المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف ومتى ننتفع بنعم الله


خالد عبد الله
12-10-2008, 08:47 PM
'' السلام عليكم ورحمة الله ''

لا ينتفع بنعمة الله بالإيمان والعلم إلا من عرف نفسه, ووقف بها عند قدرها, ولم يتجاوزه إلى ما ليس له, ولم يتعد طوره ولم يقل هذا لي, وتيقّن أنه لله ومن الله وبالله, فهو المانّ به ابتداء وإدامة بلا سبب من العبد ولا استحقاق منه, فتذله نعم الله عليه وتكسره كسرة من لا يرى لنفسه ولا فيها خيرا البتّة, وأن الخير الذي وصل إليه فهو لله وبه ومنه, فتحدث له النعم ذلا وانكسارا عجيبا لا يعبر عنه. فكلما جدد له نعمة ازداد له ذلا وانكسارا وخشوعا ومحبة وخوفا ورجاء, وهذا نتيجة علمين شريفين:

* علمه بربه وكماله وبره وغناه وجوده وإحسانه ورحمته, وأن الخير كله في يديه, وهو ملكه يؤتي منه من يشاء ويمنع منه من يشاء. وله الحمد على هذا, وهذا أكمل حمد وأتمه.

* وعلمه بنفسه ووقوفه على حدها وقدرها ونقصها وظلمها وجهلها, وأنها لا خير فيها البتة ولا لها ولا بها ولا منها, وأنها ليس لها من ذاتها إلا العدم فكذلك من صفاتها وكمالها فليس لها إلا العدم الذي لا شيء أحقر منه ولا أنقص, فما فيها من الخير فهو من الله.

فإذا صار هذان العلمان صيغة لها علمت حينئذ أن الحمد كله لله, والأمر كله له والخير كله في يديه, وأنه هو المستحق للحمد والثناء والمدح دونها, وأنها هي أولى بالذم والعيب واللوم.
ومن فاته التحقق بهذين العلمين تلونت به أقواله وأعمالهوأحواله وتخبطت عليه ولم يهتد إلى الصراط المستقيم الموصل له إلى الله.
فإيصال العبد بتحقيق هاتين المعرفتين علما وحالا, وانقطاعه بفواتهما. وهذا معنى قولهم: من عرف نفسه عرف ربه, فإنه من عرف نفسه بالجهل والظلم والعيب والنقائص والحاجة والفقر والذل والمسكنة والعدم, عرف ربه بضد ذلك فوقف بنفسه عند قدرها ولم يتعد بها طورها, وأثنى على ربه ببعض ما هو أهله, وانصرفت قوة حبه وخشيته ورجائه وإنابته وتوكله إليه وحده, وكان أحب شيء إليه وأخوف شيء عنده وأرجاه له, وهذا هو حقيقة العبودية, والله المستعان.
ويحكى أن بعض الحكماء كتب على باب بيته: انه لن ينتفع بحكمتنا إلا من عرف نفسه ووقف بها عند قدرها , فمن كان كذلك فليدخل وإلا فليرجع حتى يكون بهذه الصفة.

(منقول من كلام الإمام بن القيم )

أبومعاذ
12-10-2008, 09:28 PM
عليكم السلام ورحمه الله وبركاته

بارك الله فيك

أخي الفاضل خالد عبدالله

ووفقكم الله لحسن العمل

خالد عبد الله
12-10-2008, 10:16 PM
وفيك بارك الله أخي الفاضل : شاكر الرويلي ووفقك لما يحبه ويرضاه.