المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإعلام بوجوب التثبت في رواية الحديث وحكم العمل بالحديث الضعيف " سليمان ناصر العلوان


منذر ادريس
06-11-2007, 05:57 AM
مقدمة الطبعة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول رب العالمين .
أما بعد:
فإن تنبيه المسلمين على خطورة نشر الأحاديث الضعيفة والمتروكة، وكذا تحذيرهم من روايتها دون بيان ضعفها لأمرٌ مهم جدير بالعناية خصوصاً في هذا العصر، الذي قل فيه الورع، واندرست فيه معظم معالم العلم النافع، ووهي فيه جانب التثبت في أمور كثيرة، أعظمها وأخطرها عدم التثبت في رواية أحاديث رسول الله r حتى نتج من هذا الكذب على النبي r وإصدار أحكام لا أصل لها في السنة الصحيحة.
فكثيرا ما يطرق أسماعنا قول من قلت بضاعتهم في علم الحديث من الفقهاء وغيرهم.
إن النبي r قال « إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات »() وأنه قال « كل أمر ذي بال لا يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر »() وأنه r قال حين خرج من الخلاء « الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني »().
وأنه r قال « لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن »() وأنه قال « لا يؤذن إلا متوضيء »() أنه قال « صدقت وبررت في التثويب »().
وغير ذلك من الأخبار المتروكة والضعيفة التي يكثر ذكرها في كتب الفقهاء فضلا عن غيرهم من القصاص ومن لا معرفة له بمدارك الأحكام حتى ترسخت هذه الأخبار المتروكة في أذهان الناس وصارت كالصحيحة عندهم .
والمصيبة الكبرى أن بعض الفقهاء ومن لا علم عنده يبني على هذه الأخبار المتروكة مسائل فقهية وأحكاما من واجبات ومندوبات ومكروهات ومحرمات، واتخذ العوام هذا الأمر منهجاً، فمن خالفه فإنه غير عامل بعلمه وصاحب هوى يدعو إلى بدعة فقد عظمت المصيبة في بعض البلاد لأن الحق عندهم عمل عوام البلد وما عداه فباطل لا يعوَّل عليه، وإن كان الدليل في الصحيحين.
فلعل هذه الرسالة إن شاء الله تكون سبباً لإخراج بعضهم أو كلهم من ظلمات الجهل والهوى إلى نور الحق والحديث الصحيح.
فقد زدت في هذه الطبعة زيادات مهمة يحتاج إليها طالب الحديث ومن كان الحق رائدهُ ومقصوده.
والله المسؤول أن ينفع بهذه الرسالة، وأن يرزقنا الإخلاص في أقوالنا وأفعالنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

كتبه
سليمان بن ناصر العلوان
في مدينة بريدة
12/10/1416هـ
مقدمة الطبعة الأولى

إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسول الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
وإن مما يحزن ويؤسف ما عمَّ وانتشر عند كثير من العلماء وطلبة العلم والخطباء وغيرهم؛ من التساهل في رواية الحديث، وعدم التثبت في صحته، وكثيرا ما نسمع من كثير من الخطباء والوعاظ – فضلا عن غيرهم – من الأحاديث الموضوعة والضعيفة جدا، ومع ذلك يجزمون بنسبتها إلى النبي r؛ بقولهم: وقد قال رسول الله r، أو: لقوله r ...... وما أشبه ذلك، وهذه شهادة على الرسول بلا علم، وجزم بلا برهان، وقد قال r: « من كذب علي متعمدا؛فليتبوأ مقعده من النار »، فعمَّت الأحاديث الموضوعة والضعيفة بين العوام؛ لكثرة سماعهم لها من الخطباء والوعاظ، والله جلّ وعلا أمر بالتثبت في الأخبار الجارية بين الناس؛ فكيف بخبر الرسول r الذي قوله تشريع وفعله تشريع ؟!
والبعض الآخر يذكر الحديث وينسبه للنبي، ولا يعلم من خرجه ولا صحته، فإذا أردت أن تستفهم منه أو تسأله: من رواه ؟ وما صحته ؟ أجابك مبادراً رافعاً رأسه: لا يضر جهالة صحته، هذا من فضائل الأعمال.
عجبا ) آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ (() ؟!
ولو فرضنا أنها من فضائل الأعمال؛ فالأحاديث الموضوعة لا يجوز ذكرها إلا مع بيان أنها موضوعة لا تصح عن النبي r.
فبسبب هذا التساهل توصل أهل البدع إلى بث بدعهم ونشرها بين الناس؛ بحجة أنها أحاديث فضائل لا بأس بالعمل بها، متناسين أنهم بذلك يشرعون للناس بها؛ لأنهم سيعملون بها ويبلغونها غيرهم.
فلما عمَّت المصيبة بهذا؛ أحببت أن أكتب هذه الرسالة في وجوب التثبت في رواية الأحاديث، مع بيان حكم العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال؛ إرشاداً للمبتديء وتنبيها للمنتهي؛ نصحاً للأمة، وبراءة للذمة.
والله أسال أن يجعل عملنا كله صالحاً، ولوجهه خالصاً، وأن لا يجعل لأحد فيه شيئاً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
فصل ٌ

تواتر() عن النبي r أنه قال: « من كذب علي َّ متعمدا؛ فليتبوأ مقعده من النار ».
رواه الشيخان وغيرهما من رواية عدة من الصحابة رضي الله عنهم .
ومن الكذب على النبي r: الجزم بالأحاديث الضعيفة أنه قالها، كأن يقول: قال النبي r ... وما أشبه ذلك؛ فإن هذا لا يجوز لأن الحديث لم يثبت عن النبي r، فكان الواجب عليك أن تقول: يُروى أو يحكى ()... وما أشبه هذه الصيغ من صيغ التمريض، ولكن لما قلت عظمة الله وعظمة رسوله من قلوب كثير من الناس، تساهلوا في رواية الأحاديث الموضوعة والضعيفة جدّاً، ونسبوها إلى النبي r جازمين بها .
فكيرا ما نسمع الخطباء والوعاظ وغيرهم أن النبي r قال « رحم الله امرأ كف الغيبة عن نفسه »، فإذا سألته عن هذا الحديث: من رواه ؟ فإذا هو لا يدري ! وما صحته ؟ فكذلك لا يدري ! إنما يجيبك أنه قرأه في الكتاب الفلاني() .
والحديث المشار إليه موضوع لا يصح، ومن نسبه إلى النبي r، فعليه الوعيد الشديد، « وليتبوأ مقعده من النار ».
وهذا الحديث على سبيل المثال لا الحصر، وسنورد إن شاء الله تعالى فصلا يأتي ذكره بذكر جملة من الأخبار الضعيفة الموضوعة التي يلهج بها كثير من طلبة العلم والخطباء والوعاظ وغيرهم؛ مبينين من رواها، وسبب ضعفها، ليحيى من حيَّ عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة.
ولله در ابن تيمية؛ حيث يقول في «الفتاوى» (3/425) «وكذلك مما حرمه الله تعالى أن يقول الرجل على الله ما لا يعلم؛ مثل: أن يروي عن الله ورسوله أحاديث يجزم بها وهو لا يعلم صحتها».
فإذا كان من يروي الأحاديث وهو لا يعلم صحتها من القائلين على الله بلا علم، فكيف بالذين يعلمون أنها ليست عن النبي r ؟! فهؤلاء ماذا يكون حالهم ؟! أضف إلى ذلك أنها قد تكون معارضة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي r.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله (1/20) «أحكام أهل الذمة»: «وهكذا لا يسوغ أن يقول: قال رسول الله، لما لا يعلم صحته ولا ثقة رواته، بل إذا رأي أي حديث كان في أي كتاب؛ يقول: « لقوله r »، أو: «لنا قوله r»، وهذا خطر عظيم، وشهادة على الرسول بما لا يعلم الشاهد».
وقال الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: «فلا ينبغي أن يجزم الإنسان على رسول الله بما لا يعلم صحته، وهو القول بلا علم».
وقال رحمه الله: « وأما الجزم بالأحاديث التي لم تصح؛ فلا يجوز، فتفطن لهذه المسألة؛ فما أكثر من يقع فيها »().
والواجب على كل طالب علم وواعظ وخطيب: أن يتثبت إذا أراد أن ينسب حديثا إلى النبي r، وليبحث في كتب أهل العلم؛ فإنهم خلفوا لنا علما كثيرا، خصوصا في علم الحديث، وصنفوا المصنفات في الصحاح والضعاف .
وما أحسن ما ذكره الهروي في «ذم الكلام»:« عن عبد الله بن المبارك: أنه ضلّ في بعض أسفاره في طريق، وكان قد بلغه أن من ضل في مفازة، فنادى: عباد الله ! أعينوني.أعين. قال: فجعلت أطلب الجزء أنظر إسناده».
قال الهروي: «فلم يستجز أن يدعو بدعاء لا يرى إسناده».
وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتثبتون في الرواية عن رسول الله، حتى إن بعضهم يدع الجزم بالحديث عن النبي تورعاً واحتياطاً.
وقد خرَّج البخاري ومسلم() من طريق عبيد بن عمير: «أن أبا موسى الأشعري استأذن على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلم يؤذن له، وكأنه كان مشغولا، فرجع أبو موسى، ففرغ عمر، فقال: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ؟ ائذنوا له.قيل: قد رجع فدعاه، فقال: كنا نؤمر بذلك.فقال: تأتيني على ذلك بالبينة.فانطلق إلى مجلس الأنصار، فسألهم، فقالوا: لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا ك أبو سعيد الخدري فذهب بأبي سعيد الخدري، فقال عمر: أخفي عليَّ هذا من أمر رسول الله أم ألهاني الصفق بالأسواق (يعني: الخروج إلى التجارة)؟!
فعمر رضي الله عنه لم يقبل قول أبي موسى من أجل التثبت؛ كما في بعض الروايات عند مسلم: « إنما سمعت شيئا فأحببت أن أتثبت»().
فيجب على الخطباء والوعاظ وغيرهم الاتعاظ بهذا الأثر في التثبت في رواية الأخبار، حتى يخرجوا من عهدة الكذب على النبي r.
فصلٌ

