المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدرس الرابع من ( سلسلة تعرية الشيطان في كتاب الرحمن ) !!!


المحب في الله
06-07-2005, 06:55 PM
الحمد لله

والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أله وصحبه اجمعين ومن أتبعه بإحسان إلى يوم الدين


الدرس الرابع : من سلسلة تعرية الشيطان في كتاب الرحمن

قال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (البقرة:268)

التفسير

** 268 ** قوله تعالى: ** الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء **؛ ** الشيطان ** مبتدأ؛ وخبره جملة: ** يعدكم**؛ و{ يأمركم ** فيها قراءتان: الضم، والسكون؛ فأما الضم فواضح؛ لأنه فعل مضارع لم يدخل عليه ناصب، ولا جازم؛ وأما السكون فللتخفيف سماعاً لا قياساً.

قوله تعالى: ** والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً **: هذه الجملة مقابلة لما سبقها: الفضل ضد الفقر؛ والمغفرة ضد الفحشاء؛ لأن الفحشاء تُكسب الذنوب؛ والمغفرة تمحو الذنوب؛ ففرق بين هذا، وهذا؛ والجملة مكونة من مبتدأ، وخبر؛ المبتدأ: لفظ الجلالة: ** الله **؛ والخبر: جملة: ** يعدكم **.

قوله تعالى: ** والله واسع عليم ** جملة خبرية مكونة من مبتدأ، وخبر؛ المبتدأ: لفظ الجلالة: ** الله **؛ والخبر: ** واسع **؛ و{ عليم ** خبر ثانٍ.

قوله تعالى: ** الشيطان ** اسم من أسماء إبليس؛ قيل: إنه مشتق من «شطن» إذا بعُد - وعلى هذا فالنون أصلية؛ وقيل: إنه مشتق من «شاط» إذا تغيظ، وغضب؛ لأن صفته هو التغيظ، والغضب، والحمق، والجهل؛ ولكن الأول أقرب: أنه من «شطن» إذا بعد؛ بدليل أنه مصروف؛ و «أل» فيه للجنس؛ فليس خاصاً بشيطان واحد.

قوله تعالى: ** يعدكم الفقر ** أي يهددكم الفقر إذا تصدقتم؛ وقوله تعالى: ** بالفحشاء ** أي البخل؛ وإنما فُسِّر بالبخل؛ لأن فحش كل شيء بحسب القرينة، والسياق؛ فقد يراد به الزنى، كقوله تعالى: ** ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة ** [الإسراء: 32] ؛ وقد يراد به اللواط، كما في قوله تعالى عن لوط إذا قال لقومه: {أتأتون الفاحشة** [الأعراف: 80] ؛ وقد يراد به ما يستفحش من الذنوب عموماً، كقوله تعالى: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش** [الشورى: 37] .

قوله تعالى: ** والله يعدكم مغفرة ** أي لذنوبكم إن تصدقتم؛ ** وفضلًا ** أي زيادة؛ فالصدقة تزيد المال؛ لقوله تعالى: ** وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ** [الروم: 39] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال»(167).

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: إثبات إغواء الشياطين لبني آدم؛ لقوله تعالى: ** الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء**.

2 - ومنها: أن للشيطان تأثيراً على بني آدم إقداماً، أو إحجاماً؛ أما الإقدام: فيأمره بالزنى مثلاً، ويزين له حتى يُقْدم عليه؛ وأما الإحجام: فيأمره بالبخل، ويعده الفقر لو أنفق؛ وحينئذٍ يحجم عن الإنفاق.

3 - ومنها: أن أبواب التشاؤم لا يفتحها إلا الشياطين؛ لقوله تعالى: ** يعدكم الفقر **؛ فالشيطان هو الذي يفتح لك باب التشاؤم يقول: «إذا أنفقت اليوم أصبحت غداً فقيراً؛ لا تنفق»؛ والإنسان بشر: ربما لا ينفق؛ ربما ينسى قول الله تعالى: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين** [سبأ: 39] ، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال» .

