المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( &&&& الفصــــــد &&&& ) !!!


ابن حزم
06-09-2005, 12:16 PM
الفصد: شَقُّ العِرْقِ؛ فَصدَه يَفْصِدُه فَصْداً وفِصاداً، فهو مَفْصُودٌ وفَصِيدٌ. وفَصَدَ الناقةَ: شَقَّ عِرْقَها ليستخرِجَ دَمَهَ فيشرَبَه. وتأْويل هذا أَن الرجل كان يضيف الرجل في شدة الزمان فلا يكون عنده ما يَقْرِيه، ويَشِحُّ أَن ينحر راحلته فيفصدها فإِذا خرج الدم سَخَّنَه للضيف إِلى أَن يَجْمُد ويَقْوَى فيطعمه إِياه. انظر لسان العرب كلمة فصد.

وهو استنزاف الدم من العروق (الأوردة) الكبيرة . ويتم الفصد في العصور الحديثة بواسطة إبرة واسعة القناة (المجرى) ويؤخذ الدم مباشرة ، وتتراوح كمية الدم المسحوب ما بين 250 – 500 مليلتر. ويستخدم الفصد في حالات مرضية خاصة مثل زيادة كرات الدم الحمراء . وفي حالات هبوط القلب الشديد ، وإن كان هذا السبب الأخير يعالج الآن بكفاءة بالعقاقير دون الحاجة إلى الفصد ، وارتفاع ضغط الدم الشديد (كذلك لا يعالج الان بالفصد) . وبطبيعة الحال فإن التبرع بالدم ليس إلا نوعا من الفصد وهو يتم يوميا قي مختلف أرجاء العالم حيت يتم التبرع بآلاف اللترات من الدم يوميا . والفصد يوهن الجسم مع العلم بأن الجسم يعوض الدم المفقود خلال اسبوع . انظر كتاب الرسالة الذهبية للمؤلف الدكتور محمد على البار ، وكتاب الطب النبوي للبغدادي .

وعند الثعلبي في فقه اللغة :
الفصل السادس والأربعون (في تفصيل العُرُوقِ والفُرُوق فيها).
في الرّأْسِ الشَّأْنَانِ ، وهُمَا عِرْقَانِ يَنْحَدِرَانِ مِنْهُ إلى الحَاجِبَيْنِ ثُمَّ إلى العَيْنَيْنِ
في اللِّسانِ الصُّرَدَانُ
في الذَّقَنِ الذَّاقِنُ
في العُنُقِ الوَرِيدُ والأخْدَعُ ، إلا أنَّ الأخْدَعَ شُعْبَةٌ منَ الوَرِيدِ ، وفِيها الوَدَجَانِ
في القَلْبِ الوَتِينُ والنِّيَاطُ والأبْهَرَانِ
في النَحْرِ النَّاحرُ
في أسْفَلِ البَطْنِ الحَالِبُ
في العَضُدِ الأبْجَلُ
في اليَدِ الباسِلِيقُ ، وَهُوَ عِنَد المِرْفَقِ في الجَانِبِ الأنْسِيِّ مِمَّا يلي الآباطِ ، والقِيفَالُ في الجَانِبِ الوَحْشِيِّ
والأكْحَلُ بَيْنَهُما ، وهوَ عَرَبيٌّ ، فَأَمَّا الباسِليقُ والقِيفَالُ فَمُعَرَّبان
في الساعِدِ حَبْلُ الذِّرَاعِ
فيما بَيْنَ الخِنْصَر والبِنْصِرِ الأسَيْلِمُ ، وهو مُعرَّب
في باطنِ الذّراع الرَّوَاهِشُ
في ظَاهِرِها النَّواشِرُ
في ظَاهِرِ الكَفِّ الأشَاجِعُ
في الفَخِذِ النَّسَا
في العَجُزِ الفَائِلُ
في السَّاقِ الصَّافِنُ
في سَائِرِ الجَسَدِ الشِّرْيَانَاتُ.

وعند لسان العرب:
قوله تعالى: ونحن أَقرب إِليه من حبل الوريد؛ قال أَهل اللغة: الوَرِيدُ عِرْق تحت اللسان، وهو في العَضُد فَلِيقٌ، وفي الذراع الأَكْحَل ، وهما فيما تفرق من ظهر الكَفِّ الأَشاجِعُ، وفي بطن الذراع الرَّواهِشُ؛ ويقال: إِنها أَربعة عروق في الرأْس، فمنها اثنان يَنْحَدِران قُدّامَ الأُذنين، ومنها الوَرِيدان في العُنق. وقال أَبو الهيثم: الورِيدان تحت الوَدَجَيْنِ، والوَدَجانِ عِرْقانِ غليظان عن يمين ثُغْرَةِ النَّحْرِ ويَسارِها. قال: والوَرِيدانِ يَنْبِضان أَبداً منَ الإِنسان. وكل عِرْق يَنْبِضُ، فهو من الأَوْرِدةِ التي فيها مجرى الحياة. والوَرِيدُ من العُرُوق: ما جَرَى فيه النَّفَسُ ولم يجرِ فيه الدّمُ، والجَداوِلُ التي فيها الدِّماءُ كالأَكْحَلِ والصَّافِن، وهي العُروقُ التي تُفْصَدُ. أَبو زيد: في العُنُق الوَرِيدان وهما عِرْقان بين الأَوداج وبين اللَّبَّتَيْنِ، وهما من البعير الودجان، وفيه الأَوداج وهي ما أَحاطَ بالحُلْقُوم من العروق ، والوَرِيدانِ عِرْقان في العُنُق، والجمع أَوْرِدَةٌ ووُرودٌ. ويقال للغَضْبَانِ: قد انتفخ وريده. الجوهري: حَبْل الوَرِيدِ عِرْق تزعم العرب أَنه من الوَتِين، قال: وهما وريدان مكتنفا صَفْقَي العُنُق مما يَلي مُقَدَّمه غَلِيظان. وفي حديث المغيرة: مُنْتَفِخة الوَرِيدِ، هو العرقُ الذي في صَفْحة العُنق يَنْتَفِخُ عند الغضَب، وهما وريدانِ؛ يَصِفُها بسوء الخَلُق وكثرة الغضب.

وفي الحديث عن عن جَابرٍ أنه قال: "رُمِيَ يَوْمَ الأحزابِ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ فَقَطَعُوا أكحَلَهُ أو أبْجَلَهُ، فحسَمَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالنارِ فانْتَفَخَتْ يَدُهُ فَتَرَكَهُ فَنَزَفَهُ الدّمُ فَحَسَمَهُ أخرى فانْتَفَخَتْ يَدَهُ، فَلَمّا رأَى ذلكَ قالَ: اللّهُمّ لا تُخْرِجْ نَفْسِي حتى تُقِرّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، فاسْتَمْسَكَ عِرْقُهُ فما قَطَرَ قَطْرَةً حتى نَزَلُوا على حُكْمِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ. فأرسلَ إليه فَحَكَمَ أنْ يُقْتَلَ رِجَالُهُمْ وَيسْتَحيَى نِسَاؤُهُمْ يَسْتَعِينُ بِهِنّ المُسْلِمُونَ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أصَبْتَ حُكْمَ الله فيهم، وكانوا أربَعمائةٍ، فلمّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِهِم انْفَتَقَ عِرْقُهُ فَمَاتَ". (أكحله) الأكحل عرق في اليد يُفصد. ولا يقال: عرق الأكحل. وفي النهاية: الأكحل عرق في وسط الذراع يكثر فصده. وقال غيره: هو عرق واحد. يقال له في اليد الأكحل. وفي الفخذ النسا. وفي الظهر الأبهر].


وفي الطب النبوي عند البغدادي: ويمر قسم الباسليق ويتشعب منه فروع تجتمع وتسمى الأكحل ، ويسمى قسم منه حبل الذراع وقسم منه يسمى الكتفي والأسيلم وهذه هي العروق القصودة في اليد . والأسيلم : عرق بين الخنصر والبنصر،و الأكحل : عرق وسط الذراع يكثر فصده وكيه .و الأبهر :يطلع قسم منه الى الحلق يسمى الوريد وهو الشريان الأورطي. والوتين :ويمر قسم منه الى الصلب يسمى الوتين ويسمى نياط القلب .

وفي كتاب ‏معالم القربة في طلب الحسبة
الباب السادس والثلاثون في الحسبة على الفصادين والحجامين
‏يقول المؤلف واعلم أن العروق المفصودة كثيرة ‏,‏ منها عروق في الرأس ‏,‏ وعروق في اليدين ‏,‏ وعروق في البدن ‏,‏ وعروق في الرجلين ‏,‏ وعروق في الشرايين ‏;‏ فيمتحنهم المحتسب بمعرفتها ‏,‏ وبما يجاورها من العضل والشرايين ‏.‏ وسأذكر ما اشتهر منها ‏:‏

أما عروق الرأس المفصودة ‏ فعرق الجبهة ‏,‏ وهو المنتصب ما بين الحاجبين ‏,‏ وفصده ينفع من ثقل العينين والصداع الدائم ‏;‏ ومنها العرق الذي فوق الهامة ‏,‏ وفصده ينفع ‏[‏ من ‏]‏ الشقيقة وقروح الرأس ‏;‏ ومنها العرقان الملويان على الصدغين ‏,‏ وفصدهما ينفع من الرمد والدمعة وجرب الأجفان وبثورها ‏;‏ ومنها عرقان خلف الأذنين ‏,‏ يفصدان لقطع النسل ‏,‏ فيحلفهم المحتسب ألا يفصدوا واحدا فيهما ‏;‏ لأن ذلك يقطع النسل ‏,‏ وقطع النسل حرام ‏;‏ ومنها عروق الشفة ‏,‏ وفصدها ينفع من قروح الفم والقلاع وأوجاع اللثة وأورامها ‏;‏ ومنها العروق التي تحت اللسان ‏,‏ وفصدها ينفع من الخوانيق وأورام اللوزتين ‏.‏

‏وأما عروق اليدين فستة ‏,‏ ‏[‏ وهي ‏]‏ القيفال ‏,‏ والأكحل ‏,‏ والباسليق ‏,‏ وحبل الذراع ‏,‏ والأسيلم ‏,‏ والإبطي ‏-‏ وهو شعبة من الباسليق ‏;‏ وأسلم هذه العروق القيفال ‏.‏ وينبغي ‏[‏ على الفاصد ‏]‏ أن ينحي في فصده ‏[‏ عن ‏]‏ رأس العضلة إلى موضع لين ‏,‏ ويوسع بضعه إن أراد أن يثني ‏.‏ وأما الأكحل ففي فصده خطر عظيم ‏,‏ لأجل العضلة التي تحته ‏,‏ فربما وقعت بين عصبتين ‏,‏ وربما كان فوقها عصبة دقيقة مدورة كالوتر ‏;‏ فيجب ‏[‏ على الفاصد ‏]‏ أن يعرف ذلك ويتجنبه في حال الفصد ‏,‏ ويحتاط أن تصيبه الضربة ‏,‏ فيحدث منها خدر مزمن ‏.‏ وأما الباسليق فعظيم الخطر أيضا ‏,‏ لوقوع الشريان تحته ‏,‏ فيجب ‏[‏ على الفاصد ‏]‏ أن يحتاط لذلك ‏,‏ فإن الشريان إذا بضع لم يرقأ دمه ‏، وأما الأسيلم ‏,‏ فالأصوب أن يفصد طولا ‏;‏ وحبل الذراع يفصد موربا ‏;‏ ‏[‏ وكلما انحدر الفاصد في فصد الباسليق إلى الذراع كان أسلم ‏]‏ ‏.

