المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : &( تقارير ... 200 ألف شخص يموتون سنوياً لأسباب سرطانية في مكان العمل )&


د.عبدالله
13-05-2007, 03:30 PM
الاسبستوس والدخان السلبي أهم الأسباب

افادت منظمة الصحة العالمية بأنّ ما لا يقلّ عن 200 الف نسمة يقضون نحبهم كل عام بسبب حالات من السرطان لها علاقة بأماكن عملهم.

وذكرت المنظمة في تقرير بمناسبة “اليوم العالمي للسلامة والصحة في مكان العمل”، الذي يوافق 28 ابريل/نيسان، ان ملايين العمال معرّضون للإصابة بشتى أنواع السرطان، مثل سرطان الرئة وورم المتوسّطة (سرطان خبيث يصيب البطانة الداخلية لجوف الصدر)، جرّاء استنشاق ألياف الأسبستوس ودخان التبغ أو الإصابة بسرطان الدم بسبب التعرّض للبنزين في أماكن عملهم. بيد أنّ اتقاء مخاطر الإصابة بالسرطان المهني يظلّ أمراً ممكناً.





الجدير بالذكر أنّ سرطان الرئة وورم المتوسّطة وسرطان المثانة من أكثر السرطانات المهنية شيوعاً. كما أنّ عُشر حالات سرطان الرئة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمخاطر القائمة في مكان العمل.

وقالت المنظمة ان نحو 125 مليون نسمة في شتى أنحاء العالم يتعرضون حالياً لمادة الأسبستوس في العمل، كما يقضي 90 الف شخص نحبهم كل عام جرّاء أمراض لها صلة بتلك المادة.

واضافت ان هناك آلاف الأشخاص الآخرين ممّن يتوفون بسبب سرطان الدم الناجم عن التعرّض لمادة البنزين، وهي مادة عضوية مذيبة يستخدمها العمال على نطاق واسع، ولا سيما في الصناعة الكيميائية وصناعة الماس.

وتبلغ معدلات التعرّض للسرطان المهني أعلى مستوياتها بين العمال التي لا تفي أماكن عملهم بشروط الصحة والسلامة ولا تحترم التدابير الهندسية اللازمة لاتقاء تلوّث الهواء بالمواد المسرطنة.

وأشارت المنظمة الى أنّ العمال المعرّضين بشكل كبير لدخان التبغ غير المباشر، مثلاً، يواجهون مخاطر الإصابة بسرطان الرئة بنسبة الضعف مقارنة بأولئك الذين يعملون في بيئات خالية من دخان التبغ.

وقالت الدكتورة ماريا نيرا، مديرة إدارة الصحة العمومية والبيئة بمنظمة الصحة العالمية، “إنّ مأساة السرطان المهني الناجمة عن مادة الأسبستوس ومادة البنزين وغيرها من المواد المسرطنة تكمن في التأخّر في ترجمة الاكتشافات العلمية إلى إجراءات حمائية. ومن الواضح أنّ أشكال التعرّض المعروفة التي يمكن اتقاؤها هي المسؤولة عن حدوث مئات الآلاف من حالات السرطان الإضافية كل عام. ولا بد لنا، لحماية صحتنا، من اعتماد نهج تمتد جذوره إلى الوقاية الأوّلية، وذلك يعني تهيئة أماكن عمل خالية من مخاطر الإصابة بالسرطان”.

والمعروف أنّ معظم وفيات السرطان الناجمة عن عوامل الاخطار المهنية تحدث حالياً في العالم النامي. وذلك ناتج عن التوسّع في استخدام مختلف المواد المسرطنة مثل الأسبستوس الأزرق والنافتيلامين-2 والبنزين قبل 20 إلى 30 سنة. أمّا الآن فهناك مراقبة أشدّ صرامة على استخدام تلك المواد في أماكن العمل في البلدان المتقدمة. غير أنّ العمليات الصناعية التي تشمل استخدام مواد مسرطنة مثل الأسبستوس الأبيض ومبيدات الهوام وكذلك العمليات الخاصة بصنع أُطر العجلات والأصباغ تدفع بالبلدان حالياً إلى التراخي في إنفاذ معايير الصحة المهنية.

وقالت الصحة العالمية انه إذا استمر استخدام المواد المسرطنة من دون ضوابط في البلدان النامية، كما هو الحال في الوقت الراهن، فإنّ من المتوقّع تسجيل زيادة كبيرة في حالات السرطان المهني في العقود القادمة.

