المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : &( القلق المرضي وهم أم حقيقة؟ )&


د.عبدالله
22-01-2008, 04:44 PM
إذا أغضبك أحد فالتمس له 70 عذراً

انه ليس الايدز ولا انفلونزا الطيور ولا السارس ولا توجد احصاءات رسمية لأعداد مرضاه، ومع هذا فان الاخصائي النفسي أيوب أشكناني يؤكد انه المرض الاكثر شيوعاً في العالم وربما يكون أحد اخطرها.. انه القلق المرضي.

ولهذا المرض اعراض نفسية مثل الرهاب أو الخوف غير المنطقي من الآخرين والذعر والوسواس القهري والضغط العصبي والاحساس بأن الانسان في عالم غير حقيقي والخوف من فقدان السيطرة على الامور بالموت أو الجنون.

كما أن له أعراضا عضوية مثل زيادة ضربات القلب والآلام في الصدر والتعرق والارتعاش أو الاهتزاز وضيق التنفس والاحساس بالاختناق والغثيان وآلام في المعدة والقولون والدوخة ودوران في الرأس والتنميل والاحساس بالبرد الشديد أو السخونة الشديدة في الاطراف.

وقد عرف الاخصائي النفسي الدكتور أيوب اشكناني هذه المشكلة الصحية بأنها ترابط واتحاد بين أعراض نفسية وأعراض فسيولوجية.

وقال في حوار مع وكالة الانباء الكويتية “كونا” ان الانسان الذي يقع في دائرة القلق النفسي تكون لديه بعض الاعراض الفسيولوجية العضوية مثل عدم القدرة على النوم والتوتر الشديد وعدم القدرة على الأكل والتعامل مع امور الحياة بشكل طبيعي. وهناك امور اخرى ربما تكون اخطر مثل مشاكل القولون وبعض الامراض العصبية.

وقال اشكناني ان آخر الابحاث العلمية التي اجريت في أوروبا اثبتت ان أحد الاسباب الرئيسية والمباشرة لمرض تصلب الشرايين هي الضغوط والتراكمات النفسية وهكذا يتأكد ان القلق يسبب العديد من المشاكل الفسيولوجية على صحة الانسان. ويضيف اشكناني انه من الناحية النفسية يؤدي القلق بالانسان إلى فقدان القدرة على الاستمتاع بالحياة وفقدان القدرة على النظرة الايجابية ويصبح متشائماً يفقد القدرة على الاحساس بالحياة وعلى الاحساس بالثقة والسعادة والامان. ومن أنواع القلق على سبيل المثال هناك ما يسمى بقلق الامتحان الذي عادة ما يصيب أبناءنا وبناتنا الطلاب قبل فترة الامتحان بوقت قصير فنجدهم يوم الامتحان يشعرون ان تفكيرهم وتركيزهم وكل معلوماتهم مسحت وكأن في رأسهم صفحة بيضاء. لكن الحقيقة ان المعلومات موجودة الا ان سبب هذا الشعور بفقدانها هو القلق لا أكثر ولا أقل.

واضاف ان هناك نوعا آخر من القلق هو القلق الاجتماعي وهو يمكن ان يتبدى احيانا عند اناس اسوياء وعاديين ولكنهم في موقف اجتماعي معين ينتابهم القلق والاضطراب وتتلبسهم شخصية مغايرة للشخصية التي اعتدناهم بها. ويجزم د.اشكناني بأن هذه امور مؤقتة بسيطة تزول بمجرد زوال اسباب القلق سواء كانت بسبب امتحان أو لأسباب اجتماعية أو غيرها.

وبخصوص القلق المرضي حيث يشعر الانسان وكأنه امام حائط يحول بينه وبين ما يريد وهو عاجز عن ازالة ذلك الحائط فيقع تحت تأثير شعور سلبي يجعله يائساً من الحياة ومكتئباً باستمرار.

ويعتبر ان تكيف المصاب بالقلق مع عائلته واصدقائه ومحيط عمله هو الخطوة الاولى والأهم فالانسان المصاب بالقلق ولنأخذ الرجل على سبيل المثال مع ان المرأة أكثر عرضة للقلق من الرجل هذا الرجل اصيب بهذا المرض ويريد من الآخرين أن يتكيفوا معه ومع الجديد في أمره فالانسان نفسه يجب أن يكيف نفسه لتقبل المرض وذلك سوف يفتح ابواب الآخرين ودفعهم للتكيف مع شعوره السلبي. لكن المشكلة في كثير من الاحيان في انحاء العالم ان الافراد الذين يعانون من القلق يفشلون في التكيف مع وضعهم لأنهم لم يعرفوا أسباب المشكلة مع ان الاسباب واضحة ولكنهم يرفضون القبول بها.

