مشاهدة النسخة كاملة : ( && نزول القرآن الكريم && ) !!!
قاصد الحق
13-03-2008, 08:20 PM
السلام عليكم ورحمة الله
الأخوة الافاضل , ورد في نزول القرآن الكريم العديد من الأحاديث الموقوفة عن ابن عباس أن القرآن الكريم نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ الى بيت العزة في السماء الدنيا , ثم نزل دفعات متفرقة على رسول الله عليه الصلاة والسلام .
وبعض هذه الاحاديث صححها الحاكم ووافقه الذهبي .
السؤال وقد يؤدي الى نقاش :
القول بذلك اراه يخالف آيات عديدة في القرآن الكريم تبين نزول القرآن الكريم على قلب محمد عليه الصلاة والسلام دون مراحل .
ما رأي الأخوة .
منذر ادريس
14-03-2008, 05:30 PM
حياك الله وبياك أخي الكريم قاصد الحق وهاكم الجواب بإذن الملك الوهاب
ـ- تنزلات القرآن:
التنزل الأول: نزوله إلى اللوح المحفوظ (1) بطريقة ووقت لا يعلمها إلا الله ومن أطلعه على غيبه، وكان جملة لا مفرقاً، وذلك ظاهر من قوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ**[البروج: 21-22] .
التنزل الثاني : النزول من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ويظهر من خلال الآيات القرآنية التي يستدل بها على هذا النزول ما يفيد بأن القرآن نزل في ليلة واحدة إلى السماء الدنيا. ووصفها القرآن: بمباركة، وسماها تارة ليلة القدر، وهي في رمضان ونزل جملة واحدة .
_____________________________
(1) عالم علوي عظيم جعله الله تعالى من أعظم المظاهر الدالة على عظمة علمه تعالى وحكمته وقدرته النافذة في الأكوان، ويختص اللوح المحفوظ بكونه مشتملاً على تسجيل ما قضى الله وقدر، وما كان وما سيكون .
الآيات:
قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ**[ القدر: 1] .
وقال عز وجل {إِنَّاأَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ**[الدخان: 3]. وقال سبحانه {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ**[ البقرة: 185].
التنزل الثالث: النزول من السماء الدنيا من بيت العزة على قلب خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي المرحلة الأخيرة التي شعّ منها النور على البشرية جمعاء . نزل به جبريل على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم منجماً (1) في ثلاث وعشرين سنة حسب الحوادث والطوارىء، وما يتدرج من تشريع .
الدليل: قوله تعالى: ** نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ(2) * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرين * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ**[ الشعراء: 193-195 ] .
ولقد نسب الله القرآن إلى نفسه في عدة آيات منها:{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْءانَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ** [ النمل: 6]. وقوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدُُ مِّنَ الْمُشْرِكيَن اسْتَجَارِكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله**[التوبة :6].
حكمة نزول القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا.
أ- تفخيم أمر القرآن وأمر من نزل عليه، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم.
ب- سر يرجع لإعجاز القرآن، في ترتيب القرآن في النزول، ثم ترتيبه في المصحف، حيث ينظره جبريل في سماء الدنيا وهو على ترتيب المصحف، ثم ينزل بآياته تباعاً على حسب الحوادث، فتوضع كل آية مكانها في المصحف وفق الترتيب في اللوح المحفوظ .
______________________________
1- أي مفرقاً بحسب المناسبات، واقتضاء الحال .
2- أي سيدنا جبريل عليه السلام.
حكمة نزول القرآن منجماً من السماء الدنيا:
أ- تثبت فؤاد الرسول صلى الله عليه وسلم وتقوية قلبه: كما قال تعالى:
{كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ**. [ الفرقان: 32] .
فقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم في قوم جفاة، شديدة عداوتهم، كما قال تعالى: {وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمَاً لُّدّاً**[ مريم: 97]. وكانوا لا يكادون ينتهون من حملة أو مكيدة حتى يشرعوا في تدبير أخرى مثلها أو أشد منها، فكانت تنزلات القرآن بين الفينة والأخرى تواسيه وتسليه، وتشد أزره وعزيمته على تحمل الشدائد والمكارة .
ب- مواجهة ما يطرأ من أمور أو حوادث تمس الدعوة:كما قال تعالى:{وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً** [ الفرقان: 33] وهذه حكمة جليلة لها أثرها البالغ في نجاح الدعوة، لمواجهة الوحي نفسه للطوارىء والملمات، ومن أهم ذلك ما يثيره المبطلون من الاعتراضات أو الشبهات، وهو الأصل الذي صرحت به الآية الكريمة : أي لا يأتونك بسؤال عجيب أو شبهة يعارضون بها القرآن بباطلهم العجيب إلا جئناهم بما هو الحق في نفس الأمر الدامغ لباطلهم، وهو أحسن بياناً وأوضح، وأحسن كشفاً لما بعثت له.
جـ- تعهد هذه الأمة التي أنزل عليها القرآن: وذلك لصياغتها علىالنهج الإسلامي القرآني علماً وعملاً، وفكراً واعتقاداً وسلوكاً، تخلقاً وعرفاً.
كما قال تعالى:{وَقُرءاناً فَرَقنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ**[ الإسراء: 106].
ومن مظاهر هذا الجانب أنهم كانوا قوماً أميين لا يحسنون القراءة والكتابة، فكانت الذاكرة عمدتهم الرئيسية، فلو نزل القرآن جملة واحدة لعجزوا عن حفظه.
د- التحدي والإعجاز.
هـ- تربية للرسول صلى الله عليه وسلم وتصبيره على أذى المشركين، وتثبيت قلوب المؤمنين وتسليحهم بعزيمة الصبر واليقين.
وهذا الرابط أخي الكريم حول الموضوع :
http://www.islampedia.com/mie2/ooloom/koran1.html
عُبيد الرحمن
15-03-2008, 12:03 PM
أخي الفضل قاصد الحق القرآن الكريم ليس فيه تعارض لأنه يصدق بعضه بعضا, وإنما يظهر التعارض في عقول القارئين والمجتهدين من أمة النبي صلى الله عليه وسلم, وفي الحقيقة أن القرآن مر بثلاثة مراحل الأولى
1- كتابة الله له في اللح المحفوظ
2- نزوله جملة واحدة من بيت العزة إلى السماء الدنيا
3- نزوله مفرقا في ثلاث وعشرين سنة ولو قرأت الآيات جيدا لعلت منها أنه كما نزل جملة واحدة فكذلك نزل منجما ومفرقا على حسب الوقائع و الأحداث وهذا ما يجعله معجزا على خلاف الكتب السماوية الأخرى المبدلة وقوله تعلى:" وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث و نزلناه تنزيلا" صريح في نزله مفرقا لرد شبهات الكفار و الجواب على استفسارات الصحابة وتثبيت قلب النبي لى الله عليه وسلم, وغيرها من الأسباب التي أنزله الله مفرقا و جزى الله خيرا الأخ المشفق فقد أجاد, وأفاد وما عن الق قد حاد أرجو أن تراجع مباحث في علوم القرآن لمناع القطان و كذا مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني في باب نزول القرآن و إليك هذا الرابط ووفقك الله لكل خير
http://www.islamtoday.net/toislam/5/5.5.cfm
إسلامية
15-03-2008, 12:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أخوتي في الله / المشفق و عبيد الرحمن على هذا التوضيح ، لأن هذا بالفعل ما تعلمناه وما قرأناه وهو شيء أنا متأكدة ومقتنعه فيه لأن نزول القرآن مفرقا كان بأسباب كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر أنها مفرقةً بحسب المناسبات، واقتضاء الحال .
