المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عملية الحزن


فاديا
28-05-2008, 07:29 PM
في حياتنا الطبيعية ... لدينا العديد من الاشياء التي يجب ان نتقبلها طوال اليوم ..
منذ الاستيقاظ صباحا وحتى العودة الى النوم مساءا...

وتقبل هذه الظروف عندما تمر بشكلها الطبيعي يعد امرا مقبولا ويعد المتنفس الوحيد لنا

مثلا ... عملنا بخير ، اولادنا سعداء .. المنزل نظيف ، السيارة تعمل ...حياتنا الزوجية بسلام

ولكن ..في احيان كثيرة لا تسير الامور بهذا الشكل..
احد اولادنا لديه سلوكيات خاطئة...لقد فقدنا وظيفتنا...تعرضت حياتنا الزوجية للشرخ
أحد افراد عائلتنا اصيب بمرض خطير ....

وما يمكن تلخيصه في هذه الظروف هو .....

" فقدان الاحلام والتوقعات المثالية للمستقبل "

توقعاتنا لاطفالنا
توقعاتنا لعملنا
توقعاتنا لزواجنا
توقعاتنا لصحتنا


ان خسارة الاحلام وفقدانها هي أصعب ما يمكن ان نتقبله
فالاماني الضائعة هي اماني محطمة ...
وخيبة الامل هي كذلك..... ،
والاحلام المفقودة هي احلام ميتة ....
...وكل هذا يسبب الالم...

الاحلام دائما موجودة ....والعديد منا يحاول التعلق بها كثيرا
رغم ما نمر به من خيبة امل الواحدة تلو الاخرى،
تصدمنا الحقيقة وتهتز الاحلام ، ونرفض تصديق او قبول شيء اقل من احلامنا ..

ولكن يوما ما .....تأتي الحقيقة وترفض ان تخضع لأحلامنا بعد الآن
ويأتي ما لم نكن نرغب به ولا خططنا له ولا طلبناه ولا املناه ....
لقد مات الحلم ......ولن يصحو ابدا.

ظروفنا الآن لم تعد مريحة ...لقد تغيرت وهناك موقف جديد يجب تقبله
وقد نستجيب تلقائيا بالانكار او مقاومة ذلك الموقف او المشكلة او الخسارة
نريد الاشياء كما كانت عليه من قبل .. نريد ان نشعر بالراحة مرة اخرى
نشعر ان واقعنا بات محيرا لا نشعر معه بالسلام ... نشعر اننا فقدنا توازننا...

يمر البعض منا في حالات عديدة لفقدان التوازن ، ولا يعرفون ما يتوقعونه ولا متى يتوقعونه
لأن ظروفهم الحالية في حالة تغير دائم..وقد يمرون بالخسائر والتغييرات في جميع مجالات حياتهم


اذا اردنا ان نستبدل حلمنا المفقود بحلم جديد...
وان نشعر بالسلام والحكمة مرة اخرى ...
فيجب ان ...نتقبل الواقع .

فاديا
28-05-2008, 07:32 PM
ولكن كيف نتقبل الواقع ...؟



اذا كنا نقضي نصف الوقت ، لا نعرف حتى ما هو الواقع ! لأننا ننكر ونكذب على انفسنا .
والنصف الآخر نقضيه في معرفة " ان مواجهة الحقيقة اكبر مما يمكننا تحمله " .
؟؟؟؟؟؟؟؟؟






ان القبول ..لا يعني التلاؤم مع الواقع
ولا يعني الاستسلام للاسى والحزن لما نحن عليه
ولا يعني ان نتقبل الاساءة