4 - ومنها: بيان عداوة الشيطان للإنسان؛ لأنه في الواقع عدو له في الخبر، وعدو له في الطلب؛ في الخبر: يعده الفقر؛ في الطلب: يأمره بالفحشاء؛ فهو عدو مخبراً، وطالباً - والعياذ بالله.

5 - ومنها: أن البخل من الفواحش؛ لأن المقام مقام إنفاق؛ فيكون المراد بالفاحشة: البخل، وعدم الإنفاق.

6 - ومنها: أن من أمر شخصاً بالإمساك عن الإنفاق المشروع؛ فهو شبيه بالشيطان؛ وكذلك من أمر غيره بالإسراف فالظاهر أنه شيطان؛ لقوله تعالى: {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً** [الإسراء: 27] .

7 - ومنها: البشرى لمن أنفق بالمغفرة، والزيادة؛ لقوله تعالى: ** والله يعدكم مغفرة منه وفضلًا ** ؛ شتان ما بين الوعدين: ** الشيطان يعدكم الفقر **؛ ** والله يعدكم مغفرة منه وفضلًا **؛ فالله يعدنا بشيئين: المغفرة، والفضل؛ المغفرة للذنوب؛ والفضل لزيادة المال في بركته، ونمائه.

فإن قال قائل: كيف يزيد الله تعالى المنفِق فضلاً ونحن نشاهد أن الإنفاق ينقص المال حساً؛ فإذا أنفق الإنسان من العشرة درهماً صارت تسعة؛ فما وجه الزيادة؟

فالجواب:

أما بالنسبة لزيادة الأجر في الآخرة فالأمر ظاهر؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة؛ ومن تصدق بما يعادل تمرة من طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - فإن الله يربيها له حتى تكون مثل الجبل؛ وأما بالنسبة للزيادة الحسية في الدنيا فمن عدة أوجه:

الوجه الأول: أن الله قد يفتح للإنسان باب رزق لم يخطر له على بال؛ فيزداد ماله.

الوجه الثاني: أن هذا المال ربما يقيه الله سبحانه وتعالى آفات لولا الصدقة لوقعت فيه؛ وهذا مشاهد؛ فالإنفاق يقي المال الآفات.

الوجه الثالث: البركة في الإنفاق بحيث ينفق القليل، وتكون ثمرته أكثر من الكثير؛ وإذا نُزعت البركة من الإنفاق فقد ينفق الإنسان شيئاً كثيراً في أمور لا تنفعه؛ أو تضره؛ وهذا شيء مشاهد.

8 - ومنها: أن هذه المغفرة التي يعدنا الله بها مغفرة عظيمة؛ لقوله تعالى: ** منه **؛ لأن عظم العطاء من عظم المعطي؛ ولهذا جاء في الحديث الذي وصى به النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر: «فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني»(168).

9 - ومنها: أنه ينبغي للمنفق أن يتفاءل بما وعد الله؛ لقوله تعالى: ** والله يعدكم مغفرة منه وفضلًا **؛ فإذا أنفق الإنسان وهو يحسن الظن بالله عز وجل أن الله يغفر له الذنوب، ويزيده من فضله كان هذا من خير ما تنطوي عليه السريرة.

10 - ومنها: إثبات اسمين من أسماء الله؛ وهما: ** واسع **، و{ عليم **؛ وما تضمناه من صفة؛ ويستفاد من الاسمين، والصفتين إثبات صفة ثالثة باجتماعهما؛ لأن الاسم من أسماء الله إذا قرن بغيره تضمن معنًى زائداً على ما إذا كان منفرداً مثل قوله تعالى: {فإن الله كان عفواً قديراً** [النساء: 149] ؛ فالجمع بين العفْوِ والقدرة لها ميزة: أن عفوه غير مشوب بعجز إطلاقاً؛ لأن بعض الناس قد يعفو لعجز؛ فقوله تعالى: ** واسع عليم **: فالصفة الثالثة التي تحصل باجتماعهما: أن علمه واسع.