ويضرب اشكناني مثلا عن شخص ما يعاني من القلق المرضي الشديد بسبب رفض تزويجه من فتاة معينة يرغب بها فيلجأ إلى التفكير السلبي ويبتعد عن النظرة الايجابية للحياة وقد يقوده هذا إلى الاكتئاب والاكتئاب يفضي إلى القلق والقلق يفضي إلى الوسواس القهري الذي ينهي حياة الانسان.

وهذه كلها حلقات متداخلة ومتواصلة على مدى 24 ساعة يومياً وتؤدي إلى نظرة سوداوية يمكن ان توصل صاحبها إلى التفكير في الانتحار لعدم وجود هدف مباشر للعيش في هذه الدنيا. وللقلق تأثير على كيميائية الجسم المتعلقة بافرازات الخلايا التي تنتج مستوى معينا من المواد الكيميائية لكي تؤدي وظيفة حيوية معينة لكن في حالة التوتر والقلق والاكتئاب والوسواس تتغير هذه النسبة وتحدث تغييرات في انتاج المواد الحيوية أو الكيميائية من تلك الخلايا خاصة الخلايا العصبية. وعلى سبيل المثال لو أن أحدنا اصيب بصداع فإنه يستلقي على ظهره ويطلب تدليك جبهته فماذا يحدث في هذه العملية البعض يقول انها عملية نفسية فحسب لكن الواقع ان تحت جلد الرأس توجد عظمة الجمجمة وبها خلايا دموية وعصبية والتدليك يحدث تحفيزا لخلايا الدم لكي تنتج كميات اكبر من الهرمونات وبذلك تسير الدورة الدموية بشكل اكثر انسيابا وبالسرعة المطلوبة فينخفض الصداع.

وحول طرق العلاج من القلق قال الدكتور اشكناني انه من الناحية الفسيولوجية (العضوية) هناك أنواع من الأدوية تسبب نوعا من الاسترخاء الداخلي وانسياب الدم بشكل مريح وطبيعي ما يعني دخول الدم إلى جميع خلايا الجسم فيشعر الانسان بنوع من الارتياح.

أما من الناحية السيكولوجية (النفسية) فلا بد من البحث عن سبب التوتر ولا ينبغي التصرف كالنعام عند الشعور بالخطر فللأسف هناك الكثير من الشباب الذين يجدون صعوبة في مواجهة الواقع ويدفنون رؤوسهم في الرمال ويظنون انهم بذلك قد انهوا المشكلة في حين تظل المشكلة ماثلة.

وأضاف ان آخر الدراسات العلمية تجزم بأن الشعور بالقلق والتوتر والوسواس تؤدي إلى ظهور الانسان وكأنه اكبر من عمره الحقيقي ب20 عاماً على الاقل. وأكد الدكتور اشكناني ان القلق المرضي هو المرض الاول في العالم وليس الايدز وذلك يبدو جليا في كثرة عدد العيادات النفسية الخاصة وكثرة مراجعي مستشفى الطب النفسي لأن المشكلة أصبحت كبيرة.

وبسؤاله عن تأثير ضغط الحياة اليومية في الشارع وفي مكان العمل وفي الأسواق والمواصلات والسياسة وكذلك في الاقتصاد أجاب الاخصائي النفسي قائلاً ان “هذا واقع بالفعل لكن الارادة القوية تمنع الانسان من ان يصبح أسيراً للضغوط اليومية فإذا وضعت في موقف شعرت فيه بالاهانة أو الظلم فلا تسمح لهذا الموقف ان يؤثر في نفسيتك إلا لفترة دقيقة أو دقيقتين على الاكثر بعدها تعود إلى طبيعتك وتتخلص من ذلك التأثير تماماً”.

وقال “إذا اغضبك أحد فالتمس له سبعين عذراً فإن لم تجد فقل لعل لديه عذراً لا أعرفه”. ورداً على سؤال حول نظرة المجتمع للمريض النفسي قال الدكتور اشكناني ان هذه النظرة يجب ان تتغير عموماً ويجب ان نجعل الذهاب إلى المستشفى النفسي أمراً عادياً.

وأكد انه يجب عدم النظر إلى المريض النفسي على انه مجنون بل يجب مساعدته في تخطي عثرته من خلال بث روح الثقة بالنفس فيه أو بتوجيهه للصلاة وقراءة القرآن فهذا امر طيب لكن لا بد ان تكون الصلاة وقراءة القرآن بالقلب وليس بالعين فقط فالقراءة بالعين عندما لا يكون القلب حاضراً لا تؤدي إلى شيء ملموس. اما بالنسبة للطبيب المعالج فلا بد ان يجد لدى المريض استعداداً للشفاء لكي يساعد نفسه في الخروج من مشكلته.

المصدر : الصحة والطب .