المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعالجة النفسية عبر التاريخ ( 4 ) !!!


د.عبدالله
16-03-2005, 10:38 AM
المعالجة النفسية عبر التاريخ ( 4 )
التداوي عن طريق التطهر من الذنوب :
التداوي والمعالجة التي كانت معروفة في العصور القديمة ، والتي استخدمها السحـرة والكهـنــــة والمشعوذين لشفاء بعض الأمراض العصبية والعقلية ، قد انتقلت إلى أماكن أخرى وبيئات أخرى في العصور القديمة ، حيث كانت تلك البيئات والمجتمعات تعيش تحت السيطرة الدينية التي ملئت بالحكماء والأنبياء والمبشرين .
ولم تكن تلك المجتمعات سوى المجتمعات الإسرائيلية التي كانت تعيش في أجـواء اليهوديــة الـتي تختلف اختلافا عن الأجواء المصريـة ، والبابليـة ، والرومانيـة ، من حيث المعـارف المـحدودة ، التي كانت يعوزها الدافع النفسي الذي دفع معاصريـهم من اليـونان إلى ممارسة البـحث العلمـي . ويبدو أن هؤلاء كانـــوا يحرصـون على الطابـــع الوراثـي الخاص بهم ، وهـو الشعور الدينـي النفساني ، الذي جعلهم أقل ميلا إلى الاعتقاد بالخرافات والأساطير والسحر والشعوذة ، وكــــان الإله (( يهوه )) إلههم الواحد القادر على كل شيء ، الذي بيده الحياة والموت ، وبإرادته الصحة والمرض ومع كونه بالذات رءوفا لا يلحق الأذى بعباده ، فإنه في الوقت نفسه كالأب الرحيـــــم الذي يعاقب أولاده على عصيانهم ، فهو يضرب العاصي بالجنون والعمى وحيرة القلب .
فالذنوب إذا هي أسباب الأمــراض ، وهذه مرتبطة بتلك ، كذلك كانــت عقيدة اليهود التـي شــاع أمرها فيما بينهم منذ نشأتهم الأولى ، وبقيت راسخة في أذهانهم في عصور الربانيين ، يقـــــــول الرب يوناثان : (( إن المرض يأتي مـــن سبـعة أبواب هــي : السب ، وسفك الدم ، والحنـث فـي اليمين ، وعدم العفة أو الشره ، والغرور ، والسرقة ، والحسد . [[ سفر التثنية إصحـــاح ( 28 ـ 28 ) ]] )) .
ولما كان الإثم هو سبب المرض لم يكن هناك مبرر للشكوى ، فلم يكن على المريض إلا أن يفكر فيما يرتكب من آثام ، حتى إذا عرف ذنبه تاب منه ، وعزم على عدم العــودة إليه ، واعترف بـه أمام الإله ( يهوه ) ، واستغفر وطلب منه الرضا ، فإذا وهب ( يهوه ) له المغفرة تم له الشفــــاء . وإذا نزل بالشعب وباء عام كان على الجميع أن يعترفوا بذنوبهم ، ويطلبوا من الله المغفرة حتــى حتى يرتفع عنهم ما نزل بهم ، ذلك لأنهم اعتقدوا أن الوباء العام عقوبــــــة للشعـب جميعه علــى ارتكاب الآثام . ولقد اثبتت الوقائع والأحداث التي جرت على مسرح الحياة أن هذه النظرية التـي تربط المرض بارتكاب الذنوب والمعاصي ليست صحيحة ، لأن قصة أيوب عليه السلام إذا نظرنا إليها نظرة واقعية نلاحظ أن أيوب الذي أصيب بمرض خطير ، مع انه كان تقيا ورعا زاهدا ، مبرأ من الذنوب والآثام ، وليس عذابه وصبره سوى محنة ابتلاه الله بها ، وهذه المحنة ستظل من الأسرار الخفية التي يعجز الإنسان عن إدراكها ومعرفة كنهها .
ونحن لا يمكننا أن ننكر بأن اليهود في ذلك الوقت كانوا يعالجون مرضاهم بالتوبة والعودة إلى الله ، وإن الكهنة والأحبار ينهون أبناء الشعب عن الاعتقاد بالسحر والكهانة ، ومع ذلك فقد اعتقدوا بوجود الشيطان الذي يناصبهم الخصومة والعداء . بالإضافة إلى الأرواح الشريرة ، ولكنهم لم يكونوا يعتمدون عليهم في مداواة أمراضهم ، وكذلك لم يرجعوا إلى السحرة والكهنة إلا في استشارتهم عن خفايا المستقبل .
وعندما ظهرت المسيحية أطل الاعتقاد بوجود الجن والشياطين ، وبأنهم أسباب انتشار الأوبئة والأمراض بين الشعوب ، سواء كانت هذه الأمراض جسدية أو عقلية أو عصبية . مع أن التلمود يرى غير هذه الآراء فهو يقرر أن الأمراض جميعها الجسدية والعقلية ، ليس لها أي ارتباط بمس الجن والشياطين ، وأنه من الممكن الشفاء منها بواسطة التداوي بالعلاج الصحيح .
ومن المؤكد حسب روايات المؤرخين أن اليهود لم يعالجوا في يوم من الأيام مرضاهم بواسطة السحر ، إنما كانوا يهمسون في إذن المصاب ببعض آيات من سفر الخروج التي تقول : (( إذا أصغيت لكلام الرب إلهك ، وعملت ما هو حق في نظره ، واستمعت إلى وصاياه ، وحافظت على جميع فرائضه فلن أرسل عليك أي مرض من الأمراض التي أرسلتها على المصريين ، فإني أنا الرب الذي يبرئك )) . [[ سفر الخروج ص ( 15 ـ 20 ) .
ويبدو أن هذا الهمس كان يريح المريض ويهدئ أعصابه ، ويدخل إلى نفسه الطمأنينة بالشفاء العاجل ، وبالفعل يتم الشفاء إذا كان الهامس قوي الشخصية ، قادرا على أن يجعل المريض يؤمن بما يهمس إيمانا قاطعا لا تراجع عنه . ولهذا كانت وظيفة الأحبار ورجال الكهنوت من اليهود تشمل مداواة المصابين والمرضى ، وإلى جانب هؤلاء كانت هناك فئة تمتهن الطب والتداوي أيضا ، وكان هؤلاء الأطباء موضع احترام وتقدير الشعب ، حيث أنهم كانوا يرون أن الشفاء من الأمراض عائد إلى الله ، غير أن الله وهب للأطباء القدرة على المعالجة ، ولذا كان المريض يؤمر أن يدعوا الله لينقذه من مرضه ويستدعي الطبيب بنفس الوقت لعلاجه .
والمعروف عن أنبياء وحكماء بني إسرائيل أن الله ( يهوه ) قد أعطاهم القدرة على شفاء المرضى ومما يروى عن أشعياء النبي أنه أمر حزقيل الملك ، الذي كان يشكو ألم دمل ، أن يضع (( لبخة )) من التين فوق الدمل ، وأن اليسع أمر نعمان أن يستحم في نهر الأردن سبع مرات ليشفى من المرض . ومن الملاحظ أن اليهود قد توصلوا إلى قطع دابر الأمراض حتى لا يصابوا بها مرة أخرى ، ولذا كانوا إذا أصيب أحدهم بمرض يفتشون بدقة عن أسبابه ، ويتوصلون إلى معرفة الإثم أرتكبه المصاب كيلا يرتكبوه هم أنفسهم مرة أخرى . ومن هنا نستنتج أن طبهم كان على الأكثر وقائيا قبل كل شيء ، وأن طرق المعالجة التي اتبعوها كانت الحض على التمسك بالحياة الطاهرة الخالية من الآثام والذنوب .
وانطلاقا مما أوردناه حول العلاج النفساني قديما وقبل ظهور المسيح نلاحظ أن الأمراض الجسدية والعقلية وغيرها من الأوبئة كانت تعالج بإحدى وسيلتين هما :
1 ـ التداوي بالسحر على اختلاف أشكاله وأنواعه وصوره .
2 ـ المعالجة عن طريق التطهر من الذنوب والآثام والإيمان العميق بالأديان ونصوصها .
ومن المؤكد أن علم النفس الحديث قد برهن بالتجارب المختلفة ما للاستهواء والمشاركة الوجدانية والتفاعلات الاستجابية من تأثير كبير في النفس الانسانية ، بل انه قد أكد قبول الإيحاء والميل إلى المشاركة الوجدانية باعتبارها من النزعات الفطرية العامة التي جبلت عليها الطبيعة البشرية في كل زمان ومكان ، كما تبين بوضوح أن تأثير الاستهواء لا يتم بصورة فعالة إلا إذا توافرت شروط خاصة نوجزها بما يلي :
1 ـ قوة إرادة المستهوي .
2 ـ لباقة المستهوي ومهارته في حسن العرض .
3 ـ قابلية المستوى وحسن استعداده لما يوحى إليه .
4 ـ ملائمة الظروف الخارجية لنجاح التأثير .
وإذا تعمقنا في فحص هذه الأمور بصورة جيدة تبين لنا ما كان مستورا من نجاح السحر والسحرة في شفاء الكثير من الأمراض الفتاكة وذلك يعود بوجه خاص إلى السببين الرئيسيين :