وأقول للأخ الفاضل / قاصد الحق ... أنت قلت : ( القول بذلك اراه يخالف آيات عديدة في القرآن الكريم تبين نزول القرآن الكريم على قلب محمد عليه الصلاة والسلام دون مراحل) !!! .
فهل يمكنك أخي الفاضل أن تكتب هذه الآيات ؟ لنرى وجه الخلاف في ذلك
وفقك الله للحق دائما
قاصد الحق
15-03-2008, 03:23 PM
بارك الله فيكم .
هل تسمحون ان نناقش الموضوع معكم , فكما سبق وقلت ان آيات القرآن الكريم تخالف القول بنزول القرآن على مراحل , وأقصد بكلمة مراحل أي للوح المحفوظ ثم للسماء الدنيا في بيت العزة ثم على رسول الله عليه الصلاة والسلام .
أما قضية نزوله مفرقا على رسول الله خلال فترة رسالته فلا شك في ذلك ولا نقاش , وهو امر واضح وضوح الشمس في وضح النهار .
فهل تسمحون بالنقاش حول هذه القضية .
جزاكم الله خيرا على الاهتمام .
منذر ادريس
15-03-2008, 06:32 PM
ما هو الطرح الذي لديك وأين الإشكالات التي تتحدث عنها أخي الفاضل قاصد الحق
قاصد الحق
15-03-2008, 08:29 PM
بارك الله فيكم اخي المشفق , وشكرا لاهتمامكم واحترامكم وتقبلكم دعوتي للنقاش , وكم نحن بحاجة لأدب الحوار والمحبة المتبادلة في النقاش , وسلوك منهج العلماء الذين اختلفت آراؤهم , لكنهم لم يتنازعوا ولم ينتصروا لأنفسهم طرفة عين .
وسوف اقوم بطرح ما عندي شيئا فشيئا حتى نقف على كل نقطة ونناقشها بوضوح .
إسلامية
15-03-2008, 08:58 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( فكما سبق وقلت ان آيات القرآن الكريم تخالف القول بنزول القرآن على مراحل , وأقصد بكلمة مراحل أي للوح المحفوظ ثم للسماء الدنيا في بيت العزة ثم على رسول الله عليه الصلاة والسلام )
أخي في الله نرجو التوضيح .... وجزاك الله خيرا
قاصد الحق
15-03-2008, 09:08 PM
بارك الله فيك اختي الكريمة وشكرا لاهتمامك .
وسوف أوضح إن شاء الله تعالى , وبالتفصيل .
منذر ادريس
16-03-2008, 04:44 AM
تفضل اخي الكريم قاصد الحق بالشرح والتفصيل مع أني لا أدري حتى الآن اين هو الإشكال الذي تزعم
بارك الله فيكم
قاصد الحق
16-03-2008, 03:32 PM
بداية أحب أن أنتكلم في أهم الآيات الواردة في هذا الموضوع والتي – كما أرى - تنفي نزول القرآن على مراحل كما أسلفت .
ثم أنتقل إلى الأحاديث الموقوفة الواردة في هذا الموضوع والتي يستشكل لدي توافقها مع بعضها أولا , ثم مع القرآن الكريم ثانيا , ثم مع أحاديث رسول الله المرفوعة ثالثا .
ثم إلى أقوال العلماء وآرائهم وحججهم في هذا الموضوع .
ونبدأ بآيات القرآن الكريم التي – كما أراها – تنفي نزول القرآن الكريم على المراحل السابق ذكرها .
وحتى أبين ذلك لابد أن نجتمع على أمر مهم في البداية .
هذا الأمر هو وجه من وجوه التعريف بالقرآن , وهو أن القرآن كلام الله .
فهل تختلفون معي في أن القرآن هو كلام الله ؟
قال تعالى : {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ **التوبة6
وهل تختلفون معي بالقول بان ما سبق القرآن الكريم من كتب كالتوراة والإنجيل وغيرهم , هم أيضا كلام الله ؟
قال تعالى : {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ **البقرة75
هل نحن متفقين على أن القرآن هو كلام الله ؟ وكذلك ما سبقه من الكتب ؟
أم لا خلاف .
منتظر منكم الإجابة .
منذر ادريس
17-03-2008, 04:45 AM
قبل كل شيء أعلمك أخي الكريم أننا بحمد الله سبحانه وتعالى عقيدتنا مستقاه من الكتاب والسنة فلا نأخذها من العقل فالكتاب والسنة هما مصدر التلقي وعقيدتنا هي عقيدة سلفنا الصالح من القرون الثلاثة الأولى وهي عقيدة أئمتنا الأربعة المشهورين والطحاوي ومن تبعهم كابن تيمية وابن القيم وابن ابي العز ومحمد ابن عبدالوهاب وصديق حسن خان ومحمد الشوكاني وغيرهم الكثير الكثير فالقرآن كلام الله حقيقة
وإذا كنت أخي الكريم تخالف هؤلاء الأئمة في رأيك فهناك منتديات أخرى للحوار والنقاش بارك الله فيكم
قاصد الحق
17-03-2008, 05:13 AM
لا يا اخي انا لا اخالفهم بل أنا على هذا الدرب إن شاء الله , وليس الموضوع متعلق بالأائمة ومخالفتهم أو موافقتهم إنما هو بحث في معنى آية وحديث .
وأنا شخصيا اومن ان القرآن كلام الله وما أردته هو فقط الاجماع على هذه الحقيقة في بداية النقاش .
اذا نحن الآن متفقون .
وسوف اكمل النقاش ان شاء الله اذا سمحتم لنا .
وأعيد ارجو الا يفهمني احد بشكل خاطئ , انا لا اريد نقاشا مذهبيا وطائفيا بل انا اهرب من ذلك , وانما نقاشي في معنى آية وحديث استشكل على التوفيق بينهما .