انه يعني ان نتقبل ظروفنا لهذه اللحظة
بما في ذلك انفسنا والاشياء والاشخاص من حولنا
كما نحن ..وكما هم عليه
حتى نحدث حالة من السلام مع انفسنا ، ونخلق بها القدرة على تقييم الظروف
والقدرة على الاستجابة بطريقة مسؤولة نحو بيئتنا المحيطة
ومن ثم نكتسب القوة على تغيير الاشياء التي يمكننا تغييرها لحل مشاكلنا.
فلن نستطيع تغيير انفسنا .... حتى نتقبل انفسنا.
وما دمنا لا نتمكن من قبول الحقيقة كما هي في لحظة من لحظات وجودنا
فلن نسمح لأنفسنا بإدراك طبيعة اختياراتنا وتصرفاتنا
ولن نعترف بحقيقة شعورنا
وبذلك لن نتمكن من التغيير


كيف يمكننا الوصول الى هذه الحالة؟؟؟
كيف يمكننا ان نحدق في الحقيقة دون ان نغفل او نغلق اعيننا ؟
كيف يمكننا تقبل جميع الخسائر والمشاكل التي نجدها في الحياة ويلقيها علينا الاشخاص من حولنا




ان هذا ممكن اذا تفهمنا ما يدور بأنفسنا او ما يجب ان نمر به من مراحل...


وعلماء النفس الاجانب يسمونها بعملية " تقبل الاموات لموتهم "


ولا بأس اذا استعضنا - نحن المسلمون - عن هذا التعبير ووصفناه ب " عملية الحزن " او " عملية التسامح "

فاديا
28-05-2008, 07:37 PM
ان بصيرتنا قد تعرف الحقيقة احيانا ...
ولكننا ندفع بها بعيدا ونقول : انت مخطئة !







المرحلة الاولى : الانكار
هو دفاع غير واع نستخدمه لتجنب او تقليل التوتر عندما نكون مهددين
نستخدمه لإيقاف وعينا بالاشياء التي قد تتسبب في ازعاجنا عند معرفتنا بها
وهي حالة تتكون من الصدمة والاجفال والذعر ورفض عام لقبول الحقيقة او ادراكها ، فنقوم بعمل كل شيء واي شيء لكي نعيد كل شيء الى ما كان عليه
او نتظاهر بعدم حدوث شيء

ان الانكار يشبه النوم ...
لأننا لا ندرك تصرفاتنا التي نقوم بها ونصدق اكاذيب عدم تصديق الواقع التي نقولها لأنفسنا
ففي اوقات التوتر الشديد ، نقوم بإيقاف وعينا عاطفيا واحيانا ذهنيا ، ولعل هناك ميكانيكية كامنة فينا تقوم بإبعاد المعلومات المدمرة وتمنعنا من التشبع بها
الانكار هو ما يمتص الصدمة ، وهو رد فعل طبيعي للالم والخسارة والتغيير
وهو يحمينا من ضربات الحياة حتى نجمع مصادرنا الاخرى للتعايش معها




المرحلة الثانية : الغضب
فإذا انكرنا موقف ما ..لا نتجه مباشرة الى قبول الحقيقة ، ولكننا سنتجه الى الغضب
وقد يكون غضبنا منطقيا او غير منطقي ، وقد نكون على حق في اخراج غضبنا ، او قد نعبر عنه بشكل غير عقلاني
وقد نلوم انفسنا وكل من حولنا على ما فقدناه
ان العمل على تعديل مسار الناس وتمزيق اقنعتهم ، واجبارهم على مواجهة الحقيقة المحبطة يعد عملا خطيرا
لأن الانسان يتمكن من العيش مع ادراك واقعه بحيث يبقى خادعا لنفسه
فإذا لم يتم اخباره الحقيقة ، فمن سيتحمل هذا العبء ويخبرها له؟
لا بد ان بعضنا شاهد تصرفات مخيفة وعنيفة عندما يواجه الناس حقائق قد انكروها من قبل.
واكبر مثال على هذا مواجهة ( الحقائق المرضية الخطيرة )


المرحلة الثالثة : الاحباط
عندما نشعر بالارهاق من محاولات لتجنب الحقيقة ، وعندما نقرر الاعتراف بخسارتنا
فإننا نشعر بالحزن والاحباط الشديد
هذا هو الحزن ...هذا هو الاسى الذي كنا نحاول تجنبه من قبل بكل السبل
هذا هو وقت البكاء وهو شيء مؤلم
هذه المرحلة تبدأ عندما نستسلم ، وتختفي عندما نصل الى القبول.


