المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إشراقات إيمانية


لقاء
08-02-2009, 04:13 PM
إشراقات إيمانية

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ  ] آل عمران: 102 [.
فهذه مجموعة من القصص الحقيقية التي نرى فيها كيف يفعل الإيمان حينما يشرق القلب بأنواره، فتتحول حياة المرء من النقيض إلى النقيض في ثوانٍ معدودات
إن لقوة الإيمان مفعول خطير إذا لامست سويداء القلب. فتجد الرعديد حينئذ شجاعا، والضعيف قويا، والمريض معافى!!
وهذه قصص واقعية حقيقية حدثت ورأيتها بعيني أو سمعتها من شيوخي جزاهم الله خيرا، فأردت أن أعرضها لعلها تشجع مترددا يريد أن يعود إلى الله سبحانه، أو لعلها تُسرع بخطى متلكئٍ يُسوّف في التوبة. فما لي من فضل سوى روايتها بهذا الشكل.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن يكون أنيسا لي في قبري، وأن ينفعني به يوم لا ينفع مال ولا بنون.

لماذا لا تدعو إلى الله؟

جلس الشيخ أمين في المسجد بعد صلاة العشاء ينتظر أحمد صديقه الحميم، وأخذ يشغل وقته بتلاوة أذكار ختام الصلاة. كان الموعد المضروب بينهما بعد صلاة العشاء في الجامع الكبير بالمنطقة التي يسكنون فيها.
ولم يطل انتظار الشيخ أمين، فقد جاء أحمد في الموعد المحدد. وأخذا يتجاذبان معا أطراف الحديث. وفجأة سأل أحمد الشيخ أمين قائلا:
- ولكن احكِ لي يا شيخ عن أغرب المواقف التي مرت بك في مجال الدعوة إلى الله!!
أخذ الشيخ أمين يعبث في لحيته وهو يسترجع المواقف في ذهنه. ثم برقت عينيه ببريق من تذكر شيئا هاما يريد أن يخبر به. وهتف قائلا:
- لعل من أهم المواقف التي مرت بي في حياتي الدعوية هو حالة حاجة أمينة ... وهو الاسم الذي اشتهرت به أمينة الصادق، البالغة من العمر الأربعين عاما.
قال أحمد في شغف:
- إذن احكِ لي قصتها!!
أخذ الشيخ أمين نفسا عميقا كأنه يسترجع في ذهنه تفاصيل القصة، ثم بدأ في الحديث قائلا:
- كانت تأتيني خطابات كثيرة من بعض الأفراد يطلبون مني تزويدهم بكتيبات أو مطويات تشرح أركان الإسلام أو تناقش مواقف دعوية، وذلك لتوزيعها على الناس. ولكن استوقفتني الخطابات التي كانت تصلني من امرأة بعينها. كانت في غاية النشاط، وكانت خطاباتها تأتيني بصفة مستمرة تطلب فيها كميات كبيرة من هذه الكتيبات أو المطويات.
وقاطعه أحمد متسائلا:
- وماذا كان الغريب في هذا الأمر؟
رد الشيخ أمين:
- كان كل الدعاة يمرون بفترات من النشاط يعقبها شيء من الفتور. أما هذه السيدة، فقد كانت لا تعرف الملل أو الكلل. لدرجة أننا أخذنا نفكر ... ما الذي تفعله بهذه الكميات من الكتيبات والمطويات التي تطلبها بهذه الكثرة!!! وتمنيت أن لو التقيت بها!!!
وسأل أحمد في شغف:
- وما الذي حدث بعد ذلك؟
قال الشيخ أمين:
- أخذت عنوان الحاجة أمينة من أحد المظروفات التي كانت تصلنا منها، وقررت أن اذهب لزيارتها لاستطلاع الأمر!!
وقاطعه أحمد منفعلا:
- وهل ذهبت بالفعل لها؟
أجاب الشيخ أمين مسرعا:
- بحثت عن العنوان، وذهبت إليها. ودققت جرس الباب، وجاءني صوت من الداخل عمن يكون الطارق. فأجبت أنني الشيخ أمين، وأنني أريد مقابلة الحاجة أمينة.
وفُتح الباب بسرعة. وقادتني خادمة منقبة إلى غرفة الصالون. وأفهمتني أن الحاجة أمينة لا تقابل أحدا إلا بموعد سابق، ولكنها ما أن علمت بشخصيتي إلا وقررت أن تقابلني فورا.

