المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : &( سحب الأدوية من الأسواق: ماذا عن صحة من تناولوها؟؟ )&


د.عبدالله
09-07-2007, 10:08 AM
بعضها تسبب في إصابة ووفاة ما بين 89 - 139 ألف شخص

يعد سحب أي دواء من الأسواق المحلية والعالمية امراً بالغ الأهمية خاصة اذا ثبت ضرره على المرضى،
وهو ما يعيد إلى الاذهان أزمة أحد الادوية (الثاليدومايد) التي وقعت في الستينات وأدت الى ولادة جيل من الاطفال ناقصي الاطراف والذين اصبحوا الآن رجالاً ونساء مصابين بالاعاقة. وقد اشار الدكتور غريهام أحد الأطباء العاملين في ادارة منظمة الاغذية والادوية الأمريكية FDA إلى وجود مضاعفات لا يستهان بها جراء استخدام أحد الأدوية المعالجة لآلام الروماتيزم، كما جوبهت تحذيراته بالتجاهل من قبل المسؤولين والتي بينت ان عدد المتوفين أو الذين اصيبوا بجلطات دماغية أو أزمات قلبية جراء استعمال الدواء المعين يبلغ نحو 28 ألفاً وذلك منذ بداية استعماله في عام ،1999 إلا ان الاحصاءات اللاحقة بينت ان العدد الفعلي للمصابين والمتوفين يفوق ذلك بكثير وأنه يتراوح ما بين 89 - 139 ألف شخص. وفي دراسة نشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية أظهرت ان سبعة أدوية تمت الموافقة على تصنيعها منذ العام 1993 ثم سحبت من الاسواق لأنها اسهمت في وفاة نحو ألف شخص، كما أوضحت الدراسة ان نصف عمليات سحب الادوية تتم في السنتين الأوليين من طرحها في الاسواق.
“الصحة والطب” استطلعت آراء عدد من الاطباء الذين تحدثوا عن مخاطر ومضاعفات الأدوية التي جرى سحبها مؤخراً من اسواق الدولة بعد سحبها من الاسواق العالمية والتي منها قد تسبب السكتة الدماغية، الجلطة القلبية واخطر من ذلك الوفاة. كذلك آراء عددٍ من الصيادلة وشركات توزيع الادوية الذين تحدثوا عن الاضرار التي لحقت بهم جراء سحب أي دواء من السوق، الى جانب وزارة الصحة التي أوضحت أسباب سحب الادوية من الاسواق ومتابعتها لتنفيذ القرار.

تحقيق: يمامة بدوان

يقول الدكتور إياد جبر اخصائي مسالك بولية: ان الأدوية واحدة من الأمور الطبية الحساسة والتي يتم تسليط الضوء على جودتها وفعاليتها بشكل كبير، وقد كثر الحديث مؤخراً عن سحب بعض أنواع الأدوية من الصيدليات، كما قامت وزارة الصحة بمنع تداول بعض الأدوية بناء على ما تم نشره عن الآثار السلبية لعدة ادوية.
ويضيف: بالنسبة للقوانين والإجراءات التي يتم بناء عليها التصريح بتداول عقار معين فهي صارمة جدا وأهمها يجب أن يخضع للمعايير العالمية ويكون مصرحا به، وهذه القوانين لم يطرأ عليها أي تغيير لأنها كافية وتمنع دخول أي عقار لم يمنح الترخيص الدولي. وفي حال تم الإبلاغ عن ظهور أي أعراض جانبية عند المرضى نتيجة تناولهم عقاراً معيناً يتم مباشرة متابعة الامر وتحديد الأسباب التي ظهرت ويتم رسميا عند ذلك سحب العقار من كافة أسواق الدولة الى جانب البحث وتأمين الدواء البديل والآمن لهم.
ويوضح الدكتور جبر انه كان قد تم سحب بعض الادوية التى تستخدم كمسكن لآلام التهابات المفاصل تحسبا لتسببه في قتل الآلاف من المرضى إضافة إلى عقارات اخرى من المضادات، وبعض ادوية الكوليسترول والباركينسون ودواء لعلاج الايدز مؤخرا، كما حذرت السلطات الصحية في الولايات المتحدة سابقا من الإفراط في استخدام المئات من أنواع الأدوية المسكنة والمهدئة للألم التي تباع دون وصفات طبية، وتسبب أضرارا جانبية متفاقمة، فضلا عن تسببها في مائة حالة وفاة سنوياً.