دمتم بود
منذر ادريس
17-03-2008, 06:27 AM
لا حرج عليك أخي إنما أردت التأكد فقد استغربت بعض الشيء فالمنتدى ولله الحمد ينتهج نهج السلف الصالح اعتقادا ومنهجا وسلوكا
إسلامية
17-03-2008, 10:39 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أخي في الله / قاصد الحق وفقك الله لما يحبه ويرضاه
أريد بداية أطرح التساؤلات التي قلتها :
فلقد تفضلت بالآتي :
أولا : بداية أحب أن أنتكلم في أهم الآيات الواردة في هذا الموضوع والتي – كما أرى - تنفي نزول القرآن على مراحل كما أسلفت
أخي في الله ... أين الآيات التي ذكرتها والتي تقول أنها تنفي نزول القرآن على مراحل على سيدنا محمد :salla-icon: ؟؟
أذكرها لنا لو تكرمت ؟؟ ووضح لو سمحت كلمة - كما أرى - ؟؟ أريد دليلا واضحا وردا واضحا أيضا وليس ألغاز ؟؟ أطرح موضوعك مرة واحدة ثم نناقش معك جزئياته ونسأل أهل العلم أيضا فيما نختلف به ..... أليس هذا من العقل والمنطق
أخي الفاضل / أنت فقط قمت بطرح دليلين ، الأول منهما يؤكد أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى ،
والدليل الثاني : أيضا يؤكد أن التوراة والأنجيل كلام الله تعالى ،
ولكن الفرق بينهما واضح جدا للمسلمين ، فالقرآن الكريم تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه لقوله سبحانه : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ، أما التوراة والأنجيل فلقد حرفت وبدلت من قبل اليهود والنصارى وهذا ثابت بالأدلة القطعية من الآيات القرآنية ، قال تعالى ( من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه) [المائدة: 13]. وقوله تعالى: ( ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم ءاخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه )
ثانيا : فهل تختلفون معي في أن القرآن هو كلام الله ؟
بالتأكيد لا أحد يختلف في هذا الموضوع بتاتا والقرآن الكريم هو كلام الله تعالى والدليل أنت ذكرته بنفسك ، ولقد وضحه لك الأخ الفاضل : المشفق
ثالثا : هل نحن متفقين على أن القرآن هو كلام الله ؟ وكذلك ما سبقه من الكتب ؟
تعيد نفس الأسئلة مرة أخرى ، ونحن نجيبك بنعم
رابعا : وليس الموضوع متعلق بالأائمة ومخالفتهم أو موافقتهم إنما هو بحث في معنى آية وحديث .
أخي في الله / قاصد الحق .... أنت تقول أن الموضوع هو بحث في معنى آية وحديث ؟؟؟
اذكر لو سمحت الآية والحديث
خامسا : وأعيد ارجو الا يفهمني احد بشكل خاطئ , انا لا اريد نقاشا مذهبيا وطائفيا بل انا اهرب من ذلك , وانما نقاشي في معنى آية وحديث استشكل على التوفيق بينهما .
أطمئنك أخي الفاضل بإذن الله تعالى لن يفهمك أحد بشكل خاطئ ، ولكن ادعوك أن توضح قولك فيما أشكل عليك لنقوم معك بالبحث والسؤال عسى الله تعالى أن يوفقنا إلى سبيل الرشاد
كيفية إنزال القرآن الكريم
الأول : وهو الأصح الأشهر : أن الله تعالى أنزله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر جملة واحدة . ثم نزل بعد ذلك منجمًا - متفرقًا - في عشرين سنة أو ثلاث وعشرين سنة أو خمس وعشرين سنة ، كذلك بحسب اختلاف الرواة في مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة .
الثاني : أنه نزل إلى السماء الدنيا في عشرين ليلة قدر ، أو ثلاث وعشرين ، أو خمس وعشرين ، كذلك بحسب اختلاف الرواة في مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة ، وأنه كان ينزل في كل ليلة منها ما يقدر الله إنزاله في كل سنة ، ثم أنزل بعد ذلك منجمًا في جميع السنة .
الثالث : أنه ابتدئ إنزاله في ليلة القدر ، ثم نزل بعد ذلك منجمًا في أوقات مختلفة من سائر الأوقات .
الرابع : أنه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة ، وأن الحَفَظة نَجَّمته على جبريل في عشرين ليلة ، وأن جبريل نجمه على النبي صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة .
الحكمة من نزوله منجماً
قد يتساءل متسائل : ما السر في نزوله منجماً ؟ ولِم لم ينزل كسائر الكتب السابقة جملة واحدة ؟ وقد أجاب الله تعالى على هذا السؤال ، فقال سبحانه : ( وقال الذين كفروا لولا نُزِّل عليه القرآن جملة واحدة ) يعنون : كما أنزل على من قبله من الرسل .
فأجابهم تعالى بقوله : ( كذلك ) أي أنزلناه كذلك مفرقًا ( لنُثبت به فؤادك ) أي لنقوي به قلبك ، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى بالقلب ، وأشدّ عناية بالمرسل إليه ، ويستلزم ذلك كثرة نزول المَلَك إليه وتجدد العهد به وبما معه من الر سالة الواردة من ذلك الجناب العزيز ، فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة ، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان لكثرة لقياه جبريل عليه السلام .
وقيل معنى : ( لنثبّت به فؤادك ) أي لتحفظه ، فإنه صلى الله عليه وسلم كان أميًّا لا يقرأ ولا يكتب ، ففرّق عليه ليثبت عنده حفظه ، بخلاف غيره من الأنبياء فإنه كان كاتبًا قارئاً يمكنه حفظ الجميع .
ومن آيات القرآن ما هو الجواب لسؤال ، ومنه ما هو إنكار على قول قيل ، أو فِعْل فُعِل ، فكان جبريل عليه السلام ينـزل بجواب السؤال أو تبيان حكم القول أو الفعل ، وبهذا فسر ابن عباس رضي الله عنه قوله تعالى : ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق ) .
كما أن نزوله مفرقًا أدعى إلى قبوله ، لتدرج الأحكام فيه ، بخلاف ما لو نزل جملة واحدة فإنه كان ينفر من قبوله كثير من الناس ، لكثرة ما فيه من الفرائض والنواهي ، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ( إنما نزل أول ما نزل سورة من المفصّل فيها ذكر الجنة والنار ، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ، ولو نزل أول شيء : لا تشربوا الخمر ، لقالوا : لا ندع الخمر أبدًا ، ولو نزل : لا تزنوا ، لقالوا لا ندع الزنى أبدًا ) .
والمتتبع للأحاديث النبوية الشريفة يرى أن القرآن الكريم كان ينزل بحسب الحاجة ، أحيانًا : خمس آيات ، ومرة : عشر آيات ، أو أكثر أو أقل ، وقد صح نزول قوله تعالى : ( غير أولي الضرر ) وحدها ، وهي بعض الآية .
كيفية الإنزال والوحي
اتفق أهل السنة والجماعة على أن كلام الله تعالى منـزل ، واختلفوا في معنى : الإنزال .
فمنهم من قال : إظهار القرآة . ومنهم من قال : إن الله تعالى ألهم كلامه جبريل عليه السلام وهو في السماء ، وهو عال من المكان ، وعلّمه قراءته ، ثم جبريل أدّاه في الأرض وهو يهبط في المكان .
وفي التنـزيل طريقان :
الأول : أن النبي صلى الله عليه وسلم انخلع من صورة البشرية إلى صورة الملكية وأخذه من جبريل .
والثاني : أن المَلَك انخلع إلى البشرية حتى يأخذه الرسول صلى الله عليه وسلم منه
والأول أصعب الحالين وأشد وطأة على الرسول صلى الله عليه وسلم .
