المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محاضرات ودروس في " أصول الفقه " !!!


ابن حزم
26-05-2005, 11:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وامام المتقين المبعوث رحمة للعالمين الأمي الذي تعلم علي يديه العلماء والنابغين ثم أما بعد

أخوتي في الله وأحبائي رجوت الله دائما" أن يفقهني في الدين وينفعني بماعلمني وأن ينفع بي غيري ولهذا شمرت ساعد الجد في كتابة أطراف من علم أصول الفقه هنا في منتداكم المبارك هذا سائلا" الله عز وجل أن ينفع به

والله من وراء القصد

ابن حزم
26-05-2005, 12:36 PM
واسمحوا لي أن أبدأ كتابتي في هذه المحاضرات عن الأجتهاد .. شروطه ومالايجوز الأجتهاد فيه وملا يجوز فيه الاجتهاد وشروط المجتهد


أولا " مجال الاجتهاد
الأحكام الشرعية ليست كلها محل اجتهاد ، فهناك ما يجوز الاجتهاد فيه وهناك مالايجوز فيه الاجتهاد وذلك علي النحو التالي :

1/ مالايجوز الأجتهاد فيه : وهما أمران :

أ/ الأمور المعلومة من الدين بالضرورة :
-مثل ووب الصلاة وصوم رمضان ووجوب الزكاة والحج وحرمة الزنا وأشباه ذلك من الأمور التي علمت من الدين بالضرورة فان هذه الأمور يستوي في معرفتها المقلد والمجتهد فلايحتاج في معرفتها الي نظر واجتهاد

ب/ الأحكام التي ورد فيها نص قطعي الثبوت والدلالة :
-مثل وجوب جلد الزانية والزاني الثابت بقوله تعالي (والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) فانه نص قطعي الثبوت والدلالة فلامجال للاجتهاد فيه وكذلك حكم الحدود علي اختلاف أنواعها
وجدير بالذكر : أن هذا مااستقرت عليه نصوص القانون الوضعي حيث نصت علي انه ** لامجال للاجتهاد في مقابل النص الصريح **


2/ ما يجوز الأجتهاد فيه : وهما أربعة أمور :
أ/ الأحكام التي ورد فيها نص ظني الثبوت وقطعي الدلالة :
ويكون مجال الأجتهاد فيها بالبحث في سند ذلك الدليل ، وطريق وصوله الينا ودرجة رواته من حيث العدالة والضبط وغيرها فاذا أدي اجتهاد الي صحة الحديث وثبوته عمل بموجبه وان لم يصل الي ثبوته وصحته تركه ولم يعمل به
ومثاله :
قوله صلي الله عليه وسلم : في خمس من الابل شاه
فانه نص قطعي الدلالة لأنه لفظ خاص (وسنتكلم عن حكم الألفاظ في محله ان شاء الله ) ولكنه ظني الثبوت لأنه لم يصلنا متواتر فكان محل للاجتهاد من جهة الظنية في الثبوت

ب/ الأحكام التي ورد فيها نص قطعي الثبوت ولكنه ظني الدلالة :
ويكون مجال الاجتهاد فيها بالبحث في معرفة المعني المراد من ذلك الدليل وقوة دلالته علي هذا المعني لأن الدليل قد يكون عاما" مخصصا" أو مطلقا" مقيدا" وقد يكون باقيا" علي عمومه لم يدخله تخصيص والمطلق باقيا" علي اطلاقه بدون تقييد وقد يكون الأمر قد أريد به الوجوب أو هو مصروف عن الوجوب الي الندب أو الاباحة وهكذا (وسيأتي بيان كل ماسبق في محله ان شاء الله ) فيجتهد المجتهد لمعرفة ماذكر مستعينا" في ذلك بالقواعد الأصولية ومقاصد الشرع ومبادئه العامة في التشريع
ومثاله :
قال تعالي ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء )فان لفظ القروء في النص قطعي الثبوت ولكنه ظني الدلالة .
وذلك لأنه محتمل أن يراد به الحيض ، كما يحتمل أن يكون المراد به الطهر ودلالة اللفظ علي أحدهما دلالة ظنية فلذا أجيز للمجتهد أن يجتهد فيبذل قصاري جهده للوصول الي المراد ولذلك نجد أن العلماء قد اختلفوا في المفهوم من هذا النص علي النحو التالي :
- اجتهد الحنفية فتوصلوا الي أن المراد بالقروء الحيض فحكموا بأن عدة المطلقة أن تحيض ثلاثا"
- واجتهد الشافعية فتوصلوا الي ان المراد به الطهر فحكموا أن عدة المطلقة أن تطهر من حيضها ثلاث طهرات.

ج/ الأحكام التي ورد فيها نص ظني الثبوت والدلالة :

اولا" من حيث الثبوت : يجتهد المجتهد بالنظر الي سند الحديث ومنزلة رواته فاذا اطمئن الي شئ من ذلك انتقل اجتهاده ثانيا" الي المعني المراد من بين المعاني المحتملة فاذا توصل الي شئ حكم به
ومثاله:
قوله صلي الله عليه وسلم : لاصلاة الا بفاتحة الكتاب .فهذا حديث ظني الثبوت لأنه لم ينقل الينا متواترا" ، وظني الدلالة لأنه يحتمل أن يكون النفي فيه نفي كمال الصلاة ويحتمل أن يكون النفي فيه نفي صحة الصلاة
فلذلك نري الحنفية قد اجتهدوا فتوصلوا الي أن المراد نفي الكمال وعليه حكموا بصحة صلاة من ترك قراءة الفاتحة في الصلاة
بينما نري أن الشافعية أدي بهم اجتهادهم الي ان المراد نفي الصحة فحكموا ببطلان الصلاة اذا لم يقرأ المصلي الفاتحة