ويشير الى ان ادارة الدواء والغذاء الأمريكية كانت قد طالبت المستخدمين بضرورة الالتزام بالارشادات الطبية المتعلقة بعدد الجرعات، والتي قد يؤدي الإفراط فيها إلى إصابة الكبد بالتسمم، اضافة الى الأعراض الجانبية التي تسببها أنواع مختلفة من المهدئات المعروفة باسمNSAIDS ، والتي قد تتفاوت من إصابة المعدة بالنزف أو مشكلات بالكلى.
وبين ان هذه التحذيرات جاءت بعد ان أظهر تقرير حكومي نُشر حديثاً تزايد أعداد المراهقين والشباب الذين يسيئون استخدام العقاقير التي تصرف بوصفات طبية، وارتفاع معدل تناول المسكنات والمهدئات بصورة خاطئة، قدر التقرير الحكومي استخدام حوالي 2,75 مليون من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاماً للعقاقير الطبية دون وجود الأسباب الصحية التي تستدعي ذلك مرة واحدة على الأقل عام 2001 مقارنة ب 2,5 مليون شاب للعام الذي سبقه.
وذكر الدكتور جبر انه ليس بالضرورة ان تظهر المضاعفات الجانبية على المرضى منذ بداية تناولهم للدواء المقرر سحبه من الاسواق بل بعضها تظهر بعد فترة من الزمن كما انها تختلف من شخص لآخر، لافتا الى عدد من الحالات المرضية التي سارع الى الاتصال بها بعد قرار الوزارة بسحب احد الادوية لاعلامهم بضرورة وقفهم لتناول الدواء حتى يتسنى ايجاد البديل المناسب الامر الذي عزز من ثقة المرضى به نتيجة حرصه على صحتهم.
وقال: ان هناك دراسات تجرى في المرحلة الحالية تهدف الى احتمال سحب دواء معين لعلاج السكري لثبوت اصابة العديد من المرضى الذين يتناولونه بجلطات قلبية، كما انه من المحتمل ان هذا الدواء قد يشكل خطورة على مرضى السكري الى ان يثبت العكس، في حين هناك ادوية تباع في السوق المحلي غير مسجلة في منظمة الاغذية والادوية الأمريكية ومن مخاطرها انها لم تجر عليها الدراسات الكافية وقد يكون لها آثار جانبية غير مسجلة.
إجراء احترازي
ومن جانبها تقول الدكتورة غادة أبو هولي، اخصائية الامراض الباطنية: ان وزارة الصحة تسمح بتداول الادوية بعد ان توافق عليها منظمة الاغذية والادوية الأمريكية FDA، بينما ما جرى مؤخراً من سحب بعض الادوية من الاسواق كان اجراء احترازياً وليس لأنه ثبت انها تسبب مضاعفات صحية.
وتشير إلى ان أحد الادوية الذي يعالج مرض القولون العصبي اجري عليه دراسة شملت نحو 12 ألف مريض حيث تبين ان 13 مريضاً من اجمالي العينة حدثت لديهم آثار جانبية أثرت في شرايين القلب الأمر الذي جعل FDA تلجأ إلى سحب هذا الدواء من الاسواق، في حين لا تعد الآثار الجانبية التي أظهرتها الدراسة قاتلة أو خطيرة.
وتؤكد الدكتورة أبو هولي ان لكل دواء فوائد ومضار، حيث ان الادوية التي يجري سحبها من الاسواق تكون جزءاً من مجموعة نفس التركيبة وبذلك يتوافر بديل دوائي.
وتتابع: من السهل جداً جعل المريض يتناول دواء بديلاً آمناً أكثر من الدواء الذي تقرر سحبه، كما ان اقناع المريض لأهمية هذا الأمر يعتمد على قدرة الطبيب في توجيهه نحو دواء أكثر أمناً، كذلك يعتمد على أسلوب الصيدلي الصحيح.
وتضيف: يمكن للمريض الاستمرار في تناول الدواء حتى بعد التعميم بسحبه من الاسواق في حالة عدم مواجهة لأية مضاعفات وبعد استشارة الطبيب إلى حين انتهاء الكمية التي اشتراها، كما انه من الضروري عدم تناول اي دواء إلا بعد استشارة الطبيب المختص كونه الأوسع دراية بالآثار الجانبية المحتملة للدواء ويمكنه ان يكتشفها في بدايتها، إلا ان المشكلة تكمن لدى بعض الاطباء الذين ليس لديهم الوقت الكافي للتحدث مع المرضى وتزويدهم بتفاصيل الادوية، في حين يمكن للمرضى متابعة ما يستجد ويتعلق بالادوية خاصة ذوي الامراض المزمنة ومناقشة الأمر مع الطبيب المتخصص.
