفاضل بين الرسل والأنبياء فهو التفاضل المعهود فالرسل مفضلون على الأنبياء والرسل منهم أولو العزم ومن أولي العزم من اتخذه الله خليلا ومنهم من كلمه الله حتى ختموا بالنبي صلى الله عليه وسلم

وفي كلام ابن كثير ما يغني عن الشرح :


** وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ ** ، كَمَا قَالَ: ** تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ** [ البقرة: 253 ].

وهذا لا ينافي ما [ثبت] في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تفضلوا بين الأنبياء" ؛ فإن المراد من ذلك هو التفضيل بمجرد التشهي والعصبية ، لا بمقتضى الدليل، [فإنه إذا دل الدليل] على شيء وجب اتباعه، ولا خلاف أن الرسل أفضل من بقية الأنبياء، وأن أولي العزم منهم أفضلهم، وهم الخمسة المذكورون نصا في آيتين من القرآن في سورة الأحزاب: ** وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ** [ الأحزاب: 7 ] ، وفي الشورى [في قوله] : ** شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ** [ الشورى: 13 ]. ولا خلاف أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أفضلهم، ثم بعده إبراهيم، ثم موسى على المشهور، وقد بسطنا هذا بدلائله في غير هذا الموضع، والله الموفق.


** تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ ** يعني: موسى ومحمدا صلى الله عليه وسلم وكذلك آدم، كما ورد به الحديث المروي في صحيح ابن حبان عن أبي ذر رضي الله عنه ** وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ** كما ثبت في حديث الإسراء حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء في السموات بحسب تفاوت منازلهم عند الله عز وجل.

فإن قيل: فما الجمع بين هذه الآية وبين الحديث الثابت في الصحيحين عن أبي هريرة قال: استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود فقال اليهودي في قسم يقسمه: لا والذي اصطفى موسى على العالمين. فرفع المسلم يده فلطم بها وجه اليهودي فقال: أي خبيث وعلى محمد صلى الله عليه وسلم! فجاء اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتكى على المسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تفضلوني على الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فأجد موسى باطشا بقائمة العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور؟ فلا تفضلوني على الأنبياء" (1) وفي رواية: "لا تفضلوا بين الأنبياء".

فالجواب من وجوه:

أحدها: أن هذا كان قبل أن يعلم بالتفضيل وفي هذا نظر.

الثاني: أن هذا قاله من باب الهضم والتواضع.

الثالث: أن هذا نهي عن التفضيل في مثل هذه الحال التي تحاكموا فيها عند التخاصم والتشاجر.

الرابع: لا تفضلوا بمجرد الآراء والعصبية.

الخامس: ليس مقام التفضيل إليكم وإنما هو إلى الله عز وجل وعليكم الانقياد والتسليم له والإيمان به.



انتهى كلام ابن كثير رحمه الله
والله من وراء القصد

أسامي عابرة
10-05-2009, 01:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكِ أخيتي الحبيبة بنت خير الأديان

شكر الله لكِ هذا النقل الطيب والموفق نفع الله به ونفعكِ وزادكِ من فضله وكرمه وعلمه


تمنياتي لكم بوافر الصحة والسلامة والرضا والقبول من الله عز وجل

في حفظ الله ورعايته

***
27-03-2010, 09:52 PM
بوركت وبوركت جهودك اختنا الفاضلة بنت خير الاديان رفع الله قدرك

إسلامية
04-05-2010, 08:03 PM
قال تعالى : ** قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) **


جزاكم الله خيراً على هذا الموضوع ...

فـــرح
01-08-2010, 02:57 AM
.. مشكـــــوووووووره ..


.. جزاك الله الف خير ..

إسلامية
17-09-2010, 10:28 AM
بارك الله فيكم

@ كريمة @
22-11-2010, 05:34 PM
بارك الله فيكي وجزاك الله خير الزاء