الوحي
سئل الإمام الزهري رحمه الله عن الوحي فقال : " الوحي ما يوحي الله إلى نبيّ من الأنبياء ، فيثبته في قلبه فيتكلم به ويكتبه ، وهو كلام الله . ومنه ما لا يتكلم به ولا يكتبه لأحد ولا يأمر بكتابته ، ولكنه يحدّث به الناس حديثًا ويبيّن لهم أن الله أمره أن يبيّنه ويبلّغهم إيّاه " .
وعلى هذا يكون الجزء الأول من كلامه يعني القرآن الكريم ، ويقصد بالشطر الآخر السنة الشريفة ، فكلاهما وحي من الله ، الأول باللفظ والمعنى ، والثاني بالمعنى دون اللفظ .
كيفية الوحي
ذكر العلماء للوحي كيفيات
أولها : أن يأتي الملك في مثل صلصلة الجرس ، وهو أشد حالات الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم . فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : [ سألت النبي صلى الله عليه وسلم هل تحس بالوحي ؟ فقال : أسمع صلاصل ثم أسكت عند ذلك ، فما من مرّة يُوحى إليَّ إلا ظننت نفسي تُقبض ] .
الثانية : أن ينفث في رُوعه الكلام نفثًا كما قال صلى الله عليه وسلم : [ إن روح القدس نفث في رُوعي ] .
الثالثة : أن يأتيه في صورة الرجل فيكلمه كما في الصحيح : [ وأحيانًا يتمثل لي الملَكُ رجُلاً فيكلمني فأعي ما يقول ] . وهو أهونه على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الرابعة : أن يأتيه في النوم ، فيبلغه بالآيات .
الخامسة : أن يكلمه الله سبحانه إما في اليقظة كما حصل في ليلة الإسراء ، أو في النوم ، كما ورد في حديث معاذ : [ أتاني ربي فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى .... ]
وقد أخرج ابن سعد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : [ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل الوحي يغط في رأسه ويتزبّد وجهه ويجد بردًا في ثناياه ويعرق حتى يتحدر منه مثل الجُمان ] .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قاصد الحق
17-03-2008, 05:55 PM
بارك الله فيكم اخي المشفق والأخت اسلامية .
وما من ألغاز ولا شيء من هذا القبيل , إن هي الا مقدمات ضرورية لسير الحديث , والنقاش يحتاج إلى خطوات هادئة وروية , فصبر جميل .
أما وقد اتفقنا على أهم نقطة في الموضوع وهي أن القرآن الكريم وما سبقه من قبل هو كلام الله , وأنا بذلك من المؤمنين , ندخل الآن في صلب الموضوع .
يقول الله تعالى : {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ** - الشورى51 –
نرى من هنا أن كلام الله للبشر لا يكون إلا بطرق ثلاث بينها سبحانه وتعالى في كتابه الكريم .
1)وحيا .
2)من وراء حجاب .
3)إرسال رسول .
أي أن تلقي رسول الله عليه الصلاة والسلام للقرآن الكريم ( كلام الله ) لا يخرج عن هذه الطرق الثلاث .
طريقتان بلا رسول ( وحيا ) و ( من وراء حجاب ) .
وثالثة عن طريق رسول ( أو يرسل رسولا ) .
فالطريقة الأولى ( الوحي ) وهي من الله سبحانه إلى نبيه مباشرة بلا وسيلة .
والثانية ( من وراء حجاب ) هي أيضا من الله إلى رسوله مباشرة بلا وسيلة .
ولعل الأخت اسلامية توافق على ذلك وهي التي بينت وجها من وجوه الوحي حين قالت : " الخامسة : أنيكلمه الله سبحانه إما في اليقظة كما حصل في ليلة الإسراء ، أو في النوم ،كما ورد في حديث معاذ : [ أتاني ربي فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى... [.
وقدأخرج ابن سعد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : [ كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم إذا نزل الوحي يغط في رأسه ويتزبّد وجهه ويجد بردًا فيثناياه ويعرق حتى يتحدر منه مثل الجُمان[.
والثالثة ( يرسل رسولا ) وهي أيضا من الله إلى رسوله مباشرة ولكن بوسيلة والتي هي الرسول .
فهل نجد هنا من مراحل في كلام الله لرسله ؟
لا أجد ذلك في الطريقة الأولى ولا في الثانية ولا حتى في الثالثة , وما وجدناه في الثالثة ليس إلا وسيلة وطريقة ( رسول ) وليس مرحلة أو شيء من هذا .
فأرى الآية الكريمة واضحة في أن كلام الله تعالى كان يباشر الرسل دون مراحل تذكر .
ولقد كلم الله موسى من قبل تكليما في التوراة , فهل نزل الكلام حينئذ إلى اللوح المحفوظ ثم إلى بيت العزة ثم إلى جبريل ثم إلى موسى ؟
وكذلك أرسل الله إليه جبريل أيضا , فهل كان ذلك على مراحل ؟
ولقد أوحى الله إلى إبراهيم وعيسى و جميع الأنبياء كلامه , فهل كان على مراحل ؟
ولعل الله سبحانه أراد أن يؤكد لنا هذا بقوله : {وَكَذَلِكَأَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ** - الشورى52 –
أي وبهذه الطرق وكما كلمنا موسى وكما أرسلنا جبريل من قبل وأوحينا إلى الرسل من قبلك , وكما كان كلامنا ووحينا إلى الرسل من قبل , أوحينا إليك هذا القرآن .
فهل نلتمس هنا أي مرحلة تذكر ؟
هذه البداية , وفي انتظار آرائكم , في هذه النقطة , ثم نكمل إن شاء الله تعالى .
أبو البراء
17-03-2008, 06:42 PM
:bism:
:icon_sa1: ،،،،،،
الأخ الفاضل ( قاصد الحق ) حفظه الله ورعاه
قبل أن أجيب على تساؤلكم ، فإنه لا يليق بنا إلا أن نحتفل بكم في منتدانا الغالي فنقول :
هلا باللي نهليبــــه......وشوفته تشرح البال
ولو رحبت مايكفي.......لك مليون ترحيبــــه
هلا وغلا بالأخ الحبيب ( قاصد الحق )
في منتداكم ( منتدى الرقية الشرعية )
احدى الصروح الرائدة المتواضعة في عالم المنتديات الصاعدة
والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة
كلنا سعداء بانضمامكم لمنتدانا الغالي
وكلنا شوق لقرائة حروف قلمكم ووميض عطائكم
هلا فيكم
ونحن بانتظار قلمكم ومشاركاتكم وحضوركم وتفاعلكم
تمنياتي لكم بالتوفيق وإقامة مفعمة بالمشاركات النافعة
http://www.ojqji.net/vb/images/welcom/81.gif
ونحن نعلم بأنكم قد زرتم الموقع لأسباب واعتبارات خاصة ، ولكن واجب الضيافة يحتم علينا ذلك 0
اعلم - يا رعاكم الله - ان هذا الموقع ما كان إلا للوقوف مع مرضى الأمراض الروحية والأخذ بأيديهم إلى بر الأمان ، فهو متخصص في الرقية الشرعية والأمراض الروحية ، وجعلنا قسم للفتاوى حتى ننقل أقوال علماء الأمة فيما أشكل من مسائل فقهية ، وأما الطرح من قبلكم - يا رعاكم الله - فلا أعتقد أن المنتدى ملائم لذلك ، وهناك منتديات متخصصة في علوم القرآن يمكنكم عرض ما لديكم ويجيب المتخصصون في هذا العلم عما أشكل عليكم ، أقول ذلك لأن المنتدى بحاجة لطاقة الكوادر فالمرضى بحاجة لكل كلمة ، وأرجو أن تكون قد وصلت الرسالة 0
وبالعموم أنقل ما تفضل به شيخنا وعلامة نجد الشيخ محمد بن صالح العثيمين حول نزول القرآن وهو على النحو التالي :
القرآن في اللغة
مصدر قرأ بمعني تلا ، أو بمعني جمع ، تقول قرأ قرءاً وقرآناً، كما تقول : غفر غَفْراً وغٌفرانا ً ، فعلى المعني الأول ( تلا ) يكون مصدراً بمعني اسم المفعول ؛ أي بمعني متلوّ، وعلى المعني الثاني: ( جَمَعَ) يكون مصدراً بمعني اسم الفاعل ؛ أي بمعني جامع لجمعه الأخبار والأحكام (1) .