وتؤكد الدكتورة أبو هولي ان الآثار الجانبية للادوية ليس لها علاقة بجنس وسن المريض بل في الانزيمات التي تجري عملية الايض للأدوية في الجسم، كما ان اكثر المرضى المعرضين لهذه الآثار هم كبار السن ومرضى الفشل الكلوي والكبد لوجود اختلال في الانزيمات اضافة الى قدرة الجسم على التخلص من الدواء الأمر الذي يتوجب فيه على هذه الفئات متابعة الحالة مع الطبيب المعالج.
وترى ان ما يسبب بلبلة بين افراد المجتمع لدى صدور اي قرار بسحب دواء معين هو قلة الوعي والثقافة الصحية.
وذكرت ان وزارة الصحة في دولة الامارات تراقب القوانين وكل ما يستجد في أوروبا ومنظمة الاغذية والادوية الأمريكية، كما انها تتبع تنسيقاً مع الشركات الموردة للادوية والتي تلتزم في الغالب بالاصول والانظمة العالمية، لافتة الى اهمية قيام شركات توريد الادوية بتوعية الاطباء والصيادلة حول الآثار الجانبية لكل دواء قبل وصفه للمرضى حماية لها ولمستخدمي الادوية.
أمثلة على الأدوية المسحوبة ومخاطرها
وعن بعض الادوية التي جرى سحبها من الاسواق يقول الدكتور عبدالله عبدالرحمن الهاجري اخصائي أمراض قلبية وباطنية ان عقار Zelmac Tegase rod يستخدم لمرضى القولون العصبي الذين تقل أعمارهم عن 65 سنة للتخفيف من حدة الأعراض المصاحبة مثل الم البطن والإمساك مع اهمية عدم ان يتناوله المصابون بالإسهال، الإنسداد المعوى، ومرضى الحويصله الصفراء والفشل الكلوى أو الكبد. ومن الأعراض الجانبية لهذا العقار هو الصداع الإسهال ألم البطن والغثيان واحتشاء الأمعاء الغليضة، حيث يؤثر العقار في مستقبلات عصبية خاصة في الجهاز الهضمي. كما أن هذه المستقبلات تؤثر في حركة الأمعاء وتزيد من حركتها وإفرازاتها من إخلال إفراز ناقلات عصبية، وتصل نسبة الدواء في الدم إلى الذروة بعد ساعة واحدة من تناول الدواء.
كما أنه يتم التخلص من الدواء في الجسم عن طريق البراز والبول، في حين يعتبر القولون العصبي من أكثر أمراض الجهاز الهضمى انتشارا فهو مزمن ومن أهم الاعراض الجانبية للعقار الاسهال، الا انه وفي شهر مارس من العام الماضي تم التوقف عن الترويج له من قبل الشركة المصنعة نتيجة دلائل ونتائج الابحاث التي كشفت عن وجود صلة بين تناول الدواء ومرض احتشاء الاوعية الدموية مثل النوبة القلبية والسكتة الدماغية كما انه سبب حالة وفاة واحدة وذلك من خلال تحليل نتائج 29 دراسة اجريت على هذا الدواء.
ويضيف: اما بالنسبة لأدوية Vioxx (Rofecoxib) and Bextra (Valdecoxib)
فكل منهما ينتميان إلى مجموعة مثبطات لأنزيم الكوكس في جسم الإنسان وهما لعلاج أمراض الروماتيزم والمفاصل والألم كما إنهما مضادان للالتهاب، ويتميزان عن غيرهما من مضادات الالتهاب بأن تأثيرهما السلبى على المعدة أقل من مضادات الالتهابات التقليدية مثل البروفيين الا انه يجب عدم تناول هذه الادوية من قبل مرضى الربو والحساسية، مشيرا الى عدة اعراض جانبية تصيب المريض جراء تناول مثل هذه الادوية منها الغثيان، الم البطن، الصداع والاسهال، وقد تم مؤخرا توقيف استخدام هذه الادوية بسبب علاقتها بزيادة فرص الاصابة بعدة امراض مثل النوبة القلبية، السكتة الدماغية، فشل القلب، الجلطة الرؤية والوفاة كما ان عقار البكسترا له مضاعفات جلدية خطيرة .