فصل وأما عروق البدن ‏,‏ فعرقان على البطن ‏,‏ أحدهما موضوع على الكبد ‏,‏ والآخر موضوع ‏‏ على الطحال ‏;‏ ‏[‏ و ‏]‏ ينفع فصد الأيمن منهما للاستسقاء ‏,‏ والأيسر ينفع للطحال ‏.
‏ ‏

‏فصل ‏:‏ ‏وأما عروق الرجلين ‏,‏ فأربعة ‏,‏ منها عرق النسا ‏,‏ ويفصد عند الجانب الوحشي من الكعب ‏,‏ فإن خفي فلتفصد الشعبة التي بين الخنصر والبنصر ‏[‏ من القدم ‏]‏ ‏;‏ ومنفعة ذلك عظيمة ‏,‏ سيما في النقرس والدوالي وداء الفيل ‏.‏ ومنها عرق الصافن ‏,‏ وهو على الجانب الأيسر ‏[‏ من الساق ‏]‏ ‏,‏ وهو أظهر من عرق النسا ‏,‏ وفصده ينفع من البواسير ‏,‏ ويدر الطمث ‏,‏ وينفع الأعضاء التي تحت الكبد ‏.‏ ومنها عرق مأبض ‏[‏ باطن الركبة ‏] ‏,‏ وهو مثل الصافن في النفع ‏.‏ ومنها العرق الذي خلف العرقوب ‏,‏ وكأنه شعبة من الصافن ‏,‏ ومنفعة فصده مثل الصافن ‏.‏

فصل ‏:‏ ‏وأما العروق والشرايين المفصودة في الغالب ‏,‏ ويجوز فصدها ‏,‏ فهي الصغار والبعيدة من القلب ‏,‏ فإن هذه هي التي يرقأ دمها إذا فصدت ‏.‏ وأما الشرايين الكبار القريبة الوضع من القلب ‏,‏ فإنه لا يرقأ دمها إذا فصدت ‏,‏ والتي يجوز فصدها ‏[‏ منها ‏]‏ ‏-‏ على الأكثر ‏-‏ شريان ‏<‏ 95 ‏>‏ الصدغين ‏,‏ والشريانان اللذان بين الإبهام والسبابة ‏;‏ وقد أمر جالينوس بفصدها في المنام ‏.‏

واعلم أنه ينبغي أن يوسع ‏[‏ الفاصد ‏]‏ البضع في الشتاء ‏,‏ لئلا يجمد ‏[‏ الدم ‏]‏ ‏,‏ ويضيق ‏<‏ 92 ‏>‏ في الصيف ‏,‏ لئلا يسرع إلى الغشي ‏.‏ وتثنية الفصد تحفظ قوة المفصود ‏,‏ فمن أرادها في يومه فليشق العرق موربا ‏,‏ لئلا يلتحم سريعا ‏;‏ وأجود التثنية ما أخر يومين أو ثلاثة ‏.‏ ومتى تغير لون الدم ‏,‏ أو حدث غشي وضعف ‏(‏ 40 ‏أ‏ ‏)‏ في النبض ‏,‏ فليبادر ‏[‏ الفاصد ‏]‏ إلى شد العرق ومسكه ‏.‏ ‏

ولا يتصدى للفصد إلا من اشتهرت معرفته بتشريح الأعضاء والعروق والعضل والشرايين ‏,‏ وأحاط بمعرفة تركيبها وكيفيتها ‏,‏ لئلا يقع المبضع في عرق غير مقصود أو في عضلة أو شريان ‏,‏ فيؤدي إلى زمانة العضو وهلاك المقصود ‏;‏ فكثير هلك من ذلك ‏.‏

‏ومن أراد تعلم الفصد فليدمن فصد ورق الشلق ‏-‏ أعني العروق التي في الورقة ‏-‏ حتى تستقيم يده ‏.‏ وينبغي للفاصد أن يمنع نفسه من عمل صناعة مهينة ‏,‏ تكسب أنامله صلابة وعسر حس ‏,‏ لا يتأتى معها نبش العروق ‏;‏ وأن يراعي بصره بالأكحال المقوية له والأيارجات ‏,‏ إن كان ممن يحتاج ‏(‏ 38 ‏ب‏ ‏)‏ إليها ‏;‏ وألا يفصد عبدا إلا بإذن مولاه ‏,‏ ولا صبيا إلا بإذن وليه ‏,‏ ولا حاملا ولا طامثا ‏;‏ وألا يفصد إلا في مكان مضيء وبآلة ماضية ‏;‏ وألا يفصد وهو منزعج الجنان ‏.‏ ‏

يقول اهل العلم :
* فصد الباسليق ينفع حرارة الكبد والطحال والرئة ومن الشوصة وذات الجنب وسائر الأمراض الدموية العارضة من اسفل الركبة الى الورك .
* وفصد الأكحل ينفع الامتلاء العارض في جميع البدن اذا كان دمويا ولا سيما ان كان قد فسد .
* وفصد القيفال ينفع من علل الرأس والرقبة اذا كثر الدم او فسد .
* وفصد الودجين لوجع الطحال والربو . ( انظر نيل الاوطار باب ما جاء في الحجامة وأوقاتها)


يتبــــع

ابن حزم
06-09-2005, 12:17 PM
الفصــد عند ابن سيناء

الفصد هو استفراغ كلي يستفرغ الكثرة والكثرة هي تزايد الأخلاط على تساويها في العروق وإنما ينبغي أن يفصد أحد نفسين‏:‏ المتهيء لأمراض إذا كثر دمه وقع فيها والآخر الواقع فيها وكل واحد منهما إما أن يفصد لكثرة الدم وإما أن يفصد لرداءة الدم وإما أن يفصد لكليهما‏.‏

والمتهيئ لهذه الأمراض هو مثل المستعد لعرق النسا والنقرس الدموي وأوجاع المفاصل الدموية والذي يعتريه نفث الدم من صدع عرق في رثته رقيق الملتحم وكلما أكثر دمه انصدع والمستعدون للصرع والسكتة والمالنخوليا مع فور للخوانيق ولأورام الأحشاء والرمد الحار والمنقطع عنهم دم بواسير كانت تسيل في العادة والمحتبس عنهن من النساء دم حيضهن وهذان لا تدل ألوانهما على وجوب الفصد لكمودتها وبياضها وخضرتها والذين بهم ضعف في الأعضاء الباطنة مع مزاج حار فإن هؤلاء الأصوب لهم أن يفتصدوا في الربيع وإن لم يكونوا قد وقعوا في هذه الأمراض‏.‏

والذين تصيبهم ضربة أو سقطة فقد يفصدون احتياطاً لثلآ يحدث بهم ورم ومن يكون به ورم ويخاف انفجاره قبل النضج فإنه يفتصد وإن لم يحتج إليه ولم تكن كثرة‏.‏

ويجب أن تعلم أن هذه الأمراض ما دامت مخوفة ولم يوقع فيها فإن إباحة الفصد فيها أوسع فإن وقع فيها فليترك في أوائلها الفصد أصلاً فإنه يرقّق الفضول ويجريها في البدن ويخلطها بالدم الصحيح وربما لم يستفرغ من المحتاج إليه شيئاً وأحوج إلى معاودات مجحفة فإذا ظهر النضج وجاوز المرض الابتداء والانتهاء فحينئذ إن وجب الفصد ولم يمنع مانع فصد‏.‏

ولا يفصدن ولا يستفرغن في يوم حركة المرض فإنه يوم راحة ويوم النوم والثوران للعلة وإذا كان المرض ذا بحرانات في مدّته طول ما فليس يجوز أن يستفرغ دماً كثيراً أصلاً بل إن أمكن أن يسكن فعل وإن لم يمكن فصد وأخرج دماً قليلاً وخلف في البدن عدة دم لفصدات إن سنحت ولحفظ القوة في مقاومة البحرانات وإذا اشتكى في الشتاء بعيد العهد بالفصد تكسيراً فليفصد وليخلف دماً للعدة‏.‏



والفصد يجذبه إلى الخلاف تحبس الطبيعة كثيراً وإذا ضعفت القوة من الفصد الكثير تولدت أخلاط كثيرة والغشي يعرض في أول الفصد لمفاجأة غير المعتاد وتقدم القيء مما يمنعه وكذلك القيء وقت وقوعه‏.‏

واعلم أن الفصد مثير إلى أن يسكن ، والفصد والقولنج قلما يجتمعان والحبلى والطامث لا تفصدان إلا لضرورة عظيمة مثل الحاجة إلى حبس نفث الدم القوي إن كانت القوة متواتية والأولى والأوجب أن لا تفصد بتة إذ يموت الجنين‏.‏