وكل صفاته واسعة؛ وهذا مأخوذ من اسمه «الواسع»؛ فعلمه، وسمعه، وبصره، وقدرته، وكل صفاته واسعة.

إنتهى كلام العلامة بن عثيمين رحمة الله عليه

ويليه كلام العلامة بن السعدي رحمة الله عليه

** 267 - 268 **

قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ **

يأمر تعالى عباده المؤمنين بالنفقة من طيبات ما يسر لهم من المكاسب، ومما أخرج لهم من الأرض فكما منَّ عليكم بتسهيل تحصيله فأنفقوا منه شكرا لله وأداء لبعض حقوق إخوانكم عليكم، وتطهيرا لأموالكم، واقصدوا في تلك النفقة الطيب الذي تحبونه لأنفسكم، ولا تيمموا الرديء الذي لا ترغبونه ولا تأخذونه إلا على وجه الإغماض والمسامحة ** واعلموا أن الله غني حميد ** فهو غني عنكم ونفع صدقاتكم وأعمالكم عائد إليكم، ومع هذا فهو حميد على ما يأمركم به من الأوامر الحميدة والخصال السديدة، فعليكم أن تمتثلوا أوامره لأنها قوت القلوب وحياة النفوس ونعيم الأرواح، وإياكم أن تتبعوا عدوكم الشيطان الذي يأمركم بالإمساك، ويخوفكم بالفقر والحاجة إذا أنفقتم، وليس هذا نصحا لكم، بل هذا غاية الغش ** إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ** بل أطيعوا ربكم الذي يأمركم بالنفقة على وجه يسهل عليكم ولا يضركم، ومع هذا فهو ** يعدكم مغفرة ** لذنوبكم وتطهيرا لعيوبكم ** وفضلا ** وإحسانا إليكم في الدنيا والآخرة، من الخلف العاجل، وانشراح الصدر ونعيم القلب والروح والقبر، وحصول ثوابها وتوفيتها يوم القيامة، وليس هذا عظيما عليه لأنه ** واسع ** الفضل عظيم الإحسان ** عليم ** بما يصدر منكم من النفقات قليلها وكثيرها، سرها وعلنها، فيجازيكم عليها من سعته وفضله وإحسانه، فلينظر العبد نفسه إلى أي الداعيين يميل، فقد تضمنت هاتان الآيتان أمورا عظيمة منها: الحث على الإنفاق، ومنها: بيان الأسباب الموجبة لذلك، ومنها: وجوب الزكاة من النقدين وعروض التجارة كلها، لأنها داخلة في قوله: ** من طيبات ما كسبتم ** ومنها: وجوب الزكاة في الخارج من الأرض من الحبوب والثمار والمعادن، ومنها: أن الزكاة على من له الزرع والثمر لا على صاحب الأرض، لقوله ** أخرجنا لكم ** فمن أخرجت له وجبت عليه ومنها: أن الأموال المعدة للاقتناء من العقارات والأواني ونحوها ليس فيها زكاة، وكذلك الديون والغصوب ونحوهما إذا كانت مجهولة، أو عند من لا يقدر ربها على استخراجها منه، ليس فيها زكاة، لأن الله أوجب النفقة من الأموال التي يحصل فيها النماء الخارج من الأرض، وأموال التجارة مواساة من نمائها، وأما الأموال التي غير معدة لذلك ولا مقدورا عليها فليس فيها هذا المعنى، ومنها: أن الرديء ينهى عن إخراجه ولا يجزئ في الزكاة ثم قال تعالى:



والحمد لله والصلاة على رسول الله

هذا ماتيسر اليوم من نقل وللموضوع بقيه فتابعونا بارك الله لكم وعليكم



المحب في الله

مسك الختام
07-07-2005, 12:18 AM
أخي الفاضل : المحب في الله
جزاك الله خير الجزاء
وأجزل لك الأجر والمثوبة والعطاء ...

أبو البراء
07-07-2005, 09:00 AM
بارك الله فيكم أخي الحبيب ( المحب في الله ) ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0