ثم وجدت سيدة تجلس على كرسي متحرك تدخل علينا الغرفة. لقد جاءت الحاجة أمينة! وبدأت أمارات الدهشة ترتسم على وجهي!! فلم أكن أتصور أن تكون الحاجة أمينة هي تلك السيدة المُقعدة!!
وجاءني صوت الحاجة أمينة مفعما بالإيمان واليقين:
- السلام عليكم وحمة الله وبركاته! كيف حالك يا شيخ أمين؟ جزاك الله خيرا عني وعن الإسلام والمسلمين. الحقيقة أنا لا أستطيع توجيه الشكر اللائق بك عن مجهوداتك معي في خدمة الدعوة إلى الله!!
- الشكر لله يا حاجة أمينة أن وفقنا لخدمة الدين!
وقرأت الحاجة أمينة علامات الدهشة والحيرة التي ملأت وجهي، فقالت:
- لعلك تندهش من منظري وأنا على هذا الكرسي، وتقول: كيف يمكن لسيدة مُقعدة أن تطلب هذه الكميات من الكتيبات والمطويات. ولكن قبل أن أقص عليك قصتي، تعال أولا إلى الغرفة المجاورة.
واصطحبتني الحاجة أمينة إلى غرفة مجاورة لغرفة الصالون. وجدت غرفة صغيرة بها أربع موائد، على كل واحدة منها جهاز حاسب آلي بجميع مستلزماته. وتجلس أمام هذه الأجهزة أربع فتيات منقبات، وتقوم كل واحدة منهن بالاتصال بمجموعة من العناوين عبر البريد الإلكتروني.
وبدأت الحاجة أمينة تشرح لي ما أراه:
- تزوجت وأنا صغيرة من أحد كبار الدعاة. كان رجلا عظيما. تعلمت منه كيف تكون الدعوة إلى الله في كل وقت وعلى أي حال. وفي إحدى رحلاته الدعوية التي كان يقوم بها كثيرا، داهمته سيارة نقل كبيرة فأودت بحياته. وتغيرت حياتي جذريا.
وبعد أن استقرت حالتي النفسية، فكرت كيف يمكنني أن أكمل مسيرة زوجي العظيم، فهداني الله إلى الدعوة إلى دينه عن طريق شبكة الإنترنت.
فبدأت بالعمل بمفردي. عملت عنوان بريدي أو ما يسمونه (E-mail) لي على الإنترنت، وبدأت في مراسلة أصدقائي الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة ودول أوربا الغربية، لكي أحثهم على الالتزام بتعاليم ديننا في الخارج، وأن يكونوا قدوة بالعمل لرفع شأن هذا الدين. ثم طلبت منهم عناوين أصدقائهم الذين يتوقعون منهم أن يهتدوا إلى الإسلام لكي اشرح لهم تعاليم الإسلام وأركانه.
وبدأ عدد الذين تتم مراسلتهم في الازدياد، مما اضطرني لكي ابحث عمن يعاونني في هذا العمل. ثم اشتريت جهاز كمبيوتر آخر، ثم ثالث ورابع. وبدأت في إرسال خطابات منتظمة لمن يمكن أن يهتدوا إلى الإسلام.
كان أحمد ينصت فاغرا فمه. لم يكن يتوقع أن تقوم سيدة مُقعدة بكل هذا من أجل نصرة دينها وإعلاء كلمة ربها، خاصة إذا كان الله قد رفع عنها التكليف.
وبدأ يقارن بينها وبين نفسه. لقد أنعم الله عليه بموفور الصحة، وبعمل كريم يدر عليه دخلا كبيرا. لكنه لم يفكر يوما في الدعوة إلى دين الله أو نصرته بأي شكل من الأشكال، سواء بجهده أم بماله!!
وقرأ الشيخ أمين ما يدور في رأس أحمد من أفكار، فانتهز هذه الفرصة السانحة وقال له:
- وأنت أيضا لابد لك من التفكير في أي عمل يكون من شأنه إعلاء كلمة الله! فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل:  وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ  [ فصلت: 33 ] . وقال سبحانه:  كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ  [ آل عمران: 110 ]
. فلابد لك من الدعوة إلى الله والصبر عليها. وتذكر صبر أهل الباطل على باطلهم والعمل على نشر دينهم الباطل.
فقد قال تعالى مخبرا عن كفار قريش:  وَانطَلَقَ الْمََلأُ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ  [ ص: 6 ] . فهم يصبرون في سبيل إعلاء كلمة آلهتهم الباطلة.
وأنت!! لماذا لا تصبر على الدعوة إلى الله؟!!
اتخذ من مجال عملك منبرا للدعوة: إذا كنت طبيبا فلماذا لا تُهدي إلى مرضاك الكتيبات التي تشرح لهم أمور دينهم،
وإذا كنت معلما فلماذا لا تغرس في تلاميذك الالتزام بدين الله وتعاليمه ... كذلك اتخذ من وسيلة المواصلات التي تركبها أيا كان نوعها ميدانا للدعوة: فإذا كانت سيارة فلتضع بها الشرائط الدعوية التي يمكن أن تهديها إلى من يقفون بجانبك في إشارات المرور، وإذا كان " باصا " فلتأخذ معك المجلات الدعوية التي تعطيها لمن يجلسون بجوارك ... وهكذا. المهم أن يكون شغلك الشاغل هو كيف يمكنك أن تفعل شيئا لدين الله!! وتذكر قول الشاعر:
أما لك بالرجال أسوة .... أتسبقك وأنت رجل نسوة
يُتبع