ويجب أن تعلم أنه ليس كلما ظهرت علامات الامتلاء المذكورة وجب الفصد بل ربما كان الامتلاء من أخلاط نيئة وكان الفصد ضاراً جداً فإنك إن فصدت لم ينضج وخيف أن يهلك العليل وأما من يغلب عليه السوداء فلا بأس بأن يفصد إذا لم يستفرغ بالإسهال بعد مراعاة حال اللون على الشرط الذي سنذكره واعتبار التمدد فإن فشو التمدّد في البدن يفيد الحدس وحده بوجوب الفصد‏.‏

وأما من يكون دمِه المحمود قليلاً وفي بدنه أخلاط رديئة كثيرة فإن الفصد يسلبه الطيب ويختلف فيه الرديء ومن كان دمه رديئاً وقليلاً أو كان مائلاً إلى عضو يعظم ضرر ميله إليه ولم يكن بد من فصد فيجب أن يؤخذ دمه قليلاً ثم يغذى بغذاء محمود ثم يفصد كرة أخرى ثم يفصد في أيام ليخرج عنه الدم الرديء ويخلف الجيّد فإن كانت الأخلاط الرديئة فيه مرارية احتيل في استفراغها أولاً بالاسهال اللطيف أو القيء أو تسكينها واجتهد في تسكين المريض وتوديعه‏.‏

وإن كانت غليظة فقد كان القدماء يكلفونهم الاستحمام والمشي في حوائجهم وربما سقوهم قبل الفصد وبعده قبل التثنية السكنجبين الملطف المطبوخ بالزوفا والحاشا‏.‏

وإذا اضطر إلى فصد مع ضعف قوة لحمى أو لأخلاط أخرى ردية فليفرق الفصد كما قلنا‏.‏

والفصد الضيّق أحفظ للقوة لكنه ربما أسال اللطيف الصافي وحبس الكثيف الكدر‏.‏

وأما الواسع فهو أسرع إلى الغشي وأعمل في التنقية وأبطأ اندمالاً وهو أولى لمن يفصد للاستظهار وفي السمَان بل التوسيع في الشتاء أولى لئلا يجمد الدم‏.‏

والتضييق في الصيف أولى إن احتيج إليه وليفصد المفصود وهو مستلق فإن ذلك أحرى أن يحفظ قوّته ولا يجلب إليه الغشي‏.‏

وأما في الحمّيات فيجب أن يجتنب الفصد في الحميات الشديدة الالتهاب وجميع الحميات غير الحادة في ابتدائها وفي أيام الدور ويقلل الفصد في الحميات التي يصحبها تشتج‏.‏

وإن كانت الحاجة إلى الفصد واقعة لأن التشنج إذا عرض أسهر وأعرق عرقاً كثيراً وأسقط القوة فيجب أن يبقى لذلك عدة دم وكذلك من فصد محموماً ليس حده عن عفن فيجب أن يقل فصده ليبقى لتحليل الحمى عدة فإن لم تكن شديدة الالتهاب وكانت عفنة فانظر إلى القوانين العشرة ثم تأمل القارورة فإن كان الماء غليظاً إلى الحمرة ة وكان أيضاً النبض عظيماً والسحنة منتفخة وليس يبادر الحمّى في حركتها فافصد على وقت خلاء من المعدة عن الطعام‏.‏

وأما إن كان الماء رقيقاً أو نارياً أو كانت السحنة منخرطة منذ ابتداء المرض فإياك والفصد‏.‏

وإن كان هناك فترات للحمّى فليكن الفصد واعتبر حال النافض فإذا كان النافض قوياً فإياك والفصد وتأمل لون الدم الذي يخرج فإن كان رقيقاً إلى البياض فاحبس في الوقت وتوق في الجملة لئلا يجلب على المريض أحد أمرين‏:‏ تهييج الأخلاط المرارية وتهييج الأخلاط الباردة‏.‏

وإذا وجب أن يفصد في الحمى فلا يلتفت إلى ما يقال أنه لا سبيل إليه بعد الرابع فسبيل إليه إن وجب ولو بعد الأربعين‏.‏

هذا رأي ‏"‏ جالينوس ‏"‏ على أن التقديم والتعجيل أولى إذا صحت الدلائل فإن قصر في ذلك فأي وقت أدركته ووجب فافصد بعد مراعاة الأمور العشرة وكثيراً ما يكون الفصد في الحميات وأن لم يكن يحتاج إليه مقوياً للطبيعة على المادة بتقليلها هذا إذا كانت السحنة والسن والقوّة وغير ذلك ترخّص فيه‏.‏

وأما الحمى الدموية فلا بد فيها من استفراغ بالفصد غير مفرط في الابتداء ومفرط عند النضج وكثيراً ما أقلعت في حال الفصد ويجب أن يحذر الفصد في المزاج الشديد البرد والبلاد الشديدة البرد وعند الوجع الشديد وبعد الاستحمام المحلل وبعقب الجماع وفي السن القاصر عن الرابع عشر ما أمكن وفي سن الشيخوخة ما أمكن اللهم إلا أن تثق بالسحنة واكتناز العضل وسعة العروق وامتلائها وحمرة الألوان فهؤلاء من المشايخ والأحداث نتجرأ على فصدهم‏.‏

والأحداث يدرجون قليلاً قليلاً بفصد يسير ويجب أن يحذر الفصد في الأبدان الشديدة القضافة والشديدة السمن والمتخلخلة والبيض المترهلة والصفر العديمة الدم ما أمكن وتتوقاه في أبدان طالت عليها الأمراض إلا أن يكون فساد دمها يستدير ذلك فافصد وتأمل الدم فإن كان أسود ثخيناً فاخرج وإن رأيته أبيض رقيقاً فسد في الحال فإن في ذلك خطراً عظيماً ويجب أن تحذر الفصد على الامتلاء من الطعام كي لا تنجذب مادّة غير نضيجة إلى العروق بدل ما تستفرغ وأن تتوقّى ذلك أيضاً على امتلاء المعدة والمعي من الثقل المدرك أو المقارب بل تجتهد في استفراغه أما من المعدة وما يليها فبالقيء وأما من الأمعاء السفلى فيما يمكن ولو بالحقنة وتتوقى فصد صاحب التخمة بل تمهله إلى أن تنهضم تخمته‏.‏

وصاحب ذكاء حس فم المعدة أو ضعف فمها أو الممن و يتولد المرار فيها فإن مثله يجب أن يتوقى التهور في فصده وخصوصاً على الريق‏.‏

أما صاحب ذكاء حس فم المعدة فتعرفه بتأذّيه من بلع اللذاعات وصاحب ضعف فم المعدة تعرفه من ضعف شهوته وأوجاع فم معدته وصاحب قبول فم معدته للمرار والكثير تولدها فيها تعرفه من دوام غثيانه ومن قيئه المرار كل وقت ومن مرارة فمه فهؤلاء إذا فصدوا من غير سبق تعهد لفم معدتهم عرض من ذلك خطر عظيم وربما هلك منهم بعضهم فيجب أن يلقم صاحب ذكاء الحس وصاحب الضعف لقماً من خبز نقي مغموسة في رُبّ حامض طيب الرائحة وإن كان الضعف من مزاج بارد فمغموسة في مثل ماء السكر بالإفاويه أو شراب النعناع الممسك أو الميعة الممسكة ثم يفصد‏.‏

وأما صاحب تولد المرار فيجب أن يتقيأ بسقي ماء حار كثير مع السكنجبين ثم يطعم لقماً ويراح يسيراً ثم يفصد ويحتاج أن يتدارك بدل ما يتحلآ من الدم الجيد إن كان قوياً بالكباب على نقله فإنه إن انهضم غذى غذاء كثيراً جيداً ولكن يجب أن يكون أقل ما يكون فإن المعدة ضعيفة بسبب الفصد وقد يفصد العرق لمنع نزف الدم من الرعاف أو الرحم أو المقعدة أو الصدر أو بعض الخراجات بأن يجذب الدم إلى خلاف تلك الجهة‏.‏

وهذا علاج قوي نافع ويجب أن يكون البضع ضيقاً جداً وأن تكون المرات كثيرة لا في يوم واحد إلا أن تضطر الضرورة بل في يوم بعد يوم وكل مرة يقلّل ما أمكن‏.‏

وبالجملة فإن تكثير أعداد الفصد أوفق من تكثير مقداره والفصد الذي لم تكن إليه حاجة يهيج المرار ويعقب جفاف اللسان ونحوه فليتدارك بماء الشعير والسكر ومن أراد التثنية ولم يعرض له من الفصدة الأولى مضرة فالج ونحوه فيجب أن يفصد العرق من إليه طولاً ليمنع حركة العضل عن التحامه وأن يوسع وإن خيف مع ذلك الالتحام بسرعة وضع عليه خرقة مبلولة بزيت وقليل ملح وعصب فوقها وأن دهن مبضعه عند الفصد منع سرعة الالتحام وقلل الوجع وذلك هو أن يمسح عليه الزيت ونحوه مسحاً خفيفاً أو يغمس في الزيت ثم يمسح بخرقة‏.‏

ابن حزم
06-09-2005, 12:18 PM
والنوم بين الفصد والتئنية يسرع التحام البضع وتذكر ما قلناه من الاستفراغ في الشتاء بالدواء أنه يجب أن يرصد له يوم جنوبي فكذلك الفصد‏.‏

واعلم أن فصد الموسوسين والمجانين والذين يحتاجون إلى فصد في الليل في زمان النوم يجب أن يكون ضيقاً لئلاّ يحدث نزف الدم وكذلك كل من لا يحتاج إلى التثنية‏.‏

واعلم أن التثنية تؤخر بمقدار الضعف فإن لم يكن هناك ضعف فغايته ساعة والمراد من إرسال دمه الجذب يوماً واحداً‏.‏

والفصد المورب أوفق لمن يريد التثنية في اليوم والمعرض لمن يريد التثنية في الوقت والمطول لمن لا يريد الاقتصار على تثنية واحدة ومن عزمه أن يترشّح عدة أيام كل يوم وكلما كان الفصد أكثر وجعاً كان أبطأ التحاماً‏.‏

والاستفراغ الكثير في التثنية يجلب الغشي إلا أن يكون قد تناول المثني شيئاً‏.‏

والنوم بين الفصد والتثنية يمنع أن يندفع في الدم من الفضول ما ينجذب لانجذاب الأخلاط بالنوم إلى غور البدن‏.‏