وقال الدكتور أندرياس أولريش، المسؤول الطبي لشؤون مكافحة السرطان بمنظمة الصحة العالمية، “ينبغي أن تكون مراقبة المواد المسرطنة في مكان العمل من العناصر الأساسية لكل من البرامج الوطنية لمكافحة السرطان. ولتحقيق ذلك تعمل منظمة الصحة العالمية على دعم البلدان لتمكينها من صياغة خطط وطنية شاملة للوقاية من السرطان ومكافحته، علماً بأنّ هذه الخطط من الأمور الضرورية لاتقاء ملايين الوفيات الناجمة عن السرطان والتي تحدث كل عام”.

ولحماية العمال من السرطان المهني تحثّ منظمة الصحة العالمية الحكومات ودوائر الصناعة على ضمان تطبيق تدابير ملائمة في أماكن العمل لاستيفاء معايير الصحة والسلامة وضمان خلو تلك الأماكن من الملوّثات الخطرة. ذلك أنّ أفضل السُبل لاتقاء الإصابة بالسرطان المهني يكمن في تجنّب التعرّض للمواد المسرطنة. ومن التدخلات البسيطة التي يمكنها الإسهام في اتقاء مئات الآلاف من الوفيات التي لا داعي لها وأشكال المعاناة الناجمة عن السرطان المهني العدول عن استخدام الأسبستوس والبدء باستعمال مذيبات عضوية خالية من البنزين والأخذ بتكنولوجيات تمكّن من تحويل مادة الكروم المسرطنة إلى شكل غير مسرطن ومنع تعاطي التبغ في مكان العمل وتوفير ألبسة وقائية للأشخاص الذين يعملون دون أن يكون بينهم وبين الشمس ستار.

وقالت منظمة الصحة العالمية انها تعمل على تزويد البلدان بتوصيات في مجال السياسيات لمساعدتها على وقف استخدام المواد المسرطنة في أماكن العمل، وتزويد وزارات الصحة بأحدث المعلومات لتمكينها من إقامة الحجة الصحية وسنّ التشريعات اللازمة لتخليص أماكن العمل من المواد المسرطنة. وقد أصدرت المنظمة، في الآونة الأخيرة، بياناً رسمياً حذّرت فيه البلدان من احتمال مواجهة وباء سرطاني في الأعوام القادمة إذا لم تضع حداً لاستخدام الأسبستوس.

والجدير بالذكر أنّ هناك مواد بديلة أكثر مأمونية للاستعاضة عن مادة الأسبستوس، مثل استخدام ألياف الصنوبر في إنتاج مواد البناء الأسمنتية.

وفي تشرين الأوّل/أكتوبر من هذا العام ستنظّم منظمة الصحة العالمية، بدعم من معهد السرطان الوطني الفرنسي، حلقة عملية عالمية يشارك فيها عدد من راسمي السياسات الصحية العمومية والخبراء العلميين وأصحاب المصلحة الرئيسيين وذلك لصياغة توصيات من شأنها تدعيم السياسات الوطنية والدولية الخاصة بالوقاية من السرطان المهني والبيئي.

وكانت دولة الامارات قد اعلنت عن حظر استيراد ألواح الاسبستوس بصورة نهائية في اكتوبر/تشرين الثاني من العام الماضي 2006 وذلك لتسببها في أضرار صحية وبيئية.

ويعتبر الاسبستوس من المواد الخام التي تدخل في صناعة أنابيب مياه الشرب، الملابس الواقية من الحريق وكوابح السيارات وأغلفة الأبواب المقاومة للحريق والخزائن الفولاذية.

اما ألياف الاسبستوس فتستخرج من مناجم خاصة وهي مواد غير عضوية تحتوي على العديد من المعادن الطبيعية التي يدخل في تركيبها أملاح السيليكات إلا أنها تختلف عن بعضها في التركيب الكيميائي والخواص الطبيعية لاختلاف كميات الماغنسيوم والحديد والصوديوم والأوكسجين والهيدروجين فيها. وهناك نوعان رئيسيان من ألياف الاسبستوس هما الامفيبوليات التي تشمل خمسة أنواع فرعية وتتميز باللون الأزرق أو البني أو الرمادي وهي شديدة الخطورة على صحة الإنسان لذا حظر استخدامها عالمياً، أما النوع الثاني من الألياف فهي السربنتينات وتشمل الاسبستوس المستخدم في الوقت الحالي في العالم وهو الاسبستوس الأبيض أو الكريسوتايل.