الحـياة الطيبة
08-02-2009, 08:46 PM
لله درك يا أختي لقاء على ما نقلت لنا, حفظك الله تعالى وجعلنا الله تعالى ممن يستفيدون من هذه النماذج النيرة.

لقاء
08-02-2009, 11:29 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أختي أم جعفر

أشكرك على تشريفك ومرورك الطيب

لا حرمنا الله من إطلالتكم ومتابعتكم

سلمك المولى من كل سوء

في حفظ الله ورعايته

لقاء
08-02-2009, 11:35 PM
و في السماء رزقكم وما توعدون

عم علي، أحد الغلابة الكثيرين الذين انهارت بيوتهم في الزلزال الكبير الذي شهدته البلاد. كان بيته عبارة عن غرفة واحدة تأويه وتضم زوجته وأولاده الأربعة.
لم يكن بيتا كبيرا واسعا، ولكنه مأوى يلجا إليه فيحميه في أيام الشتاء القارصة من شدة البرد، وفي أيام الصيف القائظة من وهج الحر.
وكان عم علي وأفراد أسرته يحمدون الله كثيرا على ما هم فيه من نعمة هي في أعينهم كبيرة.
ولكن فجأة ودون سابق إنذار، وقع الزلزال، ليأخذ في طريقه معظم البيوت القديمة المتهالكة التي لم تستطع الصمود أمامه.
ووجد عم علي نفسه وأفراد أسرته في الشارع بلا مأوى!
وبدأت رحلة المعاناة الشديدة مع عم علي. أخذ يطوف على المكاتب الحكومية لعله يظفر بمن يدعمه، ولكن أُوصدت في وجهه جميع الأبواب.
وظل يبحث عمن يوصله للقاء الوزير المختص لكي يشرح له حالته ويضع لها حلا، ولكن دون جدوى.
واضطرت الأسرة - مع غيرها من الأسر الكثيرة التي تضررت من الزلزال - للإيواء في خيمة من القماش الخفيف الذي لا يمنع حرا ولا يصد بردا!! وأصبحت حياة هذه الأسر مزيدا من المعاناة والألم. ولم يعد عم علي يدري ما الذي يفعله من أجل الحصول على شقة أخرى، أو قل إن شئت الدقة غرفة أخرى!!
وفي أحد الأيام، حثته زوجته – أم محمود – على أن يذهب للحكومة مرة أخرى،

فهي لم تعد تستطيع تحمل المعاناة اليومية لها ولأطفالها في دخول الخلاء لقضاء الحاجة! ذلك أن دورة المياه العمومية تبعد عنهم مسافة كبيرة، وحينما تذهب إلى هناك يكون عليها الانتظار في طابور طويل حتى يجيء دورها.