وإن من أعظم الأسباب الجالبة لانتشار الأحاديث الموضوعة: عدم التثبت في الرواية.
وقد روى البخاري وغيره حديثا عظيما زاجرا لناشري الأحاديث المكذوبة والروايات التي لا يعلم صحتها بين الناس.
فعن واثلة بن الأسقع؛ قال: قال رسول الله: « إن من أعظم الفرى: أن يدعى الرجل إلى غير أبيه أو يري عينه ما لم تر، أو يقول على رسول الله ما لم يقل»().
قال السيوطي رحمه الله(): «لا أعلم شيئا من الكبائر، قال أحد من أهل السنة بتكفير مرتكبه إلا الكذب على رسول الله؛ فإن الشيخ أبا محمد الجويني من أصحابنا، وهو والد إمام الحرمين؛ قال: إن من تعمد الكذب عليه r يكفر كفراً يخرجه من الملَّة، وتبعه على ذلك طائفة، منهم الإمام ناصر الدين بن المنير من أئمة المالكية، وهذا يدل على أنه أكبر الكبائر؛ لأنه لا شيء من الكبائر يقتضي الكفر عند أحد من أهل السنة، والله أعلم».
قلت: أمَّا كونه أكبر الكبائر؛ فهذا ظاهر الأخبار، أما كفره؛ ففيه نظر؛ ما لم يستحله، فإنه حينئذٍ يكفر بالاتفاق.
وقال السيوطي رحمه الله: « قد أطبق علماءُ الحديث بأنه لا تحل رواية الموضوع في أيِّ معنى كان؛ إلا مقرونا ببيان وضعه».
وقال: «قال الدارقطني رحمه الله: توعد r بالنار من كذب عليه بعد أمره بالتبليغ عنه()؛ ففي ذلك دليل على أنه إنما أمر أن يبلغ عنه الصحيح دون السقيم، والحق دون الباطل، لا أن يبلغ عنه جميع ما رُوي عنه؛ لأنه قال r: «كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع»، أخرجه مسلم() من حديث أبي هريرة.
فمن حدث بجميع ما سمع من الأخبار المروية عن النبي r، ولم يميز بين صحيحها وسقيمها، وحقها من باطلها، باء بالإثم وخيف عليه أن يدخل في جملة الكاذبين على رسول الله r؛بحكم رسول الله أنه منهم في قوله:«من روى عني حديثا يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين»().
فظاهر هذا الخبر دال على أنَّ كل من روى عن النبي r حديثاً وهو شاك فيه: أصحيح هو أو غير صحيح ؟ يكون كأحد الكاذبين؛ لأنه r قال: «من حدث عني حديثاً وهو يرى أنه كذب....»()، ولم يقل: وهو يستيقن أنه كذب.
وللتحرز من مثل ذلك كان الخلفاء الراشدون والصحابة المنتخبون رضوان الله عليهم يتقون كثرة الحديث عن رسول الله، ويتشددون في ذلك؛ منهم: أبو وبكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف: وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، والمقدام بن الأسود، وأبو أيوب الأنصاري، وثوبان مولى رسول الله، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمران بن حصين، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وأبو الدرداء، وأبو قتادة، وصهيب، وقرضة بن كعب، وغيرهم.
وقال رحمه الله بعد كلام سبق: «حتى كان عصرنا هذا، فتأملت أحوال طالبي العلم وكاتبي الأحاديث، فوجدتهم على الضد ممَِّا كان عليه من قدمت ذكره من الأئمة؛ إلا من وفقه الله تعالى منهم للصواب، ورأيت أكثر طالبيه في هذا الزمان والغالب على إرادتهم والظاهر من شهواتهم كتب الغريب وسماع المنكر، حتى صار المشهور عند أكثرهم غريباً، والمعروف عندهم منكراً، وخلطوا الصحيح بالسقيم، والحق بالباطل، وذلك لعدم معرفتهم بأحوال الرواة ومحلهم، ونقصان علمهم بالتمييز، وزهدهم في تعلم ذلك والبحث عنه وطلبه من مظانه».
وقال رحمه الله: «ومن سنته r وسنة الخلفاء الراشدين من بعده: الذبُّ عن سنته، ونفي الأخبار الكاذبة عنها، والكشف عن ناقلها، وبيان تزوير الكاذبين، ليسلم من أن يكون خصمُه رسول الله r؛ لأنه من روى عن النبي r حديثاً كذباً وأقرَّ عليه؛ كان النبي r خصمه يوم القيامة »().
وياليت وعاظ زماننا يعتبرون بهذا الكلام ولا ينشرون الأخبار المكذوبة؛ لأنها بلية عظمى، ويسألون أهل الذكر وأهل المعرفة بالأخبار النبوية عن الأحاديث التي يريدون أن يتكلَّموا بها؛ كي يعينوهم على معرفة الصحيح من السقيم، والحق من الباطل، وكي يسلموا أيضاً من العقوبات الوخيمة المترتبة على بث الأخبار المكذوبة.
وهناك بعض من الناس يزيدون في ألفاظ الحديث، في الأذكار، ويدَّعون أنه لا بأس بذلك إذا كان المعنى صحيحاً، وهذه مصيبة أخرى، وهؤلاء يستحقون العقوبة التي تردعهم وأمثالهم من القائلين على الله بلا علم، لأنه قول على الله على رسوله بلا برهان.
أما يعتبر الجهال بما رواه الترمذي() وغيره:« أن رجلاً عطس عند ابن عمر، فقال: الحمد لله، والسلام على رسول الله r، فقال ابن عمر: وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله r، وليس هكذا علمنا رسول الله، ولكن علَّمنا أن نقول: الحمد لله على كل حال ».إسناده جيد.
وأعظم من ذلك ما رواه الشيخان وغيرهما عن البراء بن عازب لما علمه النبي r ما يقول عند أخذ المضجع ...الحديث، وفيه:«ونبيك الذي أرسلت» .قال البراء: فرددتها على النبي r فلما بلغت:«اللهم آمنت بكتابك الذي أرسلت»؛ قلت: ورسولك.قال «لا؛ ونبيك الذي أرسلت».
فهذا مع ما قبله من أقوى الأدلة الدالة على أن ألفاظ الأذكار مبناها على التوقيف فيقتصر على الوارد فقط، ولا يزاد عليه؛ لأنه بدعة وضلالة واستدراك على الشرع.
«وكان رجل يلقى ابن عمر، فيسلم عليه، فيقول: السلام عليك ورحمة الله وبركاته ومغفرته ومعافاته، ويكثر من ذلك، فقال له ابن عمر: عليك مائة مرة، لئن عُدت إلى هذا؛ لأسوءَنك ».رواه عبد الرزاق() بسند صحيح.
والآثار بمثل هذا كثيرة جدا، وما ذكرناه فيه كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
فصلٌ

