المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دموع أول يوم


بدر الدجى
16-05-2007, 09:04 PM
http://7bna.com/up/uploads/37e2b41e3c.gif (http://7bna.com/up)

http://7bna.com/up/uploads/49c59347ab.gif (http://7bna.com/up)
دموع أول يوم
http://7bna.com/up/uploads/49c59347ab.gif (http://7bna.com/up)

أحمد طفل في الرابعة من عمره وقفت أمه أمامه تصلح أزرار قميصه في أول يوم له في رياض الأطفال.

أخذ يبعد يدها بلطف ويقول: أنا.. أنا أصلحه. والأم تنظر إليه وتبتسم وتقول: لا بأس. تتركه ليصلح أزرار القميص... تعود إليه وهي ترى أنها قد تأخرت عن عملها وتقول: هل أنهيت لبس ملابسك فإذا هو يسرح شعره أمام المرآة ويقول: حالاً حالاً. نظرت إليه، وابتسمت؛ إذ إن أحد الأزرار قد أُدخل في غير مكانه، فبدا القميص منكمشاً. أصلحته والصغير يقول: لا يا ماما ... وهي تصر على إصلاحه. سكت الصغير.. قرّبت حذاءه وألبسته إياه وهو يقول: أنا سوف أربط الحبل.. وهي تقول: أنا أساعدك في ربطه. فربطت واحداً ثم انصرفت لتحمل أغراضها، وعادت للصغير وقد حنى قامته ليصلح حذاءه، و يداه المكتنزتان تجذبان حبل الحذاء، ويلتف الحبل على يده الصغيرة، ولا تستطيع أصابعه الغضة أن تكمل العقدة، وأمه تنظر إليه، وهو لا يشعر بها حتى رأى أنه ربط الحذاء رفع رأسه، ونفض يديه، وتفاجأ بوجود أمه، فأحب أن يلطف الجو وقال: أنا كبير يا ماما...!! لقد كبرت... فقد لبست ملابسي وحدي، وربطت حذائي وحدي، وسأذهب إلى المدرسة وحدي. فأجابته: أنت كبير يا بني، لكنني سأذهب معك اليوم؛ لأريك فصلك ومعلمتك وأصحابك. قال: أرجوك يا ماما، لا تفعلي..!!

أجابت: لِمَ يا بني؟

كل الأطفال يحبون اصطحاب أمهاتهم في أول يوم. قال: يا ماما، إن ابن الجيران صالح يضحك مني، ويقول: أنت صغير وسوف تبكي إذا لم تذهب أمك معك، وأنت لا تعرف أن تتصرف وحدك!!
قالت أمه: نذهب إلى المدرسة، وأتركك تدخل وحدك، وتتعرف على معلمتك كما تريد يا بني.

وعند بوابة المدرسة وضع الصغير يده الباردة باستسلام في يد أمه. وأخذ ينظر إليها، وهي تتقدم به حتى أدخلته للساحة. التفت إليها وقال: ماما، اذهبي حتى لا يراك ابن الجيران وباقي الأطفال.

قالت: يا بني، لا بأس. انظرْ أكثر الأطفال معهم أمهاتهم!!

قال: لا بأس.
http://7bna.com/up/uploads/49c59347ab.gif (http://7bna.com/up)
أخذت الأم تحدث المعلمة وتهم بالمغادرة، ثم ضمت الصغير إلى صدرها. فإذا هو يخفي دمعة غلبته، وتزحلقت على خده الوردي. مسحت الأم دمعته، وقالت: لقد كنت مثلك حينما دخلت المدرسة، وكانت أمي معي، وبكيت قليلاً.

لكن حينما رأيت صديقاتي ومعلمتي وفصلي الجميل شعرت بالراحة، ونسيت دموعي. تبسم الصغير، ثم قالت الأم: تعال لأريك فصلك ومعلمتك. وبعد أن رأى معلمته قال لأمه: يمكنك الذهاب الآن. وعودي حالما ينتهي اليوم الدراسي، وقفي عند هذا العمود.

قالت: حسناً ثم ودعها وانصرفت.

والتفت أحمد للساحة وكانت دمعاته تسرع لبكاء كل طفل تقع عيناه عليه. وإذا أحد الأطفال صراخه يملأ المكان. التفت الصغير نحو الصوت فإذا هو صالح ابن الجيران، قد تشبث بأمه، لا يريد الدخول إلى المدرسة، ولا يريد أن يترك عباءتها من يده خشية أن تغادر المكان. وكانت الأم تعد ابنها بأنها ستبقى معه طوال اليوم، وأنها سوف تأتي له بهدية، وسوف تذهب به إلى الملاهي. كل تلك الوعود لم تُجدِ نفعاً أمام صراخه. أخذت الأم تريه بقية الأطفال و تقول: ليس هناك ما يبعث على الخوف والقلق... كلهم صغار مثلك، وهم أبطال لا يبكون، وأنا ذهبت إلى المدرسة دون أمي، ولم أبك، وكذلك بقية إخوتك. لِمَ أنت مختلف؟ وهو لا يجيبها، ولا يريد أن يكف عن البكاء. قرصته بيده، ثم أخذت تهدده بأبيه، وأنه سوف لن يتساهل معه ما لم يستجب.