وذكر الدكتور الهاجري ان عقار Melleril (Thioridazine) يستعمل لعلاج مرض الشيزوفرينيا أو الفصام العقلي والتخفيف من أعراض الهلوسة السمعية والبصرية. من اخطر الأعراض الجانبية هو تأثيرها السلبي في القلب مسببا اختلالاً في نظم القلب ومسببا للارتجاف البطينى الخبيث لذلك يجب ألا يتناوله مرضى النوبة القلبية أو مرضى اختلال نظم القلب، اللإرتجاف البطينى، نقص أملاح المجنيسيوم والبوتاسيوم. كما أنه يجب التأكد من نسبة الأملاح في الدم وعمل تخطيط القلب قبل وصف الدواء للمريض. وكما أن لهذا العقار أعراضاً جانبية أخرى كثيرة مثل التأثير في النظر، الرجفان، الارتباك، التعب، الصداع، التوتر، الإمساك، جفاف الفم، اختلال في الدورة الشهرية للإناث، مشاكل في التبول، الكوابيس، اختلال في النطق والحركة والذي قد يكون دائما حتى بعد وقف الدواء. ومن أهم الأخطار الجانبية لهذا العقار هي الحمى الخبيثة والتي تتميز بارتفاع درجة الحرارة، تصلب العضلات، الغشيان اضطراب نبضات القلب وضغط الدم. كما أن هذا الدواء مثبط للجهاز العصبي المركزي.
انعدام الثقة مع المرضى
ويقول الدكتور زياد أبو شاويش، صيدلي مسؤول: أصبحنا نعاني من انعدام الثقة مع المريض بسبب الاجراءات المتناقضة التي يقوم بها موردو الأدوية، حيث إن بعض المرضى يتهموننا بالمتاجرة بصحتهم من خلال بيعهم أدوية معينة تمتاز بارتفاع سعرها ومن ثم نفاجأ نحن الصيادلة بعد مدة بإعلان الشركة المنتجة لهذا الدواء بأن له آثاراً جانبية خطيرة ولا بد من سحبه من الأسواق.
ويضيف: بعد الفحص والتدقيق الذي تقوم به وزارة الصحة تعلن عن وقف تداوله في الأسواق ولكن يكون المرضى قد استخدموه لمدة طويلة اضافة إلى اعتيادهم عليه.
ويشير إلى أن الأدوية التي يجري سحبها من الأسواق تتوافر لها بدائل موجودة سابقاً ولكن بفاعلية علاجية أقل، الأمر الذي يعود سلباً على المرضى لعدة أسباب منها مادية كون أسعار الأدوية مرتفعة نسبياً، ومنها علاجية خاصة إذا كان أصحاب الأمراض المزمنة قد اعتادوا على أدوية معينة يصعب عليهم استبدالها بأخرى.
وذكر الدكتور أبو شاويش ان بعض الأدوية من دون ذكر اسمها والتي جرى سحبها من الأسواق مؤخراً كانت لها آثار جانبية خطيرة جداً على المدى البعيد مثل التسريع في ضربات القلب وبعضها الآخر يعد مسبباً للسرطان.
ويتابع: الأضرار التي لحقت بنا كصيادلة تنحصر في خسارة العديد من المرضي كزبائن حيث ان غالبيتهم يرفضون شراء الأدوية المطروحة كبديل للدواء المسحوب لاعتقادهم انها ليست بنفس الفاعلية العلاجية.
ويدعو وزارة الصحة إلى التمعن والتمحيص عند منح اذونات استيراد أدوية جديدة ودراسة آثارها الجانبية في المرضى قبل طرحها في الأسواق تفادياً لأية مشاكل مستقبلاً، إلى جانب توفير بديل دوائي بنفس الفاعلية والجودة قبل تنفيذ قرار سحب أي دواء من الصيدليات.
الاعتياد على الدواء
أما الدكتور علي الخضر، صيدلي مسؤول فيوضح ان مبدأ عمل الصيدلي يقوم على عدم بيع ما قد يؤدي إلى ضرر للمرضى وهو بذلك يتماشى مع قرار وزارة الصحة بسحب الأدوية التي قد تسبب أضراراً للمرضى حتى لو على المدى البعيد.
ويضيف: بالرغم من قرار الوزارة مؤخراً بسحب عدد من الأدوية إلا ان هناك بعض المرضى مازالوا يطلبون تلك الأدوية زاعمين انهم اعتادوا على تناولها، في حين نقوم بوصف البديل الدوائي المتاح بعد استشارة الطبيب المختص والذي ليس له أية آثار جانبية وقد تكون له نتائج علاجية أكثر فاعلية من الدواء المسحوب.