ذهب عم علي – ذو الستين عاما – إلى مبنى الوزارة للمرة التاسعة أو العاشرة! لم يعد يحسب عدد المرات التي ذهب فيها إلى الوزارة على وجه الدقة لكي يجد حلا لمشكلته. ولكنه لم يجد هناك إلا الرد المعتاد: " إن سيادة الوزير مهتم شخصيا بموضوعكم، ويتألم بشدة من الوضع الذي أصبحتم عليه الآن.
ولكن للأسف، فالوزارة لم تجد بعد الحل الملائم لهذا الموضوع ".
لم يدر عم علي ماذا يفعل؟ إن زوجته وأولاده ينتظرون منه هذه المرة حلا لهذه المشكلة التي وجدوا أنفسهم فيها.
وشعر أنه لا يستطيع أن يرجع إليهم هذه المرة بخفيّ حُنين مثل كل مرة.
كان يسير في الشارع مهموما. سمع آذان الظهر. قرر أن يذهب إلى المسجد للصلاة.
فرغ عم علي من الصلاة، ثم جلس في مكانه في الجامع، لم يستطع التحرك. كان يعرف أن في انتظاره عند رجوعه إلى " الخيمة " زوجته وأولاده، الذين سوف يسألونه في لهفة مثل كل مرة، بل ربما أشد في هذه المرة، عما فعله لهم!! وضع عم علي خديه على يديه وجلس شاردا يفكر في حل لمشكلته التي طالما أرقته!!
ولم يفق عم علي من همومه إلا ويدٍ تربت على ظهره، وصوت إمام الجامع يسأله عن حاله، قائلا:
- خيرا إن شاء الله! إنك تجلس هكذا منذ حوالي الساعة. ما الذي أهمّك إلى هذا الحد؟!
أخذ عم علي يقص على إمام الجامع قصته وهو يغالب دموعه التي أخذت تنهال على وجنتيه. وبعد أن فرغ من قصته، بادر الإمام بالسؤال:
- ألا تدري من يكون عنده شقة لي تأويني وتأوي زوجتي وأولادي؟ أو من يتوسط لي لدى ذوي النفوذ لكي يعطيني شقة؟
قال الإمام في صوت ملؤه الإيمان العميق:
- نعم اعلم!!
فسأله عم علي متلهفا:
- ومن يكون؟!!
قال إمام الجامع:
- الله!!! الله عنده مفاتيح الرزق جميعها.
قم وصلي لله في جوف هذه الليلة وابتهل إليه أن يعطيك من رزقه الواسع، وسوف تجد الحل إن شاء الله.
وتساءل عم علي متشككا:
- الله عنده شقق لها مفاتيح؟!!
قال إمام الجامع بصوته العميق:
- الله عنده كل شيء، وسوف يرزقك من فضله إن شاء. كل ما عليك أن تصدُق الله في سؤالك، وتدعوه في جوف الليل!!
ألم تسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه، والذي فيه أن ربنا تبارك وتعالى ينزل نزولا يليق بجلاله وكماله، إلى السماء الدنيا كل ليلة إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه، فيقول سبحانه: هل من سائلٍ فأعطيه، هل من داعٍ فأجيبه، هل من مستغفرٍ فاغفر له؟ وذلك حتى ينفجر الصبح.
خرج عم علي من الجامع إلى خيمته. واجه أفراد أسرته هذه المرة بوجه غير الذي كان يأتيهم بهم في كل مرة. أحست أم محمود هذه المرة بالتغير الذي حدث لعم علي. وسألته:
- لعلك وجدت حلا أخيرا لمشكلتنا؟
فرد عليها عم علي قائلا:
- نعم. سوف نصلي في جوف هذه الليلة، ونطلب من الملك الذي لا تنفذ خزائنه شقة، وسوف يعطينا الله إن شاء ما نريد.
كم حاولت أن أقابل أحد المسئولين لكي أشرح له قصتي دون جدوى، فاليوم سوف أقابل ملك الملوك في جوف الليل وأحكي له قصتي إن شاء الله.
أحست أم محمود بنبرة الثقة التي تعلو صوت زوجها، فأيقنت أن الله لابد سيعطيهم ما يريدون، وعزمت على أن تقيم صلاة الليل مع زوجها هذه الليلة.