د/ الأحكام التي لم يرد فيها نص ولا اجماع :
ويكون مجال الاجتهاد فيها هو البحث في معرفة الحكم بطريق القياس أو المصالح المرسلة أو العرف أو الاستصحاب أو غيره .
ومثاله :
استخلاف الخليفة بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم فانه لم يرد فيه نص وحين واجه المسلمون هذا الأمر اجتهدوا واستقر بهم الرأي علي أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقد قاسوا مسألة الخلافة علي أمر رسول الله له بالامامة في الصلاة بدلا" عنه حين اشتد عليه المرض فقالوا : رضيه رسول الله لأمرنا ديننا أفلا نرضاه لأمر دنيانا . فكان منهم اجماعا " عليه

وبالله التوفيق
والمحاضرة التالية سنخصصها في الشروط اللازم توافرها في المجتهد المستقل (اي الذي لاينتمي الي مذهب معين من المذاهب ) باذن الله وتوفيقه
وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا محمد

أبو البراء
26-05-2005, 01:09 PM
بارك الله فيكَ أخي الحبيب ( إسماعيل مرسي ) ، مع تمنياتي لك بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

ابن حزم
27-05-2005, 08:23 AM
وفيكم بارك الله أخي الحبيب

ابن حزم
27-05-2005, 09:39 AM
المحاضرة الثانية في شروط المجتهد المستقل


المحاضرة الثانية في شروط المجتهد المستقل



المجتهدون المستقلون هم الطبقة العليا ويسمون المجتهدون المستقلون في الاجتهاد فهم الذين يرسمون لأنفسهم المناهج ويفرعون عليها الفروع وهم مستقلون لا تابعين لأحد ولا منتسبين اليه

ومن هؤلاء فقهاء الصحابة والتابعين كالأئمة الأربعة والليث بن سعد والثوري وغيرهم كثير

وقد حكم بعض العلماء المتأخرين باغلاق باب الاجتهاد بالنسبة الي هذا النوع ولكن الجانب الأعظم يرفضون هذا القول

ورحم الله استاذنا محمد ابو زهرة اذ يقول :
ولا نعرف أحدا" يسوغ له أن يغلق بابا" فتحه الله تعالي للعقول ، فان قال ذلك فمن أي دليل أخذ ولماذا يحرم علي غيره مايبيحه لنفسه ..

ورحمة الله علي ابن بدران الدمشقي الحنبلي وهو يصف القائلين بسد باب الاجتهاد المستقل بالجمود والجهل ويقرر أن الاجتهاد الآن أسهل منه في العصور السابقة وذلك بتقدم العلوم وفن الطباعة وكثرة المؤلفات .

وفيهم – أي المجتهدون المستقلون- قال عنهم ابن القيم هم الذين قال رسول الله صلي الله فيهم : ان الله يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة عام من يجدد لها من أمر دينها ..

ونحن نقول بأنه لا يجوز أن يخلو عصر من العصور من مجتهد توفرت فيه شروط الأجتهاد المستقل فان ذلك ضرورة لا بد منها صيانة للدين من افتراء المفترين وحماية له من الحاد الملحدين ولقد مضي أئمة المذاهب في دعوة تلا ميذهم وأتباعهم الي أن يبحثوا في أقوالهم وأحكامهم ليكونوا علي بينة منها قبل أن يأخذوا بها
والشيعة يقررون أن باب الاجتهاد لم يغلق وفقهاء الظاهرية أوجبوه .

وقبل أن نتكلم عن الشروط المجتهد المستقل أود أن يعلم أخواني في الله أن هناك أرعة طبقات من طبقات المجتهدين هم :
1/المجتهدون المستقلون : وهم مانتكلم عنهم

2/المجتهدون المنتسبون : أي لهم مذهب ينتسبون اليه وهم من أختاروا أقوال امامهم في الأصل وخالفوه في الفرع وان انتهوا الي نتائج متشابهة في الجملة لما وصل اليه الامام

3/ المجتهدون في المذهب : وهم الذين اختارور اقوال امامهم في الأصل والفرع

4/ المجتهدون المرجحون : ومن اسمهم يتبين ان عملهم هو الترجيح بين الاراء المروية بوسائل الترجيح التي ضبطها لهم علماء الطبقات السابقة


ونعود بعد هذه النبذة الي موضوعنا الأصيل وهو شروط الواجب توافرها في المجتهد المستقل وهي تتلخص في ستة شروط هامة وهي :


1/ العلم باللغة العربية :
من معرفة بالنحو والصرف والبلاغة ومعرفة معاني مفردات اللغة وتراكيبها وخواص الأساليب المختلفة في التعبير

وقد اشترط الامام الغزالي في المستصفي ان يكون متبحرا" في علوم اللغة العربية
ولكن واقع الحال يقول انه ليس من شأن العربي أن يقف علي دقائق اللغة كلها لأن الشأن فيه أنه لا يجيد الا لغة قبيلة واحدة ولا يفترض فيه أن يعلم علم تام بلغات القبائل المختلفة وأساليبها اللغوية فهذا مما لا يف عليه أحد
اما الامام الشاطبي في الموافقات فيرتب الباحثين في الشريعة بحسب مرتبتهم في اللغة فيقول :
فاذا فرضها مبتدأ في اللغة فهو مبتدأ في الشريعة أو متوسط فهو متوسط في فهم الشريعة
ونحن نري أن كلام الشاطبي منطقي ومعقول لأن المجتهد حجة لغير المجتهد ولا يصل الي هذه الدرجة الا من يكون قد وصل الي درجة قريبة ممن تكون أقوالهم وآراؤهم حجة وهم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن بعدهم أئمة الدين وكلهم كان اماما" في العربية بقدر امامته في الفقه والله الموفق


2/ العلم بالقرآن الكريم :
فيجب علي المجتهد أن يكون عالما بدقائق آيات الأحكام القرآنية المقاربة لخمسمائة آية منه ويمون علمه بهذه الآيات شاملا" للعام والخاص والناسخ والنسوخ وعالما" بامعاني والعلل المؤثرة في الأحكام ووجوه الدلالات للألفظ وأحكامها

ولا يشترط حفظه للقرآن كله بل يكفي أن يكون عارفا" بمواقعه حتي يرجع اليه في وقت الحاجة والأفضل كما قال الامام الشاطبي وجمهرة العلم أن يكون حافظا" للقرآن كله لكونه أضبط لمعانيه من غير الحافظ