ومن منافع التثنية حفظ قوة المفصود مع استكمال استفراغه الواجب له وخير التثنيه ما أخر يومين وثلاثة‏.‏

والنوم بقرب الفصد ربما أحدث انكساراً في الأعضاء‏.‏

والاستحمام قبل الفصد ربما عسَر الفصد بما يغلظ من الجلد ويلينه ويهيئه للزلق إلا أن يكون المفتصد شديد غلظ الدم‏.‏

والمفتصد ينبغي له أن لا يقدم على امتلاء بعده بل يتدرج فى الغذاء ويستلطفه أولاً وكذلك يجب أن لا يرتاض بعده بل يميل إلى الاستلقاء وأن لا يستحم بعده استحماماً محللاً ومن افتصد وتورم عليه اليد افتصد من اليد الآخرى مقدار الاحتمال ووضع عليه مرهم الاسفيداج وطلى حواليه بالمبردات القوية وإذا افتصد من الغالب على بدنه الأخلاط صار الفصد علة لثوران تلك الأخلاط وجريانها واختلاطها فيحوج إلى فصد متواتر والدم السوداوي يحوج إلى فصد متواتر فيخف الحال في الحال ويعقب عند الشيخوخة أمراضاً منها السكتة والفصد كثيراً ما يهيج الحميّات وتلك الحميات كثيرأً ما تتحلل العفونات وكل صحيح افتصد فيجب أن يتناول ما قلناه في باب الشراب‏.‏

واعلم أن العروق المفصودة بعضها أوردة وبعضها شرايين والشرايين تفصد في الأقل ويتوقى ما يقع فيها من الخطر من نزف الدم وأقلّ أحواله أن يحدث أنورسما وذلك إذا كان الشق ضيقاً جداً إلا أنها إذا أمن نزف الدم منها كانت عظيمة النفع في أمراض خاصة تفصد هي لأجلها وأكثر نفع فصد الشريان إنما يكون إذا كان في العضو المجاور له أعراض رديئة سببها دم لطيف حاد فإذا فصد الشريان المجاور له ولم يكن مما فيه خطر كان عظيم المنفعة والعروق المفصودة من اليد أما الأوردة فستة‏:‏ القيفال والأكحل والباسليق وحبل الذراع والأسيلم والذي يخص باسم الإبطي وهو شعبة من الباسليق وأصلها القيفال‏.‏

ويجب في جميع الثلاثة أن يفتح فوق المأبض لا تحته ولا بحذائه ليخرج الدم خروجاً جيداً كما يتروق ويؤمن أفات العصب والشريان وكذلك القيفال وفصده الطويل أبطأ لالتحامه لأنه مفصلي وفي غير المفصلي الأمر بالخلاف وعرق النسا والأسيلم وعروق أخرى الأصوب أن يفصد فيها طولاً ومع ذلك ينبغي أن يتنحّى في القيفال عن رأس العضلة إلى موضع اللين ويوسع بضعه ولا يتبع بضع بضعاً فيرم وأكثر من وقع عليه الخطأ في موضع فصد القيفال لم يقع بضربة واحدة وأن عظمت بل إنما تحدث النكاية بتكرير الضربات وإبطاء فصده التحاماً هو الذي في الطول ويوسع فصده إن أريد أن يثني وإذا لم يوجد هو طلب بعض شعبه التي في وحشي الساعد والأكحل فيه خطر للعصبة التي تحته وربما وقع بين عصبتين فيجب أن يجتهد ليفصد طولاً ويعلق فصده وربما كان فوقه عصبة رقيقة مممدودة كالوتر فيجب أن يتعرف ذلك ويحتاط من أن تصيبها الضربة فيحدث خدر مزمن‏.‏

ومن كان عرقه أغلظ فهذه الشعبة فيه أبين والخطأ فيه أشد نكاية فإن وقع الغلط فأصيبت تلك العصبة فلا تلحم الفصد وضع عليه ما يمنع التحامه وعالجه بعلاج جراحات العصب وقد قلنا فيها في الكتاب الرابع‏.‏

وإياك أن تقرب منه مبرًداً من أمثال عصارة عنب الثعلب والصندل بل مرخ نواحيه والبدن كله بالدهن المسخن‏.‏

وحبل الذراع أيضاً الأصوب فيه أن يفصد مورباً إلا أن يكون مراوغاً من الجانبين فيفصد طولاً‏.‏

والباسليق عظيم الخطر لوقوع الشريان تحته فاحتط في فصده فإن الشريان إذا انفتح لم يرقأ الدم أو عسر رقوه‏.‏

ومن الناس من يكتنف باسليقه شريانان فإذا أعلم على أحدهما ظن أنه قد أمن فربما أصاب الثاني فعليك أن تتعرف هذا وإذا عصب ففي أكثر الأمر يعرض هناك انتفاخ تارة من الشريان وتارة من الباسليق فكيف كان فيجب أن تحل الرباط ويمسح النفخ مسحاً برفق ثم يعاد العصب فإن عاد أعيد إليك فإن لم يغن فما عليك لو تركت الباسليق وفصدت الشعبة المسماة بالإبطية وهي التي على أنسي الساعد إلى أسفل وكثيراً ما يغلط النفخ وكثيراً ما يسكن الربط والنفخ من نبض الشريان ويعليه ويشهقه فيظن وريداً فيفصد‏.‏

وإذا ربطت أي عرق كان فحدث من الربط عليه أشباه العدس والحمص فافعل به ما قلنا في الباسليق والباسليق كلما انحططت فيفصده إلى الذراع فهو أسلم‏.‏

وليكن مسلك المبضع في خلاف جهة الشريان من العرق وليس الخطأ في الباسليق من جهة الشريان فقط بل تحته عضلة وعصبة يقع الخطأ بسببهما‏.‏

أيضاً قد خبرناك بهذا وعلامة الخطأ في الباسليق وإصابة الشريان أن يخرج دم رقيق أشقر يثب وثباً ويلين تحت المجسة وينخفض فبادر حينئذ وألقم فم المبضع شيئاً من وبر الأرنب مع شيء من دقاق الكندر ودم الأخوين والصبر والمر وتضع على الموضع شيئاً من القلقطار الزاج وترش عليه الماء البارد ما أمكن وتشقه من فوق الفصد وتربطه ربطاً بشد حابس فإذا احتبس فلا تحل الشد ثلاثة أيام وبعد الثلاثة يجب عليك أن تحتاط أيضاً ما أمكن وضمد الناحِية بالموابض وكثير من الناس يبتر شريانه وذلك ليتقلص العرق وينطبق عليه الدم فيِحبسه وكثير من الناس مات بسبب نزف الدم ومنهم من مات بسبب ربط العضو وشدة وجع الربط الذي أريد بشده منع دم الشريان حتى صار العضو إلى طريق الموت‏.‏

واعلم أن نزف الدم قد يقع من الأوردة أيضاً واعلم أن القيقال يستفرغ الدم أكثر من الرقبة وما فوقها وشيئاً قليلاً مما دون الرقبة ولا يجاوز حد ناحية الكبد والشراسيف ولا تنقي الأسافل تنقية يعتدّ بها والأكحل متوسّط الحكم بين القيفال والباسليق والباسليق يستفرغ من نواحي تنور البدن إلى أسفل التنور وجعل الذراع مشاكل للقيفال والأسيلم يذكر أنه ينفع الأيمن منه من أوجاع الكبد والأيسر من أوجاع الطحال وأنه يفصد حتى يرقأ الدم بنفسه ويحتاج أن توضع اليد من مفصوده في ماء حار لئلا يحتبس الدم وليخرج بسهولة إن كان الدم ضعيف الانحدار كما هو في الأكثر من مفصودي الأسيلم‏.‏

وأفضل فصد الأسيلم ما كان طولاً‏.‏

والإبطي حكمه حكم الباسليق‏.‏

وأما الشريان الذي يفصد من اليد اليمنى فهو الذي على ظهر الكف ما ين السبابة والإبهام وهو عجيب النفع من أوجاع الكبد والحجاب المزمنة وقد رأى جالينوس هذا في الرؤيا إذ الرؤيا الصادقة جزء من أجزاء النبوّة كأن امراً أمره به لوجع كان في كبده ففعل فعوفي وقد يفصد شريان اخر أميل منه إلى باطن الكفّ مقارب المنفعه لمنقعته‏.‏

ومن أحب فصد العرق من اليد فلم يتأت فلا يلحف في الكي والعصب الشديد وتكرير البضع بل يتركه يوماً أو يومين فإن دعت ضرورة إلى تكرير البضع ارتفع عن البضعة الأولى ولا ينخفض عنها‏.‏

والربط الشديد يجلب الورم وتبريد الرفادة وترطيبها بماء الورد أو بماء مبرد صالح موافق‏.‏

ويجب أن لا يزيل الرباط الجلد عن موضعه قبل الفصد وبعده‏.‏

والأبدان القضيفة يصير شذ الرباط عليها سبباً لخلاء العروق واحتباس الدم عنها والأبدان السمينة بالإفراط فإن الإرخاء لا يكاد يظهر العرق فيها ما لم يشتد وقد يتلطف بعض الفصاد في إخفاء الوجع فيحدر اليد لشدة الربط وتركه ساعة ومنه من يمسح الشعرة اللينة بالدهن‏.‏

وهذا كما قلنا يخفّ وجعه ويبطىء التحامه‏.‏

وإذا لم تظهر العروق المذكورة في اليد وظهرت شعبها فلتغمز اليد على الشعبة مسحاً فإن كان الدم عند مفارقة المسح ينصب إليها بسرعة فينفخها فصدت وإلا لم تفصد وإذا أريد الغسل جذب الجلد ليستر البضع وغسل ثم رد إلى موضعه وهندمت الرفادة وخيرها الكرية وعصبت وإذا مال على وجه البضع شحم فيجب أن ينحى بالرفق ولا يجوز أن يقطع وهؤلاء لا يجب أن يطمع في تثنيتهم من غير بضع واعلم أن لحبس الدم وشد البضع وقتاً محدوداً وإن كان مختلفاً فمن الناس من يحتمل ولو في حماه أخذ خمسة أو ستة أرطال من الدم ومنهم من لا يحتمل في الصحة أخذ رطل لكن يجب أن تراعي في ذلك أحوالأ ثلاثاً‏:‏ إحداها حقن الدم واسترخاؤه والثانية لون الدم وربما غلط كثيراً بأن يخرج أولاً ما خرج منه رقيقاً أبيض وإذا كان هناك علامات الإمتلاء وأوجب الحال الفصد فلا يغترن بذلك وقد يغلظ لون الدم في صاحب الأورام لأن الورم يجذب الدم إلى نفسه والثالثة النبض يجب أن لا تفارقه فإذا خاف الحقن أن يغير لون الدم أو صغر النبض وخصوصاً إلى ضعف فاحبس وكذلك إن عرض عارض تثاؤب وتمط وفواق وغثيان فإن أسرع تغيّر اللون بل الحقن فاعتمد فيه النبض وأسرع الناس صادرة إليه الغشي هم الحارو المزاج النحاف المتخلخلو الأبدان وأبطؤهم وقوعاً في الأبدان المعتدلة المكتنزة اللحم‏.‏