ويتابع: هناك بعض الحالات التي اشتكت إلينا سابقاً من ارتفاع ضد الدم جراء تناول أحد الأدوية العلاجية للروماتيزم، حيث تبين وبعد قرار الوزارة سحب هذه الأدوية ان مضاعفاتها تكون مزمنة وتسبب تسارعاً في نبضات القلب ومشاكل في الضغط الأمر الذي يشكل خطورة على مرضى الضغط المرتفع.
ويوضح الدكتور الخضر ان عملية اقناع المرضى بأهمية تناول الدواء البديل تكون صعبة أحياناً لأن بعضهم وحسب اعتقادهم قد اعتادوا على الدواء “المسحوب” إلا اننا نقدم لهم نصيحة وتحذيراً يجعلهم يتراجعون عن اعتقادهم الخاطئ، كما أن هناك فئة قليلة تستمر بتناول الدواء “المسحوب” بهدف انهاء الكمية التي اشتروها الأمر الذي يشكل خطورة على صحتهم خاصة إذا كانوا من ذوي الأمراض المزمنة التي تتطلب تناول الدواء بجرعات معينة ولمدة متواصلة.
وينفي الدكتور الخضر الرأي القائل إن اجراء سحب دواء معين يفقد الثقة بين الصيدلي والمريض، حيث ان العديد من أفراد المجتمع أصبح لديهم وعي طبي شبه كامل بل وانهم يتابعون كل ما يستجد على الساحة العالمية فيما يتعلق بالأدوية التي يتناولونها وبذلك فهم مقتنعون بأن قرار سحب أي دواء يهدف إلى حماية صحتهم.
ويشير إلى ان أكثر المستحضرات الطبية التي مازال الطلب عليها يتزايد بالرغم من سحبها من الأسواق هي المتعلقة في تخسيس الوزن حيث ان لبعضها آثاراً سلبية في الصحة مثل عدم انتظام الدورة الشهرية لدى السيدات بسبب اضطراب الهرمونات، كما انها تسبب اضطراباً في انزيمات الكبد.
موقف حرج
بينما يقول الدكتور أحمد عبد العزيز هلال، صيدلي، ان قرار وزارة الصحة بسحب بعض المنتجات الدوائية جاء بعد أن ثبت انها تسبب آثاراً جانبية تؤثر سلباً في الصحة أكثر مما تفيد، إلا ان هذا الأمر يضعنا في موقف حرج أمام المرضى الذين اعتادوا على طلب الدواء بكميات معينة كونهم يعانون أمراضاً مزمنة، فمنهم من يعتقد ان هذا القرار ما هو إلا بهدف رفع سعر الدواء، وقسم آخر يعتقد ان سحب دواء معين ما هو إلا استراتيجية للترويج لدواء منافس له.
ويشير إلى ان احدى الدراسات العالمية أظهرت ان أحد الأدوية المعالجة لسرطان الدم “اللوكيميا” قد يؤدي إلى الحاق أضرار جسيمة بعضلة القلب، كما أن الأدوية المسكنة لآلام الروماتيزم تبين أنها ترفع مخاطر الإصابة بأمراض القلب والذبحة الصدرية بنسبة 20%.
ويعتقد الدكتور هلال ان الأدوية الحديثة وحسب دراسة أمريكية نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، أوضحت ان هذه الأدوية أكثر خطراً من مثيلتها السابقة التي أصبحت آثارها الجانبية معروفة، كما ان العديد يلجأ إلى الترويج للأدوية الجديدة قبل أن يعرف مجمل آثارها الجانبية، في حين يتوجب ابلاغ المرضى ان التجارب التي أجريت على هذه الأدوية كانت لفترة قصيرة.
ويتابع: من الأهمية التأكد أن الأدوية المطروحة حديثاً في الأسواق ليست لها آثار جانبية وذلك من خلال اطالة فترة خضوعها للدراسات والتجارب قبل السماح للمرضى بتناولها الأمر الذي يجنب كافة الأطراف مثل الصيادلة والمرضى وشركات توزيع الأدوية أية خسائر متوقعة.
وذكر أهمية قيام وزارة الصحة بالتشديد على الرقابة على كافة المستحضرات الطبية خاصة المتعلقة بعلاج الأمراض المزمنة، اضافة إلى فرض عقوبات واجراءات صارمة بحق المخالفين لقرارات سحب الأدوية من الأسواق حيث ان البعض يلجأ إلى بيعها سراً للمرضى محل الثقة حتى لا يفقدوا “زبائن”.