ولكن القدرة علي الاجتهاد تتوفر للمجتهد بادامة النظر في القرآن وبذلك لاتوقف علي الحفظ


3/ العلم بالسنة :
فيجب أن يكون المجتهد عالما" بالسنة القولية والفعلية والتقريبية قارئا" لها وفاهما" ومدركا" المناسبات التي قيلت فيها .
فيجب أن يكون المجتهد عارفا بالناسخ والمنسوخ منها والعام والخاص والمطلق والمقيد وأن يعرف اسناد الأحاديث وطرق الرواية وقوة الرواة وضعفهم
ولا يشترط أن يكون المجتهد حافظا" للسنة كلها بل يكفي معرفة ما يتعلق منها بالأحكام
وقد اختلف الفقهاء في المقدار الذي يحتاج اليه في ذلك :
فقال بعضهم أنه ثلاثة آلاف حديث وحده بعضهم بألف ومائتين ويري ابن القيم : أن الأصول التي تدور عليها الأحكام هي خمسمائة حديث وهي مفصلة في أربعة آلاف حديث


4/ العلم بالقياس :
يقول الامام الشافعي : الاجتهاد هو العلم بأوجه القياس وطرائقه
فلابد ان يكون المجتهد علي دراية تامة بمنهج القياس السليم وذلك يقتضي العلم بثلاثة أمور :
أولها : العلم بأصول النصوص التي يبني علها العلم بالعلل التي قامت علها أحكام هذه النصوص والتي يمكن عن طريقها الحاق حكم الفرع اليها
ثانيا" : العلم بقوانين القياس وضوابطه
ثالثا" : أن يعرف المناهج التي سلكها السلف الصالح في التعرف علي علل الأحكام


5/ فهم مقاصد الشريعة :
كثيرا" منا اخوتي في الله لا يعلم أن مقاصد الأحكام في الشريعة الاسلامية هي الرحمة بالعباد وهو المقصد الأسمي لرسالة الاسلام .
ولهذا فان الامام الشاطبي يبني شروط الاجتهاد علي أصلين :
الأول : فهم مقاصد الشريعة .
الثاني : هو التمكن من الاستنباط بمعرفة اللغة العربية ومعرفة أحكام القرآن والسنة والاجماع وخلاف الفقهاء وأوجه القياس .
ويقول الشاطبي : أن الأول هو الأساس والثاني خادم له


6/ صحة الفهم وحسن التقدير :
وهذا الشرط قد شرطه الامام الأثنوي رحمه الله حيث قال : يشترط في المجتهد أن يعرف شرائط الحود والبراهين وكيفية تركيب مقدماتها واستنتاج المطلوب منها ليأمن من الخطأ في نظره
والأثنوي بهذ الشرط يشترط معرفة المجتهد بعلم المنطق لأنه العلم الذي يعرف الحد والرسم ويعرف البرهان ومقدماته
ولكن هذا الشرط محل خلاف بين الفقهاء فمنهم من بغض اليه علم المنطق كابن تيمية فهم يرون ان الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين وصلوا الي ما وصلوا اليه من الاجتهاد ولم يكن ذلك العلم قد عرف وذاع

وأخيرا" يجب أن ننوه أن هذه الشروط لابد منها لكي يتمكن العالم من الوصول الي درجة الأجتهاد المطلق


وسنتكلم في المحاضرة الثالثة عن اجتهاد الرسول صلي الله عليه وسلم سنتكلم في أدلة المانعين لوقوع الاجتهاد منه صلي الله عيه وسلم وفي أدلة المؤيدين وهل يقبل اجتهاده الخطأ أم لا وكيف كان منهجه في الاجتهاد


وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدي ونبي محمد وعل آله وصحبه وسلم

ابن حزم
28-05-2005, 02:53 PM
المحاضرة الثالثة في اجتهاد الرسول عليه الصلاة والسلام


المحاضرة الثالثة في اجتهاد الرسول عليه الصلاة والسلام


العلماء متفقون علي جواز الاجتهاد للرسول صلي الله عليه وسلم في الأمور الدنيوية كأمور الحرب كما وقع في مصالحة غطفان مقابل ثمار المدينة وفي تأبين النخل بعد قدومه المدينة وكما في حفر الخندق

أما الأمور الشرعية فهي محل خلاف بينهم :
- فذهب الأشعرية وبعض المعتزلة الي أن العقل لا يجيز تكلليف الرسول فيها بالأجتهاد
- وذهب جمهور العلماء من الأصوليين والمحدثين منهم مالك والشافعي وأبو يوسف وغيرهم الي جواز ذلك له عقلا" وذلك علي النحو التالي :

أولا" أدلة المانعين لاجتهاد الرسول عليه الصلاةوالسلام :

1/ قالوا : أن الرسول صلي الله عليه وسلم قادر علي معرفة الحكم بالوحي الذي يفيد له العلم قطعا" وكل من كان قادرا" علي العلم لا يجوز له العمل بالظن ومن ثم لايجوز له الاجتهاد

ورد عليه : أن كون الرسول قادرا" علي معرفة الحكم بالوحي غير مسلم به لأن الوحي ليس في اختياره ينزل عليه متي شاء فلذلك قد يضطر الي الاجتهاد

2/ قالوا : أن الرسول لو كان مأمورا" لالأجتهاد لأجاب عن كل ماسئل عنه ولا انتظر الوحي ، لأن الاجتهاد هو الوسيلة لمعرفة الحكم فيما لا نص فيه ، كتوقفه في حادث الظهار ونحوها وانتظر الوحي .