ابن حزم
06-09-2005, 12:18 PM
قالوا‏:‏ يجب أن يكون مع الفصاد مباضع كثيرة ذات شعرة وغير ذات شعرة وذات الشعرة أولى بالعروق الزوالة كالوداج وأن تكون معه كبة من خز وحرير ومقيأ من خشب أو ريش وأن يكون معه وبر الأرنب ودواء الصبر والكندر ونافجة مسك ودواء المسك وأقراض المسك حتى إذا عرض غشي وهو أحد ما يخاف في الفصد وربما لم يفلح صاحبه بادر فألقمه الكبة وقيأه بالآلة وشممه النافجة وجرعه من دواء المسك أو أقراصه شيئاً فتنتعش قوته وإن حدث بثق دم بادر فحسبه بوبر الأرنب ودواء الكندر وما أقلّ ما يعرض الغشي والدم بعد في طريق الخروج بل إنما يعرض أكثره بعد الحبس إلا أن يفرط على أنّه لا يبالي من مقاربة الغشي في الحميات المطبقة ومبادىء السكتة والخوانيق والأرام الغليظة العظيمة المهلكة وفي الأوجاع الشديدة ولا نعمل بذلك إلا إذا كانت القوة قوية فقد اتفق علينا أن بسطنا القول بعد القول في عروق اليد بسطاً في معان أخرى ونسينا عروق الرجل وعروقاً أخرى فيجب علينا أن نصل كلامنا بها فنقول‏:‏ أما عروق الرجل فمن ذلك عرق النسا ويفصد من الجانب الوحشي عند الكعب إما تحته وإما فوقه من الورك إلى الكعب ويلف بلفافة أو بعصابة قوية فالأولى أن يستحم قبله والأصوب أن يفصد طولاً وإن خفي فصد من شعبة ما بين الخنصر والبنصر ومنفعة فصد عرق النسا في وجع عرق النسا عظيمة‏.‏

وكذلك في النقرس وفي الدوالي ودواء الفيل‏.‏

وتثنية عرق النسا صعبة‏.‏

ومن ذلك أيضاً الصافن وهو على الجانب الإنسي من الكعب وهو أظهر من عرق النسا ويفصد لاستفراغ الدم من الأعضاء التي تحت الكبد ولإمالة الدم من النواحي العالية إلى السافلة ولذلك يدر الطمث بقوة ويفتح أفواه البواسير‏.‏

والقياس يوجب أن يكون عرق النسا والصافن متشابهي المنفعة ولكن التجربة ترجح تأثير الفصد في عرق النسا في وجع عرق النسا بشيء كثير وكان ذلك للمحاذاة‏ !!! .‏

وأفضل فصد الصافن أن يكون مورباً إلى العرض ومن ذلك عرق مأبض الركبة يذهب مذهب الصافن إلا أنه أقوى من الصافن في إدرار الطمث وفي أوجاع المقعدة والبواسير‏.‏

ومن ذلك العرق الذي خلف العرقوب وكأنه شعبة من الصافن ويذهب مذهبه‏.‏

وفصد عروق الرجل بالجملة نافع من الأمراض التي تكون عن مواد مائلة إلى الرأس ومن الأمراض السوداوية وتضعيفها للقوة أشدّ من تضعيف فصد عروق اليد وأما العروق المفصودة التي في وهذه العروق منها أوردة ومنها شرايين‏.‏

فالأوردة مثل عرق الجبهة وهو المنتصب ما بين الحاجبين وفصده ينفع من ثقل الرأس وخصوصاً في مؤخره وثقل العينين والصداع الدائم المزمن والعرق الذي على الهامة يفصد للشقيقة وقروح الرأس وعرقا الصدغين الملتويان على الصدغين وعرقا المأقين وفي الأغلب لا يظهران إلا بالخنق‏.‏ ويجب أن لا تغور البضع فيهما فربما صار ناصوراً وإنما يسيل منها دم يسير‏.‏ ومنفعة فصدهما في الصداع والشقيقة والرمد المزمن والدمعة والغشاوة وجرب الأجفان وبثورها والعشا .

وثلاثة عروق صغار موضعها وراء ما يدق طرف الأذن عند الإلصاق بشعره‏.‏ وأحد الثلاثة أظهر ويفصد من ابتداء المأق وقبول الرأس لبخارات المعدة وبنفع كذلك من قروح الأذن والقفا ومرض الرأس‏.‏ وينكر ‏"‏ جالينوس ‏"‏ ما يقال‏:‏ أن عرقين خلف الأذنين يفصدهما المتبتلون ليبطل النسل .

ومن هذه الأوردة الوداجان وهما إثنان يفصدان عند ابتداء الجذام والخناق الشديد وضيق النفس والربو الحاد وبحة الصوت في ذات الرئة والبهق الكائن من كثرة دم حار وعلل الطحال والجنبين‏ ، ويجب على ما خبرنا عنه قبل أن يكون فصدهما بمبضع ذي شعرة‏.‏ وأما كيفية تقييده فيجب أن يميل فيه الرأس إلى ضدّ جانب الفصد ليثور العرق ويتأمل الجهة التي هي أشد زوالاً فيؤخذ من ضذ تلك الجهة ويجب أن يكون الفصد عرضاً لا طولاً كما يفعل بالصافن وعرق النسا ومع ذلك فيجب أن يقع فصده طولاً‏.‏

ومنها العرق الذي في الأرنبة وموضع فصده هو المتشقق من طرفها الذي إذا غمز عليه بالأصبع تفرق باثنين وهناك يبضع والدم السائل منه قليل‏.‏ وينفع فصده من الكلف وكدورة اللون والبواسير والبثور التي تكون في الأنف والحكة فيه لكنه أحدث حمرة لون مزمنة تشبه السعفة ويفشو في الوجه فتكون مضرته أعظم من منفعته كثيراً‏.‏

والعروق التي تحت الخششا مما يلي النقرة نافع فصدها من السدَرِ الكائن من الدم اللطيف والأوجاع المتقادمة في الرأس ومنها الجهاررك وهي عروق أربعة على كل شقة منها زوج فينفع فصدها من قروح الفم والقلاع وأوجاع اللثة وأورأمها واسترخائها أو قروحها والبواسير والشقوق فيها ومنها العرق الذي تحت اللسان على باطن الذقن ويفصد في الخوانيق وأورام اللوزتين ومنها عرق تحت اللسان نفسه يفصد لثقل اللسان الذي يكون من الدم ويجب أن يفصد طولاً فإن فصد عرضاً صعب رقاء دمه ومنها عرق عند العنفقة يفصد للبخر ومنها عرق اللثة يفصد في معالجات فم المعدة‏.‏

وأما الشرايين التي في الرأس فمنها شريان الصداغ قد يفصد وقد يبتر وقد يسل وقد يكوى ويفعل ذلك لحبس النوازل الحادة اللطيفة المنصبة إلى العينين ولابتداء الانتشار‏.‏

والشريانان اللذان خلف الأذنين ويفصدان لأنواع الرمد وابتداء الماء والغشاوة والعشا والصداع المزمن ولا يخلو فصدهما عن خطر ويبطؤ معه الالتحام‏.‏

وقد ذكر ‏"‏ جالينوس ‏"‏ أن مجروحاً في حلفه أصيب شريانه وسال منه دم بمقدار صالح فتداركه ‏"‏ جالينوس ‏"‏ بدواء الكندر والصبر ودم الأخوين والمر فاحتبس الدم وزال عنه وجع مزمن كان في ناحية وركه‏.‏

ومن العروق التي تفصد في البدن عرقان على البطن‏:‏ أحدهما موضوع على الكبد والآخر موضوع على الطحال ويفصد الأيمن في الاستسقاء والأيسر في علل الطحال‏.‏

واعلم أن الفصد له وقتان‏:‏ وقت اختيار ووقت ضرورة‏.‏

فالوقت المختار فيه ضحوة النهار بعد تمام الهضم والنفض وأما وقت الاضطرار فهو الوقت الموجب الذي لا يسوغ تأخيره ولا يلتفت فيه إلى سبب مانع‏.‏

واعلم أن المبضع الكال كثير المضرّة فإنه يخطىء فلا يلحق ويورم ويوجع فإذا أعملت المبضع فلا تدفعه باليد غمزاً بل برفق بالاختلاس لتوصل طرف المبضع حشو العروق وإذا أعنفت فكثيراً ما ينكسر رأس المبضع انكساراً خفياً فيصير زلآقاً يجرح العرق فإن ألححت بفصدك زدت شراً‏.‏

ولذلك يجب أن يجرب كيفية علوق المبضع بالجلد قبل الفصد به وعند معاودة ضربه إن أردتها واجتهد أن تملأ العرق وتنفخه بالدم فحينئذ يكون الزلق والزوال أقل‏.‏

فإذا استعصى العرق ولم يظهر امتلاؤه تحت الشد فحله وشدّه مراراً وامسحه وانزل في الضغط واصعد حتى تنبهه وتظهره وتجرب ذلك بين قبض أصبعين على موضع من المواضع التي تعلم امتداد العروق فبهما تحبس وتارة تحبس بأحدهما وتسيل الدم بالآخر حتى تحسّ بالواقف فشدّه عند الإشالة وجوزه عند التخلية ويجب أن يكون لرأس المبضع مسافة ينفذ فيها غير بعيدة فيتعداها إلى شريان أو عصب وأشد ما يجب أن يملأ حيث يكون العرق أدقّ‏.‏