الخوف من مضاعفات الدواء البديل
وفي السياق ذاته يقول الدكتور محمد فرج الله، صيدلي مسؤول، ان أي دواء وقبل طرحه في الأسواق العالمية والمحلية يخضع لدراسات وأبحاث عديدة لسنوات طويلة، للتأكد من منفعته البشرية، إلا انه يجري سحبه بسبب ملاحظة آثار سلبية حفاظاً على صحة المرضى أو نتيجة طرح دواء آخر متطور وأكثر فاعلية لعلاج نفس الحالة المرضية من قبل الشركة المنتجة نفسها.
ويضيف: نواجه العديد من المشاكل مع المرضى بعد أي قرار يصدر بسحب دواء معين مثل رفضهم بتناول الدواء البديل حتى لو كان من نفس التركيبة الدوائية بسبب خوفهم من المضاعفات التي يسببها نتيجة ما يتناقله بعض المرضى فيما بينهم من اشاعات غير صحيحة حوله، كما ان بعض المرضى يلجأون إلى اعادة الدواء بعد قرار سحبه الأمر الذي يسبب لنا خسارة مادية كونه غير قابل للارجاع لأنه جرى استخدام البعض منه.
وذكر الدكتور فرج الله شكاوى بعض المرضى من أدوية خاصة بالتخسيس أدت إلى زيادة نبضات القلب ومشاكل في البروستاتا والصداع تبين وبعد قرار وزارة الصحة بسحبها من الأسواق انها من الآثار الجانبية التي تسببها.
ولفت إلى ان الصيدلي يبحث عن البديل الدوائي المناسب، نافياً أن لا يكون هذا البديل بنفس القيمة العلاجية، كما ان المرضى والذين اعتادوا على التعامل مع صيدلية معينة يتواصلون معها حتى بعد سحب أي دواء ايماناً منهم بأن هذا الأمر لمصلحة صحتهم. وينصح المرضى الذين يشعرون بأية مضاعفات غير متوقعة جراء تناول الأدوية مراجعة الطبيب المختص كونه واسع الدراية في الأمر، مشيراً إلى أهمية دور وزارة الصحة في تكثيف الرقابة على الأدوية وفحص العينات العشوائية كذلك عدم تسجيل أي دواء جديد إلا بعد التأكد 100% من عدم وجود آثار جانبية له على الصحة.
ضرر مادي وعلاجي
وفي السياق ذاته تؤكد الدكتورة دينا العلمي، مديرة صيدلية، ان الأدوية التي جرى سحبها من الأسواق لها مضاعفات تؤثر سلباً في الصحة مثل التسبب لدى بعض الحالات التي أصيبت بالفعل بجلطات قلبية كما انها قد تتعارض مع أدوية أخرى يتناولها ذوو الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط.
وتضيف: الاضرار التي لحقت بنا كصيادلة كانت عبارة عن اهتزاز الثقة بيننا وبين المرضى مع ان الخطأ الوارد في الأدوية المسحوبة ليس منا بل من الوكيل المفترض انه على دراية بكافة مضاعفات وآثار الأدوية الجانبية.
وتشير إلى ان العديد من المرضى تضرروا مادياً وعلاجياً ونفسياً جراء الاعلان عن سحب العديد من الأدوية، حيث أصبح المريض لا يثق بالدواء البديل نتيجة الخوف من حدوث أي مضاعفات اعتقاداً انه مشابه للدواء المسحوب، الأمر الذي يضع على كاهلنا مسؤولية اقناعه بأن الدواء البديل آمن صحياً وليس له مضاعفات.
وذكرت الدكتورة العلمي ان بعض المرضى ما زالوا يتناولون أدوية تقرر سحبها من الأسواق لعدة أسباب منها ان هذه الأدوية لم تسبب لهم منذ بداية تناولهم لها أية مضاعفات، كما ان غالبيتهم ولأسباب مادية يهدفون بتناولها إلى انهاء الكمية التي اشتروها قبل الاعلان عن سحبها من الأسواق.
وتنفي الدكتورة العلمي الاشاعات التي تناقلها البعض بأن سحب دواء معين كان بهدف الترويج لدواء آخر، موضحة ان هذا الأمر قابل للحدوث في حال إذا كان الدواءان لنفس الشركة المنتجة.
وتدعو وزارة الصحة والجهات المسؤولة عالمياً إلى عدم السماح بطرح أي دواء في الأسواق إلا بعد تأكد عدم تأثيره السلبي في الصحة حتى لا يتم وبعد سنوات من تداوله اعلان قرار سحبه.