ورد عليه : اذا توقف الرسول صلي الله عليه وسلم عن الا جتهاد في بعض المسائل فلايستلزم عدم تعبده به في جميعها

3/قالوا : ان الاجتهاد من الظن والظن عرضة للخطأ فيجب صيانة الرسول صلي الله عليه وسلم من الاجتهاد صيانة له عن الخطأ لئلا يتشكك في أمر دعوته

ورد عليه : ان اجتهاده عليه السلام ليس كاجتهاد غيره من الناس فهو لا يقر علي خطأ واجتهاده في آخر الأمر مستندا" الي الوحي الالهي

4/ ان الأجماع قد انعقد علي تكفير مخالفة الرسول صلي الله عليه وسلم وكذلك الاجماع انعقد علي جواز مخالفة المجتهد للمجتهد فو جوزنا الاجتهاد له صلي الله عليه وسلم لجاز لغيره أن يخالفه لكنه لا يجوز لأحد مخالفته بالأجماع

ورد عليه : أن هنا ك فرق بين اجتهاده صلي الله عليه وسلم واجتهاد غيره فان اجتهاده لم يكن يخطئ أو لم يكن يقر علي خطأ بل كان ينبه سريعا" والاجتهاد الذي يكون شأنه هذا لاتجوز مخالفته ونعقاد الاجماع علي جواز مخالفة مجتهد هو حق علي غيره من المجتهدين فلاتناقض بين الاجماعين.
5/واستدل المانعون كذلك بآياتين :
الأولي : (وماينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي ) وقالوا كل ماينطق به الرسول وحيا" وبالتالي لايتبقي هناك مجال للاجتهاد
- ورد عليه : أن الضمير يرجع الي القرآن فلايمكن حمل القول هنا علي العموم لأن بعض ما ينطق به الرسول صلي الله عليه وسلم ليس عن وحي بالتأكيد

الثانية : (ومايكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي أن أتبع الامايوحي الي )
- ويرد عليه : بأن المراد بما ليس له حق بتبديله وهو القرآن الكريم وبالتالي فان هذا لا يمنع أن يكون له حق الاجتهاد



ثانيا" أدلة المثبتين لاجتهاده صلي الله عليه وسلم
1/ أن القول بعدم جواز الاجتهاد له صلي الله عليه وسلم وهو في أعلي درجات العلم وفهم الدين من نصوصه التي نزلت عليه حجر عليه ولا يليق بشأنه لأن الاجتهاد منصب شريف لا يحرمه أفضل أهل العلم وتناله أمته

2/ أستدلوا بقوله صلي الله عليه وسلم (لو استقبلت من أمري مااستدبرت لما سقت الهدي ) أي لو علمت أولا ما علمته آخرا" لما فعلت ما فعلته قالوا: ومثل ذلك لايقال الا فيما عمل فيه بالأجتهاد

3/ قالوا : أن الرسول صلي الله عليه وسلم لما قال بشأن الحرم المكي لا يختلي خلاها ولايعضد شجرها قال له العباس : الا الأذخر فقال صلي الله عليه وسلم الا الأذخر
ومعلوم أن الوحي لم ينزل عليه في تلك الحالة فكان الاستثناء بالأجتهاد

4/مارواه أبو هريرة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه لما بعثه في بعثة قال : ان لقيتم فلان وفلان فحرقوهما . ثم قال لهم حينما جاءوه مودعين : أني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلان وفلان بالنار وأن النار لا يعذب بها الا الله تعالي فان أخذتموهما فاقتلوهما
فهذا يدل علي أن أمره الأول بحرقهاما كان بالأجتهاد

5/ واستدلوا بما رواه الشعبي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقضي بالقضية ثم ينزل القرآن بعد ذلك بغير ما كان قضي به فيترك ماكان قضي به علي حاله ويستقبل ما أنزل به القرآن
وهذا ماشأنه من الأحكام لايكون الا بالاجتهاد.

6/ بما رواه أبو داود عن أم سلمة أن رسول الله قال : أنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل علي فيه وحي .
فهذا صريح في اثبات الدعوي

وهناك الكثير من الأدلة ونكتفي بما تقدم وبالله التوفيق


هل كان يخطئ اجتهاد الرسول صلي الله عليه وسلم

ابن حزم
28-05-2005, 03:33 PM
هل كان يخطئ اجتهاد الرسول صلي الله عليه وسلم

القائلون بجواز الاجتهاد له صلي الله عليه وسلم اختلفوا فيما بينهم علي مذهبين :

المذهب الأول : عدم القول بوقوع الرسول صلي الله عليه وسلم في الخطأ الاجتهادي وهو مذهب بعض الشيعة وبعض الشافعية
واستدلوا : 1/ ان المقصود من البعثة اتباع الرسول صلي الله عليه وسلم في العمل بما جاء من الأحكام لاقامة مصالح الخلق فلو جاز الخطأ في أحكامه لأورث شكا" وتردد ولأخل بالمقصود والاخلال بالمقصود من الله تعالي محال
ورد عليه الامام الامدي بقوله أن الغرض من بعثة الرسل هو التبليغ عن الله تعالي أوامره ونواهيه وهذا لايتصور فيه الخطأ بالأجماع وأما بقوله باجتهاده فلايتكلم به عن الله تعالي ثم أنه لايقر عليه _ لو أخطأ – بل ينبه سريعا" فلا خلل بمقصود البعثة أبدا"

المذهب الثاني : وهو جواز وقوعه صلي الله عليه وسلم في الخطأ الاجتهادي وعدم الاقرار عليه وهو مذهب أكثر أهل السنة وهو مذهب الآمدي وأكثر الشافعية والحنابلة وهو الموافق للمنقول عن السلف
واستدلوا :1/ بأن السهو والغفلة من لوازم الطبيعة البشرية وقد قال صلي الله عليه وسلم : انما أنا بشر أنسي كما تنسون فاذا نسيت فذكروني . وقد عرف نسيانه عليه السلام في الصلاة في قصة ذي اليدين ، وقد قال الله تعالي (قل أنما أنا بشر مثلكم يوحي الي ) فما دام الرسول صلي الله عليه وسلم بشر مثلنا والوقوع في الخطأ من طبيعة البشر فلامانع من أن يقع في الخطأ الاجتهادي

2/ قد دلت الآية الكريمة ( عفا الله عنك لم أذنت لهم ) علي وقوع الخطأ منه عليه الصلاة والسلام حيث عاتبه الله تعالي

3/ قال صلي الله عليه وسلم : أنما أحكم بالظاهر وانكم لتختصمون الي ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض فمن قضيت له بشئ من مال أخيه فلايأخذه فانما أقطع له قطعة من النار ..
فدل الحديث علي أنه صلي الله عليه وسلم قد يخفي عليه الحق الباطن