والقرآن في الشرع
كلام الله تعالى المنزل على رسوله وخاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم ، المبدوء بسورة الفاتحة ، المختوم بسورة الناس . قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) (الانسان:23) وقال : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف:2) . وقد حمى الله تعالى هذا القرآن العظيم من التغيير والزيادة والنقص والتبديل ، حيث تكفل عز وجل بحفظه فقال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) ولذلك مضت القرون الكثيرة ولم يحاول أحد من أعدائه أن يغير فيه ، أو يزيد ، أو ينقص ، أو يبدل ، إلا هتك الله ستره ، وفضح أمره .
وقد وصفه الله تعالى بأوصاف كثيرة ، تدل على عظمته وبركته وتأثيره وشموله ، وأنه حاكم على ما قبله من الكتب .
قال الله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (الحجر:87). ( وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)(ق: الآية 1) . وقال تعالى : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (ص:29) (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأنعام:155) (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) (الواقعة:77) (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) (الإسراء : الآية 9) .
وقال تعالى : (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر:21) (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُون(125) (التوبة: 124-125) ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)(الأنعام: الآية 19) (فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً) (الفرقان:52). وقال تعالى : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)(النحل: الآية 89) (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ )(المائدة: الآية 48) .
والقرآن الكريم مصدر الشريعة الإسلامية التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلم إلى كافة الناس ، قال الله تعالى : (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان:1) (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ(1)اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيد(2ٍ) (ابراهيم: 1-2) .
وسنة النبي صلى الله عليه وسلم مصدر تشريع أيضاً كما قرره القرآن ، قال الله تعالى:(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (النساء:80) (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)(الأحزاب:الآية 36)(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(الحشر:الآية 7) (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌرَحِيمٌ) (آل عمران:31)
1- نزول القرآن
نزل القرآن أول ما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر في رمضان، قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر:1) (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ(3)فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ(4) (الدخان:3-4) . (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)(البقرة: الآية 185) .
وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل عليه أربعين سنة على المشهور عند أهل العلم ، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعطاء وسعيد بن المسيِّب وغيرهم . وهذه السِّن هي التي يكون بها بلوغ الرشد وكمال العقل وتمام الإدراك .
والذي نزل بالقرآن من عند الله تعالى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، جبريل أحد الملائكة المقربين الكرام ، قال الله تعالى عن القرآن: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ(193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ(194)بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ(195) (الشعراء:192- 195) .
وقد كان لجبريل عليه السلام من الصفات الحميدة العظيمة ، من الكرم والقوة والقرب من الله تعالى والمكانة والاحترام بين الملائكة والأمانة والحسن والطهارة ؛ ما جعله أهلاً لأن يكون رسول الله تعالى بوحيه إلى رسله قال الله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ "(19)ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِين(21ٍ) (التكوير:19- 21) . وقال : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى(5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى(6)وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى(7) (لنجم:5-7) .
وقال : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل:102) وقد بين الله تعالى لنا أوصاف جبريل الذي نزل بالقرآن من عنده وتدل على عظم القرآن وعنايته تعالى فإنه لا يرسل من كان عظيما إلا بالأمور العظيمة.
2- أول ما نزل من القرآن
أول ما نزل من القرآن على وجه الإطلاق قطعا ً الآيات الخمس الأولي من سورة العلق، وهي قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1) خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ(2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ(3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ(4) عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5) (العلق:1- 5) . ثم فتر الوحي مدة ، ثم نزلت الآيات الخمس الأولى من سورة المدثر ، وهي قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر (1) قُمْ فَأَنْذِرْ(2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ(4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(5) (المدثر:1-5) . ففي ((الصحيحين)) : صحيح البخاري ومسلم (2) . عن عائشة رضي الله عنها في بدء الوحي قالت : حتى جاءه الحق ٌّ ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال اقرأ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ ( يعني لست أعرف القراءة ) فذكر الحديث ، وفيه ثم قال:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق(1)َ) إلى قوله:(عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5)) (العلق:1- 5). وفيهما(3) عن جابر رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث عن فترة الوحي : ( بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء .... ) فذكر الحديث ، وفيه ، فأنزل الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر (1) قُمْ فَأَنْذِرْ(2) إلى ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُر(5ْ) (المدثر:1-5) .
وثمت آيات يقال فيها : أول ما نزل، والمراد أول ما نزل باعتبار شيء معين ، فتكون أولية مقيدة مثل : حديث جابر رضي الله عنه في ((الصحيحين ))(4) . إن أبا سلمة بن عبد الرحمن سأله: أي القرآن أنزل أول؟ قال جابر:(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1) قال أبو سلمة : أنبئت أنه (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (العلق:1) فقال جابر : لا أخبرك إلا بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( جاورت في حراء فلما قضيت جواري هبطت ...) فذكر الحديث وفيه : ( فأتيت خديجة فقلت : دثروني ، وصبوا علي ماء بارداً ، وأنزل علي : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1) إلى قوله :(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر:1-5) ).
فهذه الأولية التي ذكرها جابر رضي الله عنه باعتبار أول ما نزل بعد فترة الوحي ، أو أول ما نزل في شأن الرسالة ؛ لأن ما نزل من سورة اقرأ ثبتت به نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وما نزل من سورة المدثر ثبتت به الرسالة في قوله ( قُمْ فَأَنْذِرْ) (المدثر:2)
ولهذا قال أهل العلم : إن النبي صلى الله عليه وسلم نبئ ب(اقْرَأْ) (العلق:1) وأرسل ب الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1)
3- نزول القرآن ابتدائي وسببي
ينقسم نزول القران إلى قسمين :
الأول : ابتدائي : وهو ما لم يتقدم نزوله سبب يقتضيه ، وهو غالب آيات القران، ومنه قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ) (التوبة:75)
الآيات فإنها نزلت ابتداء في بيان حال بعض المنافقين ، وأما ما اشتهر من أنها نزلت في ثعلبة ابن حاطب في قصة طويلة ، ذكرها كثير من المفسرين ، وروجها كثير من الوعاظ ، فضعيف لا صحة له .(5) .