الدراسات لا تتوقف
بينما يوضح ضياف انيس، مندوب شركة أدوية ان هناك نوعين من الشركات في السوق أولها الشركات المنتجة والمخترعة للأدوية وثانيها الشركات المحلية الحاصلة على حق تصنيع الدواء بعد انتهاء مدة احتكار تصنيعه عالمياً، في حين ان قرار سحب أي دواء من السوق يجري من خلال الشركات العالمية المصنعة وبناء على دراسات تجري على الدواء قبل وخلال طرحه في الأسواق.
ويشير إلى أن الدراسات العلمية لا تتوقف على أي دواء تم طرحه في الأسواق خاصة إذا كانت التركيبة الكيميائية جديدة وتستخدم لأول مرة، حيث هناك مراكز أبحاث تابعة للشركات المنتجة وللمنظمات العالمية مثل FDA تجري دراسات تفصيلية بناء على شكاوى من المرضى بعد استخدامهم للدواء، إلا أنه وبعد ثبات عكس ما كان مسلماً به حول الدواء يتم سحبه من الأسواق حفاظاً على صحة المرضى.
ويؤكد انيس على أهمية قيام المرضى والصيادلة مراعاة ان الشركات المنتجة والموزعة للأدوية تحرص على سلامة المرضى من خلال سحب أي دواء مشكوك في أمره بعد اجراء الدراسات، كما ان هذا الأمر يزيد من مصداقية الشركات المنتجة عالمياً.
وذكر أنيس انه ومع الأسف لا يوجد أحياناً بديل دوائي بنفس فاعلية وجودة الدواء المسحوب من الأسواق.
مسؤولية الشركة المصنعة والموزعة
ويقول الدكتور تيسير عبد المجيد العلي، مدير احدى شركات توزيع الأدوية ان أساس العمل هو الالتزام بقوانين وزارة الصحة ودائرة الصحة والخدمات الطبية، حيث ان للوزارة تنسيقاً مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والأدوية الأمريكية FDA وأي دواء يتم تداوله في الأسواق المحلية يمر بإجراءات تسجيل وعدة شروط من أهمها موافقة FDA اضافة إلى إجراء دراسات تحليلية يتابعها مختصون في هذا المجال.
ويضيف: في حال ظهور أية آثار جانبية أو مضاعفات لاستخدام أي مستحضر دوائي تتدخل وزارة الصحة مباشرة وتقرر سحبه من الأسواق حيث إن كافة الأدوية تأخذ بالحسبان صحة المريض مع عدم تأثيرها في أجهزة الجسم كالقلب والشرايين، كما انه وعند سحب أي دواء يكون بناء على دراسة طبية أجريت بهدف التوصل إلى نتائج مقنعة حول تأثيرها في المرضى.
ويؤكد الدكتور العلي ان شركات توزيع الأدوية يلحق بها أضراراً مادية تؤثر في هامش الربح المحدد من قبل وزارة الصحة لدى سحب أي دواء من السوق، إلا ان هذا الأمر لا يمنع شركات توزيع الأدوية أو يجعلها تتردد بسحب الدواء حفاظاً على صحة المرضى وتنفيذاً لرؤية الوزارة.
ولفت إلى أن توفير دواء بديل هو مسؤولية الشركة المصنعة وليست الموزعة للدواء، وذلك عند سحب دواء معين من الأسواق، في حين يعد سوق الامارات بالتحديد سوقاً غنياً بالأدوية المختلفة المعالجة لحالة مرضية محددة، وقد يحصل المريض على بديل دوائي أفضل من الدواء الذي جرى سحبه أحياناً.
وحول الخسارة التي قد تلحق بالصيادلة جراء سحب دواء معين من السوق يرى الدكتور العلي ان هذا الأمر لا يشكل أي خسارة لأي صيدلية لأن الوكيل يقوم بتعويضها عن الدواء المرتجع بسبب انتهاء صلاحية استخدامه أو سحبه بقرار وزاري وذلك حسب القانون المحلي.
ويتابع: العديد من الصيادلة يعتقدون خطأ انهم يخسرون ثقة المرضى لدى عدم توفر الدواء بسبب سحبه إلا ان الأمر عكس ذلك تماماً، حيث ان هذا الاجراء يؤدي إلى تعزيز الثقة بين الصيدلي والزبون كونه حريصاً على صحته ولا يقدم له دواء له تأثيرات جانبية في الصحة.