4/ وقد ثبت خطؤه صلي الله عليه وسلم في قضية أسري بدر مما يدل علي صحة هذه الدعوي

وبعد هذا العرض الموجز لأراء الفقهاء حول اجتهاده صلي الله عليه وسلم نقول وبالله التوفيق :
أن الحق الواضح الذي تسنده الأدلة القوية المنقول منها والمعقول هو ماذهب اليه جمهور الفقهاء من ثبوت الاجتهاد للرسول صلي الله عليه وسلم ووقوعه منه ، وأن اجتهاده عليه الصلاة والسلام حجة يجب الأخذ به وشرع يجب اتباعه لأنه لايمكن أن ينتهي الا الي صواب مقطوع بأنه عن الله تعالي لأنه كان خطأ لايقر عليه وان أقر عليه كان صوابا" وكان شرعا من الله تعالي


منهاج الرسول صلي الله عليه وسلم في الاجتهاد

كان صلي الله عليه وسلم أعرف الناس بكيفية دلالة النصوص علي الأحكام مباشرة أو بواسطة لأنه صلي الله عليه وسلم أعلم العلماء بفهم شريعته

• وقد استعمل النبي صلي الله عليه وسلم القياس فلقد قاس دين الله علي دين العباد عندما جاءته امرأة من جهينة فقالت يارسول الله : ان أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتي ماتت أفحج عنها ؟ فقال : نعم حجي عنها أرأيت لو كان علي أمك دين أكنت قاضيته ؟ اقضوا حق الله فالله أحق بالوفاء.
فقد دل الحديث علي قياس دين الله علي دين العباد في وجوب الوفاء
وهكذا كان النبي صلي الله عليه وسلم يطبق في اجتهاده مبدأ القياس فيحمل مالانص فيه من السماء علي بعض النصوص اذا انطبق قانون التساوي

وبالله العلي أتأيد

ونتكلم في المحاضرة الرابعة عن منهج الأئمة الأربعة مالك وأحمد وأبو حنيفة والشافعي في الاجتهاد

وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدي وحبيبي وعلي آله وصحبه وسلم

ابن حزم
29-05-2005, 11:41 AM
الاجتهاد عندالأئمة الأربعة ومنهج كل واحد منهم في اجتهاده


الاجتهاد عند الأئمة الأربعة ومنهج كل واحد منهم في اجتهاده


أولا " منهج الامام أبي حنيفة النعمان (80-150)

روي عن الامام أنه قال ( ليس لأحد أن يقول برأيه مع كتاب الله ولا مع سنة رسول الله ، ولا مع ما أجمع عليه أصحابه ، واما ما اختلفوا فيه فنتخير أقاويلهم أقربه الي كتاب الله أو الي السنة ، وما وراء ذلك فا لأجتهاد لمن عرف الاختلاف وقاس )

وبهذا يكون أبي حنيفة قد رسم منهجه في البحث عن الحكم علي النحو التالي :

أولا" : في القرآن الكريم

ثانيا" : في سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم اذا لم يجده في الكتاب وكان أبو حنيفة يأخذ بالسنة المتواترة والمشهورة وأخبار الآحاد بشرط عدم مخالفتها للسنة المشهورة وألا يطعن عليه أحد من السلف والصحابة والتابعين .

ثالثا":واذا لم يجد أخذ باجماع الصحابة لو وجدهم مجمعين علي أمر ، واذا اختلفوا علي أقوال اختار أقربها الي الكتاب والسنة ويترك ما سواه.

رابعا" : اذا لم يجد لا في كتاب الله أو سنة رسوله أو في أقوال الصحابة اجتهد وقد اشتمل اجتهاده علي مايلي :
1/القياس
2/الاستحسان
3/العرف
وان الامام عندما لايجد لصحابي قول فانه يأخذ بالقياس ماوجده سائغا" فان لم يستسغ ما يؤدي اليه القياس أخذ بالأستحسان ما استقام له فان لم يستقم له أخذ بما يتعامل به الناس أي أخذ بالعرف.


ثانيا" منهج الامام مالك (93-179)

*يتلخص منهج الامام مالك في الاجتهاد فيما يلي :

أولا" : الأخذ بكتاب الله بنصه وعمومه ودليله ولم ينظر الامام في القرآن نظرة الجدليين لأنه كان يكره أن تكون مسائل الشريعة هدفا" لجدل المجادلين ، وقد كان يؤمن بأن القرآن قد اشتمل علي الشريعة اشتمالا" كليا" وأن السنة بيانه .

ثانيا" التمسك بالسنة : كان مالك اماما" في الحديث كما كان اماما" في الفقه فهو راو من الطبقة الأولي في الحديث وهو فقيه ذو بصر بالفتيا واستنباط الأحكام .
ولقد كان ماليتبع في أخذ الحكم من السنة بنفس الأسلوب الذي اتبعه في العمل بالقرآن الكريم فكان اذا أول دليل شرعي علي تأويل آية من الآيات التي يستنبط منها الحكم أتبع الدليل وعمل بموجب هذا التأويل .
واذا تعارض ظاهر القرآن مع صريح السنة قدم الظاهر الا اذا أستندت السنة باجماع أهل المدينة فيتقدم صريح السنة علي ظاهر الكتاب

ثالثا" : اجماع أهل المدينة : كان مالك رضي الله عنه يعتبر عمل أهل المدينة مصدرا" أساسيا" يعتمد عليه في فتاويه ولذك كان كثيرا" بعد ذكر الأخبار والأحاديث ( الأمر المجمع عليه عندنا )
وكان يري أن عمل أهل المدينة بمثابة السنة المأثورة المشهورة ولذلك كان يقدم علي خبر الأحاد وعلي القياس أيضا" .

رابعا" : فتوي الصحابة : وكان يعمل بفتاوي كبار التابعين أيضا" وان لم يرفعها الي مرتبة أقوال الصحابة .

خامسا" : الاستحسان : وهو عند الامام مالك العمل بأقوي الدليلين .