المرحلة الرابعة : القبول
هذه المرحلة خالية من المشاعر ، وهي تشبه وكأن الالم قد زال وانتهى الصراع
وهذا ما نريده
بعد ان انكرنا واغلقنا اعيننا ، وركلنا وصرخنا ..وشعرنا بالالم في النهاية
فإننا نصل الى مرحلة القبول والسلام مع ما يحدث ، وقد اضحت الخسارة مقبولة بنظرنا فأصبحنا نشعر بالراحة تجاهها وتجاه حياتنا
وقد قمنا بالتعديل والادراك ومرة اخرى.. عدنا للشعور بالسلام مع انفسنا
وقد قبلنا واقعنا وشعرنا بالاستقرار وسنتوقف اخيرا عن العدو والاختباء
ومن هذه النقطة نستطيع التقدم .

فاديا
28-05-2008, 07:39 PM
كم هم اصحاء ..من يحزنون !






هكذا نتقبل الاشياء ونتسامح مع الظروف ، وعملية الشفاء هذه ليست سهلة ، فغالبا ما نشعر خلالها بالضعف والحيرة والوحدة والعزلة ،
وقد لا تكون المراحل بالدقة التي وصفناها وقد يحدث تراجع عند بعضها والعودة الى السابقة
كل هذا يعتمد على مقدار الصدمة ومقدار الخسارة
وليس ضروريا ان تملي سلوكيات المرحلة نفسها علينا ،ولكن ما هو مهم فعلا انه من الصحي ان نخوض في كل مرحلة ولا نخرج منها الا من خلالها .

ما يجب ان نتأكد منه ..اننا كائنات تقبل التغيير والخسارة ولكن ذلك يأتي في الوقت والمكان المناسبين لها
" ونحن فقط من يعرف هذا الوقت المحدد "


ان رفض الحزن ، هو رفض لوظيفة انسانية والتي يؤدي رفضها الى عواقب وخيمة
ان الحزن مثل اي شعور صادق ، يصاحبه اطلاق احد اشكال الطاقة ، فإذا لم يتم تحرير هذه الطاقة في عملية الحزن ، فقد تتحول الى طاقة تدميرية داخل الجسد ويمكن ان يكون المرض الجسماني هو تعبير عن الحزن

يجب عليك ان تحزن لأي حدث يشمل خسارة لك
ولا يعني ذلك ان تعيش حياة حزينة :(
ولكنه يعني ان تكون لديك الارادة في الاعتراف بمشاعرك الحقيقية بدلا من الاستهزاء بالالم
ان الحزن ليس مسموحا به فقط ، بل انه الاختيار الصحي

ويعينك في مرحلة الحزن شكر الله وحمده والاستغفار له
والدعاء اليه ان يمنحك السكينة

عليك في مرحلة الحزن ان تترفق بنفسك حتى لا يستنفد الحزن كل طاقاتك ويفقدك التوازن
عليك بالتحدث الى الناس الامبنين الذين يمنحونك الراحة والدعم والفهم
تحدث عن الامر بصراحة....


تعلم فن القبول ....فإن به الكثير من الشعور بالحزن.