أما إمام الجامع، فبعد أن خرج عم علي من عنده، جلس يفكر ما الذي يمكن أن يفعله لعم علي. وأخذ يدعو الله أن يحل مشكلته.
وفي تلك الأثناء، دخل الجامع أحد وجهاء الحي الذين يعرفهم هذا الإمام. وبعد أن فرغ من صلاته، توجه إليه قائلا:
- لقد بنينا العمارة الكبيرة الموجودة في آخر هذا الشارع، وكنا متوقعين أن نحقق منها ربحا بسيطا. ولكن الله منّ علينا، فحققنا أضعاف ما كنا نأمله.
ولذلك فقد قررنا أن نخصص شقة في سبيل الله لأسرة أحد الفقراء.
خذ!! هذه مفاتيح الشقة، وهذا هو عقدها، واختر أنت بنفسك أحد الفقراء ليكون مالكها!!!
وفي اليوم التالي، أخذ إمام الجامع يبحث عن عم علي بين المصلين. فلما وجده، توجه إليه:
- السلام عليكم يا عم علي. هل صليت في جوف الليل ودعوت الله أن يرزقك الشقة؟
فرد عليه عم علي:
- نعم.
فصاح إمام الجامع:
- إذن أبشر! فقد استجاب الله لدعائك ورزقك الشقة التي تريد.
وقص عليه إمام الجامع قصة الشقة. ولم يصدق عم علي نفسه، وأخذت دموعه تنهال على جبينه، وخر ساجدا شكرا لله تعالى. وأخذ يتمتم بكلمات الشكر لله رب العالمين على رزقه الواسع. وصدق الله سبحانه إذ يقول:  وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَاْلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ  [ الذاريات: 22-23 ] .يُتبع

أسامي عابرة
09-02-2009, 12:09 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحسنتِ أحسن الله إليكِ

بارك الله فيك أخيتي الحبيبة لقاء

سلمت أخيتي وسلمت أناملك المباركة ببركة من الله ...

موضوع رائع متميز لمبدعة متميزة ..

أشرقت أيامك بالنور والمكرمات وأضاء دربك باليمن والبركات

جعلك الله من الهداة المهتدين المبشرين بجنات ونعيم

لقاء
09-02-2009, 09:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحسنتِ أحسن الله إليكِ

بارك الله فيك أخيتي الحبيبة لقاء

سلمت أخيتي وسلمت أناملك المباركة ببركة من الله ...

موضوع رائع متميز لمبدعة متميزة ..

أشرقت أيامك بالنور والمكرمات وأضاء دربك باليمن والبركات

جعلك الله من الهداة المهتدين المبشرين بجنات ونعيم


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيراً أختي الحبيبة أم سلمى2

يا هلا بأريح الورد والياسمين

ها هي زهوري تتفتح

لإشراقة شمسكم على صفحة وجهى

أشكرك غاليتي على حروفك التي أضاءت

قلبي وعطرت صفحتي المميزة بحضوركم

أثابكم الله الجنة ورفع شأنك بالكتاب والسنة

والملتقي الجنة إن شاء الله:foru:

لقاء
09-02-2009, 11:45 AM
حادثة سيارة

كان سعد شابا عاديا مثل جميع الشباب. كان يعيش حياة طيبة. وكانت علاقته بربه ممتازة وفقا لتصوره. كان لا يعلم عن دينه إلا القشور، ويظن - مثل أغلب من هم في سنه - أنه ممن سلك طريقا طويلا إلى الله تعالى.