سادسا" : المصالح المرسلة : وهي المصالح التي لم يشهد لها نص معين بالاعتبار أو الالغاء وهي ترجع الي حفظ مقاصد الشرع.

سابعا" سد الذرائع : وهي أن كل مايفضي الي الحرام حرام وكل مايفضي الي الحلال حلال.


ثالثا ":منهج الامام الشافعي (150-205)

يرجع الامام الشافعي في استباط الأحكام الي مصادر مرتبة علي النحو التالي :

أولا":الكتاب والسنة اذا ثبتت : والشافعي يعتبر الكتاب والسنة مرتبة واحدة في العلم بل يعتبرها المصدر الوحيد لهذه الشريعة وهنا يجب أن نشير الي أمور ثلاثة هامة :


1/ أن الشافعي يجعل العلم بالسنة في محموعها في مرتبة القرآن ، ولايجعل كل مروي عن الرسول صلي الله عليه وسلم في هذه المرتبة فأحاديث الاحاد ليست في مرتبة المتواترة كما أن الكتاب من حيث الاسناد لانظير له والاسناد في السنة مراتب تجعل الاستدلال بها مراتب تابعة لذلك .
2/أن جعل العلم بالسنة في مرتبة الكتاب عند استنباط الأحكام في الفروع ليس معناه أنها كلها في منزلة واحدة في اثبات العقائد فان منكر شئ مما جاءت به السنة ليس كمنكر شئ جاء به صريح القرآن الذي لاتأويل فيه فمنكر شئ من الكتاب هو مرتد عن الاسلام
3/أن جعل العلم بالسنة في مرتبة القرآن عند استخراج أحكام الفروع لا يتنافي مع كون القرآن أساس هذا الدين وأصله وحجته ومعجزة النبي صلي الله عليه وسلم وأن السنة فرع القرآن وأنها متأخرة عنه اعتبارا" واستدلالا" وانما كانت فر مرتبته عند المجتهد المستنبط للأحكام الفرعية لأنها تعاون الكتاب وتسانده في بيان ما جاء به الاسلام من أحكام تصلح أمور الناس في معاشهم

ثانيا" : الاجماع : والشافعي يعتبر الاجماع مقدما علي القياس وأنه لا يصار الي الاجماع والقياس الا عند عدم وجود نص من سنة أو كتاب وأول اجماع يعتبره الشافعي هو اجماع الصحابة وهو لايعترف بالأجماع السكوتي لأنه يشترط في الاجماع أن ينتقل عن كل عالم رأيه وتتفق الآراء جميعا في هذا الأمر
ثالثا" القياس: الفقهاء قبل الشافعي تكلموا في القياس ولكن لم يتجهوا الي بيان حدوده فلم يضعوا حدا" يفرق بين الرأي الصحيح والغير صحيح وجاء الشافعي فقعد القواعد للرأي الذي يعتقده صحيحا" ورسم حدود القياس ورتب مراتبه ثم بين الشروط التي يجب توافرها في الفقيه الذي يقيس ويميز القياس عن غيره من أنواع الأستنباط بالرأي .
وبذلك يكون الشافعي رحمه الله فضل كبير في بيان حقيقة هذا العلم وارساء قواعده


رابعا" منهج الامام أحمد (164-241)

يعتمد الامام أحمد في استنباط الأصول علي خمسة أصول :

الأول : النصوص : الكتاب والسنة فاذا وجد النص أفتي بموجبه ولم يلتفت الي ما يخالفه .

الثاني : فتاوي الصحابة : ولم يقدم علي هذا النوع (الفتوي دون مخالف ) من الفتاوي عملا" ولارأيا ولا قياس .

الثالث : ما ختلف فيه من الصحابة يتخير منأقوالهم ماكان أقربها الي الكتاب والسنة ولم يكن يخرج منها وان لم يكن يرجع رأيا" علي رأي .

الرابع : الأخذ بالحديث المرسل والحديث الضعيف :

وكان يقدم الحديث الضعيف علي القياس والرأي ، وكان يتقيد في الأخذ بالحديث الضعيف بشروط هي :
1/ألا يكون الراوي ممن يتعمد الكذب
2/أن يرجع الحديث الي أصل عام
3/ألايعتقد ثبوت ذالحديث بل يعمل به للاحتياط
فما كان أخذ الامام أحمد بالحديث الضعيف في سنده الا للاحتياط في شأن الدين فاختار أن يفتي بمضمونه للاحتياط أي لاحتمال صحته لالثبوت نسبته وكان رحمة الله عليه يقول في الحديث انه ضعيف وأنه مع ضعفه أحب عندي من الرأي .

الخامس : القياس : وماكان الامام يميل الي التوسع فيه بل كان يأخذ به فقط عند الضرورة هذا وقد أخذ الامام بالمصالح المرسلة ، فأفتي بنفي أهل الفساد ، وتغليظ الحد علي شارب الخمر في نها ررمضان.

وبالله العلي أتأيد

ونتكلم في المحاضرة أسباب اختلاف الفقهاء في الفروع

وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدي وحبيبي وعلي آله وصحبه وسلم[/quote]

أبو البراء
30-05-2005, 03:42 PM
بارك الله فيكَ أخي الحبيب ( إسماعيل مرسي ) ، مع تمنياتي لك بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

ابن حزم
31-05-2005, 07:01 AM
بارك الله فيك أخي الحبيب الفاضل (أبو البراء ) ولا أخفي عليك هناك حزن يقبع في أعماقي من ساعة مابدأت أكتب في هذه الدروس والفوائد الأصولية والفقهية ولو لا حظت عدد المشاركات والزيارات لعرفت السبب
أتعلم لو كان عنوان الدروس عفريت بعين واحد أو أو الجن يطاردوني لكان عدد المشاركين أكثر بكثير من هذا
وخفي علي هؤلاء أن ما أصابهم ماكان ليصيبهم لو كانوا مهتمين بدينهم مثل اهتمامهم بالأكل والشرب وتحصيل مالافائدة من وراءه
الرسول صلي الله عليه وسلم يقول ( من كان يريد الله به خيرا" يفقه في الدين ) ولكن شغف الناس بالغيبيات جعلهم لايلتفتون الي أسس دينهم
ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم

أبو البراء
31-05-2005, 07:07 AM
جزاك الله خيراً أخي الحبيب ( إسماعيل مرسي ) ، واعلم يا رعاك الله أن الموقع متخصص في الرقية الشرعية ولذلك الأصل في دخول الزوار والأعضاء إما الفائدة العلمية في هذا المجال أو السؤال والاستشارة ، ولكن تأكد بأنك تقدم خيراً كثيراً ، ونحن جميعاً نحتسب الأجر والثواب عند من لا يغفل ولا ينام ، ولا نحتسبه عند البشر قاطبة ، مع تمنياتي لك بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

ابن حزم
31-05-2005, 08:39 AM
بارك الله فيك أخي الحبيب ( أبو البراء ) والله لقد أثلجت صدري بكلماتك جزاك الله عني خيرا" ويعلم الله أني لا آتي بفعل أو قول الا وأكون قاصدا" وجه الله الكريم والله علي ما أقول شهيد

ولعلمك أخي الحبيب أني لن أتوقف عن الكتابة تحت هذا الرابط حتي لو لم يدخله غيري ويكفيني متابعتك لما أكتب وهذا هو عهدي بك دائما مشجعا" ودافعا" الي الخير

وللمرة الثانية جزاك الله عني خير أيها الرجل التقي النقي الورع هكذا أحسبك واظنك ولا أزكيك علي الله أدام الله محبتنا فيه

أخوك في الله المحب فيه

اسماعيل مرسي

ابن حزم
31-05-2005, 09:19 AM
هل تعلم لماذا نجد الفقهاء علي اختلاف رغم اتفاقهم علي الأصول

أهم أسباب الأختلاف في الفروع

تشترك أهم أسباب اختلاف الفقهاء في الفروع في ستة أسباب هي :
1/ اختلاف القراءات
2/ عدم الاطلاع علي الحديث
3/ الشك في ثبوت الحديث
4/ الاختلاف في مراد النص وتفسيره
5/الاشتراك في اللفظ
6/تعارض الادلة
7/عدم وجود نص في المسألة

وذلك علي التفصيل التالي وبالله التوفيق :


أولا" : اختلاف القراءات :

كما في قوله تعالي في آية الوضوء ( وامسحوا برءوسكم وأرجلكم الي الكعبين )

وهنا : قرأ نافع والكاساني (وأرجلكم ) بالنصب
وقرأ ابن كثير وحمزة (وأرجلكم ) بالجر
فكان اختلاف القراءات سببا" في اختلاف الفقهاء بالنسبة لغسل الأرجل في الوضوء أو مسحها :
حيث أخذ الجمهور بقراءة النصب فذهبوا الي أن فرض الرجلين الغسل دون المسح
وأخذ الشيعة الامامية بقراءة الجر فذهبوا الي أن الفرض المسح لا الغسل


ثانيا" عدم الاطلاع علي الحديث :

اعلم هداك الله اليه ان أصحاب الرسول صلي الله عليه وسلم لم يكونوا علي درجة واحدة من حيث الاطلاع علي الحديث بل كانوا علي درجات متفاوتة في هذا مما تسبب عنه اختلاف بعضهم في الفتوي وأمثاله :
• لذلك نري أبا بكر يسأل عن ميراث الجدة فيقول : مالها في كتاب الله من شئ وما علمت لها في سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم من شئ ولكن اسأل الناس فيقوم صاحبين ( المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة ) فيشهد أن النبي صلي الله عليه وسلم أعطاها السدس فحكم لها أبي بكر بمثل ذلك .
• ونري كذلك أن عمر بن الخطاب كان يري أن المرأة لاترث من دية زوجها حتي كتب اليه االضحاك بن سفيان أن رسول الله صلي الله عليه وسلم ورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فترك عمر رأيه لذلك وقال : لو لم نسمع بهذا لقضينا بخلافه .
• وأبو هريرة يقول : من أصبح جنبا" فلاصوم له ، ولم يبلغه آنذاك ماروته عائشة أن رجلا" جاء النبي صلي الله عليه وسلم فقال : يارسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم فقال له : وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب .

ثالثا" : الشك في ثبوت الحديث :

اعلم ياراعاك الله أن من الأشياء التي تميز بها الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين تثبتهم في نقل أحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم خشية تسرب وهم أو خطأ الي الناقل فان ثبت الحديث لديهم واستيقنته أنفسهم عملوا به والاتوقفوا عن العمل به وعملوا بما يترجح لديهم من أدلة .
ولقد كان لكل منهم طريقته التي يراها تعينه علي قبول الحديث المروي أو رفضه
فمنهم من كان يستحلف الراوي علي صحة مارواه ومنهم من كان يطلب شاهدا" آخر مع الراوي وهكذا وقد أدي ذلك الي الاختلاف في كثير من المسائل منها :

• 1/ نفقة المبتوتة : وقد اختلف الفقهاء في شأن نفقتها وسكنتها فهل يجب كلا منهما أولا يحب شئ مطلقا" أو يجب لها السكني دون النفقة ؟ أو النفقة دون السكني ؟ ويرجع هذا الاختلاف الي الشك في ثبوت حديث فاطمة بنت قيس.
• 2/ثبوت الشفعة للجار : حيث تعارضت الأحاديث في ذلك .
• وجوب القضاء من عدمه علي كل من أكل ناسيا" في رمضان.