القسم الثاني : سببي : وهو ما تقدم نزوله سبب يقتضيه . والسبب :
أ- إما سؤال يجيب الله عنه مثل (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) (البقرة: الآية 189) .
ب- أو حادثة وقعت تحتاج إلى بيان وتحذير مثل : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ)(التوبة: الآية 65) الآيتين نزلتا في رجل من المنافقين قال في غزوة تبوك في مجلس : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ، ولا أكذب ألسنا ، ولا أجبن عند اللقاء ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن فجاء الرجل يعتذر النبي صلى الله عليه وسلم فيجيبه ( أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ)(التوبة: الآية 65) (6).
ج- أو فعل واقع يحتاج إلى معرفة حكمه مثل :(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة:1)
فوائد معرفة أسباب النزول :
معرفة أسباب النزول مهمة جدا ، لأنها تؤدي إلى فوائد كثيرة منها :
1- بيان أن القران نزل من الله تعالى ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الشيء ، فيتوقف عن الجواب أحيانا ، حتى ينزل عليه الوحي ، أو يخفى الأمر الواقع، فينزل الوحي مبينا له . مثال الأول : قوله تعالى : (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً) (الإسراء :85) . ففي صحيح البخاري "(7) عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه : أن رجلا من اليهود قال : يا أبا القاسم ما الروح ؟ فسكت ، وفي لفظ : فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يرد عليهم شيئا ، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي ، فلما نزل الوحي قال (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (الإسراء :85) الآية مثال الثاني قوله تعالى (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلّ)(المنافقون: الآية 8) وفي صحيح البخاري (8) أن زيد ابن أرقم رضي الله عنه سمع عبد الله ابن أبى رأس المنافقين يقول ذلك ، يريد أنه الأعز ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأذل ، فأخبر زيد عمه بذلك ، فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم زيدا فأخبره بما سمع ثم أرسل إلى عبد الله ابن أبي وأصحابه ، فحلفوا ما قالوا ، فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تصديق زيد في هذه الآية ؛ فاستبان الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
2- بيان عناية الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم في الدفاع عنه مثال ذلك قوله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) (الفرقان:32) وكذلك آيات الإفك ؛ فإنها دفاع عن فراش النبي صلى الله عليه وسلم وتطهير له عمّا دنسه به الأفاكون .
3- بيان عناية الله تعالى بعباده في تفريج كرباتهم وإزالة غمومهم . مثال ذلك آية التيمم ، ففي " صحيح البخاري " (9) أنه ضاع عقد لعائشة رضي الله عنها ، وهي مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فأقام النبي صلى الله عليه وسلم لطلبه ، وأقام الناس على غير ماء ، فشكوا ذلك إلى أبي بكر ، فذكر الحديث وفيه : فأنزل الله أية التيمم فتيمموا فقال أسيد بن حضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر . والحديث في البخاري مطولاً .
4- فهم الآية على الوجه الصحيح . مثال ذلك قوله تعالى : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)(البقرة: الآية 158) أي يسعى بينهما ، فإن ظاهر قوله : (فَلا جُنَاحَ عَلَيْه)ِ (البقرة: الآية 158 ) أن غاية أمر السعي بينهما ، أن يكون من قسم المباح ، وفي صحيح البخاري " (10) عن عاصم بن سليمان قال : سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن الصفا والمروة ، قال : كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية ، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما ، فأنزل الله تعالى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ (البقرة: الآية 158) إلى قوله : (أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) (البقرة: الآية 158) وبهذا عرف أن نفي الجناح ليس المراد به بيان أصل حكم السعي ، وإنما المراد نفي تحرجهم بإمساكهم عنه ، حيث كانوا يرون أنهما من أمر الجاهلية ، أما أصل حكم السعي فقد تبين بقوله:(مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ )(البقرة:الآية 158)
عموم اللفظ وخصوص السبب :
إذا نزلت الآية لسبب خاص ، ولفظها عام كان حكمها شاملا لسببها ، ولكل ما يتناوله لفظها ، لأن القران نزل تشريعا عاما لجميع الأمة فكانت العبرة بعموم لفظه لا بخصوص سببه .
مثال ذلك : آيات اللعان ، وهي قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) إلى قوله ( إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(النور: 6- الآية 9) ففي صحيح البخاري " (11)من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : البينة أو حد في ظهرك ، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق فلينزلن الله ما يبرء ظهري من الحد ، فنزل جبريل ، وأنزل عليه : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ)(النور: الآية6) فقرأ حتى بلغ (إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(النور: الآية9)
فهذه الآيات نزلت بسبب قذف هلال بن أمية لامرأته ، لكن حكمها شامل له ولغيره ، بدليل ما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه ، أن عويمر العجلاني جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك . فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملاعنه بما سمى الله في كتابه ، فلاعنها . الحديث (12) .
فجعل البني صلى الله عليه وسلم حكم هذه الآيات شاملا لهلال بن أمية وغيره .
المكي والمدني
نزل القران على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا في خلال ثلاث وعشرين سنة ، قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرها بمكة ، قال الله تعالى (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً) (الإسراء :106) ولذلك قسم العلماء رحمهم الله تعالى القرآن إلى قسمين : مكي ومدني :
فالمكي : ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل هجرته إلى المدينة .
والمدني : ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة .
وعلى هذا فقوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )(المائدة: الآية 3) من القسم المدني وإن كانت قد نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بعرفة ، ففي صحيح البخاري (13)عن عمر رضي الله عنه أنه قال : قد عرفنا ذلك اليوم ، والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم ، نزلت وهو قائم بعرفة يوم جمعة .
ويتميز القسم المكي عن المدني من حيث الأسلوب والموضوع :
أ- أما من حيث الأسلوب فهو :
1- الغالب في المكي قوة الأسلوب ، وشدة الخطاب، لأن غالب المخاطبين معرضون مستكبرون ، ولا يليق بهم إلا ذلك ، أقرأ سورتي المدثر ، والقمر .
أما المدني : فالغالب في أسلوبه البين ، وسهولة الخطاب ، لأن غالب المخاطبين مقبلون منقادون ، أقرا سورة المائدة .
2- الغالب في المكي قصر الآيات، وقوة المحاجة ، لأن غالب المخاطبين معاندون مشاقون ، فخوطبوا بما تقتضيه حالهم ، أقرا سورة الطور .
أما المدني : فالغالب فيه طول الآيات ، وذكر الأحكام ، مرسلة بدون محاجة ، لأن حالهم تقتضي ذلك ، أقرأ آية الدين في سورة البقرة .
ب- وأما من حيث الموضوع فهو :
1- الغالب في المكي تقرير التوحيد والعقيدة السليمة ، خصوصا ما يتعلق بتوحيد الألوهية والإيمان بالبعث ، لأن غالب المخاطبين ينكرون ذلك .
أما المدني : فالغالب فيه تفصيل العبادات والمعاملات ، لأن المخاطبين قد تقرر في نفوسهم التوحيد والعقيدة السليمة ، فهم في حاجة لتفصيل العبادات والمعاملات.
