المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ::من الأسباب المُعينة على إختيار الرأي والقرار الصواب...::


( أم عبد الرحمن )
15-04-2009, 09:43 PM
الحمد لله وبعد,

من المعلوم عقلياً للجميع أنّ الفرد منّا يأخذ قرارات في حياته, فإن وُفِّق في قراره ورأيه كان الخير بإذن الله, وإن أخطأ في رأيه وقراره فسوف يكون مالا يُحبُّه ويأمله
فلذلك وجب على كُلٍّ منّا أن يتلمس الأسباب المُعينة على إخيتار الرأي والقرار الصواب, إذ ما الحياة إلا عن جُملة آراء وقرارات تؤخذ, فإما تكون صواباً وإما خطأ ولا ثالث لهم

وبعد,

وأنا أقرأ في رسالة عن القلب وآفاته وقفتُ على كلام جيّد يُستنبط منه ما عنونت له, فأحببتُ أن أنقل الخير لإخوتي إذ لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام,
فكان المُصنف -حفظه الله- يتعرض للكام عن العقل وعلاقته بالقلب, ولكني سأكتفي بنقل الشاهد

فقال -حفظه الله-:
وتوسطت فِرقةٌ أخرى وقالت: بل المخُّ حارٌ لكنه فاترُ الحرارةِ, وفيه تبريدٌ بالخاصية, فإنّه مبدأُ الذِّهنِ, ولهذا كان الذِّهنُ يحتاج إلى موضع ساكنٍ قارٍّ صافٍ عن الأقذار والكَدَر, خالٍ من الجبلةِ والزجل, ولذلك يكونُ جودةُ الفكر والتذكر واستخراج الصَّواب عند سكون البدن, وفتور حركاته, وقلّة شواغله ومزعجاته... ولذلك تجود هذه الأفعالُ في الليل, وفي مواضع الخالية, وتفسدُ عند التِهابِ نارِ الغضبِ والشهوةِ, وعند الهمّ الشديد, ومع التعب والحركات القوية البدنية والنَّفسانية. اهـ
نُلخص الأمر سوياً,
فإن الأسباب المُعينة على جودة الفكر واستخراج الصواب وسداد الرأي يكون عند:
1- سكون البدن: وسكون البدن يَنْتُج عن سكون القلب وعدم اضطرابه, إذ أن القلب ملك البد وقد قال أبو هريرة -رضي الله عنه- القلب ملك البدن والأعضاء جنوده, فإن طاب الملك طابت جنوده, وإذا خَبُثَ الملِك خِبُثَت جنوده.
2- فتور حركاته: أي يكون هادئاً لا يظهر عليه علامات الإضطراب.
3- قلة شواغله ومُزعجاته: فقد اتفق علماء المسلمين على أنه لا يجوز للقاضي أن يقضي في شئ وهو منشغل بجوع أو يريد أن يذهب إلى الخلاء, إذ أن هذه الأشياء تَشْغَلُ ذهنه, وهذا ليس مظنة إصابة الصواب. فكذلك, إذا أراد أي إنسان أن يأخذ قراراً ما, فعليه أن يُصَفِّي ذهنه على الأقل في هذه الفترة الوجيزة كي يستطيع أن يُصيب الصواب إن شاء الله.

ومظنة هذه العوامل المطلوبة أن تكون:
1- في الليل: إذ أنه به السكينة ولا يكثر حينها اللغط والهرج والمرج.
2- المواضع الخالية: كي لا يكون عليه أن مؤثر آخر, فيستطيع أن يجمع عليه أمره وذهنه -بفضل من الله-.