يتبع===========

ابن حزم
31-05-2005, 09:59 AM
رابعا" : الاختلاف في المراد من النص وتفسيره

كاختلافهم في معني القرء الوارد في قوله تعالي ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء )
حيثفسره بعض العلماء بالطهر وفسره آخرون بالحيض وهو بالاشك خلاف جوهري يترتب عليه أمور كثير منها :
• زمن انتهاء العدة : فعلي القول الاقراء هو الأطهار : تنتهي عدتها اذا طعنت المرأة في الحيضة الثالثة ، وعل القول بانها الحيض : لاتنتهي عدتها حتي تدخل في الطهر الرابع
• حل الزواج : فعلي الرأي القائل الاقراء هو الاطهار : فانها اذا طعنت في الحيضة الثالثة حل الزواج من زوج آخر وصح العقد وعلي الرأي القائل الاقراء هو الحيض فلايحل ولايصح العقد مالم تنته من الحيضة الثالثة
• حق الارث في المطلقة رجعيا" : علي الرأي القائل الاقراء هو الطهر : فان حق الارث من الزوج يسقط بمجرد طعنها في الحيضة الثالثة ،وعلي الرأي القائل الاقراء هو الحيض فيبقي حق الميراث للزوجة من زوجها حتي تنتهي من الحيضة الثالثة


خامسا" : الاشتراك في اللفظ :

اللفظ المشترك هو اللفظ الموضوع لحقيقتين مختلفتين أو أكثر
وقد استعمل القرآن الكريم والسنة النبوية ألفاظا" مشتركة فكان ذلك سببا" من أسباب الاختلاف ومنها علي سبيل المثال :
يقول تعالي : ( ولاتنكحوا مانكح اباؤكم من النساء الا ماقد سلف ) فالنكاح من الألفاظ المشتركة يطلق علي العقد تارة ويطلق علي الوطء تارة ويطلق علي العقد والوطء تارة أخري ، وقد استعمله المشرع بهذه المعاني الثلاثة :
• فمن استعماله بمعني العقد : قوله تعالي ( ياأيها الذين آمنوا اذا نكحتم النساء ثم طلقتوهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها )
• ومن استعماله من بمعني الوطء : قوله تعالي ( وابتلوا اليتامي حتي اذا بلغوا النكاح )
• ومن استعماله بمعني العقد والوطء : قوله تعالي ( فان طلقا فلاتحل له من بعد حتي تنكح زوجا" غيره )
وترتب علي الاشتراك في اللفظ – النكاح- هنا الخلاف المشهور بين الفقهاء : هل الزنا يتعلق به تحريم النكاح ؟؟؟ وهل اذا زني رجل بامرأة مثلا" هل تحرم عيه ابنتها ؟
قال الحنفية : الوطء الحرام يحرم الحلال
وقال غيرهم : الوطء الحرام لايحرم الحلال
وسبب اختلافهم في هذا هو المقصود من النكاح



سادسا" : تعارض الأدلة :
اعلم عفا الله عنا وعنك أنه لا تعارض في الحقيقة بين الأدلة الشرعية لأنها كلها ترجع الي مصدر واحد هو الله تعالي سواء أكانت واردة في القرآن الكريم أم كانت واردة في السنة المطهرة وصدق الله القائل ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )
الا انه من المسلم به أن نري بعض النصوص قد طرأ عليها بعض العوامل فتظهر للرائي وقد حدث بينهما من التعارض الظاهري مايجعل المجتهد يقف أمامها مرجحا بعضها علي بعض بحسب مايظهر له من أدلة أخري وقد كان للتعارض بين الأدلة أثر كبير في الاختلاف بين الفقهاء في الفروع والمسائل نذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر:
نكاح المحرم بالحج أو العمرة
رجوع الوالد في هبته لولده
ونعالج الأولي علي سبيل التوضيح وضرب المثل
روي مسلم في صحيحه حديث ( لاينكح (بالكسر) المحرم ولا ينكح (بالضم ) ) بينما روي البخاري أن ابن عباس قال ( تزوج النبي صلي الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم )
فاحتج المالكية والشافعية واحمد بحديث مسلم وقالوا : لايصح نكاح المحرم
واحتج الحنفية بحديث البخاري وقالوا : يجوز نكاح المحرم .
وبالله التوفيق

سادسا" : عدم وجود نص في المسألة :

من الثابت أن رسول الله صلي الله عليه وسلم رحل عنا وهناك بعض من المسائل التي لم ينص علي حكمها فانصوص محدودة والمسائل كثيرة ومتنوعة ولقد كان لظاهرة عدم وجود النص أثر كبير في اختلاف الصجابة علهم الرضوان ومن جاء بعدهم في عديد من المسائل الفقهية نذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر :
*قتل الجماعة بالواحد
*ميراث الجد مع الخوة
ونناقش الأولي زيادة في الفائدة والبيان

قتل الجماعة بالواحد :
كما حدث في حادث قتل طفل صنعاء في زمن عمربن الخطاب وقد كان اشترك في قتله ثلاثة رجال وامرأة فكتب يعلي بن أمية –أمير صنعاء – الي عمر بشأنهم فكتب اليه عمر بقتلهم جميعا" وقال : والله لو أن أهل صنعاء اشتركوا في قتله لقتلتهم أجمعين .
ووافق عمر في هذا الحكم علي والمغيرة بن شعبة وابن عباس وغيرهم
وخالف في ذلك ابن الزبير فقضي بالدية والزهري وابن سيرين والظاهرية


تم بحمد الله وبالله العظيم أتأيد

ونتكلم في المحاضرة السادسةعن الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية باذن الله تعالي

وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدي محمد وعلي آله وصحبه ومن اهتدي بهديه الي يوم الدين

أبو البراء
31-05-2005, 10:24 AM
لقد قصمكت ظهر أخيك ، ولا أقول إلا : ( اللهم اجعلني خيراً مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، ولاى تؤاخذني بما يقولون يا رب العالمين ، بارك الله أخي الحبيب ( إسملعيل مرسي ) على هذه الدروس القيمة ، مع تمنياتي لك بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

ابن حزم
01-06-2005, 06:55 AM
وفيكم بارك الله أخي الحبيب (أبو البراء )

أبو فهد
24-06-2006, 03:58 PM
... بسم الله الرحمن الرحيم ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم أخي الحبيب وأستاذي الكريم والمشرف القدير ( ابن حزم الظاهري ) وجزاكم خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
... معالج متمرس...

ابن حزم
25-06-2006, 12:32 PM
وفيكم بارك الله أخي واستاذي الحبيب معالج متمرس

ابن حزم
10-09-2006, 08:54 AM
الحمد لله رب العالمين