2- الإفاضة في ذكر الجهاد وأحكامه والمنافقين وأحوالهم في القسم المدني لاقتضاء الحال ، ذلك حيث شرع الجهاد ، وظهر النفاق بخلاف القسم المكي .
فوائد معرفة المدني والمكي :
معرفة المكي والمدني نوع من أنواع علوم القرآن المهمة ، وذلك لأن فيها فوائد منها :
1- ظهور بلاغة القران في أعلى مراتبها ، حيث يخاطب كل قوم بما تقتضيه حالهم من قوة وشدة ، أو لين وسهولة .
2- ظهور حكمة التشريع في أسمى غاياته حيث يتدرج شيئا فشيئا بحسب الأهم على ما تقتضيه حال المخاطبين واستعدادهم للقبول والتنفيذ .
3- تربية الدعاة إلى الله تعالى ، وتوجيههم إلى أن يتبعوا ما سلكه القران في الأسلوب والموضوع ، من حيث المخاطبين ، بحيث يبدأ بالأهم فالأهم ، وتستعمل الشدة في موضعها والسهولة في موضعها .
4- تمييز الناسخ من المنسوخ فيما لو وردت آيتان مكية ومدنية ، يتحقق فيهما شروط النسخ ، فإن المدنية ناسخة للمكية ، لتأخر المدنية عنها .
الحكمة من نزول القرآن الكريم
من تقسيم القرآن إلى مكي ومدني ، يتبين أنه نزل على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا . ولنزوله على هذا الوجه حكم كثيرة منها :
1- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، لقوله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (يعني كذلك نزلناه مفرقاً)كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً(32) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ (ليصدوا الناس عن سبيل الله) إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً(33) (الفرقان:32-33)
2- أن يسهل على الناس حفظه وفهمه والعمل به ، حيث يقرأ عليهم شيئا فشيئا ، لقوله تعالى : ( وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً) (الإسراء :106 )
3- تنشيط الهمم لقبول ما نزل من القران وتنفيذه ، حيث يتشوق الناس بلهف وشوق إلى نزول الآية ، لا سيما عند اشتداد الحاجة إليها كما في آيات الإفك واللعان .
4- التدرج في التشريع حتى يصل إلى درجة الكمال ، كما في آيات الخمر الذي نشأ الناس عليه وألفوه ، وكان من الصعب عليهم أن يجابهوا بالمنع منه منعا باتا ، فنزل في شأنه أولا قوله تعالى : (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)(البقرة: الآية 219) فكان في هذه الآية تهيئة للنفوس لقبول تحريمه حيث إن العقل يقتضي أن لا يمارس شيئا إثمه أكبر من نفعه .
ثم نزل ثانيا قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)(النساء: الآية 43) فكان في هذه الآية تمرين على تركه في بعض الأوقات وهي أوقات الصلوات ، ثم نزل ثالثا قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:90) ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة:91) (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (المائدة:92) فكان في هذه الآيات المنع من الخمر منها باتا في جميع الأوقات ، بعد أن هيئت النفوس ، ثم مرنت على المنع منه في بعض الأوقات .
ترتيب القران :
ترتيب القرآن : تلاوته تاليا بعضه بعضا حسبما هو مكتوب في المصاحف ومحفوظ في الصدور .
وهو ثلاثة أنواع :
النوع الأول : ترتيب الكلمات بحيث تكون كل كلمة في موضعها من الآية ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، ولا نعلم مخالفا في وجوبه وتحريم مخالفته ، فلا يجوز أن يقرأ : لله الحمد رب العالمين بدلا من (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2)
النوع الثاني : ترتيب الآيات بحيث تكون كل آية في موضعها من السورة ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، وهو واجب على القول الراجح ، وتحرم مخالفته ولا يجوز أن يقرأ : مالك يوم الدين الرحمن الرحيم بدلا من : (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة:3) (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (الفاتحة:4) ففي صحيح البخاري (14)أن عبد الله بن الزبير قال لعثمان بن عفان رضي الله عنهم في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ )(البقرة: الآية 240) قد نسخها الآية الأخرى يعني قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )(البقرة: الآية 234) وهذه قبلها في التلاوة قال : فلم تكتبها ؟ فقال عثمان رضي الله عنه : يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه .
وروي الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي 0من حديث عثمان رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه السور ذوات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء ، دعا بعض من كان يكتب،فيقول ، ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا (15) النوع الثالث : ترتيب السور بحيث تكون كل سورة في موضعها من المصحف ، وهذا ثابت بالاجتهاد فلا يكون واجبا وفي " صحيح مسلم " (16)عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : أنه صلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم البقرة ، ثم النساء ، ثم آل عمران ، وروى البخاري (17)تعليقا عن الأحنف : أنه قرأ في الأولى بالكهف ، وفي الثانية بيوسف أو يونس، وذكر أن صلى مع عمر بن الخطاب الصبح بهما .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه : " تجور قراءة هذه قبل هذه ، وكذا في الكتابة . ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة رضي الله عنهم في كتابتها ، لكن لما اتفقوا على المصحف في زمن عثمان رضي الله عنه ، صار هذا مما سنة الخلفاء الراشدون ، وقد دل الحديث على أن لهم سنة يجب أتباعها " أهـ .
كتابة القرآن وجمعه
لكتابة القرآن وجمعه ثلاث مراحل :
المرحلة الأولى : في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان الاعتماد في هذه المرحلة على الحفظ أكثر من الاعتماد على الكتابة ، لقوة الذاكرة وسرعة الحفظ وقلة الكاتبين ووسائل الكتابة ، ولذلك لم يجمع في مصحف بل كان من سمع آية حفظها ، أو كتبها فيما تيسر له من عسب النخل ، ورقاع الجلود ، ولخاف الحجارة ، وكسر الأكتاف وكان القراء عددا كبيرا.
ففي " صحيح البخاري "([1]) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سبعين رجلا يقال لهم : القراء ، فعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر معونة فقتلوهم ، وفي الصحابة غيرهم كثير كالخلفاء الأربعة ، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبي الدرداء رضي الله عنهم .
المرحلة الثانية : في عهد أبي بكر رضي الله عنه في السنة الثانية عشرة من الهجرة . وسببه أنه قتل في وقعة اليمامة عدد كبير من القراء منهم ، سالم مولى أبي حذيفة ، أحد من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن منهم .
فأمر أبو بكر رضي الله عنه بجمعه لئلا يضيع ، ففي صحيح البخاري" (19)أن عمر بن الخطاب أشار على أبي بكر رضي الله عنهما بجمع القرآن بعد وقعة اليمامة ، فتوقف تورعا ، فلم يزل عمر يراجعه حتى شرح الله صدر أبي بكر لذلك ، فأرسل إلى زيد بن ثابت فأتاه ، وعنده عمر فقال له أبو بكر : إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه ، قال : فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهما . رواه البخاري مطولا .
وقد وافق المسلمون أبا بكر على ذلك وعدوه من حسناته ، حتى قال على رضي الله عنه: أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر ، رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله .
المرحلة الثالثة : في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في السنة الخامسة والعشرين ، وسببه اختلاف الناس في القراءة بحسب اختلاف الصحف التي في أيدي الصحابة رضي الله عنهم فخيفت الفتنة ، فأمر عثمان رضي الله عنه أن تجمع هذه الصحف في مصحف واحد ؛ لئلا يختلف الناس ، فيتنازعوا في كتاب الله تعالى ويتفرقوا.
ففي " صحيح البخاري " (20)أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان من فتح أرمينية وأذربيجان ، وقد أفزعه اختلافهم في القراءة ، فقال : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك ، ففعلت ، فأمر زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف . وكان زيد بن ثابت أنصاريا والثلاثة قرشيين – وقال عثمان للرهط الثلاثة القرشيين : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ؛ فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ، رد عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق .
وقد فعل عثمان رضي الله عنه هذا بعد أن استشار الصحابة رضي الله عنهم ، لما روي أبن أبي داود (21)عن على رضي الله عنه أنه قال : والله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملاء منا ، قال : أرى أن نجمع الناس على مصحف واحد ، فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا ، فنعم ما رأيت .
وقال مصعب بن سعد(22): أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك ، أو قال : لم ينكر ذلك منهم أحد ، وهو من حسنان أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه التي وافقه المسلمون عليها ، وكانت مكملة لجمع خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر رضي الله عنه .
والفرق بين جمعه وجمع أبي بكر رضي الله عنهما أن الغرض من جمعه في عهد أبي بكر الله عنه تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف ، حتى لا يضيع منه شئ دون أن يحمل الناس على الاجتماع على مصحف واحد ؛ وذلك أنه لم يظهر أثر لاختلاف قراءاتهم يدعو إلى حملهم على الاجتماع على مصحف واحد .
وأما الغرض من جمعه في عهد عثمان رضي الله عنه فهو تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف واحد ، يحمل الناس على الاجتماع عليه لظهور الأثر المخيف باختلاف القراءات.
وقد ظهرت نتائج هذا الجمع حيث حصلت به المصلحة العظمى للمسلمين من اجتماع الأمة ، واتفاق الكلمة ، وحلول الألفة ، واندفعت به مفسدة كبرى من تفرق الأمة ، واختلاف الكلمة ، وفشو البغضاء ، والعداوة .
وقد بقي على ما كان عليه حتى الآن متفقا عليه بين المسلمين متواترا بينهم ، يتلقاه الصغير عن الكبير ، لم تعبث به أيدي المفسدين ، ولم تطمسه أهواء الزائغين . فلله الحمد لله رب السماوات ورب الأرض رب العالمين .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) ويمكن أن يكون بمعني اسم المفعول أيضاً ، أي بمعني مجموع ؛لأنه جٌمع في المصاحف والصدور.
(2) أخرجه البخاري ، كتاب ب دء الوحي ، باب 1 : كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ، أصول في التفسير ، حديث رقم 3 ؛ ومسلم كتاب الإيمان باب 73: بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حديث رقم 403 ** 252** 160 .
(3) أخرجه البخاري ، كتاب بدء الوحي ، باب 1 : كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حديث رقم 4 ؛ ومسلم كتاب الإيمان باب 73: بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حديث رقم 406 ** 255** 161 .
(2) أخرجه البخاري ، كتاب التفسير ، باب 3 قوله : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) حديث رقم4924 ؛ ومسلم كتاب الإيمان باب 73: بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حديث رقم 409 ** 257** 161
(5) رواه الطبراني ، وفيه على بن يزيد الألهاني وهو متروك .
(6) ذكر هذه الحادثة ابن كثير في تفسيره (2/368)، والطبري أيضاً (10/172)
(7) أخرجه البخاري كتاب العلم باب قوله تعالى (وما أؤتيتم من العلم إلا قليلا)حديث رقم (125) ومسلم كتاب صفات المنافقين وأحكامهم باب سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح ، وقوله (ويسألونك عن الروح ...) الآية . حديث رقم (2794).
(8 )أخرجه البخاري كتاب التفسير سورة المنافقون باب قوله (إذا جاءك المنافقون قالوا إنك لرسول الله ) الآية . حديث رقم (4900) ومسلم كتاب صفات المنافقين وأحكامهم باب صفات المنافقين وأحكامهم .حديث رقم (367).
(9 ) أخرجه البخاري كتاب التيمم قوله تعالى (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه حديث رقم (334) ومسلم كتاب الحيض باب التيمم حديث رقم (367)
(10 ) أحرجه البخاري كتاب الحج باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة ، ومسلم كتاب الحج باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به حديث رقم (1278)
(11) أخرجه البخاري كتاب الشهادات باب إذا دعي أو قذف فله أن يلتمس البينة وينطلق لطلب البينة . حديث رقم (2671).
(12) أخرجه البخاري كتاب التفسير سورة النور باب قوله عز وجل (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ) الآية . حديث رقم (423) ومسلم كتاب اللعان حديث رقم (1492).
(13) أخرجه البخاري كتاب الإيمان باب زيادة الإيمان ونقصانه حديث رقم (45) ومسلم كتاب التفسير باب في تفسير آيات متفرقة حديث رقم ( 3015) .
(14) أخرجه البخاري كتاب التفسير باب (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ...) الآية حديث رقم (4530).
(15) أحمد (399) وأبو داوود ( 786)، والنسائي في السنن الكبرى (8007) والترمذي (3086)
(16) أخرجه مسلم كتاب الصلاة المسافرين باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل حديث رقم (772).
(17) أخرجه البخاري كتاب الآذان باب الجمع بين السورتين في الركعة ..
([1] ) أخرجه البخاري كتاب الجهاد باب العون بالمدد حديث رقم (3064).
(19) أخرجه البخاري كتاب التفسير باب قوله ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم ) الآية .
(20) أخرجه البخاري كتاب فضاءل القرءان باب جمع القرءان حديث رقم (4987).
(21) أخرجه الخطيب في كتاب الفصل للوصل المدرج 2 / 954 ؛ وفي الإسناد المحفوظ (محمد بن أبان الجعفي ) علل الدار قطني 3 /229 – 230، قال ابن معين (ضعيف الجرح والتعديل للرازي 7 /200 أخرجه أبي داود في كتاب المصاحف صـ 22.
(22) أخرجه ابن أبي داود في كتاب المصاحف صـ 12.
المصدر
موقع الشيخ محمد بن صالح العثيمين
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_16982.shtml
-----------------------------------------------------------------------------------------------
بارك الله فيكم أخي الحبيب ( قاصد الحق ) ، وقد تم اغلاق الموضوع للاعتبارات المذكورة ، وحياكم الله وبياكم مرة ثانية في منتداكم ( منتدى الرقية الشرعية ) وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
@ كريمة @
17-03-2008, 06:50 PM
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل
أبو البراء
17-03-2008, 06:56 PM
:bism:
:icon_sa1: ،،،،،،
وإياكم أخيتي الفاضلة ومشرفتنا القديرة ( كريمة ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
إسلامية
17-03-2008, 08:03 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2025