كانت علاقته بربه مزاجية: فكان يصلي أحيانا في جماعة، وأحيانا بمفرده. وفي بعض الأحيان لا يصلي. وكان يُخضع فرائض الدين لتفسيره، فما وافق هواه غالبا عمل به، وما لم يتفق معه ضرب به عرض الحائط، وأورد لذلك المبررات – الشرعية من وجهة نظره – التي تُضفي الصبغة الشرعية على عمله.
وفي أحد الأيام قال له صديقه:
- لماذا لا تحضر معي دروس الشيخ يعقوب؟ فهو من كبار الشيوخ، ونحسبه على تقوى من الله.
وبدأ سعد في حضور دروس الشيخ. وكانت كلمات الشيخ تخرج من فمه قوية لتستقر في قلوب من يحضرونها مباشرة.
وفي أحد الأيام، وأثناء خروج سعد للعمل، صدمته سيارة.
وإذا به يصبح طريح الفراش لمدة طويلة. ويفشل العلاج الذي يتلقاه في علاج ساقيه مما ألمّ بها. ويقول له الأطباء أن عليه أن يخضع للعلاج الطبيعي، ومع مرور الزمن سيكون بإمكانه تحريك رجليه مرة أخرى. وهكذا فما بين طرفة عين وارتدادها،
أصبح سعد حبيس كرسي ذي عجلات يتحرك عليه، ويمضي عليه بقية حياته.
وأخذ سعد يفكر في حاله، وماذا حدث له.
وتذكر الشيخ ووجهه المضيء، ووصلت إلى مسامعه كلماته في إحدى محاضراته:

- إن رسائل الله تأتي كثيرة ومتوالية إلى العباد. ولكن كل فرد يفسرها وفقا لما يفتح الله عليه به. انظر إلى قوله تعالى:  وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ  [ الأنعام: 75 ] .
الجميع يرى ملكوت السموات والأرض، ولكن من يرى ذلك بعين البصيرة؟ إن هذا لا يتحقق إلا لمن فتح الله عليه ليُريَه ذلك! ولذلك قال تعالى:  وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ  .
ليس إبراهيم عليه السلام هو الذي يرى، ولكن الله يُريَه. خذ مثالا على ذلك الرجل الذي كان يمشي في الشارع، وإذا بسيارة تأتي مسرعة لتصدمه، فيرقد في المستشفى ليتلقى العلاج.
إن الرسالة التي تتلقاها أنت من هذه الحادثة تختلف عن تلك التي يتلقاها منها أخيك، وتختلف كذلك عن تلك التي يتلقاها منها صاحبك.
هذه الحادثة عرفت أنت منها أن الله يريد لك أن تعرف أن الإنسان يكون في تمام صحته وفجأة يصبح طريح الفراش، فعليك أن تعجل بالتوبة والإنابة إلى الله.
أما أخوك فقد فهم منها أنها رسالة له لكي يتأنى في شراء السيارة التي كان يريدها. وأما صديقك فلا يفهم منها شيئا، ويُرجعها إلى عدم أخذ الأسباب العلمية عند رصف الشوارع، وعدم أخذ الحرص اللازم سواء ممن كان يقود السيارة أو ممن كان يمشي في الشارع.
وقال سعد لنفسه:
- تُرى ما هو الدرس الذي يريد الله لي أن أفهمه من هذه الحادثة؟
وأخذ يفكر في حياته وما عليه أن يفعله لكي يتقرب إلى الله. فوجد أن الله قد يكون أراد له أن يظل حبيسا في كرسيه حتى يحفظ القرآن العظيم.
فبدأ على الفور في حفظ القرآن. وواظب على حضور دروس التجويد في المسجد. وكان يسابق الزمن في ذلك، حتى استطاع أن يختم القرآن في مدة وجيزة.

ومرت الأيام سريعة. وإذا بخبير متخصص في مجال العلاج الطبيعي والأعصاب يأتي لزيارة بلده. ويعرض سعد نفسه على هذا الخبير، ويبدأ في تلقي العلاج عنده.

وبعد مدة وجيزة من الزمن، يَمُن الله بعافيته على سعد، ليستطيع أن يمشي على رجليه مرة أخرى.

لقاء
23-02-2009, 12:48 PM
دعوة للزيارة

كان ممدوح يجلس في بيته متعبا، بعد أن أنهى يومه – كعادته – في البحث عن عمل بلا جدوى. كان يعمل من آن لآخر بعض الأعمال البسيطة التي يمكن أن تسد رمقه.
ولكنه منذ أن تخرج من ثمانية أعوام تقريبا وإلى الآن لم يوفق بعد في إيجاد عمل دائم أو ملائم.