وقد كان الصحابة والتابعون لهم يتوقَّون كثرة الحديث عن رسول الله r خشية النسيان، والدخول في أحاديث الوعيد عن النبي r.
فروى البخاري في «صحيحه» عن عبد الله بن الزبير؛ قال: قلت للزبير: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله كما يحدث فلان وفلان ؟ قال: أما إني لم أفارقه، ولكن سمعته يقول: «من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار»().
وروى البخاري ومسلم أيضاً عن أنس رضي الله عنه؛ قال: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثاً كثيراً أن النبي r قال: «من تعمد عليَّ كذباً؛ فليتبوأ معده من النار».()
وقد كان كثير من الصحابة إذا حدث بحديث قال عقبهُ: أو قريبا من ذلك، أو نحو ذلك، أو شبيهاً بذلك ... ونحو هذه العبارات الدالة على شدة توقيهم.
فلله درهم من أقوام، ما أشد ورعهم! وما أحسن أثرهم على الناس وأسوأ أثر الناس عليهم !.
وقد روى ابن ماجه() بسند صحيح عن عمرو بن ميمون؛ قال: «ما أخطأني ابن مسعود عشية خميس؛ إلا أتيته فيه قال: قال رسول الله قال: فَنَكَسَ.قال: فنظرت إليه؛ فهو قائم محلََّلَة أزرارُ قميصه، قد اغرورقت عيناهُ وانتفختْ أوداجهُ؛ قال: أوْ دون ذلك أو فوق ذلك، أو قريباً من ذلك، أو شبيها بذلك... وخرجه أيضا الدارمي والحاكم.
وروى ابن ماجه() أيضاً بسند صحيح عن محمد بن سيرين؛ قال: «كان أنس بن مالك إذا حدث عن رسول الله حديثاً، ففرغ منه؛ قال: أو كما قال رسول الله ».
والآثار في هذا الباب كثيرة جدّاً، تركناها خشية الإطالة، ومن لم يكفه هذان الأثران؛ فلا تغني عنه كثرة الآثار إلا حيرة .
) وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ( (النور: 40).
وقد جزم غير واحد من أهل العلم على أن من نقل حديثاً عن النبي r وهو لا يعلم حاله: أنه آثم، فيدخل في ذلك الوعاظ والقصاص والخطباء ويغرهم ممن ينقل الأحاديث ويبثها بين الناس وهو لا يعلم حالها؛ لأنه أقدم على رواية الحديث من غير علم.
قال الحافظ زين الدين العراقي: «وإن اتفق أنه نقل حديثاً صحيحاً كان آثماً في ذلك؛ لأنه ينقل ما لا علم له به، وإن صادف الواقع؛ كان آثماً بإقدامه على ما لا يعلم»().
وهذا عين الصواب؛ لأنه قفا ما لا علم له به، وقد قال الله تبارك وتعالى: ) وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ( (الإسراء: 36).
فيجب على كل عالم وخطيب وواعظ وغيرهم أن لا يحدثوا الناس إلا بما عرف مخرجه وصحته، وإلا؛ فلهم حظ وافر من أحاديث الوعيد الثابتة عن النبي r في تحريم الكذب عليه.
وقد كان جماعة من السلف يحكمون على من حدث بالأحاديث الباطلة بالضرب والحبس.
منهم الإمام البخاري، دفع إليه كتاب من ابن كرام يسأله عن أحاديث منها: الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعا: «الإيمان لا يزيد ولا ينقص»؟ فكتب الإمام محمد بن إسماعيل رحمه الله على ظهر كتابه: «من حدث بهذا؛ استوجب الضرب الشديد والحبس الطويل».
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل:«سألت يحيى بن معين عن زكريا بن يحيى الكسائي الكوفي ؟ فقال: رجل سوء يحدث بأحاديث سوء .قلت:قال لي: إنك كتبت عنه . فحول وجهه، وحلف بالله: إنه لا أتاه ولا كتب عنه، وقال: يستأهل أن يحفر له بئر فيلقى فيها»().
«ولما ذكر ليحيى بن معين حديث سويد بن سعيد «من عشق فكتم فمات؛ مات شهيدا»() قال: لو كان لي فرس ورمح غزوت سويداً».
قلت: لأن هذا الحديث لا يصح عن النبي r، بل حكم عليه غير واحد من أهل العلم بالوضع.
وما أحسن ما قاله السيوطي() رحمه الله: «إن من أقدم على رواية الأحاديث الباطلة يستحق الضرب بالسياط، ويُهدَّد بما هو أكثر من ذلك، ويزجر،ويهجر، ولا يسلم عليه، ويغتاب في الله، ويُستعدى عليه عند الحاكم، ويحكم عليه بالمنع من رواية ذلك ويُشهد عليه».
وهذا الحق فكل من حدَّث بالأخبار الضعيفة وجب منعه فإن امتثل فبها ونعمت وإلا فيعتدى عليه بالضرب أو الحبس لكفّ شره عن المؤمنين.
فصلٌ