وأما أخذ المبضع فينبغي أن يكون بالإبهام والوسطى وتترك السبابة للجس وأن يقع الأخذ على نصف الحديدة ولا يأخذه فوق ذلك فيكون التمكن منه مضطرباً وإذا كان العرق يزول إلى جانب واحد فقابله بالربط والضبط من ضدّ الجانب وإن كان يزول إلى جانبين سواء فاجتنب فصده طولاً‏.‏

واعلم أن الشد والغمز يجب أن يكون بقدر أحوال الجلد في صلابته وغلظه وبحسب كثرة اللحم ووفوره‏.‏

والتقييد يجب أن يكون قريباً وإذا أخفى التقييد العرق فعلم عليه واحذر أن يزول عن محاذاة العلامة عرقك في التقييد ومع ذلك فعلق الفصد وإذا استعصى عليك العرق وإشهاقه فشق عنه في الأبدان القضيفة خاصة واستعمل السنارة ووقوع التقييد والشد عند الفصد يمنع امتلاء العرق‏.‏

واعلم أن من يعرق كثيراً بسبب الامتلاء فهو محتاج إلى الفصد وكثيراً ما وقع للمحموم المصدوع المدبر في بابه بالفصد إسهال طبيعي فاستغنى عن الفصد قطعاً‏.‏

إن طريقة العلاج بالفصد مورست منذ القدم في الشرق الأقصى في الصين والهند وكذلك في مصر ووجدت صورة في قبر مصري بنى في عام 1500 قبل الميلاد تقريبا تظهر الأطباء وهم يقومون بعملية الفصد. أ.هـ.






ولا يزال الهنود في شوارع دلهي القديمة يعالجون بالفصد ، وهذا هو الحاكم محمد غياس واحد من أشهر المعالجين في هذا الفن والذي يعالج في الهواء الطلق خارج مسجد دلهي الكبير ، ويدّعي بأنّه يمكنه علاج الكثير من الأمراض منها إلتهاب المفاصل , والسرطان.






إنّ العقيدة الأساسية في العلاج هوالإعتقاد أن الدمّ الملوّث " الفاسد " أساس كلّ الأمراض: تخلّص من الدمّ الفاسد وأنت تتحسّن .

قد يحتاج المريض الى عدّة جلسات حتى يصل الى مرحلة الشفاء التام.

ومن أجل خروج الدمّ بسهولة أكثر، غياس يجعل مرضاه يقفون أولا في الشمس لنصف ساعة، وثم يبقيه واقفا ويربطه من الخصر " وسط البطن " الى الأسفل بحبل، ومن ثم يقوم بشرط العروق بنصل شفرة حلاقة.

ابن حزم
06-09-2005, 12:19 PM
كتاب العملة في صناع الجراحة لأبي الفرج ابن القف

630- 685 هـ

فصل في الفصد والسل والبتر والكي:
منذ زمن الإغريق حتى العصر الحديث كانت هذه الأعمال الجراحية شاثعة، فعلا نجد وصفا للفصد في الكتب البقراطية وما ذكره جالينوس، وقد تأثر العرب بهذه العملية وانتشرت بينهم وكتب عنها كثيرون في الإسلام (16) وعرف ابن القف الفصد تفرق اتصال إرادي، خاص بالأوردة لها آلات خاصة اعرفها الريشة اللطيفة الصنع والفأس والمبضع لاْ وهو يستعمل عند زيادة واستيلاء الأخلاط (المادة الدموية) على الباطن في الكمية أو في الكيفية مع ازدياد الحرارة.

ويشترط في الفاصد أن يكون عارفا بالتشريح ليعرف مسالك الأوردة واوضاعها وما يجاورها وكيف يحفظ المبضع نقيا من الصدأ والنمش وكيف يشد العض وعند الفصد بعصابة دقيقة معتدلة العرض.

أما في مواضع الفصد فقد حصروها في أربعة وثلاثين وريدا: أثنى عشر في الرأس كاليافوخ والخششاء والأرنبة والودجين، واثنى عشر في اليدين كالكحل والباسليف، وثمانية في الرجلين كعرق النساء، والاسيلم وحيث يربط الزند فوق الكوع بأربع أصابع (16).

أما الشرايين فتارة تفصد وتارة تبتر إذا افرط خروج الدم فيه إما لخطأ وقع في الفصد كأن فصد غيره ثم وقع طرف المبضع فيه واما لأنه قصد فصده كما ني شريان الصدغين فأفرط خروج الدم ولم ينقطع بوضع قاطعات الدم عليه فيستعمل البتر بكشف موضع الشريان وينحى عنه الأجسام التي حوله من اللحم ويعلقه بصنارة ويدخل تحته من كل جانب خيط ابريسم بإبرة ليست بحادة الرأس ويربط ربطا وثيقا ثم يقطع بنصفين من موضع الشق أو يترك ليقطع الدم ويضمد".


وتارة تسل الشرايين كما يفعل بشريان الصدغين في الشقيقة ووجع العين والنزلات المزمنة " إذ يحلق الشعر ثم يفتش عن الشريان حتى يعرف موضعه ويعلم عليه بمداد ثم يشق الجلد شقا ظاهرا على طول الشريان ويعلق على الجلد بصنانير وتكشف عن الشريان ويمد إلى فوق بصنارة وتقطعه وتخرج منه قطعة طول ثلاثة أصابع مضمومة بعضها إلى بعض ثم يوضع عليه قاطعات الدم أو يستعمل الشد بخيط ابريسم من الجانبين ويكون بينهما قدر ثلاثة أصابع ثم يقطع ما بين ذلك ويضمد).

وتارة تكوى الشرايين عوضا عن سلها، وذلك بأن تؤخذ مكوى ثخانة رأسه على قدر سعة الشريان ويحمى حتى يحرق الجلد ويصل الحريق إلى الشريان وينكمش الجميع بعضه إلى بعض بحيث أن الدم ينقطع خروجه ويضمد. ويثير المؤلف بان الكي علاج نافع لمنع انتشار الفساد وتجفيف الرطوبات أو تسخين عضو برد مزاجه أو حبا دم قد افرط أو انصباب المواد كما في نزلات العين والمعدة الباردة ومفصل الورك وعرق النسا أو ذوبان لحم فاسد قد عجزت الأدوية عن ذوبانه دون أن يصيب شيئا من الأعصاب والعضلات والأوتار.


والآلة المستعملة فيه تعمل من ذهب أو فضة، ولكن بحسب رأي الزهراوي الحديد فيه افضل (17). ويصف المؤلف طريقة كي القض بأن يحلق رأس المريض ثم يجلس وهو مربع ويداه على فخده ويعلم الموضع ويضع الجراح كفه على أنفه وأصابعه بين عينيه ويحمي المكوى الزيتوني جدا ويكوى. إما في علة عرق النسا فيستعمل الكي على أربعة وجوه:
ا- أن يكون موضع المفصل في مكوى من خلال أنبوبة دون أن يصيبها شيء إذا لم يتمكن الوجع من النزول.
2- إن يكوى ثلاث كيات إحداها من خلف عمق المفصل، وأخرى فوق الركبة، وثالثة فوق الكعب من خارج.
3- أن تتخذ آلة شبيهة بالقدح من نحاس أو حديد طولها نصف شبر وغلظ شفتها قدر نواة تمر، وفي داخلها قدح أخر وثالث داخله ويكون البعد من كل قدح وقدح بقدر عقد الإبهام مفتوحة من الجهتين حتى يخرج منها الدخان عند الكي من الطرف ويكون بينهم اتصال ثم يتخذ مقبض للجميع من حديد يحمي بالنار ويكوي به حق الورك؟ والعليل متكئ على جنبه الصحيح ويعمق الكي ثم يترك ثلاثة أيام ويدهن بالسمن ويكشف الجرح أياما حتى تخرج المادة منه ثم يعالج بالمراهم.
4- أن يكوى بالماء الحار قدح داخل آخر وبينهما وصل في وسط القدح ويكبس به حق الورك كبسا جيدا ويصب الماء الحار بينهما ويوصى المريض أن يصبر على الرجع فان موضعه يلذع: يحرق. وبعدما يرفع القدحين يمسح الموضع بماء ويترك ثلاثة أيام ويدهن بالسمن. يعالج بالمراهم الملحمة .
نقلا عن موقع اسلام ست: http://www.islamset.com

ابن حزم
06-09-2005, 12:20 PM
الفصل الأول صفة الأوردة

اما العروق الساكنة فان منبت جميعها من الكبد واول ما ينبت من الكبد عرقان‏:‏ احدهما من الجانب المقعر واكثر منفعته في جذب الغذاء الى الكبد ويسمى الباب والآخر من الجانب المحدب ومنفعته ايصال الغذاء من الكبد الى الأعضاء ويسمى الأجوف‏.‏

الفصل الثاني تشريح الوريد

المسمى بالباب ولنبدأ بتشريح العرق المسمى بالباب فنقول‏:‏

ان الباب اوّلاَ ينقسم طرفه الغائر في تجويف الكبد خمسة اقسام ويتشعب حتى ياتي اطراف الكبد المحدبة ويذهب منها وريد الى المرارة‏.‏

وهذه الشعب هي مثل اصول الشجرة النابتة تاخذ الى غور منبتها‏.‏

واما الطرف الذي يلي تقعيره فانه فاحد القسمين الصغيرين يتصل بنفس المعي المسمى اثني عشري ليجذب منه الغذاء وقد يتشعّب منه شعب تتفرق في الجرم المسمى بانقراس‏.‏

والقسم الثاني‏:‏ يتفرق في اسافل المعدة وعند البواب الذي هو فم المعدة السافل لياخذ الغذاء‏.‏

واما الستة الباقية فواحدة منها تصير الى الجانب المسطح من المعدة لتغذو ظاهرها اذ باطن المعدة يلاقي الغذاء الأول الذي فيه فيغتذي منه بالملاقاة‏.‏

والقسم الثاني ياتي ناحية الطحال ليغذو الطحال ويتشعب منه قبل وصوله الى الطحال شعب تغذو الجرم المسمى بانقراس من اصفى ما ينفذ فيه الى الطحال ثم يتصل بالطحال ومع اتصاله به ترجع منه شعبة صالحة تنقسم في الجانب الأيسر من المعدة لتغذوه‏.‏