زاد صراخه ورمى حقيبته.

تقدم أحمد لابن الجيران صالح، وأخذ يناديه، سكت صالح عن صراخه، والتفت فإذا هو صديقه وجاره.

قال أحمد: تعال يا صالح معي.

هدأ صالح عن البكاء، وأفلت عباءة أمه، وأخذ ينظر لصديقه وهو يتنهد. مد يده إليه وقال: تعال أريك الفصل. قبض صالح يده، والتفت إلى أمه يريد أن يتأكد من وجودها. مد الصغير يده له في المرة الثانية ثم قال: تعال معي.

وذهب به يريه حقيبته الجديدة، ويريه الفصل، وتدور بينهما لغة بريئة وحديث هامس عن هم مشترك. وفي هذه الأثناء تسللت الأم خارج المدرسة، وصالح لا يدري. ثم بعد أن أخذا جولة، وانطلق صالح في الحديث مع صديقه عاد مرة أخرى، وقال: أين أمي؟ قال أحمد: إنها في الساحة! لنذهب إليها. ذهبا إلى الساحة ولم يجدا الأم. فتجدد بكاء صالح وصراخه. ثم ألقى بنفسه على الأرض يتمرغ ويبكي حتى حضرت المعلمة وأخبرته بأن أمه قد ذهبت.

بكى الصغير بكاء المفجوع، وأخذ أحمد يمسح دموعه ويضمه إليه، ويهمس في أذنه بكلمات ويمسح التراب عن جبينه، والمعلمة تساعده في ذلك حتى شعرت أنه يرتاح لصديقه فتركتهما، حتى عالج أحمد الوضع، وأكملا يومهما.

عند الانصراف حضرت الأمهات، فعاد أحمد ووجد أمه عند العمود كما وعدت. حمل حقيبته على ظهره، وانطلق إليها مسروراً، وأخذ بيدها، وبدأ يسلسل لها الأحداث حدثاً حدثاً. أما صالح فحينما رأى أمه عاتبها بقوله: لِمَ هربت وتركتني وحدي؟ أخذت تجمع له الأعذار كعادتها. ألقى بحقيبته إليها لتحملها عنه، وانطلق أمامها إلى السيارة. وانتهى أول يوم في التمهيدي.
http://7bna.com/up/uploads/49c59347ab.gif (http://7bna.com/up)
شتان ما بين أم تزرع الثقة في نفوس أطفالها: بإتاحة الفرصة لهم بممارسة مهام صغيرة تشعرهم بأهميتهم، وتشعرهم بقدرتهم على التصرف وحدهم، وأم تهمل ذلك بذريعة ضيق الوقت وكثرة المشاغل!! فجميل أن نتيح لهم بعض الوقت حتى يفرغوا من إنجاز مهامهم. ولا نقوم بمهامهم بدلاً عنهم... لنترك لهم الفرصة ليعتنوا بأنفسهم بوجودنا. حتى يحسنوا التصرف في غيابنا.

كما أن إشعار الطفل بأن أمر الضيق الذي هو فيه أمر طبيعي يحصل لنا، لكننا نتجاوزه أمر جيد. أما إنكاره وإبداء تفاهته، وإشعار الطفل بأنه الوحيد الذي يفعل ذلك يفقد الطفل الثقة بنفسه، ويشعره فعلاً أنه طفل مختلف، ويجب أن يعامل معاملة خاصة، وأنه بحاجة دائمة لرعاية وحنان، كما أن زيادة الضغوط النفسية على الصغير وتهديده وعدم الأخذ بالحسبان لظرف صعب يمر به قد يربّيه على العنف أو يجرّئه على إذلال غيره و إهانته واستغلال ضعفه.

وكثرة الوعود غير المنجزة تربي الطفل على الكذب وخيانة الأمانة، وتشعره دائماً بعدم الأمن، فيضعف لديه الاعتماد على نفسه، كما يقوم بالحط من شأن الآخرين، أو يقسو عليهم، وقد يعامل الوالدين بهذه القسوة.

http://7bna.com/up/uploads/49c59347ab.gif (http://7bna.com/up)
بدرية الغنيم
http://7bna.com/up/uploads/49c59347ab.gif (http://7bna.com/up)

dr_fahmysky
16-05-2007, 09:21 PM
امل من كل ام ومربيه ان تعى لكل كلمه من هذه الكلمات لتربى الجيل الصالح وحتى تقى نفسها من عدم التربيه الصالحه وما يحدث منها وهذه نصيحه للجميع ززيق_بشاةغسنغ

بنت المدينه
06-06-2007, 12:33 PM
مشكوره زمرده على الحكم

بدر الدجى
06-06-2007, 02:17 PM
لا شكر على واجب أختي الفاضلة
اشكرك على مرورك
بارك الله فيك و سدد خطاك

فاديا
07-06-2007, 06:34 AM
جزاك الله خيرا وبارك فيك اختي الكريمة زمردة نادرة على الطرح المهم والاهتمامات المختلفة الضرورية

بدر الدجى
08-06-2007, 09:09 PM
وفيك بارك المولى عز و جل مشرفتنا الفاضلة

وإياك جزى كل خير

اشكرك على مرورك الذي عطر صفحتي