يجدر بنا أن نذكر بعض الأحاديث والأخبار الموضوعة والضعيفة التي يلهج بها كثير من الخطباء والوعاظ وغيرهم ممن لا يتثبت في رواية الحديث ولا يفرِّق بين صحيح الأخبار وسقيمها ولا بين كلام النبي r ولا كلام غيره، فيجعل الجميع كلاماً واحداً منسوباً للنبي r فنقول: تنبيهاً وتذكيراً.
* الخبر() الأول:
حديث فائد بن عبد الرحمن العطار عن عبد الله بن أبي أوفى: أنه قال: إن شاباً حضره الموت، فدعي له رسول الله، فقال: قل لا إله إلا الله، فقال: لا أقدر أن أقولها ! قال: «ولم ؟» قال: كهيئة القفل على قلبي، إذا أردت أن أقولها؛ عدل .فقال النبي r: «له والدان أو أحدهما ؟».قالوا: أم، فدعيت، فقال: «ارض عن ابنك». فقالت: «أنشدك يا رسول الله أني عن ابني راضية». فقال: «قل: لا إله إلا الله». فقال: لا إله إلا الله، فقال: «الحمد لله الذي نجاه بي».
خرجه العقيلي بهذا اللفظ (3/461)، وخرجه الطبراني .
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد في «المسند» (4/382) على هذا الحديث بعد أن ساق قبله حديثا: «لم يحدثنا أبي بهذين الحديثين، ضرب عليهما من كتابه، لأنه لم يرض حديث فائد بن عبد الرحمن، أو كان عنده متروك الحديث».
وفائد بن عبد الرحمن وهَّاه غير واحد من الأئمة.
قال عنه البخاري: «منكر الحديث».
وقال ابن معين: «ضعيف» . وقال مرة: «ليس بشيء».
وقال الذهبي: «تركه أحمد والناس».
وقال ابن حجر: « متروك اتهموه».
ومع ضعف هذا الحديث أو وضعه كما جزم بذلك ابن الجوزي نسمع كثيراً من الوعاظ يلهجون بذكره، زاعمين أنه يرهب الناس من العقوق، وما علم هؤلاء أن في الكتاب والسنة الثابتة من شدة الوعيد على العاق أعظم من هذا، ولولا خشية الإطالة لسقت الآيات والأحاديث في هذا الباب، ولكن من أرادها، ليرجع مثلا إلى «رياض الصالحين» ففيه ما يشفي ويكفي؛ بدلاً من هذا الحديث الساقط.
* الخبر الثاني:
حديث أنس بن مالك: أن النبي r قال: «اطلبوا العلم ولو بالصين»
خرجه: ابن عدي، والخطيب في «التاريخ» وأبو نعيم في «أخبار أصبهان»، وغيرهم.
وهو حديث ضعيف جداً أو موضوع كما جزم بذلك غير واحد من أهل العلم، منهم ابن حبان وابن الجوزي().
وآفته أبو عاتكة، واسمه طريف بن سليمان.
قال البخاري:«منكر الحديث».
وقال أبو حاتم: «ذاهب الحديث».
وقد أنكر الإمام أحمد رحمه الله هذا الحديث إنكاراً شديداً.
* الخبر الثالث:
«أحب الأسماء إلى الله ما عُبِّد وحُمِّد».
هذا اللفظ اشتهر بين الناس أنه حديث، ويعزونه إلى النبي r، وكأنه في «الصحيحين» أو في أحدهما.
ولم أجد له أصلاً بعد البحث الشديد عنه في كتب أهل الحديث، وقد أشار أيضاً إلى ذلك السيوطي، عفا الله عنه() وغيره
فمن نسبه إلى النبي r؛ فقد دخل في الوعيد الشديد، لأنه على أقل الأحوال لا يعلم حاله . نعم روى الطبراني في الكبير [10/89] عن ابن مسعود مرفوعاً إن أحب الأسماء إلى الله عز ومجل ما تعبد به» وفي إسناده متروك فلا تقوم به حجة ويغني عنه ما رواه مسلم في «صحيحه» عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله قال: إن أحب أسمائكم إلى الله عزَّ وجلَّ: عبد الله، وعبد الرحمن»().
* الخبر الرابع:
«جنبوا مساجدكم صبيانكم».
وهذا الحديث خرجه: ابن ماجة (1/247).
والبيهقي (10/103)، وغيرهما . وهو حديث ضعيف جداً.
فأما سند ابن ماجه؛ ففيه الحارث بن نبهان، وهو متروك الحديث.
وأما سند البيهقي؛ فقد قال البيهقي نفسه عقب إخراجه: العلاء بن كثير هذا شامي منكر الحديث».
وقال ابن الجوزي:«إنه حديث لا يصح».
بل قال بعض العلماء: «إنه لا أصل له».
ومع ضعف هذا الحديث، هو معارض للأحاديث الصحيحة على جواز إدخال الصبيان المساجد.
فمن ذلك على سبيل المثال: ما خرجه الشيخان وغيرهما عن أبي قتادة رضي الله عنه؛ قال: كان رسول الله r يصلي وهو حامل أمامةَ بنت زينب، فإذا سجد، وضعها، وإذا قام؛ حملها».
وهذا في المسجد كما عند مسلم في «صحيحه»().
* الخبر الخامس:
عن ابن مسعود رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله r: «عجبت لطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، ولضاحك ملء فيه ولا يدري أرضى الله أم أسخطه».
هذا الحديث خرجه ابن عدي في «الكامل» (2/689)
وسنده ضعيف، فيه حميد الأعرج، يرويه عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود يرفعه.
قال ابن عدي في أحاديث حميد: «ليست مستقيمة، ولا يتابع عليها».
وقال الدارقطني: «متروك» وأحاديثه تشبه الموضوعة».
إذا تبين هذا؛ فهذا الحديث، وإن كان صحيح المعنى؛ إلا أنه لا يجوز أن ينسب إلى النبي r إلا مع تبيين ضعفه، وفي الأمر سعة، يمكن المرء أن يقوله في أماكن الوعظ من غير أن ينسبه إلى النبي r، ويغني عنه أحاديث كثيرة جداً في الترهيب، وهي مخرجة في «الصحيحين» وغيرها، فلتطلب من مظانها، والله الموفق.
* الخبر السادس:
عن أبي رافع رضي الله عنه، قال: قال النبي r: «إذا طنت أذن أحدكم، فليذكرني . وليصل عليَّ، وليقل ك ذكر الله من ذكرني بخير ».
هذا الحديث خرجه البزار 4/32 – كشف الأستار] والطبراني في معجميه الأوسط والصغير [2/120]، وهو حديث ضعيف جداً، بل أورده ابن الجوزي في «الموضوعات»()، وقال العقيلي: ليس له أصل»() وآفته معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع.
قال البخاري: «منكر الحديث».
وكذلك فيه أبوه محمد بن عبيد الله.
قال عنه ابن معين: «ليس بشيء».
وخرجه ابن السني() وابن حبان في «المجروحين»() والطبراني في الكبير [1/321] من طريق حَبان بن علي: حدثنا محمد بن عبيد الله.
فهذه متابعة لمعمر، ولكن حبان ضعيف، لا يحتج بمتابعته، فكيف وما زال في الطريق محمد بن عبيد الله ؟! والله أعلم
فائدة: قال ابن القيم رحمه الله(): «كل حديث في طنين الأذن فهو كذب».
* الخبر السابع:
عن أنس بن مالك: أن النبي r كان إذا دخل رجب، قال: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان».
وهذا الحديث يكثر ذكره على ألسنة الخطباء عند قدوم شهر رمضان، ويقطعون بصحته دون تثبت، والحديث ضعيف، خرجه البزار والطبراني وغيرهما، وفي إسناده زائدة بن أبي الرقاد.
قال البخاري: «منكر الحديث».
وقال النسائي: «منكر الحديث». وقال مرة:«ليس بثقة».
وقال ابن حبان: «لا يحتج بخبره»().
وقد بين الحافظ ابن حجر رحمه الله وَهَن هذا الحديث في «تبيين العجب بما ورد في فضل رجب»؛ فليرجع إليه.
* الخبر الثامن:
عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة؛ قال: قال رسول الله: «ليس للفاسق غيبة».
رواه: الطبراني في «المعجم الكبير» (19/418)، وابن عدي في «الكامل» (2/596)و(5/1863)، وغيرهما؛ من طريق جعدبة بن يحيى الليثي: ثنا العلاء بن بشر عن سفيان عن بهز ... إلخ.
وهو حديث ضعيف جداً، بل قال العلامة ابن القيم رحمه الله: «قال الدارقطني والخطيب: قد روى من طرق، وهو باطل»().
وآفته العلاء بن بشر.
قال ابن عدي: «لا أعرف له تمام خمسة أحاديث، ومقدار ما يرويه لا يتابع عليه».
وضعفه أبو الفتح الأزدي().
وقال الحاكم: «هذا حديث غير صحيح ولا يعتمد عليه».
وقال ابن عدي عن أحمد بن حنبل: «حديث منكر»().
* الخبر التاسع:
عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: قال رسول الله: «من نام بعد العصر، فاختلس عقله؛ فلا يلومن إلا نفسه».
رواه: أبو يعلى الموصلي() (4/441)، وابن حبان في «كتاب المجروحين» (1/283)، وابن الجوزي في «الموضوعات» (3/68)، وقال عقبه: «هذا حديث لا يصح؛ لأن في سنده خالد بن القاسم؛ قال ابن راهويه: كذاب، وقال البخاري: متروك».
وقال ابن الجوزي: «إنما هذا حديث ابن لهيعة، فأخذه خالد، فنسبه إلى الليث... (وساق الحديث بسنده، ثم قال): وابن لهيعة ذاهب الحديث، ويدل على أنه ليس من حديث الليث: أن الليث قيل له: تنام بعد العصر، وقد روى ابن لهيعة كذا ؟ فقال: لا أدع ما ينفعني لحديث ابن لهيعة».
ورواه ابن عدي في «الكامل» (6/2391) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وفي سنده منصور بن عمار أبو السري؛ ضعيف الحديث، والله أعلم.
* الخبر العاشر:
عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله: «نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح...»الحديث.
رواه البيهقي عن عبد الله بن أبي أوفى وابن منده عن عبد الله بن عمرو وغيرهما، وذكره في «زهر الفردوس» بسنده، وانظر: «الفردوس بمأثور الخطاب» (4/248)
وسنده ضعيف.
قال البيهقي: «معروف بن حسان أحد رجاله ضعيف، وسليمان بن عمر النخعي أضعف منه».
وقال الحافظ العراقي: «سليمان بن عمر النخعي أحد الكذابين».
«وضعف هذا الحديث السيوطي والمناوي»().
وسند حديث عبد الله بن عمرو خال من سليمان بن عمر، ولكن فيه ضعف من قبل غيره؛ فالحديث ضعيف()، والله أعلم.
ومع ضعف هذا الحديث كثيراً ما نسمعه من الخطباء وأئمة المساجد دون تبيين ضعفه، فأخذه على ظاهره كثير من الجاهلين، فجعلوا يسهرون الليل كله على قيل وقال، وينامون أكثر النهار، وبعضهم يسهر على اللهو واللعب وقول الزور ؟؟ والاستدلال بهذا الحديث مع فعلهم هذا من أقبح الجهل وهم والحالة هذه مأزورون غير مأجورون ولو كان الحديث صحيحاً لكان معناه في وادٍ وهؤلاء الجهّال في وادٍ آخر فالله المستعان.
* الخبر الحادي عشر:
عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله r: «أحبوا العرب لثلاث؛ لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي».
رواه: الحاكم في «المستدرك» (4/87)، والعقيلي في «الضعفاء» (3/348)، والطبراني في الكبير [11/185] وغيرهم . بسند ضعيف جداً.
بل قال الحافظ الذهبي رحمه الله: «أظن الحديث موضوعاً».
وقال العقيلي: «منكر لا أصل له»().
وأورد الحديث ابن الجوزي في «الموضوعات»().
وقال أبو حاتم: «هذا كذب»().
وآفة الحديث: العلاء بن عمرو الحنفي.
قال الذهبي: «متروك الحديث».
وقال الأزدي: «لا يكتب حديثه».
وفي السند أيضا يحيى بن يزيد ضعيف الحديث.
وتابعه محمد بن الفضل كما عند الحاكم، ولكن محمد قال عنه الذهبي: «متهم»؛ فعلى هذا لا يعتد به ولا بمتابعته.
وفي أيضاً ابن جريج، وهو ثقة إمام مشهور، ولكنه مدلس، فإذا صرح بالسماع؛ قبل، وإذا عنعن؛ لا يقبل، إلا في روايته عن عطاء فمقبول مطلقاً على الصحيح وهذا منها. والله أعلم.
* الخبر الثاني عشر:
حديث سفر أبي بكر لديار المشركين.
وقد رواه: أحمد في «مسنده» (6/316)، وابن ماجه (رقم3719)؛ من طريق زمعة بن صالح؛ قال: سمعت ابن شهاب يحدث عن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أم سلمة؛ قالت: «خرج أبو بكر في تجارة إلى بُصْرى قبل موت النبي r بعام...» الحديث.
وسنده ضعيف، من أجل زمعة بن صالح.
قال عبد الله ابن الإمام أحمد عن أبيه: «ضعيف».
وضعفه أيضا ابن معين وأبو داود.
وقال البخاري: «يخالف في حديثه، تركه ابن مهدي أخيراً».
وقال الحافظ ابن حجر في «تقريب التهذيب» . ضعيف، وحديث مقرون عند مسلم، وقد تابعه إسحاق بن راشد كما عند الطبراني وقال لم يروه عن الزهري إلا إسحاق تفرد به موسى»() . قلت وإسحاق قال عنه ابن معين ليس بذاك في الزهري() » وأيضاً الطريق إليه فيه مقال وقد رواه أيضا الطبراني في الكبير [23/300] من طريق زيد بن أبي أنيسة عن الزهري عن عبد الله أخب أم سلمة عن أم سلمة به...» ورواته ثقات ولكنه معلول لأن الزهري لم يسمع من عبد الله وهو ابن أبي أمية أخ لأم سلمة كما في جامع المسانيد والسنن [16-288-289] لابن كثير، وذلك لأن عبد الله قد قتل في حياة النبي r كما في أسد الغابة [3/73] والإصابة [4/36-37] والحديث أيضاً فيه اضطراب لا يتسع هذا المقام لذكره والحاصل أنَّ الخبر ضعيف ولا تقوم بمثله حجة . ومع ضعفه، نزع به بعض من أشرب قبله بحب السفر إلى بلاد المشركين، زاعماً أن له بذلك قدوة بأبي بكر.
ولا حجة ولله الحمد بهذا الأثر لمبطل من وجهين:
الوجه الأول: أن الأثر ضعيف كما تقدم بيانه.
الوجه الثاني: أننا لو فرضنا صحته؛ فلابد لمن سافر لديار المشركين من إظهار الدين، وإظهاره إنما يحصل بتبيين بطلان آلهتهم التي يعبدون من دون الله وإظهار بغضهم وعداوتهم والبراءة منهم، وليس إظهار الدين أداء الصلوات الخمس فحسب كما يقوله من لم يمعن النظر في سيرة النبي r وما عليه الصحابة، ولذلك هو في غاية البطلان؛ إذ أنه يؤدي إلى ترك الهجرة وكفى بقول يؤدي إلى ذلك فساداً وبطلاناً() .
وقد روى النسائي وغيره بسند جيد من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: أن النبي r قال: «لا يقبل الله من مشرك بعدما أسلم عملاً أو يفارق المشركين إلى المسلمين»().
وجاء الحديث أيضاً عن النبي r: أنه قال: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين» . قالوا: يا رسول الله ! لم ؟ قال: « لا تراءى ناراهما».
رواه: أبو داود، والترمذي، وغيرهما وفيه كلام ويشهد له ما قبله.
ولله درُّ العلامة سليمان بن سحمان رحمه الله إذ يقول:

إظهارُ هذا الدِّينِ تَصْريحٌ لهُمْ
بالكُفْرِ إِذْ هُمْ مَعْشَرٌ كُفَّارُ

وعَداوَةٌ تَبْدو وبُغْضٌ ظاهِرٌ
ج يا لَلْعُقولِ أما لكُمْ أفْكارُ

هذا وليسَ القَلْبُ بكافٍ بُغْضُهُ
والحبُّ منهُ وما هُو المِعْيارُ

لكِنَّما المِعْيارُ أنْ تأتي بهِ
جَهْراً وتَصْريحاً لهُمْ إِذْ جاروا

وقد شوهد على الكثير ممن يذهب إلى ديار المشركين أنه يؤاكلهم ويشاربهم ويضاحكهم دون نكير عليهم ! فأين هذا من إظهار الدين ؟! والمصيبة العظيمة والجرح الذي لا يندمل أن هذا حال كثير من أهل هذا العصر إذا ذهبوا إلى ديار المشركين، يخادعون الله وهو خادعهم !
وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ومشاربهم لا يبالون بما جرى عليه ؟!
* الخبر الثالث عشر:
خبر «يَس لما قُرئتْ له».
قال الحافظ السخاوي رحمه الله: «لا أصل له بهذا اللفظ»().
وقد اشتهر هذا الأثر بين العوام حتى كأنه حديث صحيح، ولذلك نبهت عليه واشتهار هذا الأثر يدل على عدم التثبت، وإلا؛ لو تثبتوا في رواية الأحاديث والآثار؛ لما انتشرت هذه الموضوعات المختلقة التي لا أصل لها.
ومثل هذا الأثر . الأثر المشهور بين العوام، خصوصا في البلاد النجدية، وهو: «إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج»، ومثله أيضا: «تكبيرة الإحرام خير من الدنيا وما فيها»... وغير ذلك مما هو مشهور على الألسنة، وهو حديث موضوع أو لا أصل له.
* الخبر الرابع عشر:
عن عمر رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله: «خلق الله ألف أمة، منها ستمائة في البحر، وأربعمائة في البر...»الحديث.
رواه: أبو يعلى()، وابن عدي في «الكامل»()، وأبو الشيخ() في «العظمة»، وغيرهم .
وهو حديث ضعيف جداً:
في سنده عبيد بن واقد، وهو ضعيف الحديث.
وفيه أيضاً محمد بن عيسى بن كيسان:
قال البخاري فيه: «منكر الحديث».
وقال ابن حبان: «يأتي عن ابن المنكدر بعجائب» وهذا من روايته عن ابن المنكدر.
والحديث أقل أحواله أن يكون ضعيفاً شديد الضعف، وإلا، فقد ذهب ابن حبان إلى أنه حديث موضوع() وتبعه على ذلك ابن الجوزي، والله أعلم.
* الخبر الخامس عشر:
عن أنس رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله: «يأتي على الناس زمان، لأن يربي أحدكم جرو كلب أو خنزير خير له من أن يربي ولداً من صلبه»!
هكذا لفظه في «الفردوس» (5/242) ! وفي إسناده داود بن عفان متهم بالوضع.
ورواه الطبراني في الكبير [10/349] عن ابن عباس بلفظ: «لأن يربي أحدكم بعد أربع وخمسين ومائة جرو كلب خير له من أن يربي ولداً لصلبه»!
وهذا حديث ضعيف جداً، وآفته عبد الله بن السمط فقد رواه عن صالح بن على الهاشمي عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً به ورواه ابن حبان في المجروحين من طريق الحكم بن مصعب عن محمد بن علي عن أبيه عن جده مرفوعاً بلفظ «لو يربي أحدكم بعد سنة ستين ومائة جرو كلب...» قال ابن الجوزي في «الموضوعات» (2/279): «هذا حديث موضوع، والمتهم به الحكم بن مصعب».
قال ابن حبان: «لا يجوز الاحتجاج بالحكم، ولا أصل لهذا الحديث». (المجروحين1/249).
وقال ابن عراق في «تنزيه الشريعة»: «وتعقب بأن الحكم روى له أبو داود وابن ماجه، ولابن حبان فيه قولان، وللحديث طريق أخرى، أخرجه تمام في «فوائده»() . والطبراني()، لكن قال الهيثمي في «ترتيب الفوائد» له: هذا حديث موضوع».
قلت: وكذلك قال الذهبي في «الميزان»، والله أعلم.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في «المنار المنيف»(): أحاديث ذم الأولاد كلها كذب من أولها إلى آخرها»، ثم ساق منها هذا الحديث الذي تكلمنا عليه.
* الخبر السادس عشر:
«كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع».
وهذا الخبر منكر.
رواه الخطيب في «الجامع» (2/69) والسبكي في «طبقات الشافعية» (1/6) من طريق أحمد بن محمد بن عمران أنا محمد بن صالح البصري بها نا عبيد بن عبد الواحد بن شريك نا يعقوب بن كعب الأنطاكي نا مبشر بن إسماعيل عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً به.
وآفته أحمد بن محمد بن عمران ويعرف بابن الجندي قال عنه الخطيب: «وكان يضعف في روايته ويطعن عليه في مذهبه سألت الأزهري عن ابن الجندي فقال ليس بشيء»().
وقال ابن حجر: «وأورد ابن الجوزي في الموضوعات في فضل علي حديثاً بسند رجاله ثقات إلا الجندي فقال هذا موضوع ولا يتعدى الجندي»().
والخلاصة في الخبر أنه ضعيف جداً وفي سنده أيضاً اختلاف يزيد في ضعفه ويبين نكارته فلا نطيل بذكره ومع نكارته فقلما يخلو كتاب فقهي أو شرح من الشروح من ذكره والسكوت عنه وهذا من الغلط الذي تتابع عليه جماعات من المصنفين وقد جاء الخبر أيضا بلفظ «كل أمرٍ ذي بال لا يبدأ فيه بالحمدُ لله فهو أقطع».
رواه أحمد (2/359) وأبو داود (4/262) وابن ماجه (1/610) والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (ص157) وغيرهم من طريق قرة بن عبد الرحمن المعافري عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي r به، وقرة بن عبد الرحمن قال عنه أحمد: منكر الحديث جداً().
وقال ابن معين: ضعيف الحديث جداً.
وقال أبو زرعة: الأحاديث التي يرويها مناكير.
وقال الدارقطني: ليس بقوي في الحديث.
وذكره ابن حبان في الثقات().
ونقل عن يزيد بن السمط أنه يقول: «أعلم الناس بالزهري قرة بن عبد الرحمن ابن حيوئيل».
وتعقبه فقال: «هذا الذي قاله يزيد بن السمط ليس بشيء يحكم به على الإطلاق، وكيف يكون قرة بن عبد الرحمن أعلم الناس بالزهري وكل شيء روي عنه لا يكون ستين حديثاً بل أتقن الناس في الزهري مالك ومعمر والزبيدي ويونس وعقيل وابن عيينة هؤلاء الستة أهل الحفظ والإتقان والضبط والمذاكرة وبهم يعتبر حديث الزهري إذا خالف بعض أصحاب الزهري بعضاً في شيء يرويه...».
ومع ضعف في قرة فقد خالف الثقات في رفعه قال أبو داود في سننه عقب الحديث: «رواه يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن النبي r مرسلاً » وهذا الحق لا يقبل رفع قرة.
قال الدارقطني في العلل ( 8/30) والصحيح عن الزهري المرسل»().
* الخبر السابع عشر:
«عن أبي رافع قال: رأيت رسول الله أذَّن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة».
رواه أبو داود رقم (5105) والترمذي (4/82) من طريق عاصم بن عبيد الله عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه به وصححه الترمذي والحاكم (3/179).
وتعقبه الذهبي فقال: «عاصم ضعيف».
أقول: وهذا قول أكثر المحدثين: وهو الصحيح: فعاصم لا يحتج بخبره.
قال ابن عيينة . كان الأشياخ يتقون حديث عاصم بن عبيد الله»().
وروى ابن عدي في الكامل: «عن علي بن عبد الله المديني قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي ينكر حديث عاصم بن عبيد الله أشد الإنكار»().
قال ابن معين: ضعيف.
وقال أبو حاتم: «منكر الحديث، مضطرب الحديث، ليس له حديث يعتمد عليه...».
وقال أبو زرعة: «عاصم منكر الحديث في الأصل، وهو مضطرب الحديث».
قال النسائي: «لا نعلم مالكاً روى عن إنسان ضعيف مشهور بالضعف إلا عاصم بن عبيد الله فإنه روى عنه حديثاً»().
فهذا بعض كلام العلماء في عاصم وأنه لا يحتج بحديثه.
وأما تصحيح الترمذي للحديث فهذا بناء على توثيق عاصم، وقد خالفه من هو أقعد منه في هذا الفن وضعفوا عاصماً . والحق إذا ظهر وجب اتباعه دون تحيز لأحد بدون حجة ولا برهان .
وللحديث شاهد متروك لا يحظى به . يرويه البيهقي في الشعب() من طريق الحسن بن عمرو() بن سيف نا القاسم بن مطيب عن منصور بن صفية عن أبي معبد عن ابن عباس أن النبي r: «أذن في أذن الحسن بن علي....إلخ».