الأول : ثقة الساحر من نفسه إلى حد بعيد جدا ، ومن مقدرته على أداء واجبه الطبي ، بعد أن يستعد لها استعدادا كاملا .
ثانيا : إيمان المريض الذي لا يتزعزع في مقدرة الساحر من جهة ، وفي أن عمله يوصل فعلا إلى الإنقاذ في الشفاء من جهة أخرى . فلو كان المريض مخلخل الإيمان بفاعلية الساحر ، أو كان ضعيف الأمل بالشفاء لضعف تأثير السحر عليه لما تحقق له الشفاء .


وللحديث بقية ........

( من كتاب : في سبيل موسوعة نفسية / الدكتور مصطفى غالب )

منبر الحق
17-03-2005, 11:01 AM
نتتظر المزيد من أطروحاتكم المفيده والوزونه،،بارك الله فى مجهودكم،،

مسك الختام
17-03-2005, 03:34 PM
أخي الفاضل : عبد الله بن كرم

جزاك الله خير الجزاء ..........
وأجزل لك عظيم الأجر والمثوبة والعطاء .......

وضحى
20-03-2005, 04:09 PM
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
سلسله شيقه وطرح مثير وجزاء
ان شاء عظيم ************
اطلاله منيره وطريق سليم ****
http://www.islamicmobile.net/images/wallpaper/62.jpg

أبو البراء
04-04-2005, 02:46 PM
بارك الله فيكَ أخي الحبيب ( عبدالله بن كرم ) ، مع تمنياتي لكَ بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

ابن حزم
18-07-2005, 12:27 PM
بارك الله فيك أخي الكريم عبدالله بن كرم

أبو البراء
28-07-2005, 08:50 AM
وفيكم بارك الله أخي الحبيب ( اسماعيل مرسي ) ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

أبو فهد
27-06-2006, 05:40 PM
http://muslm.net/khalid/my-folder/bo50.gif



... بسم الله الرحمن الرحيم ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في الجميع وجزاكم خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
... معالج متمرس...

http://mohammed254.jeeran.com/bgaya_grooh.GIF