واذا نفذ النافذ منه في الطحال وتوسطه صعد منه جزء ونزل جزء فالصاعد يتفرق منه شعبة في النصف الفوقاني من الطحال ليغذوه والجزء الآخر يبرز حتى يوافي حدبة المعدة ثم يتجزا جزاين‏:‏ جزء يتفرّق منه في ظاهر يسار المعدة ليغذوه وجزء يغوص الى فم المعدة لتدفع اليه الفضل العفص الحامض من السوداء ليخرج في الفضول ويدغدغ فم المعدة لدغدغة المنبهة للشهوة‏.‏

وقد ذكرناها قبل‏.‏

واما الجزء النازل منه فانه يتجزا ايضاً جزاين‏:‏ جزء منه يتفرق شعبة في النصف الأسفل من الطحال ليغذو ويبرز الجزء الثاني الى الثرب فيتفرق فيه ليغذوه والجزء الثالث من الستة الأول ياخذ الى الجانب الأيسر ويتفرق في جداول العروق التي حول المعي المستقيم ليمتصّ ما في الثقل من حاصل الغذاء والجزء الرابع عن الستة يتفرق كالشعر فبعضه يتوزع في ظاهر يمين حدبة المعدة مقابلاً للجزء الوارد على اليسار منه من جهة الطحال وبعضها يتوجه الى يمين الثرب ويتفرق فيه مقابلاً للجزء الوارد عليه من جهة اليسار من شعب العرق الطحالي‏.‏

واما الخامس من الستة فيتفرّق في الجداول التي حول معي قولون لياخذ الغذاء‏.‏

والسادس كذلك اكثره يتفرق حول الصائم وباقية حول اللفائف الدقيقة المتصلة بالأعور فيجذب الغذاء فاعلم ذلك‏.‏

الفصل الثالث تشريح الأجوف وما يصعد منه

واما الأجوف فان اصله اوّلاً يتفرق في الكبد نفسه الى اجزاء كالشعر ليجذب الغذاء من شعب الباب المتشعِّبة ايضاً كالشعر اما شُعَب الأجوف فواردة من حدبة الكبد الى جوفه واما شعب الباب فواردة من تقعير الكبد الى جوفه ثم يطلع ساقه عند الحدبة فينقسم الى قسمين‏:‏ قسم صاعد وقسم هابط فاما الصاعد منه فيخرق الحجاب وينفذ فيه ويخلف في الحجاب عرقين يتفرقان فيه ويؤتيانه الغذاء ثم يحاذي غلاف القلب فيرسل اليه شعباً كبيرة تتفرع قسم منه عظيم ياتي القلب فينفذ فيه عند اذن القلب الأيمن وهذا العرق اعظم عروق القلب‏.‏

وانما كان هذا العرق اعظم من سائر العروق لان سائر العروق هي لاستنشاق النسيم‏.‏

وهذا هو للغذاء والغذاء اغلظ من النسيم فيحتاج ان يكون منفذه اوسع ووعاؤه اعظم وهذا كما يدخل القلب يتخلف له اغشية ثلاثة مسقفها من داخل الى خارج ومن خارج الى داخل ليجتذب القلب عند تمدده منها الغذاء ثم لا يعود عند الإنبساط واغشيته اصلب الأغشية‏.‏

وهذا الوريد يخلف عند محاذاة القلب عروقاً ثلاثة تصير منه الى الرئة ناتئاً عند منيت الشرايين بقرب الأيسر منعطفاً في التجويف الأيمن الى الرئة‏.‏

وقد خلق ذا غشاءين كالشريانات‏.‏

فلهذا يسمى الوريد الشرياني‏.‏

والمنفعة الأولى في ذلك ان يكون ما يرشح منه دماً في غاية الرقة مشاكلاً لجوهر الرئة اذ هذا الدم قريب العهد بالقلب لم ينضج فيه نضج المنصبّ في الشريان الوريدي‏.‏

والمنفعة الثانية ان ينضج فيه المم فضل نضج‏.‏

واما القسم الثاني من هذه الأقسام الثلاثة فيستدير حول القلب ثم ينبثُّ في داخله ليغذو وذلك عندما يكاد الوريد الأجوف ان يغوص في الأذن الأيمن داخلاً في القلب‏.‏

واما القسم الثالث فانه يميل من الناس خاصة الى الجانب الأيسر ثم ينحو نحو الفقرة الخامسة من فقار الصدر ويتوكا عليها ويتفرق في الأضلاع الثمانية السفلى وما يليها من العضل وسائر الأجرام واما النافذ من الأجوف بعد الأجزاء الثلاثة اذا جاوزنا حبة القلب صعوداً تفرّق منه في اعالي الأغشية المنصفة للصدر واعالي الغلاف وفي اللحم الرخو المسمّى بتوثة شعب شعرية ثم عند القرب من الترقوة يتشعب منه شعبتان يتوجّهان الى ناحية الترقوة متوربتين كلما امعنتا تباعدتا فتصير كل شعبة منهما شعبتين واحدة منهما من كل جانب تنحدر على طرف القص يمنة ويسرة حتى تنتهي الى الحنجري ويخلف في ممرّها شعباً تتفرّق في العضل التي بين الأضلاع وتلاقي افواهها افواه العروق المنبثة فيها ويبرز منها طائفة الى العضل الخارجة من الصدر فاذا وافت الحنجري برزت طائفة منها الى المتراكمة المحرَّكة للكتف وتتفرَق فيها وطائفة تنزل تحت العضل المستقيم وتتفرق فيها منها شعب واواخرها تتَصِل بالأجزاء الصاعدة من الوريد العجزي الذي سنذكره‏.‏

واما الباقي من كل واحد منهما وهو زوج فان كل واحد من فرديه يخلف خمس شعب‏:‏ شعبة تتفرق في الصدر وتغذو الأضلاع الأربعة العليا وشعبة تغدو موضع الكتفين وشعبة تاخذ نحو العضل الغائرة في العنق لتغذوها وشعبة تنفذ في ثقب الفقرات الستّ العليا في الرقبة وتجاوزها الى الراس وشعبة عظيمة هي اعظمها تصير الى الإبط من كل جانب وتتفرع فروعاً اربعة‏:‏ اوّلها‏:‏ يتفرّق في العضل التي على القصّ وهي من التي تحرّك مفصل الكتف وثانيها في اللحم الرخو والصفاقات التي في الإبط وثالثها يهبط ماراً على جانب الصدر الى المراق ورابعها اعظمها وينقسم ثلاثة اجزاء‏:‏ جزء يتفرق في العضل التي في تقعير الكتف وجزء في العضلة الكبيرة التي في الإبط والثالث اعظمها يمرّ على العضد الى اليد وهو المسمّى بالإبطي والذي يبقى من الانشعاب الأول الذي انشعب احد فرعيه هذه الأقسام الكثيرة فانّه يصعد نحو العنق وقبل ان يمعن في ذلك ينقسم قسمين‏:‏ احدهما‏:‏ الوداج الظاهر والثاني الوداج الغائر‏.‏

والوداج الظاهر ينقسم كما يصعد من الترقوة قسمين‏:‏ احدهما كما ينفصل ياخذ الى قدام والى جانب والثاني ياخذ اولاً الى قدّام ويتسافل ثم يصعد ويعلو مستظهراً ثانياً من الترقوة ويستدير على الترقوة ثم يصعد ويعلو مستظهر الرقبة حتى يلحق بالقسم الأول فيختلط به فيكون منهما الوداج الظاهر المعروف‏.‏

وقبل ان يختلط به ينفصل عنه جزان‏:‏ احدهما ياخذ عرضاً ثم يلتقيان عند ملتقى الترقوتين في الموضع الغائر والثاني يتورب مستظهراً العنق ولا يتلاقى فرداه بعد ذلك ويتفرع من هذين الزوجين شعب عنكبوتية تفوت الحسّ ولكنه قد يتفرع من هذا الزوج الثاني خاصة في جملة فروعه اوردة ثلاثة محسوسة لها قدر‏.‏ وسائرها غير محسوسة‏.‏

واحد هذه الأوردة يمتد على الكتف وهو المسمى الكتفي ومنه القيفال واثنان عن جنبتي هذا يلزمانه الى راس الكتف معاً لكن احدهما يحتبس هناك ولا يجاوزه بل يتفرّق فيه‏.‏

واما المتقدّم منهما فيجاوزه الى راس العضد ويتفرق هناك‏.‏

واما الكتفي فيجاوزهما جميعاً الى اخر اليد هذا‏.‏

واما الوداج الظاهر بعد اختلاف طرديه فقد ينقسم باثنين فيستبطن جزء منه ويفرّع شعباً صغاراً تتفرق في الفكّ الأعلى وشعباَ اعظم منها بكثير تتفرق في الفكّ الأسفل واجزاء من كلا صنفي الشعب تتفرق حول اللسان وفي الظاهر من اجزاء العضل الموضوعة هناك‏.‏

والجزء الآخر يستظهر فيتفرق في المواضع التي تلي الراس والأذنين‏.‏

واما الوداج الغائر فانه يلزم المريء ويصعد معه مستقيماً ويخلف في مسلكه شعباً تخالط الشعب الآتية من الوداج الظاهر وتنقسم جميعها في المريء والحنجرة وجميع اجزاء العضل الغائرة وينفذ اخره الى منتهى الدرز اللامي ويتفرع هناك منه فروع تتفرّق في الأعضاء التي بين الفقارة الأولى والثانية وياخذ منه عرق شعري الى عند مفصل الراس والرقبة ويتفرع منه فروع تاتي الغشاء المجلّل للقحف وتاتي ملتقى جمجمتي القحف وتغوص هناك في القحف‏.‏

والباقي بعد ارسال هذه الفروع ينفذ الى جوف القحف في منتهى الدرز اللامي ويتفرق منه شعب في غشائي الدماغ ليغذوهما وليربط الغشاء الصلب بما حوله وفوقه ثم يبرز فيغذو الحجاب المجلل للقحف‏.‏

ثم ينزل من الغشاء الرقيق الى الدماغ ويتفرق فيه تفرق الضوارب ويشملها كلها طي الصفاق الثخين ويؤدّيها الى الوضع الواسع وهو الفضاء الذي ينصت اليه الدم ويجتمع فيه‏.‏