وأدار ممدوح زر المذياع على إذاعة القرآن الكريم، ليستمع إلى بعض آيات الله، والتي تشرح صدره وتشد أزره. ثم جاء صوت المؤذن معلنا عن دخول وقت المغرب. وكان الآذان بالصوت المميز لمؤذن المسجد الحرام بمكة.
وانهالت دموع ممدوح غزيرة ساخنة على وجنتيه. أحس باشتياق غريب لزيارة بيت الله الحرام. وأخذ يدعو الله ويبتهل إليه أن يكتب له حج بيته الحرام وزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولكنه كان يعلم أن هذا الأمر عسير المنال، فهو يتطلب نفقات باهظة لا يحتمل على أدائها. ولكنه استمر في دعواته وابتهالاته إلى الله.

لا يعرف كيف يمكن أن يتحقق هذا الأمر في الواقع،
ولكنه يعلم أن من أوقات إجابة الدعاء هو الوقت الذي بين الآذان والإقامة. وواظب على الدعاء كذلك طوال الطريق إلى المسجد لأداء الصلاة.

وفي أحد الأيام، دق جرس الهاتف فجأة في منزله.
وكان المتحدث هو عمرو، أحد زملاء ممدوح في الدراسة. وتعجب ممدوح من السبب الذي جعل عمرو يتذكره بعد كل هذه المدة من الزمن!! فآخر مرة كانا تحدثا فيها معا كانت منذ أربع سنوات تقريبا!!
قال عمرو لممدوح:
- إزيك يا ممدوح! يا ترى قدرت تلاقي عمل أخيرا؟
- لا يا عمرو! حتى الآن لم أجد أي عمل!!!
- يعني أنت دلوقت مش مشغول بحاجة؟
- تقريبا! فأنا أقوم ببعض الأعمال البسيطة من حين لآخر! لكن على وجه العموم تقدر تقول إني مش مشغول بحاجة.

- أصل الوزارة كانت تعد لبعثة الحج، وطلبت بعض الأفراد للعمل لديها في هذه الفترة. فهناك بعض الأعمال الكتابية التي ترغب الوزارة في إيجاد من يقوم بها طوال فترة الحج في المملكة السعودية. فهل أنت على استعداد لذلك؟
وأُسقط في يد ممدوح. وكاد ألا يصدق أذنيه! هل هذا حلم؟!! لقد كان صادقا في دعائه لله أن يرزقه حج بيته الحرام، ولم يكن يدري كيف يكون ذلك. وها هو الحلم يكاد يقترب من أن يكون حقيقة.
ورد ممدوح منفعلا:
- طبعا على استعداد تام لذلك! ولكن المشكلة أنني لا أملك نفقات تلك الرحلة العظيمة.
وأجابه عمرو:
- إن الوزارة سوف تتكفل بجميع مصروفات الحج بالنسبة لك. بل ستقوم بدفع مصروف جيب لك طوال أيام السفر.

وسارع ممدوح بأداء سجود الشكر لله سبحانه وتعالى، وأخذ لسانه يتمتم بكلمات العرفان لله جل وعلا. وصدق الله العظيم إذ يقول في محكم التنزيل مخاطبا إبراهيم عليه السلام: ] وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [ [ الحج: 27 ] . يقول ابن كثير في تفسيره[1]: وقوله ] وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ [: أي نادِ في الناس بالحج، داعيا لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه.

فذكر أنه قال: يا رب كيف أُبلّغ الناس، وصوتي لا ينفذهم؟ فقال: ناد وعلينا البلاغ. فقام على مقامه، وقيل على الحجر، وقيل على الصفا، وقيل على أبي قُبيس،
وقال: يا أيها الناس! إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه! فيقال إن الجبال تواضعت، حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب. وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك! هذا مضمون ما ورد عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف، والله أعلم.

عبد الغني رضا
26-01-2011, 09:14 AM
بارك الله فيكم