وينفي الدكتور العلي ان سحب دواء معين من السوق بعد تداوله لمدة يعني توفير مساحة للترويج لدواء آخر منافس كما يعتقد البعض، مشيراً إلى ان عدم ذكر الوزارة لدواء بديل بعد قرار سحب أي دواء مناسباً حتى لا يكون أمراً دعائياً.
أسباب سحب الأدوية من السوق
وحول الأسباب التي تدعو وزارة الصحة إلى سحب أي دواء من الأسواق المحلية أوضح الدكتور عيسى بن جكه المنصوري مدير ادارة الرقابة الدوائية في الوزارة أن الأسباب عديدة منها:
* بناء على طلب من الشركة المصنعة وهو ما يسمى بالاسترجاع Recall وذلك لأسباب فنية.
* بناء على تقارير صادرة من منظمات عالمية، تفيد بوجوب سحب المستحضر وذلك لأسباب فنية وصحية.
* بسبب وجود اختلاف في مواصفات المنتج بين ما تم تسجيله والمتوفر بالسوق المحلي.
* يتم اكتشاف خلل فني بالمستحضر من خلال الزيارات التفتيشية.
* بناء على شكوى مقدمة من قبل المرضى، يتم من خلالها اكتشاف وجود خلل بالمستحضر.
* يتم التعميم على الصيدليات والمستودعات الطبية بالدولة لارجاع المنتج المراد سحبه إلى الموزع المحلي ووقف بيعه بالدولة.
* كما يتم متابعة الموضوع من قبل مفتشي الرقابة الدوائية للتأكد من تطبيق التعميم.
* هناك عدة أسباب لسحب أي صنف دوائي من السوق المحلي والمضاعفات تعتمد على سبب سحب المنتج. وبما أن المنتج تم سحبه من السوق فسوف يكون من الصعب على المريض مواصلة استخدامه حيث يتم سحبه من أسواق الدولة.
* في حالة سحب أي مستحضر من السوق المحلي يجب على المريض مراجعة الطبيب المختص ليصف له البديل المناسب عن الدواء الذي تم سحبه.
معايير سحب الأدوية
وعن سحب الأدوية من الأسواق يؤكد الدكتور علي أحمد بن شكر وكيل وزارة الصحة ان الأمر لا يتم بشكل ارتجالي حيث تتم عملية السحب على أسس وخطوات تنظيمية وادارية محددة، وبشكل عام فإن للدواء وضعية خاصة أقوى من وضعية الطبيب نفسه في اقرار سحب الدواء من عدمه، خاصة وان العديد من الأدوية تتوفر على أرفف محلات السوبرماركت، والتي يمكن صرفها دون وصفة طبية إلى جانب الأدوية التي توصف من قبل الطبيب.
ويضيف: ان عملية سحب الدواء ترجأ إلى تقييم المعايير العامة للدواء ذاته وهذا يتم من خلال المختبر المركزي لترخيص الدواء في وزارة الصحة، كذلك التواصل مع المؤسسات العالمية المرخصة للأدوية مثل هيئة الدواء والغذاء الأمريكية، أو المجلس الأوروبي للدواء، أيضاً تعتمد شهادات المصدر للدواء من الشهادات الأساسية لترخيص الدواء أو سحبه، اضافة إلى وجوب التواصل مع الشركات المصدرة الأم حيث إن سحب أو تثبيت الدواء في أسواق الإمارات يعتمد على معايير تركيبة الدواء وبالتعاون مع الهيئات المحلية في الدولة.
ويوضح الدكتور بن شكر: في حال اعتماد الدواء في السوق يعمم عنه على مستوى الدولة ويرخص للتسويق وفي حال سحبه أيضاً يعمم على مستوى الدولة لوضع المسببات العامة، أما الجهات الموزعة له فيتم وضع المسببات التفصيلية بالنسبة لتوفير بدائل على الأدوية المسحوبة حيث انه ومن النادر جداً وجود أصناف وحيدة لا بديل لها.
ويتابع قائلاً: في حال سحب أي دواء فإن على المريض أو ذويه مراجعة الطبيب المعالج للاستفسار واستخدام البدائل المطروحة في الميدان، وتأكيداً على ذلك فإن العديد من الأدوية التي تتوفر في أسواق الدولة لها مسميات تجارية مختلفة ولكن نتفق جميعاً في المسمى العلمي، اما في حال اتخاذ الطبيب قراراً بصرف البديل فإنه يكون على دراية بأن هذا البديل هو الأصلح للمريض لاستكمال العلاج.


المصدر : مجلة الصحة والطب .