الحسن بن عمرو كذَّبه البخاري.
وقال الحاكم أبو أحمد متروك الحديث().
فإذا تبين ضعف الحديث وقوةُ حجة من ضعفه على من صححه فليعلم أن العمل بما دل عليه الخبر غير مشروع.
لأن الأذان عبادة، والعبادة لا تثبت إلا على وفق دليل صحيح.
وأما الأخبار الضعاف فلا تقوم بها حجة شرعية.
ولا يقولن قائل: إن هذا من فضائل الأعمال، فإن هذا قول ضعيف، فالخبر إذا تبين ضعفه لم يجز العمل به، سواء في فضائل الأعمال أو غيرها، فالكل شرع ودين، ولا نعبد الله تعالى إلا بما صح مخرجه , والله أعلم.
* الخبر الثامن عشر:
«عن أبي أمامة أو عن بعض أصحاب النبي r: أن بلالاً أخذ في الإقامة فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال النبي r: أقامها الله وأدامها».
وهذا الحديث رواه أبو داود (2/230-عون المعبود) من طريق محمد بن ثابت العبدي حدثني رجل من أهل الشام عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة أو عن بعض أصحاب النبي r أن بلالاً.....فذكره».
وقد ضعفه النووي() والحافظ ابن حجر() وغيرهما وسبب ضعفه.
محمد بن ثابت العبدي.
قال عنه النسائي: «ليس بالقوي».
وقال أبو داود «ليس بشيء».
وذكره ابن حبان في المجروحين. والعقيلي في الضعفاء.
وقال البخاري: يخالف في حديثه().
ولم يذكر العبدي أيضاً من حدثه بهذا الحديث، وإنما أبهمه، وهذه علَّة أخرى في الحديث.
وأما شهر بن حوشب ففيه خلاف مشهور بين أهل الحديث، فإذا تبين ضعف الحديث فلا يشرع للمسلم أن يقول: أقامها الله وأدامها . عند قول المقيم: قد قامت الصلاة.
وما قاله بعض أهل العلم من أنه يستحب قول ذلك ففيه نظر، لأن الاستحباب حكم شرعي لا يثبت على خبر ضعيف، فالأحكام الشرعية من واجبات ومندوبات ومحرمات ومكروهات لا تقوم إلا على أدلة صحيحة وأخبار مستقيمة ولا يجدي فيها الضعيف.
* الخبر التاسع عشر:
«عرضت عليَّ ذنوب أمتي فلم أر ذنباً أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها».
وهذا الخبر يكثر ذكره في الكتب المؤلفة في فضائل القرآن والتفاسير والكتب الوعظية.
وحمله بعض أهل العلم على ظاهره، وقالوا بتحريم نسيان الآية والواحدة من القرآن ما لم يكن النسيان عن غلبة . وفي حَمْلِه على ظاهره نظر.
فالخبر ضعيف فقد رواه أبو داود (1/123)
والترمذي (5/164) من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روَّاد عن ابن جريج عن المطلب بن حنطب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله: «عرضت عليَّ أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد . وعرضت عليّ ذنوب أمتي فلم أر ذنباً أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها».
قال الترمذي: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه».
قال: وذاكرت بن محمد بن إسماعيل فلم يعرفه واستغربه قال محمد: ولا أعرف للمطلب بن عبد الله سماعاً من أحد من أصحاب النبي r: قال عبد الله: وأنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أنس».
وفي الحديث أيضاً علَّة أخرى وهي عنعنة ابن جريج فإنه مدلس، ولم يصرح بالسماع.
قال أحمد بن حنبل: «إذا قال ابن جريج «قال» فاحذره وإذا قال «سمعت» أو «سألت» جاء بشيء ليس في النفس منه شيء().
وقال يحيى بن سعيد: كان ابن جريج صدوقاً . فإذا قال «حدثني» فهو سماع وإذا قال «أخبرنا» أو «أخبرني» فهو قراءة وإذا قال «قال» فهو شبه الريح.
وقال ابن حبان في الثقات: «وكان يدلس»().
وقال الدارقطني: «ممن يعتمد عليه إذا قال أخبرني وسمعت».
وحاصل هذا أن ابن جريج مدلس . فإذا صرح بالسماع فهو ثقة، وإذا لم يصرح ففي حديثه شيء، وللحديث شاهد ضعيف رواه أبو داود (4/344-عون المعبود) من طريق يزيد بن أبي زياد عن عيسى بن فائد عن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله «ما من امريءِ يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي الله يوم القيامة أجذم».
يزيد بن أبي زياد «ضعيف الحديث».
قال أحمد بن حنبل: «ليس بذاك».
وقال ابن معين: «لا يحتج بحديثه».
وقال أبو حاتم: «ليس بالقوي»().
وأما شيخه عيسى بن فائد فقال عنه ابن المديني: مجهول.
وذكر أهل العلم أنه لم يرو عنه سوى يزيد بن أبي زياد فمثله لا يحتج بخبره.
وقال ابن عبد البر لم يسمع من سعد بن عبادة() فإذا تبين ضعف الخبرين وعدم قيام الحجة بهما، فقد قال أبو عبيد: ( فأما الذي هو حريص على حفظه، دائب في تلاوته إلا أن النسيان يغلبه فليس من ذلك في شيء، بدليل ما روى عن عائشة سمع رسول الله r رجلا يقرأ بالليل فقال: يرحمه الله فقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أنسيتها»().
وما أحسن هذا لو صحَّ الخبران وأمَّا مع ضعفهما فالقول الصحيح أن النسيان الذي يستحق صاحبه الذم هو ترك العمل به أو نسيان ما تتعين قراءته في الصلاة قال سفيان . وليس من اشتهر بحفظ شيء من القرآن وتفلت منه بناس إذا كان يحل حلاله ويحرم حرامه() . وهذا الحق الذي تدل عليه الأدلة، فليس هناك دليل صحيح على تحريم نسيان حروف القرآن.
وهذا لا يقتضي التهوين من حفظه فالمسلم مشروع له حفظ القرآن واستذكاره وتعاهده . وفي هذا أحاديث متواترة.
ولكن هذا لون.
وكون نسيان حروفه يترتب عليه وعيد شديد استدلالاً بالحديث الضعيف لون آخر.
قال r ( بئسما لأحدهم يقول؛ نسيت آية كيْتَ وكيْتَ بل هو نُسِّي، استذكروا القرآن فلهو أشد تفصياً من صدور الرجال من النعم بعقلها» ( متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود).
* الخبر العشرون:
«لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه».
وهذا الخبر يكثر ذكره في بعض الكتب الفقهية() وينسبونه للنبي r دون تنبيه على علته وبيان لنكارته فراج على من لا علم عنده بالحديث، وهو خبر منكر بل موضوع، فقد رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول() عن صالح بن محمد عن سليمان بن عمرو عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة قال: رأى رسول الله رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة . فذكره وسليمان بن عمرو هو أبو داود النخعي.
قال عنه أحمد بن حنبل ك كان يضع الأحاديث الكاذبة() .
وقال ابن معين: يكذب يضع الحديث.
وقال ابن حبان في المجروحين (1/329): وكان رجلاً صالحاً في الظاهر، إلا أنه كان يضع الحديث وضعاً، وكان قدرياً لا تحل كتابة حديثه إلا على جهة الاختبار ولا ذكره إلا من طريق الاعتبار . وقال ابن عدي: «اجتمعوا على أنه يضع الحديث»().
ومن هذا يتبين أن الخبر موضوع لا يحل ذكره إلا على سبيل البيان لحاله.
وقد جاء عند المروزي في تعظيم قدر الصلاة (1/194) من طريق الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد قال رأى حذيفة بن اليمان رجلاً يصلي يعبث بلحيته فقال: لو خشع قلب هذا سكنت جوارحه».
وهذا موقوف ضعيف لعنعنة الوليد.
والانقطاع بين ثور بن يزيد وحذيفة.
وهذه الأحاديث التي سقناها وبينا ضعيفها من موضوعها، غيض من فيض من الأحاديث الضعيفة والموضوعة الجارية على ألسنة كثير من الخطباء والوعاظ وغيرهم.
وإن كان بعض ما سبق من الأخبار قد صححه أو حسنه بعض العلماء إلا أن المرء مأمور باتباع ما ظهر برهانه وقويت حجته فإذا لاح الحق وظهر فلا يمنع المرء من إظهاره وإن خالفه غيره ممن هو أعلم منه.
فليس الحق حكراً على أحد لا يخرج عنه.
فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
فصلٌ