بنت الجزيرة
28-05-2008, 08:00 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

جزاك الله خير اختي الغالية / فاديا ،،،

سلمت يداكـ ولا عدمناكـ ،،،

بارك الله فيكـ ووفقكـ ،،،

عبق الريحان
28-05-2008, 08:40 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

( أم عبد الرحمن )
28-05-2008, 11:11 PM
مراحل منطقية وتحليل واقعى للنفس البشرية
وفى اعتقادى اننا نستطيع الوصول للمرحلة الرابعة وهى القبول والسلام مع النفس اذا رضينا وبالتالى سيخف الشعور بالحزن كثيرا داخلنا وسنتأقلم مع واقعنا بسرعة أكبر لتكتمل مسيرتنا فى الحياة
أبعد الله عنك الحزن والهم أختنا المبدعة فاديا
وحفظك الله ورعاك
جزاك الله خيرا وننتظر جديدك دوما

فاديا
28-05-2008, 11:37 PM
اختي بنت الجزيرة ... واختي عبق الريحان

بارك الله في اقلامكم العطرة وشكرا لمروركم الكريم اخواتي الفاضلات

فاديا
28-05-2008, 11:43 PM
اختي ام عبد الرحمن

جزاك الله خيرا يا اختي على ردك
نعم ذلك ممكن و يعتمد على حجم " الخسارة " بالنسبة " للشخص "
المهم ان يترك الانسان نفسه على سجيتها للتعبير عن ما يجول بنفسه خلال مرحلة حزنه
دون ان نذكر انفسنا دوما بهذه العبارة :
" لا ينبغي لنا ان نشعر هكذا ، لا ينبغي لنا ان نحزن هكذا "
وقد نحتاج ايضا لتعديل وتصحيح بعض النماذج للتفكير للسيطرة على سلوكنا في هذه الفترة
بحيث يتناسب مع اخلاقياتنا واهتمامنا بأنفسنا

بارك الله فيك

بوراشد
29-05-2008, 10:48 AM
جزاك الله خيراً اختنا الفاضلة والمشرفة العامة فاديا...

إن كلماتك تحرك في كل قارئ مشاعر قد تختلف أسبابها... ولكن صداها واحد ...وأستأذنك في هذه الإضافة التي جالت بخاطري وأنا اقرأ بعض هذه العبارات المؤثرة :


ويعينك في مرحلة الحزن شكر الله وحمده والاستغفار له
والدعاء اليه ان يمنحك السكينة

وهذا دواء وأي دواء لكل أنواع الحزن مهما كبرت أوصغرت ...

عليك في مرحلة الحزن ان تترفق بنفسك حتى لا يستنفد الحزن كل طاقاتك ويفقدك التوازن


نعم فالحزن صفة بشرية لا ينفك منها أحد ...لكننا يجب أن لا نفقد التوازن ونعرف كيف نتعامل مع هذه المشاعر...

كما أن علينا أن أخذ الدروس والعبر ...لعلنا نجتنب محطات في طريق الحياة تعرضنا للحزن مرة أخرى...

عليك بالتحدث الى الناس الامينين الذين يمنحونك الراحة والدعم والفهم

وتحت الأمينين ضع عشرات الخطوط ...

وعليك أن تطلب منهم النصح الصادق ولو كان مراً لأننا أحياناً نرفض أن نسمع النصح في حالة الحزن ونتوقع أن يقف معنا الجميع ولو كنا مخطئين...

وقطعاً لا بد أن يكون الناصح هنا صاحب حكمة وفهم... فهو يعرف متى ينصت ...ومتى يتكلم... ومتى يؤجل بعض الوقفات إلى حين ...


تعلم فن القبول ....

ولذلك كان التسليم بقاء الله وقدره ...سلوى لكل محزون ...

فما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ...


وبعد القبول ...

إبدأً بفتح صفحة جديدة ...مع إشراقة يوم جديد ...

وتفاءل بحياة أفضل... وبأيام أجمل ...

فاديا
29-05-2008, 11:57 PM
جزاك الله خيرا اخي الفاضل ابوراشد على الاضافة الرائعة

أزف الرحيل
02-06-2008, 04:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
كوكبة الإبداع

تبارك الله


جزيت خيرا"

فاديا
07-06-2008, 05:15 PM
شكرا لكلماتك الطيبة اختنا الفاضلة ازف الرحيل ولا حرمنا الله مرورك