وتتميز ألياف الاسبستوس بمقاومتها العالية لدرجات الحرارة العالية وللمد والالتواء وبأنها غير قابلة للاحتراق، كما تتميز بمقاومتها للبكتيريا والتعفن ورداءة توصيلها الحراري والكهربائي ما يجعل استخداماتها الصناعية واسعة جدا.

ويستخدم الاسبستوس في مجال البناء وتسقيف المنازل والعوازل الداخلية والخارجية وأنابيب تصريف المياه والأدخنة والتهوية، وتعتبر صناعة الاسمنت الاسبستوسي من أكثر الصناعات استهلاكاً للكريساوتايل إذ تصل نسبتها إلى 85%.

وتدخل ألياف الاسبستوس في صناعة أغلفة الأبواب المقاومة للحريق والخزائن الفولاذية، كما تستخدم في صناعة الملابس الواقية من الحريق وكوابح السيارات وبعض أجزاء مكائن السيارات وكذلك كمادة عازلة للكابلات والأسلاك واللوحات الكهربائية.

ويُنتج الاسبستوس في 25 دولة من أهمها كندا واستراليا وجنوب إفريقيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق، ووصل إنتاجه في منتصف السبعينات إلى 5 ملايين طن إلا انه انخفض إلى نحو 3 ملايين طن مع نهاية التسعينات على المستوى العالمي، وتصنع منتجات الاسبستوس في نحو 100 دولة في طليعتها اليابان.

وتكمن خطورة الاسبستوس على الصحة العامة في نوع المواد المعدنية الموجودة فيه وتعتمد تأثيراته الصحية على المدة الزمنية التي يتعرض لها الإنسان وكذلك على عدد الألياف وطولها ومتانتها، وتبين وجود علاقة وثيقة بين المدة الزمنية للتعرض لألياف الاسبستوس وشدة التعرض وبين التأثيرات السلبية على صحة الإنسان، إذ تظهر أعراض المرض بعد التعرض المزمن لألياف الاسبستوس الذي قد يصل إلى أكثر من 20 سنة. أما بالنسبة للتعرض الحاد فلا توجد دراسات تظهر تأثيراته على الإنسان.

وهناك وسيلتان رئيسيتان يمكن من خلالهما التعرض لألياف الاسبستوس الأولى وهي التعرض عن طريق الهواء، أو الاستنشاق خاصة في أماكن العمل. وبناء على المعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية يجب ألا تتجاوز ألياف الاسبستوس في الهواء في أماكن العمل 0,5 ليفة لكل سنتيمتر مكعب. وقد صنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان وهي تابعة لمنظمة الصحة العالمية الاسبستوس كمادة مسرطنة وذلك عن طريق الاستنشاق.

اما الوسيلة الثانية فهي عن طريق مياه الشرب، إذ دلت الدراسات الوبائية التي قامت بها منظمة الصحة العالمية على أن الأمراض السرطانية لا تزداد عند ابتلاع ألياف الاسبستوس في مياه الشرب، ولا يوجد دليل قاطع حتى الآن على أن وجود ألياف الاسبستوس في أنابيب مياه الشرب يشكل خطورة على صحة الإنسان، كما أن المنظمة وهي الجهة المعتمدة عالميا لوضع المعايير الخاصة بمياه الشرب لم تضمن الاسبستوس في قائمة المواد التي يمكن أن تشكل خطورة على صحة الإنسان خاصة إذا ما وجد بنسب مقبولة. أما الوكالة الأمريكية لحماية البيئة في أمريكا فتعتقد أن التعرض لألياف الاسبستوس عن طريق مياه الشرب قد يصيب الإنسان بأمراض سرطانية في الجهاز الهضمي، إلا أن الدليل على ذلك ليس قاطعاً.

كما ينتج عن تعرض العاملين في إنتاج أو صناعة الاسبستوس بعض الأمراض من أخطرها الاسبستوس وسرطان الرئة والميزوثيليوما. والاسبستوس مرض رئوي مزمن يصيب الرئتين نتيجة استنشاق ألياف الاسبستوس التي تتميز بدقتها الشديدة، ويؤدي إلى خفض كفاءة الرئتين والجهاز التنفسي بشكل عام.

ويؤدي استنشاق ألياف الاسبستوس إلى حدوث اتصال مباشر بين الألياف والخلايا في الرئة ما يؤدي إلى تحول خبيث لهذه الخلايا، وبالتالي ينتج عن ذلك سرطان الرئة. ولوحظ أن المدخنين أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض الذي تمكن خطورته في أن أعراضه تظهر بعد مرور 15 إلى 20 سنة.

المصدر : مجلة الصحة والطب .