قال غير واحد من أهل الحديث(): لا يقال في الحديث الضعيف: قال ونحوها من صيغ الجزم، بل يقال: يُروى ويُحكى وجاء أو: رُوي وحُكي .. وغير ذلك من الصيغ الموضوعة للحديث الضعيف.
أما الحديث الصحيح؛ فلا يقال فيه ذلك؛ بل يقال: قال رسول الله، وفعل رسول الله، وأخبر، وحكم، وقضى ... ونحو ذلك من الصيغ الموضوعة للحديث الصحيح أو الحسن.
وكذلك قول الصحابي وقول التابعي يُحكى فيما صح عنهما بصيغة الجزم، وما لم يثبت عنهما يقال بصيغة التمريض، لأن صيغ الجزم تقتضي الصحة، والحديث الضعيف ليس كذلك، فإذا أتى الإنسان بصيغة الجزم بالحديث الضعيف؛ نخشى عليه أن يكون من الكاذبين على النبي r.
فينبغي لطالب العلم أن يراعي المصطلحات العلمية، وكثيرٌ من العلماء وطلبة العلم – فضلاً عن غيرهم- يقولون فيما صح عن النبي: روي؛ بصيغة التمريض()، وفيما لم يثبت: قال رسول الله ! وهذا يزري بالعلماء وطلبة العلم، فينبغي التفطن لهذا، والله الموفق.
فصلٌ
في حكم العمل بالحديث الضعيف في الفضائل