ومن الأشياء التي تُفسد في القرارات وتجعل الإختيارات غير موفقة للصواب:
1- عند التِهاب نارِ الغضب: لذلك أوصى النبي -عليه الصلاة السلام- من جاءه يسأله النصحية بـ "لا تغضب" إذ الغضب تُغلق فيه الأدمغة, وتَكْثُر فيه الأشياء المُفسدة.
وكي نتجنب مثل هذا:-علينا بوصية النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما استب رجلان عند النبي -عليه الصلاة والسلام- فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه وتنتفخ أوداجه فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "-ثم يترك هذا الغضبان المَحِل الذي أغضبه حتى يُهَدِّء من نفسه, إذ لو ظل مكانه ربما يتذكر ما أغضبه مرة ثانية ويعود لغضبه ثانية.
وهذا كلّه لأن الغضب يؤدي إلى قول الفُحش وعمل السيئ وقطع الأوصال...إلخ هذه الأشياء التي جاء الشرع بذمِّها, فقد قال ربنا " وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً " فلننتبه للعدو الحقيقي, ونستعين بالذي يراه ولا نراه.
2- الشهوة: إذ أن الشهوة من خِصال الحيوان, والحيوان ليس عنده عقل, وقد ميّز الله بين الإنسان والحيوان بهذا العقل, فإن غَلَبَ على الإنسان الشهوة فقد غَلَبَ الجانب الحيواني عن الجانب العقلاني المتميز به الإنسان, فلذا سوف يخرج القرار والرأي مُجانب للصواب.
3- الهمّ الشديد: فإن المُتَلَبِّس بالهم في الغالب يكون في حالة شلل فكري.
ولكي نتغلب على هذا:
-علينا بحديث النبي -عليه الصلاة والسلام- "إحرص على ما ينفعك, واستعن بالله ولا تعجز" إذ على المرء أن يحرص على ما ينفع وألا يركن إلى الهمّ طويلاً, فمن لم يكن حريصاً على الأمور النافعة, بل كان كسلاناً لم يُدرك شيئاً, فالكسل هو أصل الخيبة والفشل, فالكسلان لا يُدرك خيراً ولا ينال مكرمة, ولا يحظى بدين ولا دنيا
وقوله "استعن بالله" إيمان بالقضاء والقدر, وأمر بالتوكل على الله الذي هو الاعتماد التام على حوله وقوته في جلب المصالح ودفع المضار, مع الثقة التامة بالله في نجاح الأمر.

هذا ويجب أن يكون فِكْر المرء قائم على الأمر العقائدي, وبأن يُفَكِّر ويسعى لأخذ القرار المُناسب للشرع; المُرضي للرب,
فيكون المرء سائر بالله ولله, آخذٌ بالأسباب متوكل مستعينا بالله

هذا ما جاء بخاطري, فأحببتُ لإخوتي ما أحببته لنفسي
فإن كان به إفادة فالحمد لله
وإن كان هُناك خطأ -ولا بد موجود- فجزى الله خيراً من أرشدني إليه وصححه
والحمد لله رب العالمين
كتبه أبو مصعب
..

إسلامية
15-04-2009, 10:28 PM
نعم ... القرار

كم هو صعب اتخاذ القرار أحيانا ...

كم نتمنى أن يتخذه غيرنا أحيانا أخرى لنرتاح ...

القرار ... بين العقل والعاطفة !!!

جزاك الله خيرا أخيتي أم عبدالرحمن

فعلا موضوع دائما أفكر به ..

وفقك الله لما يحبه ويرضاه

زهراء و الأمل
17-04-2009, 10:13 PM
صدقت بارك الله فيك أخيتي الكريمة أم عبد الرحمن
القرارات الصائبة لا تصدر إلا في أوقات و ضروف مناسبة

فلا يكون العقل محاطا بالشهوة فتصرعه لتحكم زمام رأيه
و ما أهلك الناس أكثر من انقيادهم لشهواتهم

و لا يكون المرء في حالة غضب
فالغضب يعمي عن الحقائق و يريك القبيح حسنا

و لا يتخذ القرار في حالة تعب شديد و ارهاق
لأنه سيكون أبتر أو أقطع