ثم يتفرق عنه فيما بين الطاقين ويسمى معصرة فاذا قاربت هذه الشعب البطن الأوسط من الدماغ احتاجت الى ان تصير عروقاً كباراً تمتص من المعصرة ومجاريها التي تتشعب منها ثم تمتد من البطن الأوسط الى البطنين المقدمين وتلاقي الضوارب الصاعدة هناك وتنسج الغشاء المعروف بالشبكة المشيمية‏.‏

ابن حزم
06-09-2005, 12:21 PM
الفصل الرابع تشريح اوردة اليدين

اما الكتِفِيّ وهو القيفال فاول ما يتفرع منه اذا حاذى العضد شعب تتفرق في الجلد وفي الأجزاء الظاهرة من العضد ثم بالقرب من مفصل المرفق ينقسم ثلاثة اقسام‏:‏ احدها‏:‏ حبل الذراع وهو يمتد على ظاهر الزند الأعلى ثم يمتدّ الى الوحشي مائلاً الى حدبة الزند الأسفل ويتفرق في اسافل الأجزاء الوحشية من الرسغ‏.‏

والثاني‏:‏ يتوجّه الى معطف المرفق في ظاهر الساعد ويخالط شعبة من الإبطي فيكون منهما والثالث‏:‏ يتعمق ويخالط في العمق شعبة ايضاً من الإبطي‏.‏

واما الإبطي فانه اول ما يفرعّ يفرع شعباً تتعمّق في العضل وتتفرّق في العضل التي هناك وتفنى فيه الاّ شعبة منها تبلغ الساعد واذا بلغ الإبطي قرب مفصل المرفق انقسم اثنين‏:‏ احدهما‏:‏ يتعمق ويتصل بالشعبة المتعمقة من القيفال وتجاوره يسيراً ثم ينفصلان فينخفض احدهما الى الإنسي حتى يبلغ الخنصر والبنصر ونصف الوسطى ويرتفع جزء ينقسم في اجزاء اليد الخارجة التي تماس العظم‏.‏

والقسم الثاني من قسمي الإبطي فانه يتفرعّ عند الساعد فروعاً اربعةً‏:‏ واحد منها ينقسم في اسافل الساعد الى الرسغ والثاني ينقسم فوق انقسام الأوّل مثل انقسامه والثالث ينقسم كذلك في وسط الساعد والرابع اعظمها وهو الذي يظهر ويعلو فيرسل فروعاً تضام شعبة من القيفال فيصير منها الأكحل وباقيه هو الباسليق وهو ايضاً يغور ويعمق مرة اخرى‏.‏

والأكحل يبتدي من الانسيّ ويعلو الزند الأعلى ثم يقبل على الوحشي ويتفرعّ فرعين على صورة حرف اللام اليونانية فيصير اعلى جزئه الى طرف الزند الأعلى وياخذ نحو الرسغ ويتفرغ خلف الإبهام وفيما بينه وبين السبابة وفي السبابة والجزء الأسفل منه يصير الى طرف الزند الأسفل ويتفرع الى فروع ثلاثة‏:‏ فرع منه يتوجه الى الموضع الذي بين الوسطى والسبابة ويتّصل بشعبة من العرق الذي ياتي السبابة من الجزء الأعلى ويتحد به عرقاً واحداً ويذهب فرع ثان منه وهو الأسليم فيتفرق فيما بين الوسطى والبنصر ويمتد الثالث الى البنصر والخنصر وجميع هذه تنقسم في الأصابع‏.‏

الفصل الخامس تشريح الأجوف النازل

قد ختمنا الكلام في الجزء الصاعد من الأجوف وهو اصغر جزايه فلنبدا في ذكر الأجوف النازل فنقول‏:‏ الجزء النازل اول ما يتفرعّ منه كما يطلع من الكبد وقبل ان يتوكا على الصلب هو شعب شعرية تصير الى لفائف الكلية اليمنى ويتفرّق فيها وفيما يقاربها من الأجسام ليغوذها ثم من بعد ذلك ينفصل منه عرق عظيم في الكلية اليسرى ويتفرعّ ايضاً الى عروق كالشعر يتفرق في لفافة الكلية اليسرى وفي الأجسام القريبة منها لتغذوها ثم يتفرق منه عرقان عظيمان يسمّيان الطالعين يتوجهان الى الكليتين لتصفية مائية الدم اذ الكلية انما تجتذب منهما غذاءها وهو مائية الدم وقد يتشعب من ايسر الطالعين عرق ياتي البيضة اليسرى من الذكران والإناث‏.‏

وعلى النحو الذي بيناه في الشرايين لا يغادره في هذا وفي انه يتفرع بعد هذين عرقان يتوجهان الى الأنثيين فالذي ياتي اليسرى ياخذ دائماً شعبة من ايسر هذين الطالعين وربما كان في بعضهم كلاّ منشئه منه والذي ياتي اليمنى فقد يتفق له ان ياخذ في الندرة شعبة من ايمن هذين الطالعين ولكن اكثر احواله ان لا يخالطه وما ياتي الأنثيين من الكلية وفيه المجرى الذي ينضج فيه المني فيبيض بعد احمراره لكثرة معاطف عروقه واستدارتها وما ياتيها ايضاً من الصلب واكثر هذا العرق يغيب في القضيب وعنق الرحم وعلى ما بيناه من امر الضوارب وبعد نبات الطالعين‏.‏

وشعبة تتوكا الأجوف عن قريب على الصلب وتاخذ في الانحدار ويتفرع منه عند كل فقرة شعب ويدخلها ويتفرق في العضل الموضوعة عندما فتتفرع عروق تاتي الخاصرتين وتنتهي الى عضل البطن ثم عروق تدخل ثقب الفقار الى النخاع‏.‏

فاذا انتهى الى اخر الفقار انقسم قسمين‏:‏ يتنحى احدهما عن الآخر يمنة ويسرة كل واحد منهما ياخذ تلقاء فخذ ويتشعب من كل واحد منهما قبل موافاة الكبد طبقات عشر‏:‏ واحدة منها تقصد المتنين‏.‏

والثانية دقيقة الشعب شعريتها تقصد بعض اسافل اجزاء الصفاق‏.‏

والثالثة تتفرق في العضل التي على عظم العجز‏.‏

والرابعة تتفرق في عضل المقعدة وظاهر العجز‏.‏

والخامسة تتوجه الى عنق الرحم من النساء فيتفرق فيه وفيما يتصل به والى المثانة ثم ينقسم القاصد الى المثانة قسمين‏:‏ قسم يتفرق في المثانة وقسم يقصد عنقها وهذا القسم في الرجال كثير جداً لمكان القضيب وللنساء قليل‏.‏

والعروق التي تاتي الرحم من الجوانب تتفرع منها عروق صاعدة الى الثدي ليشاكل بها الرحم الثدي‏.‏

والسادسة تتوجه الى العضل الموضوع على عظم العانة‏.‏

والسابعة تصعد الى العضل الذاهب في استقامة البدن على البطن وهذه العروق تتصل باطراف العروق التي قلنا انها تنحدر في الصدر الى مراق البطن ويخرج من اصل هذه العروق في الإناث عروق تاتي الرحم‏.‏

والعرَوق التي تاتي الرحم من الجوانب يتفرع منها عروق صاعدة الى الثدي ليشارك بها الرحم الثدي‏.‏

والثامنة تاتي القبل من الرجال والنساء جميعاً‏.‏

والتاسعة تاتي عضل باطن الفخذ فيتفرق فيها‏.‏

والعاشرة تاخذ من ناحية الحالب مستظهرة الى الخاصرتين وتتصل باطراف عروق منحدرة لا سيما المنحدرة من ناحية الثديين ويصير من جملتها جزء عظيم الى عضل الأنثيين‏.‏

وما يبقى من هذه ياتي الفخذ فيتفرع فيه فروع وشعب‏:‏ واحد منها ينقسم في العضل التي على مقدم الفخذ واخر في عضل اسفل الفخذ وانسيه متعمقاً‏.‏

وشعب اخرى كثيرة تتفرق في عمق الفخذ وما يبقى بعد ذلك كله ينقسم كما يتحلل مفصل الركبة قليلاً الى شعب ثلاث‏:‏ فالوحشي منها يمتد على القصبة الصغرى الى مفصل الكعب والأوسط يمتد في منثنى الركبة منحدراً ويترك شعباً في عضل باطن الساق ويتشعب شعبتين تغيب احداهما فيما دخل من اجزاء الساق‏.‏

والثانية تاتي الى ما بين القصبتين ممتدة الى مقدّم الرجل وتختلط بشعبة من الوحشي المذكور‏.‏

والثالث وهو الإنسي فيميل الى الموضع المعرق من الساق ثم يمتد الى الكعب والى الطرف المحدب من القصبة العظمى وينزل الى الإنسي المقدم وهو الصافن وقد صارت هذه الثلاثة اربعة‏:‏ اثنان وحشيان ياخذان الى القدم من ناحية القصبة الصغرى واثنان انسيان‏:‏ احدهما يعلو القدم ويتفرق في اعالي ناحية الخنصر والثاني هو الذي يخالط الشعبة الوحشية من القسم الإنسي المذكور ويتفرقان في الأجزاء السفلية‏.‏

فهذه هي عدد الأوردة وقد اتينا على تشريح الأعضاء المتشابهة الأجزاء‏.



هذه الفصول منقولة من كتاب القانون لابن سينا

أبو البراء
07-09-2005, 07:01 AM
بارك الله فيكم أخي ومشرفنا الحبيب ( إسماعيل مرسي ) ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامىة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

ابن حزم
07-09-2005, 08:09 AM
وفيكم بارك الله شيخا الحبيب

أبو فهد
25-06-2006, 10:47 PM
... بسم الله الرحمن الرحيم ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم أخي الحبيب وأستاذي الكريم والمشرف القدير ( ابن حزم الظاهري ) وجزاكم خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
... معالج متمرس...

ابن حزم
26-06-2006, 11:08 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

أخونا الحبيب ومشرفنا القدير$$ معالج متمرس$$ بارك الله فيكم وعليكم وزادكم من

فضله وكرمه ومنه علما" وخلقا" ورزقا"

أخوكم المحب في الله

ابن حزم الظاهري