وقبل الشروع في حكم العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال يجب أن يُعلم أن الحديث الضعيف لا يعمل به في الأحكام والعقائد على القول الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم.
ولو جوز العمل بالحديث الضعيف في الأحكام والعقائد؛ لحصل من الفساد في الدين ما لا يعلمه إلا رب العباد، ولاستدل كل مبطل ومبتدع بباطله بالأحاديث الضعيفة العقائد والأحكام، ولما استطاع العلماء ضبط الأحكام والعقائد؛ لكثرة الأحاديث الضعيفة في هذا الباب.
إذا علم هذا؛ نعود إلى ما رمناه وقصدناه.
فنقول: قد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال على ثلاثة أقوال نذكرها على سبيل الاختصار:
* القول الأول: يعمل به مطلقاً .
وإلى هذا القول ذهب جمهور العلماء؛ منهم أحمد في أحد القولين عنه.
وعُزي إلى عبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، وسفيان الثوري، وبه يقول ابن عبد البر رحمه الله.
وبالغ النووي فقال: «قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعاً»().
وقال رحمه الله «اتفق العلماء على جواز العلم بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال»().
وفي حكاية الاتفاق نظر؛ لوجود الخلاف، وسيأتي إن شاء الله ذكر من خالف، والله الموفق.
ووجه هذا القول عند من قال به: أن الحديث الضعيف في الفضائل لا يترتب على العمل به مفسدة؛ لأنه ليس فيه تحليل ولا تحريم، بل هو زيادة خير دون مضرة للغير هكذا قالوا !
* القول الثاني: لا يعمل به مطلقاً.
وإلى هذا القول ذهب جمع من أهل العلم؛ منهم: الإمام مسلم رحمه الله؛ فإنه قال في مقدمة «صحيحه»: «اعلم وفقك الله أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين: أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع..».
وقال رحمه الله بعدما ذكر وجوب الكشف عن معايب الرواة قال: «وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث وناقلي الأخبار، وأفتوا بذلك حين سئلوا لما فيه من عظيم الخطر؛ إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتي بتحليل أو تحريم أو أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب.
فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة، ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه، ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته؛ كان آثماً بفعله ذلك، غاشاً لعوام المسلمين؛ إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها أو يستعمل بعضها، ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها...إلخ».
قال ابن رجب رحمه الله: «وظاهر ما ذكره مسلم في مقدمة كتابه يقتضي أنه لا يروي أحاديث الترغيب إلا عمن تروى عنه الأحكام»(). وهذا ظاهر كلام ابن حبان رحمه الله في كتابه المجروحين فإنه أوجب في المقدمة [1/6، 7، 25] لمن يروي الحديث – التمييز بين الصحيح والسقيم ولم يفرق بين ما كان في فضائل الأعمال وبين ما كان في الأحكام
وممن قال أيضاً: إنه لا يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال: ابن العربي رحمه الله، صاحب كتاب «أحكام القرآن» في أحد قوليه والخطابي صاحب «معالم السنن»، وابن حزم نص في غير كتاب من كتبه، وأبو شامة رحمه الله في كتابه «البدع والحوادث»().
وأما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ فإنه قال في «الفتاوى» (ج1/250): «ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة، لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه كذب: وذلك أنَّ العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي، وروى في فضله حديث لا يعلم أنه كذب؛ جاز أن يكون الثواب حقاً، ولم يقل أحد من الأئمة: إنه يجوز أن يجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف، ومن قال هذا؛ فقد خالف الإجماع، وهذا كما أنه لا يجوز أن يحرم شيء إلا بدليل شرعي، ولكن إذا علم تحريمه، وروي حديث في وعيد الفاعل له، ولم يعلم أنه كذب؛ جاز أن يرويه، فيجوز أن يروي في الترغيب والترهيب ما لم يعلم أنه كذب، لكن فيما علم أن الله رغب فيه أو رهب منه بدليل آخر غير هذا الحديث المجهول حاله.
وهذا كالإسرائيليات، يجوز أن يروي منها ما لم يعلم أنه كذب للترغيب والترهيب فيما علم أن الله تعالى أمر به في شرعنا ونهى عنه في شرعنا، فأما أن يثبت شرعاً لنا بمجرد الإسرائيليات التي لم تثبت؛ فهذا لا يقوله عالم، ولا كان أحمد بن حنبل وأمثاله من الأئمة يعتمدون على مثل هذه الأحاديث في الشريعة، ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذي ليس بصحيح ولا حسن؛ فقد غلط عليه...»إلخ.
وقال رحمه الله (10/408) من «الفتاوى»: «ولا يجوز أن يقال: إن هذا مستحب أو مشروع؛ إلا بدليل شرعي، ولا يجوز أن يثبت شريعة بحديث ضعيف، لكن إذا ثبت أن العمل مستحب بدليل شرعي، وروي له فضائل بأسانيد ضعيفة جاز أن تروى إذا لم يعلم أنها كذب وذلك أن مقادير الثواب غير معلومة، فإذا روي في مقدار الثواب حديث لا يعرف أنه كذب؛ لم يجز أن يُكذِّب به، وهذا هو الذي كان الإمام أحمد بن حنبل وغيره يرخصون فيه وفي روايات أحاديث الفضائل، وأما أن يثبتوا أن هذا عمل مستحب مشروع بحديث ضعيف، فحاشا لله...»إلخ.
وقال في «الآداب الشرعية»() . (2/304): «وعن الإمام أحمد ما يدل على أنه لا يعمل بالحديث الضعيف في الفضائل والمستحبات، ولهذا لم يستحب صلاة التسبيح؛ لضعف خبرها عنده، مع أنه خبر مشهور عمل به، وصححه غير واحد من الأئمة، ولم يستحب أيضاً التيمم بضربتين على الصحيح عنه، مع أن فيه أخباراً وآثاراً...».
وهذا القول فيه قوة وهو ظاهر المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم فلم يرد عنهم التساهل في التثبت فيما جاء في الفضائل دون غيرها وقد تقدم قصة عمر في التثبت ولم يقل هذا في الفضائل لا حاجة بنا إلى التثبت لأن الأحكام الشرعية من واجبات ومندوبات متساوية، إذ الكل شرع من عند الله، لا فرق بينها إلا بدليل شرعي، ولا يحل القول بأن هذا مستحب أو هذا واجب إلا بما صح عن النبي r، وإلا كان هذا من القول على الله بلا علم، وهذا هو الذي تطمئن له النفس علماً أنه قلما يخلو حديث ضعيف من أحاديث الفضائل إلا وهو مشتمل على أمر غيبي فالتأمل في روايته والأمر هكذا خطأ يفضي إلى شر كبير والله أعلم.
* تنبيه:
بما نقلناه عن هؤلاء الأئمة، خصوصاً من كان قبل النووي، يتبين ضعف كلام النووي من نقله الاتفاق على العمل بالحديث الضعيف.
والنووي رحمه الله معروف بالتساهل بنقله الإجماع، يعرف ذلك من قرأ كتابيه «المجموع شرح المهذب» و«شرح صحيح مسلم» فمن ذلك على سبيل المثال قوله في «شرح مسلم»(8/83): «إن الشامي مثلاً إذا مرَّ بميقات المدينة في ذهابه؛ لزمه أن يحرم من ميقات المدينة، ولا يجوز له تأخيره إلى ميقات الشام الذي هو الجحفة، وكذا الباقي من المواقيت، وهذا لا خلاف فيه»أ.هـ
هكذا رحمه الله نفى الخلاف، والخلاف مشهور في هذه المسألة؛ فقد نازع في ذلك الإمام مالك، وكذلك الأحناف، وجوزوا ما نفى فيه الخلاف().
ومن ذلك أنه قال في المجموع (5/44) وصلاة كسوف الشمس والقمر سنة مؤكدة بالإجماع وفي هذا نظر فقد ذهب أبو عوانة في صحيحه (2/366) إلى وجوب صلاة الكسوف وقال العيني الحنفي في البناية (3/158) هي سنة وليست بواجبة على الأصح، وقال بعض مشايخنا: إنها واجبة للأمر بها . ونص في الأسرار على وجوبها» ولهاتين المسألتين أخوات، يعرف ذلك من عنده ملكة بمعرفة خلاف العلماء، والله الموفق.
* القول الثالث:
لا يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال إلا بشروط()
الشرط الأول: أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج ما انفرد به راوٍ من الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه.
ونقل الحافظ العلائي الاتفاق على هذا الشرط.
فعلى نقل العلائي الاتفاق، يكون هذا الشرط مقيدا للقول الأول إن صح نقل الإتفاق؛ لأن غير واحد من الأئمة يطلقون العمل به من غير شرط.
الشرك الثاني: أن يكون الحديث الضعيف مندرجاً تحت أصل عام.
الشرط الثالث: أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته؛ لئلا ينسب إلى النبي r ما لم يقله، بل يعتقد الاحتياط.
وينبغي أن يزاد على هذه الشروط الثلاثة شرط رابع عند من يرى العمل بالحديث الضعيف بالشروط المتقدمة وإن كنا لا نرى هذا، وهو ما قاله ابن تيمية رحمه الله في «الفتاوى» (18/67): «فإذا تضمنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديراً وتحديداً؛ مثل صلاة في وقت معين بقراءة معينة أو على صفة معينة؛ لم يجز ذلك ( أي: العمل بها )».
* تنبيه:
يلاحظ أن كثيراً من العلماء، خصوصاً بعض المعاصرين الذين يرون العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، لا يلتزمون هذا الإطلاق؛ فكثيراً ما يرد حديث ضعيف في فضائل الأعمال، ومع ذلك يردونه ولا يقبلونه، بل بعضهم يطلق التبديع على العمل به، وهذا تناقض في القول، ولابد من سلوك قاعدة ثابتة: إما العمل به مطلقاً، وإما الرد مطلقاً، أما أخذ البعض وردُّ البعض الآخر بغير بينة ولا برهان؛ فظاهر بطلانه.، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
الفهرس
مقدمة الطبعة الثانية .................................................. .............2
مقدمة الطبعة الأولى .................................................. .............4
فصل في ضرورة التثبت من الكذب على النبي r ....................................6
حاشية في بيان الصحيح من أقوال أهل العلم في تعريف الخبر المتواتر ...................6
فصل في سبب انتشار الأحاديث الموضوعة ..........................................9
فصل في توقي السلف كثرة الحديث عن الرسول r ................................13
فصل في بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة المشتهرة ..............................16
* الأول: حديث رضا الوالدة عن ولدها ونجاته ....................................16
الثاني: «اطلبوا العلم ولو بالصين» .................................................1 7
الثالث: «أحب الأسماء إلى الله ما عبد...» .........................................17
الرابع: «جنبوا مساجدكم صبيانكم» ..............................................18
الخامس: «عجبت لطالب الدنيا والموت يطلبه...» ..................................18
السادس: «إذا طنت أذن أحدكم...» ..............................................19
السابع: «اللهم بارك في رجب وشعبان...» ........................................20
الثامن: «ليس للفاسق غيبة» .................................................. .....20
التاسع: «من نام بعد العصر فاختلس...» ..........................................21
العاشر: «نوم الصائم عبادة، وصمته...» ...........................................21
الحادي عشر: «أحبوا العرب لثلاث...» ...........................................22
الثاني عشر: سفر أبي بكر لديار المشركين...» ......................................23
الثالث عشر: «يس لما قرئت له» .................................................. 25
الرابع عشر: «خلق الله ألف أمة...» ...............................................25
الخامس عشر: «لأن يربي أحدكم جرو كلب...» ..................................26
السادس عشر: «كل أمر ذي بال...» .............................................27
السابع عشر: أذن النبي r في أذن الحسن بن علي...» ..............................28
الثامن عشر: أن بلالاً أخذ في الإقامة فلما أن قال...» ..............................30
التاسع عشر: عرضت عليَّ أجور أمتي...» .........................................31
العشرون: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه»...................................33
فصل في مراعاة المصطلحات العلمية للصحيح والضعيف .............................35
فصل في حكم العمل بالضعيف في الفضائل .........................................36
القول الأول: يعمل به مطلقاً .................................................. ....36
القول الثاني: لا يعمل به مطلقاً .................................................. ..37
القول الثالث: يعمل به بشرط .................................................. ...40
الفهرس .................................................. .......................42

الخزيمة
08-11-2007, 05:19 AM
فك الله اسرك وخفف عليك سجنك وهدء من روعك وازال همك وغمك واطل الله في عمرك وفرج كربك واخرجك من السجن بالقريب العاجل

إسلامية
18-10-2009, 06:48 PM
والمصيبة الكبرى أن بعض الفقهاء ومن لا علم عنده يبني على هذه الأخبار المتروكة مسائل فقهية وأحكاما من واجبات ومندوبات ومكروهات ومحرمات، واتخذ العوام هذا الأمر منهجاً، فمن خالفه فإنه غير عامل بعلمه وصاحب هوى يدعو إلى بدعة فقد عظمت المصيبة في بعض البلاد لأن الحق عندهم عمل عوام البلد وما عداه فباطل لا يعوَّل عليه، وإن كان الدليل في الصحيحين.



أحسنتم ...

بارك الله فيكم

خالد الهنداوي
18-10-2009, 07:29 PM
الاخ الفاضل المشفق سلمت يداك علي هذا النقل المفيد والمهم جدا نسأل الله أن ينفعنا به

منذر ادريس
19-10-2009, 08:44 AM
الله أسال أن يبارك فيكم جميعا ويجزيكم خير الجزاء وينفعنا بما هو خير

نبض قلب
25-10-2009, 10:57 AM
اول شي شكر جزلن على اصتطفدكم لى

نبض قلب
25-10-2009, 10:59 AM
وسال الله العظيم ربالعرش الكريم ان ينفعنه بكم

منذر ادريس
25-10-2009, 04:14 PM
الأخ الفاضل
نبض قلب
حياكم الله وبياكم
وأهلا وسهلا بكم في منتداكم
منتدى الرقية الشرعية
حللتم أهلا ونزلتم سهلا
ونأمل منكم أن تفيدوا وتستفيدوا
في منتداكم وصرحكم الشامخ والعالي بإذن الله

وحياكم الله وبياكم مرة ثانية